المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر مراثي النبي صلى الله عليه وسلم - المحاضرات والمحاورات

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌جلال الدين السيوطي

- ‌حياته

- ‌مؤلفات السيوطي

- ‌من ألف في المحاضرات والمحاورات وما أشبهها:

- ‌معنى المحاضرة

- ‌كتاب المحاضرات والمحاورات

- ‌نسخ الكتاب المخطوطة

- ‌1- نسخة الأصل:

- ‌2- نسخة ب:

- ‌3- نسخة ش:

- ‌4- نسخة ع:

- ‌5- نسخة ل:

- ‌6- نسخة ط:

- ‌من إنشاء الشهاب المراغي [3] في ذكر العلم

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من طبقات ابن سعد

- ‌ذكر مراثي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه

- ‌في تاريخ ابن عساكر [4]

- ‌منتقى من المصنف لابن أبي شيبة مما يحسن في المحاضرات

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الغرر من الأخبار

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من مصنف عبد الرزاق

- ‌أحاديث إعطائه صلى الله عليه وسلم القصاص من نفسه

- ‌من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه

- ‌[في العزلة]

- ‌في حياة الحيوان للكمال الدميري

- ‌[من تاريخ من دخل مصر للمنذري]

- ‌في كتاب البسملة لأبي شامة

- ‌في التذكرة المسماة كنوز الفوائد ومعادن الفرائد

- ‌في كتاب العشق والعشاق تأليف عبد العزيز بن عبد الرحمن بن مهذب

- ‌ذكر المسبحي [1] في تاريخه

- ‌[المختار من تذكرة ابن مكتوم]

- ‌في النهاية لابن الأثير

- ‌وفي تذكرة الوداعي

- ‌ذكر الأصل في المفاخرات

- ‌مفاخرة السيف والقلم

- ‌مقامة تسمى الحرقة للخرقة

- ‌قال وكيع في الغرر

- ‌في كتاب الأشراف لابن أبي الدنيا

- ‌أخرج ابن عساكر في تاريخه

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم

- ‌من وضعيات شرف بن أسد المصري

- ‌في تذكرة الوداعي

- ‌في تذكرة ابن مكتوم

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌في شرح البخاري للكرماني [1]

- ‌في تاريخ ابن عساكر

- ‌البخاري في التاريخ

- ‌قال البغوي [1] في معجم الصحابة

- ‌المقامة اللازوردية في موت الأولاد

- ‌المقامة المنبجية للإمام زين الدين عمر بن الوردي

- ‌المقامة الصوفية

- ‌منتقى من كتاب التدوين في أخبار قزوين

- ‌ذكر الشيخ أبو منصور الثعالبي في اليتيمة

- ‌رسالة السكين

- ‌قال البغوي في معجم الصحابة

- ‌وقال ابن عبد البر في كتاب العلم

- ‌[حديث أم زرع]

- ‌في التنوير لابن دحية

- ‌المغرب في أخبار المغرب

- ‌في كتاب نزهة المذاكرة وأنس المحاضرة

- ‌في تذكرة الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي

- ‌من كتاب (اللطائف واللطف) [1] لأبي منصور الثعالبي

- ‌من كتاب (لطائف المعارف) للقاضي أبي بكر النيسابوري

- ‌من كتاب (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام)

- ‌في تذكرة المقريزي

- ‌حكاية القاضي واللص

- ‌في تاريخ المدينة الشريفة للحافظ جمال الدين المطري [2]

- ‌قال القاضي تاج الدين السبكي [1] في الطبقات الكبرى:

- ‌في تاريخ ابن عساكر

- ‌[الفهارس]

- ‌فهارس الكتاب

- ‌1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة

- ‌2- فهرس الأحاديث النبوية

- ‌3- فهرس الشعر

- ‌4- فهرس الأعلام

- ‌5- فهرس القبائل والأمم والشعوب والجماعات

- ‌6- فهرس المواضع والبلدان

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ذكر مراثي النبي صلى الله عليه وسلم

عن الأضحية فقال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين لا يدع الأضحى. وأخرج عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل عمل البيت، وأكثر ما يعمل الخياطة.

وأخرج عن أنس بن مالك قال: إذا كان عندنا دباء [1] آثرنا به [2] رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج عن علي بن الأقمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل تمرا، فاذا مرّ بحشفة أمسكها في يده فقال له قائل: اعطني هذه التي بقيت، قال:(إني لست أرضى لكم ما أسخطه لنفسي)[3] . وأخرج عن محمد بن جعفر: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة [4] وقال: اعتمر منها سبعون نبيا.

وأخرج عن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعا، عمرته التي صده عنها المشركون عن البيت من الحديبية في ذي القعدة، وعمرته أيضا من العام المقبل حين صالحوه في ذي القعدة، وعمرته حين قسّم غنيمة حنين من الجعرانة في ذي القعدة مع حجته. وأخرج عن الشعبي قال: لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم/ عمرة إلا في ذي القعدة. وأخرج عن ابن أبي مليكة قال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر، كلها في ذي القعدة.

‌ذكر مراثي النبي صلى الله عليه وسلم

قال الواقدي عن رجاله: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه [5] : [المتقارب]

يا عين فابكي ولا تسأمي

وحقّ البكاء على السيّد

على خير خندف عند البلا

ء أمسى يغيّب في الملحد

فصلّى المليك وليّ العباد

وربّ البلاد على أحمد

فكيف الحياة لفقد الحبيب

زين المعاشر في المشهد

فليت الممات لنا كلّنا

وكنّا جميعا مع المهتدي

وقال أبو بكر أيضا: [الكامل]

لما رأيت نبيّنا متجدلا

ضاقت عليّ بعرضهنّ الدور

وارتعت روعة مستهام واله

والعظم منّي واهن مكسور

أعتيق ويحك إنّ حبّك قد ثوى

وبقيت منفردا وأنت حسير [6]

[1] الدباء: القرع.

[2]

في: ل، ط: بها.

[3]

ابن سعد 1/300، وحلية الأولياء 7/256.

[4]

الجعرانة: ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، نزلها النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هوازن، وله فيها مسجد، وبها بئار متقاربة. (ياقوت: الجعرانة) .

[5]

رضي الله عنه، ساقطة من: ب

[6]

في ل: (قد توى)، وفي الحاشية: التوى بالتاء المثني، هو الهلاك.

ص: 58

يا ليتني من قبل مهلك صاحبي

غيّبت في جدث عليّ صخور

فلتحدثنّ بدائع من بعد

هـ تعيا بهنّ جوانح وصدور

وقال أبو بكر أيضا:/ [البسيط]

باتت تأوّبني هموم حشّد

مثل الصخور فأمست هدّت الجسدا

يا ليتني حيث نبّئت الغداة به

قالوا الرسول قد امسى ميتا فقدا

ليت القيامة قامت بعد مهلكه

ولا نرى بعده مالا ولا ولدا

والله آسى على شىء فجعت به

من البريّة حتى أدخل اللحدا

كم لي بعدك من همّ ينصّبني

إذا تذكرت أنّي لا أراك ابدا

كان المصفّى في الأخلاق قد علموا

وفي العفاف فلم نعدل به أحدا

نفسي فداؤك من ميت ومن بدن

ما أطيب الذكر والأخلاق والجسدا

وقال عبد الله بن أنيس [1] : [الطويل]

تطاول ليلي واعترتني القوارع

وخطب جليل للبلية جامع

غداة نعى الناعي إلينا محمدا

وتلك التي تستكّ منها المسامع [2]

فلو ردّ ميتا قتل نفس قتلتها

ولكنه لا يدفع الموت دافع

فآليت لا آسى على هلك هالك

من الناس ما أوفى ثبير وفارع [3]

ولكنني باك عليه ومتبع

مصيبته إنّي إلى الله راجع

وقد قبض الله النبيين قبله

وعاد أصيبت بالرّزى والتبابع

فياليت شعري من يقوم بأمرنا

وهل في قريش من إمام ينازع

ثلاثة رهط من قريش هم هم

أزمّة هذا الأمر والله صانع

عليّ أو الصدّيق أو عمر لها

وليس لها بعد الثلاثة رابع

فان قال منّا قائل غير هذه

أبينا وقلنا الله راء وسامع

فيا لقريش قلّدوا الأمر بعضهم

فانّ صحيح القول للناس نافع

[1] عبد الله بن أنيس أبو يحيى من بني وبرة من قضاعة، صحابي من القادة الشجعان، قاد بعض السرايا في العصر النبوي، توفي سنة 54 هـ. (الأعلام 4/73) .

[2]

في حاشية ب: تستك اصطلام الأذنين أو قطع الأذنين. وفي حاشية ل: تستك: اسطلاب الأذنين، وهو قلع الأذنين. قلت: سك: أصيب بالصمم، وصمّت الأذن، وسكت أذنه: إذا صغرت ولصقت برأسه.

[3]

في حاشية ل: فارع: جبل بالمدينة، وثبير: جبل بقرب منى.

ص: 59

ولا تبطئوا عنّا فواقا فانّها

إذا قطعت لم يمن فيها المطامع

وقال حسان بن ثابت [1] : [البسيط]

والله ما حملت أنثى ولا وضعت

مثل النبيّ رسول الأمة الهادي

أمسى نساؤك عطّلن البيوت فما

يضربن خلف قفا ستر بأوتاد

مثل الرواهب يلبسن المسوح وقد

أيقنّ بالبؤس بعد النّعمة البادي

وقال حسان [2] : [البسيط]

آليت حلفة برّ غير ذي دخل

منّي إليّة برّ غير أفناد

تا الله ما حملت أنثى ولا وضعت

مثل النبيّ نبيّ الرحمة الهادي

ولا مشى فوق ظهر الأرض من أحد

أوفى بذمّة جار أو بميعاد

من الذي كان نورا يستضاء به

مبارك الأمر ذا حزم وإرشاد

مصدّقا للنبيين الألى سلفوا

وأبذل الناس للمعروف والجادي

خير البريّة إني كنت في نهر

جار فأصبحت مثل المفرد الصادي

وقال حسان [3] : [الكامل]

ما بال عينك لا تنام كأنّما

كحلت مآقيها بكحل الأرمد

جزعا على المهديّ أصبح ثاويا

يا خير من وطئ الحصى لا تبعد

يا ويح أنصار النبيّ ورهطه

بعد المغيّب في سواء الملحد

جنبي يقيك التّرب لهفي ليتني

كنت المغيّب في الضريح الملحد

يا بكر آمنة المبارك ذكره

ولدته محصنة بسعد الأسعد

نورا أضاء على البريّة كلّها

من يهد للنور المبارك يعتدي

أأقيم بعدك بالمدينة بعدهم

يا لهف نفسي ليتني لم أولد

بأبي وأمّي من شهدت وفاته

يوم الاثنين النبيّ المهتدي

فظللت بعد وفاته متلدّدا

يا ليتني أسقيت سمّ الأسود

أو حلّ أمر الله فينا عاجلا

في روحة من يومنا أو من غد

[1] ديوان حسان بن ثابت 1/272 تحقيق وليد عرفات، ط صادر، بيروت 1974.

[2]

ديوان حسان 1/272.

[3]

ديوان حسان 1/269- 270.

ص: 60

فتقوم ساعتنا فنلقى سيّدا

محضا مضاربه كريم المحتد [1]

يا ربّ فاجمعنا معا ونبيّنا

في جنّة تنبي عيون الحسّد

في جنّة الفردوس واكتبها لنا

يا ذا الجلال وذا العلى والسؤدد

والله أسمع ما حييت بهالك

إلا بكيت على النبيّ محمّد

ضاقت بالانصار البلاد فأصبحوا

سودا وجوههم كلون الإثمد

ولقد ولدناه وفينا قبره

وفضول نعمته بنا لم تجحد

والله أكرمنا به وهدى به

أنصاره في كلّ ساعة مشهد

صلى إلاله ومن يحفّ بعرشه

والطيبون على المبارك أحمد

وقال حسان [2] : [البسيط]

يا عين جودي بدمع منك إسبال

ولا تملّن من سحّ وإعوال

لا تعدماني بعد اليوم دمعكما

إني مصاب وإني لست بالسال

فانّ منعكما من بعد بذلكما

إياي مثل الذي قد غرّ بالآل

لكن أفيضي على صدري بأربعة

إنّ الجوانح فيها هاجس صال

سحّ الشعيب وماء الغرب يمنحه

ساق يحمله ساق بازلال [3]

على رسول لنا عفّ ضريبته

سمح الخليقة عفّ غير مجهال

حامي الحقيقة نسّال الوديقة فكّ

اك العناة كريم ماجد عال

كشّاف مكربة مطعام مسغبة

وهّاب عانية وجناء شملال

عفّ مكاسبه جزل مواهبه

خير البريّة سمح غير نكّال

واري الزناد وقوّاد الجياد إلى

يوم الطّراد إذا شبّت بأجذال

ولا أزكّي على الرحمن ذا بشر

لكنّ علمك عند الواحد العالي

إني أرى الدهر والأيام تفجعنى

بالصالحين وأبقى ناعم البال

يا عين فابكي رسول الله إذ ذكرت

ذات الإله فنعم القائم الوالي

وقال حسان [4] : [البسيط]

[1] في حاشية ل: المحتد هو الأصل، أي كريم الأصل.

[2]

ديوان حسان 1/436.

[3]

ط: شح الشعيب.

[4]

ديوان حسان 1/421.

ص: 61

نبّ المساكين أنّ الخير فارقهم

مع الرسول تولّى عنهم سحرا

من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي

ورزق أهلي إذ لم يؤنسوا المطرا [1]

ذاك الذي ليس يخشاه مجالسه

إذا الجليس سطا في القول أو عثرا

كان الضياء وكان النور يتبعه

وكان بعد الإله السمع والبصرا

فليتنا يوم واروه بمحنية

وغيّبوه وألقوا فوقه المدرا

لم يترك الله خلقا من بريّته

لم يعش بعده أنثى ولا ذكرا

ذلّت رقاب بني النّجار كلّهم

وكان أمرا من أمر الله قد قدرا [2]

وقال كعب بن مالك [3] : [المتقارب]

يا عين فابكي بدمع ذرى

لخير البرية والمصطفى [4]

وبكّي الرسول وحقّ البكاء

عليه لدى الحرب عند اللقا

على خير من حملت ناقة

وأتقى البرية عند التّقى

على السيد الماجد الجحفل

وخير الأنام وخير الله اللها [5]

له حسب فوق كلّ الأنا

م من هاشم ذلك المرتجى

نخصّ بما كان من فضله

وكان سراجا لنا في الدجى

وكان بشيرا لنا منذرا

ونورا لنا ضوؤه قد أضا

فأنقذنا الله في نوره

ونجّى برحمته من لظى

وقالت أروى بنت عبد المطلب [6] : [الوافر]

ألا يا عين ويحك أسعديني

بدمعك ما بقيت وطاوعيني

ألا يا عين ويحك واستهلّي

على نور البلاد وأسعديني

فان عذلتك عاذلة فقولي

علام وفيم ويحك تعذليني

[1] ب، ش، ط، ل: يؤنس المطرا.

[2]

ش: من الرحمن قد قدرا.

[3]

ابن سعد 2/247. كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري شاعر الرسول توفي سنة 50 هـ (جمهرة أنساب العرب ص 11، شواهد المغني للسيوطي ص 356.

[4]

ط، ب، ش، ل: بدمع درر.

[5]

في حاشية ب، ل: يعني خير من نطق.

[6]

طبقات ابن سعد 2/248- 249. أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، تزوجها في الجاهلية عمر بن وهب بن عبد مناف، أسلمت بمكة وهاجرت إلى المدينة (طبقات ابن سعد 8/49) .

ص: 62

على نور البلاد معا جميعا

رسول الله أحمد فاتركيني

فالا تقصري بالعذل عنّي

فلومي ما بدا لك أو دعيني

لأمر هدّني وأذلّ ركني

وشيّب بعد جدّتها قروني [1]

وقالت أروى أيضا [2] : [الطويل]

ألا يا رسول الله كنت رجاءنا

وكنت بنا برّا ولم تك جافيا

وكنت بنا برّا رؤوفا نبيّنا

ليبك عليك اليوم من كان باكيا

لعمرك ما أبكي النبيّ لموته

ولكن لهرج كان بعدك آتيا

كأنّ على قلبي لذكر محمد

وما خفت من بعد النبيّ المكاويا [3]

أفاطم صلى الله ربّ محمّد

على جدث أمسى بيثرب ثاويا [4]

أبا حسن فارقته وتركته

فبكّ بحزن آخر الدهر شاجيا

فدا لرسول الله أمّي وخالتي

وعمّي ونفسي قصرة ثم خاليا

صبرت وبلّغت الرسالة صادقا

وقمت صليب الدين أبلج صافيا [5]

فلو أنّ ربّ الناس أبقاك بيننا

سعدنا ولكن أمره كان ماضيا

عليك من الله السلام تحية

وأدخلت جنات من العدن راضيا

قالت عاتكة بنت عبد المطلب [6] : [البسيط]

عينيّ جودا طوال الدهر وانهمرا

سكبا وسحّا بدمع غير تعذير [7]

يا عين فاسحنفري بالدمع واحتفلي

حتى الممات بسجل غير منزور [8]

يا عين فانهملي بالدمع واجتهدي

للمصطفى دون خلق الله بالنور

[1] البيت ساقط من: ب.

[2]

ابن سعد 2/8248. في ش: عفا الله عنها.

[3]

عجز هذا البيت وصدر البيت التالي ساقطان من: ش.

[4]

في حاشية ب، ل: الثوى بالمثلثة الإقامة، وبالمثنى الهلاك. قلت: يريد ثوى بالثاء المثلثة، وتوى بالتاء المثناة.

[5]

في حاشية ب، ل: صافيا: أي مشتدا في أمر الدين.

[6]

طبقات ابن سعد 2/248. عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، شاعرة وهي من عمّات النبي صلى الله عليه وسلم، أسلمت بمكة، وهاجرت إلى المدينة. (المحبر 166، 406، الإصابة، النساء ت 695 الدر المنثور ص 319.

[7]

في حاشية ب، ل: معناه لا تعتذري بعد وفاته، لا يقبل منك ما تعتذرين به.

[8]

في ب، ش: بسجم غير منزور. وفي حاشية ب، ل: اسحنفري: أي اسرعي الدمع.

ص: 63

بمستهلّ من الشؤبوب ذي سبل

فقد رزيت نبيّ العدل والخير [1]

وكنت من حذر للموت مشفقة

وللذي خطّ من تلك المقادير

من فقد أزهر ضافي الخلق ذي فخر

صاف من العيب والعاهات والزور

فاذهب حميدا جزاك الله مغفرة

يوم القيامة عند النفخ في الصّور

وقالت عاتكة أيضا [2] : [الكامل]

يا عين جودي ما بقيت بعبرة

سحّا على خير البريّة أحمد

يا عين فاحتفلي وسحّي واسجمي

وابكي على نور البلاد محمّد [3]

أنّى لك الويلات مثل محمد

في كلّ نائبة تنوب ومشهد

فابكي المبارك والموفّق ذا التّقى

حامي الحقيقة ذا الرشاد المرشد

من ذا يفكّ عن المغلّل غلّه

بعد المغيّب في الضريح الملحد

أم من لكلّ مدفّع ذي حاجة

ومسلسل يشكو الحديد مقيّد

أم من لوحي الله يترك بيننا

في كلّ ممسى ليلة أو في غد

فعليك رحمة ربّنا وسلامه

يا ذا الفواضل والندى والسؤدد

هلّا فداك الموت كلّ ملعّن

شكس خلائقه لئيم المحتد [4]

وقالت عاتكة أيضا [5] : [الطويل]

أعينيّ جودا بالدموع السواجم

على المصطفى بالنور من آل هاشم

على المصطفى بالنور والحقّ والهدى

وبالرشد بعد المندبات العظائم [6]

وسحّا عليه وابكيا ما بقيتما

على المرتضى بالمحكمات العزائم

على المرتضى للبرّ والعدل والتّقى

وللدين والإسلام بعد المظالم

على الطاهر الميمون ذي الحلم والندى

وذي الفضل والداعي لخير التراحم

أعينيّ ماذا بعد ما قد فجعتما

به تبكيان الدهر من ولد آدم

فجودا بسجل واندبا كلّ شارق

ربيع اليتامى في السنين البوازم

[1] في حاشية ب، ل: الشؤبوب الدفعة من المطر.

[2]

ابن سعد 2/248- 249.

[3]

في ل: يا عين واحتفلي.

[4]

في حاشية ب، ل: الشكس: السىء الخلق.

[5]

طبقات ابن سعد 2/249.

[6]

في ط: بالنور والخلق والهدى.

ص: 64

وقالت صفية بنت عبد المطلب [1] : [الخفيف]

لهف نفسي وبتّ كالمسلوب

آرق الليل فعلة المحروب

من هموم وحسرة ردفتني

ليت أنّي سقيتها بشعوب [2]

حين قالوا إن الرسول قد امسى

وافقته منيّة المكتوب

إذ رأينا أنّ النبيّ صريع

فأشاب القذال أيّ مشيب

إذ رأينا بيوته موحشات

ليس فيهنّ بعد عيش حبيبي

أورث القلب ذاك حزنا طويلا

خالط القلب فهو كالمرعوب

ليت شعري وكيف أمسي صحيحا

بعد أن بين بالرسول القريب

أعظم الناس في البرية حقّا

سيّد الناس حبّه في القلوب

فإلى الله ذاك أشكو وحسبي

يعلم الله حوبتي ونحيبي

وقالت صفية أيضا [3] : [المتقارب]

أفاطم بكّي ولا تسأمي

بصبحك ما طلع الكوكب

هو المرء يبكى وحقّ البكاء

هو الماجد السيّد الطيّب

فأوحشت الأرض من فقده

وأيّ البرية لا ينكب

فما لي بعدك حتى المما

ت إلا الجوى الداخل المنصب

فبكّي الرسول وحقّت له

شهود المدينة والغيّب

لتبكيك شمطاء مضرورة

إذا حجب الناس لا تحجب

ليبكيك شيخ أبو ولدة

يطوف بعقوته أشهب [4]

ويبكيك ركب إذا أرملوا

فلم يلف ما طلب الطلّب [5]

وتبكي الأباطح من فقده

وتبكيه مكّة والأخشب

[1] ابن سعد 2/429. صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، سيدة قرشية، شاعرة، وهي عمة النبي صلى الله عليه وسلم، أسلمت قبل الهجرة، وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت بها سنة 20 هـ. (الإصابة، كتاب النساء ت 651، ذيل المذيل ص 69، التبريزي 4/147، المحبر ص 172) .

[2]

في حاشية ب، ل: الشعوب اسم من أسماء الموت.

[3]

طبقات ابن سعد 2/250.

[4]

في حاشية ب، ل: العقوة المحلة وما حول الدار.

[5]

في حاشية ل: أرملوا فرغ زادهم.

ص: 65

وتبكي وعيرة من فقده

بحزن ويسعدها الميثب [1] فعيني ما لك لا تدمعين

وحقّ لدمعك يستسكب

وقالت صفية أيضا [2] : [الوافر]

أرقت فبتّ ليلي كالسليب

لوجد في الجوانح ذي دبيب

فشيّبني وما شابت لداتي

فأمسى الرأس مني كالعسيب

لفقد المصطفى بالنور حقّا

رسول الله ما لك من ضريب

كريم الخيم أروع مضرحيّ

طويل الباع منتجب نجيب

ثمال المعدمين وكلّ جار

ومأوى كلّ مضطهد غريب

فامّا تمس في جدث مقيما

فقدما عشت ذا كرم وطيب

وكنت موفقا في كلّ أمر

وفيما ناب من حدث الخطوب

وقالت صفية أيضا [3] : [المتقارب]

أعينيّ جودا بدمع سجم

يبادر غربا بما منهدم

أعينيّ واسحنفرا واسكبا

بوجد وحزن شديد الألم

على صفوة الله ربّ العباد

وربّ السماء وباري النّسم

على المرتضى للهدى والتّقى

وللرشد والنور بعد الظّلم

على الطاهر المرسل المجتبى

رسول تخيّره ذو الكرم

وقالت صفية أيضا [4] : [الخفيف]

عين جودي بدمعة تسكاب

للنبيّ المطهّر الأثواب

واندبي المصطفى فعمّي وخصّي

بدموع غزيرة الأسراب

عين من تندبين بعد نبيّ

خصّه الله ربّنا بالكتاب

فاتح خاتم رحيم رؤوف

صادق القيل طيّب الأثواب [5]

مشفق ناصح شفيق علينا

رحمة من إلهنا الوهّاب

[1] في حاشية ب، ل: الميثب اسم مكان وهو جيد كانت فيه صدقاته صلى الله عليه وسلم.

[2]

طبقات ابن سعد 2/250.

[3]

ابن سعد 2/250.

[4]

ابن سعد 2/250- 251.

[5]

ب، ش، ط، ل: رؤوف رحيم.

ص: 66

رحمة الله والسلام عليه

وجزاه المليك حسن الثواب

وقالت صفية أيضا [1] : [الخفيف]

عين جودي بدمعة وسهود

واندبي خير هالك مفقود

واندبي المصطفى بحزن شديد

خالط القلب فهو كالمعمود [2]

كدت أقضي الحياة لّما أتاه

قدر خطّ في كتاب مجيد

فلقد كان بالعباد رؤوفا

ولهم رحمة وخير رشيد

رضي الله عنه حيّا وميتا

وجزاه الجنان يوم الخلود

وقالت صفية أيضا [3] : [الخفيف]

آب ليلي عليّ بالتّسهاد وجفا

الجنب غير وطء الوساد [4]

واعترتني الهموم جدا بوهن

لأمور نزلن حقا شداد

رحمة كان للبرية طرّا

فهدى من أطاعه للسداد [5]

طيّب العود والضريبة والشّيم

ة محض الأنساب واري الزّناد

أبلج صادق السّجيّة عفّ

صادق الوعد منتهى الرّوّاد [6]

عاش ما عاش في البريّة برّا

ولقد كان نهية المرتاد

ثم ولّى عنّا فقيدا حميدا

فجزاه الجنان ربّ العباد

وقالت هند بنت الحارث بن عبد المطلب [7] : [البسيط]

يا عين جودي بدمع منك وابتدري

كما تنزّل ماء الغيث فانثعبا [8]

أو فيض غرب على عادية طويت

في جدول خرق بالماء قد سربا

لقد أتتني من الأنباء معضلة

أنّ ابن آمنة المأمون قد ذهبا

[1] ابن سعد 2/251.

[2]

في حاشية ل: المعمود: الشديد الخوف.

[3]

طبقات ابن سعد 2/251.

[4]

ب، ش، ط، ل: عن وطاء الوساد.

[5]

البيت خرجة من حاشية ب.

[6]

البيت خرجة من حاشية الأصل.

[7]

طبقات ابن سعد 2/251. هند بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم. (الأصابة 2/423) .

[8]

في حاشية ب، ل: المنثعب، الميزاب، وقوله فانثعبا، أي سال.

ص: 67

أنّ المبارك والميمون في جدث

قد ألحفوه تراب الأرض والحدبا

أليس أوسطكم بيتا وأكرمكم

خالا وعمّا ليس مؤتشبا

وقالت هند بنت أثاثة أخت مسطح بن أثاثة [1] : [الوافر]

أشاب ذؤابتي وأذلّ ركني

بكاؤك فاطم الميت الفقيدا

فأعطيت العطاء فلم تكدّر

وأخدمت الولائد والعبيدا

وكنت ملاذنا في كلّ كرب

إذا هبّت شآمية برودا

وإنّك خير من ركب المطايا

وأكرمهم إذا نسبوا جدودا [2]

رسول الله فارقنا وكنا

نرجّي أن يكون لنا خلودا

أفاطم فاصبري فلقد أصابت

رزيئتك التهائم والنّجودا

وأهل البرّ والإبحار طرّا

فلم تخطيء مصيبته وحيدا

فكان الخير يصبح في ذراه

سعيد الجدّ قد ولد السعودا

وقالت هند أيضا [3] : [الوافر]

ألا يا عين بكّي لا تملّي

فقد بكر النّعيّ بمن هويت

وقد بكر النّعيّ بخير شخص

رسول الله حقا ما حييت

ولو عشنا ونحن نراك فينا

وأمر الله يترك ما بكيت

فقد بكر النعيّ بذاك عمدا

فقد عظمت مصيبة من نعيت

وقد عظمت مصيبته وجلّت

وكلّ الجهد بعدك قد لقيت

إلى ربّ البريّة ذاك نشكو

فانّ الله يعلم ما أتيت

أفاطم إنّه قد هدّ ركني

وقد عظمت مصيبة من رزيت [4]

وقالت هند أيضا [5] : [البسيط]

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب [6]

[1] ابن سعد 2/252. هند بنت أثاثة: ابن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف، شاعرة قرشية، اشتهرت في الجاهلية، وقد أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم. (طبقات ابن سعد 5/228) .

[2]

في ب: عجز هذا البيت وصدر البيت الذي يليه، خرجة من الحاشية.

[3]

طبقات ابن سعد 2/252.

[4]

في ط: البيت خرجة من الحاشية.

[5]

ابن سعد 2/252.

[6]

في حاشية ل: الهنبثة: أمر شديد. الهنبثة: الاختلاط في القول، ويقال: الأمر الشديد. (الصحاح:

هنبث) .

ص: 68

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

فاحتل لقومك واشهدهم ولا تغب [1]

قد كنت بدرا ونورا يستضاء به

عليك تنزل من ذي العزّة الكتب

وكان جبريل بالآيات يحضرنا

فغاب عنّا وكلّ الغيب محتجب

فقد رزئت أبا سهلا خليقته

محض الضريبة والأعراق والنسب [2]

وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل [3] : [المتقارب]

أمست مراكبه أوحشت

وقد كان يركبها زينها

وأمست تبكّي على سيّد

تردّد عبرتها عينها

وأمست نساؤك ما تستفيق

من الحزن يعتادها دينها

وأمست شواحب مثل النّصا

ل قد عطّلت وكبا لونها

يعالجن حزنا بعيد الذهاب

وفي الصدر مكتنع حينها [4]

يضربن بالكفّ حرّ الوجوه

على مثله جادها شؤنها

هو الفاضل السيد المصطفى

على الحقّ مجتمع دينها [5]

فكيف حياتي بعد الرسول

وقد حان من ميتة حينها

وقالت أم أيمن [6] : [الخفيف]

عين جودي فانّ بذلك للدم

ع شفاء فأكثري م البكاء

حين قالوا الرسول أمسى فقيدا

ميّتا كان ذاك كلّ البلاء

وابكيا خير من رزئناه في الدّن

يا ومن خصّه بوحي السماء [7]

بدموع غزيرة منك حتى

يقضي الله فيك خير القضاء

فلقد كان ما علمت وصولا

ولقد جاء رحمة بالضياء

[1] في البيت إقواء.

[2]

في البيت إقواء، الضريبة: الطبيعة والسجية.

[3]

ابن سعد 2/252- 253. عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، من بني عدي، من الصحابيات المبايعات المهاجرات، تزوجها عبد الله بن أبي بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم الزبير بن العوام، وكلهم قتل عنها، توفيت سنة 40 هـ. (جمهرة أنساب العرب ص 151، طبقات ابن سعد 8/265) .

[4]

في حاشية ب، ل: المكتنع: المنقبض، والحين الهلاك، وقوله: شؤونها أي مجرى الدمع، جاد بالدمع الكثير.

[5]

في ب، ش، ط، ل: هو السيد الفاضل.

[6]

طبقات ابن سعد 2/253.

[7]

إلى هنا ينتهي الساقط من نسخة ع.

ص: 69

ولقد كان بعد ذلك نورا

وسراجا يضىء في الظلماء [1]

طيّب العود والضريبة والمع

دن والخيم خاتم الأنبياء

وأخرج عن محمود بن لبيد قال: سمعت عثمان بن عفان على المنبر يقول: لا يحلّ لأحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر، ولا عهد عمر، فانه لم يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون من أوعى أصحابه عنه، إلا أني سمعته صلى الله عليه وسلم يقول:(من قال عليّ ما لم أقل فقد تبوّأ مقعده من النار)[2] .

وأخرج عن عبد الله بن دينار قال: كتب عمر بن عبد العزيز ألى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنة ماضية أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن [3] ، فاكتبه، فاني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله [4] .

وأخرج عن أيوب قال، قال عكرمة: إني لأخرج السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فينفتح له خمسون بابا من العلم.

وأخرج عن هشام بن عروة قال، كان أبي يقول: أي بنيّ تعلموا فانكم اليوم صغار، ويوشك أن تكونوا كبارا، وإنّا تعلمنا صغارا فأصبحنا كبارا، وصرنا اليوم نسأل.

وأخرج عن صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري، ونحن نطلب العلم، فقلنا نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: نكتب ما جاء عن الصحابة فانه سنّة، قلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيّعت.

وأخرج عن خالد بن سمير قال: لما أصيب زيد بن حارثة أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتحب [5] ./

فقال سعد بن عبادة [6] : يا رسول الله، ما هذا؟ قال:(هذا شوق الحبيب إلى حبيبه)[7] .

وأخرج عن أبي الحويرث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشتك شكوى إلا سأل الله العافية،

[1] البيت في ش: خرجة من الحاشية.

[2]

الحديث في: سنن أبي داود الباب السادس من الأقضية، والسنن الكبرى 1/76، ومشكاة المصابيح 3738، والبداية والنهاية 7/360.

[3]

عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، تابعية، عالمة وثقة، روت عن عائشة وأم سلمة، توفيت سنة 103 هـ. (تهذيب التهذيب 12/439، طبقات ابن سعد 8/480) .

[4]

طبقات ابن سعد 2/295.

[5]

طبقات ابن سعد 3/34.

[6]

سعد بن عبادة بن ديلم بن حارثة الخزرجي، صحابي من أهل المدينة، كان يلقب في الجاهلية بالكامل لمعرفته الكتابة والرمي والسباحة، ويكنى أبا ثابت، توفي في الشام سنة 14 هـ. (تهذيب التهذيب 3/475، طبقات ابن سعد 3/613، الإصابة ترجمة ت 3175) .

[7]

طبقات ابن سعد 3/34.

ص: 70

حتى كان في مرضه الذي توفي فيه، فانه لم يكن يدعو بالشفاء، وطفق يقول:(يا نفس مالك تلوذين كل ملاذ)[1] .

وأخرج عن عائشة أنها أرسلت إلى امرأة من النساء بمصباحها فقالت: اقطري لنا في مصباحنا من عكّتك السمن، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسى في جديد الموت.

وأخرج عن القاسم بن محمد بن أبي بكر [2] أنه لما شك في موت النبي صلى الله عليه وسلم، قال بعضهم:

قد مات، وقال بعضهم: لم يمت، وضعت أسماء بنت عميس [3] يدها بين كتفيه [4] .

وأخرج عن أبي جعفر قال: ما رئيت فاطمة ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قد تموري في طرف فيها [5] .

وأخرج عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة، أن عثمان لما بويع خرج إلى الناس فخطبهم، فحمد الله، وأثنى على هـ، ثم قال: أيها الناس، إن أول مركب صعب، وإن بعد اليوم أياما، وإن أعش تأتكم الخطبة على وجهها، وما كنا خطباء، وسيعلمنا الله [6] .

وأخرج عبد الله بن سلام قال: ما قتل نبي قطّ إلا قتل به سبعون ألفا من أمته، ولا قتل خليفة قطّ إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا [7] .

وأخرج عن صالح بن كيسان قال: قال محرز بن نضلة: رأيت سماء الدنيا أفرجت/ لي حتى دخلتها، حتى انتهيت إي السماء السابعة، ثم انتهيت إلى سدرة المنتهى، فقيل لي:

هذا منزلك، فعرضتها على أبي بكر الصديق، وكان أعبر الناس، فقال: أبشر بالشهادة، فقتل بعد ذلك بيوم من غزوة ذي قرد [8] .

[1] طبقات ابن سعد 2/198 ط العلمية و 2/257 ط صادر.

[2]

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، قال عنه ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، عمي آخر أيامه، توفي سنة 107 هـ بقديد. (صفة الصفوة 2/49، حلية الأولياء 2/183، نكت الهميان ص 230 وفيات الأعيان 1/418.

[3]

أسماء بنت عميس بن سعد بن تميم بن الحارث الخثعمي، صحابية، أسلمت قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة، وتزوجت جعفر بن أبي طالب، ثم قتل عنها شهيدا في وقعة مؤتة، وصفها أبو نعيم الأصفهاني بمهاجرة الهجرتين ومصلية القبلتين، توفيت سنة 40 هـ. (التهذيب 12/398، طبقات ابن سعد 8/205، حلية الأولياء 2/74، صفة الصفوة 2/33، الدر المنثور ص 35) .

[4]

طبقات ابن سعد 2/272.

[5]

ابن سعد 2/312، تموري: أي شك، يريد: ربما يشك أنها تبسمت بطرف فيها.

[6]

الطبقات 3/62.

[7]

الطبقات 3/83.

[8]

غزوة ذي قرد: حدثت بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من محاربة بني لحيان، أغار عيينة بن حصن الفزاري على لقاح لرسول الله بالغابة، وفيها رجل من بني غفار فقتلوه وأخذوا امرأته سنة خمس، وقيل سنة ست للهجرة.

(تهذيب سيرة ابن هشام ص 208، وانظر الطبقات 3/96) .

ص: 71

وأخرج عن محمد بن قيس قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر يوما، فكان إذا وجد خفّة صلّى، وإذا ثقل صلّى أبو بكر [1] . وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال:

وددت أنّي خضرة تأكلني الدواب [2] .

وأخرج عن عامر الشعبي قال، قال عمر [بن الخطاب] لعمّار [3] : أساءك عزلنا إياك؟

قال: لئن قلت ذاك، لقد ساءني حين استعملتني، وساءني حين عزلتني [4] . وأخرج عن محمد بن سيرين قال: كان عمر بن الخطاب قد اعتراه نسيان في الصلاة، فجعل رجلا خلفه يلقنه، فإذا أومأ إليه أن يسجد أو يقوم فعل [5] .

وأخرج عن سليمان بن أبي حثمة قال: قالت الشفاء بنت عبد الله [6] ، ورأت فتيانا يقصدون في المشي، ويتكلمون رويدا، فقالت: ما هذا؟ فقالوا: نسّاك، فقالت:

كان والله عمر إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وهو الناسك حقا [7] . وأخرج عن زيد بن أسلم [8] عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب يأخذ بأذن الفرس، ويأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزو على متن الفرس [9] .

وأخرج عن سفيان بن أبي العوجاء قال، قال عمر بن الخطاب: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك، فان كنت ملكا فهذا أمر عظيم، قال قائل: يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا، قال:/ ما هو؟ قال: الخليفة لا يأخذ إلا حقا، ولا يضعه إلا في حق، وأنت بحمد الله كذلك، والملك يعسف الناس، فيأخذ من هذا ويعطي هذا،

[1] الطبقات 3/181.

[2]

الطبقات 3/891.

[3]

عمار بن ياسر: الكناني المذحجي القحطاني صحابي من الولاة الشجعان ذوي الرأي، وهو أحد السابقين إلى الإسلام والجهر به، هاجر الى المدينة وشهد بدرا وبقية المعارك، كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقبه (الطيب المطيّب) ، وهو أول من بنى مسجدا في الإسلام وهو مسجد قباء في المدينة، شهد الجمل وصفين مع علي وقتل في صفين سنة 37 هـ. (الاصابة ت 5706، الطبري 6/21، حلية الأولياء 1/139، صفة الصفوة 1/175) .

[4]

الطبقات 3/256.

[5]

الطبقات 3/286.

[6]

الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس: صحابية متقدمة الإسلام، وأمها فاطمة بنت وهب بن مخزوم، أسلمت قبل الهجرة وتزوجها أبو حثمة فولدت له سليمان، وهاجرت إلى المدينة، توفيت سنة 20 هـ.

(التهذيب 12/428، الطبقات 8/268) .

[7]

الطبقات 3/290.

[8]

زيد بن أسلم العدوي العمري: فقيه مفسر من أهل المدينة كان مع عمر بن عبد العزيز أيام خلافته، كان ثقة كثير الحديث له حلقة في المسجد النبوي، توفي سنة 136 هـ. (الإصابة ت 2878) .

[9]

الطبقات 3/293.

ص: 72

فسكت عمر [1] .

وأخرج عن ابن المسيب [2] قال، قال عمر: أيما عامل لي ظلم أحدا، فبلغتني مظلمته- فلم أغيرها- فأنا ظلمته [3] . وأخرج عن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: قال عمر [4] : لو مات جمل ضياعا على شط الفرات، لخشيت أن يسألني الله عنه. وأخرج من طريق زادان عن سلمان [5] أن عمر قال له: أملك أنا أم خليفة؟ فقال له سلمان: إن أنت جبت من أهل أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه، فأنت ملك غير خليفة، فاستعبر عمر [6] .

وأخرج عن عامر بن عبيدة الباهلي، قال: سألت أنسا عن الخز فقال: ما أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد لبسه، ما خلا عمر وابن عمر [7] . وأخرج من طريق عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون قال: قال عمر بن الخطاب لمتمم بن نويرة [8] : لو كنت أقدر على أن أقول الشعر لبكيت أخي زيد بن الخطاب، كما بكيت أخاك، قال ابن جعفر: فقلت لابن أبي عوف: أما كان عمر يقول الشعر؟ فقال: لا، ولا بيتا واحدا [9] .

وأخرج عن قتادة أن أبا عبيدة بن الجراح قال: وددت أني كبش فذبحني أهلي، وحسوا مرقي [10] . وأخرج عن أنس بن مالك قال: كان أسنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وسهيل بن بيضاء [11] . قال الواقدي:/ مات سهيل بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك سنة تسع، وليس له عقب.

[1] الطبقات 3/307.

[2]

سعيد بن المسيب: بن حزن بن أبي وهب المخزومي، سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، سمي راوية عمر، لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه، توفي بالمدينة سنة 94 هـ. (تهذيب التهذيب 4/84) .

[3]

الطبقات 3/305.

[4]

قال عمر. ساقطة من ب، ع.

[5]

سلمان: هو سلمان الفارسي الصحابي توفي سنة 36 هـ (الإصابة ت 7723) .

[6]

الطبقات 3/306.

[7]

الطبقات 3/330.

[8]

متمم بن نويرة اليربوعي: شاعر فحل اشتهر في الجاهلية والإسلام، وأكثر شعره في الإسلام في رثاء أخيه مالك بن نويرة الذي قتل في حروب الردة، توفي سنة 30 هـ. (الإصابة ت 7723) .

[9]

الطبقات 3/378.

[10]

الطبقات 3/413.

[11]

سهيل بن وهب بن ربيعة، وأمه البيضاء، هاجر إلى الحبشة الهجرتين وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات في المدينة سنة 9 هـ. (الإصابة ت 3563، الطبقات 3/410) .

ص: 73

وأخرج عن أبي سعيد الخدري [1] قال: سمعت عباد بن بشر [2] يقول: يا أبا سعيد رأيت الليلة كأن السماء قد فرجت لي ثم أطبقت عليّ، فهي إن شاء الله الشهادة، قال: فقتل يوم اليمامة.

وأخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال، قال عمر بن الخطاب لسعد بن عبيد [3] وكان رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يسمى القارىء، ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى القارىء غيره، فذكر حديثا، قال ابن سعد: هو الذي يقال له سعد القارىء ويكنى أبا زيد، ويروي الكوفيون أنه فيمن جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج عن عروة بن الزبير [4] قال: بلغنا أن الناس بكوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين توفاه الله، وقالوا: والله لوددنا أنّا متنا قبله، نخشى أن نفتن بعده، فقال معن بن عدي [5] ، لكني والله ما أحب أني متّ قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا [6] .

وأخرج عن عمير بن سعد قال: صلى عليّ على سهل بن حنيف [7] ، فكبر عليه خمسا، فقالوا: ما هذا التكبير؟ فقال: هذا سهل بن حنيف من أهل بدر، ولأهل بدر فضل على غيرهم.

[1] أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري، كان من ملازمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه أحاديث كثيرة وشهد الغزوات، توفي بالمدينة سنة 74 هـ. (الإصابة ت 3198) .

[2]

عباد بن بشر بن وقش الأشهلي الخزرجي: صحابي أسلم في المدينة وشهد المشاهد كلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه إلى القبائل يصدقها وجعله على مقاسم حنين، واستعمله على حرسه بتبوك، استشهد يوم اليمامة سنة 12 هـ. (الإصابة ت 4458) .

[3]

سعد بن عبيد بن النعمان الأوسي: الملقب بسعد القاريء، أحد الستة الذين قيل إنهم جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صحابي شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وقتل يوم القادسية سنة 16 هـ.

(الإصابة ت 3178) .

[4]

عروة بن الزبير بن العوام القرشي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان عالما بالدين صالحا كريما، انتقل إلى البصرة ولم يدخل في شىء من الفتن، ثم رحل إلى مصر، وعاد بعدها إلى المدينة، فتوفي فيها سنة 93 هـ.

(التهذيب 7/180) .

[5]

معن بن عدي بن العجلان، شهد العقبة مع الأنصار، وكان يكتب بالعربية قبل الإسلام، وآخى الرسول بينه وبين زيد بن الخطاب، وقتلا يوم اليمامة سنة 12 هـ. (الإصابة ت 8164، الطبقات 3/463) .

[6]

الطبقات 3/465، الإصابة 6/191.

[7]

سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري: صحابي من السابقين، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين علي بن أبي طالب، استخلفه علي على البصرة بعد وقعة الجمل، ثم شهد معه صفين، وتوفي بالكوفة سنة 38 هـ. (الإصابة ت 3529) .

ص: 74

وأخرج عن عمران بن عبد الله قال، قال أبيّ بن كعب [1] لعمر بن الخطاب: ما لك لا تستعملني؟ قال: أكره أن تدنس دينك [2] .

وأخرج عن عبد الله بن الصامت قال، قال معاذ بن جبل [3] : ما بزقت عن يميني منذ أسلمت [4] . وأخرج عن محمد بن سيرين قال: إن سعد بن عبادة بال قائما/ فلما رجع قال لأصحابه: إني لأجد دبيبا فمات، فسمعوا الجن تقول [5] :[الهزج]

قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده

رميناه بسهمين فلم تخط فؤاده

وأخرج عن حبيب بن أبي ثابت قال: كان العباس بن عبد المطلب أقرب الناس شحمة أذن إلى السماء [6] . وأخرج عن ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعقيل بن أبي طالب [7] : (يا أبا يزيد، إني أحبك حبين، حبا لقرابتك، وحبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك)[8] .

وأخرج عن جعفر بن برقان قال: بلغني أنه قيل لسلمان الفارسي: ما يكرهك الإمارة؟ قال: حلاوة رضاعها، ومرارة فطامها [9] . وأخرج عن حارثة بن مضرب قال: سمعت سلمانا يقول: إني لأعد العراق على الخادم خشية الظن [10] . وأخرج عن مسروق بن الأجدع قال: قال لي أبو موسى الأشعري [11] أيام الحكمين: يا مسروق،

[1] أبي بن كعب بن قيس: من بني النجار، صحابي أنصاري، كان قبل الإسلام حبرا من أحبار اليهود، ولما أسلم كان من كتاب الوحي، شهد المشاهد كلها، وشهد وقعة الجابية مع عمر، وكتب كتاب الصلح لأهل بيت المقدس، توفي بالمدينة سنة 21 هـ. (التهذيب 10/187، الإصابة ت 32) .

[2]

الطبقات 3/499.

[3]

معاذبن جبل بن عمرو الأنصاري: صحابي أسلم وهو فتى كان أعلم الأمة بالحلال والحرام، شهد المشاهد كلها، كان قاضي أهل اليمن على عهد رسول الله، من كلام عمر فيه: لولا معاذ لهلك عمر، توفي في الأردن سنة 18 هـ. (التهذيب 1/186) .

[4]

الطبقات 3/586.

[5]

الطبقات 3/617.

[6]

الطبقات 4/23.

[7]

عقيل بن عبد مناف بن عبد المطلب الهاشمي: صحابي فصيح اللسان شديد الجواب، وهو أخو علي وجعفر لأبيهما، وكان أسن منهما، كان الناس يأخذون عنه الأخبار والأنساب في مسجد المدينة، توفي سنة 60 هـ. (التهذيب 7/254) .

[8]

الطبقات 4/44.

[9]

الطبقات 4/88.

[10]

الطبقات 4/89. العراق: بضم العين العظم أكل لحمه، والعراق: بكسر العين الطبابة وهي الجلدة التي تغطي بها عيون الخرز.

[11]

أبو موسى الأشعرى: عبد الله بن قيس بن سليم، صحابي من الشجعان الفاتحين، جاء في الحديث:(سيد الفوارس أبو موسى) ، له ثلاث مائة حديث، توفي سنة 44 هـ. (التهذيب 5/362) .

ص: 75

إن الإمرة ما أؤتمر فيها، وإن الملك ما غلب عليه بالسيف [1] . وأخرج عن نافع قال:

كان المختار يبعث بالمال إلى ابن عمر فيقبله، ويقول: لا أسأل أحدا شيئا، ولا أرد ما رزقني الله [2] . وأخرج عن نافع قال: ما ردّ ابن عمر على أحد وصية، ولا رد على أحد هدية. وأخرج عن ابن عمر قال: خذوا بحظكم من العزلة [3] .

وأخرج عن ابن سيرين أن ابن عمر كان يتمثل بهذا البيت: [الوافر]

يحبّ الخمر من مال الندامى

ويكره أن تفارقه الفلوس

وأخرج عن مجاهد قال: ترك الناس أن يقتدوا بابن عمر وهو شاب، فلما كبر اقتدوا به [4] /وأخرج عن ابن عمر قال: ما وضعت لبنة على لبنة، ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم [5] . وأخرج عن نباتة الحداني قال: أتيت ابن عمر بهدية من البصرة فقبلها، فسألت مولى له: أيطلب الخلافة؟ قال: لا، هو أكرم على الله من ذلك.

وأخرج عن أبي ذر [6] قال: ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى ما ترك لي الحق صديقا. وأخرج عن زيد بن أسلم قال، قال جعال بن سراقة [7] وهو يتوجه إلى أحد: يا رسول الله صلّى الله عليك [8] ، إنه قيل لي إنك تقتل غدا، وهو يتنفس مكروبا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره وقال:(أليس الدهر كله غدا)[9] .

وأخرج عن عامر الشعبي قال: شبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمته، فقال:

دحية الكلبي [10] يشبه جبرائيل، وعروة بن مسعود الثقفي [11] يشبه عيسى بن مريم،

[1] الطبقات 4/113.

[2]

الطبقات 5/150، وابن عمر: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، له في كتب الحديث 2630 حديثا، توفي سنة 73 هـ. (التهذيب 5/328) .

[3]

الطبقات 4/661.

[4]

الطبقات 4/147.

[5]

الطبقات 4/170.

[6]

أبو ذر الغفاري: جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد من بني غفار من كنانة، توفي في الربذة سنة 32 هـ.

(التهذيب 12/90) .

[7]

جعال بن سراقة الفهري أو الغفاري: استعمله النبي صلى الله عليه وسلم عند ما غزا بني المصطلق في شعبان سنة ست.

(الطبقات 4/244، الإصابة ت 1157) .

[8]

صلى الله عليك، ليست في ب، ع.

[9]

الطبقات 4/245.

[10]

دحية بن خليفة بن فروة الكلبي، صحابي بعثه الرسول برسالته إلى قيصر يدعوه للإسلام، حضر كثيرا من الوقائع، وكان يضرب به المثل في حسن الصورة، عاش إلى خلافة معاوية، توفي سنة 45 هـ. (الإصابة ت 2392) .

[11]

عروة بن مسعود بن معتب الثقفي: صحابي كان كبيرا في قومه بالطائف، لما أسلم استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه يدعوهم للإسلام، فقال: أخاف أن يقتلوك، قال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني، فأذن له، فرجع فدعاهم إلى الإسلام فخالفوه، ورماه أحدهم بسهم فقتله سنة 9 هـ. (الإصابة ت 5528) .

ص: 76

وعبد العزى [1] يشبه الدجال [2] . وأخرج عن أبي وائل قال: كان دحية الكلبي يشبّه بجبريل، وكان عروة بن مسعود مثله كمثل صاحب يس، وكان عبد العزى بن قطن يشبه بالدجال. وأخرج عن عكرمة قال: هو ركوب الأنبياء، يسدل رجليه من جانب.

وأخرج عن موسى بن عبد الله ابن بنت حذيفة قال، قال حذيفة [3] : والله لوددت أنّ لي من يصلح لي مالي، ثم أغلقت عليّ بابي، فلم يدخل عليّ أحد، ولم أخرج إليه حتى ألحق بالله. وأخرج عن جابر بن عبد الله قال، قال حذيفة: إنّا قد حملنا هذا العلم، وإنّا نؤديه إليكم وإن كنا لا نعمل به. وأخرج عن النزال بن سبرة قال، قال عثمان لحذيفة:

ما شيء بلغني عنك، أنت الذي قلت كذا وكذا، فقال حذيفة: ما قلته، قال: وكنا قد سمعناه منه، فلما خرج قلنا: ألم تكن قلته؟ قال: بلى، ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله [4] .

وأخرج عن بلال بن يحيى قال: بلغني أن حذيفة كان يقول: ما أدرك هذا الأمر أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا قد اشترى بعض دينه ببعض، قالوا: وأنت؟ قال [5] : والله إني لأدخل على أحدهم وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوىء، فأذكر محاسنه، وأعرض عما سوى ذلك، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء فأقول: إني صائم، ولست بصائم.

وأخرج عن طريق ابن عون قال: حدثني رجل قال: قدمت عائشة رضي الله عنها ذا طوى [6] حين رفعوا أيديهم عن قبر عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: ففعلت يومئذ وتركت، فقالت لها امرأة: وإنك لتفعلين مثل هذا يا أم المؤمنين؟ قالت: وما رأيتني فعلت، إنه ليست لنا أكباد كأكباد الإبل.

وأخرج عن مطرف قال: خرجت مع عمران بن حصين [7] من الكوفة إلى البصرة،

[1] عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، أبو لهب، عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأحد الأشراف الشجعان في الجاهلية، ومن أشد الناس عداوة للمسلمين، كان أحمر الوجه مشرقا، فلقب في الجاهلية بأبي لهب، مات بعد وقعة بدر بأيام ولم يشهدها سنة 2 هـ. (نسب قريش ص 18، الروض الأنف 1/265، المحبر ص 157) .

[2]

الطبقات 4/250، والدجال: هو المسيح الكذاب.

[3]

حذيفة بن حسل بن جابر العبسي: صحابي من الولاة الشجعان الفاتحين، كان صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين، وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على ميت لا يصلي عليه حذيفة، ولاه عمر المدائن، فغزا نهاوند والدينور وماه سندان وهمدان والري، توفي في المدائن سنة 36 هـ. (التهذيب 2/219) .

[4]

لم أهتد إلى هذه الرواية.

[5]

في ش: وأنا والله.

[6]

ذو طوى: واد في مكة. (ياقوت: طوى) .

[7]

عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي: من علماء الصحابة، أسلم عام خيبر سنة 7 هـ وكانت معه راية خزاعة يوم فتح مكة، وبعثه عمر إلى أهل البصرة ليفقههم، وولاه زياد قضاءها، توفي سنة 52 هـ. (التهذيب 8/127) .

ص: 77

فما أتى علينا يوم إلا ينشدنا فيه شعرا [1] . وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن عمران بن حصين قال: وددت أني رماد تذروني الريح [2] ./

وأخرج عن أبي رافع أن أبا هريرة [3] قال: ما أحد من الناس يهدي إليّ هدية إلا قبلتها، فأما أن أسأل فلم أكن لأسأل. وأخرج عن أبي هريرة قال: لا خير في فضول الكلام.

وأخرج عن عمير بن سعد القارىء [4] رضي الله عنهما قال: ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق، فاذا قوّض الحائط، وحطّم الباب استفتح الإسلام، فلا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلا بالسيف، ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحق وأخذا بالعدل [5] .

وأخرج عن أبي غالب قال: لم أر أحدا كان أضنّ بكلامه من أنس بن مالك [6] .

وأخرج من طريق أبان بن أبي عياش، عن أنس قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات لن يضرني معهن عتوّ جبار، ولا عنوته مع تيسير الحوائج، ولقائي المؤمنين بالمحبة: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على كل شىء أعطاني، بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض ورب السماء، باسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء، باسم الله افتتحت، وعلى الله توكلت، الله الله ربي لا أشرك به أحدا، أسألك اللهم بخيرك من خيرك الذي لا يعطيه غيرك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، ولا إله إلا أنت، اجعلني في عياذك وجوارك من كل سوء، ومن الشيطان الرجيم، اللهم إني أستجيرك من جميع كل شىء خلقت، وأحترس بك/ منهن وأقدم بين يديك بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ

[7]

من خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، يقرأ في هذه الست: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

إلى آخر السورة.

وأخرج عن يعقوب بن داود الثقفي، ومسلمة بن محارب، وغيرهما، قالوا:

[1] الطبقات 4/287.

[2]

الطبقات 4/287.

[3]

أبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صحابي، كان أكثر الصحابة حفظا للحديث ورواية له، نشأ يتيما ضعيفا في الجاهلية، وأسلم سنة 7 هـ ولزم صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 59 هـ. (التهذيب 12/262) .

[4]

سبقت ترجمته.

[5]

الطبقات 4/375.

[6]

الطبقات 7/22.

[7]

سورة الإخلاص وترتيبها في المصحف الشريف 112.

ص: 78

كانت الكلبية تحت معاوية بن أبي سفيان، فقال لامرأته ميسون أم يزيد [1] ، أو بنت قرظة، اذهبي فانظري إليها، فأتتها فنظرت ثم رجعت، فقالت: ما رأيت مثلها، ولقد رأيت خالا تحت سرتها ليوضعن رأس زوجها في حجرها، فطلقها معاوية، فتزوجها حبيب بن مسلمة [2] ثم طلقها فتزوجها النعمان بن بشير [3] فلما قتل وضعوا رأسه في حجرها.

وأخرج عن يحيى بن أبي كثير أن عبد الله بن سلام، صكّ غلاما صكّة، فجعل يبكي ويقول: اقتصّ مني فيقول الغلام: لا أقتص منك يا سيدي، قال ابن سلام:

كل ذنب يغفره الله إلا صكة الوجه. وأخرج عن ثابت بن عبيد قال: بعثني أبي إلى كعب بن عجرة، فأتيت رجلا أقطع، فأتيت أبي فقلت: بعثتني إلى رجل أقطع، فقال: إن يده قد دخلت الجنة، وسيتبعها ما بقي من جسده إن شاء الله.

وأخرج عن أبي الزناد قال: قيل لحكيم بن حزام: ما المال يا أبا خالد؟ قال: قلة العيال. وأخرج عن عمران بن عبد الله بن طلحة قال: رأى الحسن بن علي كأن بين عينيه مكتوب: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

، فاستبشر/ به وأهل بيته، فقصّوه على سعيد بن المسيب [4]، فقال: إن صدقت رؤياه فقلّ ما بقي من أجله، فما بقي إلا أياما حتى مات.

وأخرج عن محمد بن سيرين قال: لم تكن ترى هذه الحمرة في السماء عند طلوع الشمس وعند غروبها حتى قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما [5] . وأخرج عن سليم القاص قال: مطرنا دما يوم قتل الحسين. وأخرج عن نضرة الأزدية قالت: لما قتل الحسين بن علي مطرت السماء دما، فأصبحت خيامنا وكل شىء منا ملاء دم. وأخرج عن الزهري قال:

سألني عبد الملك بن مروان: ما كان علامة مقتل الحسين؟ قال: لم يكشف يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط [6] .

[1] ميسون بنت بحدل الكلبية: أم يزيد بن معاوية، شاعرة كانت بدوية، ثقلت عليها الغربة عن قومها لما تزوجت معاوية بالشام، فسمعها تقول:

ولبس عباءة وتقر عيني

أحبّ إليّ من لبس الشفوف

فطلقها وأعادها إلى أهلها، ويقال إن معاوية قال لها: كنت فبنت، فأجابته: ما سررنا إذ كنّا، ولا أسفنا إذ بنّا، توفيت سنة 80 هـ. (أعلام النساء ص 50، مهذب الروضة الفيحاء ص 209.

[2]

حبيب بن مسلمة الفهري: من كبار القادة الفاتحين توفي بأرمينية سنة 42 هـ. (التهذيب 2/190) .

[3]

النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري: أمير خطيب من أهل المدينة، كان واليا على الكوفة، وتنسب إليه معرة النعمان، قتله خالد الكلاعي من أهل حمص سنة 65 هـ. (التهذيب 1/447 الإصابة ت 8734) .

[4]

مرت ترجمته.

[5]

كتاب المحن- أبو العرب التميمي ص 154.

[6]

كتاب المحن ص 153.

ص: 79

وأخرج عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن قال: لقيني رأس الجالوت [1] فقال: والله إن بيني وبين داود لسبعين أبا، وإن اليهود لتلقاني فتعظمني، وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد، قتلتم ولده. وأخرج عن عبد الملك بن كردوس، عن حاجب عبيد الله بن زياد قال: دخلت معه القصر حين قتل الحسين، فاضطرم في وجهه نارا، فقال:

هكذا بكمّه على وجهه، وقال: لا تحدثن بهذا أحدا. وأخرج عن أم سلمة [2] قالت:

سمعت الجن تنوح على الحسين [3] . وأخرج عن محمد بن كعب القرظي [4] قال: كنا بالأهواز فقيل: مات ابن صائد [5] فأخرج بنوه بنعش لا يدرى ما فيه. وأخرج من طريق عون عن محمد بن سيرين قال: ما علمت أنه أسلم من يهود غير عبد الله بن سلام وعبد الله بن صياد، وغير غلام لم يعرف محمد اسمه، قال/ عوف: إنه البراء أو ابن البراء. وأخرج عن ابن الحنفية [6] قال: من أحب رجلا لله لعدل ظهر منه وهو في علم الله من أهل النار، آجره الله على حبه إياه، كما لو كان أحب رجلا من أهل الجنة، ومن أبغض رجلا لجور ظهر منه، وهو في علم الله من أهل الجنة، آجره الله على بغضه إياه، كما لو كان أبغض رجلا من أهل النار [7] .

وأخرج عن سهل بن عبيد بن عمرو الحارثي قال: لما بعث عبد الملك الحجاج إلى مكة والمدينة قال له: إنه ليس لك على محمد بن الحنفية سلطان، فلما قدم أرسل إليه الحجاج يتوعده، ثم قال: إني لأرجو أن يمكّن الله منك يوما من الدهر، ويجعل لي عليك سلطانا، فأفعل وأفعل، قال: كذبت يا عدو نفسه، هل شعرت أن لله في كل يوم ستين وثلاث مائة لحظة أو نفحة؟ فأرجو أن يرزقني الله بعض لحظاته أو نفحاته، فلا يجعل لك عليّ سلطانا، فكتب بها الحجاج إلى عبد الملك، فكتب بها عبد الملك إلى صاحب الروم، فكتب صاحب الروم: أن هذه والله ما هي من كنزك ولا كنز أهل

[1] الجالوت: رئيس اليهود، كما أن الأسقف رئيس النصارى، والموبذ رئيس المجوس. (ثمار القلوب- الثعالبي ص 324) .

[2]

أم سلمة: هند بنت سهيل من أمهات المؤمنين، كانت من أكمل النساء عقلا وخلقا وهي قديمة الإسلام، هاجرت مع زوجها الأول أبي سلمة إلى الحبشة، ثم هاجرت إلى المدينة، توفيت في المدينة سنة 62 هـ.

(التهذيب 12/455) .

[3]

كتاب المحن ص 151، الإصابة 2/81.

[4]

محمد بن كعب بن سليم القرظي: سكن الكوفة ثم المدينة، كان ثقة عالما روى عن ابن مسعود، توفي سنة 118 هـ. (التهذيب 9/422) .

[5]

عبد الله بن صائد: كان أبوه من اليهود، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعور مختونا، روى عنه مالك وغيره. (الإصابة 5/192 ت 6748) .

[6]

محمد بن علي بن أبي طالب: ويعرف بابن الحنفية توفي سنة 81 هـ. (التهذيب 9/359، الطبقات 5/96) .

[7]

الطبقات 5/797- 98.

ص: 80

بيتك، ولكنها من كنز أهل بيت نبوة [1] .

وأخرج عن عمر بن حبيب بن قليع قال: كنت جالسا عند سعيد بن المسيب [2] يوما فجاء رجل فقال: يا أبا محمد إني رأيت رؤيا، قال: ما هي؟ قال: رأيت كأني أخذت عبد الملك بن مروان فأضجعته إلى الأرض، ثم بطحته، فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد، قال: ما أنت رأيتها؟ قال: بلى، أنا رأيتها، قال: لا أخبرك أو تخبرني، قال: ابن الزبير [3] رآها/ وهو بعثني إليك، قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك بن مروان، وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة [4] .

وأخرج عن إسماعيل بن أبي حكيم، قال، قال رجل: رأيت كأنّ عبد الملك بن مروان يبول في قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرار، فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال:

إن صدقت رؤياك قام فيه من صلبه أربعة خلفاء [5] . قال الواقدي: كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا، وكان أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر [6] ، وأخذته أسماء عن أبيها أبي بكر.

وأخرج عن شريك بن أبي نمر قال: قلت لابن المسيب: رأيت في النوم كأنّ أسناني سقطت في يدي ثم دفنتها، فقال: إن صدقت رؤياك دفنت أسنانك من أهل بيتك [7] .

وأخرج عن مسلم الخياط قال، قال رجل لابن المسيب: إني أراني أبول في يدي، فقال:

اتق الله، فان تحتك ذات محرم، فنظر فاذا امرأة بينه وبينها رضاع، وجاءه آخر فقال: يا أبا محمد، إني أراني كأني أبول في أصل زيتونة، قال: انظر تحتك، تحتك ذات محرم، فنظر فاذا امرأة لا يحل له نكاحها [8]، وقال له آخر: إني رأيت حمامة وقعت على منارة المسجد، فقال: تزوج الحجاج ابنة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وقال له آخر: إني أرى تيسا/ أقبل يشتد من الثنية فقال: اذبح اذبح، قال: ذبحت، قتال: مات ابن أم صلاء، فما برح حتى جاء الخبر أنه قد مات، وكان ابن أم صلاء رجلا من موالي أهل المدينة يسعى بالناس. وقال له آخر: إني رأيت كأني جالس في الظل، فقمت إلى الشمس، فقال: والله لئن صدقت رؤياك لتخرجن من الإسلام، قال: يا أبا محمد، الكفر؟ فأسر فأكره على الكفر.

[1] الطبقات 5/110.

[2]

سبقت ترجمته.

[3]

عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي، قتله وصلبه الحجاج بمكة سنة 73 هـ. (التهذيب 5/213) .

[4]

الطبقات 5/123.

[5]

الطبقات 5/123.

[6]

أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين، توفيت بمكة سنة 73 هـ. (التهذيب 12/397.

[7]

الطبقات 5/124.

[8]

الطبقات 5/124.

ص: 81

وأخرج عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب قال، قال رجل لابن المسيب: إنه يري في النوم كأنه يخوض النار، فقال: إن صدقت رؤياك لا تموت حتى تركب البحر، وتموت قتلا، قال: فركب البحر فأشفى على الهلكة، وقتل يوم قديد بالسيف [1] . وأخرج عن الحصين بن عبيد الله بن نوفل، قال: طلبت الولد فلم يولد لي، فقلت لابن المسيب:

إني أرى أنه طرح في حجري بيض، فقال ابن المسيب: الدجاج عجمي، فاطلب سببا إلى العجم، فتسريت، فولد لي. وأخرج عن ابن المسيب قال: الكبل في النوم ثبات في الدين، والتمر في النوم رزق على كل حال، والرّطب في زمانه رزق [2] .

وأخرج عن عمران بن عبد الله الخزاعي قال: كان سعيد بن المسيب لا يخاصم أحدا، ولو أراد إنسان رداءه رمى به إليه [3] . وأخرج عن سعيد بن المسيب قال: لقد بلغت ثمانين سنة، وما شيء أخوف عندي من النساء. وأخرج عنه قال: ما خفت على نفسي شيئا مخافة النساء [4] . وأخرج عن سعيد بن المسيب قال: قلّة العيال أحد اليسارين. وأخرج من طريق مالك، عن يحيى بن سعيد قال: سئل ابن المسيب عن آية من كتاب الله فقال: لا أقول في القرآن شيئا، قال مالك: وبلغني عن القاسم مثل ذلك [5] .

وأخرج عن سليمان بن يسار [6] قال: شهود جنازة أحبّ إليّ من صلاة تطوع [7] . وأخرج عن أبي الزناد قال: كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود [8] يقول الشعر، فيقال له في ذلك فيقول: أرأيتم المصدور إذا لم ينفث أليس يموت؟ [9] وأخرج عن خارجة بن زيد بن ثابت [10] قال: رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه

[1] الطبقات 5/125. قديد: موضع قرب مكة، ينسب إليه حزام بن هشام بن حبيش القديدي من أهل الرقيم (ياقوت: قديد) .

[2]

الطبقات 5/125.

[3]

الطبقات 5/134.

[4]

الطبقات 5/136.

[5]

الطبقات 5/137.

[6]

سليمان بن يسار: أبو أيوب، مولى ميمونة أم المؤمنين، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان ثقة عالم فقيه توفي سنة 107 هـ. (التهذيب 4/228) .

[7]

الطبقات 5/222.

[8]

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي: مفتي المدينة وأحد الفقهاء السبعة فيها، من أعلام التابعين له شعر جيد، روى أبو تمام قطعة منه في الحماسة، وأبو الفرج كثيرا منه، وهو مؤدب عمر بن عبد العزيز، وقد ذهب بصره مؤخرا، توفي بالمدينة سنة 98 هـ. (التهذيب 7/23، الأغاني 9/139.

[9]

الطبقات 5/250.

[10]

خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري: أبو زيد من بني النجار، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، تابعي أدرك زمن عثمان، توفي بالمدينة سنة 99 هـ. (التهذيب 3/74) .

ص: 82

السنة لي سبعون سنة قد أكملتها، فمات فيها [1] .

وأخرج عن عمران بن حدير قال: رأيت عكرمة وعمامته منخرقة، فقلت: ألا أعطيك عمامتي؟ فقال: إنّا لا نقبل إلا من الأمراء [2] . وأخرج عن خالد بن القاسم البياضي، قال: مات عكرمة وكثيّر عزّة في يوم واحد سنة خمس ومائة، فقال الناس:

مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس [3] .

وأخرج عن محمد بن عائشة التيمي قال: أوصى علي بن عبد الله بن عباس [4] إلى ابنه سليمان [5]، فقيل له: توصي إلى سليمان وتدع محمدا [6]، فقال: أكره أن أدنّسه بالوصاية [7] .

وأخرج عن عمر بن مجاشع قال: خرج عمر بن عبد العزيز يوما إلى المسجد، فخطر خطرة بيده، ثم أمسك وبكى، قالوا: ما أبكاك يا أمير المؤمنين؟ قال: خطرت بيدي خطرة خفت أن يغلّها الله في الآخرة [8] ./وأخرج عن جعفر بن برقان قال: جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز، فسأله عن شيء من الأهواء، فقال: الزم دين الصبي في الكتّاب والأعرابي، واله عمّا سوى ذلك.

وأخرج عن معمر قال: أول ما عرف الزهري أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان فسألهم عبد الملك فقال: من منكم يعلم ما صنعت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فلم يكن عند أحد منهم من ذلك علم، فقال الزهري: بلغني أنه لم يقلب منها يومئذ حجر، إلا وجد تحته دم عبيط، فعرف من يومئذ [9] . وأخرج عن يحيى بن سعيد عن الزهري، أن رجلا قال لعمر بن الخطاب: ألا أكون بمنزلة من لا يخاف في

[1] التهذيب 5/263.

[2]

الطبقات 5/291.

[3]

الطبقات 5/292.

[4]

علي بن عبد الله بن عباس السجاد: اعتقله هشام بن عبد الملك في البلقاء، وكان من أجمل الناس وأوسمهم، عظيم الهيبة جليل القدر، مات معتقلا سنة 118 هـ. (التهذيب 7/357) .

[5]

سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس: من الأجواد الممدوحين، ولاه ابن أخيه السفاح إمارة البصرة وأعمالها وكور دجلة والبحرين وعمان، توفي سنة 142 هـ. (التهذيب 4/21) .

[6]

محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: أول من قام بالدعوة العباسية، وهو والد السفاح والمنصور، كان مقامه بأرض الشراة، بين الشام والمدينة، توفي بالمدينة سنة 125 هـ. (التهذيب 9/450.

[7]

الطبقات 5/314. (11) الطبقات 5/374. يغلها: يجعلها غلولا، والغلول: الخيانة في المغنم أو في مال الدولة.

[8]

معمر: هو معمر بن راشد بن أبي عمرو الأزدي، فقيه حافظ ثقة من أهل البصرة، سكن اليمن وأراد العودة إلى بلده فكره أهل صنعاء أن يفارقهم، فقال لهم رجل: قيدوه، فزوجوه، فأقام، توفي سنة 153 هـ. (التهذيب 5/243) .

[9]

الرواية مع تغيير بسيط في العبارة في كتاب المحن ص 140.

ص: 83

الله لومة لائم؟ فقال: أما أن تلي من أمر الناس شيئا فلا تخف في الله لومة لائم، وأما أنت خلو من أمرهم فأكب على نفسك وامر بالمعروف، وانه عن المنكر، قال يحيى:

حدّث بهذا الحديث الزهري عمر بن عبد العزيز، فخطب الناس فقال: إن الزهري حدثني كذا وكذا. وأخرج عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جمع ابن شهاب. وأخرج عن مالك بن أنس قال: ما أدركت بالمدينة فقيها محدثا غير واحد، قيل: من هو؟ قال: ابن شهاب الزهري [1] ./

وأخرج عن أويس القرني [2] أنه قيل له: كيف أنت؟ قال: بخير بحمد الله، قال:

وكيف [3] الزمان عليكم؟ قال: إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقا، والله إنّا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر، فيتخذوننا أعداء، ويجدون على ذلك الفسّاق أعوانا، حتى والله لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا يمنعني من ذلك أن أقوم لله بالحق [4] . وأخرج عن هرم بن حيّان قال: أتيت أويسا القرني، قلت: حدثني، قال:

إني أكره أن أفتح هذا الباب على نفسي، أن أكون محدثا أو قاصا أو مفتيا، الوحدة أحبّ إليّ.

وأخرج عن الوليد بن عتبة الليثي [5] قال: صمنا شهر رمضان على عهد علي بن أبي طالب ثمانية وعشرين يوما، فأمرنا عليّ بقضاء يوم [6] وأخرج عن إبراهيم النخعي [7] قال: كان يكره للرجل إذا رزق في شىء أن يرغب عنه. وأخرج عن أبي خلدة قال: كنت عند أبي العالية إذ جاء غلام بمنديل فيه سكّر مختوم، ففض الخاتم وقال: أمرنا أن نختم على الرسول والخادم لكي لا نظن به ظنا سيئا [8] . وأخرج عن عثمان بن محمد الأحبشي قال: استعمل عمر بن الخطاب سعيد بن عامر بن حذيم

[1] الطبقات 2/388.

[2]

أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني: من بني قرن بن درمان بن ناجية بن مراد، أحد النسّاك العبّاد المقدمين، من سادات التابعين، أصله من اليمن يسكن القفار والرمال، وأدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، فوفد على عمر بن الخطاب، ثم سكن الكوفة، وشهد وقعة صفين مع علي، ويرجح أنه قتل فيها سنة 73 هـ. (الإصابة 1/219 ت 500، الطبقات 6/164) .

[3]

كيف، ساقطة من: ب، ط.

[4]

الطبقات 6/165.

[5]

الوليد بن عتبة الليثي الأشجعي: أبو العباس الدمشقي قرأ على أيوب بن تميم، وروى عن الوليد بن مسلم وغيره، توفي سنة 240 هـ. (التهذيب 11/141) .

[6]

الطبقات 6/235.

[7]

إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي: من مذحج، من أكابر التابعين صلاحا وصدق رواية، من أهل الكوفة، مات مختفيا من الحجاج سنة 96 هـ. (الطبقات 6/270، التهذيب 1/177) .

[8]

الطبقات 7/110.

ص: 84

الجمحي [1] على حمص، وكان يصيبه غشية وهو بين ظهري أصحابه، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب، فسأله في قدمة قدم عليه من حمص، فقال: يا سعيد ما الذي يصيبك، أبك جنّة؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين/ ولكن كنت فيمن حضر خبيبا [2] حين قتل، وسمعت دعوته، فو الله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس إلا غشي عليّ، قال: فزادته عند عمر خيرا.

وأخرج عن عبد الله بن بريدة قال، قال عبيد الله بن زياد: من يخبرنا عن الحوض؟ [3] فقالوا: ها هنا أبو برزة [4] صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو برزة رجلا مسمّنا، فلما رآه قال: إن محمديّكم هذا الدحداح، قال: فغضب أبو برزة وقال:

الحمد لله الذي لم أمت حتى عيّرت بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم [5] . وأخرج عن عمران بن حصين قال: لما قدم أبو قلابة [6] على عمر بن عبد العزيز قال: يا أبا قلابة، حدّث، قال: يا أمير المؤمنين، أني لأكره كثيرا من الحديث، وأكره كثيرا من السكوت [7] .

وأخرج عن طريق بشر بن المفضل عن خالد [8] قال: كنا نأتي أبا قلابة، فاذا حدثنا بثلاثة أحاديث قال: قد أكثرت [9] .

[1] سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي القرشي: صحابي من الولاة، شهد فتح خيبر، وولاه عمر حمص بعد فتح الشام، كان مشهورا بالزهد وله فيه أخبار، توفي بحمص سنة 20 هـ. (التهذيب 4/51، الإصابة ت 3272) .

[2]

خبيب بن عدي بن مالك بن عامر الأنصاري الأوسي: شهد بدرا واستشهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بعثه رسول الله عينا فأسره المشركون، وابتاعه بنو الحارث وقتلوه بوالدهم الحارث الذي قتله خبيب في بدر.

(الإصابة ت 2224) .

[3]

الحوض: مكان خلف عمان، ويوم الحوض من أيام العرب من معدن البياض. (ياقوت: الحوض) .

[4]

أبو برزة: نضلة بن عبيد بن الحارث الأسلمي، صحابي غلبت عليه كنيته، من أهل المدينة، وسكن البصرة، وشهد مع عليّ قتال أهل النهروان، ثم شهد قتال الأزارقة مع المهلب بن أبي صفرة، توفي بخراسان سنة 65 هـ. (التهذيب 10/446، الإصابة ت 8722) .

[5]

الطبقات 4/300.

[6]

أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، عالم بالقضاء والأحكام، ناسك من أهل البصرة، من رجال الحديث الثقات، أرادوه على القضاء، فهرب إلى الشام فمات فيها سنة 104 هـ. (التهذيب 5/224) .

[7]

الطبقات 7/184.

[8]

خالد: هو خالد الحذاء ابن مهران أبو المنازل البصري، مولى قريش، رأى أنس وروى عن عبد الله بن شقيق وأبي قلابة وأبي العالية وغيرهم، كان ثقة، وكان يقول: أحذ على هذا النحو، فلقب الحذاء، كثير الحديث، توفي سنة 141 هـ. (التهذيب 3/120) .

[9]

الطبقات 7/185.

ص: 85

وقال حدثنا محمد، حدثنا معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث الفراسية [1] قالت:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لعائشة مني شعبة ما نزلها مني أحد، فلما تزوج أم سلمة، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله، ما فعلت الشعبة؟ فسكت، فعرف أن أم سلمة قد نزلت عنده [2] ./وقال: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني خالد بن القاسم قال: استعمل هشام ابن عبد الملك خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم على المدينة، فكان يؤذي علي بن أبي طالب على المنبر، فسمعته يوما على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: والله لقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّا وهو يعلم أنه كذا وكذا، ولكن فاطمة كلمته فيه. قال محمد بن عمر، فحدثني ابن أبي سبرة عن صالح بن محمد [3] قال: نمت وخالد بن عبد الملك يخطب يومئذ، ففزعت وقد رأيت في المنام كأن القبر انفرج، وكأن رجلا يخرج منه يقول: كذبت، كذبت، فلما قامت الصلاة وصلينا، سألت: ما كان، فأخبرت بالذي تكلم به خالد بن عبد الملك.

وأخرج عن أشعث بن سليم قال: اختصمت أمّ وجدّة إلى شريح [4]، فقالت الجدة:[الهزج]

أبا اميّة أتيناك

وأنت المرء نأتيه

أتاك ابن وأمّاه

وكلتانا نفدّيه

غلام هالك الوالد

رجاء أن نربّيه

تزوجت فهاتيه

ولا يذهب بك التيه

فلو كنت تأيّمت

لما نازعتني فيه [5]

ألا يا أيها القاض

ي هذي قصتي فيه [6]

فقالت الأم:

[1] هند بنت الحارث الفراسية: أدركت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وروت عن أم سلمة، وسمعت من صفية بنت عبد المطلب، وقد روى عنها الزهري، كانت تحت معبد بن المقداد بن الأسود، ذكرها ابن حبان في الثقات، قال ابن سعد: اسمها الزهراء. (التهذيب 12/457، الطبقات 8/483، أعلام النساء 5/228) .

[2]

الطبقات 8/94.

[3]

صالح بن محمد بن زائدة المدني الليثي الصغير: روى عن أنس بن مالك والدوسي وابن المسيب وغيرهم، مات بعد خروج محمد بن عبد الله بن الحسين سنة 140 هـ. (التهذيب 9/402) .

[4]

شريح القاضي: شريح بن الحارث بن قيس الكندي، أبو أمية، من أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام، أصله من اليمن ولي قضاء الكوفة زمن عمر بن الخطاب وعلي ومعاوية، واستعفى في زمن الحجاج فأعفاه، كان ثقة في الحديث، مأمونا في القضاء، له باع في الأدب والشعر، وعمر طويلا، مات بالكوفة سنة 78 هـ. (الإصابة ت 3884) .

[5]

في ع: لما نازعتك.

[6]

في ع: فهذي قصتي.

ص: 86

ألا يا أيها القاض

ي لقد قالت لك الجدّه

حديثا فاستمع مني

ولا تنظرني رده

أعزّي النفس عن ابني

وكبدي حملت كبده

فلما كان في حجري

يتيما ضائعا وحده [1]

تزوجت رجاء الخي

ر من يكفيني فقده

ومن يظهر لي ودّه

ومن يكفل لي رفده [2]

فقال شريح: [الرمل]

قد فهم القاضي ما قد قلتما

وقضى بينكما ثم فصل

بقضاء بيّن بينكما

وعلى القاضي جهد أن عقل

قال للجدّة بيني بالصّبي

وخذي ابنك من ذات العلل

إنها لو صبرت كان لها

قبل دعواها تبغّيها العلل [3]

أخرجه عبد الرزاق في المصنف، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أجلح قال: لاول خلق الله بالكوفة نشر هذا الحديث، أنّ جدة وأما اختصمتا إلى شريح فذكره.

وأخرج عن محمد بن سيرين قال: كان شريح شاعرا، وكان كوسجا وكان قائفا [4] .

وأخرج عن أم داود الراسبية أنها خاصمت إلى شريح، قالت: فلم تكن له لحية [5] . وأخرج عن شريح قال: زعموا كنية الكذب. وأخرج عن الربيع بن خثيم قال: كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل [6] . وأخرج عن سفيان [7] عن أبيه قال: سمعت أبا وائل وسأله رجل:

أنت أكبر أو ربيع بن خيثم؟ فقال: أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلا. وأخرج عن الأعمش قال: قيل لفضيل بن بزوان: إن فلانا يشتمك، قال: لأغيظنّ من علّمه، يعني الشيطان، يغفر الله لي وله [8] .

[1] في ع: خائفا وحده.

[2]

الطبقات 6/137.

[3]

في ع: تبغيه. الطبقات 7/137- 138.

[4]

الكوسج: من لا شعر على عارضيه، القائف: من يحسن معرفة الأثر وتتّبعه، والقيافة حرفة القائف.

[5]

الطبقات 6/132.

[6]

الطبقات 6/186.

[7]

هو سفيان الثوري: سفيان بن سعيد بن مسروق، كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، ولد ونشأ في الكوفة، وراوده المنصور على أن يلي الحكم فأبى، وخرج فسكن مكة والمدينة، ثم طلبه المهدي فانتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفيا سنة 161 هـ. (التهذيب 4/111) .

[8]

الطبقات 6/217.

ص: 87

وأخرج عن الشعبي قال: لو كانت الشيعة من الطير كانوا رخما [1]، ولو كانوا من الدواب كانوا حميرا [2] . وأخرج عن الشعبي قال: ليتني انفلت من علمي كفافا لا عليّ ولا لي/ وأخرج عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون إذا بلغ الرجل أربعين سنة على خلق لم يتغير عنه حتى يموت، قال: وكان يقال لصاحب الأربعين: احتفظ بنفسك [3] . وأخرج عن سفيان عن أبيه قال: إنما حمل إبراهيم التيمي [4] على القصص أنه رأى في المنام أنه يقسّم ريحانا، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال: الريحان ريحه طيّب، وطعمه مرّ [5] . وأخرج عن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الجرمي، حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن الزبير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن الأهتم [6] : اخبرني عن الزبرقان بن بدر [7]، فقال: مطاع في ناديه، مانع لما وراء ظهره، قال الزبرقان: يا رسول الله، إنه ليعلم أني خير مما قال، ولكنه حسدني، فقال عمرو: أنت ما علمت زمر المروءة ضيق العطن [8] ، أحمق الأب، لئيم الخال، ثم قال: يا رسول الله، ما كذبت في الأولى، ولا في الآخرة، رضيت عنه فقلت أحسن ما أعلم فيه، فأغضبني فقلت ما أعلم فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن من البيان لسحرا)[9] .

وأخرج عن يوسف بن خالد السمتي عن أبيه قال، قال لي مولاي سهل بن صخر الليثي، وكانت له صحبة: اشترى العبيد، فإنه ربّ عبد قسم له من الرزق ما لم يقسم لسيده [10] .

[1] الرخم طائر غزير الريش أبيض اللون له منقار طويل قليل التقوس، ويعرف أيضا بالأنوق من الفصيلة النسرية.

[2]

الطبقات 6/248.

[3]

الطبقات 6/772.

[4]

إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي: يكني أبا أسماء الكوفي، روى عن أنس وعمرو بن ميمون والحارث بن سويد، وهو صالح الحديث، قتله الحجاج سنة 44 هـ. (التهذيب 1/176، الطبقات 6/285) .

[5]

الطبقات 6/285.

[6]

عمرو بن الأهتم بن سنان التميمي: من أهل نجد، كان يدعى المكحل لجماله في شبابه، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ولقي إكراما وحفاوة، وهو صاحب البيت المشهور:

لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها

ولكن أخلاق الرجال تضيق

توفي سنة 57 هـ. (الإصابة ت 5772) .

[7]

الزبرقان بن بدر بن امرىء القيس التميمي: لقب الزبرقان لحسن وجهه، كان شاعرا عالما بأنساب الخيل، من رؤساء قومه، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات قومه فثبت إلى زمن عمر، وكف بصره في آخر عمره توفي سنة 45 هـ. (الإصابة ت 2784، طبقات الشعراء للجمحي 47، خزانة الأدب 1/531) .

[8]

زمر المروءة: قليل المروءة، ضيق العطن: ضيق الصدر.

[9]

الطبقات 7/38.

[10]

الطبقات 7/65.

ص: 88

وأخرج عن حميد [1] قال، قال أبو عثمان النهدي [2] : أتت عليّ ثلاثون ومائة سنة وما من شىء/ إلا وقد أنكرته إلا أملي، فاني أجده كما هو [3] .

وأخرج عن مطرف [4] قال: عقول الناس على قدر زمانهم [5] . وأخرج عن الحسن [6] قال:

أهينوا هذه الدنيا، فو الله لأهنأ ما تكون إذا أهنتموها [7] . وأخرج عن الحسن قال: إنه ليجالسنا في حلقتنا هذه قوم ما يريدون به إلا الدنيا، وقال: رحم الله عبدا لم يتقوّل علينا ما لم نقل.

وأخرج عن عمرو بن عبيد [8] قال: ما كنا نأخذ علم الحسن إلا عند الغضب. وأخرج عن قتادة قال: إذا اجتمع لي أربعة لم ألتفت إلى غيرهم، ولم أبال من خالفهم؛ الحسن، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم، وعطاء، هؤلاء الأربعة أئمة الأمصار [9] .

وأخرج عن عبد الواحد بن ميمون مولى عروة بن الزبير قال، قال رجل لابن سيرين:

رأيت أن طائرا أخذ أحسن حصاة في المسجد، فقال ابن سيرين [10] : إن صدقت رؤياك مات الحسن [11]، قال: فلم يلبث إلا قليلا حتى مات الحسن [12] . وأخرج عن زريق بن ذريح قال: كان الحسن يقول: يا ابن آدم، لا تكوننّ كنتيّا. وأخرج عن الحسن قال:

احترسوا من الناس بسوء الظن [13] .

وقال: أخبرنا بكار بن محمد، حدثني أبي أن أم محمد بن سيرين صفية مولاة أبي بكر بن أبي قحافة طيّبها ثلاثة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم/ ودعوا لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر

[1] هو حميد بن عبد الرحمن الزهري المتوفى سنة 95 هـ. (التهذيب 3/46) .

[2]

أبو عثمان النهدي: عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن خزيمة بن نهد، أدرك النبي وأسلم على عهده، وهاجر إلى المدينة ثم نزل الكوفة فلما قتل الحسين تحول إلى البصرة، قيل: حج ستين حجة وعمرة، توفي سنة 95 هـ. (التهذيب 6/277، الإصابة 5/109) .

[3]

الطبقات 7/98.

[4]

مطرف: مطرف بن عبد الله الحرشي العامري، زاهد من كبار التابعين، توفي بالبصرة سنة 87 هـ.

(التهذيب 10/173.

[5]

الطبقات 7/143.

[6]

الحسن: هو الحسن البصري المتوفى سنة 110 هـ. مرت ترجمته.

[7]

الطبقات 7/168.

[8]

عمرو بن عبيد بن باب التيمي: شيخ المعتزلة، اشتهر بعلمه وزهده، له رسائل وخطب، توفي سنة 144 هـ. (التهذيب 8/70) .

[9]

الطبقات 7/170. إبراهيم: هو إبراهيم العجلي الزاهد، وعطاء: هو عطاء بن أبي رباح القرشي.

[10]

ابن سيرين: محمد بن سيرين البصري أبو بكر، إمام في علوم الدين بالبصرة، نشأ بزازا في أذنه صمم، اشتهر بالورع وتعبير الرؤيا، توفي سنة 110 هـ. (التهذيب 9/214، الطبقات 7/193) .

[11]

في حاشية الأصل: هو الحسن البصري.

[12]

الطبقات 7/174.

[13]

الطبقات 7/177.

ص: 89

بدريا، فيهم أبيّ بن كعب يدعو وهم يؤمنون [1] . وأخرج عن أنس بن سيرين قال: دخل علينا زيد بن ثابت ونحن ست أخوة فيهم محمد [2]، فقال: إن شئتم أخبرتكم من أخو كل واحد لأمه، هذا وهذا لأم، وهذا وهذا لأم، وهذا وهذا لأم، فما أخطأ شيئا [3] .

وأخرج عن بكر المزني قال: إياك من الكلام، ما إن أصبت فيه لم تؤجر، وإن أخطأت وزرت، وذلك سوء الظن بأخيك. وأخرج عن مؤرق العجلي قال: أمر أنا في طلبه منذ عشر سنين لم أقدر عليه ولست بتارك طلبه أبدا، قيل: وما هو؟ قال: الصمت عمّا لا يعنيني [4] .

وأخرج عن عمير بن إسحاق قال: كان من أدركت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ممن سبقني، فما رأيت قوما أهون سيرة، ولا أقل تشديدا منهم [5] . وأخرج عن ابن عون قال: رأيت في المنام كأني مع محمد بن سيرين في بستان، فجعل يمشي فيه، فيمر على الجدول فيثبه، وأنا خلفه أفعل ذلك، قال: فأتيته فقصصتها عليه، فرأيت أنه عرفها، فقال: ما شاء الله، ما شاء الله، هذا رجل يتبع رجلا يتعلم منه الخير [6] . وأخرج عن ابن عوف قال: رأيت في المنام كأني كنت جالسا في المسجد فبدرت حصاة، فوقعت في أذني/ فقلت برأسي، فسقطت، فسألت عنها ابن سيرين فقال: هذا رجل سمع كلمة تسوؤه، فلم يكن لها في قلبه قرار.

وأخرج عن قيس بن أبي حازم قال: قال بلال لأبي بكر حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فامسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله فذرني وعمل الله [7] .

وأخرج عن جبير بن نفير قال: استقبلت الإسلام من أوله، ولم أزل أر في الناس صالحا وطالحا [8] .

وأخرج عن عائشة قالت: توفيت خديجة [9] قبل أن تعرف الصلوات الخمس، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين. وأخرج عن حكيم بن حزام قال: توفيت خديجة بن خويلد في شهر رمضان سنة عشر من النبوة، وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة، فخرجنا بها من ستر منزلها حتى دفناها بالحجون [10] ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرتها، ولم يكن يومئذ

[1] الطبقات 7/193.

[2]

أي محمد بن سيرين.

[3]

الطبقات 7/193.

[4]

الطبقات 7/213.

[5]

الطبقات 7/213.

[6]

الطبقات 7/265.

[7]

الطبقات 7/238.

[8]

الطبقات 7/440.

[9]

خديجة بن خويلد: أم المؤمنين، توفيت سنة 3 ق هـ 620 م. (الطبقات 8/16، أعلام النساء 1/326) .

[10]

الطبقات 8/19، والحجون: جبل بأعلى بمكة عنده مدافن أهلها. (ياقوت: الحجون) .

ص: 90

سنّة الجنازة الصلاة عليها.

وأخرج من طريق الأعمش عن إبراهيم قال: قالت سودة [1] لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت خلفك البارحة فركعت بي حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم، فضحك، وكانت تضحكه الأحيان بالشىء [2] . وأخرج عن ابن عباس قال: كانت سودة بنت زمعة عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو، فرأت في المنام/ كأن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطىء على عنقها، فأخبرت زوجها بذلك فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لأموتنّ، وليتزوجك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم رأت في المنام ليلة أخرى أن قمرا انقضّ عليها من السماء وهي مضطجعة، فأخبرت زوجها فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيرا حتى أموت وتتزوجين من بعدي، فاشتكى السكران من يومه ذلك، فلم يلبث إلا قليلا حتى مات، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم [3] .

وأخرج عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى خشي عليه [4] ، حتى تزوج عائشة [5] . وأخرج أخبرنا محمد بن عمر [6] حدثنا منصور بن سلمة عن أبيه عن عائشة بنت طلحة [7] عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالقاحة [8] سال على وجهي من رأسي صفرة مما جعلت في رأسي من الطيب حين خرجت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن لونك الآن يا شقيراء لحسن)[9] . وأخرج عن عروة قال: ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتا والمائة بيت، وقال: أخبرنا محمد بن عمر: حدثتني فاطمة بنت مسلم، عن فاطمة الخزاعية قالت: سمعت عائشة تقول يوما:

دخل عليّ يوما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أين كنت منذ اليوم؟ قال: يا حميراء كنت عند

[1] سودة بنت زمعة بن قيس القرشي: أم المؤمنين، تزوجها رسول الله بعد وفاة خديجة، توفيت في المدينة سنة 54 هـ. (التهذيب 12/426، الطبقات 8/35) .

[2]

الطبقات 8/54.

[3]

الطبقات 8/57.

[4]

نسخة ب: غشي عليه.

[5]

الطبقات 8/60.

[6]

في حاشية ب، ل: هو الواقدي.

[7]

عائشة بنت طلحة بن عبيد الله: من بني تيم بن مرة، أديبة عالمة بأخبار العرب، أمها أم كلثوم بنت الصديق، وخالتها أم المؤمنين عائشة، تزوجت مصعب بن الزبير، فلما قتل تزوجها عمر بن عبيد التيمي، ومات عنها سنة 82 هـ فتأيمت بعده، وخطبها جماعة فردتهم، وكانت تقيم بمكة سنة وبالمدينة سنة، توفيت سنة 101 هـ. (التهذيب 12/437) .

[8]

القاحة: مدينة على ثلاث مراحل من المدينة قبل السقيا بنحو ميل، وقيل: موضع بين الجحفة وقديد.

(ياقوت: القاحة) .

[9]

الطبقات 8/82.

ص: 91

أم سلمة، فقلت: ما تشبع من أم سلمة؟ / فتبسم، فقلت: رسول الله ألا تخبرني عنك لو أنك نزلت بعدوتين [1] إحداهما عافية لم ترع، والأخرى قد رعيت، أيهما كنت ترعى؟

قال: التي لم ترع، قلت: فأنا ليست كأحد [2] من نسائك، كل امرأة من نسائك قد كانت عند رجل، غيري، قالت: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم [3] .

وأخرج عن ثعلبة بن أبي مالك قال: رأيت يوم مات الحكم بن أبي العاص [4] في خلافة عثمان ضرب على قبره فسطاط في يوم صائف، فتكلم الناس فأكثروا في الفسطاط، فقال عثمان: ما أسرع الناس إلى الشر وأشبه بعضهم ببعض، أنشد الله من حضر نشدتي، هل علمتم عمر بن الخطاب ضرب على قبر زينب بنت جحش فسطاطا؟ قالوا: نعم، قال:

فهل سمعتم عائبا عابه؟ قالوا: لا [5] .

وأخرج عن عروة قال: قلت لعائشة يا خالة، أي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم آثر عنده؟

فقالت: ما كنت استكثره، ولقد كانت زينب بنت جحش، وأم سلمة لهما عنده مكانة، وكانتا من أحبّ نسائه إليه فيما أحسب بعدي [6] . وقال أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عبد الله بن عمر قال: لما اجتلى النبي صلى الله عليه وسلم صفية، رأى عائشة متنقبة وسط النساء، فعرفها فأدركها فأخذ بثوبها فقال: (يا شقيراء، كيف رأيت، قالت رأيت يهودية بين يهوديات [7] ./

وأخرج عن طارق بن شهاب قال، قال رجل من بني تميم لعمّار بن ياسر: يا أجدع، فقال عمّار: خير أذنيّ سببت، قال شعبة: يعني أنها أصيبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [8] . وأخرج عن الحارث بن سويد قال: وشى رجل بعمار إلى عمر، فبلغ ذلك عمّارا، فرفع يديه فقال:

اللهم إن كان كذب عليّ فابسط له في الدنيا واجعله موطّأ العقب [9] . وأخرج عن ابن أبي عون قال: قتل عمار وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان أقدم في الميلاد من رسول الله. وأخرج

[1] حاشية ب، ل: العدوة جانب الوادي.

[2]

كأحد: ساقطة من ب، ط.

[3]

الطبقات 8/80.

[4]

الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي: أسلم يوم الفتح، وسكن المدينة، فكان كما قيل يفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنفاه إلى الطائف، وأعيد إلى المدينة في خلافة عثمان، فمات فيها سنة 32 هـ.

(الإصابة ت 1783) .

[5]

الطبقات 8/113.

[6]

الطبقات 8/114.

[7]

الطبقات 8/126.

[8]

الطبقات 3/254.

[9]

الطبقات 3/256.

ص: 92

عن بديل بن ميسرة قال: خرج عمر بن الخطاب يوما إلى الجمعة، وعليه قميص سنبلاوي [1] ، وجعل يمد كمّه، فاذا تركه رجع إلى أطراف أصابعه [2] ، وقال، أخبرنا اسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، حدثني إسماعيل بن عبد الله، عن خالد بن سعيد بن أبي مريم مولى ابن جدعان، ومولى بنت محمد بن هلال بن أبي هلال المحدث، عن أبيه، عن جده، أن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم بن أوس الداري [3] :

بسم الله الرحمن الرحيم (هذا كتاب من محمد النبي لتميم بن أوس الداري، إن عيوناء قريتها كلها، سهلها وجبلها وماءها، وحرثها وكرومها، وأنباطها وثمرها، له ولعقبه من بعده، لا يحاقّه فيها أحد، ولا يدخل عليه بظلم، فمن أراد ظلمهم أو أخذه منهم، فان عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكتب عليّ [4] . قال الواقدي: وليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالشام قطيعة غير حبرى [5] وبيت عينون [6] قطعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم تميما ونعيماء ابني أوس./

وأخرج عن أبان بن صالح قال، قال عمرو بن معديكرب [7] يوم القادسية [8] : الزموا خراطيم الفيلة السيوف، فانه ليس لها مقتل إلا خرطومها، وقال: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن ريطة، عن عمرة [9] عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

[1] قميص سنبلاوي: مسبل الذيل.

[2]

الطبقات 3/329.

[3]

سبقت ترجمته.

[4]

الطبقات 2/32.

[5]

في النسخ والطبقات: حبرى، وفي معجم البلدان: حبرون، اسم القرية التي فيه قبر إبراهيم الخليل عليه السلام البيت المقدس، وقد غلب على اسمها الخليل، ويقال لها أيضا حبرى، وهي التي أقطعها الرسول لتميم الداري. (ياقون: حبرون) .

[6]

بيت عينون: قيل هي من قرى بيت المقدس. (ياقوت: عينون) .

[7]

عمرو بن معديكر الزبيدي: فارس اليمن، وصاحب الغارات المشهورة، أسلم سنة تسع، ثم ارتد بعد وفاة النبي ثم عاد إلى الإسلام، وبعثه أبو بكر إلى الشام فشهد اليرموك، وذهبت فيها إحدى عينيه، وبعثه عمر إلى العراق فشهد القادسية وأبلى فيها بلاء حسنا، له شعر جيد، توفي سنة 21 هـ. (الإصابة ت 5972، سمط اللآليء 63- 64، الخزانة 1/425- 426 الحور العين ص 110) .

[8]

القادسية: تبعد عن الكوفة 15 فرسخا، وقعت فيها المعركة بين المسلمين وبين الفرس سنة 19 هـ في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (ياقوت: القادسية) .

[9]

عمرة: هي عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة التابعية، فقيهة عالمة بالحديث، ثقة، أخذت الحديث عن عائشة رضي الله عنها، كتب عمر بن عبد العزيز إلى ابن محمد: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنة ماضية، أو حديث عمرة فاكتبه، فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله، توفيت سنة 30 هـ. (التهذيب 12/438، ابن سعد- الطبقات 8/480) .

ص: 93

نقّب أسعد بن زرارة على النقباء [1] . قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قال: كان يقال: ما رأينا بني أب وأم قط أبعد قبورا من بني العباس جميعا: الفضل، وكان أكبر ولده، مات بالشام من طاعون عمواس [2] ، وعبد الله، وهو الحبر، مات بالطائف، وعبد الرحمن مات بالشام، وقثم خرج إلى خراسان مجاهدا فمات بسمرقند، ومعبد قتل بأفريقية شهيدا، وأم حبيبة، أمهم جميعا أم الفضل لبابة، وفي ولد أم الفضل هؤلاء من العباس يقول عبد الله بن يزيد الهلالي [3] :[الرجز]

ما ولدت نجيبة من فحل

بجبل نعلمه أو سهل

كستة من بطن أم الفضل

أكرم بها من كهلة وكهل

وقال: أخبرنا الفضل بن دكين، حدثنا حنش، سمعت أبي يقول: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد [4] وهو ابن ثمان عشرة سنة/.

وأخرج عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، قال: سمعت أبا هريرة يقول والناس حوله:

اخبروني برجل يدخل الجنة ولم يصل لله سجدة قط؟ فسكت الناس، قال أبو هريرة: هو أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقيش، أسلم يوم أحد، وقاتل فقتل، فدخل الجنة، وما صلّى صلاة قط [5] . وأخرج عن عمير بن إسحاق قال: كان مروان أميرا علينا، فكان يسب عليا كل جمعة على المنبر، فقيل: يا حسن، أما تسمع ما يقول هذا؟ فجعل لا يرد شيئا، وكان حسن يجىء يوم الجمعة فيدخل في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فيقعد، فاذا قضيت الخطبة خرج فصلى، ثم رجع إلى أهله، قال: فلم يرض بذاك حتى أهداه [6] له في بيته، قال:

فأنا عنده إذ قيل له: فلان بالباب، قال: إئذن له، فو الله إني لأظنه قد جاء بشر، فأذن له، فدخل فقال: يا حسن، إني قد جئتك من عند سلطان، وجئتك بعزمة، قال: تكلم، قال:

قد أرسل مروان بعلي وبعلي وبعلي، وبك وبك وبك، وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة يقال لها: من أبوك؟ فتقول: أمي الفرس. قال الحسن: ارجع إليه فقل له: إني والله لا أمحو عنك

[1] نقّب: جعله نقيبا. وأسعد بن زرارة من بني النجار من الخزرج، أحد الأشراف الشجعان في الجاهلية والإسلام، وفد على النبي في مكة وكان نقيب بني النجار، توفي قبل بدر سنة 1 هـ ودفن بالبقيع. (الأصابة ت 111، الطبقات 3/608) .

[2]

عمواس: قرية بالشام بين نابلس والرملة، وكان هذا الطاعون سنة 18 هـ، مات فيه أبو عبيدة بن الجراح وخمسة وعشرون ألف من المسلمين. (ياقوت: عمواس) .

[3]

الطبقات 8/278، الإصابة 5/82.

[4]

أسامة بن زيد: الحبيب بن الحبيب توفي في المدينة سنة 54 هـ. (التهذيب 1/57، الطبقات 4/61) .

[5]

السيرة النبوية- ابن هشام 3/35، الإصابة 4/608.

[6]

في الأصل: أمداه، وفي بقية النسخ: أهداه. أمدى فلانا: أملى له وأمهله. وأهداه: أي أرسل له، والمهاداة بالشعر المهاجاة.

ص: 94

شيئا مما قلت بأن أسبك يا مروان، ولكن موعدي وموعدك الله، فان كنت صادقا جزاك الله بصدقك، وإن كنت كاذبا فالله أشدّ، وقد أكرم الله جدي أن يكون مثلي مثل البغلة/.

وأخرج عن هزّان قال: قيل للحسن بن علي: تركت إمارتك وسلمتها إلى رجل من الطلقاء، وقدمت المدينة، فقال: إني اخترت العار على النار. وأخرج عن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال له ابن عباس: إنك لتشتمني، وإن فيّ لثلاث خصال، إني لأسمع الحاكم من حكام المسلمين يعدل فأفرح، ولعلّي لا أقاضى إليه أبدا، وإني لأسمع بالغيث يصيب البلاد من بلدان المسلمين فأفرح به، وما لي بها سائمة، وإني لآتي على الآية من كتاب الله فأتمنى أن الناس كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم [1] . وأخرج عن الزهري قال، قال أبو سلمة: لو كنت أرفق بابن عباس أصبت منه علما كثيرا. وأخرج عن يعقوب بن زيد قال:

كان عمر بن الخطاب يستشير عبد الله بن عباس في الأمر إذا أهمّه، ويقول: غصّ غوّاص [2] .

وأخرج عن ثابت بن عبيد قال: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في بيته، وأزمته [3] إلى الرجال. وأخرج عن عمير بن سعد، وهو من الصحابة أنه كان يقول على المنبر وهو أمير على حمص: ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق، فاذا أنقض الحائط وحطم الباب استفتح الإسلام، فلا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلا بالسيف، ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحق، وأخذ بالعدل [4] /وأخرج عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب المرأة قال: (اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة)[5]، وأخرج عن سعيد بن محمد بن أبي زيد قال: سألت عمارة بن غزية، وعمرو بن يحيى عن جفنة سعد بن عبادة، فقالا:

كانت مرة بلحم، ومرة بسمن، ومرة بلبن، يبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كلما دار دارت معه الجفنة [6] . وأخرج عن عامر الشعبي قال: لم يوص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بمساكن أزواجه، وأرض تركها صدقة [7] . وأخرج عن أبي الحويرث، أن أم أيمن [8] قالت يوم

[1] الإصابة 4/150.

[2]

الطبقات 2/369.

[3]

أزمته: أشده تزمتا، تزمت: توقر وتشدد في دينه أو رأيه.

[4]

الطبقات 4/375.

[5]

الطبقات 8/129 ط العلمية.

[6]

الطبقات 8/129.

[7]

الطبقات 2/316.

[8]

أم أيمن: بركة الحبشية، جارية عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم، أسلمت قديما، وزوجها النبي زيد بن حارثة، فجاءت منه بأسامة، وهي حاضنة النبي، توفيت بالمدينة سنة 11 هـ. (التهذيب 12/451، مرآة الجنان 1/62) .

ص: 95

حنين [1] : سبّت الله أقدامكم، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:(اسكتي يا أم أيمن، فانك عسراء اللسان)[2] . وأخرج عن عكرمة قال: سئلت أسماء بنت أبي بكر الصديق: هل كان أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ قالت: لا، ولكنهم كانوا يبكون [3] .

وأخرج عن عبد الرحمن الأعرج قال: المرأة التي طلق عبد الله بن عمرو وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي آمنة بنت عفان. وأخرج عن زيد بن علي بن حسين قال:

ما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر امرأة لا تحل له بعد النبوة إلا أم الفضل، يعني امرأة عمه العباس [4] فانها كانت تفليه وتكحله، فبينما هي ذات يوم إذ قطرت قطرة من عينها على خده، فرفع رأسه إليها فقال:(ما لك؟) فقالت: إن الله نعاك لنا، فلو أوصيت بنا/ من يكون بعدك، إن كان الأمر فينا أو في غيرنا، قال:(إنكم مقهورون مستضعفون بعدي)[5] . وأخرج عن سماك بن حرب، أن أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، قالت: يا رسول الله، رأيت فيما يرى النائم كأن عضوا من أعضائك في بيتي، قال:

(خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبان ابنك قثم، فولدت الحسين فكفلته أم الفضل)[6] .

وأخرج عن جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم قال: حدّ نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر وعشرا، وكن يزرن بعضهن بعضا ولا يبتن عن بيوتهن، ولقد تعطّلن حتى كأنهن رواهب، وما كان يمر بهن يوم أو اثنان أو ثلاثة، إلا وكل امرأة منهن يسمع نشيجها [7] .

انتهى ما اخترته من طبقات ابن سعد مما يصلح في المحاضرات.

[1] حنين: واد قبل الطائف، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا، وقد ورد في القرآن الكريم وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ

(ياقوت: حنين) .

[2]

الطبقات 8/225.

[3]

الطبقات 8/253.

[4]

الطبقات 8/278.

[5]

الطبقات 8/278.

[6]

مسند الإمام أحمد بن حنبل حديث رقم 26753 ج 18/ص 352 برواية: خيرا تلد فاطمة غلاما فتكفلينه بلبن ابنك قثم. المسند تحقيق أحمد شاكر، ط دار الحديث، القاهرة 1416 هـ/ 1995 م، الطبقات 8/218.

[7]

طبقات ابن سعد 8/177.

ص: 96