المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب المواريث أي في بيان ما يتعلق بأحكام الميراث، والمواريث جمع - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ٣

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحَجْرِ والصُّلْح والحَمَالة والحَوالة

- ‌فَصْلٌفي التفليس

- ‌فَصْلٌفي الصلح وأحكامه

- ‌خاتمة:

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة والكَفَالة والزَّعَامة والضمان

- ‌فَصْلٌفي الحَوَالة

- ‌كتاب العارية والوديعة

- ‌فَصْلٌفي الوديعة

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فَصْلٌفي القسمة

- ‌كتاب الإحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق

- ‌فَصْلٌفي الارتفاق

- ‌فَصْلٌفي الغصب

- ‌فَصْلٌفيما يلزم الإنسان من المواسات في بعض الحالات

- ‌فَصْلٌفي الإستحقاق وأحكامه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌فَصْلٌفي التقاط المنبوذ وأحكامه

- ‌كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعُمْرَى والرقبي

- ‌فَصْلٌفي الهبة

- ‌فَصْلٌفي الصدقة

- ‌فَصْلٌفي العمرى

- ‌فَصْلٌفي الرقبى

- ‌كتاب الوقف

- ‌فَصْلٌفي بيان قِصاص الأطراف

- ‌فَصْلٌفي الدَّية

- ‌فَصْلٌفي الأعضاء

- ‌فَصْلٌفي القَسَامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌فَصْلٌفي الزاني والزانية

- ‌فَصُلٌفي القذف

- ‌فَصْلٌفي الخمر وأحكامها

- ‌فَصْلْفي السارق

- ‌فَصْلٌفي الحد

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الأقضية

- ‌فَصْلٌفي الغائب

- ‌فَصْلٌفي الشهادة

- ‌فَصْلٌفي التنازع

- ‌كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء

- ‌فَصْلٌفي الولاء

- ‌فَصْلٌفي الكتابة

- ‌فَصْلٌفي التدبير والمدبر

- ‌فَصْلٌفي أم الولد

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب المواريث

- ‌فَصْلٌفي الجد

- ‌فَصْلٌفي الفرائض

- ‌فَصْلٌفي المناسخة

- ‌فَصْلٌفي الخنثى

- ‌فَصْلٌفي الميراث

- ‌فَصْلٌفي التركة

- ‌كتاب جامع

- ‌فَصْلٌفي المسابقة

- ‌خاتمة

- ‌تنبيه

الفصل: ‌ ‌كتاب المواريث أي في بيان ما يتعلق بأحكام الميراث، والمواريث جمع

‌كتاب المواريث

أي في بيان ما يتعلق بأحكام الميراث، والمواريث جمع ميراث، ويطلق بمعنى الإرث وهو المقصود بالترجمة، وهو لغة: البقاء وانتقال الشيء من قوم إلى قوم آخرين، والانتقال إما حقيقة كانتقال المال، أو معنى كانتقال العلم، ومنه العلماء ورثة الأنبياء. وأما معناه شرعًا: فهو حق قابل للتجزي يثبت لمستحقه بعد موت من كان له ذلك. اهـ. من حاشية البقري على الرحبية باختصار. واعلم أن هذا العلم كفاه فخرًا وشرفًا أن الله تعالى هو الواضع له، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:((إن الله تعالى لم يكل قسمة مواريثكم إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل، ولكن تولى قسمتها بنفسه أبين قسمة، ولا وصية لوارث)) اهـ. فلله در القائل حيث قال:

علم الفرائض علم لا نظير له

يكفيك أن قد تولى قسمه الله

وبين الحظ تبيانًا لوارثه

فقال سبحانه {يوصيكم الله}

وفي الكلالة فتيا الله منزلة

فبان تشريف ما أفتى به الله اهـ

أشار بقوله: يوصيكم الله، إلى ما في سورة النساء من قوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 11] إلى آخر الآيتين، أما قوله في الكلالة، فهو إشارة إلى كلالتين: الأولى: في قوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة} [النساء: 12]، والثانية في آخر السورة في قوله:{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} [النساء: 176] إلخ، فاحرص على الفرق بين كلالتين؛ لأن الأولى غير الثانية. وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم علم الفرائض حيث قال: تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإن هذا العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما اهـ. رواه الإمام أحمد

