الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقوله: الأمر المجتمع علهي عندنا في ولد العبد من امرأةٍ حرّة وأبو العبد حرٌّ أنّ الجدّ أبا العبد يجرُّ ولاءَ ولد أبنائه الأحرار مِن امرأةٍ حُرَّةٍ يرثهم ما دام أبوهم عَبْدَا، فإن عتَقَ أبوهم رجع الولاء إلى مواليه، وإن مات وهو عبدٌ كان الميراثُ والولاءُ للجدّ، وإن كانالعبد له ابنان حرّان فمات أحدهما وأبوه عبدٌ جَرَّ الجدّ أبو الأبِ الولاء والميراث اهـ. فراجِعْه في إرْثِ العصبة إن شئت.
ولمَّا أنهى الكلام على ما تعلَّق بأحكام الولاء ومامعه من المسائل انتقل يتكلم على الكتابة وممّا يتعلَّق باحكامها فقال رحمه اللَّه تعالى:
فَصْلٌ
في الكتابة
أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام الكتابة وهي مشتقة من الكتاب بمعنى الأجَل؛ قال تعالى: كِتَابًا مُّؤَجَّلاً [آل عمران: 145] أي مضروبًا، وقوله: إلَاّ ولَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ [الحجر: 4] أي أجَل مقدَّر، أو من الكَتب بمعنى الإلزام؛ لقوله تعالى: كُتِبَ عَلَيكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذينَ مِن قَبلِكُمْ [البقرة: 183] وكَتَبَ رَبُّكُم عَلَى نلَفسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام: 12]. ويقال في المصدر: كتاب وكتابة وكتبة ومكاتبة، قال تعالى: والَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [النور: 33]، والأمر فيها للندب أو الجواز، وعرَّفها ابن عرفة بقوله: هي عَتْقٌ على مالٍ مؤجلَّل من العبد موقوفٌ على أدائه. اهـ. الخرشي. ومثله في حاشية الصاوي على الدردير. وقد دلَّ على مشروعيتها الكتاب والسنّة وإجماع الأمّة، أمَّا الكتاب فقوله تعالى في تنزيله: فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وأمَّا السنّة فقوله صلى الله عليه وسلم: "المكاتب عَبْدٌ ما بقي عليه درهم" وفي رواية: "ما بقي عليه شيئ". وأمَّا الإجماع فقد انعقدت الأمّة على جوازها بل على ندبها. قال خليل: ندب مكاتبة أهل التبرُّع وحط جزءٍ آخر ولم يُجْبَر العبد عليها اهـ. وفي الرسالة: والكتابة جائزة على ما رَضِيَه العبد
والسيَّد من المال منجَّمًا، قلَّت النجوم أو كرَت، فإن عجز رجع رقيقًا وحلَّ له ما أُخِذَ منه، ولا يعجَّزه إلَاّ السلطان بعد التلوُّم إذا امتنع من التعجيز اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "الْكِتَابَةُ بَيْعُ السَّيِّد عَبْدَهُ مِن نَفْسِهِ بِمَالٍ مُنجَّم يُؤَدِيهِ عَلَى نَجْمِه فَإِنْ عَجَّلَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَيُرَقُّ بِعَجْزِهِ وَلَوْ بَقِيَ دِرْهَمٌ: يعني أن الكتابةً بَيْعٌ بعِوَضٍ مؤَجّل إلى أجِلِه فإن عجَّله العبد لزم على السَّيد قبوله، وإن عجز عن الأداء ولو درهمًا واحدًا عجَّزه الحاكم بعد التلوّم؛ وذلم لِما ثبت ف يالصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المكاتب عَبْدٌ ما بقي عليه درهم" رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عند جدّه مرفوعًا. ورواه مالك في الموطَّأ عن نافع عن عبد الله بن عمر بلفظ: المكاتب عَبْدٌ ما بقي من كتابته شيئٌ. وأركانها أربعة، قال ابن جزي: وهي المكاتَب بالفتح والمكاتِب بالكسر والعِوَض والصيغة؛ وذلك أنّ معنى الكتابةش راء العبد نفسه من سيَّده بمالٍ يكسبه العبد، فالسيَّد كالبائع والعبد كالمشتري ورقبته كالثمن والمال الثمن، فأمَّا السيَّد فهو كل مالك صحيح غير محجور اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَلَا يُجْبَرُ السَّيَّدُ عَلَيْهَا:" يعني أن السَّيد لا يُجْبَرُ على أن يكاتب عبده؛ لأن الكتابة ليست بواجبة على المشهور، والغاية أنها مندوبة أو جائزة، ولا يُجْبَر أحد على فِعْلِ واحدة منهما. قال مالكٌ: الأمر عندنا أنه ليس
