الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
في المناسخة
أي في بيان ما يتعلق بالمناسخة، والمناسخة: من النسخ وهو لغة: الإزالة، وفي اصطلاح الفرضيين: أن يموت إنسان ولم تقسم تركته حتى يموت من ورثته وارث. قال العلامة الباجوري في حاشيته على الشنشوري: وهذا الباب من مستصعبات هذا الفن ولا يتقنه إلا ماهر في الفرائض والحساب كما في اللؤلؤة اهـ.
واعلم أن المناسخة قسمان: قسم لا يفتقر لعمل وقسم يحتاج للعمل: أما الذي لا يفتقر للعمل ككون ورثة الثاني هم ورثة الأول، وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله:(إذا مات ثان قبل القسمة فإن كانت ورثته يرثونه كالأول فلا عمل كالإخوة بقي منهم واحد)، يعني كما إذا كان ثلاثة نفر في درجة كالشقيقين مات أحدهم وترك اثنين ثم مات الثاني قبل قسمة التركة وبقي واحد فإنه يرث المال كأن الميت الأول لم يترك إلا نفرًا واحدًا من إخوته. وقال بعضهم في الأمثلة: إذا مات ميت عن ورثة فمات أحدهم قبل القسمة فإن لم يرث الميت الثاني غير الباقين وكان إرثهم منه كإرثهم من الأول جعل الميت الثاني كأن لم يكن. مثاله: كأن يترك أربعة بنين وثلاث بنات مات أحد الأبناء قبل القسمة فبقي ثلاثة بنين وثلاث بنات فكأن الميت خلف من بقي فقط، فأصل المسألة عدد رؤوسهم تصح من تسعة: للذكر مثل حظ الأنثيين. وفي أقرب المسالك: إن مات وارث قبل القسمة وورثه الباقون كثلاثة بنين وزوج ليس أباهم فكالعدم اهـ.
ثم ذكر القسم الثاني من قسمي المناسخة أي القسم الذي يفتقر للعمل فقال رحمه الله تعالى: (وإن لم يرثوا الأول أو يرثونه بغير المعنى الأول أفردت سهام الثاني من الأول فإن انقسمت عليهم فقد صحت من الأولى وإلا نظرت فإن وافقت تركته مسألته ضربت وفق الثانية في الأولى وإلا ضربت الثانية في الأولى فمن
له شيء من الأولى أخذه مضروبًا في الثانية أو وفقها ومن الثانية في تركة الثاني أو وفقها. وعلى هذا إذا تعدد الموتى)، يعني كما في عبارة ابن جزي في القوانين: أي وإن اختلف الورثة أو حظوظهم فالعمل في ذلك أن تصحح فريضة الميت الأول ثم فريضة الثاني ويقسم حظ الثاني من الفريضة الأولى على فريضته فإن انقسم صحت الفريضتان من عدد الأولى، وذلك في التماثل والتداخل، وأعطيت كل واحد حظه من الفريضتين إن ورث فيهما أو من الواحدة إن ورث فيها خاصة، وإن لم ينقسم وذلك إذا كان سهمه موافقًا للفريضة أو مباينًا فإن كان مباينًا فاضرب فريضته في الأولى وتصحان من المجموع، وإن كان موافقًا فاضرب وفق فريضته في الأولى وتصحان من المجموع ثم اضرب ما بيد كل وارث من الأولى في عدد
الثانية أو وفقها وما بيد كل وارث من الثانية في نصيب الميت الثاني من الفريضة الأولى أو في وفقه، واجمع لمن يرث في الفريضتين حظه منهما.
مثال ذلك: زوجة وشقيقة وأخ لأم وعم ثم ماتت الشقيقة عن أخيها للأم وعن العم فالفريضة الأولى من اثني عشر وحظ المتوفاة الثانية منها ستة وفريضتها ستة فانقسمت بالتماثل وصحت الفريضتان من اثني عشر للزوجة ثلاثة من الأولى وللأخ اثنان من الأولى وواحد من الثانية وللعم واحد من الأولى وخمسة من الثانية. فلو تركت الثانية ثلاثة بنين انقسمت بالتداخل، فلو تركت خمسة بنين لم تنقسم للتباين فتضرب الخمسة في الاثني عشر بستين ومنها تصح الفريضتان ثم تضرب ما بيد كل وارث من الأولى في خمسة وما بيد كل وارث من الثانية في ستة وهي نصيبها من الأولى. فلو تركت زوجًا وثلاثة بنين لم تنقسم للتوافق فتضرب وفق الأربعة وهو اثنان في الاثني عشر بأربعة وعشرين ثم تضرب ما بيد كل وارث من الأولى في اثنين وما بيد كل وارث من الثانية في ثلاثة وهي وفق نصيبها اهـ. كلام ابن جزي فتأمل. وفي عبارة لبعض الأفاضل أنه قال: وإن اختلف قدر الاستحقاق منهما فصح مسألة للميت الأول وصحح مسألة للثاني باعتباره