ص: 287

وغيره. والحقوق المتعلقة بالتركة خمسة باستقراء الفقهاء. قال أستاذنا في بعض مقدماته: الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة مرتبة: الأول: الحق المتعلق بعين التركة. الثاني: مؤمن التجهيز بالمعروف. الثالث: الديون المرسلة في الذمة. الرابع: الوصايا بالثلث فما دونه لأجنبي. الخامس: الإرث. اهـ. واعلم أن الإرث له أركان وأسباب وشروط وموانع. فأركانه ثلاثة: وارث ومورث وشيء موروث. وأسبابه أربعة:

القرابة المخصوصة، والولاء، وجهة الإسلام في الصرف إلى بيت المال، والنكاح ولو مختلفًا فيه ولو لم يحصل دخول. وشروطه ثلاثة: تقدم موت المورث واستقرار حياة الوارث بعده والعلم بالجهة المقتضية للإرث اهـ النفراوي. وإلى جميع ذلك أشار رحمه الله تعالى بقوله: (أسبابها نسب وولاء ونكاح)، يعني أن أسباب الإرث عندنا أربعة: القرابة وهي المعبرة بالنسب وهي البنوة والأبوة والإدلاء بأحدهما. ومن أسباب الإرث: الولاء، وتقدم الكلام فيها عند قول المصنف: والإرث به للعصبة، فيقدم الابن على الأب والأخ وابنه على الجد والجد على العم ثم الأقوى فالأقوى، فراجعه إن شئت في الولاء. وأما النكاح فهو من أسباب التوارث بين الزوجين، وتقدم أنه من أسباب الإرث ولو كان النكاح مختلفًا فيه أو قبل الدخول فإنه يثبت به التوارث. قال في القوانين: أسباب التوارث خمسة: نسب ونكاح وولاء عتق ورق عبودية وبيت المال اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (وموانعها كفر ورق وقتل عمد وقاتل الخطأ عن الدية ولا عبرة بالتغير بعد الموت إلا لحوق النسب)، يعني كما قال أبو الحسن شارح الرسالة في العزية: يمنع الميراث اختلاف الدينين، فلا توارث بين مسلم وكافر ولا بين اليهودي والنصراني، والرق، فلا يرث الرقيق ولا يورث وما مات عنه فهو لمالكه. والقتل، فلا ميراث لمن قتل مورثه عمدًا. وانتفاء النسب باللعان، فينقطع التوارث بين الملاعن والولد فقط. واستبهام المتقدم والمتأخر في الموت، كما إذا مات أقارب تحت هدم

ص: 288

مثلاً اهـ. قوله: إلا لحوق النسب يعني إذا قتل الأب ابنه المنفي عنه بلعان ثم لاحقه فإنه يعتبر إلحاقه؛ لأن استلحاقه يدفع المعرة عن أمه. وفي الكواكب الدرية في ولدي الملاعنة أنهما شقيقان، إذ لو رجع عن اللعان واستلحقهما لحقا، قلت: فلحوق ولد الملاعنة لأبيه بعد أن قتله معتبر فيه ينظر في صفة قتله بين أن تكون عمدًا فلا يرثه لا في المال ولا في الدية وبين أن تكون خطأ فيرث المال دون الدية ولا قصاص عليه فتأمل اهـ. بتوضيح.

قال رحمه الله تعالى: (وفي استبهام الموت يرث كلا أحياء ورثته لا بعضهم من بعض ويمنع من الجنين له إلا بأمارة تدل على حياته)، يعني أن الاستبهام يمنع الإرث وهو عدم العلم بالمتقدم في الموت، وإذا مات إخوان تحت هدم معًا أو غرقًا أو حرقًا معًا أو مترتبين وجهل السابق لا موارثة بينهما. قال الدردير: ولا من جهل تأخر موته فيفرض أن كل واحد لم يخلف صاحبه، وإنما خلف الأحياء فلا يرث من مات معه ولا يحجب وارثًا كما أن الجنين لا يرث ولا يورث إلا إذا استهل صارخًا وتحقق حياته أو دلت فيه أمارة الحياة ظاهرة فحينئذ يثبت له الإرث ويرثه ورثته الأحياء.

ثم انتقل إلى ذكر عدد الوارثين من الرجال والنساء فقال رحمه الله تعالى: (والوارثون عشرة)، أي من الرجال عن طريق الاختصار هم:(الأب وأبوه وإن علا والابن وابنه وإن سفل والأخ وابن الأخ إلا من الأم والعم وابنه كذلك والزوج والمولى)(والوارثات سبع) أي من النساء على طريق الاختصار وهن: (الأم وأمها وأم الأب وإن علتا والبنت وابنة الابن وإن نزلت والأخت والزوجة والمولاة) هذا الطريق وهو طريق الاختصار هو الذي مشى عليه أكثر أئمة المذهب، ومشى غيرهم على طريق البسط، فعدتهم خمسة عشر وارثًا ومن النساء عشر وارثات، وبه أخذ بعض أئمتنا وهو مذهب الجمهور، وإليه أشار العلامة ابن جزي في القوانين بقوله: والوارثون عند أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت ومالك والشافعي هم الذين أجمع على

ص: 289

توريثهم لا غير، فمن الرجال خمسة عشر: الابن وابن الابن وإن سفل والأب والجد وإن علا والأخ الشقيق والأخ للأب والأخ للأم وابن الأخ الشقيق وابن الأخ للأب والعم الشقيق والعم للأب وابن العم الشقيق وابن العم للأب والزوج والمولى. ومن النساء عشر: البنت وبنت الابن وإن سفل والأم والجدة للأم والجدة للأب والأخت الشقيقة والأخت للأب والأخت للأم والزوجة والمولاة اهـ.

(مهمات عظيمات الفائدة) وهي ثمانية: إحداها: كل ذكر مات وخلف جميع من يرث من الذكور لا يرث منهم إلا اثنان: الأب والابن، ووجهه أن الأب يحجب من كان من جهته كالجد والأعمام والإخوة، والابن يحجب كل من كان من جهته كابنه وإن نزل. وثانيتها: كل ذكر مات وخلف جميع من يرثه من النساء لا يرثه منهن إلا خمس: الأم والبنت وبنت الابن والزوجة والأخت الشقيقة، ومن عداهن محجوب بهن على التوزيع. وثالثتها: كل ذكر مات وخلف جميع من يرث من الرجال والنساء فلا يرثه منهم إلا خمسة: الابن والأب والأم والزوجة والبنت. ورابعتها: كل امرأة ماتت وخلفت جميع من يرثها من الذكور لم يرثها منهم إلا ثلاثة: الابن والأب والزوج. وخامستها: كل امرأة ماتت وخلفت جميع من يرثها من النساء لا يرثها إلا أربع: البنت وبنت الابن والأخت لغير الأم والأم. وسادستها: كل امرأة ماتت وخلفت جميع من يرثها من الذكور والإناث لا يرث منهم سوى خمسة: الأب والأم والابن والبنت والزوج. وسابعتها: إذا انفرد واحد من الذكور ورث جميع المال إلا الزوج والأخ للأم إلا أن يكون الزوج أو الأخ للأم ابن عم أو يكون مولى. وثامنتها: أن كل من انفرد من النساء لا يحوز جميع المال إلا المعتقة اهـ. أفاده النفراوي في الفواكه بحذف.

ثم ذكر الفروض فقال رحمه الله تعالى: (والفروض ستة: النصف للبنت

تنفرد وبنت الابن والشقيقة والتي للأب والزوج مع عدم الحاجب وله الربع مع

ص: 290

وجوده وللزوجة فصاعدًا مع عدمه ولهن الثمن معه والثلثان للاثنتين فصاعدًا من ذوات النصف. والثلث للأم غير محجوبة وللاثنين فصاعدًا من ولدها بالسوية والسدس لواحدهم وللأم محجوبة وللجدة والجدتين ولا يرث أكثر من جدتين وبنت الابن فصاعدًا في درجة مع الصلبية والسفلى مع العليا وللأخت للأب فصاعدًا مع الشقيقة ويسقطن مع الشقيقتين إلا مع أخ يعصبهن) يعني أخبر رحمه الله تعالى أن الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى ستة: (النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس).

أما (النصف) ففرض خمسة: البنت إذا انفردت وبنت الابن عند عدم بنت الصلب والأخت الشقيقة والتي للأب عند عدم الشقيقة والزوج عند عدم الحاجب كما يأتي بيان جميع ذلك عن قريب. الزوج يستحق النصف بشرط واحد وهو ألا يكون للزوجة فرع وارث، فإن كان لها فرع وارث انتقل الزوج عن النصف إلى الربع. وتستحق بنت الصلب النصف بشرطين: ألا يكون لها معصب، فإن كان لها معصب يكون المال لهما أو لهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وألا تكون لها مماثل أي بنت مثلها، فإن كان لها مماثل فلهما أو لهن الثلثان. وتستحق بنت الابن النصف بثلاثة شروط: ألا يكون للميت ولد صلب، فإن وجد فإن كان ذكرًا أو أنثيين حجبت بنت الابن، وإن كانت أنثى واحدة فلبنت الابن السدس تكملة الثلثين، ومثل ولد الصلب ولد ابن أعلى منها درجة، وألا يكون لها معصب أي ابن ابن في درجتها ومثله أنزل منها إذا كانت لولاه لكانت محجوبة، وتكون معه للذكر مثل حظ الأنثيين. وألا تكون لها مماثل أي بنت ابن مثلها واحدة فأكثر في درجتها، فإن وجدت كان لهما أو لهن الثلثان. وتستحق الأخت الشقيقة النصف بخمسة شروط: ألا يكون للميت ولد صلب، فإذا وجد ولد صلب فإن كان ذكرًا حجبها، وإن كان أنثى ولو متعددة كانت الأخت عصبة معها،

ص: 291

ومثله ولد الابن. ولذا قال: وألا يكون ولد ابن ولا معصب أي أخ شقيق يعصبها وتكون معه للذكر مثل حظ الأنثيين. وألا مماثل لها فإذا وجدت أخت مثلها في درجة يكون الثلثان لهما أو لهن إن كثرن. وألا يكون للميت أب فإذا كان له أب حجبها. وتستحق الأخت للأب النصف بستة شروط: أن يكون ولد صلب ولا ولد ابن ولا معصب ولا مماثل ولا أب ولا أحد من الأشقاء، فإذا وجد أحد من هؤلاء فكما تقدم في الشقيقة، وإذا وجد أحد من الأشقاء فإن كان ذكرًا أو أنثيين حجبت الأخت للأب وإن كانت شقيقة واحدة فللأخت للأب السدس تكملة الثلثين.

وأما (الربع) فهو فرض اثنين: الزوج والزوجة أو الزوجات. يستحق الزوج الربع بشرط واحد هو أن يكون للزوجة فرع وارث، فإن لم يكن لها فرع وارث فله النصف كما سبق. وتستحق الزوجة أو الزوجات الربع بشرط واحد هو ألا يكون للزوج فرع وارث، فإن كان له فرع وارث فلها أو لهن الثمن بالسوية بينهن.

وأما (الثمن) فهو فرض الزوجة أو الزوجات إذا كان للميت فرع وارث، فإن لم يكن للميت فرع وارث كان لها أو لهن الربع كما سبق.

وأما (الثلثان) ففرض أربعة: بنتي صلب فأكثر وبنت ابن فأكثر وأختين شقيقتين فأكثر وأختين للأب فأكثر. تستحق بنتا الصلب الثلثين بشرط واحد هو ألا يكون لهما معصب ابن صلب، فإن وجد يكون المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وتستحق بنتا الابن الثلثين بشرطين: ألا يكون للميت ولد صلب ولا ولد ابن أقرب منهما، فإن وجد أحدهما فإن كان ذكرًا أو أنثيين حجبتا، وإن كان أنثى واحدة فلهما السدس تكملة الثلثين. وألا يكون لهما معصب وهو ابن ابن في درجتهما، فإن وجد فيعصبهما ويكون المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وتستحق الشقيقتان الثلثين بأربعة شروط: ألا يكون للميت ولد صلب ولا ولد ابن، فإن وجد أحدهما فإن كان ذكرًا

ص: 292

حجبهما وإذا كان أنثى واحدة فأكثر كانت الشقيقتان عصبة معها أو معهن. وألا يكون لهما معصب وهو الشقيق، فإن وجد لهما أخ شقيق يكونان أو يكون معه للذكر مثل حظ الأنثيين. وألا يكون أب فإن كان أبوهما موجودًا حجبهما؛ لأنهما أدليا به. وتستحق الأختان للأب الثلثين بخمسة شروط: ألا يكون للميت ولد صلب ولا ولد ابن ولا معصب ولا أب ولا أحد من الأشقاء، فإن وجد أحد من الأشقاء فإن كان ذكرًا أو أنثيين حجب اللواتي للأب، وإن كانت أنثى واحدة فلهما أو لهن السدس ومع ولد الصلب وولد الابن والمعصب والأب فكما تقدم في الشقيقتين.

وأما (الثلث) فهو فرض ثلاثة: الأم والإخوة للأم والجد في بعض أحواله كما سيأتي كلامه خاصة. وتستحق الأم الثلث بشرطين: ألا يكون للميت فرع وارث. وألا يكون اثنان فأكثر من الإخوة والأخوات، فإن كان فرع وارث أو عدد من الإخوة والأخوات فللأم السدس. ويستحق الإخوة للأم الثلث إذا لم يحجبوا، ويحجبهم أصل ذكر هو أب أو جد أو فرع وارث ذكرًا كان أو أنثى. ويشترط أن يكونا اثنين فأكثر، فإذا كان منفردًا سواء كان ذكرًا أو أنثى فله السدس، أما إذا تعدد إخوة لأم ذكورًا أو إناثًا أو مجتمعين فإنهم يقسمون الثلث بينهم بالسوية: الذكر كالأنثى.

وأما (السدس) فهو فرض سبعة: الأب، والجد، والأم، والجدة، وبنت الابن، والأخت للأب، والأخ للأم منفردًا ذكرًا كان أو أنثى، يستحق الأب السدس إذا كان

للميت فرع وارث ذكر، فإن لم يكن فرع وارث ذكر فهو العصبة، يأخذ ما بقي بعد أهل الفرض أو جميع المال إن لم يكن أحد من أهل الفرض. ويستحق الجد السدس بشرطين: أن يكون للميت فرع وارث ذكر. وألا يكون له أب، فإن كان للميت أب حجبه، وإن لم يكن للميت أب ولا ولد ذكر فهو عصبة، وله أحوال تذكر في بابه إن شاء الله. وتستحق الأم السدس بشرطين: أن يكون للميت فرع وارث أو عدد من

ص: 293

الإخوة والأخوات، فإن لم يكونوا فلها الثلث كما تقدم. وتستحق الجدة أو الجدات السدس بشرط ألا تحجب بالأم، أو جدة أقرب منها في جهتها أو جهة الأم والأب إن أدلت به، وكل جدة أدلت بذكر بين أنثيين فهي غير وارثة كأم أبي الأم؛ لأنها من ذوات الأرحام، وتستحق بنت الابن السدس إذا كان للميت بنت صلب واحدة أي تكملة للثلثين؛ لأن البنتين لهما الثلثان وهذه بنت ثانية للميت في الجملة ولبعدها أعطيت الأقل، وكذا يقال في الأخت للأب مع الشقيقة وتستحق الأخت للأب السدس إذا كان للميت أخت شقيقة واحدة. ويستحق الأخ للأم ذكرًا كان أو أنثى السدس إذا لم يحجب بأصل ذكر أو فرع وارث، فإن تعدد الأخ للأم كان لهم الثلث يقسمونه ذكورًا وإناثًا بالسوية كما تقدم. اهـ. من الخلاصة بتوضيح. ثم ذكر الذين لا يسقطون بحال وهم ستة: الابن، والبنت، والأم، والأب، والزوج، والزوجة، كما سيأتي بيانهم.

قال رحمه الله تعالى: (ولا مسقط لأولاد الصلب والأبوين والزوجين)، يعني كما في عبارة أبي الحسن في العزية أنه قال: الحجب قسمان: حجب إسقاط وحجب نقل. أما حجب الإسقاط فلا يلحق من ينسب إلى الميت بنفسه كالبنين والبنات والآباء والأمهات ومن في معناهم الزوج والزوجة ويلحق من عداهم. وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله: (ويسقط الأبعد بالأقرب من جهته وولد الابن به وإناثهم بالصلبيتين إلا مع ذكر يعصب درجته فما فوقها ويسقط من بعده كالأسفلين منهن مع العليا)، فالمعنى أن الأبعد من الميت أو من الورثة يسقط بالأقرب منه كالجد مع وجود الأب والأخ مع وجود الولد والجدة مع وجود الأم وكولد الابن مه وجود الابن، وإناثهم يسقطن بالصلبيتين إلا إذا كان معهن ذكر في درجتهن فيعصب لهن ويقسمون ما فضل عن صلبيتين للذكر مثل حظ الأنثيين ويسقط من بعده كالأسفلين منهن مع العليا. قال في الرسالة: ولابنة الابن السدس تمام الثلثين، وإن كثرت بنات الابن لم يزدن على ذلك

ص: 294

السدس شيئًا إن لم يكن معهن ذكر وما بقي للعصبة، وإن كانت البنات اثنتين لم يكن لبنات الابن شيء إلا أن يكون معهن أخ فيكون ما بقي بينهن وبينه للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك إذا كان

ذلك الذكر تحتهن كان ذلك بينه وبينهن كذلك، وكذلك لو ورثت بنات الابن مع الابنة السدس وتحتهن بنات ابن معهن أو تحتهن ذكر كان ذلك بينه وبين أخواته أو من فوقه من عماته ولا يدخل في ذلك من دخل في الثلثين من بنات الابن اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (والإخوة للأم بالأب والجد والولد وولد الابن والجدة للأب به وبالأم وبعدى جهته بقربى جهة الأم لا بعكسه)، يعني يسقط الإخوة مطلقًا بالأب والولد وولده، والذي من جهة الأم أيضًا يسقط بالجد والولد وولده، كما تسقط الجدة التي من جهة الأب به وبالأم، وتسقط البعدى من جهته بالقربى من جهة الأم لا بعكسه. قال في الرسالة: وترث الجدة للأم السدس، وكذلك التي للأب، فإن اجتمعتا فالسدس بينهما إلا أن تكون التي للأم أقرب بدرجة فتكون أولى به؛ لأنها التي فيها النص، وإن كانت التي للأب أقربهما فالسدس بينهما نصفين، ولا يرث عند مالك أكثر من جدتين: أم الأب وأم الأم وأمهاتهما، ويذكر عن زيد بن ثابت أنه ورث ثلاث جدات: واحدة من قِبَل الأم واثنتين من قِبل الأب: أم الأب وأم أبي الأب، ولم يحفظ عن الخلفاء توريث أكثر من جدتين اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (والعصبة باستغراق الفروض المال إلا الأشقاء في المشتركة وهي زوج وأم وإخوة لأم وأشقاء يشتركون في الثلث)، يعني ويسقط العاصب باستغراق أصحاب الفروض المال إلا إذا كان العاصب شقيقًا وقد ورث الإخوة للأم الثلث فيشاركهم العاصب في ثلثهم فيقسمونه بالسوية للذكر مثل حظ الأنثيين. قال في الرسالة: فإن لم يبق شيء فلا شيء لهم إلا أن يكون في أهل

ص: 295

السهام إخوة لأم قد ورثوا الثلث وقد بقي أخ شقيق أو إخوة ذكور أو ذكور وإناث شقائق معهم فيشاركون كلهم الإخوة للأم في ثلثهم فيكون بينهم بالسواء، وهي الفريضة التي تسمى المشتركة، ولو كان من بقي إخوة لأب لم يشاركوا الإخوة للأم لخروجهم عن ولادة الأم اهـ.

وحاصل فقه مسائل الحجب كما في القوانين أنه قال: (والحجب نوعان): حجب إسقاط، وحجب نقص، فأما حجب الإسقاط، فلا ينال ستة من الوارثين وهم: الابن والبنت والأم والأب والزوج والزوجة كما تقدم، وأما غير هؤلاء فقد يحجبون عن الميراث، فأما ابن الابن وبنت الابن فيحجبهما الابن خاصة، والقريب من ذكور الحفدة يحجب البعيد من ذكورهم وإناثهم. والجد يحجبه الأب خاصة. ويحجب الجد القريب البعيد. وأما الأخ الشقيق والأخت الشقيقة فيحجبهما الابن وابن الابن وإن سفل والأب. وأما الأخ للأب والأخت للأب فيحجبهما الشقيق ومن حجبه ولا تحجبهما الشقيقة، وأما ابن الأخ الشقيق فيحجبه الجد والأخ للأب

ومن حجبه. وأما ابن الأخ للأب فيحجبه ابن الأخ الشقيق ومن حجبه. وأما العم الشقيق فيحجبه ابن الأخ للأب ومن حجبه. وأما العم للأب فيحجبه العم الشقيق ومن حجبه. وأما ابن العم الشقيق فيحجبه العم للأب ومن حجبه. وأما ابن العم للأب فيحجبه ابن العم الشقيق ومن حجبه. وأما الأخ للأم والأخت للأم فيحجبهما الابن والبنت وابن الابن وبنت الابن وإن سفل والأب والجد وإن علا. وأما الجدة للأم فتحجبها الأم خاصة. وأما الجدة للأب فيحجبها الأب والأم عند زيد والثلاثة. وقال ابن مسعود وابن حنبل: لا يحجبها الأب، فإن اجتمعت جدتان في قعدد واحد ورثتا معًا السدس بينهما، وإن كانت إحداهما أقرب من الأخرى حجبت القريبة البعيدة إن كانت من جهتها، وحجبت القريبة التي من جهة الأم البعيدة التي من جهة الأب، ولا تحجب القريبة من جهة الأب البعيدة من جهة الأم بل تشاركها خلافًا لأبي

ص: 296

حنيفة. وأما المولى المعتق فيحجبه العصبة. وأما السيد المالك فيمنع جميع الورثة ولا يحجبه أحد اهـ.

ثم قال رحمه الله تعالى: (وتنتقل الأم إلى السدس بالولد أو ولد الابن أو اثنين من الإخوة ولها ثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين)، يعني كما في القوانين. وأما حجب النقص فهو على ثلاثة أقسام: نقل من فرض إلى فرض دونه ونقل من تعصيب إلى فرض. ونقل من فرض إلى تعصيب. فأما النقل من فرض إلى فرض فيختص بخمسة أصناف:

الأول: الأم ينقلها من الثلث إلى السدس الابن وابن الابن والبنت وبنت الابن واثنان فأكثر من الإخوة والأخوات سواء كانوا شقائق أو للأب أو للأم.

الثاني: الزوج ينقله الابن وابن الابن والبنت وبنت الابن من النصف إلى الربع.

الثالث: الزوجة والزوجات ينقلهن الابن وابن الابن والبنت وبنت الابن من الربع إلى الثمن.

الرابع: بنت الابن تنقلها البنت الواحدة من النصف إلى السدس. وتنقل اثنتين فأكثر من بنات الابن من الثلثين إلى السدس.

الخامس: الأخت للأب تنقلها الشقيقة من النصف إلى السدس وتنقل اثنتين فأكثر من الثلثين إلى السدس. وأما النقل من تعصيب إلى فرض فيختص بالأب والجد ينقلهما الابن وابن الابن من التعصيب إلى السدس. وأما النقل من فرض إلى تعصيب فهو للبنت وبنت الابن والأخت الشقيقة وللأب ينقل كل واحدة منهن فأكثر أخوها عن فرضها ويعصبها وكذلك الأخوات الشقائق وللأب يعصبهن البنات فتنقلهن البنت الواحدة فأكثر من الفرض إلى التعصيب اهـ. قوله رحمه الله تعالى:

ولها ثلث الباقي

إلخ، أشار إلى مسألة

ص: 297

مشهورة بالغراوين كما في الرسالة. وقال ابن جزي: وهما أب وأم وزوجة أو أب وأم وزوج ففرضها ثلث ما بقي بعد الزوج أو الزوجة وهو الربع في الأولى والسدس في الثانية وللأب الثلثان مما بقي بعدهما اهـ. اعلم أن للأم حالتين ترث في إحداهما الثلث وفي أخرى السدس بنص القرآن، وثبت بالاجتهاد حالة ثالثة ترث فيها ثلث الباقي وهي المذكورة هنا وتسمى بالغراوين. قال الدردير: لأن الأم غرت فيهما بقولهم: لها الثلث وهو في الحقيقة سدس كما في الأولى أو ربع كما في الثانية. قال: هي في زوجة ماتت عن زوج وأبوين أصلها من اثنين مخرج نصيب الزوج فله النصف يبقى واحد على ثلاثة مباينًا فتضرب ثلاثة في اثنين بستة فلها واحد بعد فرض الزوج، إذ لو أعطيت ثلث التركة للزم تفضيل الأنثى على الذكر فيخالف القاعدة القطعية: متى اجتمع ذكر وأنثى يدليان بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين فخصصت القاعدة عموم آية، فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه، وأشار لثانية الغراوين بقوله: أو زوجة مات زوجها عنها وعن أبوين فهي من أربعة: للزوجة الربع وللأم ثلث الباقي وللأب الباقي إذ لو أعطيناها ثلث المال للزم عدم تفضيل الذكر عليها التفضيل المعهود. هذا ما قضى به عمر، رضي الله عنه، ووافقه الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة. اهـ. مع طرف من الصاوي عليه.

قال رحمه الله تعالى: (والزوج إلى الربع والزوجة إلى الثمن بالولد أو ولد ابن)، يعني أنه تقدم الكلام أن الولد وولده والبنت وبنت الابن ينقلان الزوج والزوجة يمنعانهما من كثرة الميراث، فراجع القسم الثاني والثالث من أقسام حجب النقل مما تقدم آنفًا فتأمل.

قال رحمه الله تعالى: (ويرث الأب بالفرض مع الابن وابنه وبالتعصيب إذا انفرد وبهما مع البنات والجد مثله إلا مع الإخوة ويسقطون بالأب)، يعني هذه الجملة أشارت إلى بعض أحوال الأب والجد في الإرث، وقد تقدم الكلام فيهما عند

ص: 298

قوله: والوارث العصبة يحوز المال

إلخ. وقال أبو محمد في الرسالة: وميراث الأب من ولده إذا انفرد ورث المال كله، ويفرض له مع الولد الذكر أو ولد الابن السدس، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ابن فرض للأب السدس وأعطى من شركه من أهل السهام سهامهم ثم كان له ما بقي. وقال في موضع آخر: ولا ميراث للإخوة والأخوات مع الأب ولا مع الولد الذكر أو مع ولد الولد. اهـ. فراجعه إن شئت.

ثم قال رحمه الله تعالى: (وفي اجتماع الذكور والإناث في درجة للذكر مثل حظ الأنثيين)، يعني إذا اجتمع من له حظ في الميراث وكانوا رجالاً ونساء في درجة واحدة فإنهم يرثون المال للذكر مثل حظ الأنثيين. قال في الرسالة: فإن كانوا إخوة

وأخوات شقائق أو لأب فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين قلوا أو كثروا اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (وذو جهتي فرض بأقواهما كأخت هي بنت وفرض وتعصيب بهما كابني عم أحدهما أخ لأم أو زوج)، يعني أنه يرث ذو وجهي فرض بأقوى الفرضين، كما أنه يرث بالفرض والتعصيب معًا كابن عم هو زوج. قال خليل: ويرث بفرض وعصوبة الأب ثم الجد مع بنت وإن سفلت كابن عم أخ لأم، وورث ذو فرضين بالأقوى وإن اتفق في المسلمين كأم أو بنت أخت. وعبارة الدردير في أقرب المسالك: وورث ذو فرضين بالأقوى وهي ما لا تسقط أو ما تحجب الأخرى كأم أو بنت هي أخت كعاصب بجهتين كأخ أو عم هو معتق. وحاصل ما في الخرشي: أن من اجتمع له جهتان يرث بكل منهما وإحداهما أقوى من الأخرى، فإنه يرث بالأقوى منهما، وهذا يقع من المسلمين على وجه الغلط ومن المجوس على وجه العمد والقوة تكون بأحد أمور ثلاثة:

الأول: أن تكون إحداهما لا تحجب بخلاف الأخرى، وذلك كأن يتزوج المجوسي ابنته عمدًا فولدت منه ابنة ثم أسلم ومات فهذه الابنة تكون أختًا لأمها لأبيها

ص: 299

وهي أيضًا بنت لها، فإذا ماتت الكبرى بعد موت أبيها ورثتها الصغرى بأقوى السببين وهو البنوة؛ لأنها لا تسقط بحال، والأخوة قد تسقط: فلها النصف بالبنوة ولا شيء لها بالأخوة، ومن ورثها بالجهتين قال: النصف والباقي بالتعصيب، وإن ماتت الصغرى أولاً فالكبرى أم وأخت لأب فترث بالأمومة لأنها لا تسقط. والأخت للأب قد تسقط فلها الثلث بالأمومة.

الثاني: أن تحجب إحداهما الأخرى فالحاجبة أقوى، كأن يطأ مجوسي أمه فتلد ولدًا فهي أمه وجدته فترث بالأمومة اتفاقًا.

الثالث: أن تكون إحداهما أقل حجبًا من الأخرى كأم أم هي أخت لأب، كأن يطأ مجوسي بنته فتلد بنتًا ثم يطأ الثانية فتلد بنتًا ثم تموت الصغرى عن العليا بعد موت الوسطى والأب فهي أم أمها وأختها من أبيها فترث بالجدودة دون الأختية؛ لأن أم الأم تحجبها الأم فقط والأختية يحجبها جماعة. وقيل: ترث بالأختية؛ لأن نصيب الأختية أكثر، وإذا كانت القوية محجوبة ورثت بالضعيفة كأن تموت الصغرى في هذا المثال عن الوسطى والعليا فترث الوسطى بالأمومة الثلث والعليا بالأختية النصف. اهـ. الخرشي ومثله في القوانين.

فرع: من لم تكن له عصبة ولا مولى فعاصبه بيت مال المسلمين، يجوز جمع المال في الانفراد ويأخذ ما بقي بعد ذوي السهام عند زيد والإمامين. وقال علي وابن مسعود وأبو حنيفة وابن حنبل: يرد الباقي على ذوي السهام،

ص: 300