الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة الستون:
شرح اسم الله: «العظيم»
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد ..
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»
(1)
.
ومن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب والسنة اسم الله العظيم، قال تعالى:{وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [سورة البقرة، آية رقم: 255]، وقال تعالى:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)} [سورة الواقعة، آية رقم: 96].
قال ابن جرير رحمه الله: {الْعَظِيمُ} ، معناه:«الذي يعظمه خلقه ويهابونه ويتقونه»
(2)
.
وإن سألت عن عظمته فهو العظيم الذي قد كمل في عظمته،
(1)
. صحيح البخاري برقم (2736)، وصحيح مسلم برقم (2677).
(2)
جامع البيان (2/ 1493 - 1494)، بتصرف واختصار.
وله كل وصف ومعنى يوجب التعظيم فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يُحصي ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يُثني عليه عباده
(1)
.
«ونسبة ما يعلم العباد من ذلك إلى ما لا يعلمونه كنقرة عصفور في بحر»
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله:
وَهُوَ العَظِيُم بِكُلِّ مَعْنَى يُوجِبُ التَّـ
…
ـعْظِيمَ لَا يُحْصِيهِ مِنْ إِنْسَانِ
وهو سبحانه عظيم في ذاته، عظيم في أسمائه، عظيم في صفاته، روى مسلم في صحيحه وأبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«قَالَ اللَّهُ عز وجل: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ»
(3)
.
ومن عظمته - سُبْحَانَهُ - أن بيده ملك العالم العلوي والسفلي، فهو الذي خلقه ويتصرف فيه بما يشاء من الأحكام القدرية، والأحكام الدينية التابعة لحكمته
(4)
.
ومن عظمته: أن الأرض جميعًا بما فيها من بحار وأنهار
(1)
تفسير الشيخ ابن سعدي (ص 259).
(2)
. طريق الهجرتين (ص 288).
(3)
. صحيح مسلم برقم (2620)، وسنن أبي داود برقم (4090).
(4)
. تيسير الكريم الرحمن (ص 875).
وجبال وأودية ورمال وأشجار وغير ذلك، تكون قبضته يوم القيامة، والسماوات كذلك على عظمها وكبرها وسعتها، قال تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [سورة الزمر، آية رقم: 67]، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)} [سورة فاطر، آية رقم: 41].
وقال تعالى: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [سورة البقرة، آية رقم: 255] أي: لا يشق عليه حفظ السموات السبع والأرضين السبع ومن فيهما بعظمته وقدرته سبحانه.
روى مسلم في صحيحه من حديث عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَأْخُذُ اللَّهُ عز وجل سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَنَا اللَّهُ - وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا - أَنَا الْمَلِكُ» حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
ومن عظمته: أن كرسيه وسع السموات والأرض. «والكرسي»
(1)
. برقم (2788).
كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: «موضع القدمين»
(1)
.
قال تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [سورة البقرة، آية رقم: 255]، وهذا يدل على كمال عظمة الله وسعة سلطانه، فإذا كان هذا حال الكرسي أنه يسع السموات والأرض على عظمتهما، وعظمة من فيهما، فكيف بالعرش الذي هو أعظم من الكرسي؟!
ومن عظمته أن فضله عظيم، قال تعالى:{وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)} [سورة البقرة، آية رقم: 105]. أي: صاحب الفضل العظيم، العظيم كمية والعظيم كيفية، والعظيم شمولًا في المكان، وشمولًا في الزمان
(2)
.
ومن عظمته أن الأبصار تراه ولا تدركه، قال تعالى:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} [سورة البقرة، آية رقم: 103]، فإن العباد مع رؤيتهم له لا يحيطون به رؤية، كما أنهم مع مدحه والثناء عليه لا يحيطون ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه المقدسة، ولهذا قال أفضل الخلق وأعلمهم:
(1)
. (2/ 582)، وصححه الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في تخريجه لأحاديث تفسير ابن كثير رحمه الله (1/ 571)، وأخرجه الذهبي في كتابه العلو (ص 76)، وصححه الألباني رحمه الله في مختصر العلو (ص 45) وهذا له حكم الرفع.
(2)
. أحكام من القرآن (1/ 378) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.