المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فإن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا أحيوه، فإن اختاروا إحياءه فسيده - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ٣

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحَجْرِ والصُّلْح والحَمَالة والحَوالة

- ‌فَصْلٌفي التفليس

- ‌فَصْلٌفي الصلح وأحكامه

- ‌خاتمة:

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة والكَفَالة والزَّعَامة والضمان

- ‌فَصْلٌفي الحَوَالة

- ‌كتاب العارية والوديعة

- ‌فَصْلٌفي الوديعة

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فَصْلٌفي القسمة

- ‌كتاب الإحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق

- ‌فَصْلٌفي الارتفاق

- ‌فَصْلٌفي الغصب

- ‌فَصْلٌفيما يلزم الإنسان من المواسات في بعض الحالات

- ‌فَصْلٌفي الإستحقاق وأحكامه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌فَصْلٌفي التقاط المنبوذ وأحكامه

- ‌كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعُمْرَى والرقبي

- ‌فَصْلٌفي الهبة

- ‌فَصْلٌفي الصدقة

- ‌فَصْلٌفي العمرى

- ‌فَصْلٌفي الرقبى

- ‌كتاب الوقف

- ‌فَصْلٌفي بيان قِصاص الأطراف

- ‌فَصْلٌفي الدَّية

- ‌فَصْلٌفي الأعضاء

- ‌فَصْلٌفي القَسَامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌فَصْلٌفي الزاني والزانية

- ‌فَصُلٌفي القذف

- ‌فَصْلٌفي الخمر وأحكامها

- ‌فَصْلْفي السارق

- ‌فَصْلٌفي الحد

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الأقضية

- ‌فَصْلٌفي الغائب

- ‌فَصْلٌفي الشهادة

- ‌فَصْلٌفي التنازع

- ‌كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء

- ‌فَصْلٌفي الولاء

- ‌فَصْلٌفي الكتابة

- ‌فَصْلٌفي التدبير والمدبر

- ‌فَصْلٌفي أم الولد

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب المواريث

- ‌فَصْلٌفي الجد

- ‌فَصْلٌفي الفرائض

- ‌فَصْلٌفي المناسخة

- ‌فَصْلٌفي الخنثى

- ‌فَصْلٌفي الميراث

- ‌فَصْلٌفي التركة

- ‌كتاب جامع

- ‌فَصْلٌفي المسابقة

- ‌خاتمة

- ‌تنبيه

الفصل: فإن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا أحيوه، فإن اختاروا إحياءه فسيده

فإن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا أحيوه، فإن اختاروا إحياءه فسيده بالخيار إن شاء تركه يكون عبدًا لهم وإن شاء أفتكه منهم بدية المقتول كما في ابن جزي، هذا في قتل الحر وأما لو قتل العبد عبدًا أو جرحه فلا يخلو من أن يكون ذلك عمدًا أو خطأ: فإن كانت الجناية خطأ فسيد العبد الجاني مُحَّير بين أن يسلمه بجنايته لسيد العبد المجني أو يفتكه بقيمة العبد المجني عليه في القتل أو بما نقص الجرح منه في الجرح، وإن لم ينقص الجرح شيئًا فلا شيئ عليه. وأمَّا إن كانت عمدًا فإن سيد العبد المقتول أو المجروح مُخَّير بين أن يَقْتَصَّ أو يأخذ العبد الجاني إلا أن يشاء سيده أن يفتكه بقيمة المقتول أو بما نقص الجرح منه اهـ. ومثله في الموطأ. ولما أنهى الكلام على ما يتعلق بالقصاص في النفس وما دونها من الجراح والأطراف انتقل يتكم على ما يتعلق بمقدار الدية في الخطأ أو في العَمْد بعد العفو فقال رحمه الله تعالى:

‌فَصْلٌ

في الدَّية

أي في بيان مقدار الدَّية التي تؤخذ في الخطأ في النفس أو العَمْد إن عفا عن الجاني أو في الجراح فيما لا قصاص فيه وما يتعلق بجميع ذلك من الأحكام فقال رحمه الله تعالى: "أما الخطأ ففي النفس الدية ألف دينار على أهل الذهب واثنا عشر ألف درهم على أهل الورق ومائة من الإبل على أهلها مُخمسة عشرون ابن لبون وعشرون بنت لبون وعشرون بنت مخاض، وعشرون حقه وعشرون جذعة وفي العمد على القول بها كالخطأ" يعني أن دية الخطأ في قتل النفس على أهل

