الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحيث قلنا بخيار ربها ورضي بتركها في النفقة ثم أراد أخذها ثانية ودفع النفقة لم يكن له ذلك لأنه ملكها للملتقط بمجرد رضاه. والظاهر أن عكسه كذلك في العدوى، أي إذا دفع له النفقة ثم أراد أن يسلمه الشيئ الملتقط ويأخذ منه النفقة فليس له ذلك اهـ.
ولما أنهى الكلام على ما يتعلق باللقطة أتبعهابما يتعلق بأحكام المنبوذ فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في التقاط المنبوذ وأحكامه
أي في بيان ما يتعلق بمسائل المنبوذ أي المطروح صغيرًا الذي لا قدرة له على القيام بمصالح نفسه من نفقة وغيرها فَوَجَب وجوب الكفالة لواجده أن يلقطه ويأخذه بنية حِفْظِه.
قال رحمه الله تعالى: "التقاط المنبوذ فرض كفاية إلا أن يخاف عليه فيجب" قال خليل: ووجب لقط طفل نبذ كفاية. قال عبد السميع في الجواهر: وكل صبي ضائع لا كافل له فالتقاطه من فروض الكفاية، فمن وجده وخالف الهلاك إن تركه لزمه أخذه ولم يحل له تركه اهـ. ومثله لابن جُزي. وزاد: ومن أخذه بنية أنه يربيه لم يحل له رده، وأما إن أخذه بنية أن يدفعه إلى السلطان فلا شيئ عليه في رده إلى موضع أخذه إن كان موضعًا لا يُخاف عليه فيه الهلاك لكثرة الناس. واللقيط حر، وولاؤه للمسلمين، ولا يختص به الملتقط إلا بتخصيص الإمام اهـ. قال النفراوي في الفواكه خاتمة: أسقطت المصنف الكلام علىاللقيط، وهو صغير آدمي لم يعلم أبوه ولا أمه ولا رقه. والحكم فيه أنه يجب لفظه كفاية ولو علم خيانة نفسه، وإن لم يوجد سواه تعين عليه. قال خليل: ووجب لقط طفل نبذ كفاية. وشرط الوجوب كون الواجد رجلاً رشيدًا، أو حرّة خالية من الزوج، أو ذات زوج أذن لها زوجها. وأما الرقيق ولو
مكاتبًا فلا يلتقط إلا بإذن سيده. ويجب عينًا على الملتقط للطفل نفقته وحضانته، الذكر حتى يبلغ عاقلاً قادرًا على الكسب، والأنثى حتى يدخل بها الزوج الموسر كولد الصلب اهـ.
قال رحمه الله تعالى: "ونفقته من ماله، فإن لم يكن ففي بيت المال، فإن لم يكن فعلى ملتقطه، ولا رجوع له ولا يرثه" يعني كما قال ابن جزي في القوانين: ونفقة اللقيط في ماله وهو ما وقف على اللقطاء، وأو وهب لهم، أو وجد معهم، فغ، لميكن له مال فنقته على بيت المال إلَاّ أن يتببع أحد بالإنفاق عليه. ومن أنفق عليه حسبة لم يرجع عليه بنفقته، هذا ما لم يعلم أن له مالاً وأنفق عليه حسبة، أما إذا علم أن له مالاً وأنفق عليه بنية الرجوع فله الرجوع مع يمينه. قال الصاوي في حاشيته على الدردير: فعلم أنه يجب اقديم ماله، ثم الفيئ، ثم الحاضن، أي فإن أنفق الملتقط عليه مع علمه بماله فإن له الرجوع إن حلف أنه أنفق ليرجع أو أشهد على ذلك كما مرَّ، وأن يكون غير سرف، وأن يدعي أنه وقت الإنفاق قصد الرجوع، وأن يكون وقت الإنفاق مال الطفل متعسر الإنفاق منه لكونه عرضًا أو عقارًا، أو ذمة الناس مثلاً كما مر في النفقات اهـ.
قال في أقرب المسالك: ونفقته على ملتقطه إن لم يُعْطَ من الفيئ إلَاّ أن
يكون له مال من كهبة، أو يوجد معه، أو مدفونًا تحته إن كان معه رُقعةٌ. ورجع على أبيه إن طرحه عمدًا. والقول له أنه لم ينفق حسبة بيمين اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ومن استحلقه ببينة لحق به ولو ذميًا" يعني أن من ادعى أنه ولده لا يصدق إلا ببينة تشهد على ذلك أو وجه. قال الدردير في أقرب المسالك: ولا يلحق بملتقط ولا غيره إلا ببينة أو وجه. قال مالك في المدونة: من التقط لقيطًا فأتى رجل فادعى أنه ولده لم يصدق ولم يلحق به إلا أن يكون لدعواه وجه كرجل عرف أنه لا يعيش له ولد فزعم أنه رماه لقول الناس إذا طرح عاش ونحوه ما
يدل على صدقه فإنه يلحق به وإلا لم يصدق إلا ببينة. قيل لابن القاسم: فإن صدقه الملتقط قال: أراه شاهدًا ولا تجوز شهادة واحد مع اليمين في النسب اهـ. وعبارة ابن جزي: وإن ادعى رجل أن اللقيط ولده لاختلف هل يلحق به دون بينة أم لا اهـ. وقد علمت ما في المدونة فتأمل.
قال رحمه الله تعالى: "والأصل حريته وإسلامه، إلا أن يوجد بقرية لا مسلم بها. وقيل إن التقطه بها مسلم تبعه" يعني أن اللقيط حر إلا إذا كان الاتلقاط في بلد المشركين والتقطه كافر فيكون رقيقًا. قال الدردير في أقرب المسالك: وهو حرَّ، وولاؤه للمسلمين، وحكم بإسلامه في بلد المسلمين ولو لم يكن فيها إلا بيت إن التقطه مسلم، وإلا فكافر كأن وجد في قرية شرك وإن التقطه مسلم اهـ. وعبارة الخرشي أنه قال: إن الملتقط إذا وجد في بلاد المسلمين فإنه يحكم بإسلامه لأنه الأصل والغالب، وسواء التقطه مسلم أو كافر. وإذا وجد في قرية ليس فيها من المسلمين سوى بيتين أو ثلاثة فإنه يحكم بإسلامه أيضًا تغليبًا للإسلام بشرط أن يكون الذي التقطه مسلمًا، فإن التقطه ذمي فإنه يحكم بكفره على المشهور، والبيت كالبيتين على ظاهر المدونة. وإذا وجد في قرى الشرك فإنه يكون مشركًا سواء التقطه مسلم أو كافر تغليبًا للدار، والحكم للغالب، وهو قول ابن القاسم اهـ.
قال رحمه الله تعالى: "والطفل تابع لأبيه في الدين ولأمه في الحرية والرق والله أعلم" يعني أن الطفل تابع، ينسب لدين أبيه سواء كان مسلمًا أو كافرًا، وأما في الحرية والرقية فهو تابع لأُمه وهو ظاهر والله أعلم.
ولما أنهى الكلام على اللقطة وحُكْم اللقيط انتقل يتكلم على ما يتعلق بمسائل الإقرار وما عطف عليه فقال رحمه الله تعالى: