المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَنَا أَنَّ النَّهْيَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ فَيَصِحُّ - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: وَلَنَا أَنَّ النَّهْيَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ فَيَصِحُّ

وَلَنَا أَنَّ النَّهْيَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ لَكِنَّهُ يُفْطِرُ احْتِرَازًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ الْمُجَاوِرَةِ ثُمَّ يَقْضِي إسْقَاطًا لِلْوَاجِبِ وَإِنْ صَامَ فِيهِ يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ كَمَا الْتَزَمَهُ.

وَفِي فَتَاوَى صَاعِدٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ مَنْ شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ يُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ ثُمَّ بِالْقَضَاءِ أَمَّا لَوْ دَخَلَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْعَصْرَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ يُؤْمَرُ بِالْإِتْمَامِ، وَلَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَأَفْسَدَهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ عِنْدَنَا.

وَقَالَ زُفَرُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا عَلَيْهِ فَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّاهَا فَقَطَعَهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الَّذِي اقْتَدَى بِهِ ذَكَرَهُ الْخُجَنْدِيُّ فِي بَابِ السَّهْوِ، وَفِي النِّهَايَةِ يَجِبُ عَلَى الْمُقْتَدِي الْقَضَاءُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) يَعْنِي قَصْدًا أَمَّا لَوْ قَامَ فِي الْعَصْرِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ سَاهِيًا أَوْ فِي الْفَجْرِ لَا يُكْرَهُ وَيُتِمُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ لَا يُضِيفُ رَكْعَةً فِي الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ بَعْدَهُمَا مَكْرُوهٌ وَلَوْ أَفْسَدَهَا وَلَمْ يُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا وَعِنْدَ زُفَرَ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ الْفَوَائِتَ وَيَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ) وَلَا يُصَلِّي فِيهِمَا الْمَنْذُورَ وَلَا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَلَا مَا شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) فَإِنْ قُلْت هُمَا وَاجِبَتَانِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ كَوُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْتِيَ بِهِمَا فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ قُلْت إنَّا عَرَفْنَا كَرَاهَتَهُمَا بِالْأَثَرِ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه طَافَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إذَا كَانَ بِذِي طُوًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ رَكْعَتَانِ مَقَامُ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ أَخَّرَهُمَا إلَى مَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا وَجَبَ بِإِيجَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَمَا وَجَبَ مُضَافًا إلَى الْعَبْدِ لَا يَجُوزُ كَالْمَنْذُورَةِ وَالنَّفَلِ الَّذِي يُفْسِدُهُ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُمَا بِفِعْلِهِ وَهُوَ شُرُوعُهُ فِي الطَّوَافِ فَإِنْ قُلْت وُجُوبُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِفِعْلِهِ وَهُوَ التِّلَاوَةُ قُلْت الْوُجُوبُ فِيهَا لِعَيْنِهِ وَفِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوُجُوبُ فِيهَا لِغَيْرِهِ أَيْ لِغَيْرِ الْوَقْتِ وَهُوَ خَتْمُ الطَّوَافِ وَصِيَانَةُ الْمُؤَدَّى عَنْ الْكَرَاهَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ النَّهْيُ عَمَّا سِوَاهُمَا لِحَقِّ الْفَجْرِ لَا لِخَلَلٍ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُتَعَيِّنٌ لَهُمَا حَتَّى لَوْ نَوَى تَطَوُّعًا كَانَ عَنْهُمَا فَقَدْ مُنِعَ عَنْ تَطَوُّعٍ آخَرَ لِيَبْقَى جَمِيعَ الْوَقْتِ كَالْمَشْغُولِ بِهِمَا لَكِنَّ صَلَاةَ فَرْضٍ آخَرَ فَوْقَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَجَازَ أَنْ يَصْرِفَ الْوَقْتَ إلَيْهِ.

وَفِي التَّجْنِيسِ مَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً طَلَعَ الْفَجْرُ كَانَ الْإِتْمَامُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا عَنْ قَصْدٍ قَالَ فِي الْفَتَاوَى وَلَا يَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى أَدَاءِ الْمَغْرِبِ مُسْتَحَبٌّ فَكَانَ النَّهْيُ لِئَلَّا يَكُونَ النَّفَلُ شَاغِلًا عَنْ أَدَاءِ الْمَغْرِبِ لَا لِمَعْنًى فِي الْوَقْتِ وَكَذَا النَّفَلُ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ يُكْرَهُ لِئَلَّا يَتَشَاغَلَ عَنْ سَمَاعِهَا إلَّا لِمَعْنًى فِي الْوَقْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ النَّوَافِلِ]

(بَابُ النَّوَافِلِ) النَّفَلُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الزِّيَادَةُ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْغَنِيمَةُ نَفْلًا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا وُضِعَ لَهُ الْجِهَادُ وَهُوَ إعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ وَسُمِّيَ وَلَدُ الْوَلَدِ نَافِلَةً؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَلَدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَا وَاجِبٍ وَلَا مَسْنُونٍ وَكُلُّ سُنَّةٍ نَافِلَةٌ وَلَيْسَ كُلُّ نَافِلَةٍ سُنَّةً فَلِهَذَا لَقَّبَهُ بِالنَّوَافِلِ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى السُّنَنِ.

وَفِي النِّهَايَةِ لَقَّبَهُ بِالنَّوَافِلِ وَفِيهِ ذِكْرُ السُّنَنِ لِكَوْنِ النَّوَافِلِ أَعَمَّ كَمَا لَقَّبَ الْأَوْقَاتَ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ النَّفَلُ شُرِعَ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ يُمْكِنُ فِي الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ عَلَتْ

ص: 70

رُتْبَتُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ حَتَّى أَنَّ أَحَدًا لَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ قَالَ رحمه الله (السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) بَدَأَ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ سَائِرِ السُّنَنِ وَلِهَذَا قِيلَ إنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْوَاجِبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَدَعْهَا فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ وَقَالَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ «هُمَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ، وَقَالَ «صَلُّوهَا وَلَوْ طَرَقَتْكُمْ الْخَيْلُ» وَقَدَّمَ فِي الْمَبْسُوطِ سُنَّةَ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلظُّهْرِ وَالظُّهْرُ أَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ.

وَقِيلَ إنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ وَاجِبَةٌ حَتَّى لَوْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَخَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَةٌ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا بَعْدَ الصَّفِّ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ إذَا خَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ مِنْ الْفَرْضِ وَيُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي السُّنَّةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بَعْدَ الصَّفِّ أَوْ فِي الصَّفِّ إنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا غَيْرَهُ، وَأَشَدُّ الْكَرَاهَةِ أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ إذَا كَانَ يَجِدُ مَوْضِعًا غَيْرَهُ وَالسُّنَّةُ فِيهَا الْأَدَاءُ فِي الْبَيْتِ وَكَذَا سَائِرُ السُّنَنِ إلَّا التَّرَاوِيحَ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ بَيَانِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ إذَا فَاتَتْ سُنَّةُ الْفَجْرِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَا تُقْضَى عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُقْضَى إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ إلَى قَبْلِ قِيَامِ الظَّهِيرَةِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا تُقْضَى إلَّا إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ سَوَاءٌ قَضَى الْفَرْضَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ إلَى الزَّوَالِ وَفِيمَا بَعْدَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ يَقْضِي الْفَرْضَ وَحْدَهُ وَقِيلَ يَقْضِي السُّنَّةَ مَعَهُ، وَأَمَّا سَائِرُ السُّنَنِ سِوَاهَا فَلَا تُقْضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَحْدَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ) يَعْنِي بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُنَّ مُؤَكَّدَاتٌ قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ آيَاتٍ وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَإِنْ أَدَّاهُنَّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِنَّ مِنْ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ وَالْفَرْضُ أَرْبَعٌ فَكَذَا النَّفَلُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَجْرَ لَمَّا كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ كَانَ نَفْلُهُ مِثْلَهُ، وَأَمَّا بَعْدَ الظُّهْرِ شَرَعَ رَكْعَتَيْنِ تَيْسِيرًا وَالْجُمُعَةُ أَصْلُهَا أَرْبَعٌ وَبِسَبَبِ الْخُطْبَةِ عَادَتْ إلَى رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ النَّفَلُ أَرْبَعًا عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ فَإِنْ تَرَكَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْأُولَى خَشْيَةَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقْضِيهَا بَعْدَ الْفَرْضِ وَيَقْضِيهَا قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقَدِّمُ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَيَنْوِي الْقَضَاءَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَفِي النَّوَادِرِ يَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِالْأَرْبَعِ ثُمَّ يَنْوِي الْقَضَاءَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ وَيَكُونُ تَطَوُّعًا مُبْتَدَأً فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَفِي الْحَقَائِقِ يُقَدِّمُ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْأَرْبَعُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَفِي الْمَنْظُومَةِ فِي مَقَالَةِ أَبِي يُوسُفَ عَلَى خِلَافِ مَقَالَاتِ مُحَمَّدٍ، وَالسُّنَّةُ الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ إذَا فَاتَتْ فَقَبْلَ شَفْعِهَا لَهَا الْقَضَاءُ أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ.

وَفِي الْمُصَفَّى اخْتَلَفُوا فِي قَضَاءِ الْأَرْبَعِ هَلْ هُوَ نَفْلٌ مُبْتَدَأٌ أَوْ سُنَّةٌ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ نَفْلٌ مُبْتَدَأٌ يَقْضِيهَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا سُنَّةٌ يَقْضِيهَا قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سُنَّةٌ إلَّا أَنَّ إحْدَاهُمَا فَائِتَةٌ فَيَبْدَأُ بِالْفَائِتَةِ كَمَا فِي الْفَرَائِضِ.

(قَوْلُهُ: وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا) وَهُمَا مُؤَكَّدَتَانِ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ) وَهُنَّ مُسْتَحَبَّاتٌ وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ «قَالَ عليه السلام مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» ؛ وَلِأَنَّ الْعَصْرَ لَمَّا كَانَتْ أَرْبَعًا قُدِّرَتْ النَّافِلَةُ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ) وَهُمَا مُؤَكَّدَتَانِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُطِيلَ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] وَفِي الثَّانِيَةِ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] » (قَوْلُهُ: وَأَرْبَعًا قَبْلَ الْعِشَاءِ) وَهُنَّ مُسْتَحَبَّاتٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ) قِيلَ إنَّ هَذَا التَّخْيِيرَ إذَا صَلَّى الْعِشَاءَ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ أَمَّا إذَا صَلَّاهَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي الْأَرْبَعَ كُلَّهَا جَبْرًا لِذَلِكَ النَّقْصِ وَلَا يَتَخَيَّرُ وَأَرْبَعًا قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ

ص: 71

أَبُو يُوسُفَ أَرْبَعًا قَبْلَهَا وَسِتًّا بَعْدَهَا وَفِي الْكَرْخِيِّ مُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي يُوسُفَ.

وَفِي الْمَنْظُومَةِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ اثْنَتَيْنِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ رَكْعَتَا الْمَغْرِبِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعَصْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَصَحُّ أَنَّ أَقْوَاهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ الْأَرْبَعُ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَاَلَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ وَاَلَّتِي بَعْدَ الْمَغْرِبِ سَوَاءٌ فَإِنْ قِيلَ لَك لِمَا شُرِعَ بَعْضُ النَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْضُهَا بَعْدَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي بَعْدَ الْفَرْضِ شُرِعَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ قَطْعًا لِطَمَعِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَنْ لَمْ يُطِعْنِي فِي تَرْكِ مَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ كَيْفَ يُطِعْنِي فِي تَرْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ، وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَرْضَ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ عليه السلام «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إذَا صَلَّى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ» ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا تَنَفَّلَ فِي مَكَانِهِ ظَنَّ الدَّاخِلُ أَنَّهُ فِي الْفَرْضِ فَيَقْتَدِي بِهِ وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ حَتَّى لَا تَتَشَوَّشَ الصُّفُوفُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ) يَعْنِي أَقَلَّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي اللَّيْلِ بِثَمَانِي رَكَعَاتٍ وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] ثُمَّ قَالَ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] وَقَالَ عليه السلام «مَنْ أَطَالَ قِيَامَ اللَّيْلِ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

(قَوْلُهُ: وَنَوَافِلُ النَّهَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا) وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ يَعْنِي بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَافِلَةُ اللَّيْلِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ صَلَّى ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ) يَعْنِي إنْ شَاءَ صَلَّى بِاللَّيْلِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ سِتًّا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ ثَمَانِيًا بِتَسْلِيمَةٍ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَيْلًا وَنَهَارًا.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَزِيدُ بِاللَّيْلِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَثْنًى مَثْنًى وَفِي النَّهَارِ أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا مَثْنًى مَثْنًى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ لَهُمَا الِاعْتِبَارُ بِالتَّرَاوِيحِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ تَحْرِيمَةٍ وَتَسْلِيمَةٍ وَدُعَاءٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَدْوَمُ تَحْرِيمَةً فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةً وَأَزْيَدَ فَضِيلَةً، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَعَلَى الْعَكْسِ يَخْرُجُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا فِي التَّرَاوِيحِ فَإِنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ فَيُرَاعَى فِيهَا التَّيْسِيرُ.

(قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ)(الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ بِتَسْلِيمَةٍ وَالزِّيَادَةُ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَمُوجِبُ الْعَقْدِ فِي التَّطَوُّعِ رَكْعَتَانِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الشَّفْعُ الثَّانِي بِالْقِيَامِ إلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ كَصَلَاةٍ عَلَى حِدَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً وَإِذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ اسْتَفْتَحَ كَمَا يَسْتَفْتِحُ عَقِيبَ التَّحْرِيمَةِ فَعَلَى هَذَا إذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ بِنِيَّةِ الْأَرْبَعِ أَوْ السِّتِّ أَوْ الثَّمَانِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ يَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ وَفِي رِوَايَةٍ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَةً لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ وَإِنْ قَالَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَإِنْ قَالَ نِصْفَ رَكْعَةٍ لَزِمَهُ رَكْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَإِذَا لَزِمَتْهُ رَكْعَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَكُونُ وِتْرًا وَلَوْ قَالَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ بِوُضُوءٍ تَصْحِيحًا لِلنَّذْرِ وَلَوْ قَالَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ بِقِرَاءَةٍ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ لَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ وَأَمَّا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَهِيَ عِبَادَةٌ كَصَلَاةِ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ.

(قَوْلُهُ: وَالْقِرَاءَةُ فِي الْفَرَائِضِ وَاجِبَةٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) أَيْ فَرْضٌ قَطْعِيٌّ فِي حَقِّ الْعَمَلِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فَرْضٌ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ وَكُلُّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ» وَقَالَ مَالِكٌ فُرِضَ فِي ثَلَاثٍ إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ تَيْسِيرًا وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] وَالْأَمْرُ بِالْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَاهَا فِي الثَّانِيَةِ اسْتِدْلَالًا بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُمَا يَتَشَاكَلَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَأَمَّا الْأُخْرَيَانِ فَيُفَارِقَانِهِمَا فِي حَقِّ السُّقُوطِ وَصِفَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ وَفِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَلْحَقَانِ بِهِمَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام «لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ» فَهُوَ شَاهِدٌ لَنَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا وَالصَّلَاةُ مَتَى ذُكِرَتْ مُطْلَقَةً

ص: 72

لَا تَنْصَرِفُ إلَى رَكْعَةٍ وَإِنَّمَا تَنْصَرِفُ إلَى صَلَاةٍ كَامِلَةٍ وَهِيَ رَكْعَتَانِ عُرْفًا كَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَلَمْ يَقُلْ صَلَاةً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا صَلَّى رَكْعَةً.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ إنْ شَاءَ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ) يَعْنِي مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ السَّهْوُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا الْفَاتِحَةَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إنْ شَاءَ قَرَأَ يَعْنِي الْفَاتِحَةَ وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ يَعْنِي ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ السَّهْوُ وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ يَعْنِي مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يُسَبِّحْ كَانَ مُسِيئًا إنْ تَعَمَّدَ السُّكُوتَ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَهْوٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ) هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّ السُّكُوتَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِإِسَاءَةٍ وَعِنْدَهُمَا إسَاءَةٌ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ كَرَاهَةٌ وَالْكَرَاهَةُ أَفْحَشُ مِنْ الْإِسَاءَةِ فَالْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ وَالتَّسْبِيحُ مُبَاحٌ وَالسُّكُوتُ إسَاءَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْقُرَّاءُ وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَفِي جَمِيعِ الْوِتْرِ) أَمَّا النَّفَلُ فَلِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ وَلِهَذَا يَسْتَفْتِحُ فِيهَا وَيَتَعَوَّذُ وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلِلِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ لِوُجُودِ عَلَامَةِ الْأَمْرَيْنِ فَاحْتَاطُوا لَهُ بِإِيجَابِ الْقِرَاءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَفْلًا وَلَا يَسْتَفْتِحُ فِي الثَّالِثَةِ مِنْهُ وَلَا يَتَعَوَّذُ وَلَا يُكْمِلُ تَشَهُّدَهُ الْأَوَّلَ لِشَبَهِهِ بِالْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ نَفْلٍ ثُمَّ أَفْسَدَهَا قَضَاهَا) هَذَا إذَا دَخَلَ فِيهَا قَصْدًا أَمَّا سَاهِيًا كَمَا إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا ثُمَّ أَفْسَدَهَا لَا يَقْضِيهَا ثُمَّ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا رَكْعَتَانِ وَإِنْ نَوَى مِائَةَ رَكْعَةٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَقَوْلُهُ أَفْسَدَهَا سَوَاءٌ فَسَدَتْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَرَى الْمَاءَ وَمَا أَشْبَهَهُ وَكَالْمَرْأَةِ إذَا حَاضَتْ فِي التَّطَوُّعِ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ الْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقَعَدَ فِي الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ) لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ وَالْقِيَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فَيَكُونُ مَلْزُومًا وَهَذَا إذَا أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا بِأَنْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا أَمَّا إذَا أَفْسَدَهَا قَبْلَ الْقِيَامِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي اعْتِبَارًا لِلشُّرُوعِ بِالنَّذْرِ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ وَقَعَدَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْعُدْ وَأَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ لَزِمَهُ قَضَاءُ أَرْبَعٍ إجْمَاعًا.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا) وَهُوَ احْتِيَاطٌ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى إنَّ الزَّوْجَ لَوْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ أَوْ أُخْبِرَتْ بِشُفْعَةٍ لَهَا فَأَتَمَّتْ أَرْبَعًا لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهَا وَلَا خِيَارُهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ وَالْكَرْخِيِّ إنْ سَلَّمَتْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ أَتَمَّتْ الْأَرْبَعَ بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ صَلَاةٌ أُخْرَى وَإِذَا كَانَتْ فِي أَرْبَعِ الظُّهْرِ الْأُولَى لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا بِانْتِقَالِهَا إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا أَعَادَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَرْبَعًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فَسَادَ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا يَرْفَعُ التَّحْرِيمَةَ وَلَا يَمْنَعُ الدُّخُولَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ التَّحْرِيمَةَ وَيُوجِبُ فَسَادَ الشَّفْعِ الثَّانِي وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ إذَا فَسَدَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فَالشَّفْعُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ حَتَّى يَأْتِيَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ بِقِرَاءَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ إذَا صَحَّ يَلْزَمُهُ الشَّفْعُ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ أَحَدُهُمَا إذَا صَلَّى أَرْبَعًا وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا فَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَمَّا فَسَدَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ ارْتَفَعَتْ التَّحْرِيمَةُ وَلَمْ يَصِحَّ الشُّرُوعُ فِي الثَّانِي وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَمْ تَفْسُدْ التَّحْرِيمَةُ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا أَفْسَدَ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ

ص: 73

بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ مَا لَمْ يَأْتِ بِرَكْعَةٍ مَعَ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَالثَّانِيَةُ إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ فَلَزِمَهُ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَأَفْسَدَهُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ، وَالثَّالِثَةُ إذَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ يَكُونُ الْأُخْرَيَانِ صَلَاةً عِنْدَهُمَا نَعَمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا حَتَّى لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَلَوْ قَهْقَهَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ، وَالرَّابِعَةُ إذَا قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعٍ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَكْعَتَيْنِ أَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَيَقُولُ فَسَدَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وُجِدَ مِنْهُ رَكْعَةٌ بِقِرَاءَةٍ ثُمَّ فَسَدَتْ بَعْدُ.

وَالْخَامِسَةُ إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ صَحَّ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَالسَّادِسَةُ إذَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَالْأُولَيَانِ فَسَدَتَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْأُخْرَيَانِ صَلَاةٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَالسَّابِعَةُ إذَا قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَرْبَعٌ وَالثَّامِنَةُ إذَا قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعٍ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَنَوَى بِهِ قَضَاءً عَنْ الْأُولَيَيْنِ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ عُقِدَتْ بِتَحْرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ بَعْضُهَا قَضَاءً وَبَعْضُهَا أَدَاءً قَالَ فِي النِّهَايَةِ إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ لَمْ تَبْطُلْ فَصَحَّ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي ثُمَّ فَسَادُهُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا يُفْسِدُ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَالَ وَهَذَا إذَا قَعَدَ بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا لَمْ يَقْعُدْ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعٍ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الثَّانِي يَسْرِي إلَى الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَقْعُدْ فَبَانَ لَك مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِ الْمَسَائِلِ أَنَّ أَرْبَعًا مِنْهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَهُنَّ إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ أَوْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ أَوْ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ فَفِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ إجْمَاعًا وَأَرْبَعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا إذَا قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ أَوْ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ يَقْضِي أَرْبَعًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْكُلِّ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَرْبَعًا.

(قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي النَّافِلَةَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» أَيْ فِي حَقِّ الْأَجْرِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَا لِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَلَا لِحَالَةِ الْعُذْرِ وَلَا لِحَالَةِ غَيْرِ الْعُذْرِ فَمَا وَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى مَا ادَّعَيْتُمُوهُ مِنْ جَوَازِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ قِيلَ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْفَرْضِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ قَاعِدًا مُسَاوِيَةٌ لِصَلَاةِ الْقَائِمِ فِي الْفَضِيلَةِ وَالْأَجْرِ فَلَمْ يَبْقَ حِينَئِذٍ إلَّا صَلَاةُ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا بِدُونِ الْعُذْرِ فَهُوَ عَلَى نِصْفِ الْأَجْرِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ، وَإِنَّمَا جَازَتْ النَّافِلَةُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ خَيْرُ مَوْضُوعٍ وَرُبَّمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فَجَازَ لَهُ تَرْكُهُ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ عَنْ هَذَا الْخَيْرِ الْمَوْضُوعِ وَقُيِّدَ بِالنَّافِلَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْفَرْضِ وَالْوِتْرِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالسُّنَنُ الرَّوَاتِبُ نَوَافِلُ يَعْنِي يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقُعُودِ قِيلَ كَيْفَ شَاءَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقْعُدُ كَمَا يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُعْتَبَرٌ بِالنَّذْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلْزَمٌ ثُمَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَكَذَا إذَا شَرَعَ قَائِمًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَهُ أَنَّهُ إذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ جَازَ فَالْبَقَاءُ أَوْلَى بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ الْتَزَمَهُ نَصًّا حَتَّى لَوْ لَمْ يُنَصَّ عَلَى الْقِيَامِ لَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الشُّرُوعِ وَالنَّذْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُتَتَابِعًا فَصَامَ الْبَعْضَ وَمَرِضَ فَأَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ

ص: 74