الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالكافر الأصلي. قال خليل: وأسقطت صلاة وصيامًا وزكاة وحجَّا تقدَّم. انظر شراحه. ومنها بينونة زوجته المسلشمة دون الذّمَّيّة. ومنها قَتْلُهُ كفرًا بعد الاستتابة ما لم يَتُبْ ولو امرأة. ومنها عدم إرْث وارثه، إلَاّ السيَّد بل ماله فَيْئ لبيت مال المسلمين. ومنها عدم الصلاة عليه إن قُتِلَ كفرًا، لا إن قُتِلَ حدًّا، فيصلّي عليه غير أهل الفضل كما قد عِلِمْت. ولمَّا أنها الكلام على ما تعلَّق بالرَّدّة وأحكامها انتقل يتكلم على ما يتعلَّق بأحكام الزاني والزانية فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في الزاني والزانية
أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام الزاني والزانية، أي ما يلزم عليهما من الحدود والقوبة بعد الاعتراف أو الإثبات بالبيَّنة بشروطها الآتية.
الزَّنا من أقبح الفواحش؛ قال الله سبحانه: ولا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء: 32] وقال عز وجل: الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ولا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ ولْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ [النور: 2] وفي الصحيحَيْن عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه خطب فقال:"إن الله بعث محمدًا بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل الله عليه آية الرجم قرأناها ووَعَيْناها وعقلناها فَرَجَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. وإن الرَّجْمَ حقّ في كتاب اللَّه تعالى على مَنْ زنا إذا أحصن من الرجل والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف" وبعضه في الموطأ.
قال رحمه الله تعالى: "يُجْلَدُ الْبِكْرُ لِلزَّنَا مِائَةً مُتَوَاليَةً يُتَّقى مَقَاتِلُهُ فَيُنْزَعُ لِلْمرْأَةِ مَا يَقيهَا الألمَ وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ مَسْتُورًا وَيُغَربُ سَنَةً" قدم المصنَّف رحمه الله حُكْمَ البِكر في الزَّنا قبل التعريف بحقيقته، اكتفاء بشهرة الاسم، وابتدأ غيره بتعريفه كما في المختصر لخيل. والدردير قال: الزنا إيلاج مسلم مكلَّف حَشَفَة في فَرْجِ آدمي مطيق عَمْدًا بِلا شبهة وإن دبرًا أو ميتًا غير زوج أو مستأجرة لوَطْء أو مملوكةَ تُعْتَقُ عليه أو مرهونة أو ذات مغنم أو حربية أو مبتوتة وإن بعدّة أو خامسة أو مَحْرَمة صهر بنِكاح أو مطلقة قبل البناء أو مُعْتَقَة أو مكَّنت مملوكة فعَلَيْه حدٌّ بِلا عَقْد، لا إن عقد أو وَطئ معتدّة فعَلَيْه أدب منه أو من غيره وهي مملوكته أو زوجته أو مشتركة أو مَحرَمة لعارض أو غير مطيقة أو حليلة أو مملوكة لا تُعْتَق أو بنتًا بعَقْد أو أختًا على أختها أو بهيمة وأُدَّ أي في جميع الذي لا حدّ فيه كما يؤدَّب ف يالمساحقة وأمَة محلَّلة وقومت عليه وإن أبيا بخلاف المكرهة أي فلا تؤدَّب اهـ. انظر شراح خليل. وأمَّا قوله: فينزع للمرأة إلخ هذه صفة الحدّ. قال في الرسالة: ويجرَّد المحدود ولا تجرَّد المرأة إلَاّ ممَّا يَقيها الضرب، ويجلدان قاعدّيْن. قال خليل: والحدود بسوط وضَرْب معتدِلَيْن قاعدًا بلا رَبْطٍ ولا شدّ يد بظهره وكتفَيْه. قال في المدوَّنة: صفة الضرب في الزَّنا والشرب والفرية والتعزيز ضرب واحد،
ضرب بين ضربَيْن، ليس بالمبرح ولا بالخفيف. ولم يحد مالك ضم الضارب يده إلى جنبه، ولا يجزئ في الضرب في الحدود قضيبوشراك ولا درّة، ولكن السوط؛ وإنَّما كانت درّة عمر للأدب. قال الجزولي: وصفة السوط أن يكون من جلد واحد، ولايكون له رأسان، وأن يكون رأسه لينًا، ويقبض عليه بالخنصر والبنصر والوسطى، ولا يقبض عليه بالسبابة والإبهام، ويعقد عليه التسعين ويقدَّم رجْلَه اليُمْنى ويؤخَّر اليسرى. وصفة عقد التسعين أن يعطف السبابة حتى تَلْقَى الكف ويضمُّ الإبهام إليها، ويكون المضروب قاعدًا، فلا يمدُّ لا يربط ولا تشدُّ يده، إلَاّ أن يكون يضطرب بحيث لا يقع الضرب
موقعه فيجوز شدُّ، ويكون الضرب في ظهره وكتفَيْه كما تقدَّم عن خليل. ويكون الضرب متواليًا ومتولي الضرب شخصًا متوسطًا لا في غاية القوة أوالضعف اهـ. النفراوي. ثم قال رحمه الله تعالى:"وَيُرْجَمُ المُحْصَنُ حَتّى يَمُوتَ وَلْيَشْهَدْ عَذَبهما طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنينَ" يعني أن المحصن الحرَّ المسلِم إذا زَنى يرجم حتى يموت، وذلك بحجارة معتدلة بقدر ما يطيق الرامي من غير تكليف. قال في القاوانين: الرجم بحجارة متوسطة قدر ما يرفع الرامي، لا بصخرة كبير تُقْتِلُ مرّة ولا بحصيات. ومحلُّ الرجم الظهر والبطن، ولا تحفر للمرجوم حفرة يُرْجَم يها خلافًا للشاعفي. ويستحبُّ أن يحضر حدَّ الزاني طائفة من المؤمني أقلُّهم أربعة؛ لأن حضورها حين الرَّجم زاجر عن ارتكاب مثل ما فعل المرجوم، ثُرجم بتلك الحجارة حتى يموت كما تقدَّم، ثم يُغْسَل ويصلَّى عليه ويكفَّن ويُدْفَن في مقابر المسلمين؛ لأن القتل للحدَّ. ثم ذكر صفة اإحصان بقوله رحمه الله تعالى:"فالمُحْصَنُ المُسْلِمُ الْحُرُّ المُكَلَّف يَطأُ وَطْئًا مُبَاحًا فِي نِكَاح صَحِيح وَلَوْ مَرَّة فَلأَمَةُ تُحَصَّنُ الحُرَّ والكِتَابِيَّةُ المُسْلِمَ وضالصَّغِيرَةُ البَالِغَ وَالمَجْنُونَةُ العَاقِل" يعني كما في الموطَّأ عن مالك عن ابن شها عن سعيد بن المسيَّب أنه قال: المحصنات من النساء هنّ أولات الأزواج، ويرجع ذلك إلى الله حرَّم الزَّنا. وعنه عن ابن شهاب وبلغه عن القاسم بن محمد أنهما كانا يقولان: إذا نكح الحرُّ الأمَة فَمَسَّها فقد أحْصَنَتْه. قال مالك: وكلُّ مَنْ أدركت كان يقول ذلك: تحصَّن الأمَة الحرَّ إذا نكحها فَمَسَّها فقد أحْصَنَتْه. قال مالك: يُحصَّن العبد الحرّة إذا مَسَّها بنكاح. ولا تُحَصَّن الحرّة العبد إلَاّ أن يُعْتَقَ وهو زوجها فيمسها بعد عَتْقِهن فإ، فارقها قبل أن يثعْتَقَ فليس بمحصن حتى يتزوَّج بعد عَتْقِه ويَمسَّ امرأته. قال مالك: والأمَة إذا كانت تُنْكَح بعد عَتْقِها ويصيبها زوجها فذلك إحصانها. والأمَة إذا كانت تحت الحرَّ فتُعْتَقُ وهي تحته قبل أن يفارقها، فإنه
يحصنها إذا عُتِقَتْ وهي عنده إذا
هو أصابها بعد أن تُعْتَق. وقال مالك: والحرّة النصرانية واليهودية والأمَة المسلِمة يحصّن الحرُّ المسلم إذا نكح إحداهن فأصابها اهـ الموطأ. قال ابن جزي في القوانين: الإحصان المشترط في الزواج له خمسة شروط: العقل والبلوغ والحرَّيَّة والإسلام. وتقدم الوَطْء بنكاح صحيح، وهو أن يتقدَّم للزاني والزانية وَطْء مباح في الفَرْج بتزويج صحيح. فلا يحصن زِنا متقدم، ولا وَطْء في صيام أو اعتكاف أو إحرام، ولا وَطْء نكاح في الشَّرْك، ولا عَقْدُ نكاح دون وَطْء. ويقع الإحصان بمغيب الحَشَفَة وإن لم ينزل. وإذا أقرَّ أحد الزوجين بالوَطء وأنكر الآخر لم يكن واحد منهما مُحْصنًا. وقال ابن القاسم: المقر بالوَطْء مُحْصَن دون المنكر. إذا اختلف أحكام الزاني والزانية فيكون أحدهما حرَّا والآخر مملوكًا غير مُحْصَن فيُحْكَم لكلضّ واحد منهما في الحدَّ بحُكْم نفسه اهـ. وفي الرسالة: ومن زَنى من حر مُحْصَن رُجِمَ حتىي موت. والإحصان: أن يتزوج امرأة نكاحًا صحيحًا ويطؤها وَطْئًا صحيحًا، فإن لم يُحْصنْ جُلِدَ مائة جلدة وغرَّبه الإمام إلى بلد آخر وحُبِسَ فيه عامًا كما تقدَّم.
قال رحمه الله تعالى: "وَلَا يُجْمَعُ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ" يعني أنه لا يجمع الجَلْد والرجم على الزاني؛ لأن الجرم على المُحصَن والمُحْصَنة والجَلْد على البِكر، وهما حُكْمان لا يجتمعان على مذهب الجمهور، خلافًا لابن حنبل وإصحاب وداود كما في القوانين في فصل مقدار الحدّ، لكن قد رأيت في بعض تعليقات لبعض شيوخنا على حديث:"والثيب بالثيب جَلْدُ مائة والرَّدجْم" قال: اتفقت المذاهب الأربعة على أن الجَلْدَ ساقط عن الثيَّب وإنَّما عليه الرجم اهـ. والحديث أخرجه أبو داود والترمذي ومسلم واللفظ له كما في بلوغ المرام. وذكر الشعراني هذه المسألة في مسائل الاختلاف فراجِعْه إن شئت في الميزان.
قال رحمه الله تعالى: "وَحَدُّ الرَّقِيقِ خَمْسُونَ دُونَ تَغْرِيبٍ" يعني أن حدَّ الرقيق
في الزَّنا خمسون جَلْدة نِصْفُ حدَّ الحرّ. قال في الرسالة: وعلى العبد في الزَّنا خمسون جَلْدة وكذلك الأمَة وإن كانا متزوَّجَيْن، ولا تغريب عليهما ولا على امرأة اهـ. وفي الحديث عن أبي هريرة أنه قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على العبد نِصْفَ حدَّ الحرَّ في الحدَّ الذي يتبعّض كزِنًا البِكر والقَذْف وشُرْب الخمر اهـ لرزين. قال الله تعالى:: فَإنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ [النساء: 25] ويقيم الرجل على عَبْدِهِ وأمَتِه حدَّ الزَّنا إذا ظهر حَمْلٌ أو قامت بيَّنة غيره أربعة شهداء أو كان إقرار، ولكن إن كان للأمَة زوج حرٌّ أو عَبْدٌ لغيره فلا يقيم الحدَّ عليها إلَاّ السلطان. قاله في الرسالة.
قال رحمه الله تعالى: وَلَا يُجْمَعُ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ" يعني أنه لا يجمع الجَلْد والرجم على الزاني؛ لأن الرجم على المُحْصَن والمُحْصَنة والجَلْد على البِكرن وهما حُكْمان لا يجتمعان على مذهب الجمهورن خِلافاً لابن حنبل وإسحاق وداود كما في الوقانين في فصل مقدار الحدّ، لكن قد رايت في بعض تليقات لبعض شيوخنا على حديث: "والثيَّب بالثيَّب جَلْدُ مائة والرَّجْم" قال: اتفقت المذاهب الأربعة على أن الجَلْدَ ساقط عن الثيَّ وإنَّما عليه الرجم اهـ. والحديث أخرجه أبو داود والترمذي ومسلم واللفظ له كما في بلوغ المرام. وذكر الشعراني هذه المسألة في مسائل الاختلاف فراجِعْه إن شئت في الميزان.
قال رحمه الله تعالى: "وَحَدُّ الرَّقِيقِ خَمْسُونَ دُونَ تَغْرِيب" يعني أحد حدَّ الرقيق في الزَّنا خمسون جَلْدة نِصْفُ حدَّ الحرّ. قال في الرسالة: وعلى العبد في الزنا خمسون جَلدة وكذلك الأمَة وإن كانا متزوَّجَيْن، ولا تغريب عليهما ولا على امرأة اهـ. وفي الحديث عن أبي هريرة أنه قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على العبد نِصْفَ حدَّ الحرَّ في الحَّد الذي يتبعَض كزِنَا البِكر والقَذْف وشُرْب الخمر اهـ لزرين. قال الله تعالى: فَإنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ [النساء: 25] ويقيم الرجل على عضبْدِهِ وأمَتهِ حدَّ الزَّنا إذا ظهر حَمْلٌ أو قامت بيَّنة غيره أربعة شهداء أو كان إقرار، ولكن إن كان للأمَة زوج حرٌّ أو عَبْدٌ لغيره فلا يقيم الحدَّ عليها إلَاّ السلطان. قاله في الرسالة.
قال رحمه الله تعالى: وَحَدُّ اللَاّئِطِ الرَّجْمُ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا وَيُعَاقَبُ الصّغيرُ عُقُوبَةً زَاجِرَةً: يعني أن من عمل عمل قوم لوط بذكر بالغ اطاعه رجمَا أحْصِنا أو لم يُحصنا، كانا حرَّيْن أو رقيقتين، مسلمين أو كافرين، ولو كان المفعول به مملوكًا للفاعل. وأمَّا لو كانا غير مكلَّفَيْن فإنها يؤدّبان فقط، وأمَّا لو كان أحدهما مكلَّفًا دون الآخر فإن كان المكلَّف هو الفاعل رُجِمَ وحده، حيث كان المفعول به مطيقًا، وأمَّا عكسه وهوبلوغ المفول به دون الفاعل فلا يُرْجَمز وإنَّما يؤّدّب الصغير ويعزّر البالغ التعزيز الشديد الذي لا ينقص عدده عن مائة. تنبيه شرط الرَّجْم باللواط كَشَرْطِ حدّ الزَّنا من مغيب جميع الحشفة أو قدرها، والثبوت إمّا بالاعتراف المستمرّ أو شهادة أربعة من العدول على نحو ما مرّ. انظر هل يسقط حدّ اللواط بالرجوع أو لأن كما هو مقتضى الأشدية اهـ النراوي. والدليل على رَجْم اللائط والمملوط به حديث: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه الترمذي وأبو داود عن ابن عباس مرفوعًا، وعمل قوم لوط إتيان الذكور في أدبارهم، فاللواط أقبح من الزنا بالأنثى؛ لأنه لا يستباح بوجه من الوجوه، فقد قال تعالى في حقَّ قوم لوط: مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ [الأعراف: 80] اهـ.
قال رحمه الله تعالى مشبهًا بعقوبة اللائط الصغير وهي عقوبة زاجرة: "كَفِعْلِ أَشْرَارِ النَّسَاءِ وَوَاطئ الْبَهيمَةِ وُقِيلَ يُحَدُّ وَلَا يُقْتَلْ وَلَا يَحْرَمُ أَكْلُهَ: فالمعنى أن يُعاقب أشرار النساء بفعلهنَّن المساحقة كما يُعاقب الصغير اللائط عقوبة زاجرة في كل. ومثلهما في الأدب والتعزير واطئ البهيمة، وقيل: يحدّ مائة جَلْدة ولا يُرجم وإن مُحْصَناً، ولا يحرُم أكْلُ لحم تلك البهيمة، خلافًا للشافعي. قال ابن جزي: وإذا تساحقت امراة مع أُخرى فقال ابن القاسم: تؤّبان على حَسَب اجتهاد الإمام. وقال أصبغ: تُجلدان مِائة مِائةز ولو فعل بالانثى في دُبُرها فإنه لا يكون لواطًا، ثم إن كانت أجنبيةّ حدّ للزَّنا وإن كانت زوجًا أدَّب كما تؤدَّب المرأة في مساحقتها الأخرى وكما يؤدّب الذَّكَر في إتيانه البهيمة اهـ بطرف من النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: "وَالأَمَةُ الْمُشْترَكَةُ إِنُ حمَلَتْ قُوَّمَتْ عَلَيهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِلَاّ ففي تقويمها قولان: يعني كما قال مالك: إن أحسن ما سثمِعَ في الأمة يقع بها الرجل وله فيها شِركٌ أنه لا يقام عليه الحدُّ، وأنه يُلْحَقُ به الولد، وتقوّم عليه الجارية حين حَمَلَتْ، فيعطَى شركاؤُه حِصَصَهم من الثمن، وتكون الجارية له، وعلى هذا الأمر عندنا اهـ. قال الباجي في شرحه على الموطَّأ: ولا تخلو الجارية إذا وطئها من ألَاّ تَحْمل أو تَحْمل، فإن لم تَحْمل ففي الموازية أن الشريك مُخَيَّر في قول مالك وأصحابه، يريد بين تقويم حِصّته على الواطِئ وبين استمساكه
بها وبقائها على الشركة اهـ. راجع المسنتقى إن شئت. وفي الرسالة: ويؤدَّبُ الشريك في الأمَة يطؤها، ويضمن قيمتها إن كان له مالّ، فإ، لم تَحمِل فالشريكُ بالخيار بين أن يتماسَكَ أو تقوّم عليه. وإلى هذه المسألة أشار خليل بقوله: وإن وَطِئ جارية للشركة بإذنه وبغيره وحَمَلَتْ قُوَّمَتُ، وإلَاّ فللآخر إبقاؤها أو مفاداتها. ومحصل كلامهم أن الشريك إن أذِن لشريكه في الوَطءء ووطئ فإنها تُقَوَّم عليه
مطلقًا حَمَلَت أم لا غير، أنه إن كان موسرًا فليس لشريكه سوى قيمة حِصَّته، ولا قيمة للولد وتكون به أمّ ولد. وأمَّا إن كغان معسِرًا فلا تُباع إن حَمَلَتْ، ويتبع بقيمة حصّة شريكه منها. وإن لم تَحْمِل فتُباع عليه لأجل القيمة وأمَّا لو وطئ من غير إذن شريكه فإن حَمَلَتْ فليس لشريكه إلا قيمة حِصَّته إن أيسر الواطئُ؛ لأنها لا تُباع في هذا الغرض. ولا يجوز للشريك التماسك بحصَّته منها وتعتبر قيمتها يوم الوَطْء. وأمَّا إن أعدم الواطئ فالشريك بالخيار بين إبقائها للشركة أو ألزام الواطئ بقيمة نصيبه منها، فيتبعه بها في ذمته أو يجبره على بَيْع نصيبه منها، لكن بعد وضعها، وإن لم يوفِ ثمن نِصْفِها أُتْبعَش بباقي القيمة كما يتبع بقيمة حِصّته في الولد في قسمَيِ التخيير. وهذا ملخَّص كلام شراح خليل اهـ. نَقَلَه النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: "وَعَلَى غَاصِبِ الحُرَّةِ مَعَ الْحَدَّ مهْرُ مِثْلِهَا وَالأَمَةُ مَا نَقَصَها" يعني أن مَنْ غصب الحرَّة بأن وَطِها قَهْرًا وثبت ذلك باعترافه أو ببينة عادلة لزم الحدث بحَسْبَما تقدَّم في الزاني. وذلك إن كان مُحْصِنًا يُرْجَم، وإن كان بِكرًا جُلِدَ مائة في الحرَّ مع تغريب عامًا، وفي العبد نِصْفها بلا تغريب مع دفع صَداق مِثْلِها في كليهما. هذا في الحرة، وأمَّا الأمَة فقد تقدَّم كلام المصنَّف فيها في مسائر الغصب عند قوله: وإن وطئ فهو زَانٍ فراجِعْه إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: "وَيَتَدَاخَلُ الْحَدُّ قَبْلَ إِقَامَتِهِ لَا بَعْدَهُ" يعني أن الحدود يتداخل بعضها في بعض قبل إقامته على الجاني لا بعده. قال في الرسالة: ومَنْ لزمته حدود وقتل فالقتل يجزئ عن ذلك، إلَاّ في القذف فليحدّ قبل أن يُقْتَل يعني أن الحدود تتداخل بل تندرج في أقوى منها وهو القتل ولو كان القتل قَوَدًا، وإنَّما لا يندرج حدّ القذف في القتل لأنه لدفع المعرة التي لا تندفع شرعًا إلَاّ بإيقاعه غالبًا. وحكى ابن حارث في اندراج حدّ القذف في حدّ الزَّنا قولَيْن لعبد الملك وابن القاسم مع أشهب. وفي المدوَّنة:
مَنْ قذف قومًا فلم يحدّ حتى حُدَّ في شُرْبِ الخمر فقد سقطت عنه كل فرية كانت قبله. قال ابن رشد: لأنهما من جنس واحد اهـ. نَقَلَه زروق في شرحه على الرسالة. قال العلاّمة ابن جزي في القوانين: مسألة تداخل الحدود وسقوطها وكل ما تكرَّرر من الحدود من جنس واحد فإنه يتداخل كالسرقة إذا تكرَّرت أو الزَّنا أو الشُّرب أو
القَذْف. فمتى أقيم حدٌّ من هذه الحدود أجزأ عن كل ما تقدَّم من جنس تلك الجناية، فإن ارتكبها بعد الحدّ حُدَّ مرةً أخرى، وإذا اختلفت أسباب الحدود لم تتداخل، ويستوفي جميعها كالشُّرْب والزَّنا والقَذْف إلَاّ أنّ حدَّ الشُّرْب يدخل تحت حدَّ القذف؛ لأنه فرع عنه فيغني أحدهما عن الآخر. ولا تسقط الحدود بالتوبة ولا بصلاح الحال ولا بطول الزمان، بل إن ثبتت ولم يكن أقيم علهي فيها الحدُّ حُدَّ حيث ثبتت، وإن كان بعد حين. وكلُّ حدًّ اجتمع مع القتل فالقتل يغني عنه، إلَاّ حدَّ القذف فإنه يُحَدُّ وحينئذٍ يُقْتَل اهـ بحروفه.
قال رحمه الله تعالى: "ويَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ" يعني أنّ الحدّ يسقط بالشبهة لخبر: ادرؤوا الحدود بالشبهات، وسُمَّيَتِ الشبهوُ شبهةّ لأنها تشبه الحقَّ ولها أمثلة كثيرة: منها أن يطأ الرجل امرأة يظنها زوجةَ أو أمَةً له أو يطأ الأب أمَة ابنه أو أمَة بنته ولو عَمْدًا، فلا يلزمه إلَاّ القيمة. قال مالك في الموطَّأ في الرجل يقع على جاية ابنه أو ابنته: إنه يُدرَأُ عنه الحجدُّ وتُقامُ عليه الجارية حَمَلَتْ أو لم تَحْمل. وقال في الرجل يحلّ للرجل جاريته: إنّه إن أصابها ال 1 ي أُحِلّت له قُوَّمت عليه يوم أصابها حَملت أو لم تَحْمل، ودُرئ عنه الحدُّ بذلك، فإن حَمَلَتْ أُلْحِقَ به الولد. ولَفْظْ المدوَّنة: فإذا وطئها دُرئ عنه الحدُّ بالشبهة ولزمته القيمة فيها اهـ. الشبهة تدخل في جميع الأبواب وهي من جوامع الكلم. قال ابن يونس: رُوِيَ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال::ادرؤوا الحدود بالشبهات". ويقال: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فلأن يخطأ حاكم من الحكام في العفو خير من
أن يخطأ في العقوبة، إذا رأيتم للمسلم مخرجًا فادرؤوا الحدود عند اهـ نَقَلَه الموّاق.
قال رحمه الله تعالى: "وَيؤَخَّرُ لِلْحرَّ وَالْبَرد والْحَمْل كَمَا تَقَدَّمَ" يعني أنه يؤخَّر الحدُّ إذا كان في الوقت الحرَّ أو البرد المفرط، وكذلك يؤخر عن المرأة حتى تضع إن كانت حامِلاً كما تقدَّم جميع ذلك في القصاص عند قول المصنَّف: ويؤخَّر لشدّة الحرَّ والبرد والحامل للوضع، فإن وُجِدَ مَنْ يُرضعه وإلَاّ فإلى انفصال فراجِعْه إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: "ويثبت بالبينة أربعة أحرار مجتمعين على رؤية فرجه في فرجها فلو قالوا زنا يوجب الحد بغير وصف كانوا قذفة كشهادة ثلاثة وشك الرابع أو امتنتاعه ولو رجع قبل الحد فالكل قذفة وبعده وحده" يعني يثبت الحدّ في الزنا بالبينة أربعة أحرار متفقين كلهم على رؤية فرجه في فرجها ويؤدّون الشهادة على هذه الصفة في وقت واحد، ولا يكفي قولهم: إن هذا الرجل زَنا بهذه المرأة بدون وصفْ، بل ذلك ممَّا يوجب عليهم حدَّ القذف كما لو شهد ثلاثة وشكَّ الرابع، أو امتنع عن الشهادة، أو شهد ورجع عن شهادته قبل الحدَّ فإنهم
[130/] يستحقون حدَّ القذف جميعًا. وأمَّا لو كان رجوعه بعد الحدَّ فيلزمه حدُّ القذف هو وحده. قال في الرسالة: ولا يحدُّ الزاني إلَاّ باعتراف أو بحَمْلٍ يظهر أو بشهادة أربعة رجال أحرار بالغين عدول يَرَوْنُه كالمرود في المكحلة ويشهدون في وَقت واحدٍ، وإن لم يُتِمَّ أحدهم الصفة حُدَّ الثلاثة الذين أتموها. قال خليل: وللزَّنا واللواط أربعة بوقت ورؤية اتحدا. قال النفراوي: فجملة الشروط ستة: كون الشهود أربعة، وكونهم رجالأن وبلوغهم وعدالتهم، وقولهم: رأينا فَرْجَه في فَرْجِها كالمرود في المكحلة. فلا يكفي قولهم: نشهد أنّ فلانًا زنى بفلانة وأن تتفق شهادتهم في الزمان والمكان. فإذا وُجِدَت تلك الشروط حُدَّت المرأة ولو شهد أربع نسوة ببقاء عُذْرَتِها، بخلاف ما لو شهد على بقائها أربعة رجَال فإنه يسقط حدُّها، ولا يفسقون بتعمّد رؤيتها لأجْل الشهادة عليها بل يجوز لهم الإقدام على ذلك، كما يجوز
ذلك لشهود الزَّناكما نُقِلَ عن ابن القاسم. وإن اختلفت شهادتهم في شيئ من ذلك بطلت، ولذا قال: فإن لم يتمّ أحدهم الصفة بأن قال: رأيت ذَكَرَه بين فَخِذَيْها ولا أدري هل دخل فَرْجَها أم لأن فإنه يعاقب باجتهاد الإمام. وأمَّا الثلاثة الذين أتمّوها فإنهم يحدّون للقذف؛ لأنهم قذقة في تلك المرأة، بخلاف من قال: رأيت ذَكَرَه على باب فَرْجِها فقط فإنه لم يشهد بزِناها، فلا حدَّ عليه بل تعزير باجتهاد الإمام اهـ باختصار.
قال رحمه الله تعالى: "وبَاعْتِرَافٍ وَيَكْفِي مَرَّةً أَوْ ظُهُورِ حَمْلِ خَلْوَةٍ"
يعين تقدَّم أن جملة شروط الحدَّ الاعتراف بمعنى الإقرار، وهو أوْلَى من الشهود. قال ابن جزي في القوانين: فأمَّا الاعتراف من العاقل البالغ فيوجب الحدَّ ولو مرّة واحدة، فإن رجع عن اعترافه إلى شبهة لم يحدّ، وإن رجع لغير شبهة فقولان، وإن رجع بعد ابتداء الحدَّ وقبل تمامه قُبِلَ منه في المشهور. وأمَّا الشهادة فأربعة رجال عدول يشهدون مجتمعين لا تراخ بين أوقات إقامتهم الشهادة على معاينة الزَّنا كالمرود في المكحلة، فإن كانوا أقلّ من أربعة لم يحدَّ المشهود عليه. وحدَّ الشهود حدَّ القذف، وإن رجع بعض الأربعة قبل الحُكْم أو شكَّ في شهادته بعد أدائها حُدّ الأربعة، وإن رجع أو شكَّ بعد الحُكْمِ حدَّ الراجع أو الشّاك وحده، وإن شهد ثلاثة وتوقَّف الرابع حُدّ الثلاثة دون الرابع، وإن شهدوا مفترقين في مجالس حدّوا، خلافًا لابن الماجشون. وأمَّا الحَمْل فإن ظهر بحرّة أو بأمضة ولا يثعْلَم لها زوج ولا أقرّ سيدها بوَطْئِها وتكون الحرّة مقيمة غير غريبة فتحدُّ، خلافًا للشافعي وأبي حنيفة في قولهما: لا حدَّ بالحَمْل اهـ. قال في المدوَّنة: إن ظهر بامرأة حمل ولم تَقُمْ بيَّنة بالنكاح حُدَّت. قال اللخمي: تُحَشدُّ إن لم تكن ذات زوج وسيد ولا [3/ 130/]
* * *
شبهة ولم تكن طارئة. وفيها أيضًا في رجل وُجِدّ مع امراة في بيت فشهد أبوها ،اخوها أنّ الأب زوَّجها إيّاه فلا يُقْبَل ذلك ويُعاقبان، وإن ثبت الوَطءء حدّا اهـ. هذا لعدم صحة الخلوة الشرعية، وهو معنى قوله: أو ظهور حَمل خلوةٍ. قال خليل: ولم يُقْبَل دعواها الغصب بلا قرينة، وكذلك لا يُقْبَل دعواها أنّ هذا الحمل من مَنيًّ شربه فَرْجُها في حمام، ولا من وَطْء جنّي، وأمَّا دعواها الوَطْ بشبهة أو غلط وهي نائمة فتُقْبَل؛ لأنّ هذا يقع كثيرًا، وتُقْبَل دعواها أيضًا إذا تعلقت بالمدَّعى عليه واستغاثتها عند النازلة فلا تُحدُّ اهـ. الدردير.
قال رحمه الله تعالىوَيُقِيمُهُ السَّيَدُ عَلَى أَرِقَائِهِ إِنْ ثَبَتَ بِبَيَّنَةٍ أو اعْتِرَافٍ لَا بِمُجَرَّد عِلْمِهِ أَوْ كَوْنِهَا زَوجْةَ حُر أَوْ مَمْلُوكَةَ غَيْرٍ" يعني كما في الرسالة: ويقيم الرَجل على عَبْدِهِ وأمَتِه حدَّ الزنا إذا ظهر حَمْلٌ، أو قامت بَيَّنَةٌ غيرهُ أربعة شهداء، أو كان إقرار، ولكن إن كان للأمة زوج حر أو عبد لغيره فلا يقيم الحدَّ عليها إلَاّ شروط: وهي ظهور حَمْلٍ أو قامت البيَّنة عادلة أو اعتراف بالزنا على نفسيهما ولم يرجعا، فيجوز لسيَّدهما حينئذ إقامة الحدَّ عليهما. ومثل حدَّ الزَّنا حدُّ الشُّرْب والقذف، لكن يطلب أن يحضر السيد لجَلْدِه في الخمر والفرية رجلَيْن، وفي الزَّنا أربعة رجال عدول. وأمَّا حدُ السرقة فلا يجوز للسيد إقامته عليه، وإنَّما يقيمه الإمام أو نائبه، فإن تولاّه السيد وقَطَعَ يده مثلاً وكانت البيَّنة عادلة وأصاب وَجْهَ القطع أدَّبه الإمام؛ لتقدمِه عليه في ذلك. وما تقدم من أنه جوَّز له إقامة الحَّد للسيد مشروط بعدم الزوج للأمة لقوله: ولكن إن كان للأمَة زوج حرٌّ أو عَبْدٌ لغيره فلا يقيم الحدَّ عليها حينئذِ إلَاّ السلطان أو نائبه، لأن للزوج حقًا في الفراش، وما يحدث فيه من ولد فليس لسيد الأمة أن يفسده، ولا يدخل عليه فيه ضَرَرًا إلَاّ بِحُكْم، بخلاف العبد وذلك فيه جائز لعدم الضرورة. فالحاصل أن السيد إنَّما يقيم حدّ الزَّنا على عَبْدِه إذا كان خاليًا من زوج، أو كان متوجاً بمِلْك سيَّده. وما أحسن قول خليل: وإقامة الحاكم والسيد إن لم يتزوج بغير مِلْكه. والدليل عىل ذلك خبر: إذا زَنَتْ أمَة أحدكم فتبيَّن زِناها فلْيَحِدَّها وفي أبي داود عن عليَّ