على سيَّد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع أن أحدًا من الأئمة أَكْرَهَ رجلاً على أن يكاتب عَبْدَه، وقد سمعتُ بعض أهل العِلْم إذا سُئل عن ذلك فقيل له: إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول: فكاتِبُوهم إن عَلِمْتم فيهم خيرًا، يتلوهاتين الآيتَيْن: وإذا حللتم فاصطادوا. فإذا قَضِيَتِ الصلاةُ فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله. قال مالكٌ: وإنَّما ذلك أمرٌ أذِن اللَّه عز وجل فيه للناس، وليس بواجب عليهم اهـ. الموطَّأ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَهَلْ لَهُ إِجْبَارُ عَبْدِه فيهِ خِلَافٌ" يعني أختلف أئمّتنا هل للسيَّد جَبْرُ عَبْدِه على الكتابة؟ قال ابن ناجي في شرحه على الرسالة: ظاهر كلام الشيخ أن السيَّد لا يُجْبِر عَبْدَه على الكتابة، وهو كذلك على لمشهور. قال النفراوي: وقول المصنَلّف على ما رَضِيَه العبد والسيَّد إشارة إلى أن العبد لا يُدْبَر على الكتابة هو مشهور المذهب، وصدر به خليل حيث قال: ولم يُجْبَر العبد عليها. قال الخرشي: المشهور من المذهب أنّ العبد لا يُجْبِرُه سيَّده على الكتابة، نُصَّ عليه في الجلاب، وأخَذَ الجَبْرَ عليها من المدوَّنة، وإليه أشار بقوله: والمأخوذ منها الجَبْر، قال زروق: ولو طلب السيَّد جَبْرَ عَبْده على الكتابة فقال إسماعيل القاضي: له جَبْرُه وهو الآتي على ما في المدوَّنة، قال ابن رشد: اختلف في ذلك قول ابن القاسم: وعلى الدَبْرَ فترجع المراضاة للمقدار. ونصُّ ما رُوِي عن مالك ممَّا يدلُّ على الجَبْرَ قولها: ومن كاتب عَبْدَه على نفسه وعلى عَبْدٍ له غائب لزم العبد الغائب وإن كُرِه؛ لأن هذا يؤّدَّ عنه. قال النفراوي: وسبب الخلاف كون الكتابة من باب البيع فلا يُجْبَرُ عليها العبد أو من باب العَتْقِ فيُجْبَر اهـ. واللَّه أعلَم.
قال رحمه الله تعالى: "وَيُكْرَهُ كِتَابَةُ أَمَةِ لَا كَسْبَ لَهَا" يعني واختلف ائمّتنا في المذهب في كراهة كتابة الأمَة التي لا مال لها ولا كَسْبَ ومثلهاالصغير. وفي المدوَّنة: تجوز كتابة الصغير ومَنْ لا حِرْفة له وإن كان يسأل. وقال غيره. لا تجوز كتابة الصبي إلَاّ أن تفوت بالأداء أو يكون بيده ما يؤدّي منه فيأخذه منه ولا يُتْرَك له، وكَرِهَ مالك كتابة أمَة لا كَسْبَ لها؛ لأنها تضيع نفسها أو يؤدّي ذلك لأمر آخر اهـ. نَقَله زروق في شرحه على الرسالة. وفي القوانين: واختُلِفَ في الصغير الضعيف عن الأداء هل يكاتب أم لا؟ وكذلك الأمَة التي لا صنعة لها اهـ. قال النفراوي: وأمّا الصغير الذي لا ماله له ولا قدرة له على الأداء ففيه خلاف بين ابن القاسم وأشهب: فعند ابن لاقاسم: لا بأس بكتابته، وعند أشهب: تمنع كتابته وتُفْسَخ إلَاّ أن تفوت بالأداء. والمعتمد الأوّل
كما قدّمنا وإليه ذهب خليل عاطفًا على الجواز بقوله: ومكاتبة أمَةٍ وصغير وإن بلا مَالٍ وكَسبٍ اهـ. ومثله في الدردير.
قال رحمه الله تعالى: "وَلِلْمكاتِبِ كَسْبُهُ وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَاله
ولا يعجزه ولا يطأ مكاتبة، فإن حملت خيرت بين بقائها مكاتبة وفسخها، وتصير أم ولد)، يعني كما في القوانين: والمكاتب في تصرفه كالحر، إلا فيما تبرع، فلا ينفذ عتقه ولا هبته، ولا يتزوج بغير إذن سيده، وله التسري بغير إذنه. اهـ.
وفي الرسالة: وليس للمكاتب عتق ولا إتلاف ماله حتى يعتق، ولا يتزوج ولا يسافر السفر البعيد بغير إذن سيده. قال شارحها: ومفهوم العتق وما معه أنه لا يمنع من التصرفات المالية، ولذا قال العلامة خليل: وللمكاتب بلا إذن بيع وشراء ومشاركة ومقارضة ومكاتبة واستخلاف عاقد لأمته وإسلامها أو فداؤها إن جنت بالنظر، وسفر لا يحل فيه نجم وإقرار في ذمته وإسقاط شفعته لا عتق وإن قريبًا، وهبة وصدقة وتزوج وإقرار بجناية خطأ أو سفر بعد إلا بإذن، وإنما نص خليل على تلك الجزئيات جوازًا ومنعًا رفقًا بالمفتي. والضباط في ذلك: أن تقول: وللمكاتب التصرف بغير تبرع، ولذا قال ابن الحاجب: وتصرف المكاتب كالحر إلا في التبرع؛ لأنه مظنة لعجزه. اهـ. النفراوي. هذا معنى قوله: وللمكاتب كسب هذا وهو ظاهر؛ لأنه أحرز نفسه وماله، وليس للسيد انتزاع ماله كما تقدم، ولا تعجيزه ولا وطؤها إن كانت مكاتبة.
وفي الرسالة: وليس له وطء مكاتبته. قال: سواء قلنا: إن الكتابة بيع أو عتق؛ لأنها حررت نفسها ومالها، فإن تعدى ووطئ أدب ولا حد عليه للشبهة، وإنما يؤدب إذا كان عالمًا بحرمة الوطء لا إن كان جاهلاً أو غالطًا. قال خليل: وأدب إن وطئ بلا مهر وعليه نقص المكرهة، وذلك فيما إذا كانت بكرًا لا إن كانت ثيبًا، وإن حملت خيرت في البقاء وأمومة الولد إلا لضعفاء معها أو أقوياء لم يرضوا، وحط حصتها إن اختارت الأمومة، وإن اختارت البقاء على كتابتها فهي
مستولدة ومكاتبة، ونفقة حملها على سيدها كالمبتوتة، ثم إن أدت النجوم عتقت وإلا عتقت بموت سيدها من رأس المال. اهـ. النفراوي. قال مالك في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار إن شاءت كانت أم ولد وإن شاءت أقرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها. اهـ. الموطأ.
قال رحمه الله تعالى: (وله بيع الكتابة من أجنبي والنقد بعوض وبعكسه معجلاً ومن المكاتب كيف شاء، وهو أحق بها لا بيع نجم، وفي الجزء خلاف)، يعني كما في القوانين قال في المسألة الرابعة: لا يصح بيع رقبة المكاتب ولا انتزاع ماله، ويجوز بيع كتابته، خلافًا للشافعي، وعلى المذهب يبقى مكاتبًا، فإن وفى عتق وولاؤه لبائعها لا لمشتريها، وإن عجز أرقه مشتريها، ويشترط في ثمنها التعجيل؛ لئلا يكون بيع دين بدين. والمخالفة لجنس ما عقدت الكتابة به لئلا يكون ربًا. اهـ. أما لو وقع شراء الكتابة من المكاتب نفسه لجاز ذلك كيف شاء، وهو
أحق بشرائها من الأجنبي. قال خليل عاطفًا على الجائزات: وبيع كتابة أو جزء لا نجم، فإن وفى فالولاء للأول وإلا رق للمشتري. انظر الخرشي.
