الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوقفة الأولى:
من المتفق عليه الذي لا خلاف فيه من أحد أنه كلما نال المرء الدرجة العليا من هذه الأخلاق كان أفضل ممن دونه بلا شك، وعليه فإن السعي في تحصيلها وبذل الجهد في الحصول إلى المراتب العليا منها أمر مطلوب شرعًا وعقلًا.
قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]، وقال رضي الله عنهما:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)} [الواقعة: 10 - 11]، وقال تعالى:{فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: 145].
وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه كما روى الطبراني في الكبير من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وأَشْرَافَهَا، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا» أي: الحقير الردي منها
(1)
.
الوقفة الثانية: هل يمكن الوصول إلى أعلى المراتب
الجواب: نعم، ينال ذلك بالمجاهدة وشحذ الهمة من بعد طلب التوفيق من الله، والاستعانة به سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم:«وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ»
(2)
، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا
(1)
. (3/ 131) برقم 2894، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (1/ 384) برقم 1890.
(2)
. جزء من حديث في صحيح البخاري برقم 6470، وصحيح مسلم برقم 1053 من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ
…
» الحديث
(1)
.
وقد اختار الله من أنبيائه ورسله جماعة منهم سماهم أولي العزم، وذلك لبلوغهم أعلى المراتب، وأمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في بلوغ مراتبهم ليكون منهم، فقال عز وجل:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35]. وقد فعل صلى الله عليه وسلم ما أمره به ربه حتى صار صلى الله عليه وسلم أفضلهم وسيدهم وأكرمهم على الله.
روى البخاري في تاريخه الكبير أن قريشًا أتت إلى أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبا طالب، أرأيت محمد يؤذينا في نادينا، وفي مسجدنا، فانهه عن أذانا، فقال: يا عقيل ائتني بمحمد، فذهبت فأتيته به، فقال: يا ابن أخي! إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم، وفي مسجدهم، فانته عن ذلك، قال: فلحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره - وفي رواية: فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء - فقال: «مَا أَنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أَرُدَّ ذَلِكَ مِنكُم عَلَى أَن تُشعِلُوا مِنهَا شُعلَةً -يعني الشمس-» قال: فقال أبو طالب: والله
(1)
. الخطيب في تاريخ بغداد (9/ 127)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 342 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.