المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مَنْ يُحْجَرُ عليه فقال: وحُجَّرَ على مريض مرضًا ينشأ الموت - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ٣

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحَجْرِ والصُّلْح والحَمَالة والحَوالة

- ‌فَصْلٌفي التفليس

- ‌فَصْلٌفي الصلح وأحكامه

- ‌خاتمة:

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة والكَفَالة والزَّعَامة والضمان

- ‌فَصْلٌفي الحَوَالة

- ‌كتاب العارية والوديعة

- ‌فَصْلٌفي الوديعة

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فَصْلٌفي القسمة

- ‌كتاب الإحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق

- ‌فَصْلٌفي الارتفاق

- ‌فَصْلٌفي الغصب

- ‌فَصْلٌفيما يلزم الإنسان من المواسات في بعض الحالات

- ‌فَصْلٌفي الإستحقاق وأحكامه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌فَصْلٌفي التقاط المنبوذ وأحكامه

- ‌كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعُمْرَى والرقبي

- ‌فَصْلٌفي الهبة

- ‌فَصْلٌفي الصدقة

- ‌فَصْلٌفي العمرى

- ‌فَصْلٌفي الرقبى

- ‌كتاب الوقف

- ‌فَصْلٌفي بيان قِصاص الأطراف

- ‌فَصْلٌفي الدَّية

- ‌فَصْلٌفي الأعضاء

- ‌فَصْلٌفي القَسَامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌فَصْلٌفي الزاني والزانية

- ‌فَصُلٌفي القذف

- ‌فَصْلٌفي الخمر وأحكامها

- ‌فَصْلْفي السارق

- ‌فَصْلٌفي الحد

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الأقضية

- ‌فَصْلٌفي الغائب

- ‌فَصْلٌفي الشهادة

- ‌فَصْلٌفي التنازع

- ‌كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء

- ‌فَصْلٌفي الولاء

- ‌فَصْلٌفي الكتابة

- ‌فَصْلٌفي التدبير والمدبر

- ‌فَصْلٌفي أم الولد

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب المواريث

- ‌فَصْلٌفي الجد

- ‌فَصْلٌفي الفرائض

- ‌فَصْلٌفي المناسخة

- ‌فَصْلٌفي الخنثى

- ‌فَصْلٌفي الميراث

- ‌فَصْلٌفي التركة

- ‌كتاب جامع

- ‌فَصْلٌفي المسابقة

- ‌خاتمة

- ‌تنبيه

الفصل: مَنْ يُحْجَرُ عليه فقال: وحُجَّرَ على مريض مرضًا ينشأ الموت

مَنْ يُحْجَرُ عليه فقال: وحُجَّرَ على مريض مرضًا ينشأ الموت عنه عادة وإن لم يغب، كَسُلَّ

وقُلَنْج، وحُمّى قويّةٍ، وحامل ست، ومحبوس لِقَتْل أو لِقَطْع خِيفَ الموتُ منه، وحاضرٌ صفّ القتال، لا نحو رَمَد وجَرَب وملّجَّج ببحر، ولو حصل الهولُ في تبرُّع زاد على ثُلُثِه، كنِكاح وخُلْع، لا تداويه ومعاوضّة ماليّة. ووَقَفَ تبرُّعُهُ إلَاّ بمال مأمون وهو العقار، فغ، مات فمن الثُّلُث، وإلَاّ مضى الجميع، ونجز في المأمون الثُّلُث فإن صحَّ فالباقي أي يأخذه الذي وَقَف له اهـ.

ولمَّا أنهى الكلام على المحجور عليه لعدم حُسْن تصرفته المالية وكان الدَّين من أسباب الحضجْر أتبعه بِما يتعلَّق بأحكام مَنْ أحاط الدَّيْن بماله، ويُسَمَّى المفلس والمدْيان وهو من جملة المحاجير السبعة فقال رحمة الله تعالى:

‌فَصْلٌ

في التفليس

أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام المفلس. الفَلَسَ: هو عدم المال والتفليس: هو خَلْعُ الرجل من ماله للغرماء. قال رحمه الله تعالى: "إِذَا ادَّعى الْمِديَانُ الْفَلَسَ وَطَلَبَ غُرَما} هُ حَبْسَهُ حُبِسَ، فإنْ ثَبَت عُسْرُهُ أَنْظَرَهُ الْحَكِمُ، فَإنْ ظَهَرَ لَدَدُهُ أُدِيمَ حَبْسُهُ، فَإِن سألُوا حَجْرَه حُجِر عَلَيهِ وانتزع لهم ماله وقُسِمَ بَيْنهم بَالحِصَاص ويَحِلُّ الْمؤَجَّلَ عَليهِ لَا لَهُ" يعني كما في القوانين لابن جزي أنه قال: فإذا أحاط الدَّيْن بِمال أحد ولم يكن في مالِه وفاء بديونه وقام الغرماء عند القاضي فإنه يجري في ذلك على المِدْيان أحكام التفليس وهي خمسة: الأول أن يسجن استبراء لأمْرِه. الثاني: أن تَحِل عليه الديون المؤجَّلة والمعجَّلةفي المذهب بعد سَجْنِه أو استتارة كما تَحِلُّ على الإنسانإذا مات اتفاقًا. الثالثُ ألَاّ يقبل إقراره بدَيْن وشِبهِهِ، وإن كان إقراره بعد الديون وقبلَ التفليس