قال رحمه الله تعالى: (فإذا أدى إلى مبتاعها عتق وولاؤه لسيده وإلا رق لمبتاعها كالموهوب والموصى له بها)، يعني فإذا أدى المكاتب ما عليه من النجوم لمشتريها عتق وولاؤه لبائعه وإلا رجع رقيقًا لمشتريها. قال في المدونة: لا بأس ببيع كتابة المكاتب، إن كانت عينًا فبعرض نقدًا، وإن كانت نقدًا فبعرض مخالف أو بعين نقدًا، وما تأخر كان دينًا بدين. قال عبد الوهاب: هذا إن باعها من غير العبد، وأما إن باعها منه فذلك جائز على كل حال، فإن باعها من غير العبد فإن وفى العبد فولاؤه لبائع الكتابة، وإن عجز رق لمشتريها. اهـ.
قال رحمه الله تعالى: (ويستحب أن يضع عنه شيئًا من آخرها، فإذا أعتق
تبعه ماله وولده الحادث أو المشترط فيها وأمته الحامل دون جنينها)، يعني أنه يستحب لمن كاتب عبده أن يضع عنه شيئًا منها، وأن يكون الوضع في آخر النجم منها على الاستحباب. قال المواق من المدونة والموطأ: قال مالك في قوله تعالى: {وآتوهم من مال الله الذي أتاكم} [النور: 33]: هو أن يضع عن المكاتب من آخر كتابته شيئًا. وقال أبو عمر: وهذا على الندب ولا يُقضى به، وقوله: فإذا أعتق تبعه ماله
…
إلخ تقدم الكلام فيه عند قوله: ويتبع المعتق ماله، فراجعه إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: (فإذا مات وترك وفاء عجل وعتق أو ورثوه، فإن لم يف وهم أقوياء سعوا وأدوا وعنقوا وإلا رقوا)، يعني كما في القوانين قال في المسألة الثالثة: تنفسخ الكتابة بموت العبد وإن خلف وفاء، إلا أن يكون له ولد يقوم بها فيؤديها حالة، ثم له ما بقي ميراثًا دون سائر ولده، وقال الدردير كما في المختصر: وفسخت إن مات وإن عن مال إلا لولد أو غيره دخل معه بشرط أو غيره، فتؤدي حالة ويرثه من معه فقط إن عتق عليه كفرعه أو أصله، فإن لم يترك وفاء وقوي من معه على السعي سعى وترك للولد متروكه إن أمن وقوي وإلا فلأم ولده كذلك. اهـ. وفي الرسالة: وإذا مات وله ولد قام مقامه وأدى من ماله ما بقي عليه حالاً، وورث من معه من ولده ما بقي، وإن لم يكن في المال وفاء، فإن أولاده يسعون فيه ويؤدون نجومًا إن كانوا كبارًا، وإن كانوا صغارًا، وليس في المال قدر النجوم إلى بلوغهم السعي رقوا، وإن لم يكن له ولد معه في كتابته ورثه سيده. اهـ. انظر النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: (ولا يعجز نفسه ولا يتبرع ولا يحابي ولا يعتق ولا ينكح ولا يسافر إلا بإذن سيده)، يعني أنه لا يجوز للمكاتب أن يعجز نفسه، ولا يفعل شيئًا مما يؤدي إلى تعجيزه من التبرع والعتق والنكاح وغيرها إلا بإذن السيد.
قال ابن جزي في القوانين: يحصل العتق بأداء جميع العوض، فإن بقي منه شيء لم يعتق، وإن
عجز عن أداء النجوم أو عن أداء نجم منها رُق، وفسخت الكتابة بعد أن يتلوم له الأيام بعد الأجل، فلو امتنع من الأداء مع القدرة لم تفسخ وأخذ من ماله، وليس له تعجيز نفسه إن كان له ماله ظاهر، خلافًا لابن كنانة، فإن لم يكن له مال ظاهر كان له تعجيز نفسه. وقال سحنون: لا يعجزه إلا السلطان. اهـ. قال رحمه الله تعالى: (وله مقاطعته إلى شيء معجل)، يعني كما قال الخرشي ونصه: والقطاعة بسكر القاف أفصح، وهي اسم مصدر لقاطع، والمصدر: المقاطعة، ولها صورتان: إحداهما: أن يكاتبه على مال حال. والثانية: أن يفسخ ما عليه في شيء يأخذه منه وإن لم يكن حالاً. اهـ. وفي الحطاب: والكتابة الحالة تسمى بالقطاعة. قاله ابن رشد في اللباب ونصه: قال الأستاذ أبو بكر: وظاهر قول مالك أن التأجيل شرط في الكتابة. قال علماؤنا: النظارة يجيزون الكتابة الحالة ويسمونها القطاعة. وتطلق القطاعة أيضًا على ما يفسخ السيد في كتابة العبد. قال في التنبيهات: والقطاعة بفتح القاف وكسرها أيضًا هي مقاطعة السيد عبده المكاتب على مال بتعجله من ذلك، وأخذ العوض منه معجلاً أو مؤجلاً، وكأنه ما انقطع طلبه عنه بما أعطاه وانقطع له بتمام حريته بذلك، أو قطع بعض ما كان له عنده من جملته، وهذا جائز عند مالك وابن القاسم بكل ما كان، وبما لا يجوز بين رب المال وغريمه، عجل العتق لقبض جميعه أو أخره لتأخير بعضه، عجل قبض ما قاطع عليه أو أخره، وسحنون لا يجيزها إلا بما يجوز بين الأجنبي وغريمه. اهـ.
قال رحمه الله تعالى: (وإذا أسلم مكاتب الذمي، فإن نجزه وإلا بيعت عليه من مسلم)، يعني إذا أسلم مكاتب الذمي فإن نجز عتقه فذلك وإلا بيعت عليه الكتابة لمسلم. قال خليل: ومضت كتابة الكافر لمسلم وبيعت كأن أسلم. قال في التهذيب: إذا كاتب النصراني عبدًا له مسلمًا ابتاعه أو كان عبده أو أسلم مكاتب له فإن كتابته تباع من مسلم، ثم قال: وإذا أسلم أحد مكاتبي الذمي في كتابة واحدة بيعت كتابتهما جميعًا ولا تفرق.
انظر التهذيب فالمسألة فيه مبسوطة ومبينة. اهـ. كما في المواق.
قال رحمه الله تعالى: (ومن أوصى له بكتابته جعل في الثلث الأقل من قيمته أو قيمتها وأحكامه كالعبد)، يعني كما قال مالك في الموطأ في رجل كاتب عبده عند موته: إنه يقوم عبدًا، فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز ذلك. قال: وتفسير ذلك أن تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته فيكون ثلث مال سيده ألف دينار فذلك جائز له، وإنما هي وصية أوصى له بها في
ثلثه، فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب بدئ بالمكاتب؛ لأن الكتابة عتاقة، والعتاقة تقدم على الوصايا، ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب يتبعونه بها، ويخير ورثة الموصي، فإن أحبوا أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة وتكون كتابة المكاتب لهم فذلك لهم، وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم؛ لأن الثلث صار في المكاتب، ولأن كل وصية أوصى بها أحد فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه وقد أخذ ما ليس له، فقال: فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت، وإلا فأسلموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت كله. قال: فإن أسلم الورثة المكاتب إلى أهل الوصايا كان لأهل الوصايا ما عليه من الكتابة، فإن أدى المكاتب ما عليه من الكتابة أخذوا ذلك في وصاياهم على قدر حصصهم، وإن عجز المكاتب كان عبدًا لأهل الوصايا لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروا؛ لأن أهل الوصايا حين أسلم إليهم ضمنوه، فلو مات لم يكن لهم على الورثة شيء، وإن مات المكاتب قبل أن يؤدي كتابته وترك مالاً هو أكثر مما عليه فماله لأهل الوصايا، وإن أدى المكاتب ما عليه عتق ورجع ولاؤه إلى عصبة الذي عقد كتابته. اهـ. الموطأ.
ولما أنهى الكلام على ما تعلق بالكتابة وأحكامها انتقل يتكلم على ما يتعلق بمسائل التدبير والمدبر فقال رحمه الله تعالى: