المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

للأندر فالمشهور مَنْعُه منه، ومن ذلك أن يجعل في داره - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ٣

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحَجْرِ والصُّلْح والحَمَالة والحَوالة

- ‌فَصْلٌفي التفليس

- ‌فَصْلٌفي الصلح وأحكامه

- ‌خاتمة:

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة والكَفَالة والزَّعَامة والضمان

- ‌فَصْلٌفي الحَوَالة

- ‌كتاب العارية والوديعة

- ‌فَصْلٌفي الوديعة

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فَصْلٌفي القسمة

- ‌كتاب الإحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق

- ‌فَصْلٌفي الارتفاق

- ‌فَصْلٌفي الغصب

- ‌فَصْلٌفيما يلزم الإنسان من المواسات في بعض الحالات

- ‌فَصْلٌفي الإستحقاق وأحكامه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌فَصْلٌفي التقاط المنبوذ وأحكامه

- ‌كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعُمْرَى والرقبي

- ‌فَصْلٌفي الهبة

- ‌فَصْلٌفي الصدقة

- ‌فَصْلٌفي العمرى

- ‌فَصْلٌفي الرقبى

- ‌كتاب الوقف

- ‌فَصْلٌفي بيان قِصاص الأطراف

- ‌فَصْلٌفي الدَّية

- ‌فَصْلٌفي الأعضاء

- ‌فَصْلٌفي القَسَامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌فَصْلٌفي الزاني والزانية

- ‌فَصُلٌفي القذف

- ‌فَصْلٌفي الخمر وأحكامها

- ‌فَصْلْفي السارق

- ‌فَصْلٌفي الحد

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الأقضية

- ‌فَصْلٌفي الغائب

- ‌فَصْلٌفي الشهادة

- ‌فَصْلٌفي التنازع

- ‌كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء

- ‌فَصْلٌفي الولاء

- ‌فَصْلٌفي الكتابة

- ‌فَصْلٌفي التدبير والمدبر

- ‌فَصْلٌفي أم الولد

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب المواريث

- ‌فَصْلٌفي الجد

- ‌فَصْلٌفي الفرائض

- ‌فَصْلٌفي المناسخة

- ‌فَصْلٌفي الخنثى

- ‌فَصْلٌفي الميراث

- ‌فَصْلٌفي التركة

- ‌كتاب جامع

- ‌فَصْلٌفي المسابقة

- ‌خاتمة

- ‌تنبيه

الفصل: للأندر فالمشهور مَنْعُه منه، ومن ذلك أن يجعل في داره

للأندر فالمشهور مَنْعُه منه، ومن ذلك أن يجعل في داره رحى يَضُرُّ دَوِيُّها بجاره فاختُلِفَ هل يُمْنَع من ذلك، وأمَّا فَتْحُ الباب في الزقاق فإن كان الزقاق غير نافذ فليس له أن يفتحه إلَاّ بإذْن أرباب الزقاق، وإن كان نفذًا جاز له فَتْحُه بغير إذْنهم إلَاّ أن يكشف

على دار أحد جيرانه فيُمْنَع من ذلك. ومَنْ بني في طريق المسلمين أو أضاف إلى مِلْكظه شيئًا من الطريق مُنِعَ من ذلك باتفاق، وله أن يبني غرفة على الطريق إذا كانت الحيطان له من جانبَي الطريق. وإن كان بين شريكَيْن نهر أو عين أو بئر فمَنْ أنفق منهم فَلَهُ أن يَمْنَعَ شريكه الانتفاع حتى يعطيه قسطه من النفقة اهـ.

