الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أَوْفِ بِنَذْرِكَ»
(1)
.
أنواع النذر وحكم كل نوع:
1 -
نذر التبرر: وهو نذر الطاعة كفعل الصلاة والصيام والحج ونحوها وهو على نوعين:
الأول: النذر المطلق أي غير معلق على حصول شرط، كما لو قال: لله عليَّ أن أصلي أو أتصدق أو أصوم كذا وكذا. وهذا النوع هو الذي رأى بعض أهل العلم كراهيته ابتداء كما تقدم بيانه.
الثاني: المعلق على شرط، كأن يقول: لله عليَّ نذر كذا وكذا إن رزقت بولد أو تيسر لي الشيء الفلاني. وهذا النوع جاء فيه النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال:«إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ»
(2)
.
والأصل في النهي التحريم، ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم هذا النوع وذهب آخرون إلى كراهته.
(1)
. صحيح البخاري برقم 2032، وصحيح مسلم برقم 1656.
(2)
. صحيح البخاري برقم 6692، وصحيح مسلم برقم 1639.
2 -
النذر المطلق: نحو قوله: «لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ» ولم يسم شيئًا فليزمه كفارة يمين، سواء كان مطلقًا أو معلقًا بشرط، لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»
(1)
.
3 -
نذر اللجاج والغضب: وهو تعليق نذره بشرط يقصد المنع منه، أو الحمل عليه، أو التصديق، أو التكذيب، كما لو قال: إن كلمتك أو: إن لم أخبرك، أو: إن لم يكن هذا الخبر صحيحًا، أو: إن كان كذبًا، فعليَّ الحج أو العتق، فهذا النذر خارج مخرج اليمين للحث على فعل شيء، أو المنع منه، ولم يقصد به النذر ولا القربة، فهذا يخير فيه بين فعل ما نذره أو كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم:«كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»
(2)
.
4 -
نذر المباح: كما لو نذر أن يلبس ثوبه أو يركب دابته، ويخير بين فعله وبين كفارة يمين إن لم يفعله؛ واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا شيء عليه في نذر المباح؛ لما روى
(1)
. صحيح مسلم برقم 1645، دون قوله: ولم يسم، وسنن الترمذي برقم 1528، وقال: حسن صحيح غريب، وضعفه غيره، لكن يؤيده ما رواه أبو داود برقم 3322 بنحوه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ورجح الأئمة وقفه عليه. انظر: سبل السلام (8/ 42).
(2)
. صحيح مسلم برقم 1645 من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنهما.
الإمام البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه؟ فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم، ويصوم، فقال:«مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ»
(1)
.
5 -
نذر المعصية: كنذر شرب الخمر، وصوم أيام الحيض ويوم النحر، فلا يجوز الوفاء بهذا النذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، فَلَا يَعْصِهِ»
(2)
.
فدل هذا الحديث على أنه لا يجوز الوفاء بنذر المعصية؛ لأن المعصية لا تُباح في حال من الأحوال.
ومن نذر المعصية: النذر للقبور أو لأهل القبور، وهو شرك أكبر، ويُكفر عن هذا النذر كفارة يمين عند بعض أهل العلم، وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس وعمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهم.
واستدل أصحاب القول الأول بالحديث الذي رواه ابن الجارود في المنتقى والبيهقي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ النَّذْرَ نَذْرَانِ: فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَكَفَّارَتُهُ الْوَفَاءُ
(1)
. صحيح البخاري برقم 6704.
(2)
. سبق تخريجه ص 214.
بِهِ، وَمَا كَانَ لِلشَّيْطَانِ فَلَا وَفَاءَ لَهُ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»
(1)
.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى عدم انعقاد نذر المعصية، وأنه لا يلزمه به كفارة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: «ومن أسرج قبرًا أو مقبرة أو جبلًا أو شجرة أو نذر لها أو لسكانها أو المضافين إلى ذلك المكان؛ لم يجز، ولا يجوز الوفاء به إجماعًا، ويُصرف في المصالح ما لم يُعلم ربُّه
…
انتهى»
(2)
(3)
.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
. ابن الجارود في المنتقى (935)، والبيهقي في السنن الكبرى (20/ 194) برقم (20102)(20/ 194)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم (479).
(2)
. الاختيارات الفقهية ص 476.
(3)
. الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان (2/ 612 - 616)، والفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة لمجموعة من العلماء ص 531 - 535.