المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال: فأجبت بما نصه الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ٣

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحَجْرِ والصُّلْح والحَمَالة والحَوالة

- ‌فَصْلٌفي التفليس

- ‌فَصْلٌفي الصلح وأحكامه

- ‌خاتمة:

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة والكَفَالة والزَّعَامة والضمان

- ‌فَصْلٌفي الحَوَالة

- ‌كتاب العارية والوديعة

- ‌فَصْلٌفي الوديعة

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فَصْلٌفي القسمة

- ‌كتاب الإحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق

- ‌فَصْلٌفي الارتفاق

- ‌فَصْلٌفي الغصب

- ‌فَصْلٌفيما يلزم الإنسان من المواسات في بعض الحالات

- ‌فَصْلٌفي الإستحقاق وأحكامه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌فَصْلٌفي التقاط المنبوذ وأحكامه

- ‌كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعُمْرَى والرقبي

- ‌فَصْلٌفي الهبة

- ‌فَصْلٌفي الصدقة

- ‌فَصْلٌفي العمرى

- ‌فَصْلٌفي الرقبى

- ‌كتاب الوقف

- ‌فَصْلٌفي بيان قِصاص الأطراف

- ‌فَصْلٌفي الدَّية

- ‌فَصْلٌفي الأعضاء

- ‌فَصْلٌفي القَسَامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌فَصْلٌفي الزاني والزانية

- ‌فَصُلٌفي القذف

- ‌فَصْلٌفي الخمر وأحكامها

- ‌فَصْلْفي السارق

- ‌فَصْلٌفي الحد

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الأقضية

- ‌فَصْلٌفي الغائب

- ‌فَصْلٌفي الشهادة

- ‌فَصْلٌفي التنازع

- ‌كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء

- ‌فَصْلٌفي الولاء

- ‌فَصْلٌفي الكتابة

- ‌فَصْلٌفي التدبير والمدبر

- ‌فَصْلٌفي أم الولد

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب المواريث

- ‌فَصْلٌفي الجد

- ‌فَصْلٌفي الفرائض

- ‌فَصْلٌفي المناسخة

- ‌فَصْلٌفي الخنثى

- ‌فَصْلٌفي الميراث

- ‌فَصْلٌفي التركة

- ‌كتاب جامع

- ‌فَصْلٌفي المسابقة

- ‌خاتمة

- ‌تنبيه

الفصل: قال: فأجبت بما نصه الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا

قال: فأجبت بما نصه الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله: نعم يقضي على الموهوب له بدفع الثواب للواهب إن شرط أو اعتيد، وتعتبر اقيمة يوم الدفع لا يوم الطلب كما في الخرشي وغيره، فيلزم الموهوب له في المثال أربعون قرشًا، أو عرض يساويها واعتيدت إثابته لأنها قيمة الأردب يوم دفعه. قال ابن العطار: ما يهدى من الكباش وغيرها عند العرس فإنه يقضي للطالب لامكافأة عليه للعرف، وإن الضمائر منعقدة على أنه يهديه مثلها إذا كان له عرس، ونزلت عند فقضي له بذلك وحاسبه بما أكل عنده في ذلك الصنيع من قيمة ذلك. نقله ابن سلمون. واستفيد من قوله إذا كان له عرس أنه يلزم الواهب الصبر حتى يحدث له عرس، ونحوه في البرزلي. وظاهر كلام التتائي أنه لا يلزمه الصبر إليه إن جرى به العرف، وتبعه الأجهوري والخرشي، ونصه: وأما الموهوب له فلا يلزمه أن يدفع الثواب إلا أن تفوت بيده بزيادة أو نقص فتلزمه القيمة يوم قبض الهبة، وللواهب الرجوزع بقيمة شيئه معجلاً ولا يلزم أن يصبر إلى أن يتجدد له عرس اهـ عليش انظره.

ولما أنهى الكلام على ما يتعلق بالهبة أتبعها بالكلام على ما يتعلق بأحكام الصدقة التي يقصد بهامحض ثواب الآخرة فقال رحمه الله تعالى:

‌فَصْلٌ

في الصدقة

أي في بيان ما يتعلق بالصدقة، وهي التمليك لقصد ثواب الآخرة، ولا تكون إلا لله تعالى كما علمت من تعريف الهبة؛ لأن التعريف جامع لهما، وإ، ما التغاير بقصد ثواب الآخر وقصد وجه المعطى بالفتح. وفاعل الصدقة يسمى متصدقًا، والمفعول متصدق به ومتصدق عليه. قال ابن جزي: والهبة لوجه الله تعالى تسمى صدقة فلا رجوع فيها أصلاً ولا اعتصار، ولا ينبغي للواهب أن يرتجعهاب شراء ولا غيره، وإن كانت شجرًا فلا

ص: 93

يأكل من ثمرها، وإن كانت دابة فلا يركبها غلا أن ترجع إليه بالميراث اهـ.

قال رحمه الله تعالى: "الصدقة العطية لله، وصحتها كالهبة، ولا رجوع فيها لوالد ولا غيره، ولا ينتفع المتصدق بها ولا يشتريها بخلاف رجوعها ميراثًا" يعني

أنه قد أخبر أن الصدقة هي العطية وصحتها كالهبة. وتقدم الكلام على الهبة وأركانها وشروطها، وذكر هنا أنه لا يجوز لأحد الرجوع في صدقته، لما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه كا ينهي عن ذلك كما نهى عمر بن الخطاب وزيد بن حارثة عن شراء الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله، وقال صلى الله عليه وسلم "لا تشتره وإن أعطاكم بدرهم، إن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه" ولذا قال مالك رحمه الله: لا يشتري الرجل صدقته لا من الذي تصدق بها عليه ولا من غيره" قاله في المدونة. قال أبو محمد في الرسالة: ولا يرجع الرجل في صدقته ولا ترجع إليه إلا بالميراث اهـ. قال خليل: وكُرِهَ تملك صدقة بغير ميراث، وحمل النهي على الكراهة وهو مشهور المذهب، وحمله الداودي على التحريم، واستظهره ابن عرفة وأبو الحسن من أصحابنا. قاله النفراوي.

قال رحمه اللَّه تعالى: "وللصحيح التصدق بجميع ماله، وأن يخص بعض أولاده، والأولى المساواة" يعني أن الشخص إذا كان صحيحًا له أن يتصدق بجميع ماله على الفقراء، أو على المعين وذلك للَّه تعالى أي وابتغاء لثواب الآخرة لأن الصدقة مستحبة، ولأن الله تعالى أثنى على فاعل ذلك بقوله:"ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"[الحشر: 9] ولأن الصديق، رضي الله عنه، تصدق بجميع ماله ولم ينكر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وفعله جماعة من الصحابة، رضي الله عنهم، أجمعين. قال في الرسالة: ولا بأس أن يتصدق على الفقراء بماله كله لله اهـ. وأما قوله وأن يخص إلخ فالمعنى ويجوز للشخص الصحيح العاقل الرشيد أن يخص بعض أولاده بهبته أو صدقته، فإن وقع ذلك لبعضهم بأن تصدق بماله كله له جاز مع الكراهة بشرط الحيازة قبل حصول المانع من

ص: 94

الواهب. وأما إذا تصدق له بشيئ من ماله فذلك جائز بغير كراهة. قال في الرسالة: ويكره أن يهب لبعض ولده ماله كله، وأما الشيئ منه فذلك سائغ اهـ. قال ابن جزي في القوانين: ويجوز أن يهب الإنسان ماله كله لأجنبي أتفاقًا. وأما هبة جميع ماله لبعض ولده دون بعض، أو تفضيل بعضهم على بعض في الهبة فمكروه عند الجمهور، وإن وقع جاز. وروي عن مالك المنع وفاقًا للظاهرية، والعدل هو التسوية بينهم. وقال ابن حنبل: للذكر مثل حظ الأُنثيين اهـ. والدليل على ما ذكر ما ورد "أن النعمان بن بشير نحله أبوه شيئُا من ماله، وأراد أبوه أن يشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟." قال لأن قال: "فارجع" فرجع فرَدَه عطيته. ووجه الدلالة للمشهور من الكراهة أ، النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالرجوع وامتنع من الشهادة فدل ذلك على عدم كمالها، ولو كانت باطلة لقال عليه الصلاة

والسلام إنهاباطلة، وعلة الكراهة أن عطية الأب كل ماله أو جله لبعض الأولاد يؤدي إلى عقوق الباقين وحرمانهم، ويؤدي إلى تباغضهم، والمطلوب الحرص على المواصلة والموداة والعدل بينهم، ولذا جاء في بعض الروايات "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" اهـ. نقله النفراوي.

قال رحمه الله تعالى: "ولا يهب ولا يتصدق إلا رشيد، وإلا فلأن ولا يهب أو يتصدق إلا أهل التبرع، وهمافي الصحة من رأس المال، وفي المرض من الثلث" يعني أنه تقدم أن الهبة والصدقة لا يصح واحد منهما إلا لمن له التبرع. قال الدردير وخرج بذلك الصبي، والمجنون، والرقيق، والسفيه، ومن أحاط الدين بماله، والسكران، وكذا المريض والزوجة فيما زاد على ثلثهما إلا أن هبتهما فيما زاد على الثلث صحيحة موقوفة على الوارث والزوج، وكذا من أحاط الدين بماله فإنها موقوفة على رب الدين، بخلاف المجنون والسفيهوالصغير فباطلة كالمرتد لأنه لا ملك له في حال الردة، ولا تصح هبته، ولا صدقته، ولا شيئ من أعماله حتى

ص: 95