ولمَّا أنهى الكلام على ما تعلَّق بإحياء الأرض

المَوات وما يتبع ذلك من الأحكام في إزالة الضَّرر انتقل يتكلم على ما يتعلَّق بالارتفاق فقال رحمه الله تعالى:

‌فَصْلٌ

في الارتفاق

أي في بيان ما يتعلق بما ينبغي للإنسان من فعل البِرَّ والإحسان والرفق بعباد الله وهو المُسمّى بالارتفاق. فقال رحمه الله تعالى: "يُنْدَبُ إِلَى إِعَانَةِ الجَار بإعَارَةِ مَغْرَزِ خَشَبَةٍ أَوْ طَرْحجِهَا مِنْ جِدَارِهِ، فَإنْ أَطءلَقَ لَمْ يَكُن لَهُ قَلْعُها إلَاّ لإصْلَ جِدَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إِعَادَتُهَا بِخِلَافِ تَعْيِين مُدَّةً" يعني مما ينبغي للإنسان إعانة جاره بإعارته مَغْرِز خشبة وإعانته في طرحها من جداره، وإذا أذن له في غرزها فإن حدد له مدة معينة فله ذلك، فإن أطلق لم يكن له قلعها إلَاّ بعد الانتفاع في مثلها أو إرادة إصلاح جداره، ثم لا يلزمه إعادة تلك الخشبة في موضعها، بخلاف ما إذا عين له مدة محددة فيلزم عليه إعادتها إلى المدة المعينة. قال في الرسالة: ويبغي أن لا يمنع الرجل جاره أن يغرز خشبة في جداره ولا يقضي عليه. قال الشارح لما فيه من الإرفاق وجلب المودة. قال خليل: وندب إعارة جداره لغرز خشبة وإرفاق بماء وفتح باب، والنهي في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنع أحدكم جاره

ص: 57

أن يغرز خشبة" للكراهة، وسواء كان محل الجار ملكًا له أو موقوفًا عليه. وأما ناظر المسجد أو نائبه فاختلف هل يندب له إعارة الجار موضعًا لغرز خشبة فيه أو يُمْنَعُ على قولَيْن؟ الراجح منهما المضنْع اهـ النفراوي.

قال رحمه الله تعالى: "وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ لإصْلَاح جِدارِهِ منُ جِهَتِهِ" يعني وَجَبَ على الجار أن يأذَن لجاره في مِلْكه من الجهة التي يريد إصلاح حائطة أو جداره. قال خليل عاطفًا فيما يقضي به: وبالإذن في دخول جاره لإصلاح جدار ونحوه. يعني أنه يقضي على الجار بأن يأذن لجاره في الدخول لداره لأجْل إصلاح جدار أو غَرْزِ خشبة أو نحو ذلك، ويكون هذا من باب ارتكاب أخف الضررين. وإذا سقطت لك ثياب في دار جارك فإنه يقضي لك بالدخول لأخذها، إلا أن يخرجها لك اهـ الخرشي باختصار. قال الدردير في أقرب المسالك: وندب للإنسان إرفاق لغيره من جار أو قريب أو أجنبي، ويتأكد في القريب والجار، قال الله تعالى: وبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وبِذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ والْجَارِ ذِي القُرْبَى والْجَارِ الجُنُبِ والصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وابْنِ السَّبِيلِ ومَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء: 36] قلت هذه الآية اشتملت على أصناف من يندب له الإرفاق من جميع الناس من الصغير والكبير، سواء حرَّا أو عبدًا ذكرًا أو أنثى، قريبًا أو بعيدًا، حاضرًا أو غائبًا، صحيحًا أو مريضًا، جاراً أو غيره، إذا تأملت تفهم أن هذه الآية تشتمل جميع ما ذكره اهـ. قال مطرف وابن الماجشون: وكل ما طلبه جاره من فتح باب، وإرفاق بماء، أو مختلف في طريق، أو فتح طريق في غير موضعه وشبه ذلك، فهو مثل ذلك لا ينبغي في الترغيب أن يمنعه مما لا يضره ولا ينفعه ولا يحكم به عليه اهـ.

"وَلَهُ فَتْحُ رَوْزَنَةٍ لَمصْلَحَةٍ حَيْثُ لَا يطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى جَارِهِ" يعني للجار فَتْحُ رَوْزَنَة، وهي الكوّة الكبيرة، والكوّة هي الطاقة التي تُفْتَحُ أو تُغْلَقُ عند الحاجة، فيجوز فَتْحُها لمصلحة حيث لا يطلع منه وينكشف على جاره وإلا مُنِع، وتقدم نص الرسالة

ص: 58

في فتح الكوّة. قال الشيخ زروق في شَرْحِه على الرسالة نَقْلاً عن ابن رشد في الكلام على فتح الباب في السكة غير النافذة ثلاثة أقوال المعمول به منها المنع مطلقًا إلا أن يأذَنَ فيه جميع أهل الزقاق، وقاله ابن زرب، واقتصر عليه المتّيطي اهـ. وقد مر أقسام ما يحصل به الضرر كما في القوانين فراجعه إن شئت.

ثم ذكر حكم المتداعيَيْن في الجدار فقال رحمه الله تعالى: "وَإِذَا تَدَعَيَا جِدَارًا وَلَا بَيَّنَةِ فَهْوَ لِمَنْ إِلَيْهِ وُجُوُ الآجر والطكاقات فإِنِ اسْتَوَيَا فَهْو مُشْترك فَلا يتَصَرَّفلُ فِيهِ إلا بإذن الشريك، فَمَنْ هَدَمَهُ لِغَير ضَرُورة لزمه إعادته، وإن انهدم فإم أمكن قسمة عرصته وإلا أجبر على البناء معه، فإن أبى وبنى أحدهما فله منع الآخر من الانتفاع ليؤدي ما ينوبه" يعني كما في الرسالة وغيرها. حاصل ما قال ابن جزي في القوانين إذا تنازعا في مِلْكِه أي الجدار فيُحْكَمُ به لِمَنْ يشهد العُرْف بأنه له وهو لِمَنْ كانت إليه القمط والعقود، فالقمط هي ما تشدُّ به الحيطان من الجص وشبهه، والعقود هي الخشب التي تجعل في أركان الحيطان لتشدَّها، فإن لم يشهد العُرْف لأحدهما حُكِمَ بأحكام المتداعي. وقال الشافعي: لا دليل في الخشب على ملك الحائط، بينهما مع أيمانهما. وإذا انهدم حائط بستان مشترك فأراد بعضم بناءه وأبى بعضهم فإن كان مقسومًا إلا أن الحيطان تضمه فلا حجّة لبعضهم على بعض، ومَنْ أراد أن يحرز متاعه أحرزه، ومَنْ أراد الترك تركه، وإن كان غير مقسوم قُسِم، وإن كان لم تمكن قسمته أنفق من أحب في صيانته وأخذ نفقته من نصيب صاحبه. وإن انهدمت رحى مشتركة فأقامها أحدهم بعد امتناع الباقين فالعلة كلها للذي أقامها عند ابن القاسم. وقال ابن الماجشون: الغلة بينهم على حَسَب الأنصباء ويأخذ المنفق من أنصبائهم ما أنفق اهـ.

[48]

قال رحمه الله تعالى: "وَالسَّقْفُ تَابعٌ لِلسُّفْلِ وَعَلَيْهِ إِصْلَاحُهُ لِيَنتَفِعَ الأعْلى" يعني أن يقف البيت تابع للبيت، وإصلاحه لصاحب السُّفْل. قال في الرسالة:

ص: 59

وإصلاح السفل على صاحب السُّفْل، والخشب المسقف عليه، وتعليق الغرف عليه إذا وَهَى السُّفل وهدم حتى يصلح، ويُجْبَر على أن يصلح أو يبيع مِمَّنْ يصلح ولا ضَرَر ولا ضَرار اهـ. قال ابن جزي المسألة الثالثة إذا كان عُلُوُّ الدار لرجل وأسفلها للآخر فالسقف الذي بينهما لصاحب السُّفْل، وعليه إصلاحه وبناؤه إن انهدم، ولصاحب العُلُوَّ الجلسو عليه، وإن كان فوقه عُلُوٌّ آخر فسقفه لصاحب العُلو الأول، بوبناء العُلُوًّ على صاحبه، وبناء السُّفْل على صاحبه. وقال الشافعي: السقف مشترك بين صاحب العُلُوَّ والسُّفْل، وإن كان مرحاض الأعلى منصوبًا على الأسفل فكنسه بينهما على قدر الرؤوس عندج ابن وهب وأصبغ. وقال أشهب: لصاحب السُّفْل وليس لصاحب العُلُوَّ أن يزيد في بنيانه شيئًا إلَاّ بإذن صاحب السُّفْل اهـ.

قال رحمه الله تعالى: "ولذي جدارين على جانبي الطريق اتخاذ ساباط، وإشراع أجنحة لا تضر باملارة، وتعلية جداره ما شاء بشرط الامتناع من الإطلاع" بعني أنه رحمه الله تعالى تكلَّم على ثلاثة أشياء يُباح فِعْلُها لأرباب المنازل وهي إحداث ساباط لصاحب الجانبين وبناء الإشراع المسمى بروشن، وارتفاع بنائه ما شاء بشرط عدم الاطلاع في بيوت الجيران. أما الساباط وهو سقف في السَّكة لِمَن له الجانبان من الجدار، ولا يمنع من إحداثه، وأمَّا الرَّوْشَنُ وهو الجناح الذي يخرج به جهة السكة في عُلُو الحائط لتوسعة العُلُوّ، ولا يُمْنَعُ من إحداثه كذلك. قال الموّاق: فَرَوى ابن القاسم عن مالك لا بأس به إلا أن يكون الجناح بأسفل الجدار حيث يضر بأهل الطريق فيمنع اهز قال الدردير عاطفًا على ما يجوز ولا يمنع إلا الضرر: وروشن وساباط لمن له الجانبان ولو بغير النافذة. ومحل جواز الروشن والساباط ما لم يضر بالمارة في النافذة وغيرها، فأن رفعا رفعًا بيناً عن رؤوس الناس والإبل المحملة وإلا منعا. قال الصاوي في حاشيته عليه: حاصله أن المعتمد في الروشن والساباط جواز إحداثهما مطلقًا، كانت السكة نافذة

ص: 60

أو غير نافذة، ولا يحتاج لإذن أحد وحيث رفع عن رؤوس الركبان رفعًا بينًا ولم يضر بضوء المارة اهـ. وأما تعلية الجدار وهو ارتفاع بناء بيته ما شاء فيشترط فيه عدم التطلع لبيوت الجيران وإلا مُنِع. قال الدردير في أقرب المسالك: ومنع الجار إذا علا ببنائه من الضرر كالتطلع على جاره بالشراف من العلو الذي بناه اهـ.

قال رحمه الله تعالى: "ولا يجوز أخذ شيئ من السابلة، والناس مشرتكون فيها في الاستطراق والجلوس" يعني لا يجوز لأحد أخذ شيئ من الطريق قال [48][49] خليل عاطفًا على ما يقضي به: ويهدم بناء بطريق ولو لم يضر. قال شارحه: يعني ا، من بنى في طريق المسلمين بنيانًا يضر بهم في مرورهم فإنه يؤمر بهدمه بلا خلاف، وإن كان لا يضر بهم فكذلك يهدم على المشهور، وهذا ما لم تكن الطريق ملكًا لأحد بأن يكون أصلهاداراً ملكًا له مثلاً وانهدمت حتى صارت طريقًا فإنه لا يزول ملكه عنها بذلك، وقيد هذا بعضهم بما إذا لم يطل الزمان وهو حاضر ساكت وإلا قضى عليه بهدمه فليس له فيهاكلام اهـ الخرشي بطرف من حاشية الصاوي.

قال رحمه الله تعالى: "وفي المسجد للعبادات. ومن سبق إلى موضع لم يقم منه إلا للاحتراف وجعله مسكنًا" يعني الناس مشتركون في موضع البادات كالمسجد، ومن سبق وجلس لم يقم لغيره إلا للاحتراف وجعله مسكنًا كالمعتكف فيترك له إحسانًا. انظر الحطاب عند قول خليل: وللسابق كمسجد. وتقدم لنا الكلام في هذه المسأةل عند قول المصنف، وفي الصحراء وهو أحق بكفايته كالسابق إلى كلأ أو حطب فراجعه إن شئت.

ولما أنهى الكلام على ما تعلق بالارتفاق انتقل يتكلم على أحكام الغصب فقال رحمه الله تعالى:

ص: 61