الذهب ألف دينار وعلى أهل الإبل مائة من الإبل كما في الحدث إلَاّ أنها تختلف أنواعها باختلاف موجبها، منها مخمَّسة ومنها مربعة ومنها مربعة ومنها مثلثة، فدية الخطأ مخمسة،

ص: 126

ودية العمد إن قُبِلَنْ مربَّعة خلاف ظاهر قول المصنف بقوله كالخطأ، ودية الابن على أبيه مثلثة مغلظة في ماله كما تقدم، وأما غيرها فعلى العاقلة إلا العَمْد ففي مال الجاني وهي مربعة. قال في الرسالة: ودية العمد إذا قُبِلَتْ خمس وعشرون حِقّة وخمس وعشرة جّذَعَة وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون بنت مخاض، ودية الخطأ مخمسة عشرون من كل ما ذكرناه وعشرون ابن لبون ذكرًا. قال خليل: ورُبعت في عَمْدٍ بحذف ابن اللبون فهي ناقصة عن دية الخطأ بالنسبة للأنواع وإن كانت العدة واحدة؛ وإنما أخذت الأنواع الأربعة تغليظًا على القاتل، كما أن دية الخطأ خُمسَتْ رفقًا بمؤذيها وهم العاقلة قيل رفقًا بالمخطئ اهـ بطرف من النفراوي. قال الدردير في أقرب المسالك: ودية الحر المسلم في الخطأ على البادي مخمَّسة بنت مَخاض وولد لبون وحِقَّة وجَذَعة أي عشرون من كل نوع كما تقدم، قال: ورُبَّعَت في عَمْدٍ بحذف ابن اللبون وثُلَّثَتْ في الأصل ولو مجوسيًا في عَمءدِ لم يُقْتَل به بثلاثين حِقّة وثلاثين جّذَعة وأربعين خلفة بلا حدّ سن فتغلَّظ كجرح العَمْد وعلى الشامي والمصري والمغربي ألف دينار وعلى العراقي اثنا عشر ألف درهم إلا في المثلثة فيزاد بنسبة ما بين دِيضة الخطأ على تأجيلها والمثلثة حالة اهـ. انظر شراح خليل.

قال رحمه الله تعالى: "والصلح على مبهمة مربعة فيسقط بنو اللبون ويؤخذ من كل من البواقي خمس وعشرون" يعني إذا وقع الصُّلْح على دِيَة مبهمة في قَتْلِ العَمْد أو فيما لا قصاص فيه أو قال أولياء الدم: عفَوْنا على الدَّيَة أو عفا بعضهم مجانًا وبعضهم عليها مبهمة، فلِمَن لم يَعْفُ نصيبه منها، فالصُّلْح في جميع ذلك أن تكون الدَّيَة مربَّعة بحذف ابن اللبون من الأنواع الخمسة، فتكون المائة من الأصناف الباقية من كلًّ خمسًا وعشرين أي فتكون خمسًا وعشرين بنت لبون وخمسًا وعشرين بنت مَخاض وخمسًا وعشرين حِقَّة وخمسًا وعشرين جذعة اهـ الموطأ وطرف من الدردير.

ص: 127

قال رحمه الله تعالى: "والمَذْهَبُ أَنَّ شِبْهَ العَمْدِ بَاطِلٌ وَقِيلَ بصحته فَتَجِبُ بِهِ مغلظة ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة" اعلم أن الأئمة اختلفوا في شبه العَمْد هل هو باطل لا عتبار به وهو المذهب عند مالك وأكثر أصحابه؛ لأن القتل عندا إما عَمْدًا أو خطأ لا غير كما في بحر المحيط أم يعتبر به فيكون صحيحًا كما قيل به في بعض الرواية عن مالك وإليه ذهب الجمهور. قال في كتاب الرحمة في

اختلاف الأُمّة: وأما دية شبه العمد فهي مثل دية العمد المحض عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وأختلفت الرواية عن مالك في ذلك اهـ. قال ابن جزي في القوانين في صفة القتل: وهو على ثلاثة أنواع اثنان متفق عليهما وهما العمد والخطأ وواحد مختلف فيه وهو شبه العمد إلى أن قال: وأما شبه العمد فهو أن يقصد الضرب ولا يقصد القتل، والمشهور أنه كالعمد وقيل كالخطأ وقيل: تغلظ فيه الدية وفاقًا للشافعي اهـ. قال الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي في سورة النساء: وبينت السنّة أن بين العمد والخطأ قَتْلاً يسمَّى شبه العمد وهو أن يقتله بما لا يقتل غالبًا، فلا قصاص فيه أي على مذهب الشافعي بل دية كالعمد في الصفة والخطأ في التأجيل والحمل وهو والعمد أوْلَى بالكفّارة من الخطأ اهـ. قال الصاوي في حاشيته على الجلالَيْن: قوله: يُسَمّى شبه العمد أي فأشبه العمد من حيث تغليظ الدية بكونها من ثلاثة أنواع: ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة، وأشبه الخطأ من حيث كونه لا قصاص فيه، وهذا مذهب الشافعي، وعند أبي حنيفة لا يُقْتَصُّ من القاتل إلَاّ إذا قَتَلَه بآلة محدَّدة كسيفٍ وبندق وإلا فتلزمه الدية. وعند مالك يُقْتَصُّ من القاتل إذا قَتَلَ بأي آلة ولو بضرب كف أو سوط لا بكمروحة. قوله: وهو أي شبه العمد أوْلى بالكفّارة أي فتجب، وهذا أيضًا مذهب الشافعي، وأمَّا عند مالك ليس كالخطأ بل تُسَمَّى الكفّارة فقط اهـ. كلام الصاوي. قال العلاّمة ابن رشد في البداية والنهاية: وأمَّا قَدْرُها ونوعها فإنهم اتفقوا على أن دِيَة الحرَّ المسلِم على أهل الإبل مائة من الإبل وهي في مذهب ثلاث

ص: 128

دِيات دِيَة الخطأ ودِيَة العَمْد إذا قُبِلَتْ ودِيَة شبه العَمْد وهي عند مالك في الأشهر عنه مثل فِعْل المدلجي بابنه. انظر بقية العبارات والروايات وكلام الأئمّة في كتاب ابن رشد المذكور وبالله تعالى التوفيق.

قال رحمه الله تعالى: "فالخطأ على العاقلة وهم العصَبَاتُ فإنْ لَمْ يَكُنْ فَالمَوَالِي فإنْ لمْ يَكُنْ فَبَيْتُ المَالِ" يعني أن دِيَة قَتْلِ الخطأ تحملها العاقلة وهم عصبات القاتل. قال ابن جزي في القوانين: وتؤدي دِيَة الخطأ عاقلة القاتل وهم عصبته من الأقارب والموالي تنجم عليهم في ثلاث سنين، وفإن لم تكن له عاقلة أدَّيت من بيت المال، ويؤدّي القاتل دِيَة العَمْد من مالِهِ حالاً وقيل: تنجم عليه وتؤدّي العاقلة عَمْدَ الصبي والمجنون. وإنما تؤدي العاقلة الدَّيَة بأربعة شروط؛: وهي أن تكون الثُّلُث فأكثر وأن تكون دّم احترازًا من قيمة العبد وأن تكون عن خطأ وأن يثبت بغير اعتراف، وإنما يؤديها منهم من كان ذكراً بالغًا عاقلاً موسرًا موافقًا في الدَّين والدار، وتوزَّع عليهم على حَسَبَ حالهم في المال، فيؤدّي كل [3/ 99/] [100] واحد منهم ما لا يَضُرُّ به ويبدأ بالأقرب فالأقرب وهي مورثة عن القاتل على حَسَبِ الفرائض وتدخل فيها وصيَّته اهـ بتصرف وحذف. وعبارة الدردير في أقرب المسالك أنه قال: وهي أي عاقلة أهل ديانه وعصبته ومواليه وبيت المال، وبدأ بالديوان إن أعطوا فالعصبة فالموالي الأعلون فالأسفلون فبَيْتُ المال إن كان الجاني مسلِمًا وإلَاّ فالذَّمَّي ذوو دِينِه والصّلْحي أهل صُلْحه، وضرب على كل ما لا يضُرُّ به وعقل عن صبي ومجنون وامراة وفقير وغارم ولا يعقلون. والعبرة وقت الضرب لا إن قَدِمَ غائب أو أيسر فقير أو بلغ صبي، ولا يسقط بعسر أو موتٍ وحلَّتْ به. ولا دخول لبدويَّ مع حضريّ ولا شاميّ مع كمصري الكاملة في ثلاث سنين من يوم الحُحْم تَحِلُّ بأواخرها. والثُّلُث في سنة والثُّلُثان فس سنتَيْن كالنصف وثلاثة الأرباع، وحدها الذي لا يضم إليه ما بعده سبمائة. يعني إذا وجد هذا العدد من العصبة فلا يضم إليهم غيرهم

ص: 129

مِمَّن بعد من الموالي. وإن لم يكمل العصبة العدد يكمل الموالي وهكذا حتى يكمل، لكن ليس العدد المذكور حدًا بحيث لا يُزاد عليه فِيمن يضر بها عليه، فراجعْ خليل وشراحه إن شئت اهـ بتوضيح منه.

قال رحمه الله تعالى: "ويعقل عن الذمي أهل ديوانه وتسقط بحسب الاجتهاد على قدر أحوالهم ولا يؤخذ غني بفقير والجاني كغيره" يعني أنه إذا قَتَلَ الذَّمَّيّ ذِمكَّيًا مثله خطأ فالدية يؤديها أهل ديوانه، وهي نصف دية المسلم وتقُقَسَّطُ أي تُجَزّأ، قال في المصباح: وقسطَ الخراج تقسيطًا إذا جعله أجزاء معلومة أي يجعل الإمام على كل واحد بقدر حاله وذلك على اجتهاد منه ومن ولاة الأمور، ولا يؤخذ غني بفقير ولا غائب بحاضر، ويُحْسَبُ الجاني كغيره ولا يُزاد عليه. ثم قال رحمه الله تعالى:"وعليه عتق رقبة مؤمنة كما تقدم فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ولا إطعام فيها" يعني تجب على السملم في قتله مسلمًا خطأ كفارة بعد تسليم الدية إلى أهل المقتول كما أمر الله تعالى بذلك بقوله سبحانه في سورة النساء: "ومن قتل مؤمنصا خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مُسلمة إلى أهله"[النساء: 92] وقوله تعالى: "فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين"[النساء: 92]. ولم يذكر الله تعالى في كفّارة قَتْلِ الخطأ الانتقال إلى الطعام كما ذكر ذلك في الظهار وهي مرتَّبة ومشروطة بتتابع صيامها. قال النفراوي في الفواكه: فهي مرتبة ككفارة الظهار، وجميع ما يُشْتَرِطُ في رقبة الظهار والصوم يُطْلَبُ هنا وما يُمْتَنَع هناك يُمْتَنَع هنا، فإن لم يتابع الصوم فإن أفطر عَمْدًا ابتداه، وأمَّا لو أفطر نسيانًا أو لِحَيْضٍ أو لِمَرَضٍ فلا يبتدئه ولكن يجب عليه أن يواصل صوْمَه بعد زوال المرض أو الحيض، فإن لم يستطع عَتْقًا انتظر القدرة على أحدهما؛ لأنه ليس هنا إطعام بخلاف كفارة الفطر في رمضان.

تنبيه: لم يبين المصنف من تجب عليه كمفارة القتل من القاتلين وهو الحر المسلم بشرط حرية المقتول وإسلامه وعصمته. قال خليل: وعلى القاتل الحر السملم وإن صبيًا أو مجنوناً أو شريكًا إذا قتل مثله معصومًا خطأ عَتْقُ رقبة، وبعجزها

ص: 130

شهران كالظهار، فلا تجب على عبد ولا كافر. ولا في قَتْل غير معصوم كزانٍ محصّن ومرتد وزنديق ولا في عَبْدٍ ولا كافر وتؤخذ كفارة القتل من مال الصبي والمجنون؛ لأنها من باب خطاب الوضع كالزكاة، ولو أعسر كلّ فالظاهر انتظار البلوغ والإفاقة حتى يصوما. وإنّما وُجِبَتِ الكفّارة في قتل الخطأ مع عدم إثم القاتل لخطر أمر الدماء، وأمَّا كفّارة اليمين فإنَّما وَجَبَتْ الكفارة في قتل الخطأ مع عدم إثم القاتل لخطر أمر الدماء، وأمَّا كفّارة اليمين فإنَّما وَجَبَتْ مع عدم إثْم الحالف كالحانث بالنسيان للزجر عن التحرّي على الحِلْف اهـ. ولم يذكر الله تعالى في كتابه كفّارة العَمْد، ولذلك قال صاحب الرسالة: ويؤمَرُ بذلك أي بإخراج الكفّارة ندبًا إن عفي عنه في قَتْل العَمْد فهو خير له، لعظم ما ارتكبه من الإثم، فهو كاليمين الغموس التي لا يكفرها إلَاّ النار أو عَفْهوُ الباري، فالمطلوب منه المبادرة إلى التوبة والتقرُّب إلى الله بالكفّارة وبكلَّ ما استطاع من أنواع الخير. قال خليل: وندبت في جنين ورقيق وعَمْدٍ وعَبْدٍ وذِمَّيَّ. والمعنى أنها مندوبة في قَتْلِ الرقيق سواء كان مملوكًا له أو لغيره وكذا في قَتْل العَمْد الذي لم يُقْتَل به وكذا في قَتْلِ الذَّمَّيّ ولو قَتَلَه خطأ اهـ النفراوي ومثله في القوانين وعبارة الخرشي أنه قال: والمعنى أن القاتل الحرَّ المسلم وإن صبيًا أو مجنونًا أو شريكًا إذا قَتَل معصومًا مثله قَتْلاً خطأ فإنه يلزمه عَتْقُ رقبة مؤمنة، فإن عجز عن العَتْقِ فإنه ينتقل إلى الصوم ولا يجزئ مع قدرته على عَتْقِ الرقبة. وحُكْمُ صيام الشهرَيْن وعَتْق الرقبة حُكْمُ صيام الشهرَيْن وعَتْقُ الرقية في كفّارة الظهار، فما يُطْلَبُ هناك يُطْلَبُ هنا وما يُمتَنَعُ هنا يُمْتَنَعُ هنا اهـ باختصار.

قال رحمه الله تعالى: "وتتعدد بتعدد القتلى" أي تتعدد الديات بتعدد المقتولين كما تتعدد الكفارات بذلك: فلو قَتَلَ رجلاً واحدًا خطأ للزمت الدية على عاقلته وعليه كفّارة، وإن قتل رجلَيْن كذلك فدِيَتان وعلهي كفّارتان، وهكذا ككفّارة الصيام في رمضان فإنها تتعدَّد بانتهاك حُرمة الشهر كما تقدَّم هناك. قال في المدوَّنة: على كلَّ واحد من الشركاء في دِيَة واحدة خطأ كفّارةٌ. قال الخرشي: فيلزم كلُّ واحد منهما أو منهم كفارة كاملةولو لم يخصه من الدية إلا جزء قليل؛ لأن ذلك عبادة وهي لا تتبعَّ. قال العلاّمة العدوي

ص: 131

في حاشيته على الخرشي: ولو تعدَّد القالت والمقتول لوَجَبَ على كلَّ واحد من القاتلين كفَارة في كلَّ واحد من المقتولين اهـ.

قال رحمه اللَّه تعالى: "ولا تحمل العاقلة عمدًا ولا عبدًا ولا اعترافاً ولا

قَاتِلَ نَفْسِهِ وَلَا دُونَ الثُّلث" يعني أن العاقلةب ريئة عن خمسة أشياء لا تحمل واحدًا منها. قال في الرسالة: "ولا تحمل العاقلة قتل عمد ولا اعترافًا به وتحمل من جراح الخطأ ما كان قدر الثُّلُث فأكثر، وما كان دون الثُّلُث ففي مال الجاني، وفي موضع آخر: ومن قتل عبدًا فعليه قيمته لو زادت على دِيَة الحرَّ، ويضغْرِمها القاتل في مالِهِ سواء قَتَلَه عَمْدًا أو خطأ وفي أُخرى: ولا تعقل العاقلة مَنْ قَتَلَ نفسه عَمْدًا أو خطأ بل يكون دَمُه هَدُرًا في العَمْد اتفاقًا. وفي الخطأ على المشهورز فتلخّص أن الاعقالة لا تحمل على الجاني إلَاّ بشروط خمسة: حرية المجني عليه وكون الجناية خطأ أو حُكْمُ الخطأ بثبوت الجناية ببيَّنة أو قَسَامة لا باعتراف وبولغ الواجب ثُلثُ دِيَة الجاني أو المجني عليه وألاّ تكون الجناية من الجاني على نفسه. والدليل على ذلك كلَّه قوله صلى الله عليه وسلم "لا تحمل العاقلة عَمْدًا ولا عَبْدًا ولا اعترافًا ولا صُلحًا ولا ما دون الثُّلُث" اهـ. رواه ابن شهاب عن ابن عباس مرفوعاً.

قال رحمه الله تعالى: ودية الذمي نصف دية المسلم:" يعني أن دية الذمي نصف دية الحر المسلم، سواء كان الذمي يهوديًا أو نصرانيًا كما في الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قَضَى أن دِيَة اليهودي أو النصراني إذا قُتِلَ أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صىل الله عليه وسلم قال: عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى. رواه النسائي ولأبي داود بهذا الإسناد: دِيَة المعاهد نِصْفُ عَقْل المسلمين وهم اليهود والنصارى. رواه النسائي ولأبي داود بهذا الإسناد: دِيَة المعاهد نصف دية الحرَّ وبه أخذ مالك وجميع أصحابعه. قال ابن جزي في القوانين: وأما اليهودي والنصراني والذمي فديته نصف دية المسلم. وقال الشافيع: ثُلْثُ دِيَة المسلم. وقال أبو حنيفة: مِثْلُ دِيَة المسلِم اهـ.

ص: 132

قال رحمه الله تعالى: "والمجوسي ثمانمائة درهم وأنثى كل صنف نصف ذكره" يعني أن المجوسي ديته ثمانمائة درهم ونساؤهم علّى النصف من ذلك. قال خليل: والمجوسي والمرتدّ ثُلُث خُمْس دِيَة الحرَّ المسلِمك، وثُلُث الخُمْس من الذهب ستة وستون دينارًا وثُلُثا دينار ومن الإبل ستة أبعره وثُلُثا بعير فتكون دِيَة المرتدة ومثلها المجوسية من الورق أربعمائة درهم ومن الذهب ثلاثة وثلاثون دينارًا وثُلُث وثُلُث بعير اهـ النفراوي. ومثله في الدردير.

قال رحمه الله تعالى: "وفي الرقيق قيمته ما لم تتجاوز دِيةَ الحر" يعني أنه يلزم على قاتل الرقيق قيمته ما لم تتجاوز دِيَة الحرَّ، لكن المعتمد لزوم القيمة ولو زادت على دِيَة الحرَّ المسلم. قال خليل: وفي الرقيق قيمته وإن زادت. قال الخرشي: يعني أن مَنْ قَتَلَ رقيقًا فإنه يلزمه قيمته ولو زادت على دِيَة الحرَّ المسلم؛ لأن الرقيق مال فهو كسلعة أتلفها شخص فتلزمه قيمتها سواء كان القتل خطأ أو

عَمْدًا إلَاّ أن يكون الجاني مكافئًا له فيُقْتَل به. وعبارة الدردير أنه قال: وفي قتل الرقيق قيمته وإن زادت قيمته على دِيَة الحرَّ؛ لأنه مال كسائر الأموال المُتْلَفَة ففيها القيمة بالغة ما بلغت اهـ.

قال رحمه الله تعالى: "وجناية الصبي والمجنون كالخطأ" يعني أن حُكْمَ جناية الصبي والمجنون حُكْمُ الخطأ. قال في الرسالة: وإن قَتَلَ مجنون رجلاً فالدية على عاقلته. وعمد الصبي كالخطأ وذلك على عاقلته إن كان ثُلُث الدية فأكثر وإلَاّ ففي ماله. والمراد بالصبي كلُّ مَنْ لم يبلغ ولو أنثى فجنايته كالخطأ، فلا يُقْتَصُّ منه لقوله صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الغلام حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق" أهـ بطرف من النفراوي. ولمَّا أنهى الكلام على ما تعلق في بيان ما تقدَّم من القِصاص وغيره انتقل يتكلم على أحكام الأعضاء المخصوصة بالدَّيَة الكاملة أو القِصاص على الجاني بنصص الشارع الحكيم فقال رحمه الله تعالى:

ص: 133