الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَكَانَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَعَنْ عَبِيدِهِ وَأَوْلَادِهِ مَكَانَ الْعَبِيدِ وَالْأَوْلَادِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَكَانَ الْأَبِ وَالْمَوْلَى وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا الْإِنْسَانُ إلَى قَرَابَتِهِ أَوْ إلَى قَوْمٍ هُمْ أَحْوَجُ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ وَزِيَادَةِ دَفْعِ الْحَاجَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الزَّكَاةِ وَالْفِطْرَةِ وَالنُّذُورِ الصَّرْفُ أَوَّلًا إلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ بَعْدِهِمْ ثُمَّ إلَى الْجِيرَانِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ حِرْفَتِهِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ مِصْرِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ وَلَا يَنْقُلُهَا إلَى بَلَدٍ أُخْرَى إلَّا إذَا كَانُوا أَحْوَجَ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]
(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) هَذَا مِنْ بَابِ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ كَمَا فِي حَجِّ الْبَيْتِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلزَّكَاةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ إلَّا أَنَّ الزَّكَاةَ أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْهَا لِثُبُوتِهَا بِالْقُرْآنِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ هَذَا الْبَابَ عَقِيبَ الصَّوْمِ عَلَى اعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ الطَّبِيعِيِّ إذْ هِيَ بَعْدَ الصَّوْمِ طَبْعًا وَذَكَرَهَا الشَّيْخُ هُنَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ كَالزَّكَاةِ وَلِأَنَّ تَقْدِيمَهَا عَلَى الصَّوْمِ جَائِزٌ عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ ثُمَّ هِيَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَهُ وَهِيَ عِنْدَهُمَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ يَعْنِي أَنَّهَا حَقُّ الْفُقَرَاءِ حَتَّى أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مِثْلَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قَالَ رحمه الله (صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ) أَيْ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا ذُكِرَ الْوُجُوبِ هُنَا أُرِيدَ بِهِ كَوْنُهُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ قَالَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ وَاجِبَاتُ الْإِسْلَامِ سَبْعَةٌ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَنَفَقَةُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْوَتْرُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْعُمْرَةُ وَخِدْمَةُ الْوَالِدَيْنِ وَخِدْمَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا.
(قَوْلُهُ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) احْتِرَازًا عَنْ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ أَمَّا الْعَبْدُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَجْلِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَرْطٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ حَتَّى أَنَّ عِنْدَهُمَا تَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إذَا كَانَ لَهُمَا مَالٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا ثُمَّ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ أَحَدَ عَشَرَ شَيْئًا سَبَبُهَا وَهِيَ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ وَصِفَتُهَا وَهِيَ وَاجِبَةٌ ثَبَتَ وُجُوبُهَا بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» وَشَرْطُهَا وَهِيَ فِي الْإِنْسَانِ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْغِنَى وَفِي الْوَقْتِ طُلُوعُ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَفِي الْوَاجِبِ أَنْ لَا تَنْقُصَ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ وَرُكْنُهَا وَهُوَ أَدَاءُ قَدْرِ الْوَاجِبِ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَحُكْمُهَا وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ فِي الدُّنْيَا وَنَيْلُ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْغَنِيُّ وَقَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ وَمِمَّا يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ وَهُوَ مِنْ أَرْبَعَةٍ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَوَقْتُ الْوُجُوبِ وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَوَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى وَمَكَانُ الْأَدَاءِ وَهُوَ مَكَانُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ وَالْعَبِيدِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمُعْتَبَرَ مَكَانُ الْمَالِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَفِي الزَّكَاةِ الْوَاجِبُ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ حَتَّى أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَوْلَى فَاعْتُبِرَ مَكَانُ الْمَوْلَى.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَالِكًا لِمِقْدَارِ النِّصَابِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ إذَا كَانَ لَهُ زِيَادَةٌ عَلَى قُوتِ يَوْمِهِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَشَرَطَ الشَّيْخُ الْحُرِّيَّةَ بِتَحَقُّقِ التَّمْلِيكِ وَالْإِسْلَامِ لِتَقَعَ الصَّدَقَةُ قُرْبَةً وَشَرَطَ الْيَسَارَ لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَقَدَّرَ الْيَسَارَ بِالنِّصَابِ لِتَقْدِيرِ الْغِنَى فِي الشَّرْعِ بِهِ وَسَوَاءٌ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ مَا قِيمَتُهُ نِصَابًا مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ غَيْرِهَا فَضْلًا عَنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ.
