الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن لم يكونوا فلذوي الأرحام. وحكى الطرطوشي عن المذهب: أنه يعصب بيت المال إذا كان الإمام عدلاً، وإن لم يكن عدلاً رد على ذوي السهام وذوي الأرحام. وحكي عن ابن القاسم: من مات ولا وارث له تصدق بما له إلا أن يكون الإمام كعمر بن عبد العزيز. اهـ. قاله في القوانين. قلت: وعدم الرد لذوي السهام هو المشهور في المذهب كما في الدردير على أقرب المسالك عند قوله: ولا يرد ولا يدفع لذوي الأرحام لكنه قال: الذي اعتمده المتأخرون الرد على ذوي السهام، فإن لم يكن فعلى ذوي الأرحام، وعلى الرد فيرد على كل ذي سهم بقدر ما ورث إلا الزوج والزوجة فلا رد عليهما إجماعًا. انظر حاشية الصاوي عليه. اهـ.
ولما أنهى الكلام على ما تعلق بمسائل الورثة على وجه الإجمال انتقل يتكلم على ما يخص الجد مع الإخوة، فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في الجد
أي في بيان ما يتعلق بأحوال الجد مع الإخوة. اعلم أنه قد علمت مما تقدم أن الجد مع الإخوة في جهة واحدة ولكن الشارع يخص الجد بمزيد عناية وله في ذلك أحوال تزيده المزية كما سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى. وفي عبارة: ثم شرع في بيان إرث الجد للأب وهو أحد الثلاثة الذين يرثون بالإجماع والاثنان الآخران ابن الابن وابناهما، وقد تكرر أن الجد كالأب عند عدمه: فيرث تارة بالفرض وتارة بالتعصيب وتارة يجمع بينهما، وأنه يحجب ما يحجبه الأب إلا الإخوة الأشقاء والذين للأب.
قال رحمه الله تعالى: (الجد يقاسم الإخوة كأخ)، يعني إذا كان الجد مع الأخ الواحد أو الأخوين فالمقاسمة خير له؛ لأنه يأخذ نصف المال مع الأخ أو الثلث مع الأخوين. وفي الرسالة: فإن لم يكن معه غير الإخوة فهو يقاسم أخًا أو أخوين أو عدلهما أربع أخوات، فإن زادوا فله الثلث فهو يرث الثلث مع الإخوة إلا أن تكون المقاسمة أفضل له. قال خليل: وله مع الإخوة والأخوات الأشقاء أو لأب الخير من الثلث أو المقاسمة اهـ.
قال رحمه الله تعالى: (فإن نقصته عن الثلث فرض له)، يعني أن الجد إن نقصته حالة من أحواله بالمقاسمة أو غيرها عن الثلث فإنه يفرض له ما هو خير منه. قال في الرسالة: فإن كان مع أهل السهام إخوة فالجد مخير في ثلاثة أوجه يأخذ أي ذلك أفضل
له: إما مقاسمة الإخوة أو السدس من رأس المال أو ثلث ما بقي اهـ. وفي القوانين: وإذا اجتمع مع الجد إخوة وذوو سهام كان له الأرجح من ثلاثة أشياء: السدس من رأس المال أو ثلث ما بقي بعد ذوي السهام أو مقاسمة الإخوة كذكر منهم إلا في فريضة يقال لها: الخرقاء وهي أم وجد وأخت فقال
مالك وزيد: للأم الثلث وما بقي يقسمه الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. وقال أبو بكر وابن عباس: لا شيء للأخت. وقال علي: للأم الثلث وللأخت النصف وللجد ما بقي وهو السدس. اهـ.
قال رحمه الله تعالى: (فإن كانوا أشقاء ولأب عادون بالذين للأب ثم يرجع الشقيق بما أخذه والشقيقة بتمام النصف والشقيقتان بتمام الثلثين)، يعني إذا كان الجد مع إخوة شقائق وإخوة للأب يعامل الجد باعتبار أن الإخوة للأب كالأشقاء، فإذا أخذ الجد حقه عومل الإخوة للأب كما لو لم يكن جد فيحجبونهم ويرجع الشقائق بما أخذوه للأب. قال في الرسالة: والإخوة للأب معه في عدم الشقائق كالشقائق فإن اجتمعوا عاده الشقائق بالذين للأب فمنعوه بهم كثرة الميراث ثم كانوا أحق منهم بذلك إلا أن يكون مع الجد أخت شقيقة ولها أخ لأب أو أخت لأب أو أخ وأخت للأب فتأخذ نصفها مما حصل وتسلم ما بقي إليهم اهـ.
قال رحمه الله تعالى: (فإن كان معهم ذو فرض بدئ به ثم ينظر للجد في أحظ الأمور من المقاسمة كجد وأخ وزوجة)، يعني إذا اجتمع الجد والأخ وذو سهم كجد وأخ وزوجة فإنه يبدأ بالزوجة، فالمسألة من أربعة إن لم يكن للميت فرع وارث فلها ربع واحد من أربعة أسهام، وإن كان له فرع وارث فالمسألة من ثمانية: فلها ثمن واحد من ثمانية سهام والباقي بين الجد والأخ بالمقاسمة بالسوية.
قال رحمه الله تعالى: (أو ثلث الباقي كزوجة وجد وثلاثة إخوة)، يعني من أحوال الجد في اجتماعه مع الإخوة وذوي سهم كزوجة وجد وثلاثة إخوة فالمسألة تصح
من اثني عشر: للزوجة ربع ثلاثة لعدم الفرع الوارث وللجد ثلث الباقي بعد فرض الزوجة والباقي بين ثلاثة إخوة لكل واحد منهم اثنان وثلث سهم.
قال رحمه الله تعالى: (أو سدس الأصل كزوج وأم وجد وأخوين)، يعني من أحوال الجد اجتماعه مع الأخوين وذوي فرض، وذلك كزوج وأم وجد وأخوين فالمسألة تصح من اثني عشر: فالزوج له نصفها: ستة لعدم الفرع الوارث وللأم سدس: اثنان لوجود الأخوين وللجد سدسها: اثنان وهو سدس الأصل والباقي اثنان يأخذ كل أخ منهما سهمًا.
قال رحمه الله تعالى: (ولا يفرض للأخت معه إلا في الأكدرية وهي زوج وأم وجد وأخت أصلها ستة وتعول إلى تسعة وتصح من سبعة وعشرين)، يعني من جملة أحوال الجد مع ذوي فرض المسألة المشهورة بالغراء وتسمى أيضًا بالأكدرية. قال في الرسالة وغيرها: ولا يعال للأخت مع الجد إلا في الغراء وهي امرأة تركت زوجها وأمها وأختها لأبوين أو لأب وجدها: فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد
السدس فلما فرغ المال أعيل للأخت بالنصف ثلاثة ثم جمع إليها سهم الجد فيقسم جميع ذلك بينهما على الثلث لها والثلثين له فتبلغ سبعة وعشرين سهمًا. اهـ. وإلى ذلك أشار بعضهم بقوله:
أتيتك بالغراء فاعلم بأنها
…
ستبلغ سبعًا بعد عشرين تجمعه
فللزوج تسع وللأم ستة
…
ثمانية للجد والأخت أربعه
وعبارة ابن جزي في القوانين الفقهية في بيان هذه المسألة أنه قال: لا يفرض للأخت مع جد بل ترث معه في البقية إلا في الفريضة الأكدرية وتسمى الغراء وهي زوج وأم وجد وأخت شقيقة أو لأب: فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس ويعال للأخت بالنصف ثم يرد الجد سدسه ويخلط نصيبه مع نصيب الأخت ثم يقسمانه
للجد ثلثان وللأخت ثلث، وتصح الفريضة من سبعة وعشرين: للجد ثمانية وللأخت أربعة وللزوج تسعة وللأم ستة. هذا مذهب زيد ومالك. وقال عمر وابن مسعود: للزوج النصف وللأخت النصف وللجد سدس وللأم سدس على جهة العول، وإن كان مكانها أختان فأكثر سقط العول؛ لأن الأم لا تأخذ مع الأختين إلا السدس، ويقاسم الجد الأختين وإن كان مكان الأخت أخ شقيق أو لأب لم يكن له شيء؛ لأنه عاصب لم يفضل له شيء بعد ذوي السهام، فإن كان فيها أخ لأب وإخوة ولأم فهي الفريضة المالكية: وذلك أن تترك المتوفاة زوجًا وأمًا وجدًا وأخًا لأب وإخوة لأم: فمذهب مالك أن للزوج النصف وللأم السدس وللجد ما بقي ولا يأخذ الإخوة للأم شيئًا؛ لأن الجد يحجبهم ولا يأخذ الأخ للأب شيئًا؛ لأن الجد يقول له: لو كنت دوني لم ترث شيئًا؛ لأن ذوي السهام يحصلون المال بوراثة الإخوة للأم فلما حجبت أنا الإخوة للأم كنت أحق به. ومذهب زيد: أن للجد السدس وللأخ ما بقي وهو السدس، فإن كان فيها مكان الأخ للأب أخ شقيق فهي أخت المالكية، فمذهب مالك: أن الجد يأخذ ما بقي بعد ذوي السهام دون الأخ. ومذهب زيد: أن للجد السدس خاصة ويأخذ الأخ ما بقي كالحكم في التي قبلها اهـ. كلام ابن جزي. وإلى هذه المسألة الأخيرة أشار رحمه الله تعالى بقوله: (ويسقط الأخ في العالية وهي زوج وأم وجد وأخ يبقى سدس يأخذه الجد)، يعني من أحوال الجد مع ذوي فرض هذه المسألة المشهورة التي تسمى بالعالية وتسمى أيضًا بالمالكية؛ لأن مالكًا خالف فيها زيدًا فيما يأخذه الجد: فعند مالك: الجد يأخذ ما بقي بعد ذوي السهام، وعند زيد: الجد يأخذ السدس والأخ يأخذ ما بقي كما تقدم. قال ابن جزي:
تنبيه: مذهب مالك موافق لمذهب زيد في الفرائض كلها إلا في المالكية
وأختها وتوريث الجدة الثالثة. اهـ. انظر تلخيص مسائل الجد في القوانين فقد أجاد