ص: 11

قُبِلَ فيمن لا يُتَّهضم عليه ولا يُقْبَل فيمن يُتَّهَم بالميل إليه من قريب أو صديق، فإذا كان إقراره بعد التفليس لم يقبل أصلاً ولكن يجب في ذِمَّتِه متى استفاد مالأن واختلف في إقراره بمال معيَّن كالوديعة والقِراض، فقيل يُقْبَل، وقيل لا يُقْبَل، وقيل يُقْبَل إن كان على أصل القِراض والوديعة بينَّة. الرابع أن يُحْجَرَ عليه فلا ينفذ تصرُّفه في مالَه، فإن تصرَّف فيه بعد الديون وقيل التفليس نفذ ما كان من تصرُّفه بعِوَض كالبيع، ولم ينفذ ما كان بغير عِوَض كالهِبَة والعَتْق. واختلف في جواز رَهْنِه وقضائه بعض غرمائه دون بعض، وأمّا بعد التفليس فلا ينفذ شيئ من أفعاله سواء كان بعِوَضٍ أو بغير عِوَض. الخامس قُسمَ مالُه على الغرماء بعد أن يُتْرَكُ له منه كِسْوَتُه وما يأكله أيامًا هو وأهله. وفي الواضحة: الشهر ونحوه. واختلف هل تُتْرَكُ كِسْوَة زوجته؟ وهل تُباع علهي كُتُبُ العِلْم؟ ثم يُجْمَع كل ما وجد له من أصول وعروض وغير ذلك، وتُباع الاصول والعُروض ويُقْسَم المجموع على الغرماء فإن وفى بدَيْنِه سُرَّحَ من السجن، وبرِئ

من الديون، وإن كان مالُه لا يقوم بالديون قُسِمَ قسمة المحاصة. والعمل في المحاصة أن ينظر نسبة مالِه من جميع الديون ويعطي كل واحد من الغرماء بتلك النسبة من دَيْنِه، مثال ذلك: إذا كان مالُه عشرةدنانير والديون عشرين دينارًا فيعطي كل واحد منهم نِصْف دَيْنِهن وكذلك لو كان مالُه عشرة والديون ثلاثين أعطى كل واحد منهم ثُلثُ دَيْنِه، ويحلف المفلس أنه ليس له مال ظاهر ولا باطن يؤدّي منه بقية دَيْنِه، وحينئذٍ يُسَرَّحُ من السجن اهـ باختصار.

قال رحمه الله تعالى: "وَمَنْ وَجَدَ عَيْنَ سِلْعَتِهِ أَخَذَهَا فَإنْ قَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِها خُيَّرَ بيْنَ ردَّهْ وَأَخْذِهَا، أو الحِصَاص بَبَاقيهِ" يعني كما في الرسالة ونصُّها: ومَنُ وَجَدَ سِلْعَته في التفليس فإمَّا حاصَصَ وإلَاّ أخذ سِلْعَتَه إن كانت تُعرف بِعَيْنها، وهو في الموت أسوة الغرماء اهـ. قال خليل: وللغريم أخْذُ ماله المحاز عنه في الفَلَس لا الموت ولو مسكوكًا أو إبقاء، ولزمه إن لم يجده إن لم يَفِدْه غرماؤه ولو بمالِهم وأمكن، لا بضع

ص: 12

وعصمة وقصاص، ولم ينقل إلَاّ إن طحنت الحنطة أو خلط بغير مِثْلٍ أو سَمْن زبده، أو فصل ثوبه، أو ذبح كبشه، أو تتمَّر رُطْبُه.

والاصل في ذلك ما في الموطَّأ والمدوَّنة عن مالك عن ابن شهادب بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجده بعينه فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء، وإذا وجد المشتري قد باع بعضه وفرَّقه فصاحب المتاع أحقُّ به من الغرماء لا يمنعه ما فرق المتاع منه أن يأخذ من وجد بعينه، وإن قضى من ثمن المتاع شيئًا فأحبَّ أن يَرُدَّهُ ويقبض ما وجد من متاعه، ويكون فيما لم يجده أسوة الغرمناء فذلك له". قال خليل: وله رَدُّ بعض ثمن قُبِضَ وأخْذُها وأخْذُ بعضه وحاصَّ بالفائت اهـ. نَقَلَه النفراوي: وفي القوانين مسألة من باع سِلْعة ثم أفلس المشتري أو مات قبل أداء الثمن فَلَهُ ثلاث أحوال: الأولى: يكون البائع أحقَّ بسِلْعَتِهِ في فَلَسِ المشتري وموته وذلك إذا كانت السلعة باقية بيد البائع، وكذلك الصناع إذا افلس ربُّ المتاع أو مات والمتاع بِيَد الصناع، وكذلك الأرض أحقُّ بالزرع في الكِراء. الثانية: يكون البائع أحقَّ بالسَّلْعة في فَلَسِ المشتري دون موته، وهو إذا كانت السلْعة باقية بِيَدِ المشتري. وقال الشافعي: هو أحقُّ بها في الموت والفَلَس، وعكس أبو حنيفة. الثالثة: يكون البائع فيها سواء مع سائر الغرماء في الموت والفلس. وهذا إذا كانت السَّلْعة قد فاتت أو ذهبت اهـ.

