الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعُمْرَى والرقبي
أي في بيان ما يتعلق بأحكام الغقرار، وأحكام الهبة، والصدقة، والعمرى، والرقبى. وكل واحد من هذه الأشياء له فصل مستقل سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. قال الشيخ العلامة عبد الله التيدي في أجوبته: ما هو الإقرار، ومن الذي يؤاخذه به، وكم أركانه. ثم قال: الإقرار الاعتراف بما يوجب حقًا على قائله بشروطه، ولا يؤاخذ بالإقرار إلا من اجتمعت فيه ثلاثة شروط: كونه نكلفًا، وغير محجور في المعاملات، وغير متهم بإقراره لأصل غير مكذب للمقرّ. وأركانه أربعة: مقر، ومقر له، ومقر به، وصيغة اهـ. ومثله في الدردير.
وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله: "من اعترف بحق لزمه ويرجع في تفسير المجهول إليه" يني من أقر بحق عليه لغيره لزمه إقراره إن كان من أهل التبرع في غير متهم عليه، وما جهل من الإقرار يرجع إلى المقر في تفسيره. قال رحمه الله تعالى:"وفي دراهم أو دنانير ثلاثة، فلو قال كثيرة قيل أربعة، وقيل تسعة" قال ابن جزي في القوانين في المقر به: إذا كان اللفظ بينًا لزمه ما أقر به من مال أو حد أو قصاص، فإن كان لفظًا محتملاً حمل على أظهر معانيه قلت: أو على الاقل، نحو علي لفلان دراهم أو دنانير فإنه يقبل تفسيره على أقل الجمع وهو ثلاثة، فلو قال علي لفلان دراهم كثيرة أو دنانير كثيرة قبل تفسيره على أربعة، وقيل تسعة كما حكاه المصنف.
قال رحمه الله تعالى "وبقوله كذا درهمًا وعشرون، وكذا كذا أحد عشر وكذا كذا إحدى وعشرون، ولو قال ألف ودرهم لم يكن الدرهم بيانًا. وقيل إن كان جواب دعوى فهو بيان. ولو أقر بشيئ في وعاء فإن استغنى عنه
وإلا لزما" وفي نسخة وإلا لزم بالغفراد، والأصح بزيادة التثنية كما هو ثابت في باقي النسخ التي بأيدينا. قال ابن جزي: وفي هذا الفصل فروع كثيرة اختلف الفقهاء فيها لاختلاف معانيها. فمن قال لفلان على شيئ قبل تفسيره بأقل ما يتمول. ولو قال له عليَّ مال قبل ما يفسر به ولو حبة أو قيراطًا ويحلف، وقيل لا يقبل في أقل من نصاب
الزكاة، وقيل في ربع دينارز ولو قال مال عظيم أو كثير فقيل هو كقوله مال، وقيل هو ألف دينار قدر الدية. فلو قال كذا فهو كالشيئ يقبل ما يفسره به. ولو قال كذا وكذا بالعطف لزمه واحد وعشرون لأنه أقل الأعداد المعطوفات. فلو قال كذا درهمًا لزمه عشرون. ولو قال كذا كذا درهمًا بغير واو لزمه أحد عشر لأنه أقل عدد مركبز ولو قال عشرة دراهم ونيف فالقول قوله في النيف. ولو قال له علي ألف فسرها بما شاء من دنانير أو دراهم أو غير ذلك. وإن قال له على بضعة عشر كان ثلاثة عشر، لأن البضعة من الثلاثة إلى التسعة. ولو قال له علي أكثرمائة، أو جل مائة، أو نحو مائة، أو مائة إلا قليلاً؛ فعليه الثلثان وقيل النصف وزيادة وهو واحد وخمسون. ولو قال دنانير، أو دراهم، أو جمع من أي الأصناف كان لزمه ثلاثة. وكذلك إن صغر فقال دريهمات. ولو قال دراهم كثيرة فقيل يلزمه أربعة، وقيل تسعة، وقيل مائتان. ولو قال ما بين واحد إلى عشرة لزمته تسعة، وقيل عشرة. ولو قال عشرة في عشرة لزمته مائة، إلا إن فسرها بأنه تعينت له عنده عشرة في عشرة باعها منه. ولو قال له على زيت وعسل في زق أو في جرة لزمه المقر به والوعاء. ولو قال درهم درهم لزمه درهم واحد، وللطالب أن يحلفه أنه ما أراد درهمين. ولو قال درهم ودرهم؛ أو درهم مع درهم، أو فوق درهم، أو تحت درهم، أو قبل درهم، أو بعد درهم، لزمه درهمان. ولو قال درهم بل دينار زلمه الدينار وسقط الدرهم. ولو قال لفلان في هذه الدار نصيب، أو حق قبل تفسيره بما قل أو كثر إلا أن يدعي المقر له أكثر فيحلفه على نفي الزيادة. ولو قال يوم
السبت له عليَّ ألف، وقال كذلك يوم الأحد لم يلزمه إلا ألف واحد، إلا أن يضيف إلى شيئين مختلفين. ولو اختلف الإقرار فأقرّ له في موطن بمائة، وفي موطن آخر بمائتين لزمه ثلاثمائة. ولو قال له علي ألف من خمر أو خنزير لم يلزمه شيئ. ولو قال له علي ألف إن حلف فحلف المقر له فلا شيئ له؛ لأن المقر يقول ما ظننت أنه يحلف. وإن أقر بمائة دينار دينًا لزمته دَينًا، أو وديعة لزمته وديعة. فإن قال دَيْنًا أو وديعة كانت دَيْنًا اهـ ابن جزي.
قال رحمه الله تعالى: "ويصح استثناء الأكثر والأقل والمساوي، ومن غير الجنس، وهو من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات" يعني كما في القوانين وغيره قال: مسألة في الاستثناء إذا استثنى ما لا يستغرق صح، كقوله له عليَّ عشرة إلا تسعة فيلزمه واحد، فإن استثنى من الاستثناء فقال عشرة إلا تسعة إلا ثمانية لزمته تسعة، لأن الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات. وكذلك ولو قال عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنان إلا واحد
لزمته خمسة. ومثله في الموزّاق. ثم قال: فإن استثنى من غير الجنيس كقوله ألف درهم إلا ثوبًا صح الاستثناء على المشهورز وذكر قمية الثوب فأخرجت من الألف
…
وقيل استثناء باطل اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ولو أقر لزيد بألف مرتين فهي واحدة، أو بدينار مجهول لزم نقد البلد، فإن اختلف فالغالب، فإن لم يكن لزم مسماه" يعني لو أقر الرجل لزيد أن له عليه ألف درهم مثلاً وكان تلفظ بذلك مرتين، ولا يلزمه إلا ألف واحد يأخذه المقر له، والمعتبر في المقر به درهم البلد الذي وقع فيه الإقرار إن كان الناس يتعاملون به، أو الشرعي لأنه هو الأصل. قال خليل: ودرهم المتعارف، وإلا فالشرعي. وتقدم هذا البحث في البيوع في الكلام على المثمن والثمن عند قول المصنف: ويلزم بإطلاقه نقد البلد، فإن اختلف فالغالب فراجعه إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: "ولا يقبل إقرار مريض لمن يتهم عليه" يعني إذا مرض شخص مرضًا مخوفًا فإنه حينئذ لا يقبل إقراره لمن يتهم عليه. قال ابن جزي فيمن لا يقبل إقراره: السادس المريض، فلا يقبل إقراره لم يتهم بمودته من قريب أو صديق ملاطف، سواء كان وارثصا أو غير وارث، إلَاّ أن يجزيه الورثة اهـ. قال العلامة الشيخ محمد عليش في الفتاوى: ما قولكم في رجل مريض مرضًا شديدًا له زوجة مشهورة بمحبته لها شهرة زائدة، وله ابن وبنتان من غيرها أقر لها بجارية ودراهم معلومة، ولاولد لها منه، ومات بعد إقراره بيوم فهل لا يصح إقراره لها؟ ثم قال: فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله: نعم لا يصح إقراره لها بهما في هذه الحالة لاتهامه فيه بالكذب لمحبته لها. قال الخرشي: وأما إن كان يحبها ويميل إليها فإنه لا يقبل إقراره لها لأنه يُتَّهم في ذلك. والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم اهـ. قال ابن جزي فرع إذا أبرأ المريض أحد ورثته من شيئ فإ، كان إبراؤه من شيئ لو ادعى الوارث البراءة منه كلف البينة على ذلك لم تنفعه تبرئة المريض، وعليه يقيم البينة على صحة ذلك، وإلا غُرِمَ، وإن كان إبراؤه ممَّا لو ادَّعى البراءة منه صدق بغير بيَّنة نفعته التبرئة اهـ.
قال رحمه الله تعالى: "ولو اعترف صحيحًا بإتلاف مال مجنونًا لزمه كاعترافه بالغًا بالإتلاف صغيرًا" يعني أن من اعترف بإتلاف أموال الناس وهو صحيح عاقل فاعترف بذلك أنه أتلف المال في حاله جنونه لزمه اعترافه. قال المصنف في العمدة: وإن أقر بالغًا عاقلاً أنه استهلك مالاً في جنونه أو صبوته لزمه. ومن أدعى عليه بأنه أقر بالغًا فقال بل أقررت غير بالغ فالقول قوله مع يمينه.
قال القاضي أبو محمد: وأظن بعض أصحابنا جعل القول قول المدعي. ولو ادعى أنه أقر مجنونًا ولم يعلم له سبق جنونه فهل يقبل قوله؟ أو قول المقر له؟ روايتان. ولو قال لا أدري هل كنت بالغًا أم لا أو كنت عاقلاً
أم لا لم يلزمه شيئ. قال القاضي: وعلى القول المظنون يشبه أنه يلزمه اهـ نقله الحطاب عند قول خليل أو أقررت بكذا وأن صبي. ونقل الموّاق عن نوازل سحنون: من قال لرجل غصبتك ألف دينار وأنا صبي لزمه ذلك، وكذلك لو قال كنت أقررت لكل بألف دينار وأنا صبي، قال ابن رشد قوله غصبتك ألف دينار وأنا صبي لا خلاف في لزومه؛ لأن الصبي يلزمه ما أفسد وكسر، وقوله أقررت لك بألف وأنا صبي يتخرج على قولين أحدهما أنه لا يلزمه إذا كان كلامه نسقًا، وهو الأصحُّ وعليه قوله في المدونة طلقتُكِ وأنا صبي اهـ.
قال رحمه الله تعالى: "ولو اعترف بمعين فأنكره المقر له حلف عليه" يعني لو اعترف بشيئ معين لزيد لزمه الاعتراف فلزيد مطالبته به فيحلف المقرّ أن نوكر، ويلزمه دفعه للمقر له، هذا إذا كان المعين منفردًا كالثوب أو الدابة مثلأن وأما لو كان متعددصا كالثوبين فأكثر فأقر له بأحدهما فالحكم في ذلك كما قال خليل في المختصر وشراحه عاطفًا على ما لزم القضاء به من قوله: ولك عندي أحد ثوبين عين، وإلا فإن عين المقر له أجودهما حلف، وإن قال لا أدري حلفا على نفي العلم واشتركا. يعني كما نقل عن ابن عرفة من قال في ثوبين بيده لفلان أحدهما، فإن عين له أجودهما أخذه وإن عين أدناهما وصدقه فكذلك دون يمين، وإن أكذبه أحلفه: وعن ابن القاسم: من قال لرجل في ثوبين في ديه أحدهما لك ولا أدري أيهما هو، فإنه يقال للمقر: احلف أنك لا تردي أن أجودهما للمقر له، فإن حلف وقال المقر له: أنا أعرفه فيؤمر بتعيينه، فإن عين أدناهما أخذه بغير يمين، وإن عين أجودهما أخذه بعد أن يحلف. وإن قال: لا أدري حلف على نفي العلم واشتركا، فيقال للمقر أولاً: احلف أنك لا تدري أن أجودهما للمقر له فإن حلف قيل للمقر له احلف أنك لا تعلم أيهما لك، فإن حلفا كانا شريكين في الثوبين جميعًا اهـ الموّاق. ومثله في الخرشي بتوضيح.