المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأحسن فيه جزاه الله تعالى عن المسلمين خير جزاء. ولما أنهى - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ٣

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحَجْرِ والصُّلْح والحَمَالة والحَوالة

- ‌فَصْلٌفي التفليس

- ‌فَصْلٌفي الصلح وأحكامه

- ‌خاتمة:

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة والكَفَالة والزَّعَامة والضمان

- ‌فَصْلٌفي الحَوَالة

- ‌كتاب العارية والوديعة

- ‌فَصْلٌفي الوديعة

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فَصْلٌفي القسمة

- ‌كتاب الإحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق

- ‌فَصْلٌفي الارتفاق

- ‌فَصْلٌفي الغصب

- ‌فَصْلٌفيما يلزم الإنسان من المواسات في بعض الحالات

- ‌فَصْلٌفي الإستحقاق وأحكامه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌فَصْلٌفي التقاط المنبوذ وأحكامه

- ‌كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعُمْرَى والرقبي

- ‌فَصْلٌفي الهبة

- ‌فَصْلٌفي الصدقة

- ‌فَصْلٌفي العمرى

- ‌فَصْلٌفي الرقبى

- ‌كتاب الوقف

- ‌فَصْلٌفي بيان قِصاص الأطراف

- ‌فَصْلٌفي الدَّية

- ‌فَصْلٌفي الأعضاء

- ‌فَصْلٌفي القَسَامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌فَصْلٌفي الزاني والزانية

- ‌فَصُلٌفي القذف

- ‌فَصْلٌفي الخمر وأحكامها

- ‌فَصْلْفي السارق

- ‌فَصْلٌفي الحد

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الأقضية

- ‌فَصْلٌفي الغائب

- ‌فَصْلٌفي الشهادة

- ‌فَصْلٌفي التنازع

- ‌كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء

- ‌فَصْلٌفي الولاء

- ‌فَصْلٌفي الكتابة

- ‌فَصْلٌفي التدبير والمدبر

- ‌فَصْلٌفي أم الولد

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب المواريث

- ‌فَصْلٌفي الجد

- ‌فَصْلٌفي الفرائض

- ‌فَصْلٌفي المناسخة

- ‌فَصْلٌفي الخنثى

- ‌فَصْلٌفي الميراث

- ‌فَصْلٌفي التركة

- ‌كتاب جامع

- ‌فَصْلٌفي المسابقة

- ‌خاتمة

- ‌تنبيه

الفصل: وأحسن فيه جزاه الله تعالى عن المسلمين خير جزاء. ولما أنهى

وأحسن فيه جزاه الله تعالى عن المسلمين خير جزاء.

ولما أنهى الكلام على ما تعلق بمسائل الجد وأحواله المتقدمة انتقل يتكلم على ما يتعلق بالأصول وهو بالمعنى: العدد الذي يخرج منه سهام الفريضة صحيحًا.

قال رحمه الله تعالى:

‌فَصْلٌ

في الفرائض

أي في بيان ما يتعلق بأصول الفرائض وعولها. والعول هو زيادة في السهام عند ازدحامها يلزمها النقص في الأنصباء بحسب الحصص. أما أصول المسائل فعدها المتقدمون سبعة وزاد المتأخرون أصلين في مسائل الجد مع الإخوة، ولذا قال بعضهم: أصول المسائل تسعة: اثنان، وثلاثة، وأربعة، وستة، وثمانية، واثنا عشر، وأربعة وعشرون، وثمانية عشر، وستة وثلاثون، واقتصر المصنف على ما مشى عليه المتقدمون ولذا قال رحمه الله تعالى:(الأصول سبعة)، يعني أن الأصول التي هي مخرج السهام سبعة أو تسعة باعتبار ما زادوه: الأول كما قال المصنف: (الاثنان) وصور ذلك بقوله: (كنصف ونصف كزوج وأخت أو وما بقي كبنت وأخت)، يعني أن أول الأصول السبعة أو التسعة: الاثنان لأنها مخرج النصف أو ما بقي بعدم كما وصف المصنف بقوله: كزوج وأخت أي كأن ماتت امرأة وتركت زوجها وأختها شقيقة أو للأب وكل واحد من الزوج والأخت يأخذ النصف أي واحدًا من اثنين، فالزوج له النصف لعدم الفرع الوارث والأخت تأخذ ما بقي وهو النصف الثاني تعصيبًا كذلك قوله: أو وما بقي كبنت وأخت، والمراد بالبنت مطلقًا سواء كانت بنت صلب أو بنت الابن فإنها تأخذ النصف إذا انفردت بعد أخذ البنت نصف المال فتأخذ النصف الثاني وهو ما بقي عن فرض بنت تعصيبًا أيضًا.

ص: 305

قال رحمه الله تعالى: (والثلاثة لثلث وثلثين)، يعني أن أصل الثاني من الأصول السبعة أو التسعة الثلاثة؛ لأنها مخرج للثلث والثلثين وصور ذلك بقوله رحمه الله تعالى:(كشقيقتين وأختين لأم أو ما بقي كأم وشقيق)، يعني إذا هلك هالك وترك شقيقتين له وأختين للأم فالمسألة تصح من ثلاثة: للأختين الشقيقتين الثلثان أي لهما سهمان من ثلاثة أسهم كما هو واضح وما بقي وهو الثلث للإخوة للأم. قوله: أو ما بقي كأم وشقيق يعني إذا هلك هالك وترك أمه وشقيقه فالمسألة تصح من ثلاثة: فلأمه الثلث وهو سهم والباقي ثلثان يأخذه الشقيق تعصيبًا.

قال رحمه الله تعالى: (والأربعة لربع وما بقي)، يعني أن أصل الثالث من الأصول السبعة أو التسعة الأربعة: لأنها مخرج لربع وما بقي كما مثل المصنف

بقوله: (كزوجة وشقيق أو نصف وما بقي كزوج وبنت وعاصب)، يعني إذا مات شخص وترك زوجة وشقيقًا فالمسألة تصح من أربعة: فللزوجة ربع وهو سهم واحد وللأخ الشقيق ثلاثة وهو ما بقي بعد فرض الزوجة يأخذه بالتعصيب. قوله: أو نصف وما بقي يعني أن الأربعة مخرج لنصف وما بقي كزوج وبنت وعاصب فإن للزوج الربع واحد من أربعة وللبنت النصف اثنان وما بقي للعاصب وهو سهم واحد.

ثم قال رحمه الله تعالى: (والثمانية لثمن وما بقي)، يعني أن أصل الربع من الأصول السبعة أو التسعة الثمانية؛ لأنها مخرج لثمن وما بقي كما صوره بقوله:(كزوجة وابن أو نصف وما بقي كزوجة وبنت وعم)، يعني إذا مات شخص وترك زوجته وابنه فالمسألة تصح من ثمانية: فللزوجة ثمن المال واحد والباقي للابن تعصيبًا. قوله: أو نصف وما بقي كزوجة وبنت وعم، فتصح أيضًا من ثمانية. للزوجة الثمن كذلك وللبنت النصف أربعة وما بقي للعم تعصيبًا. فهذه الأصول الأربعة المتقدمة لا تعال، وإنما العول في غيرها وهي الثلاثة الباقية أي وهي الستة والاثنا عشر والأربعة والعشرون

ص: 306

فإنها تعال كما يأتي الكلام عليها عن قريب.

قال رحمه الله تعالى: (والستة لسدس وما بقي)، يعني أن أصل الخامس من الأصول السبعة والتسعة الستة؛ لأنها مخرج لسدس وما بقي. قال الدردير: وهذه الأصول الخمسة هي مخارج الفروض الستة في كتاب الله تعالى: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس، ولم تكن ستة كأصلها لاتحاد مخرج الثلث والثلثين، وكلها مشتقة من عددها إلا الأول. اهـ.

قال المصنف في وصفه لمخرج السدس: (كأم وابن أو وثلث وما بقي كأم وأخوين لأم وشقيق أو ونصف وما بقي كأم وبنت وعم أو السدسين والثلثين كأبوين وابنتين)، يعني إذا مات شخص وترك أمه وابنه، فتصح المسألة من ستة: فلأمه السدس واحد والباقي للابن تعصيبًا. قوله: أو وثلث وما بقي يعني أن الستة مخرج لثلث وما بقي كما إذا مات شخص وترك أمه وأخوين لأم وشقيق: فلأمه السدس واحد، لوجود عدد من الإخوة فلأخوين للأم الثلث: اثنان. والباقي ثلاثة للأخ الشقيق تعصيبًا. قوله: أو ونصف وما بقي كما إذا مات شخص وترك أمه وبنته وعمه، فتصح المسألة من ستة: فلأمه السدس واحد وللبنت النصف ثلاثة والباقي اثنان للعم تعصيبًا. قوله: أو السدسين والثلثين يعني إذا مات شخص وترك أبوين وابنتين: فللأبوين لكل واحد منهما السدس والباقي أربعة لكل واحدة من البنتين اثنان: وتقدم أن الستة يعال لها وتعال أربع مرات متوالية: فتعال بمثل سدسها لسبعة وإليه أشار رحمه الله بقوله: (وتعول بسدسها كأم وشقيقتين وأخوين لأم.

وثلثها وزوج وشقيقة. ونصفها كزوج وشقيقتين وإخوة لأم. وثلثيها تزيد أمًا)، يعني أن الستة تعول إلى سبعة وإلى ثمانية وإلى تسعة وإلى عشرة.

قال رحمه الله مشيرًا بذلك: كأم وشقيقتين وأخوين لأم، فتصح المسألة من سبعة

ص: 307

بعولها، وأصلها ستة فللأم سدس واحد وللشقيقتين ثلثان أربعة وللأخوين للأم ثلث اثنان. قوله: وثلثها يعني تعول الستة بمثل ثلثها وهو اثنان، وإذا ماتت امرأة وتركت أمها وزوجها وأختها الشقيقة فتصح المسألة من ثمانية بعولها، وأصلها من ستة: فللأم ثلث: اثنان وللزوج نصف: ثلاثة وللأخت الشقيقة ما بقي وهو ثلاثة أسهام. قوله: ونصفها يعني أن الستة تعول بمثل نصفها كزوج وشقيقتين وإخوة لأم. فتصح من تسعة بعولها، وأصلها ستة: فللزوج نصف ثلاثة وللإخوة للأم ثلث اثنان وللشقيقتين ما بقي وهو ثلثان. قوله: وثلثيها يعني أن الستة تعول بمثل ثلثيها العشر لزيادة أم على ما تقدم، فإذا ماتت امرأة وتركت زوجها وأمها وشقيقتيها وإخوة لأم، فالمسألة تصح من عشرة بعولها وأصلها ستة: فللزوج نصف ثلاثة وللأم سدس واحد وللشقيقتين ثلثان أربعة وللإخوة للأم ثلث اثنان وهي التي تسمى بأم الفروخ بالخاء المعجمة، سميت بذلك لكثرة ما فرخت في العول، قاله الدردير على أقرب المسالك.

ثم قال رحمه الله تعالى: (والاثنا عشر لربع مع سدس)، يعني أن أصل السادس من الأصول السبعة أو التسعة الاثنا عشر؛ لأنها مخرج لربع مع سدس. قال العلامة أحمد بن جزي: وأما الاثنا عشر فتعول إلى ثلاثة عشر وإلى خمسة عشر وغلى سبعة عشر، وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله:(كزوج وجدة وابن أو مع الثلث كزوجة وأم وعم وتعول إلى ثلاثة عشر كزوجة وشقيقتين وأخ لأم وإلى خمسة عشر تزيد أخًا لأم وإلى سبعة عشر تزيد جدة)، يعني إذا ماتت امرأة وتركت زوجها وجدتها وابنها فالمسألة تصح من اثنا عشر: فللزوج الربع ثلاثة وللجدة السدس اثنان وما بقي للابن تعصيبًا. قوله: أو مع الثلث كزوجة وأم وعم يعني إذا مات شخص وترك زوجته وأمه وعمه، فالمسألة تصح من اثنا عشر: فللزوجة الربع ثلاثة وللأم الثلث أربعة وما بقي للعم تعصيبًا. قوله: وتعول إلى ثلاثة عشر كزوجة وشقيقتين وأخ لأم يعني إذا مات شخص وترك

ص: 308

زوجته وشقيقتين وأخًا لأم، فالمسألة تصح من ثلاثة عشر بعولها؛ لأنها تعول بمثل نصف سدسها: واحد، فللزوجة الربع ثلاثة وللشقيقتين الثلثان ثمانية أسهام وللأخ لأم السدس سهمان. قوله: وإلى خمسة عشر تزيد أخًا لأم، يعني إذا مات شخص وترك زوجته وشقيقتين وإخوة لأم، فالمسألة تصح من خمسة عشر بعولها؛ لأنها تعول بمثل

ربعها ثلاثة: فللزوجة الربع ثلاثة كما سبق في مسألة قبلها وللشقيقتين الثلثان ثمانية وللإخوة لأم الثلث أربعة. قوله: إلى سبعة عشر تزيد جدة، يعني إذا مات شخص وترك زوجته وشقيقتين وإخوة لأم وجدة، فالمسألة أصلها من اثنا عشر وتعول بمثل ربعها وسدسها خمسة فتصح من سبعة عشر كما تقدم: فللجدة السدس اثنان فتأمل. وفي النفراوي: وأما الاثنا عشر فتعول ثلاث عولات على توالي الأفراد، فتعول إلى ثلاثة عشر بمثل نصف سدسها كزوج وأم وبنتين: فللزوج الربع وللأم السدس وللابنتين الثلثان، ومجموعهما من الاثني عشر ثلاثة عشر، وتعول إلى خمسة عشر بمثل ربعها كزوج وأبوين وابنتين: للزوج الربع وللأبوين سدسان وللبنتين الثلثان ومجموعها خمسة عشر. وتعول إلى سبعة عشر بمثل ربعها وسدسها كزوجة وأم وولديها وأخت لأبوين وأخت لأب، ومجموعها من الاثني عشر سبعة عشر اهـ.

ثم ذكر أصل السابع فقال رحمه الله تعالى: (والأربعة والعشرون لثمن مع سدس كزوجة وأم وابن، أو مع ثلثين كزوجة وابنتين وعاصب)، يعني أن أصل السابع من الأصول السبعة أو التسعة الأربعة والعشرون؛ لأنها مخرج لثمن من سدس. قال النفراوي: وأما الأربعة والعشرون فتعول عولة واحدة إلى سبعة وعشرين، وتسمى البخيلة والمنبرية، فتعول بمثل ثمنها ثلاثة كزوجة وأبوين وابنتين، ولما سئل عنها سيدنا علي، رضي الله عنه، قال في خطبته: صار ثمنها تسعًا. اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (وتعول إلى سبعة وعشرين)، يعني أنها تعول عولة واحدة بمثل

ص: 309

ثمنها كما تقدم، ومن أمثلتها أنه إذا مات شخص وترك زوجته وأمه وابنه، فالمسألة من أربعة وعشرين: فللزوجة الثمن ثلاثة وللأم السدس أربعة والباقي للابن تعصيبًا. قوله: أو مع ثلثين كزوجة وابنتين وعاصب. يعني من أمثلة هذا الأصل أن يجتمع صاحب الثمن وصاحب الثلثين وما بقي، كما إذا مات شخص وترك زوجة وابنتين وعاصبًا، فالمسألة تصح من أربعة وعشرين: فللزوجة الثمن ثلاثة وللبنتين الثلثان ستة عشر: لكل واحدة منهما ثمانية والباقي للعاصب.

ومن أمثلة هذا الأصل كما قال رحمه الله تعالى: (كزوجة وأبوين وبنتين وهي المنبرية)، يعني إذا اجتمع زوجة وأبوان وبنتان فهي المسألة التي تسمى بالمنبرية كما تقدم ذكرها، فتصح من سبعة وعشرين مع عولها: فللزوجة الثمن ثلاثة وللأبوين الثمانية لكل واحد منهما السدس أربعة والباقي ستة عشر سهمًا للبنتين. لكل واحدة منهما الثمانية. ثم نذكر الأصلين الزائدين كما مر، أعني أن أصل الثامن من الأصول التسعة الثمانية عشر. قال بعضهم: وهي أصل كل مسألة

فيها سدس وثلث الباقي كأم وجد وأخوين وأخت لغير أم، وترتيب هذا الأصل: للأم سدس ومخرجه ستة فتأخذ واحدًا ويبقى خمسة للجد فيها ثلثها لأنها أحظ له والثلاثة مخرج ثلث الباقي - تباين الخمسة فتضرب ثلاثة في أصل المسألة ستة يحصل ثمانية عشر هي الأصل الصحيح اهـ. وبيان ذلك أنه إذا مات شخص وترك أمه وجده وأخوين شقيقين وأختًا شقيقة فاضرب ثلاثة في ستة يحصل ثمانية عشر منها تصح المسألة، فللأم السدس ثلاثة وللجد ثلث الباقي خمسة أسهام وللشقيقين ثمانية أسهام لكل أربعة وللشقيقة سهمان. وأما أصل التاسع من الأصلين الزائدين فهو الستة والثلاثون. قال بعضهم: وهي أصل كل مسألة فيها ربع وسدس وثلث الباقي كزوجة وأم وجد وثلاثة إخوة وأخت لغير أم؛ لأن الباقي من مخرج الربع مع السدس بعد إخراجهما سبعة وهي تباين مخرج ثلث الباقي فتضرب مخرج الثلث ثلاثة

ص: 310

في اثني عشر يحصل ستة وثلاثون اهـ. وبيان ذلك أنه إذا مات شخص وترك زوجته وأمه وجده وثلاثة إخوة أشقاء وأختًا شقيقة فاضرب ثلاثة في اثني عشر يحصل ستة وثلاثون فتصح المسألة منها فللزوجة الربع تسعة أسهام وللأم السدس ستة أسهم وللجد ثلث الباقي سبعة أسهام، ولكل واحد من إخوته الثلاثة أربعة أسهام وللشقيقة سهمان اهـ. هذا حاصل ما في الأصلين الزائدين، والله أعلم.

واعلم أن حاصل ما في الأصول كما نقله المواق عن ابن شاس ونصه: فالأصل الذي تنشأ عنه مسائل الفرض على قول المتقدمين سبعة أعداد: الاثنان وضعفهما وهو الأربعة وضعفها وهو الثمانية. والثلاثة وضعفها وهو الاثنا عشر وضعفها وهو الأربعة والعشرون ولا مخرج لها عند المتقدمين سوى هذه، ومقصود الفرضيين بتحرير هذه المخارج شيئان: أحدهما: قسمة السهام على أعداد صحاح من غير كسر. والثاني: طلب أقل عدد تصح فيه فيعولون عليه، فالاثنان لكل مسألة اشتملت على نصف ونصف كزوج وأخت أو على النصف وما بقي كزوج وأخ. والأربعة لكل فريضة اشتملت على ربع وما بقي كزوج وابن أو ربع ونصف وما بقي كزوج وبنت وأخ أو ربع وثلث ما بقي كزوجة وأبوين. والثمانية لكل فرض فيها ثمن وما بقي كزوجة وابن أو ثمن ونصف وما بقي كزوجة وبنت وأخ. وأما الثلاثة فلكل فريضة فيها ثلث وثلثان كإخوة لأم وأخوات شقائق أو لأب أو ثلث وما بقي كأم وأخ أو ثلثان وما بقي كبنتين وعم. والستة لكل فريضة فيها سدس وما بقي كجدة وابن أو سدس وثلث وما بقي كجدة وأخوين لأم وأخ لأب أو سدس وثلثان وما بقي كأم وبنتين وأخ أو نصف وثلث وما بقي كأخت وأم وابن أخ. والاثنا عشر لكل فريضة فيها ربع وثلث وما بقي كزوجة وأم وأخ أو ربع وسدس وما بقي كزوج وأم وابن أو ربع وثلثان وما بقي كزوج وبنتين وأخ. والأربعة والعشرون لكل

فريضة فيها ثمن وسدس وما بقي كزوجة وأم وابن أو ربع وثلثان وما بقي

ص: 311

كزوج وبنتين وأخ ولا يتصور اجتماع الثمن والثلث. اهـ. ما ذكره ابن شاس ونقله المواق، لكن قوله: وربع وثمن سبق قلم فتنبه.

قال رحمه الله تعالى: (ولا يجتمع ثمن وربع ولا ثلث)، يعني أنه لا يجتمع ثمن وربع في مسائل العروض ولا ثمن وثلث؛ لأن ذلك لا يتصور في فرض؛ لأن الثمن فرض زوجة أو زوجات مع وجود الفرع، كما أن الربع لمن ذكر مع عدم الفرع ولا يجتمعان. قال العلامة الباجوري في حاشيته على الشنشوري شارح الرحبية: قوله لا يتصور أن يجتمع الثمن مع الثلث ولا مع الربع أي لأن الوارث للثمن الزوجة بشرط وجود الفرع الوارث، والوارث للثلث الأم أو العدد من الإخوة للأم بشرط عدم الفرع الوارث، فشرط إرث الثمن نقيض شرط إرث الثلث والنقيضان لا يجتمعان. قوله: ولا مع الربع أي ولا يتصور أن يجتمع الثمن مع الربع؛ لأن الوارث للثمن الزوجة بشرط وجود الفرع الوارث كما مر، والوارث للربع إما الزوج بشرط وجود الفرع الوارث أو الزوجة بشرط عدم الفرع الوارث، واجتماع الزوجين في مسألة غير ممكن إلا في مسألة الملفوف وهي نادرة. قال الصاوي في حاشيته على الدردير: لا يمكن اجتماع زوجة وزوج يطلبان الإرث بالزوجية إلا في مسألة الملفوف المشهور. اهـ. مراد منه ولله در القائل:

والثمن في الميراث لا يجامع

ثلثًا ولا ربعًا وغير واقع اهـ.

ثم أراد الشروع في بيان أخذ المسائل على مقاماتها وأعدادها من رؤوس الورثة على حسب فرائضهم ودرجاتهم وعلى بيان صحة المسائل وانكسارها والنظر فيها فقال رحمه الله تعالى: (فتؤخذ المسألة من عدد ذكور العصبة في درجتها أو عدد إناثهم وضعف ذكورهم)، يعني كما في القوانين: إذا كان الورثة كلهم عصبة فأصل فريضتهم عدد رؤوسهم، فإن كانوا كلهم ذكورًا فعد كل واحد منهم بواحد، وإذا كانوا ذكورًا وإناثًا فعد الذكر باثنين والأنثى بواحد، وإذا كان فيها صاحب سهم فأصل الفريضة من

ص: 312

مقام سهمه كما قال بعضهم: متى صحت المسألة من أصلها فذلك واضح غني عن العمل. قال صاحب الرحبية:

وإن تكن من أصلها تصح

فترك تطويل الحساب ربح

وأما إذا لم تصح من أصلها بل وقع فيها انكسار على فريق واحد أو على فريقين أو على ثلاث فرق أو على أربع فرق ولا يزيد الانكسار على أربع فرق فاطلب بيان الحكم في ذاك. قال ابن جزي: ولا بد من تقديم مقدمة وهي أن كل

عدد بالنسبة إلى عدد آخر لا يخلو من أن يكونا متماثلين أو متداخلين أو متوافقين أو متباينين: فأما المتماثلان فلا خفاء فيهما كثلاثة مع ثلاثة أو عشرة مع عشرة، وأما المتداخلان فهما اللذان يكون فيهما الأصغر داخلاً تحت الأكبر بعده مرتين فأكثر حتى يفنى كدخول الثلاثة تحت الستة وتحت التسعة وتحت الخمسة عشر، وأما المتوافقان بجزء ويعدهما اسم ذلك الجزء كالأربعة والستة فإنهما اتفقا بالنصف ويعد كل واحد منهما اثنين، وأما المتباينان فهما ما سوى ذلك فافهم هذا. اهـ.

ثم قال رحمه الله تعالى: (فإن اشتملت على فرض فمن مخرجه أو على فرضين نظرت فإن تباينا كثلث وربع ضربت أحدهما في الآخر أو توافقًا كسدس وربع ضربت الوفق في الكامل فالحاصل أصل المسألة)، يعني فإن اشتملت المسألة على فرض تحصل من مخرجه أو على فرضين نظرت عليهما: إما أن يتوافقا أو يتباينا، فإن تباينا كثلث وربع فاضرب أحد المتباينين في الآخر يحصل اثنا عشر منها تصح المسألة، أو توافقا كسدس وربع فاضرب الوفق في الكامل يحصل أربعة وعشرون فمنها تصح المسألة. قال ابن جزي في القوانين: فإن انقسمت سهام الفريضة على رؤوس أهلها فلا إشكال، وذلك إذا تماثلا أو كان عدد الرؤوس داخلاً تحت عدد السهام، وإن لم ينقسم فيحتاج إلى التصحيح. والانكسار يكون على فريق واحد وعلى فريقين وعلى ثلاثة

ص: 313

وقد يكون على أربعة في مذهب من يورث ثلاث جدات. فأما الانكسار على فريق فيكون في الموافقة والمباينة فإن تباين عدد السهام والرؤوس ضربت عدد الرؤوس في أصل الفريضة وصحت من المجموع ثم ضربت ما بيد كل وارث فيما ضربت فيه أصل الفريضة، وإن توافقا ضربت وفق عدد الرؤوس وهو الراجح في أصل الفريضة وصحت من المجموع ثم ضربت ما بيد كل وارث فيما ضربت فيه أصل الفريضة وهو الوفق. ولو ضربت عدد الرؤوس بجملتها كالمتباين لصح، ولكن المقصود الاختصار إلى أقل عدد صحيح تصح منه: مثال ذلك خمس بنات وأم وعاصب، فالفريضة من ستة: للبنات أربعة وهو مباين لرؤوسهن، فاضرب الخمسة وهي عدد الرؤوس في أصل الفريضة بثلاثين فمن ذلك تصح ثم اضرب الأربعة التي بيد البنات في الخمسة التي ضربت فيها أصل الفريضة يكن لهن عشرون: لكل واحدة أربعة وللأم السدس خمسة وللعاصب الباقي وهو خمسة، فلو كانت البنات ستًا لكانا متوافقين بالنصف، فتضرب وفق الرؤوس وهو ثلاثة في أصل الفريضة بثمانية عشر فمنها تصح ثم تضرب ما بيد كل وارث في الثلاثة فيكون للبنات اثنا عشر: لكل واحدة اثنان وللأم ثلاثة وللعاصب ثلاثة اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (فإن انقسم فبها فإن انكسر على حيز فإن تباينت سهمه كأم وابنين وبنتين ضربته في المسألة وإن توافق كست بنات وأبوين ضربت الوفق)، يعني فإن انقسم في بيان المتقدم فذلك مكتف فإن انكسر على حيز نظرت سهامه في التباين والتوافق، فإن تباين كأم وابنين وابنتين فاضربه في أصل المسألة يحصل لكل وارث فرضه على التفصيل الآتي. وإن توافق كست بنات وأبوين فاضرب الوفق في أصل المسألة يحصل بذلك نصيب كل وارث مضروبًا في وفقه كما سيأتي بيان جميع ذلك إن شاء الله تعالى. قال الناظم الشيخ سعيد بن سعد في دليل الحائض في علم الفرائض:

ص: 314

فإن تر القسم صحيحًا حصلا

من أصلها فقد كفيت العملا

وإن ترى كسرًا على صنف وقع

فقابلن كل رؤوس الصنف مع

سهامه بالوفق والتباين

فإن تجد تباينًا فعين

ضرب الرؤوس كلها في أصلها

كذا مع العول إذا كان بها

وإن تجد بينهما توافقًا

فلتضربن وفق الرؤوس مطلقا

في أصلها بالعول إن كان فما

صحت به في الحالتين قسما

كزوجة مع ستة أو خمسة

من إخوة لغير أم الميت اهـ

قال العلامة الدردير في أقرب المسالك: إن انقسمت السهام على الورثة كزوجة وثلاثة إخوة أو تماثلت مع الرؤوس كثلاثة بنين أو تداخلت كزوج وأم وأخوين فظاهر وإلا رد كل صنف انكسرت عليه سهامه إلى وفقه كزوجة وستة إخوة لغير أم وإلا فاضربه في أصل المسألة كبنت وثلاثة إخوة لغير أم وقابل بين الصنفين، فخذ أحد المتماثلين وأكثر المتداخلين وحاصل ضرب أحدهما في وفق الآخر إن توافقا وفي كله إن تباينا ثم بينه وبين ثالث كذلك ثم اضربه في أصل المسألة بعولها اهـ. أي يحصل المطلوب. قوله: كزوجة وثلاثة إخوة، المسألة من أربعة: للزوجة واحد ولكل أخ واحد. قوله: كزوج إلخ فالمسألة من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس واحد ولكل أخ واحد. وأما قوله: وإلا رد إلخ فالمعنى: وإن لا تنقسم السهام ولا تماثلت ولا تداخلت بأن انكسرت السهام على الورثة فإنك تنظر بين سهم المنكسر عليهم وبينهم بالموافقة والتباين فقط فإن توافقت فرد كل صنف انكسرت عليه سهامه إلى وفقه كما إذا مات شخص وترك زوجة وستة إخوة لغير أم بل أشقاء أو لأب فالمسألة أصلها أربعة: فللزوجة الربع واحد يبقى ثلاثة منكسرة على الستة إخوة ولكن توافق بالثلث فاضرب وفق الرؤوس وهو اثنان في أصل الفريضة أربعة بثمانية منها تصح:

ص: 315

فللزوجة اثنان ولكل أخ

واحد. هذا حكمه إذا توافق أو تماثل أو تداخل، وأما إذا لم توافق السهام الرؤوس بأن باينتها فلا ترد الصنف المنكسر عليه سهامه بل اضربه بتمامه في أصل المسألة، كما إذا مات شخص وترك بنتًا وثلاث أخوات شقائق أو لب فالمسألة من اثنين: للبنت النصف وللأخوات الباقي؛ لأنهن عصبات مع البنت، وهو مباين لهن، فتضرب ثلاثة في اثنين بستة، فمن له شيء من أصل المسألة أخذه مضروبًا فيما ضربت فيه المسألة وهو ثلاثة: فللبنت واحد في ثلاثة بثلاثة وللأخوات الثلاث واحد في ثلاثة بثلاثة اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (أو على حيزين فإن تباينا وتباينت رؤوسهم كثلاث زوجات وشقيقتين ضربت ما حصل من أحدهما في الآخر في المسألة وفي توافقهما كتسع بنات وستة أشقاء تضرب حاصل الوفق في الكامل حاصل)، يعني كما في القوانين ونصه: أما الانكسار على فريقين فتنظر بين سهام كل فريق ورؤوسه كما تقدم، فما تباين مع السهام أثبت عدده وما توافق أثبت وفقه ثم تنظر بين العددين المثبتين من الرؤوس أو وفقها، فإن تماثلا اكتفيت بأحدهما وضربته في أصل الفريضة، وإن تداخلا اكتفيت بالأكبر وضربته في أصل الفريضة، وإن توافقا ضربت وفق أحدهما في كل الآخر ثم ضربت المجموع في أصل الفريضة، وإن تباينا ضربت أحدهما في الآخر ثم ضربت المجموع في أصل الفريضة، ثم ضربت ما يفد كل وارث فيما ضربت فيه أصل الفريضة، مثال ذلك: أختان شقيقتان وزوجتان وعاصبان، فأصلها من اثني عشر وانكسرت سهام الزوجتين والعاصبين وكل واحد منهما مباين لرؤوسه والرؤوس متماثلة، فاضرب أحدهما وهو اثنان في أصل الفريضة بأربعة وعشرين، فلو كان الزوجان أربعًا لدخل فيها رؤوس العاصبين فتكتفي بالأربعة وتضربها في أصل الفريضة بثمانية وأربعين، فلو ترك أما وست أخوات شقائق وأربع أخوات للأم فالمسألة بعولها من سبعة

ص: 316

وانكسرت سهام الشقائق على رؤوسهن وهي موافقة لهما فأثبت وفق الرؤوس وهو ثلاثة وقد انكسرت أيضًا سهام الأخوات للأم وهي موافقة لرؤوسها ووفقها اثنان وتباين الوفقان فاضرب أحدهما في الآخر بستة ثم اضرب الستة في السبعة باثنين وأربعين فمنها تصح ثم اضرب ما بيد كل وارث في الستة اهـ. وعبارة الدردير في هذه المسألة أنه قال: وإن انكسرت السهام على صنفين فإنك تنظر بين كل صنف وسهامه بالموافقة والمباينة كما تقدم ثم تنظر بين الرؤوس بعضها مع بعض بأربعة أنظار فقد يتماثلان فتكتفي بأحدهما وتضربه في أصل المسألة كأم وأربعة إخوة لأم وستة إخوة لأب: أصلها من ستة: للأم سهم منقسم عليها وللأخوة للأم الثلث

اثنان لا ينقسمان على الأربعة ولكن يوافقان بالنصف، فرد الأربعة إلى نصفها وللإخوة للأب ثلاثة لا تنقسم ولكن توافق بالثلث، فردهم إلى اثنين، فكأن المسألة انكسرت على صنف واحد، فتضرب اثنين في ستة أصل المسألة يخرج اثنا عشر، فمن له شيء من أصل المسألة أخذه مضروبًا، في اثنين للأم سهم في اثنين اثنين إلخ، وغلى ذلك أشار الدردير بقوله: وقابل بين الصنفين فخذ أحد المتماثلين وقد يتداخل رجع الصنفين فتكتفي بأكثرهما كأم وثمانية إخوة لأم وستة إخوة لأب، فالمسألة من ستة: للأم سهم وللإخوة للأم سهمان لا ينقسمان عليهم ولكن يوافق عددهم بالنصف فتردهم إلى الأربعة وللإخوة للأب ثلاثة لا تنقسم وتوافق بالثلث فتردهم إلى اثنين واثنان داخلان في الأربعة فتكتفي بها وتضرب الأربعة في الستة بأربعة وعشرين فمن له شيء من أصل المسألة أخذه مضروبًا فيما ضربت فيه المسألة وهو أربعة: فللأم سهم في أربعة بأربعة إلخ، وإلى ذلك أشار الدردير بقوله: وأكثر المتداخلين ثم قال: وإن كان بين الصنفين موافقة فتضرب أحدهما في وفق الآخر كأم وثمانية إخوة لأم وثمانية عشر أخًا، فالمسألة من ستة: للأم سهم وللإخوة لأم اثنان لا ينقسمان عليهم، وتوافق بالنصف فترد الثمانية لأربعة وللأخوة للأب ثلاثة لا تنقسم، وتوافق بالثلث

ص: 317

فترد لستة وهي توافق الأربعة وفق الإخوة للأم بالنصف فتضرب وفق أحدهما في كامل الآخر باثني عشر في ستة أصل المسألة يحصل اثنان وسبعون، فمن له شيء في المسألة أخذه مضروبًا في اثني عشر، وإلى ذلك أشار بقوله: وحاصل ضرب أحدهما في وفق الآخر إن توافقا. قال: وقد يتباينان فيضرب كل في كل الآخر ثم في أصل المسألة كأم وأربعة إخوة لأم وست أخوات، أصلها ستة وتعول لسبعة: للأم سهم وللإخوة للأم اثنان وراجع لأولاد ألم اثنان مباين لوفق الأخوات الست وهو ثلاثة فتضرب ثلاثة في اثنين يحصل ستة ثم في أصل المسألة بعولها يحصل اثنان وأربعون، فمن له شيء من سبعة أخذه مضروبًا في ستة، وإلى ذلك أشار بقوله: وفي كله إن تباينا اهـ. كلام الدردير.

ثم ذكر الانكسار مع تداخل في المسألة أو تماثل فيها قال رحمه الله تعالى: (وفي المسألة وتداخلها كزوجتين وبنت وأربعة أشقاء تضرب الأكثر وتماثلهما كزوجتين وشقيقين اضرب أحدهما في المسألة تكن من ثمانية وإن وافقا جعلت الوفقين أصلين وعملت كما تقدم)، يعني كما في خلاصة الكلام: وإن انكسرت على صنفين فتنظر بنظرين: تنظر بين كل صنف وسهامه بالتوافق والتباين فقط، فتحفظ وفق رؤوس الصنف والموافقة والكل في المباينة ثم تنظر بين المحفوظين بالنسب الأربع، فإن تماثلا فأحدهما جزء السهم، وإن تداخلا فأكبرهما جزء

السهم، وإن توافقا تضرب وفق أحدهما في الآخر وحاصل الضرب جزء السهم، وإن تباينا تضرب أحدهما في الآخر والحاصل جزء السهم تضربه في أصل المسألة إن لم تعل، وفي مبلغها بالعول إن عالت يحصل التصحيح. مثال ذلك: لو خلف زوجتين وثلاثة إخوة لأم وعمًا، أصل المسألة من اثني عشر؛ لأن فيها ربعًا وثلثًا وبين مخرجيهما تباين، تضرب أحدهما في الآخر يحصل أصل المسألة اثنا عشر فتجد أن حصة الزوجتين ثلاثة منكسر عليهما، وحصة الإخوة أربعة منكسر عليهم فالانكسار إذا كان على الصنفين نظرنا أولاً بين

ص: 318

كل صنف وسهامه وجدنا أن بينهما تباينًا فحفظنا رؤوس الزوجتين اثنين ورؤوس الإخوة ثلاثة، فنظرنا ثانيًا بينهما فوجدنا تباينًا أيضًا فضربنا ثلاثة في اثنين تحصل ستة وهي جزء السهم ضربناه في أصل المسألة اثني عشر فحصل اثنان وسبعون وهو التصحيح اهـ.

قال رحمه الله تعالى: (فتباينهما كأم وأربع أخوات لأم وست شقائق، وتوافقهما كأم وثمانية إخوة لأم وثمانية عشر لأب، وتماثلهما كأم وستة إخوة لأب وأربعة لأم. وتداخلهما كأم وثمانية إخوة لأم وستة لأب فإن وافق أحدهما رددته إلى وفقه وعملت كما تقدم. فتباينهما كأربع بنات وابن ابن وبنت ابن وتوافقهما كثماني بنات وستة بني ابن. وتداخلهما كأربع زوجات وستة أشقاء. وتماثلهما كأم وست بنات وثلاثة بني ابن أو على ثلاثة)، يعني كما قال خليل: ورد كل صنف انكسرت عليه سهامه إلى قوله: وإلا ففي كله إن تباينا. قال شارحه المواق عن ابن شاس: إن وقع الانكسار على صنفين فتعتبر عدد رؤوس كل صنف مع سهامه من حيث المباينة والموافقة خاصة فما وافق سهامه أقمنا وفقه مقامه وما باينها تركنا الرؤوس على حالها ثم تنظر بين العددين الحاصلين أعني الوفقين أو الكاملين أو الرؤوس والوفق، وتعتبر نسبة بعضها إلى بعض في أربعة: في التماثل والتداخل والتباين والتوافق، فإن تماثلا اقتصرنا على أحدهما وضربناه في أصل المسألة، وإن تداخلا اقتصرنا على الأكثر وضربناه في أصل المسألة، وإن توافقا ضربنا وفق أحدهما في كامل الآخر ثم ما اجتمع فأصل المسألة، وإن تباينا ضربنا جملة أحدهما في جملة الآخر ثم ما اجتمع فأصل المسألة فما انتهى إليه الضرب في جميع ذلك فمنه تصح المسألة على الصنفين جميعًا، وقد تبين من هذا أن كل واحد من الأقسام الثلاثة تعرض عليه الأحوال الأربع فتتضاعف بها اثنتا عشرة صورة، ويظهر تفصيل ما أجمل بالتمثيل. المثال الأول: أم وأربع أخوات لأم وستة إخوة لأب تصح من اثني عشر. الثاني: جدة وثمانية إخوة لأم وستة إخوة لأب

ص: 319

تصح من أربعة وعشرين. الثالث: أم وثمانية إخوة لأم وثمانية عشر ابن عم تصح من اثنين

وسبعين. الرابع: أم وست أخوات أشقاء وأربع أخوات لأم تصح من اثنين وأربعين. الخامس: جدتان وزوجتان وأخوان لأب تصح من أربعة وعشرين. السادس: زوجتان وبنت وأربعة إخوة لأب تصح من اثنين وثلاثين. السابع: تسع بنات وستة إخوة لأب تصح من أربعة وخمسين. الثامن: ثلاث زوجات وشقيقتان وعاصبان تصح من أربعة وعشرين. التاسع: أم وست بنات وثلاثة بني ابن تصح من ثمانية عشر. العاشر: أربع زوجات وستة إخوة لأب تصح من ستة عشر. الحادي عشر: ثماني بنات وستة بني ابن تصح من ستة وثلاثين. الثاني عشر: أربع بنات وابن ابن وبنت ابن تصح من ثمانية عشر اهـ. ثم ذكر الانكسار على ثلاث فرق أي على ثلاثة أصناف. قال الخرشي: وإن رفع الانكسار في المسألة على ثلاثة أصناف وهو غاية ما ينكسر فيه الفرائض عند مالك؛ لأنه لا يورث أكثر من جدتين فإنه يعمل في صنفين منها على ما مر، ثم انظر بين الحاصل من الصنفين وبين الصنف الثالث بالموافقة والمباينة والمماثلة والمداخلة ثم ما حصل انظر فيه كذلك بالوجوه الأربعة: المماثلة والموافقة والمداخلة والمباينة، فإن تماثلت كلها رجعت لصنف واحد، وكذلك إن دخل اثنان منها في واحد، وإن تماثل اثنان منها أو دخل أحدهما في الآخر رجعت لصنفين وضرب في العول أيضًا إن كان كما ضرب فيها بلا عول اهـ. وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله:(ولا يتصور الكسر على أصلنا على أكثر كزوجتين وخمس بنات وثلاث شقائق فكل يباين سهامه وصاحبه فالحاصل من الضرب ثلاثون في المسألة يكون سبع مائة وعشرين ثم من له شيء يأخذه مضروبًا فيما ضربته في المسألة)، هذا كما ذكره المواق نقلاً عن ابن شاس أنه قال: فإن وقع الانكسار على ثلاثة أصناف فاختلف الحساب على طريقتين، وذكر بعض الأصحاب طريقة وجيزة مغنية عن

ص: 320

التطويل، فقال: يجعل النظر بين صنفين من الثلاثة كأنه لم يقع الانكسار إلا عليهما خاصة فتعمل فيهما على ما تقدم عمله في الانكسار على صنفين حتى إذا انتهت في الإقامة إلى عدد المنكسرين أعني الذي يضرب في أصل المسألة نظرنا بينه وبين العدد الثالث الباقي ثم عملنا فيه ما عملناه في العددين الأولين فما انتهى إليه العمل وحصل من مبلغ الضرب جعلناه عدد المنكسرين هاهنا ضربناه في أصل المسألة فما انتهى إليه الضرب فمنه تصح اهـ. وعبارة ابن جزي في القوانين أنه قال: وأما الانكسار على ثلاثة فرق فأحسن عمل فيها عمل الكوفيين، وهو أن تنظر في الفريقين خاصة بحسبما تقدم فما تلخص منها نظرته مع الثالث كما تنظر بين الفريقين، قال: فإن كان فريق رابع نظرت ما تلخص من الثلاثة معه ثم تضرب ما تلخص آخرًا في أصل الفريضة ثم تضرب فيه ما بيد

كل وارث فتكون أبدًا إنما تنظر بين فريقين نختصر التمثيل اعتمادًا على البيان المتقدم وخوف التطويل اهـ. بحروفه.

ثم قال رحمه الله تعالى: (ومعرفة نسبة العددين أن يفنى أحدهما بالآخر فإن أفناه فمتداخل وإن فضل واحد فمتباين وإلا عكست فتكون الموافقة بمخرج المفني كان أصم كجزء من أحد عشر أو ثلاثة وعشرين أو مفتوحًا كأحد الكسور التسعة والمماثلة ظاهرة)، يعني هذا بيان معرفة التماثل والتداخل والتوافق والتباين بين العددين، قال العلامة الدردير في أقرب المسالك: إذا فرض عددان فإما أن يكون بينهما التساوي كخمسة وخمسة وهما المتماثلان أو التفاضل فإن كان القليل جزءًا واحدًا من الكثير كالاثنين والأربعة وكالثلاثة والخمسة عشر فمتداخلان، وإن لم يكن جزءًا واحدًا منه فإن كان بينهما موافقة في جزء أو أكثر فمتوافقان كأربعة وستة، فإن لكل منهما نصفًا صحيحًا وكثمانية واثنا عشر، فإن لكل منهما نصفًا صحيحًا وربعًا. وإن لم يكن بينهما موافقة فمتباينان، والواحد يباين كل عدد والأعداد الأوائل كلها

ص: 321

متباينة. والعدد الأول ما لا يفنيه إلا الواحد كالاثنين والثلاثة والخمسة والسبعة والأحد عشر والثلاثة عشر ونحوها. والأربعة تسمى أوائل منطفه وما عداها أوائل أصم فلو ألبست النسبة بين العددين فأسقط الأصغر من الأكبر مرة بعد أخرى فإن فني الأكبر فمتداخلان، وإن بقي من الأكبر واحد فمتباينان: كثلاثة وسبعة أو عشرة، وإن بقي أكثر من واحد فأسقطه من الأصغر مرة فأكثر، فإن فني به الأصغر فمتوافقان كعشرة وخمسة عشر وكعشرين وأربعة وثمانين وإلا فإن بقي منه واحد فمتباينان كخمسة وتسعة وكثلاثين وسبعة وإن بقي أكثر فاطرحه من بقية الأكبر، فإن فنيت به فمتوافقان كعشرين وخمسة وسبعين أو بقي منهما واحد فمتباينان أو أكثر فاطرحه من بقية الأصغر وهكذا تسلط بقية كل عدد على العدد الذي طرحته به فإن بقي واحد فمتباينان أو لا يبقى شيء فمتوافقان بما للعدد الأخير المفني لكل منهما من الأجزاء.

واعلم أن كل متماثلين متوافقان بما لأحدهما من الأجزاء وكذا كل متداخلين متوافقان بما لأصغرهما ولكن لا يطلق عليهما متوافقان اصطلاحًا؛ لأن المتوافقين هما مشتركان ليسا متماثلين ولا متداخلين، والمعتبر من أجزاء الموافقة إذا تعددت أقلها طلبًا للاختصار اهـ. كلام الدردير:

ثم ذكر رحمه الله تعالى بقية من يستحق الميراث ممن يظن عدم إرثهم فقال: (والمنفي باللعان يتوارث وإخوته كإخوة لأم كأولاد الزانية وتوأمه كإخوة لأبوين بخلافهما ولا توارث بالشك كالمسبيين الذين لا تعرف أنسابهم) يعني أن ولد

المنفي باللعان يتوارث بينه وبين أمه وإخوته لأم، ولا توارث بينه وبين أبيه الذي نفاه عن نفسه باللعان ما لم يرجع عن نفيه، لما في الموطأ عن مالك: أنه بلغه أن عروة بن الزبير كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنا: إذا مات ورثته أمه حقها في كتاب الله تعالى وإخوته لأمه حقوقهم ويرث البقية موالي أمه إن كانت مولاة، وإن كانت

ص: 322

عربية ورثت حقها وورث إخوته لأم حقوقهم وكان ما بقي للمسلمين. قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك، وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا اهـ. قال ابن جزي في القوانين: الرابع من موانع الميراث اللعان، فلا يرث المنفي به النافي ولا يرثه هو، وإذا مات ولد الملاعنة ورثته أمه وإخوته للأم وما بقي لبيت المال وتوأما الملاعنة شقيقان وتوأما البغي للأم، وفي توأمي المغتصبة قولان. قال: المانع الخامس الزنا، فلا يرث ولد الزنا والده ولا يرثه هو؛ لأنه غير لاحق به، وإن أقر به الوالد حد ولم يلحق به اهـ. قال الناظم رحمه الله تعالى:

وقل أشقا توأما اللعان

وفي الزنا للأم ينسبان

قال شارحه: أي ثبت للتوأمين المنفي حملهما بلعان الزوج لزوجته حكم الأخوين الشقيقين، والتوأمان هما الولدان اللذان جمعهما حمل واحد وبينهما في النزول أقل من ستة أشهر وهي التي أقل مدة للحمل فيتوارثان توارث الشقيقين. اهـ. قاله في مصباح السالك شرح أسهل المسالك، وإلى جميع ما تقدم أشار خليل بقوله: ولا يرث ملاعن وملاعنة وتوأماها شقيقان. قال الخرشي: والمعنى أن توأمي الملاعنة يتوارثان على أنهما شقيقان وكذلك توأما المسبية والمستأمنة يتوارثان على أنهم أشقاء على المشهور، وأما توأما الزانية والمغتصبة فالمشهور أنهما يتوارثان على أنهما إخوة لأم، وهو مذهب ابن القاسم لأن الحكم للأنثى قياسًا على المكاتبة والمدبرة ونحوهما اهـ. قوله: ولا توارث بالشك سواء كان الشك في السباب كعدم صحة النسب بين الوارث والموروث أو عدم صحة العقد مثلاً أو في الجهل بالسابق في الموت كما تقدم، وعلى كل حال فإن الشك من موانع الميراث وإن كمفقود. قال خليل: ومال المفقود للحكم بموته إلى أن قال: ووقف المشكوك فيه فإن مضت مدة التعمير فكالمجهول اهـ. كما تقدم في أحكام المفقود.

ولما أنهى الكلام على ما تعلق بالفرائض ومسائله انتقل يتكلم على المناسخة ومسائلها وما يتعلق بها فقال رحمه الله تعالى:

ص: 323