ثم قال رحمه الله تعالى: "وَتُتْرِكُ لَهُ ثِيَابُهُ المُعْتَادَةُ وَقُوتُهُ الأَيَّامَ وَيُبَاعُ عَلَيهِ مَا سِوى ذَلِكَ مِنْ رَبْع وَغَيْرِهِ" يعني كما في المختصر. قال: وتُركَ له قُوتُهُ والنَّفقة الواجبة عليه لظنَّ يُسْرَته، وكِسْوَتُهُم كل دَسْتًات معتادًا. قال شارحه: والمعنى أن

الحاكم يبيع على المفلس مالَه ويُقْسِمُه بين غرمائه على مرَّ ويَتْرُك له منه قُوتَ نفسه وقُتَ مَنْ تلزمه نفقته شرعًا من زوجاته وولده رقيقه وأمهات أولاده ومدبريه إلى ظن

ص: 13

يُسْرَتِه؛ لأنهم على ذلك عاملوه، بخلاف مستغرق الذَّمة بالمظالم والتبعات إذا فَلَّسَ فإنه يَتْرُك له إلاّّ ما يسدُّ به جوعته؛ لأن أهل الأموال لم يُعَاَملوا على ذلك اهـ. الخرشي بحذف.

قال رحمه الله تعالى: "وَالتَّلَفُ قَبْلَ الْبَيْع مِنْهُ وَبَعْدَهُ مِن الْغُرَمَاءِ" يعني إذا تلف مال المفلس بعد تفليسه ومَنعه من التصرُّف فيه وضقضبْلَ بَيْعِ الحاكم عليه للغراماء فالخسارة فيه من المفلس. أمَّا لو كان التَّلَفُ بعد البيع وقبل القسْم فمصيبته على الغرماء. قال ابن القاسم: في تَلَفِ مال موقوف للغائب ما يحتاج لبيعه فهو من المَدِين؛ لأنه على مِلْكِه يُباع، وما لا يحتاج إلى بَيْعِه فَمِنَ الغراماء. وعبارة الخرشي عند قول خليل: فإن تُلِفَ نصيب غائب، إلى أن قال: كعَيْنِ وَقْفٍ للغراماء لا عَرْض، يعني أن الحاكم إذا وَقَفَ مال المفلس أو مال الميت كلّه ليقضي منه ديونه فَتُلِفَ ذلك المال فالمشهور أنه إن كان عينًا ذهبًا أو فضّة فضمانه من الغرماء الحاضرين لتفريطهم في قسمة العين، إذ لا كلفة في قسْمِها؛ لأنها مهيّأة للقسْم. وأمَّا العَرْض إذا تَلَفَ فضمانه من المفلس أو من الميت لا من الغرماء. قال قبل ذلك: يعني أن الحاكم إذا قَسَمَ مال المفلس أو الميت بين غرمائه ثم إنه عَزَلَ نصيب شخص غائب فتُلِفَ بعد ذلك فإن مصيبته من الغائب اتفاقًا، والقاضي أو نائبه أمين فيه اهـ بتقديمز انظر حاشية العدوي في تعليل الشارح بتفريطهم في قسمة العين فراجِعْه إن شئت.

قال رحمه اللَّه تعالى: "وَلْيسّ لَهُم مُلازَمَتُهُ عَلَى الْبَاقي وَلَا إجَارَتُهُ" يعني إذا أخذ الغراماء ما بِيَدِ الغريم من المال ولم يَفِ بما عليه من الديون لا يلزمه أن يؤاجر نفسه ولا أن يكتسب ليؤدّي ما بقي عليه. قال الدردير في أقرب المسالك: ولا يلزم بتكسُّب وتسلّف، واستشفاع وعفو للدَّيَة، وانتزاع مال رقيقه، وما وهَبَه لولد اهـ. ومثله في المختصر قال مالك في المدوَّنة: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الحرَّ إذا فلسَ لا يؤاجَر. قال ابن القاسم: ولا يستعمل لقوله تعالى: "وَإِن كَانَ ذُو عُسرَةٍ فَنَظرَة إلى مَيسَرَةٍ"[البقرة: 280] قال الصاوي في حاشية على الدردير: قوله: ولا يلزم المفلس بتكسُّب، أي ولو عامله الغرماء على

ص: 14