(قَوْلُهُ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَثِيَابِهِ وَفَرَسِهِ وَسِلَاحِهِ وَعَبِيدِهِ لِلْخِدْمَةِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُسْتَحَقَّةٌ بِالْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِهَا كَالْمَعْدُومِ وَكَذَا
كُتُبُ الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَيُعْفَى لَهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ عَنْ نُسْخَةٍ مِنْ كُلِّ مُصَنَّفٍ لَا غَيْرُ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ نُسْخَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ وَاحِدَةٌ يَسْكُنُهَا وَيَفْضُلُ عَنْ سُكْنَاهُ مِنْهَا مَا يُسَاوِي نِصَابًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ وَكَذَا فِي الثِّيَابِ وَالْأَثَاثِ.
(قَوْلُهُ يُخْرِجُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَعَنْ مَمَالِيكِهِ) لِأَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ وَيَعْنِي مَمَالِيكَهُ لِلْخِدْمَةِ وَيُؤَدِّي عَنْ مُدَبَّرِهِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَعَنْ عَبْدِهِ الْمُودَعِ وَالْمَرْهُونِ إذَا كَانَ لَهُ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ وَزِيَادَةُ نِصَابٍ وَيُخْرِجُ عَنْ عَبْدِهِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمُعَارِ وَالْمَأْذُونِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَلِي عَلَيْهِ وَيَمُونُهُ وَلَا تَجِبُ عَنْ مَمَالِيكِ هَذَا الْمَأْذُونِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُمْ عَبِيدُ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي فِي رَقَبَتِهِ جِنَايَةٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ عَنْهُ.
وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَجْعُولُ مَهْرًا إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ فِطْرَتُهُ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ لَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا جَازَ تَصَرُّفُهَا فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَجْحُودِ وَلَا عَنْ الْمَأْسُورِ وَلَا عَنْ الْمُسْتَسْعَى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَبْدُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِمَجِيءِ يَوْمِ الْفِطْرِ إذَا عَتَقَ تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى الْمَوْلَى وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ زَوْجَتِهِ) لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلِيَهَا فِي غَيْرِ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَلَا يَمُونُهَا فِي غَيْرِ الرَّوَاتِبِ كَالْمُدَاوَاةِ وَشَبَهِهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ) بِأَنْ كَانُوا زُمَنَاءَ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ فَإِنْ أَدَّى عَنْهُمْ أَوْ عَنْ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ أَجْزَأَهُمْ اسْتِحْسَانًا لِثُبُوتِ الْإِذْنِ عَادَةً ثُمَّ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مَالٌ فَإِنَّ الْأَبَ يُخْرِجُ صَدَقَةَ فِطْرَتِهِمَا مِنْ مَالِهِمَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لَا يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِمَا وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَمِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ فَلَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَإِذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ مَالِهِمَا صَارَا كَالْفَقِيرَيْنِ فَيُخْرِجُ الْأَبُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ وَلَهُمَا أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجْرِي مَجْرَى الْمُؤْنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَبَ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ ابْنِهِ الْفَقِيرِ فَإِذَا كَانَ غَنِيًّا كَانَتْ فِي مَالِهِ كَنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ خِتَانِهِ فَيُخْرِجُ أَبُوهُمَا أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُمَا أَوْ وَصِيُّهُ فِطْرَةَ أَنْفُسِهِمَا وَرَقِيقِهِمَا مِنْ مَالِهِمَا.
وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ إذَا أَخْرَجَهُمَا الْأَبُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ مَمَالِيكِهِمَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَالنَّفَقَةِ وَيُؤَدِّي عَنْهُمْ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ إذَا كَانَ فَقِيرًا إنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَفِطْرَتُهُ عَلَى أَبِيهِ وَإِنْ بَلَغَ مُفِيقًا ثُمَّ جُنَّ فَلَا فِطْرَةَ عَلَى أَبِيهِ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا فَقَدْ اسْتَمَرَّتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَإِذَا أَفَاقَ فَقَدْ انْقَلَبَتْ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ فِطْرَةُ بَنِي ابْنِهِ إذَا كَانَ أَبُوهُمْ فَقِيرًا أَوْ مَيِّتًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ وَفِي قَاضِي خان لَا يُؤَدِّي عَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ الْمُعْسِرِ إذَا كَانَ حَيًّا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَكَذَا إذَا كَانَ مَيِّتًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ الْجَنِينِ لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ حَيَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلُ الْفِطْرَةَ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِنْ كَانَا فِي عِيَالِهِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَقِيلَ إذَا كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا مَجْنُونًا تَجِبُ عَلَى ابْنِهِ فِطْرَتُهُ لِوُجُودِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُخْرِجُ عَنْ مُكَاتَبِهِ) لِقُصُورِ الْمِلْكِ فِيهِ وَلِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ مِلْكَهُ كَامِلٌ فِيهِمَا بِدَلِيلِ حِلِّ الْوَطْءِ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ لِفَقْرِهِ وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ عَنْ نَكْسِهِ وَرَقِيقِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا عَنْ مَمَالِيكِهِ لِلتِّجَارَةِ) لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الثِّنَى لِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ وَاجِبَةٌ فِيهِمْ فَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْفِطْرَةِ فِيهِمْ كَانَ فِيهِ تَثْنِيَةُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَوْلَى فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ مَالٍ وَاحِدٍ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام «لَا ثُنْيَا فِي الصَّدَقَةِ» أَيْ لَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ
(قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لَا فِطْرَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَمْلِكُ رَقَبَةً كَامِلَةً وَلَوْ كَانَ جَمَاعَةٌ عَبِيدٌ أَوْ إمَاءٌ بَيْنَهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّءُوسِ دُونَ الْأَشْقَاصِ كَمَا إذَا
كَانَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدَيْنِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي الْخَامِسِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ مَعًا كَانَ وَلَدُهُمَا وَالْجَارِيَةُ أَوْ وَلَدٌ لَهُمَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِطْرَةُ الْجَارِيَةِ إجْمَاعًا وَتَجِبُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْوَلَدِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَتَبَعَّضُ فَهُوَ ابْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ وَلِهَذَا يَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فِطْرَةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا مُؤْنَةٌ كَالنَّفَقَةِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَعْسَرَ فَهِيَ عَلَى الْآخَرِ بِتَمَامِهَا.
(قَوْلُهُ وَيُؤَدِّي الْمُسْلِمُ الْفِطْرَةَ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ) لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ وَالْمَوْلَى مِنْ أَهْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَلَا وُجُوبَ أَيْ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَالْمَوْلَى كَافِرًا لِأَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.
(قَوْلُهُ وَالْفِطْرَةُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجْزِي مِنْ الْبُرِّ إلَّا صَاعٌ كَامِلٌ وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَسَوِيقُهَا مِثْلُهَا فِي الْجَوَازِ يَجْزِي مِنْهَا نِصْفُ صَاعٍ وَكَذَا دَقِيقُ الشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُ مِثْلُهُ لَا يَجْزِي مِنْهُ إلَّا صَاعٌ كَامِلٌ وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجْزِي مِنْهُ نِصْفُ صَاعٍ لِأَنَّ الْبُرَّ وَالزَّبِيبَ مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِخِلَافِ الشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ فَإِنَّهُ يُلْقَى مِنْهُمَا النَّوَى وَالنُّخَالَةُ وَبِهَذَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ فِي الزَّبِيبِ إلَّا صَاعٌ كَامِلٌ كَالشَّعِيرِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُعْتَبَرُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَزْنًا رَوَى ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَيْلًا ثُمَّ الدَّقِيقُ أَوْلَى مِنْ الْبُرِّ وَالدَّرَاهِمُ أَوْلَى مِنْ الدَّقِيقِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ تَفْضِيلُ الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ الدَّقِيقُ وَلَا السَّوِيقُ وَلَا الدَّرَاهِمُ وَعِنْدَنَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ وَفُلُوسًا وَعُرُوضًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَغْنُوهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ» وَلِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الدَّقِيقَ فَقَدْ أَسْقَطَ عَنْهُمْ الْمُؤْنَةَ وَعَجَّلَ لَهُمْ الْمَنْفَعَةَ وَمَا سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقِيمَةِ فَإِنْ قُلْت فَمَا الْأَفْضَلُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ أَوْ عَيْنِ الْمَنْصُوصِ قُلْت ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ أَدَاءَ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ وَقِيلَ الْمَنْصُوصُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْخُبْزُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ احْتَرَزَ بِالصَّحِيحِ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إذَا أَدَّى مَنَوَيْنِ مِنْ خُبْزِ الْحِنْطَةِ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ مِنْ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ فَمِنْ الْخُبْزِ أَجْوَزُ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ لَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ حَتَّى لَوْ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ هُنَا إبْطَالَ التَّقْدِيرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَالصَّاعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ) بِالْعِرَاقِيِّ أَيْضًا قَالَ الصَّيْرَفِيُّ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَزْبُدٍ بِزَبَدِيِّ زُبَيْدٍ السُّنْقُرِيِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ زُبْدِيَّانِ وَنِصْفٌ بِالسُّنْقُرِيِّ.
(قَوْلُهُ وَوُجُوبُ الْفِطْرَةِ يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ)