الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء
أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام العَتْق وما عطف عليه. العَتْق لغة: الخلوص؛ وعُرْفًا: خلوص الرقبة من الرَّق بصيغة، وهو مندوب إليه مرغب فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم مَنْ أعْتَقَ رقبة أعْتَقَ الَّه بكلَّ عُضْوٍ منها عُضْوًا من أعضائه من النار حتى الفَرْج بالفَرْج أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد أعْتَقَ صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وستين رَقَبة. قال الصاوي في حاشيته على الدردير: هذا العدد لا مفهوم له وإلَاّ فقد ثبت في الصحيح أنه أعتق من هوزان ستة آلاف نسمة اهـ.
قال رحمه الله تعالى: "يَصِحُّ العِتْقُ مِنْ كُلَّ مُكلَّفِ جَائِز التَّصَرُّفِ ابْتَدَأَهُ أَوِ اخْتَارَ سَبَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ" يعني يصحُّ لمالك الرقبة بإرْثٍ أو غيره عَتقَها ابتداءًا أو اختار سببه بشروطٍ وأركانٍ ثلاثة، قال ابن جزي ف يالأركان: الأول: المُعْتِق وهو مالك للعبد مالك أمْرَ نفسه ليس بمريض ولا أحاط الدَّيْن بمالِهِ، فأمَّا المريض فيصحُّ عَتْقُه، ويكون في الثُّلُث من ماله، فإن وَسِعَه الثُّلُث عُتِقَ جميعه وإلَاّ عُتِقَ ثُلُثه، وإن كان عليه دَيْنٌ مستغرق لمالِهِ لم يُعْتَقْ منه شيئ.
الثاني: المُعْتَق وهو كل إنسان مملوك لم يتعلَّق بعينه حقُّ لازم.
الثالث: الصيغة وهي نوعان: صريح وهو لفظ الإعتاق والتحرير وفكُّ الرقبة. وكناية كقوله: قد وهب لك نفسك، أو لا سبيل لي عليك، أو اذهب واعزب، فلا تعمل إلَاّ باقتران النيّة فينوي السيَّد فيما أراد. اهـ. باختصار.
قال رحمه الله تعالى: "فَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ سَرَى فِي جَمِيعِهِ" يعني كماف ي الرسالة: ومَنْ أعْتَقَ بعض عَبْدِهِ استتمَّ عليه. قال شارحها: أي بحُكْم حاكم، على المشهور الذي اقتصر عليه العلاّمة خليل حيث قال: وبالحُكْمِ جميعه إن أعْتَقَ جزءًا والباقي له. وعبارة
ابن جزي في القوانين: وأمَّا تبعيض العَتْقِ فَمَن أعْتَقَ بعض عَبْدِه أو عضوًا منه عُتِقَ سائره عليه، وفي عَتْقِهِ بالسراية أو بالحُكْم روايتان اهـ. والمعنى: أن مَنْ أعتقَ جزءًا ولو يدًا أو رجلاً من عَبدِه الذي يملك جميعه فإن الباقي يُعْتَقُ عليه بالحُكْم، سواء كان موسِرًا أو معسِرًا. قوله: بعض عَبْدِ، يشمل
القِن المحض والمدبر والمعتق إلى أجل وأُمّ الولد والمكاتب؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم، وإنَّما يلزم ذلك إذا كان المُعْتِق مسلِمًا مكلَّفًا رشيدًا لا دَيْنَ عليه يَرُدُّ العبد أو بعضه. وأمَّا لو أعتق الكافر عَبْدَه الكافر فَلَهُ الرجوع فيه إلَاّ أن يسلِم أحدهما أو يبِين العبد عن سيَّده اهـ. النفراوي.
قال رحمه اللَّه تعالى: "فَإنْ كانَ مُشْتَرِكًا وَهُوَ وسِرٌ قُوَّمَ عَلَيْهِ بَاقيهِ في رَأْس مَالِهِ صَحِيحًا وَفِي ثُلُثِهِ مَريضًا وَإِنْ أبِقَ العَبْدُ إلَاّ أَنْ يَشَاءَ الشَّريكُ عِتْقَ نَسِيبِهِ مُنجّّزًا لَا كِتَابَةً أَوْ تدْبِيرًا إلَاّ فِي إِعْسَارِ الأَوَّلِ إذْ لا تَقْويمَ كَمَوْتِهِ أَوْ يُسْرِهِ بَعْدَ الحُكْمِ بِعُسْرِهِ وَفِي يُسْرِهِ بِبَعْضِ قِيمَتِهِ يُقَوَّمُ عَلَيْه بِقَدْرِهِ لَا بِإرْثِهِ" يعني كما في الرسالة قال: وإن كان لغيره معه فيه شركة قُوَّم عليه نصيب شريكه بقيمته يوم يُقام عليه وعتق، فإن لم يوجد له مال بقي سهم الشريك رقيقًا. وقال شارحها: والمعنى أن مَنْ أعْتَقَ نصيبه من عبدٍ مشتركٍ بينه وبين غيره فإنه تقوَّم عليه حصّة شريكه بشروط ستة: أحدها: أن يدفع القيمة بالفعل لشريكه يوم الحكم بالعَتْق. ثانيها: أن يكون المُعْتِق مسلِمًا أو العبد فلو كان العبد والشريكان كفرة فلا تقويم، وكذا لو كان المُعْتِق ذِمَّيًّا والعبد كذلك وغير المُعْتِق مسلِمًا. ثالثها: أن يعتق الشريك باختيراه لا إن ورث جزءًا من أبيه فلا تقوَّم عليه حِصّة شريكه. رابعها: أن يكون المُعْتِق هو الذي ابتدأ العتق لأنه الذي أبد الرقبة، وأما لو كان العبد حرًا لبعض قبل العتق فلا تقوم عليه حصة شريكه، كما لو كان العبد مشتركًا بين ثلاثة أملياء وأعتق أحدهم نصيبه ابتداءًا وتبعه الثاني بإعتقاء حِصَّته وامتنع الثال ثمن العَتْق فإن حِصَّته تقوَّم على الأوّل،
إلَاّ أن يرضى الثاني بتقويمها عليه، فلو كان المبتدي العَتْق معسِرًا لم تُقَمْ حِصّة الثالث على الثاني إلَاّ برضاه، وأمَّا لو أعتقا معاً أو مترتبًا وجهل الأول قوَّمت حِصّة الثالث عليهما أن أيسرَا وإلَاّ فعلى الموسِر منهما. خامسها: أن يكون المعتِق موسِرًا بقيمة حِصّة الشريك، فإن أيسر ببعضها عَتَقَ منها بقدر ما هو موسر به، والمعسَر به لا تقوَّم عليه ولو رضي شريكه باتباع ذِمَّته. سادسها: أن تكون تلك القيمة التي يُشْتَرِطْ يُسْرُه بها أو ببعضها زائدة على ما يترك للمفلس. اهـ. النفراوي باختصار على ما تلخَّص من كلام خليل. وإليه أشار رحمه اللَّه تعالى بقوله: "فَلَوْ أَعْتَقَ اثْنَانِ قُوَّمَ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهمَا ولَفِي تَعَاقُبِهِمَا يُقَوَّمُ عَلَى الأَوَّل كَإِعْسَارِ أَحَدِهِما وَالْحَمْلُ يَتبَعُ أُمَّمه: يعني أنه تقدَّم آنفًا قول النفراوي: إنه لو كان العبد مشتركًا بين ثلاثة أملياء وأعْتَقَ أحدهم نصيبه ابتداءً وتبعه الثاني بإعتاق حِصَّته وامتنع الثالث من العَتْق وهو ملئ قُوَّم نصيب الثالث على الأول وحده؛ لأنه الذي ابتدأ العَتْقَ في الرقبة، هذا إن كان إتاق الثاني بعد إعتاق الأول، وإلَاّ بأن كان إعتاقهما في وقت واحد قُوَّمت حِصَّة الثالث عليهما على قدر حِصَصِها لا على رؤوسهما، فإن كان لأحدهما نِصْفه
وللثاني ثُلُثه وللثالث سُدْسه وأُعْتِق الأول والثاني دفعة فعلى الأول ثلاثة أخماس سُدْس قيمته، وعلى الثاني خُمْسَاه إن أيسرا وإلَاّ أي وإن لم يكونا موسَرَيْن بأن كانا معسَرَيْن فلا تقويم، وإن كان أحدهما موسِرًا ولاآخر معسِرًا فعلى الموسِر منهما اهـ. بتوضيح. قوله: والحمل يتبع أمّة هذا إذا كان حَمْلاً ظاهرًا. قال ابن جزي:
فرع: يلزم عَتْقُ الجنين في بطن أمَّه إذا كان الحَمْل ظاهرًا، واختُلِفَ إذا كان غير ظاهر. وفي الرسالة: ومَنْ أعْتَقَ حامِلاً كان جنينهاحرًّا معها. قال شارحها: ولا يصحُّ استثناؤه لأن كل ولد حدث من غير مِلْك يمين فإنه تابع الأمَّة في الحريَّية والرَّقّية؛ لأنه لا يوجد في الأصول حرَّة حامِل برقيق إلَاّ على جهة الندور، وإنَّما توجد أمَة حامل
بحرَّ، ولأن الحرَّية مسّتْه وهو في بطنها وهو كعُضُوٍ من أعضاءها فوَجَبَ أن يُعْتَقَ بِعَتْقِها وسيأتي كلام المصنَّف ي قوله: ويتبع المُعْتِق مالُهُ إلى أن قال: وأَمَتُهُ الحامِلُ لا جنينها وأولادُهُ، أي فلا يُعْتَقون بعَتْقِهِ فتُرَقُّ به؛ لأن تلك المسألة كالمسْتثنى من قولهم: وكل ذات رَحِم فولدها بمنزلتها.
قال رحمه الله تعالى: "وَمَنْ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَوْ قَالَ: ثُلُثُ عَبِيدِي أَحْرار عُدَّلُوا بِالْقيمَةِ وَأَعْتَقَ ثُلثُهم بِالْقُرْعَةِ خَرَجَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ" يعني كما قال عبيدًا له ستَّة عند موته فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق ثُلُث تلك العبيد قال مالك: وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مالٌ غيرهم اهـ. وعنه أيضًا أنّ رجلاً في إمارة أبان بن عثمان بتلك الرقيق فقَسَّمَتْ أثلاثًا ثم أسهم على أيَّهم يخرج سهم الميت فيُعْتَقون فوقع السهم على أحد الأثلاثِ فعَتَقَ الثُّلُث الذي وقع عليه السهم اهـ. ومثله ي المدوَّنة.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطْ مِلْكِهِ أَوْ أَجَلٍ يَبْلُغُهُ وَلِيْسَ لَهُ وَطْءُ المُعْتَقَةِ إِلى أَجَلٍ: يعني أنه يصحُّ تعليق العَتْقِ علىش رط مِلْك الرقبة في مستقبل، كأن يقول: إن ملكت رقبة فلان فهو حرّ، وبمجرَّد تملكه إيّاه صار فلان حُرًّا كتعليق الطلاق بالعقد، وكذلك يصحُّ العَتْقُ بِتَعْليقه إِلى أجل يبلغه فيؤخَّر إليه، بخلاف الطلاق فلا يؤخَّر بن ينجز عليه بمجرَّد النطق به. قال الخرشي: أي فلا يستوي باب العَتْق وباب الطلاق في هذه المسائل، منها إذا طلَّق زوجته إلى أجَل يشبه بلوغهما عادة فإنه ينجز عليه من الآن؛ لئلا يلزم على عدم التنجيز نِكاح المتعة، بخلاف ما إذا أعْتِقَ إلى أجَل معلوم فإنه لا يُعْتَق إلاّ إلى ذلك الأجل، ويمنع السيَّد من البيع والوَطْءِ إلى
ذلك الأجَل، وله الخدمة إليه فقط اهـ. وفي الرسالة: ولا يطأ المُعْتَقَة إلى أجَل ولا يبيعُها وله أن يستخدمها وله أن ينتزع مالها
ما لم يقرب الأجَل أي بكشهر فيحرُم عليه انتزاعه، وأمَّا ما كان من خراجها وكَسْبِها وأرْش جناية عليها فلَهُ انتزاعه وإن قرب الأجَل اهـ. بتوضيح من النفراوي.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَه مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ بِقِسْطِهَا وَلَا يَنْتَزعُ مَالُهُ وَأَحْكَامُهُ كالْقِنَّ وَمِيرَاثُهُ لِمَالِكِ بَاقِيهِ: يعني أن من كان بعضه حرًّا وبعضه عبدًا فلَهُ خدمة نفسه في البعض الذي من جهة الحرية، ويخدم مالك الباقي من جهة الرَّقيّة، ولا ينتزع ماله، وأحكامه وميراثه كالقِنّ. قال في المدوَّنة: قلتُ: أي لابن القاسم: أرَايتَ عَبْدًا نِصْفه رقيق ونِصْفه حرّ، باع السيَذد المتمسَّك بالرَّق نصيبه منه، أيكونله أن يأخذ من مالِهِ شيئًا أم لا؟ في قول مالك قال: قال لي مالك: أيما عبد كان نِصْفه عبدًا ونِصْفه حرًّا فأراد سيَّده الذي له فيه الرَّق أن يبيع نصيبه منه فإن يبيعه على حاله، ويكون المال موقوفًا في يَدَي العبد، ويكون الذي ابتاع العبد في مال العبد بمنزلة سيَّده الذي باعه، وليس للذي اشتراه ولا للذي باعه أن يأخذ من مالِهِ شيئًا، ف إن عَتَقَ يومًا كان جميع مالِهِ له، أو يموت فيكون المال للذي له فيه الرَّق، ولاي كون للذي أعْتِقَ من ماله الذي مات عند العبد قليل ولا كثير؛ لأنه لا يورث بالحرَّية حتى تتمَّ فيه الحرَّية عند مالك: قلت: ولِمَ جعل مالك المال موقوفًا في يَدَي العبد ولم يجعل لمتمسَّك بالرَّق ألَاّ يأخذ من مالِهِ شيئًا؟ قال: لشركة العبد في نفسه وللعَتْقِ الذي دخله فماله موقوف إن عتق تبعه ماله وإن مات قبل أن تتم حخريته كان سبيله ما وصفت لك عند مالك اهـ. "وَيَتْبَعُ المُعْتَقَ مَالُهُ إلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ سَيَّدُهُ وَأمَتُهُ الحامِلُ لَا جَنِينُهَا وَأَوْلَادُهُ" يعني أن مال المُعْتَق تابع له بعد العَتْق، إلَاّ أن يستثنيه السيَّد قبل عَقْدِ العَتْق. قال في الرسالة: ومالُ العبد له إلَاّ أن ينتزعه السيَّد فإن أعتقه
أو كاتبه ولم يَستثن مالَهُ فليس له أن ينتزعه اهـ. وفي القوانين:
فرع: للسيَّد أن ينتزع مال عبده ومال المُعْتِق إلى أجَل ما لم يقرب الأجَل، وليست السنّة قربًا، ومال أمَّ الولد والمدبر ما لم يمرض فإذا أُعْتِقَ العبد تبعه مالُه، إلَاّ أن يستثنيه سيَّده بِبَيَّنةٍ فإن لم تكن إلَاّ دعواه لم يصدق وكان القول قول العبد مع يمينه وله رد اليمين اهـ.
وحاصل ما في المذهب كما في الموطَّأ عن مالك عن ابن شهاب أنه سمعه يقول: مضت السنّة أن العبد إذا أُعتق تبعه مالُهُ. قال مالك: ومما يُبَيَّنُ ذلك أن العبد إذا أُعتِق تبعه مالُهُ أن المكاتب إذا كوتب تبعه مالُهُ وإن لم يشترطه المكاتَبُ، وذلك أن عقد الكتابة هو عقد الولاءِ إذا تَم ذلك، وليس مالُ العبدِ والمكاتب بمنزلة ما كان لهما من ولد، إنَّما أولادُهما بمنزلة رقابهما ليسوا بمنزلةِ أموالهما؛ لان السنّة التي لا اختلاف فيها أن العبد إذا عُتِقَ تبعه مالُهُ ولم يتبعه ولدُهُ وأن
المكاتب إذا كوتب تبعه مالُهُ ولم يتبعه ولده. قال مالكٌ: وممَّا يُبَيَّنُ ذلك أيضًا أن العبد والمكاتَب إذا أفلسا أخِذت أموالهما وأُمهات أولادهما ولم تؤْخذ أولادهُما؛ لأنهم ليسوا بأموال لهما. قال مالك: وممَّا يبيَّن ذلك أيضًا أن العبد إذا جرح أُخِذَ هو ومالُهُ ولم ي} خذ ولده اهـ. وقول المصنَّ: وأمَتُه الحامل معطوفة على يتبع. فالمعنى: أنّ أمَة المعتوق إذا كانت حاملة تبعت ماله إذا لم يشترط السيَّد مال عبده المُعْتَق، ف إذا أعتَقَها سيَّها المُعْتَق صارت حرّةً دون جنينها، وكأنه رحمه الله قال: ويتبع المُعْتَق مالُهُ وأَمتُهُ الحالم لا جنينها ولا أولاده، فغنهم أرقّاء للسّيَّد المعتِقِ لأبيهم، ولا غرابة أن تكون الحرّة حاملة برق في بطنها. قال خليل في توضيحه: قد وجدت حرّة حاملاً بعبد، وصورتها: أن يكون عبد وَطِئ جاريته فحَمَلَتْ منه وأعْتَقَها لوم يَعْلَمْ سيَّده بعَتْقِهِ حختى أعتقه ولم يستثن مالَه فعَتْقُ الأمَة ماضٍ ومقصود عليها وتصير حرّة والولد في بطنها رقيق لسيَّد أبيه اهـ. نَقَلَه النفراوي عنه، انظره إن شئت
وفيه زيادة إيضاح. قال مالك في الأمَة تُعْتَقُ وهي حامل وزوجها مملوكُ ثم يثعْتَقُ زوجُها قبل أن تضع حَمْلَها أو بعدما تضع: إنّ ولاء ما كان في بطنها للذي أعْتَقَ أُمَّهُ، لأن ذلك الولد قد كان أصابه الرَّقُّ قبل أن تُعتق أُمُّهُ، وليس هو بمنزلة الذي تَحْمل به أُمُّهُ بعد العتاقة؛ لأن الذي تَحْمل به أمه بعد العتاقة إذا عُتِقَ أبوه جرَّ ولاءَهُ. قال مالك في العبد يستأذِنُ سَيَّدَهُ أن يعتق عَبْدًا له فيأْذَنَ له سيَّدُهُ: إنَّ ولاءَ العبد المعتق لسيَّ العبد لا يرجع ولاؤُه لسيَّده الذي أعتقه وإن عُتِق اهـ. قاله في جرَّ العبد الولاء.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَيَعْتِقُ بِالنَّسَبِ عَمُدَاهُ وَإِنْ بَعُدَ وَالإِخْوَةُ والأَخوَاتُ لَا غَيْرُ" يعني كما في الرسالة قال: ومَنْ ملك أبوَيْه أو أحدًا من ولده أو ولد ولده أو ولد بناته أو جدّه أو جدّته أو أخاه لأُمَّ أو لأبٍ أو لهماجميعًا عُتِقَ عليه. قال خليل: وعُتِقَ بنفس المِلْك الأبوان وإن علَوْا والولد وإن سفل والإخوة ولاأخوات ولو لأُمًّ. قال النفراوي: والمعنى أن الشخص إذاملك أصله وإن علا أو فرعه وإن سفل أو حاشيته القريبة فإِنه يُعْتَقُ عليه بمجرَّد المِلْك، ومحل العَتْق: حيث كان المالك والمملوك مسلمين، وكذا إن كان أحدهما مسلِمًا، ولابدَّ أن يكون المالك رشيدًا، ولا فرق
…
في المِلْك بين أن يكون بالبيع الصحيح البتّ اللازم أو بالهبة أو الصّدَقة إن عَلِمَ المُعطِي بالكسر أو قبل المُعطَى بالفتح والولاءُ للمُعطَى بالفتح، ولا فرقَ مع عِلْم المُعطِى بالكسر بين أن يكون المُعطَى بالفتح دَيْنًا أم لا. والضابط أنه إن عُتِقَ لِعِلْم المُعَطي لعدم قبول المُعطَى بالفتح لا يُباع في دَيْنٍ ولا غيره، وأمَّا إن عُتِقَ لقبول الموهوب له فإن كان عليه دَيْنٌ فإنه يُباع فيه، وحيث لَا قبول فلا يُباع ولو كان عَليه دَيْن، وأمَّا المملوك بالإرث أو الشراء فمحلّ عَتْقِهِ حيث لا دَيْن وإلَاّ بِيع فيه. قال خليل: لا بإرث أو شراء
وعلهي دَيْن فيُباع. وقوله: ويُعْتَقُ بالنسب عموداه إلخ احتراز عن مالك أبوي الرَّضاع أو أولاد الرَّضاع أو الإخوة منه فلا عَتْقَ على المشهور. اهـ. باختصار.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَمَنْ قَصَدَ الْمُثْلَةَ بِعَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْفِعْل وُقِيلّ بِاْحُكْم" يعني أن مَنْ قصد أن يمثَّل بعبده مُثْلَة فإنه يَعْتِقُ عليه بالحْكْم إذا فعل، وقيل: بمجرَّد الفعل عَتَقَ عليه لا يتوقف إلى حُكْمِ حاكم، والأول أصحُّ. قال ابن جزي: ولا يُعْتَقُ بالمُثْلة إلَاّ بالحْكْم. وقال أشهب: بالمُثْلة يصير حرًّا. قال في الرسالة: ومَنْ مثَّلَ بعبده مُثْلَة بيَّنة مِن قطع جارحة ونحوه عَتَقَ عليه. وأخرج أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: جاء سندر مستصرخًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ويْحضك ما لك؟ فقال سندر: أبصر لسيَّده جارية فغار فجبَّ مذاكريه وقَطَعَ أنفه وأذنَيْه، فقال رسول اللَّه صلى لله عليه وسلم "عليّ بالرجل"،لآ فطلب فلم يقدر عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اذهب فأنت حرُّ"، فقال: يا رسول اللذَه على من نصرتي؟ فقال: على كل مؤمن أو على كل مسلِم اهـ. وعبارة المدوَّنة لهذا الحديث قال: كان لزنباع عبد يسمّى سندرًا أو ابن سندر فوجده يقبَّل جارية له فأخذه فجَبَّه وجَدَعَ أذُنَيْه وأنْفَه، فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلىزنباع فقال: لا تحمَّلوهم ما لا يطيقون، وأطعموهم ممَّا تأكلون واكسوهم ممَّا تلبسون، وما كرهتم فبيعنوا، وما رضيتم فأمسكوا، ولا تعذَّبوا خَلْقَ اللَّه، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَنْ مَثّل بعبده أو أحرق بالنار فهو حرٌّ وهو مولى الله ورسوله"، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه الصلاة والسلام قال: يارسول الله أوصِ بي فقال: أوصي بك كل مسلِم اهـ. وفيها أن زنباعًا كان يومئذ كافرًا. قال خليل: وبالحكم إن عَمَدَ لشين برقيقه أو رقيق رقيقه أو لود صغير. قال الخرشي: والمعنى أن المسلِم المكلَّف الحرَّ الرشيد إذا عَمَدَ العقوبة أي المثلة وهي المراد بالشين - ويدلُّ على قصدها القرائن - برقيقة أو رقيق رقيقة فإنه يَعْتِقُ عليه، أو لا بدّ من الحكم عليه بالعَتْقِ على لمشهور، ولا يتبعه مالُهُ، قال فيها: مَنْ مثَّل بعبده أو بأمَّ ولده وبمدبره أو بعبد لعبده أو لمدبره أو لأمَّ ولده عتقوا عليه اهـ. باختصار. ولمَّا أنهى الكلامعلى ما تلَّق بالعَتْقِ انتقل يتكلم على ما يتعلَّق بأحكام الولاء فقال رحمه اللَّه تعالى: