المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم - المحاضرات والمحاورات

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌جلال الدين السيوطي

- ‌حياته

- ‌مؤلفات السيوطي

- ‌من ألف في المحاضرات والمحاورات وما أشبهها:

- ‌معنى المحاضرة

- ‌كتاب المحاضرات والمحاورات

- ‌نسخ الكتاب المخطوطة

- ‌1- نسخة الأصل:

- ‌2- نسخة ب:

- ‌3- نسخة ش:

- ‌4- نسخة ع:

- ‌5- نسخة ل:

- ‌6- نسخة ط:

- ‌من إنشاء الشهاب المراغي [3] في ذكر العلم

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من طبقات ابن سعد

- ‌ذكر مراثي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه

- ‌في تاريخ ابن عساكر [4]

- ‌منتقى من المصنف لابن أبي شيبة مما يحسن في المحاضرات

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الغرر من الأخبار

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من مصنف عبد الرزاق

- ‌أحاديث إعطائه صلى الله عليه وسلم القصاص من نفسه

- ‌من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه

- ‌[في العزلة]

- ‌في حياة الحيوان للكمال الدميري

- ‌[من تاريخ من دخل مصر للمنذري]

- ‌في كتاب البسملة لأبي شامة

- ‌في التذكرة المسماة كنوز الفوائد ومعادن الفرائد

- ‌في كتاب العشق والعشاق تأليف عبد العزيز بن عبد الرحمن بن مهذب

- ‌ذكر المسبحي [1] في تاريخه

- ‌[المختار من تذكرة ابن مكتوم]

- ‌في النهاية لابن الأثير

- ‌وفي تذكرة الوداعي

- ‌ذكر الأصل في المفاخرات

- ‌مفاخرة السيف والقلم

- ‌مقامة تسمى الحرقة للخرقة

- ‌قال وكيع في الغرر

- ‌في كتاب الأشراف لابن أبي الدنيا

- ‌أخرج ابن عساكر في تاريخه

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم

- ‌من وضعيات شرف بن أسد المصري

- ‌في تذكرة الوداعي

- ‌في تذكرة ابن مكتوم

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌في شرح البخاري للكرماني [1]

- ‌في تاريخ ابن عساكر

- ‌البخاري في التاريخ

- ‌قال البغوي [1] في معجم الصحابة

- ‌المقامة اللازوردية في موت الأولاد

- ‌المقامة المنبجية للإمام زين الدين عمر بن الوردي

- ‌المقامة الصوفية

- ‌منتقى من كتاب التدوين في أخبار قزوين

- ‌ذكر الشيخ أبو منصور الثعالبي في اليتيمة

- ‌رسالة السكين

- ‌قال البغوي في معجم الصحابة

- ‌وقال ابن عبد البر في كتاب العلم

- ‌[حديث أم زرع]

- ‌في التنوير لابن دحية

- ‌المغرب في أخبار المغرب

- ‌في كتاب نزهة المذاكرة وأنس المحاضرة

- ‌في تذكرة الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي

- ‌من كتاب (اللطائف واللطف) [1] لأبي منصور الثعالبي

- ‌من كتاب (لطائف المعارف) للقاضي أبي بكر النيسابوري

- ‌من كتاب (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام)

- ‌في تذكرة المقريزي

- ‌حكاية القاضي واللص

- ‌في تاريخ المدينة الشريفة للحافظ جمال الدين المطري [2]

- ‌قال القاضي تاج الدين السبكي [1] في الطبقات الكبرى:

- ‌في تاريخ ابن عساكر

- ‌[الفهارس]

- ‌فهارس الكتاب

- ‌1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة

- ‌2- فهرس الأحاديث النبوية

- ‌3- فهرس الشعر

- ‌4- فهرس الأعلام

- ‌5- فهرس القبائل والأمم والشعوب والجماعات

- ‌6- فهرس المواضع والبلدان

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم

قال سعود بن العلاء الخباز الشاعر [1] : [مجزوء الرمل]

جمع الورد خصالا

لم تكن في نظرائه

حسن لون جعل الزه

رة من تحت لوائه

ونسيما عطل العن

بر من فرط ذكائه

فاذا زاد وولّى

عوّض الناس بمائه

قال أبو الفتح سليمان بن خضر الطائفي [2] : [الرمل]

برزت في غلالة زرقاء

لازورديّة كلون السماء

فتبيّنت في الغلالة منها

قمر الصيف في ليالي الشتاء

قال الصاحب ابن العميد [3] في معجم الطبراني [4] : [الخفيف]

قد وجدنا في معجم الطبراني

ما فقدنا في سائر البلدان

بأسانيد ليس فيها سناد

ومتون إذا رفعن متان

‌في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم

[5]

لما اشترى الخليفة الحجر الأسود من القرامطة بخمسين ألف دينار، وقيل بثلاثين ألف دينار، جهز إليهم عبد الله بن عكيم المحدث وجماعة معه، فقال عبد الله بن عكيم: إن لنا في حجرنا علامتين، لا يسخن بالنار، ولا يغوص في الماء، فأحضر ماء ونار، وألقي الحجر في الماء، فغاص، ثم ألقاه في النار فحمي، وكاد يتشقق، فقال: ليس هذا بحجرنا، ثم أحضر آخر مضمخ بالطيب، مغشى بالديباج، إظهارا لكرامته، ففعل به عبد الله بن عكيم كذلك، ثم قال: ليس هذا بحجرنا، فأحضر الحجر الأسود بعينه، فوضعه في

[1] الأبيات في الوافي بالوفيات 515/193.

[2]

الأبيات في دمية القصر للباخرزي 1/92- 93 تحقيق محمد ألتونجي.

[3]

ابن العميد: أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد الكاتب، وزير ركن الدولة الحسن بن بويه، كان آية في الترسل والإنشاد، فيلسوفا، وكان الصاحب بن عباد تلميذه وخصيصه وصاحبه، وكان يسمى الجاحظ الثاني، توفي بالري سنة 360 هـ (الوافي بالوفيات 15/354) .

[4]

البيتان في الوافي بالوفيات 15/345. والطبراني: هو سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، من أهل طبرية بالشام، له المعجم الكبير على أسماء الصحابة، والمعجم الأوسط، وكتاب الدعاء، وعشرة النساء، توفي سنة 360 هـ. (المصدر السابق) .

[5]

ابن أبي الدم: شهاب الدين إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم، كان إماما في مذهب الشافعي، عالما بالتاريخ له نظم ونثر، له تصانيف منها: الفرق الإسلامية، وأدب القاضي، توفي سنة 642 هـ. (شذرات الذهب 5/213) .

ص: 228

الماء، فطفا ولم يغص، ثم وضعه في النار فلم يسخن، فقال: هذا حجرنا، فعجب أبو طاهر القرمطي [1] ، وسأله عن معرفة طريقه، فقال عبد الله بن عكيم: حدثنا فلان عن أبي فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحجر الأسود عين الله في أرضه، خلقه تعالى من درة بيضاء في الجنة، وإنما اسودّ من ذنوب الناس، يحشر يوم القيامة وله عينان ينظر بهما، ولسان يتكلم به، يشهد كل من استلمه أو قبّله بالإيمان، وأنه حجر يطفو/ على الماء ولا يسخن بالنار إذا أوقدت عليه)[2] . فقال أبو طاهر: هذا دين مضبوط بالنقل.

قال سلم الخاسر، وهو ابن عمرو بن حماد بن عطاء بن ياسر، مولى أبي بكر الصديق، وسمّي الخاسر لأنه ورث مصحفا فباعه واشترى بثمنه دفاتر شعر، مات في حدود الثمانين ومائة [3] :[المتقارب]

إذا أذن الله في حاجة

أتاك النجاح على رسله

يفوز الجواد بحسن الثناء

ويبقى البخيل على بخله

فلا تسأل الناس من فضلهم

ولكن سل الله من فضله

قال تقي الدين شبيب بن حمدان [4] : [الكامل]

ومهفهف قسم الملاحة ربّها

فيه وأبدعها بغير مثال

فلخده النعمان روض شقائق

ولثغره النظّام عقد لآلي

ولطرفه الغزّال إحياء الهوى

وكذلك الإحياء للغزّ الي

وقال محيي الدين بن عبد الظاهر [5] : [الكامل]

يا من رأى غزلان رامة هل رأى

بالله فيهم مثل طرف غزال

[1] أبو طاهر القرمطي: سليمان بن الحسن بن بهرام الجنّابي نسبة إلى جنابة من بلاد فارس، الهجري، ملك البحرين وزعيم القرامطة، خارجي طاغية جبار، وثب على البصرة فنهبها وسبى نساءها، وكتب إلى المقتدر يطلب ضمها إليه هي والأهواز، فلم يجبه المقتدر، أغار على الكوفة فنهبها، وأغار على مكة يوم التروية سنة 317 هـ والناس محرمون فاقتلع الحجر الأسود وأرسله إلى هجر ونهب أموال الحجاج، وقتل ثلاثين ألفا، مات بالجدري سنة 332 هـ. (النجوم الزاهرة 3/522، فوات الوفيات 1/175، الكامل لابن الأثير الجزء الثامن في صفحات كثيرة) .

[2]

الحديث بمعناه واختلاف اللفظ في صحيح البخاري، وبرواية: الحجر الأسود يمين الله في الأرض، في كنز العمال 34744.

[3]

الأبيات في الوافي بالوفيات 15/304، لسلم الخاسر، والبيتان الأول والثالث بنقص الثاني في مجموع شعره ضمن (شعراء عباسيون) ص 112، جمع غوستاف غرونباوم ط بيروت 1959.

[4]

الأبيات في فوات الوفيات 2/155.

[5]

فوات الوفيات 2/155.

ص: 229

أحيا علوم العاشقين بلحظه ال

غزال والإحياء للغزالي

روى ابن دريد، عن ابن الكلبي قال: كنت يوما عند شرقي بن القطامي [1] فقال: من يعرف منكم أسد بن عبد مناف بن شيبة بن عمرو بن المغيرة بن زيد، وهو من أشرف الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما نعرفه، قال: هو علي بن أبي طالب، كانت أمه سمته أسدا، وأبوه غائب لما ولدته، واسم أبي طالب عبد مناف، واسم عبد المطلب شيبة، واسم هاشم عمرو، واسم عبد مناف المغيرة، واسم قصي زيد، وقال شرقي:

دخلت على المنصور، فقال: يا شرقي، علام يزار المرء، فقلت: يا أمير المؤمنين، على خلال أربع، على معروف سلف، أو مثله يؤتنف، أو قديم شرف، أو علم مستطرف، فما وراء ذلك فولوع وكلف [2] :

قال عبادة بن ماء السماء [3] شاعر الأندلس [4] : [مجزوء الكامل]

لا تشكونّ إذا عثر

ت إلى صديق سوء حالك

فيريك ألوانا من ال

إذلال لم تخطر ببالك

إياك أن تدري يمي

نك ما يدور على شمالك ضو اصبر على نوب الزما

ن وإن رمت بك في المهالك

وإلى الذي أغنى وأق

نى اضرع وسله صلاح حالك

لما استسقى عمر بن الخطاب بالعباس فسقوا، قال حسان بن ثابت، رضي الله عنهم [5] :[الكامل]

سأل الإمام وقد تتابع جدبنا

فسقى الأنام بغرّة العبّاس

عمّ النبيّ وصنو والده الذي

ورث النبيّ بذاك دون الناس

أحيا الإله به البلاد فأصبحت

مخضرّة الأجناب بعد الياس

[1] شرقي بن القطامي: الوليد بن حصين (الملقب بالقطامي) بن حبيب الكلبي، عالم بالأدب والنسب، من أهل الكوفة، استقدمه أبو جعفر المنصور إلى بغداد ليعلم ولده المهدي الأدب، وكان صاحب سمر، توفي سنة 155 هـ. (المعارف ص 234، نزهة الألباء ص 42، تاريخ بغداد 9/278، اللباب 2/17) .

[2]

الرواية في تاريخ بغداد 9/278، ونزهة الألباء ص 34.

[3]

ابن ماء السماء: عبادة بن عبد الله الأنصاري، رأس الشعراء في الدولة العامرية بالأندلس، وهو الذي أقام عماد الموشحات وهذب ألفاظها وأوضاعها، له كتاب في أخبار شعراء الأندلس، توفي بمالقة سنة 422 هـ. (فوات الوفيات 1/199، جذوة المقتبس ص 274، الذخيرة ق 1 م 1 ص 468، بغية الملتمس 2/396، الوافي بالوفيات 16/623) .

[4]

الأبيات في فوات الوفيات 2/149- 150، الوافي بالوفيات 16/623.

[5]

ديوان حسان بن ثابت 1/491 تحقيق وليد عرفات، ط صادر، بيروت 1974.

ص: 230

ذكر الجهشياري في كتاب الوزراء، عن رجاء بن أبي الضحاك، أنه في سنة مائتين، أحصى ولد العباس، فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفا [1] . قال العباس بن طرخان أبو الينبعي، يخاطب بعض الخلفاء:[السريع]

لزمت [في] دهليزكم جمعة

ولم أكن آوي الدهاليزا [2]

خبزي من السوق ومدحي لكم

تلك لعمري قسمة ضيزى

ذكر الوزير المغربي في كتاب أدب الخواص أنّ البطيخ العبدلاوي الذي بالديار المصرية، منسوب إلى عبد الله بن طاهر بن الحسين/ الخزاعي أمير مصر، مات سنة 230 هـ[3] .

قال أبو عثمان سعيد بن هاشم الخالدي، يصف عبده [4] :[البسيط]

ما هو عبد لكنه ولد

خوّلنيه المهيمن الصمد

وشدّ أزري بحسن خدمته

فهو يدي والذراع والعضد

صغير سنّ كبير منفعة

تمازج الضعف فيه والجلد

في سنّ بدر الدّجى وصورته

فمثله يصطفى ويعتقد

معشق الطرف كحله كحل

مغزل الجيد حليه الجيد

وورد خديه والشقائق

والتفاح والجلنار منتضد

رياض حسن زواهر أبدا

فيهنّ ماء النعيم مطّرد

وغصن بان إذا بدا وإذا

شدا فقمريّ بانه غرد

مبارك الوجه مذ حظيت به

بالي رخيّ وعيشتي رغد [5]

أنسي ولهوي وكل مأربتي

مجتمع فيه لي ومنفرد [6]

مسامري إن دجا الظلام عليّ منه

حديث كأنه الشهد [7]

ظريف مزح مليح نادرة

جوهره حسن شرارة تقد [8]

[1] نكت الهميان ص 178.

[2]

ورد صدر البيت في كل النسخ ناقصا وغير موزون، ولعله يستقيم بإضافة (في) .

[3]

وفيات الأعيان 2/274.

[4]

جاءت القصيدة مع التقديم والتأخير في بعض الأبيات في فوات الوفيات 1/347- 348.

[5]

في ب، ط، ل: مبارك الطرف.

[6]

في ب، ط، ل: أمسي ويهوى.

[7]

هذا البيت انفردت به نسخة ع.

[8]

في ب، ط، ل: ظريف مدح.

ص: 231

خازن ما في يدي وحافظه

فليس شىء لديّ يفتقد

ومنفق مشفق إذا أنا أس

رفت وبذّرت فهو مقتصد

يصون كتبي فكلّها حسن

يطوي ثيابي فكلها جدد

وأبصر الناس بالطبيخ فكال

مسك القلايا والعنبر الثرد

وهو يدير المدام إن جليت

عروس دنّ نقابها الزّبد

يمنح كأسي يدا أناملها

تنحلّ من لينها وتنعقد

ثقّفه كيسه فلا عوج

في بعض أخلاقه ولا أود

وصيرفيّ القريض وزّان

دينار المعاني الجياد منتقد

ويعرف الشعر مثل معرفتي

وهو على أن يزيد مجتهد

وكاتب توجد البلاغة في

ألفاظه والصواب والرشد

وواجد بي من المحبة وال

رأفة أضعاف ما به أجد

إذا ابتسمت فهو مبتهج

وإن تنمّرت فهو مرتعد [1]

ذا بعض أوصافه وقد بقيت

له صفات لم يحوها أحد

وقال الشهاب محمود الكاتب في عكس هذا المعنى [2] : [البسيط]

ما هو عبد كلا ولا ولد

إلا عناء يضنى به الكبد

وفرط سقم أعيا الأساة فلا

جلد عليه تبقى ولا جلد

أقبح ما فيه كلّه فلقد

تساوت الروح فيه والجسد

أشبه شىء بالقرد فهو له

إن كان للقرد في الورى ولد

ذو مقلة حشو جفنها عمص

تسيل دمعا وما بها رمد

ووجنته مثل صبغة الورس

ولكن ذاك صاف ولونها كمد

كأنه الخد في نظافته

قد أكلت فوق صحنه غدد

يقطر سمّا فضحكه أبدا

شرّ بكاء وبشره حرد

يجمع كفيه من مهانته

كأنّه في الهجير مرتعد

يطرق لا من حياء ولا خجل

كأنّه للتراب منتقد

[1] في ع: وإن نهرت.

[2]

القصيدة في فوات الوفيات 1/349، مع التقديم والتأخير في بعض الأبيات.

ص: 232

ألكن إلا في الشتم ينبح كا

لكلب ولو أن خصمه الأسد

يشتمني الناس حين يشتمهم

إذ ليس يرضى بشتمه أحد

كسلان إلا في الأكل فهو إذا

ما حضر الأكل جمرة تقد

كالنار يوم الرياح في الحطب

اليابس تأتي على الذي تجد

يرفل في حلّة منبتة من

قمله رقم طرزها طرد

أجمل أوصافه النميمة والكذب

ونقل الحديث والحسد

كلّ عيوب الورى به اجتمعت

وهو باضعاف ذاك منفرد

إن قلت لم يدر ما أقول وإن

قال كلانا في الفهم متحد

كأنّ مالي إذا تسلمه

مني ماء وكفّه سرد

حملته لي دويّة حسنت

كنت عليها في الظرف اعتمد [1]

كمثل زهر الرياض ما وجدت

عيني لها شبهها ولا تجد

فمرّ يوما بها على رجل

لديه علم اللصوص يفتقد

أودعها عنده ففرّ بها

وما حواه من بعدها البلد

فجاء يبكي فظلت أضحك من

فعلي وقلبي بالغيظ متّقد

وقال لي لا تخف فحليته

مشهورة الشكل حين يفتقد

عليه ثوب وعمّة وله

ذقن ووجه وساعد ويد

وقائل بعه قلت خذه ولا

وزن تجازي به ولا عدد

ففي الذي قد أضاعه عوض

وهو على أن يزيد مجتهد

من الأبيات السائرة [2] : [الطويل]

عتبت على عمرو فلما فقدته

وجرّبت أقواما بكيت على عمرو

قال أبو العميثل عبد الله بن خليد في عبد الله بن طاهر [3] : [الكامل]

يا من يحاول أن تكون صفاته

كصفات عبد الله أنصت واسمع

فلأنصحنّك في المشورة والذي

حجّ الحجيج إليه فاسمع أو دع

[1] الدوية: أرض فيها أدواء غير موافقة للإقامة.

[2]

البيت لنهار بن توسعة، أخذه عيسى القاشي في الدر الفريد 4/62 برواية:

عتبت على عمرو فلما هجرته

وواصلت أقواما رجعت إلى عمرو

[3]

الأبيات في وفيات الأعيان 2/5275 ط عبد الحميد، 3/89 ط إحسان عباس.

ص: 233

أصدق وعفّ وكف واصبر واحتمل

واصفح وكاف ودار واحلم واشجع

والطف ولن وتأنّ وارفق واتّئد

واحزم وجد وحام واحمل وادفع

فلقد محضتك إن قبلت نصيحتي

وهديت للنّهج الأسدّ المهيع

أول من صلى بمكة جماعة بعد الفتح هبيرة بن شبل بن العجلان الثقفي [1] ، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذلك قال الطبري.

ذكر الصلاح الصفدي في ترجمة التاج السبكي أنه سمّى كتاب الطبقات بالورقات، وأنه كتب عليها تقريظا، وقف المملوك على هذه الورقات، وصعد في معارج التأمل إلى هذه الطبقات، وباشر نظرها، وعلم ما لفوائدها في كل وقت من النفقات، فرأى أوراقها المثمرة، وغصونها المزهرة، وراقت له ليالي سطورها التي هي بالمعاني مقمرة، وشهد برق فضائلها اللهاب، وعلم من جمعها أن لكل مذهب عبد الوهاب:[الوافر]

لقد أحيى الذين تضمنتهم

وأجلسهم على سرر السرور

فأصحاب التراجم في طباق

أطلوا من شبابيك السطور [2]

فما هي في طبقات، لكن بروج كواكب، وما هي سطور، بل سطور مواكب، لقد أعجبه همة من حررها وأسس قواعدها وقررها، وحصل بهذا الولد النجيب الياس، من فضل/ القاضي إياس، وكونه تقدم في شبابه على كهول أصحابه، فهذا أصغر سنا، وأكبر منا منّا، وقد شهد له العقل والنقل، بأنه فتيّ السنّ، كهل العلم والحلم والعقل، والله يمتع الزمان بفوائده، ويرقيه في الدين والدنيا إلى درجات والده.

قلت: ذكر الصلاح الصفدي أن محمد بن داود بن الجراح صنف كتاب الورقة في أخبار الشعراء، وسماه بذلك، لأن ترجمة كل شاعر في ورقة من غير زيادة. وأن الصولي سمى كتابه بالأوراق لأنه بسط ترجمة كل واحد في عدة أوراق، فالظاهر أن ابن السبكي أخذ التسمية بالورقات منه، لأنه بسط التراجم في ورقات وأوسع فيها [3] .

قال عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحمن بن الفرس الغرناطي المالكي [4] ، مؤلف أحكم

[1] هبيرة بن شبل بن عجلان بن عتاب الثقفي: وهو أول من صلى جماعة بعد الفتح، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وكان إسلامه بالحديبية، استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة إذ صار إلى الطائف فيما ذكر الطبري.

(الإصابة 3/616) ، ولم أجد لهبيرة بن شبل ذكرا في تاريخ الطبري ولا في تفسيره.

[2]

في ب، ل: في طبقات.

[3]

في الأصل: (قلت ذكر الصلاح..... وأوسع فيها) خرجة طويلة من الحاشية.

[4]

عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي: المعروف بابن الفرس، قاض أندلسي من علماء غرناطة، ولي القضاء بجزيرة شقر، وفي وادي آش، وجيان وغرناطة، وجعل له النظر في الحسبة والشرطة، له تآليف منها أحكام القرآن، توفي بالبيرة سنة: 599 هـ. (بغية الوعاة 315، قضاة الأندلس ص 110، الديباج المذهب ص 218، التكملة لابن الأبار ص 651، فوات الوفيات 2/16، نفح الطيب 2/653) .

ص: 234

القرآن، في خسوف القمر [1] :[البسيط]

تطلع البدر لم يشعر بناظره

حتى استوى ورأى النّظّار فاحتجبا

كالخود ألقت رواق الخدر ناظرة

ثم استردت حياء فوقها الطّنبا

وقال ابن الأبار فيه [2] : [الوافر]

ألم تر للخسوف وكيف أودى

ببدر التمّ لمّاع الضياء

كمرآة جلاها الصّقل حتى

أنارت ثم ردّت في غشاء

قال إبراهيم المرادي ملغزا في القمر [3] : [السريع]

دع ذا وقل للناس ما طارق

يطرقكم جهرا ولا يتّقي

ليس له روح على أنه

يركب ظهر الأدهم الأبلق

شيخ يرى آدم في عصره

وهو إلى الآن بخدّ نقي

وهو بوسط السجن مع قومه

لا ينزوي عن نهجه الضّيّق

هذا ويمشي الأرض في ليلة

أعجب به من موثق مطلق [4]

وتارة يوجد في مغرب

وتارة يوجد في مشرق

وتارة تنظره سابحا

يسري بساط البحر كالزورق [5]

وتارة تلقاه في لجّة

من فوقه الماء ولم يغرق

وتارة تحسبه وهو في

سير به والبعض منه بقي

ذبابه من صارم مرهف

وتارة من جفنه المطبق

يرنو إلى عرس له حسنها

يختطف الأبصار بالرونق

حتى إذا جامعها يرتدي

بحلة سوداء كالمحرق

وهو على عادته إنما

يجامع الأنثى ولا يلتقي [6]

ثم يجوب القفر من أجلها

مشتملا في مطرف أزرق

[1] ورد البيتان في تحفة القادم ابن الأبار ص 116.

[2]

البيتان في ديوان ابن الأبار بعناية عبد السلام الهراس، ط تونس 1985 ص 54، وتحفة القادم ص 116.

[3]

تنظر القصيدة في نهاية الأرب 1/55.

[4]

بعد هذا بيت في نهاية الأرب لم يرد في الأصول، وهو:

فتارة ينزل تحت الثرى

وتارة وسط السما يرتقي

[5]

في ش: يسري بساط الأرض.

[6]

في ب، ش، ل: وهو على عادته إنما.

ص: 235

حتى إذا قابلها ثانيا

تشكه بالرمح في المفرق

وبعد ذا تلبسه حلّة

يا حسنه في لونها المونق [1]

فجسمه من ذهب جامد

وجلده صيغ من الزئبق

ثم يرى في حين إتمامه

مثل مجنّ الحرب للمتّقي

وهو إذا أبصرته هكذا

أملح من صاحبة القرطق

كأنّه وجه المعزّ الذي

تاه به الغرب على المشرق

قال الإمام أبو بكر عبد الله بن علي بن ضائن بن عبد الجليل الفرغاني، أحد أئمة الحنفية الكبار، في المذهب والخلاف والحديث، والنحو واللغة، وأحد أفراد الدهر، مات سنة 414 هـ:[المتقارب]

تخيّر فديتك صدق الحديث

ولا تحسب الكذب أمرا يسيرا

فمن آثر الصدق في قوله

سيلقى سرورا ويرقى سريرا [2]

ومن كان بالكذب مستهترا

سيدعو ثبورا ويصلى سعيرا

استعمل مثل هذا الإمام للاقتباس في الشعر حجة في جوازه.

قال أبو محمد عبد الله بن محمد الزوزني [3] : [مخلع البسيط]

لما رأيت الزمان نكسا

وليس في الحكمة انتفاع

كلّ رئيس به ملال

وكلّ رأس به صداع

وكلّ نذل به ارتفاع

وكلّ حر به اتضاع

لزمت بيتي وصنت عرضا

به عن الذلّة امتناع

وأجتني من ثمار قوم

قد أقفرت منهم البقاع

قال عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: [الطويل]

على زهرة الدنيا السلام من امرىء

يرى كلّ ما فيها يزول ويذهب

قال الشهاب القوصي في معجمه: أنشدني رشيد الدين عبد الله بن نصر القوصي

[1] في ع: تلبسه خلعة.

[2]

في ب، ط، ل: ويلقى سريرا.

[3]

عبد الله بن محمد بن يوسف الزوزني: أديب مشهور من الشعراء حسن الكلام، غزير العلم، سمع الحديث، كثير النوادر، توفي سنة 431 هـ. (فوات الوفيات 2/495) . الأبيات في فوات الوفيات 2/495، ويتيمة الدهر الجزء الثالث، مع خلاف في رواية بعض الأبيات.

ص: 236

لنفسه: [الرمل]

عللونا فالشفا من شوركم

وكذا جنّتنا من سوركم [1]

فارفعوا سجفكم كي نهتدي

وانظرونا نقتبس من نوركم

قال: وأنشدني لنفسه: [مجزوء الرجز]

هذا غزال فاتن

بطرفه وشعره

يريد أن يخرجكم

من أرضكم بسحره

قال صفي الدين عبد الله بن يحيى البغدادي [2] ، يمدح المستضىء بالله [3]، على وزنين وقافيتين [4] :[الكامل]

جود الإمام المهتدي غمامة للمجتدي

تروي بها آماله

منح الورى منه بأبلج في الشدائد منجد

معدومة أمثاله

إنّ الخليفة بالخليفة في المكارم تقتدي

فدليلها أفعاله

وبجوده الحيران منها في النوائب يهتدي

فسراجها أفضاله [5]

قال السماح وقد حبا أكرم به من مرفد

مبذولة أمواله

أحيا مناقب جده العباس عمّ محمّد

فبذاك تمّ جلاله

خجل الحيا بسخائه متبرعا بندى ند

متتابع هطاله

جود السحاب بمائه والمستضىء بعسجد

فاعتاقه إخجاله

قال ابن الجوزي في قوله تعالى: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ

[6]

، يفتخر فرعون بنهر ما أجراه ما أجراه، وقال وقد طرب الجمع: فهمتم، فهمتم.

لما توفي الإمام أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي، كتب أبو النضر عبد الجبار إلى

[1] شوركم: الشور، جني العسل.

[2]

الأجل صفي الدين: أبو القاسم عبد الله بن زعيم الدين بن جعفر، مشبوب الذكاء محبوب اللقاء، له شعر يقطر منه ماء السلامة، وينشر به عرف الرياسة. (الخريدة العماد الأصفهاني القسم العراقي 1/198) .

[3]

المستضىء بالله: الحسن بن يوسف بن محمد بن عبد الله ابن المستنجد، بويع بالخلافة بعد وفاة والده وعمره عشرون سنة، كان رحيما حليما سهل الأخلاق كريما، توفي سنة 575 هـ. (فوات الوفيات 1/270، الكامل- ابن الأثير 11/132) .

[4]

الشعر في الخريدة 1/198 القسم العراقي.

[5]

بعد هذا بيت في الخريدة ولم يرد في الأصول، وهو:

ورد الرجاء به على أحلى مراشق ورد

معذوذب سلساله

[6]

الزخرف 51.

ص: 237

ولده الإمام أبي الطيب سهل [1] يعزيه فيه [2] : [البسيط]

من مبلغ شيخ أهل العلم قاطبة

عني رسالة محزون وأوّاه

أولى البرايا بحسن الصبر محتسبا

من كان في فتيّاه توقيعا عن الله

قال الذهبي، حدثنا ابن الدباهي قال: سمعت الشيخ كتيلة عبد الله بن أبي بكر البغدادي يقول: كنت على سطح يوم عرفة ببغداد، وأنا مستلق على ظهري، قال: فما شعرت إلا وأنا واقف بعرفة مع الركب سويعة، ثم لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلق، قال: فلما جاءني الركب، جاءني إنسان صارخا، فقال: يا سيدي، أنا حلفت بالطلاق أني رأيتك بعرفة العام، وقال لي جماعة أنت واهم، الشيخ لم يحج العام، قال:

فقلت له: امض لم يقع عليك حنث.

قال الشهاب القوصي في معجمه: أنشدني بليغ الدين عبد الله بن محمد بن عبد الغفار القسنطيني النحوي لنفسه لغزا في الفرزدق وجرير: [الطويل]

رأيت جريرا والفرزدق فوقه

بخيف منى لم يخش عارا ولا إثما

فألقيت في النار الفرزدق بعد ما

لطمت محياه ولم أقترف ظلما

ولولا جرير ما ذكت نارنا له

فلما ذكت أضحى جرير بها فحما

الفرزدق قطع العجين، والجرير هو الحبل.

قال الوزير أبو المعالي هبة الله بن المطلب الكرماني: رأيت في المنام قائلا يقول: [الطويل]

إذا كان لله البقاء وكلّنا

يصير إلى موت فماذا التنافس

قال أبو الفضل عبد المنعم بن عمر الجلياني [3] : [الطويل]

وأبخس شىء حكمة عند جاهل

وأهون شىء فاضل عند عالم

فلو زفّت الحسناء للذئب لم يكن

يرى قربها إلا لأكل المعاصم

[1] أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان بن محمد الصعلوكي: الفقيه النيسابوري الشافعي، كان فقيه نيسابور، أخذ الفقه عن أبيه أبي سهل الطيب الصعلوكي، وكان أبو الطيب يقال له الإمام، عديم النظير في علمه وديانته، توفي في المحرم سنة 387 هـ. (وفيات الأعيان 3/342، الوافي بالوفيات 3/124، طبقات الشافعية 2/161) .

[2]

البيتان في وفيات الأعيان 3/342.

[3]

عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن أحمد: أبو الفضل، حكيم الزمان الجلياني الغساني الأندلسي، كان أديبا فاضلا طبيبا حاذقا، له معرفة بعلوم الباطن، رحل من الأندلس ودخل بغداد وغيرها، ومدح السلطان صلاح الدين الأيوبي، توفي سنة 602 هـ. (فوات الوفيات 2/37) . والبيتان ساقطان من نسخة ب.

ص: 238

وقال أيضا: [البسيط]

قالوا نرى نفرا عند الملوك سموا

وما لهم همّة تسمو ولا ورع

وأنت ذو همّة في الفضل عالية

فلم ظميت وهم في الجاه قد كرعوا

فقلت باعوا نفوسا واشتروا ثمنا

وصنت نفسي فلم أخضع كما خضعوا

قد يكرم القرد إعجابا بخسته

وقد يهان لفرط النخوة السّبع

وقال أيضا [1] : [مخلع البسيط]

بذلت وقتا للطبّ كي لا

ألقى بني الملك بالسؤال

وكان وجه الصواب في أن

أصون نفسي عن ابتذال

لا بدّ للجسم من قوام

فخذه من جانب اعتدال

واقرب من العز في اتضاع

واهرب من الذلّ في المعالي

قال أبو بكر عتيق بن محمد الوراق التميمي (وزنه خارج عن أبحر العروض) :

أورد قلبي الردى

لام عذار قد بدا

أسود كالغيّ في

أبيض مثل الهدى

قال الصلاح الصفدي: هما بيت واحد من البسيط في أصل الدائرة.

قال أبو الحسن علي بن الحسن العبدري [2] : [السريع]

لا تسلك الطّرق إذا أخطرت

لو أنّها تفضي إلى المهلكه

قد أنزل الله تعالى: ولا

تلقوا بأيديكم إلي التّهلكه [3]

قال سيف الدين بن قزل المشد [4] : [الطويل]

أيا ملكا تأتي الخماص لبابه

وتغدو بطانا من نوال ومن جاه

إذا جاء نصر الله والفتح بعده

وتبت يدا الأعداء فالحمد لله

[1] أبيات عبد المنعم الجلياني هذه وما سبقها في فوات الوفيات 2/37.

[2]

علي بن الحسن بن إسماعيل بن أحمد العبدري: من أهل البصرة، يعرف بابن المقلة، وهو شيخ فاضل له معرفة بالأدب والعروض، وله كتب وتصانيف في ذلك، ويقول الشعر ويترسل، توفي سنة 599 هـ. (معجم الأدباء 13/89، أنباه الرواة 2/243) . والبيتان في أنباه الرواة 2/243.

[3]

قوله: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) تضمين للآية 195 من سورة البقرة.

[4]

سيف الدين المشد: علي بن عمر بن قزل بن جلدك التركماني الياروقي، الأمير سيف الدين المشد، صاحب الديوان المشهور، ولد بمصر، وتوفي بدمشق سنة 656 هـ. (فوات الوفيات 2/128، النجوم الزاهرة 7/64) .

ص: 239

وقال في فقير أعمى: [الخفيف]

يقتدي في طريقه بالحريري

ويبغي مذاهب الصوفيّه

أعجميّ اللسان حلو الثنايا

عنه تروى الحلاوة العجميّه

وقال [1] : [الكامل]

فصل كأنّ البدر فيه مطرب

يبدو وهالته لديه طاره

والشمس في أفق السماء خريدة

والجوّ ساق والأصيل عقاره

وكأنّ قوس الغيم جنك مذهب

وكأنّما صوب الحيا أوتاره [2]

وقال علاء الدين علي بن مظفر الوداعي: [مجزوء الرجز]

يوم يقول بشكله

قوموا اعبدوا الله الأحد

قزح كمحراب بدا

والبرق قنديل وقد

والرعد فيه مسبّح

حبّات سبحته برد

وقال: [الوافر]

أرى الكتّاب والحسّاب فيهم

لصوص يسرقون الناس طرّا

فقوم يسرقون اللفظ جهرا

وقوم يسرقون المال سرّا

قال يحيى بن يوسف الصرصري [4] الشاعر المشهور، في عدّ خلفاء بني العباس [5] :[الطويل]

لكرب بني العباس سفاحهم جلا

وجرّ لمنصور ومهدي الولا

وهاد وهارون الرشيد تلاهما

أمين ومأمون ومعتصم الملا

وواثقهم من بعده متوكل

ومنتصر والمستعين بنو العلا

وطاب بمعتز جنى مهتد كما

بمعتمد عيش لمعتضد حلا

ومكتفيا فاعدد ومقتدرا وقد

تلا قاهرا راض كذا المتقي تلا

ومستكفيا ثم المطيع وطائعا

وقادرهم والقائم أعدد محصلا

[1] الأبيات في فوات الوفيات 2/128.

[2]

الجنك: الطنبور، وهو آلة من آلات الطرب.

[3]

في ب، ش، ل: يوم يقول.

[4]

الصرصري: يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور: جمال الدين الشيخ العلامة الزاهد الضرير البغدادي الحنبلي اللغوي، صاحب المدائح النبوية، قتله التتار يوم دخلوا بغداد سنة 656 هـ. (نكت الهميان ص 309، البداية والنهاية 13/211، شذرات الذهب 5/285، مرآة الجنان 4/147) .

[5]

ينظر في تراجم خلفاء بني العباس وسني حكمهم تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 111- 195.

ص: 240

وبالمقتدي مستظهر ساد مثلما

بمسترشد والراشد المقتفي علا

بمستنجد والمستضىء وناصر

وظاهر والمستنصر احتل معقلا [1]

ومستعصم لا زال بالنصر قاهرا

لأعدائه ما حنّت العيس في الفلا

ولا زال أعواد المنابر في العلا

بذكر بني العباس ناضرة العلا

قتل الصرصري في فتنة التتار سنة 656 هـ.

قال أبو سهل الكسروي: [الوافر]

فتبّا للعلوم وحامليها

وأعلمهم يبيت بلا عشاء

ويضحي والكلاب أعزّ منه

غداة الصيد في طلب الظّباء [2]

وقال أبو الحسن العقيلي: [السريع]

وقائل ما الملك قلت الغنى

فقال لا بل راحة القلب

وصون ماء الوجه عن بذله

في نيل ما ينفد عن قرب

وقال العماد الكاتب [3] : قرأت في تاريخ ابن السمعاني قال: سمعت أبا الفتح عبد الرحمن بن أبي الغنائم الشيباني [4] المعروف بابن الأخوة الأديب الكاتب يقول: رأيت في منامي منشدا ينشدني هذين البيتين: [الطويل]

أعاتب فيك اليعملات على النوى

وأسأل عنك الريح من حيث هبّت

وأطبق أحناء الضلوع على جوى

جميع وصبر مستحيل مشتّت

قال أبو الفتح: فلما انتبهت، جعلت دأبي السؤال عن قائل هذين البيتين مدة، فلم أجد مخبرا عنهما، ومضى على ذلك مدة سنتين، ثم اتفق نزول أبي الحسن علي بن مسهر في ضيافتي، فتجارينا في بعض النكت إلى ذكر المنامات، فذكرت له حال المنام الذي رأيته، وأنشدته البيتين المذكورين، فقال: أقسم بالله إنهما من شعري، من جملة قصيدة، قال:

فعجبنا من هذا الاتفاق./

[1] إلى هنا تنتهي نسخة ط.

[2]

عجز البيت والبيت بعده ساقطان من نسخة ع، واختلطا بالبيتين بعدهما.

[3]

العماد الكاتب: محمد بن بحر صفي الدين ابن نفيس الدين حامد الأصبهاني، مؤرخ وعالم بالأدب، من أكابر الكتاب، له تصانيف منها: خريدة القصر، والفتح القسي في الفتح القدسي، والبرق الشامي، والسيل على الذيل في تاريخ بغداد، توفي سنة 597 هـ. (وفيات الأعيان 2/24، الوافي بالوفيات 1/133) .

[4]

ابن أبي الغنائم: عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن عبد الغفار بن الأخوة، له معرفة بالأدب واللغة، وكان يحفظ أشعارا كثيرة وأحوالا للناس عجيبة من المنامات. (انباه الرواة 2/168) .

ص: 241

وقال أبو الحسن الموسوي في الدينار البرمكي: [الكامل]

إنّ البرامكة الذين تقدموا

عن عصرنا نهبوا بيوت المال

ضربوا على شكل الرحى دينارهم

ليدور ذكرهم على الأحوال

وقال البدر يوسف بن لؤلؤ الذهبي وقد جهز إليه دراهم عليها أسود: [المتقارب]

رددت الحوادث عني وقد

دهتني كتائبها والجنود

وأنجدتني بالجياد التي

بعثت بها وعليها الأسود

ألف الوزير جمال الدين علي بن يوسف القفطي كتاب نهزة الخاطر ونزهة الناظر في أحاسن ما نقل من ظهور الكتب.

قال عمارة بن حمزة الكاتب من ولد عكرمة مولى ابن عباس: [السريع]

لا تشكون دهرا صححت به

إنّ الغنى في صحة الجسم

هبك الإمام أكنت منتفعا

بغضارة الدنيا مع السقم

قال أبو الفتح نصر بن سيار الأزدي [1] : [الكامل]

وبدا لنا بدر الدجى والليل قد

شمل الأنام بفاضل الجلباب

غطى الكسوف عليه إلا لمعة

فكأنه حسناء تحت نقاب

قال بعضهم: [البسيط]

إن كان في العيّ آفات مقدّرة

ففي البلاغة آفات تساويها

بعضهم: [الوافر]

ويا عجبا لمن ربّيت طفلا

ألقّمه بأطراف البنان

أعلّمه الرماية كلّ يوم

فلما اشتدّ ساعده رماني

أعلمه الفتوة كلّ يوم

فلما طرّ شاربه جفاني

وكم علمته نظم القوافي

فلما قال قافية هجاني [2]

قال الأبيوردي يرثي الغزالي [3] : [البسيط]

[1] نصر بن سيار الأزدي: القاضي أبو الفتح، يقول عنه صاحب الدمية: له شعر بحوافز الإجادة سيار، وبقوادم الإصابة طيار، وولي القضاء والزعامة. (دمية القصر 2/851) .

[2]

البيتان الثاني والرابع لمعن بن أوس المزني في ديوانه ص 72.

[3]

الغزالي: محمد بن محمد بن محمد أبو حامد، فيلسوف متصوف له نحو مائتي مصنف منها: إحياء علوم الدين، وتهافت الفلاسفة، ومقاصد الفلاسفة، وفضائح الباطنية، وغيرها، أصله من خراسان، ورحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد، فالحجاز فبلاد الشام فمصر، وعاد إلى بلدته، توفي سنة 505 هـ. (طبقات الشافعية 4/101، وفيات الأعيان 1/463، الوافي بالوفيات 1/277، اللباب 2/170) .

ص: 242

بكى على حجة الإسلام حين ثوى

من كلّ حيّ عظيم القدر أشرفه

وما لمن يمتري في الله عبرته

على أبي حامد لاح يعنّفه

تلك الرزيّة تستهوي قوى جلدي

والطرف يسهره والدمع ينزفه

فما له خلّة في الدهر منكرة

ولا له شبه في الخلق نعرفه

مضى وأعظم مفقود فجعت به

من لا نظير له في الخلق يخلفه

لغز في النّدّ الذي يتبخر به، من إنشاء الشهاب محمود:

ما اسم مملوك إن عذبته يوم نعيمك ضاع، وإن اتصف به شىء من نعمك ضاع [1] ، وإن حرّفته كان شركا حتما، وإن صحّفته كان إثباته كفرا، واقتناؤه إثما، إن نفيته بعد ذلك كان حكما لازما وأمرا جزما، وهو مركب لا يمتنع صرفه مع التركيب، مثلث لا يتعذر تصنيفه على أديب، إن أسقطت نصفه كان حرفا، وإن عكست مجموعه كان ظرفا، وإن حرّفت معكوسه كان بالنفي أمرا، أو لحصول المكافأة عذرا، بعضه حيوان لا قلب فيه، ذو جناح لا في البر تجده ولا في الجو تلتقيه، وهو رب لأمة ولا ترهبه، وصاحب شوكة ولا تتقيه، مفرد وضعا، مثلث أصلا وفرعا، وهو من أقسام آيات الكتاب، وأقسام آلات الكتّاب، إن بان مفرقا فكالهلال في وصفه، أو مجموعا فكالروض النضير في عرفه، وهو داخل في حدّ أحد الأقسام المحببة إلى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام./

أخرج أحمد في مسنده عن أنس أن معاذا قال: يا رسول الله، أرأيت إن كانت علينا أمراء لا يستنون بسنتك، ولا يأخذون بأمرك، فما تأمر في أمرهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا طاعة لمن لم يطع الله)[2] .

وأخرج ابن أبي شيبة، عن عليّ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا [3]، قال: فأغضبوه في شىء، فقال:

اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له حطبا، قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا نارا، قال: ألم يأمركم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، فأبوا، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فقال:(لو دخلوها ما خرجوا منها، أنما الطاعة في المعروف)[4] .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على المرء المسلم السمع

[1] قوله: (وإن اتصف به شىء من نعمك ضاع) ساقط من نسخة ب.

[2]

مسند أحمد بن حنبل 3/213، مجمع الزوائد 5/225، فتح الباري لابن حجر 13/123.

[3]

في ب، ل: ويطيعوه.

[4]

البداية والنهاية لابن كثير 7/143.

ص: 243