الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
في الولاء
أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام الولاء بفتح الواو والمد من الولاية بفتح الواو، وهو من النسب والعَتْق، وأصله من الولي وهو القرب، والمراد هناولاية الإنعام والعَتْق، وسببه زوال المِلْك بالحريَّة، فمَنْ زال مِلْكه بالحرّية عن رقيق فهو مواله، وهي ولاية العَتْق، وحُكْمُها العصوبة وهي تفيد الميراتث للمُعْتَق لِمَن عَتَقَ لا تُباع ولا توهب؛ لان النبي صلى لله عليه وسلم نهى عن بَيْع الولاء وهِبَتِه، لأنه لحمة كلحمة النسب، ولذا قال رحمه الله تعالى:"وَالْوضلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ أَوْ عَتَقَ عَنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا يَصحُّ نَقْلُهُ" يعني أن الولاء لِمَن أعْتَق أو أعْتَقَ عنه. قال مالكف يالعبد يبتاع نفسه من سيَّده على أن يوالي مَنْ شاء: إن ذلك لا يجوز وإنَّما الولاء لَمَن أعتق، ولو أن رجلاً أذِن لمواله أن يوالي من شاء ما جاز ذلك؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الولاء لِمَن أعْتَق"، ونهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بَيْع الولاء وعن هِبَتِهِ، فإذا جاز لسيَّده يشترط ذلك له وأن يأذَن له أن يوالي مَنْ شَاء فتلك الهِبَة اهـ. ومَنْ أعْتَقَ عَبْدًا عن رجل فالولاء للرجل أي الذي أعْتَقَ عنه ولو بغير إذْنه؛ لأن التسرع يقدر دخوله في مِلك مَنْ أعْتَقَ عنه، وشرط كونه للمُعْتَق عنه كونه حرًّا مسلِمًا، أمّا إن كان رقيقًا فإن ولاء أعْتَقَ عنه لسيَّده، وإن كان كافرًا يكون ولاء الذي أعْتَقَ عنه مسلِماً للمسلمين، لأن الكافر لا ولاء له على مسلِم. اهـ. الرسالة بطرف من النفراوي.
ثم قال رحمه اللَّه تعالى: "وَلَيْسَ لِنَّسَاءِ مِنْهُ إِلَاّ مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعتَقْنَ أَوْ جَرَّه إليهن" يعني أنالنساء لا يَرِثْن ولاء موروثهن لكن يَرِثْنَ ولاء ما أعتقن وولاء من يجرُّ مَنْ أعْتَقَ قال في الرسالة: وولاءُ ما أعتقت المراة لها، وولاء من يجرُّ من ولدٍ أو عبدٍ أعتقته، ولا تَرِثُ خما أعتق غيرها من أبٍ أو ابن أو زوج أو غيره اهـ. قال خليل: ولا تَرُث
أُنثى إن لم تباشره بعَتْقٍ أو جرّه ولاء بولادة أو عتق. وقال فيها أي المدوَّنة: ولا يَرثُ النساء من الولاء إلاّ ما أعْتَقْنَ أو أعْتَقَ مَنْ أعْتَقْنَ أو ولد من أعْتَقْنَ من ولد الذكور ذكورًا كانوا أو إناثًا، ولا شيئ لهن في ولد البنت ذكراً كان أو أنثى فافْهَم ذلك اهـ. وفي القوانين: لا ينجز ميراث الولاء إلى المرأة، وإنَّما تَرِثُ بالولاء مَنْ أعْتَقَتْه أو مَنْ أعْتَقَتْ مَنْ أعْتَقَه إن عدم مَنْ أعْتَقَه أو ذرية مَنْ أعْتَقَه أو مَنْ أعْتَقَه مَنْ أعتَقَتْه لا مَنْ أعْتَقَه موروثها اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَالإرْثُ بِهِ لِلْعَصبَةِ فَيُقَدَّمُ الابْنُ عَلَى الأَبِ والأخِ وابْنُهُ عَلَى الْجَدَّ وَالْجَدُّ عَلَى الْعَمَّ ثُمَّ الأقْوَى فَالأقْوَى" يعني أن الإرث في الولاء للعصبة، وقد عقد العلاّمة ابن جزي في قوانينه فصْلاص في بيان ترتيب الموالي في الإرْث بالولاء فقال: المولى الأعلىهو مُعتِقُ العبد بأيَّ نوع من أنواع العَتْقِ أعْتَقَه أو مُعْتِقُ أبيه أو جدّه أو أمه وهو وارث المولى الأسفل العتيق ووارث أولاده وأحفاده ووارث كل من أعتقه العتيق أو مَنْ أعْتَقَه عتيق العتيق على الترتيب الذي نذكره، وذلك أنه إذامات عَبْدٌ بعد أن عُتِقَ فإن كان له عصبة ورثته عصبته دون مولاه، فإن لم تكن له عصبة ورثه مولاه، وهو المعتِقُ أو معتق المعتق في عدم المعتق فإذا انفرد أخذ المال كلَّه، وإن كان مع ذوي سهام أخذ ما يفصل عنهم فإن
كان المتوفّى حرًّا في الأصل غير عتيق كان الولاء لِمَن أعْتَقَ أباه، فغ، كان أبوه حرًّا غير عتيق كان الولاء لِمَن أعْتَقَ جدّه، وهكذا ما ارتفعوعلا، فإن لم يكن في آبائه عتيق لم يَرِثْه موالي أُمه إلَاّ إن كان منقطع لنسب كولد الزَّنا والمنفي باللَّعان أو كان آباؤه كفارًا فحينئذٍ يرثه موالي أُمه إن كانت مُعْتَقَة، فإن كانت حرّةً غير مُعْتَقَة كانالولاء لموالي أبيها، فإن لم يكن أبوها عتيقًا لم يَرِثْه موالي أُمها إلَاّ إن كانت هي منقطعة النسب. وهكذا ترتيب الموالي أبدًا فيما علا من الآباء والأُمّهات اهـ. قال النفراوي في الفواكه: والحاصل أنَّ أوْلَى الناس بميراث الولاء عند عدم القرابة المُعْتِق ثم أولاده
الذكور ثم بنوهم وإن نزلوا، والأعلى يحجب الأسفل، فإن عدم بنو المُعْتِق فأبوه، فإن عدم أبوه فإخوته الأشقاء ثم الذين للأب ثم بنو الإخوة الأشقاء ثم بنو الإخوة للأب ثم بنوهم وإن نزلوا، فإن استَوَتِ الدرجة فالشقيق أوْلَى، فإ، عدمت إخوة المُعتِق وبنوهم فجدّ المُعْتِق، فإن لم يكن جدّ فالأعمام، وهم في الترتيب كالإخوة، ثم بعد انقراض أقارب المُعتِق مُعْتِقُ المُعْتِق، فإن لم يوجد مُعْتِقُه انتقل الحُكْمُ لعصبة مُعْتِقه إن كان له استحقاق وإلَاّ كان للمسلمين، مثاله: لو أعتقت امرأةٌ عبدًا ولها ابن من زوج غير قريب لها فإذا ماتت المرأة كان ولاء مَنْ أعتقته لابنها، فإذا مات ابنها لم يَرِثْ ابنه ما أعْتَقَتْه أُمّه بالولاء عند الأئمة الأربعة، ويكون ميراثه للمسلمين وهو من جملتهم، وخبر: مَنْ مات عن حقّ فلوارثه، غير معروف، والمراد بالعاصب الذي يُرِثُ الولاء: العاصب بالنفس لا بغيره ولا مع غيره، فلا تَرِثُ الأمّ مع الأبِ ولا الأخت مع الأخ ولا الأبُ مع الابن ولا البنت مع الابن اهـ. فتأمّل.
قال رحمه الله تعالى: "وَوَلاءُ السَّائِبَةِ وَالمَنْبُوذِ والْمُعْتَقِ فِي الزكّاةِ لِلْمُسْلِمِينَ" وفي نسخة: السابية بدل السائبة، والأصحُّ ما قرَّرْناه، يعني أن ولاء السائبة وما عطفت عليه لجماعة المسلمين لا يختصُ به أحد عن أحدٍ؛ قال مالك في الموطَّأ: إن أحسن ما سُمِع في السائبة أنه لا يوالي أحدًا، وأنّ ميراثه للمسلمين وعقله عليهم. ومعنى السائبة: هو الذي قال له سيَّده: أنت سائبة أو سيبتك قاصدًا بذلك العَتْق، وكذلك لَفْظُ أنت حُرٌّ عن المسلمين يكون ميراثه لهم، وكما يرثنه يعقلون عنه ويلون عقد نكاحه إن كان أنثى ويحضنونه. اهـ. النفراوي بتصرف واختصار.
قال رحمه الله تعالى: "وَيَرْجِعُ وَلَاءُ الكَافِرِ يُسْلِمُ لِمَوْلَاه كالْمُكاتَبِ يَعْتِقُ ثُمَّ يَعْتِقُ بِأَدَاءٍ" يعني كما في الخرشي: أن الكافر إذا أعتق عبده ثم أسلمَ العبد فإنَّ ولاءه ينتقل للمسلمين من عصبة سيَّده النصراني، فإن أسلمّ سيَّدُه الذي
أعتقه بعد ذلك فإنّ الولاء يعود إليه. والمراد بعود الولاءِ هنا إنَّما هو الميراث فقط، وإلَاّ
فالولاء ثابت لا ينتقل؛ لأن الولاء كالنسب فكما لا تزول عنه الأبوّة إن أسلَم ولده فكذلك الولاء اهـ. ومثله في المدوَّنة انظر الموّاق. قوله: كالمكاتب تشبيه في رجوع الولاء لِمَن أعْتَقَ، يعني أنّ المكاتب إذا أعْتَقَ عَبْدَه قبل أداء ما عليه من الكتابة ثبت العَتْق، فإذا أدّى ما عليه من الكتابة وصار بذلك حُرًا رجع إليه ولاء الكتابة الذي عُتِقَ؛ لأن الولاء لَمَن أعْتَقَ بشرط الإسلام، ولذا نبَّه رحمه اللذَه تعالى فقال:"بِخِلاف الذَّمَّيَّ يَعْتِقُ مُسْلِمًا ثمَّ يُسْلِمُ وَالْعَبْدُ يُعْتَقُ ثُمَّ يَعْتِقُ والْمُوَالاةُ بَاطِلَةٌ" يعني أن الذَّمّي إذا أعْتَقَ مسلِمًا ثم أسلم الذَّمّي فلا يرجع الولاء إليه؛ لأن الولاء قد ثبت للمسلمين، ولا ينتقل إلى الذي أعتقه وإن أسلَم. قال مالك في الموجطَّأ في اليهودي والنصراني يسلِم عبدُ أحدهما فيعتقه قبل أن يُباع عليه: إنّ ولاء العبد المُعْتَق للمسلمي، وإن أسلَم اليهودي أو النصراني بعد ذلك لم يرجع إليه الولاء أبدًا. قال: ولكن إذا أعْتَق اليهودي أو النصراني بعد ذلك لم يرجع إليه الولاء أبدًا. قال: ولكن إذا أعْتَقَ اليهودي أو النصراني عَبْدًا على دينهما ثم أسلَم المُعْتَقُ قبل أن يُسلِم اليهودي أو النصراني الذي أعتقه ثم أسلَم الذي أعتقه رجع إليه الولاء؛ لأنه قد كان ثبت له الولاء يوم أعْتَقَه. قال مالك: وإن كان لليهودي أوالنصراني ولَدٌ مسلِمٌ وَرَثَ موالي أبيه اليهودي أوالنصراني إذا أسلَم المَوْلى المُعْتَقُ قبل أن يُسلِمَ الذي أعْتَقَه، وإن كان المُعْتَقُ حين أعْتَقَ مسلِمًا لم يكن لولد النصرانيَّ أو اليهوديَّ المسلمين منولاء العبد المسلِم شيئٌ، لأنه ليس للهوديَّ ولا للنصراني ولاءٌ فولاءُ العبد المُسِلم لجماعة المسلمين اهـ.".
قال رحمه اللذَه تعالى: "وَلَا يَجُرُّ الْوَلاءَ إِلَاّ أَبٌ أَوْ جَدٌّ كَمُعْتَقٍ وَلَدُهُ عَبْدٌ فَوَلاءُ أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِ أبِيهِ فَإذَا أَعْتَقَ جَرَّهُ إِلَى مَوَالِيهِ كالْعَبْد يَتَزَوَّجُ عَتِيقَة فَوَلَاءُ أَوْلَادِهَا لِمَوَالِيهَا فَإِذّا عَتَقَ أَبُوهُمْ جَرَّه لِمَوَاليه" هذه الجملة تقدَّم الكلام في معناها في إرث العصبة عند قول المصنَّف: والإرث به للعصبة وإلى ذلك أشار الإمام في الموطَّأ