الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الشفعة والقسمة
أي في بيان ما يتعلق بحكم كل منهما على حدته في جميع الأحكام. والشفعةلغة: الضم. وعُرْفًا: استحقاق شريك أخذ ما عاوض به شريكه من عقار بثمنه أو قيمة بصيغة. قال رحمه اللَّه تعالى: "وَهِيَ وَاجِبَةٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْعَقَار وَالرَّبَاع دُونَ الْمَنْقُولاتِ عَلَى قَدرِ حِصَصِهِمْ يعني كما في الدردير: فللشريك أو وكيله الأخذ جبرًا ولو ذميًا أو محبسًا ليحبس، والولي لمحجوره، والسلطان لبيت المال اهـ. قال في الرسالة: وإنما الشفعةفي المشاع، ولا شفعة فيما قد قُسِم، ولا لِجَارن ولا في طريقن ولا عرصة دار قد قسمت بيوتها، ولا في فحل نخل أو بئر إذا قسمت النخل أو الأرض. ولا شفعة إلا في الأرض وما يتصل بها من البناء والشجر اهـ. وفي ذلك قال رحمه الله تعالى: "وقارعة الدار والبئر وفحل النخل توابع، وفي الثمار المعلق روايتان كالحمام وبيت الرحى، لا بجوار ومسيل ماء، واستطراق ونحو ذلك" يعني الشفعة لا تكون في قارعة الدار أي ساحتها التي بين بيوتها، أو على جهة من جهاتها وهو المعروف بالحوض، ولا في بئر إذا قسمت الأرض، ومثلها فحل النخل؛ لأنها توابع. وفي الوقانين لابن جزي: واختلف في المذهب في الشفعة في الأشجار والثمار، فروي عن مالك روايتان:(قلت والأصح ثبوت الشفعة فيهما) وبالمنع قال الشافعي وأبو حنيفة. واختلف أيضًاغ فيما لا يقسم من العقار كالحمام وشبهه، وفي الدين والكراء. ولا شفعة في الحيوان والعروض عند الجمهور. اهـ.
قال رحمه الله تعالى: "ويستقل أهل الخير من الورثة بالشركة، فإذا باع أحدهم فلأهل حيزه، فإن باعوا فللحيز الآخر، فإن باعوا فللعصبة، فإن باع بعضهم للجميع دون الشركاء الأجانب" يعني أنه أشار بمراتب الشركاء
الورثة الذين استحقوا الأخذ بالشفعة على قدر مراتبهم. قال خليل: وقدم مشاركه في السهم، وإن كانت لأب أخذت سدسًا. قال الشارح: المشهور كما في المدونة أن الشريك الأخص وهو المشارك في السهم يقدم على الشريك الأعم، ويختص بالشفعة. فإذا مات إنسان وترك ورثة كزوجتين، وجدتين، وأختين لغير أم، أو عاصبًا وزوجتين، وما أشبه ذلك، فإن باعت إحدى الزوجتين أو إحدى الجدتين نصيبها من العقار فإ، الزوجة أو الجدة تختص بالشفعة دون غيرها، لأنها هي المشاركة في السهم، [30][31] وكذلك إذا باعت إحدى الأختين، فإن الأخت تختص بالشفعة دون غيرها، لأنها هي المشاركة في السهم، وإن كان المشارك في السهم أختًا لأب أو بنت ابْن أخذت كلّ منهما السُّدْس، فيقدَّمان على غير المشارك حيث باعت الشقيقة أو البنت. قال فيها: ومَنْ مات وترك أختًا شقيقة، وأختَيْن لأبٍ، فأخذت الشقيقة النَصْف، والأختان للأبِ السُّدس تكملة الثُّلُثَيْن، فباعت إحدى الأختَيْن للأب فإن الشُّفْعة بين الأخت التي للأبد وبين الشقيقة، إذ هما أهل سهم واحد، ولا دخول لبقية الوَرَثَة معهما. وعن أشهب: أن التي للأب أَوْلى به قال اللخمي: وهذا أحسن، ولو كانت التي للأب واحدة فباعت الشقيقة فإن التي للأب تختصُ بنصيبها، وإنَّما بالغ على الأخت للأب دون الأخت الشقيقة والأختَيْن للأبِ إذا باعت إحداهما مع أنه يتوهَّم هنا أيضًا عدم دخول الشقيقة على التي للأب؛ لأن الشقيقة هي الأصل فلا يتوهَّم فيها عدم دخول الشقيقة على التي للأب؛ لأن الشقيقة هي الأصل فلا يتوهَّم فيها عدم الدخول كما في الأخت للأبِ؛ لأنها مكملة فهي أضعف، فلذلك اعتنى بشأن ما ذَكَرَه وتَرَكَ هذا اهـ. الخرشي. وفي الموّاق: قال ابن شاس: إن كان في الشركاء مَنْ له شِرْكٌ أخصُّ من غيره من الأشراك فهو أحقُّ بالشُّفْعة وأَوْلَى من غير ممَّن له شِرْكٌ أعمّ، وذلك كأهل المورث الواحد يتشافعون بينهم دون الشركاء الأجانب، ثم أهل السهم الواحد أَوْلَى من بقية أهل الميراث. وبالجملة فكلُّ صاحب شِرْكٍ أخصُّ فهو أحقُّ بالشُّفْعة إلَاّ أن يسلم فيشفع صاحب الَّرْكِ الذي يَليه، أعني الذي هنو أعمُّ منه، فإن سلَّم
الآخر شَفَعَ مَنْ هو أبعد منه. وانظر لو باع الشفيع شُفعته من المبتاع أو وَهَبَها له على مذهب المذوَّنة أنه لا فرقَ بين ذلك وبين التسليم في كل الأوجه. الشُّفْعة ثابتة للأبعد اهـ.
قال الحطاب: تنبيه: أمَّا العصبة فكلُّهم سواء ولو كان بعضهم شقيقًا لبعض. قال في أوَّل الشُّفْعة أي من المدوَّنة: ومَنْ هلك وترك ثلاثة بنين اثنان منهم شقيقان والآخر لأب وترك بينهم دارًا فباع أحد الشقيقَيْن حِصَّته قبل القسمة فالشُّفْعة بين الشقيق الأخ للأب سواء؛ إذ بالنبوّة ورثوا، ولا ينظر إلى الأقعد بالبائع، ولو وُلِدَ وَوَدّ لأحدهم ثم مات فباع بعضه ولده حصته فبقية ولده أحقُّ بالشُّفْعة من أعمامهم: لأنهم أهل مورث ثانٍ، فإذا سلَّموا فالشُّفْعة لأعمامهم، وإن باع أحد الأعمام فالشُّفعة لبقية الأعمام مع بني أخيهم لدخولهم مدخل أبيهم. وإن ترك ابنتَيْن وعصبة فباعت إحدى الابنتَيْن فأختها أحقُّ بالشُّفْعة من العصبة؛ لأنهما أهل سهم، فإذا سلمت فالعصبة أحقُّ مِمَّنْ شركهم بمِلْك. ولو باع أحد العصبة فالشُّفْعة لبقية العصبة والبنات كذلك الأخوات مع البنات حُكْمُ العصبة؛ لأن العصبة ليس لهم فَرْضٌ مسمّى اهـ راجع المدوَّنة إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: "فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بمِثْل الْمثْلي، فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلاً فإلَى مِثلِ أجَلِهِ إِنْ كَانَ مَليًّا أَوُ مُخَالِعًا بِهِ وَعوِضِ دّم عَمْدٍ وأَرْش حَيَاتِهِ، وَفِي الخَطْأ بِالدَّيَة" يعني كما قال ابن القاسم في المدونة: مَن نَكَح أو خَالَعَ أَو صَاَلَحَ من دمٍ عَمْد على شِقْص فيه الشُّفْعة بقيمته يوم العقد؛ إذ لا ثَمَنَ معلوم لِعَوضِه يريد، ولا يجوز الاستشفاع إلا بعد المعرفة بقيمته. قال ابن القاسم: وإن أخذ الشَّقْص عن دم خطأ ففيه الشُّفْعة بالدَّية، فإن كانت العاقلة أهل إبل أخذه بقيمة الإبل، وإن كانت أهل ذهب أخذه بذهب ينجم ذلك على الشفيع كالتنجيم على العاقلة اهـ. نَقَلَه الموّاق.
وعبارة ابن جزي في القواني أنه قال: فإذا وجبت الشُّفْعة لشريك وقام بها فإنه
يأخذ الحظ المشفوع فيه بالثمن الذي صار به للمشفوع عليه، فإِن كان حالاً على المشفوع عليه حلَّ على الشفيع، وإن كان مؤجَّلاً على المشفوع عليه أجَّل على الشفيع، وإن لم يأخذه المشفوع عليه بثمن معلوم كدَفْعِه في مَهْرٍ أو صُلْح أخذه الشفيع بقيمته اهـ. انظر شراح خليل.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَلَا شُفْعَةَ فِي مَوْرُوثٍ" يعني لا شفعة في شيئ موروث بعد القِسْم، فإذا وقعت الحدود بينهم فلا شفعة فيه، وتقدَّم قول صاحب الرسالة: وإنَّما الشفعة في المشاع ولا شُفْعة فيما قد قُسِم. قال مالك في الموطأ: والشُّفْعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال الحيّ، فإن خَشِيَ أهل الميت أن ينكسر مال الميت قَسَموه ثم باعوه فليس عليهم فيه شُفْعة اهـ. قال خليل عاطفًا على ما لا شُفْعة فيه: وإرثٌ وهِبَةٌ بلا ثواب، أي لا شُفْعة في شِقْص موروث وال بِهبَة بِلا ثواب. قال ابن عرفة: نَقَلَ غير واحد الاتفاق على نَفْيِ الشُّفْعّة في الميراث اهـ. نَقَلَه الموّاق، انظر الخرشي.
ثم قال رحمه الله تعالى: "وَالظَّاهِرُ إِلْحَاقُ المَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدَّق بِه" قال مالك: مَنْ وهب شِقْصًا في دار أو أرض مشتركة فأثاب الموهوب له بهذا نَقْدًا أو عَرْضًا فإن الشركاء يأخذونها بالشُّفْعة إن شاؤوا ويدفعون إلى الموهوب له قيمة مثوبته دنانير أو دراهم. قال مالك: مَنْ وَهَبَ هِبَة في دار أو أرض مشتركة فلم يثبت منها ولم يطلبها فأراد شريكه أن يأخذها بقيمتها فليس ذلك له ما لم يُثَبْ عليها، فإن أثيب فهو للشفيع بقيمة الثواب اهـ. قاله في الموطَّأ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَإِذَا تَرَكَ الشُّرَكَاءُ شُفْعَتَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِي أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ بَلْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكُ، كَتَعَددِ المشفوع وَاتَّحَاد الشَّفيع" يعني كما قال مالك في الموطَّا في نَفَرٍ شركاء في دار واحدة فباع أحدهم حِصَّته وشركاؤه غُيَّب كلُّهم
إلَاّ رجلاً فعرض على الحاضر أن يأخذ بالشفعة أو يترك فقال: أنا آخذ بحِصَّتي وأترك حِصَصَ شركائي
حتى يُقدِموا، فإن أخذوا فذلك، وإن تركوا أخذت جميع الشفعة قال مالك: ليس له إلَاّ أن يأخذ ذلك كلَّه أو يترك، فإن جاء شركاؤه أخذوا منه أن يتركون إن شاؤوا، فإذا عرض هذا عليه فلم يقبله فلا أرى له شُفْعة اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَإِذَا قَدِمَ غَائِبٌ فَلَهُ الأَخذُ" قال مالك: لا تقطع شُفْعة الغائب غيبتُه وإن طالت غيبته، وليس في ذلك عندنا حدُّ تقطع إليه الشُّفْعة اهـ. وسيأتي قول المصنَّف: والغائب على شُفْعته حتى يُعلَم تَركْه وإن طال. قال في الرسالة: والغائب على شُفْعَتِه وإن طالت غيبته. قال شارحها: أو عَلِمَ ببيع شريكه زمن غيبته، ومثل ذلك لو لم يعلم ببيع حِصَّة شريكه حتى غاب فإنه يستمر على شفعته ولو طالت غيبته، فإذا رجع بعد غيبته كان حُكْمُه حُكْمَ الحاضر العالم بالبيع فتسقط شُفْعَته بعد سنة وما قاربها من يوم قدومه. قال الصاوي في حاشيته على الدردير: فالحاضر يُحْسَبُ له سنة بعد العِلْم، والغائب يُحْسَبُ له سنة بعد القدوم والعِلْم. والظاهر كان على مسافة بعيدة أو قريبة على ظاهر كلام ابن القاسم، وقيَّدها أشهب بالبعيدة، وأمَّ القريبة التي لا كلفة عليه فيها فكالحاضر وهو الجاري على قولهم: والقريب كالحاضر، وأمَّا لو كان حضرًا بالبلد يوم البيع وعَلِمَ ببَيْع شريكه وغاب بعد علمه وقَبْلَ أخْذِهِ بالشُّفْعة فإنه بمنزلة الحاضر الذي لم يَغِبْ تسقط شفعته بمضيَّ السنة وما قاربها، إلَاّ أن يحلف أنه لم يَغِبْ إلَاّ لِظَنَّه الرجوع قبل انقضاء السنة فإنه يستمر على شُفْعَته ولو طالت غيبته. قال خليل: كأن عَلِمَ فغاب إلَاّ أن يظنَّ الأوْبَة قبلها فعِيقَ وحَلَفَ إن بعد. فتلخَّص أن غيبة الشفيع على ثلاثة أقسام: قبل البيع، وبعده من غير عِلْ، فهو على شُفْعَته فيهما مطلقًا بعد البيع والعِلْم يكون كالحاضر، إلَاّ أن يدَّعي أنه سافر ليرجع سريعًا فعِيقَ اهـ النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: "وَفِي تَعَدُّدِ الصَّفَقَاتِ يَأْخُذُ بِأيَّهَا شَاءَ ويَبْطُلُ مَا بَعْدَهَا وَيُنَزَّلُ الْوَارِثُ مَنْزلَةَ مَوْرُوثِهِ" يعني أن الشفيع يأخذ بأي صفقة شاء إذا تعددت ويبطل
ما بعد مأخوذه بشرطين: عدم حضوره للبيع وعدم علمه به، فإن حضر ذلك أو علم لا يأخذ إلا الأخيرة كما في الخرشي، قال الصاوي في حاشيته على الدردير: حاصله أن محل كون الشفيع يأخذ بأي بيع شاء إذا تعددت البياعات إذا لم يَعْلَم بتعددِها، أو عَلِمَ وهو غائب. وأمَّا إذا عَلِمَ بها وكان حاضرًا فإنَّما يأخذ بالأخير؛ لأن سكوته مع عِلْمِه بتعدُّد البيع دليل على رضاه بشركة ما عدا الأخير، لكن يفوز المشتري بالغَلّة كالكِراء اهـ. بتوضيح. ومثله في الدردير. قال خليل: ويأخذ بأي بَيْعٍ شاء وعُهْدَتُه عليه، ونَقَضَ ما بعده وله غَلَّته. قال شارحه: يعني أن [3/ 33/]
البيع إذا تكرر في الشقص فإن الشفيع يأخذ بأي بَيْع شاء وعُهْدَتُه وهي ضمان الشقص من العيب والاستحقاق على مَنْ أخذ بِبيْعِهِ من المشترين، ويدفع الثمن لِمَنْ بيَده الشقص، فغ، اتفق الثمان فلا إشكال، وإن اختلفا فإن كان الأول أكثر كما إذا كان عشرين مثلاً والأخيرة عشرة فإن أخذ بالأول دَفَعَ للأخير عشرة ويدفع العشرة الأخرى للأول، وإن كان بالعكس دفع له عشرة ويجرع على بائعه اهـ الخرشي بحذف. قوله: وينزل الوارث منزلة موروثه، يعني إذا مات الموروث نزل وارثه منزلته في الأخْذِ بالشُّفْعة أن التَّرْك، أو دَفْعِها للشفيع أو غير ذلك من الحقوق، إلَاّ ما استُثْنِيَ من ذلك في بعض الأحوال فلا يكون الوارث بمنزلة الموروث فتأمَّل.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ فِي الاسْتِحْقَاقِ عَلَيْهِ" يعني كما في الرسالة، ونصُّها: وعُهْدَةُ الشفيع على المشتري. والمعنى أن الشَّقْص إذا استحقَّ من يَدِ الشفيع، أو ظهر به عيب يوجب الرَّدَ، فإنه يرجع بثمنه على المشتري كما يردُّه بالعيب عليه، كمشتري سِلْعة لم يعْلَم صِحّة مِلكِ بائعها فتستحقُّ منه، فإنه يرجع بثمنها على بائعها ويردُّها عليه بالعيب الذي لم يَعْلَم به حين الشراء، فالمراد بالعُهْدَة رجوع الشفيع على المشتري بالثمن عند الردّّ بالعيب ودَرْكِ الاستحقاق، أي لُحُوقِهِ؛ لأن الدَّرْك هو اللحوق، اهـ. النفراوي باختصار.
قال رحمه الله تعالى: "وَتَسْقُطُ بإِسْقَاطِهَا بَعْدَ استِحْقَاقِهَا لَا قَبْلَهُ وَبِشِرَائِهِ واسْتئْجاره لا بِشَهَادَتِهِ فِي الْعَقْدِ وعالإِقَالَةِ وَبَيْع الشَّقْصِ المُسْتَشْفَع بِهِ بَعْدَ ثُبُتِهَا" هذا شروع فميا تسقط به الشفعة، وذكر بعض ما لا تسقط به الذي يُظَنُّ به الإسقاط، من ذلك أن الشُّفْعة تسقط بإسقاطها، وبشراء الشقْص المشفوع فيه واستئجاره، وبتنازعهما في سَبْقِ المِلْك، كادَّعاء كلَّ استحقاق الشُّفْعة ولم يكن لأحدهما بيَنة، وحلفًا معًا أو نَكلا إلَاّ أَن أن يحْلِفَ أحدهما مع نكول الآخر فالقول للحالف وله الشُّفْعة، ومن ذلك طلب المقاسمة ولو لم يَقْسِمْ بالفعل، وإذا طلب الشفيع المقاسمة من المشتري سقطت شُفْعَتُه، وأحرى إذا قسم بالفعل. قال خليل: وسقطت إن قَاسَمَ أو اشترى أو ساوَمَ أو ساقى أو استأجر أو باع حصَّته أو سكت بهدم أو بناء، أو شهرَيْن إن حضر العقد وإلَاّ سنة لا أقل، ولو حضر وكتب شهادة على الأرجح اهـ. بتوضيح من الدردير.
تنبيه: وقول خليل: إن حضر العقد وإلَاّ سنة قال الموّاق: انظر هذه العبارة ما ما يتقرر من المدوَّنة. قال مالك: الشفيع على شُفْعَتِه حتى يترك أو يأتي من طول الزمان ما يُعْلَم أنه تارك لشُفْعَتِه، وإذا عَلِم بالشراء فلم يطلب شُفْعضتَه سنة فلا يقطع ذلك شُفْعَتَه، وإن كان قد كتب شهادته في الشراء، ولم يَرَ مالك التسعة
الأشهر ولا السنة بكثير إن تباعد هكذا يحْلِفُ ما كان وقوفه تَرْكًا لشُفْعَتِه. قال ابن المواز عن مالك: يَخْلِف في خمسة أشهر فأكثر، ولا يَحِلُّ في شهرَيْن. وأمَّا إذا حضر الشراء وكَتَبَ شهادته ثم قام بعد عشرة أيام فأشدّ ما عليه أن يَحْلِفَ ما كان ذلك منه تَرْكًا لشُفْعَتِه ويأخذها. قال مالك: إذا جاوز السنة بما يعد تاركًا فلا شُفْعَة له انتهى نصُّ ابن يونس، نَقَلَه الموّاق، انظر بقية المسقطات للشُّفْعة وغير المسقطات في شراح خليل وغيرها.
قال رحمه الله تعالى: "وَالصَّحِيحُ أنَّ الْحَاضِرَ عَلَى شُفْعَتِهِ إِلى سَنَةٍ والمُشْتَرِي مُرَافَعَتُهُ لِيَأْخُذ أَوْ يَتْرُكَ" يعني أن الحاضر الساكت على شُفْعَتِهِ على الصحيح من
الأقوال إلى تمام السنة بعد العِلْم. قال الصاوي: قال في الأصل والمعوَّل عليه وهو مذهب المدوَّنة أنها أي الشُّفْعة لا ستقط إلَاّ بمضيَّ سنة وما قاربها كشَهْرٍ بعدها مطلقًا ولو كتب شهادته في الوثيقة اهـ. قال في الرسالة: ولا شُفْعَة للحاضر بعد السنة اهـ. قال مالك في الموطأ: ومَن اشترى أرضًا فيها شُفْعَة لناس حضور فليرفعهم إلى السلطان فإمّا أن يستحقّوا وإمَّا أن يسلم له السلطان، فإن تَرَكَهُم فلَمْ يَرْفَعْ أمْرَهُم إلى السلطان وقد عَلِموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه ثم جاؤوا يطلبون شُفْعَتَهم فلا أرى ذلك لهم اهز قال الزرقاني في شرحه على الموطأ: والطول بسنة وما قاربها كما في المدوَّنة. وفي أنه الشهر والشهران أو ثلاثة أشهر أو أربعة خِلاف واللَّه سبحانه وتعالى أعْلَم اهـ. قد عَلِمْتَ ممَّ تقدَّم أن الرفع إلى السلطان إنَّما يكون قبل تمام السنة، وأمَّا بعدها فليس له قيام بذلك إلَاّ ما قَرُبَ منها كشَهْر كما هو المنصوص.
قال رحمه الله تعالى: "وَالْغَائِبُ عَلَى شُفْعَتِهِ حتَّى يُعْلَمَ تَرْكُهُ وَإِنْ طَال" يعني أن الغائب على شُفْعَتِه حتى يَعْلَمَ أنه ترك الأخذ وإن طالت غيبته كما تقدَّم الكلام فيه عند قوله: وإذا قَدِم غائب فَلَهُ الأخْذُ فراجِعْه إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: "وَلَه أَخْذُ الْغَرسِ والْبِنَاءِ بِقيمَتِهِ قَائمًا" يعني أن الغائب إذا رجع من سفره فوجد شريكه قد باع الشَّقْص المشترك فيه وغرس فيه المشتري غَرْسًا أو بنى عليه بناء وثبتت شُفْعَتُه فإنه يأخذ ذلك الغَرْس أو البنا بقيمته قائمًا. قال الخرشي: يعني أن المشتري إذا هدم الشَّقْص وبناه ثم قام الشفيع فإنه يأخذه بالشُّفْعة بقيمة البناء قائمًا يوم الأخذ بالشفعة؛ لأن المبتاع هو الذي أحدث البناء وهو غير متعدَّ به، والأخذ بالشُّفْعة كالشتراء، ويدفع أيضًا للمشتري ما يخصُ العَرْصَة من الثمن الذي دفعه المشتري للبائع، وبوضع عن الشفيع ما يقابل النُّقض من الثمن يوم الشراء، بأن يقال: ما قيمة العَرْصَة بال بناء؟ وما قيمة النقض
مهدومًا؟ ويفضُّ الثمن عليهما، فما قابل العَرْصَة من ذلك فإنه يدفعه