الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس ذا منكرا على من
…
مرّت عليه سبعون عاما
وعن قريب أحلّ قبرا
…
أطيل في قفره المقاما [1]
فبلغوا من لقيتموه
…
بعدي يا إخوتي السلاما
قال السلفي [2] في معجم السفر [3] : سمعت أبا عبد الله محمد بن بركات بن هلال النحوي، يقول: قلت للقاضي أبي عبد الله القضاعي عند قراءتي عليه كتاب الشهاب، في قول النبي صلى الله عليه وسلم، حاكيا عن الله تعالى: يا دنيا مرّي على عبادي ولا تحلولي لهم فتفتنيهم، وكان نسخته بضم الميم، هو من المرور أو من المرارة؟ فقال:
من المرارة، أما ترى، ولا تحلولي؟ فقلت: إذن يجب أن يكون بفتح الميم، فقال:
صدقت، وأصلحه بكتابه.
وقال السلفي أيضا: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الغني بن الحسن الربعي التونسي يقول: سمعت أبا علي الحسن بن خلف بن علي التميمي بطرابلس، يقول:
استشهدت مرة ببيت شعر، فقال لي: من أنشدك إياه؟ ألك فيه رواية؟ فقلت: لا، فقال: كيف تستشهد بشىء لا رواية لك فيه؟ فلم آخذ بعد ذلك علما إلا رواية بإسناد.
في تذكرة ابن مكتوم
وقع في نظم القاضي أبي الحكم مالك بن عبد الرحمن بن المرحل المالقي [4] : كان ماذا، بتقديم كان على اسم الاستفهام، فأنكر عليه الأستاذ النحوي أبو الحسين عبيد الله بن أبي الربيع [5] جريا على قاعدة النحو في منع تقديم العامل على اسم الاستفهام، فصنف عليه أبو الحكم في جواز ذلك كتابا بيّن أن ذلك مسموع من كلام العرب، وهزأ به، وقال في
[1] في ع، وبغية الوعاة: أطيل في قعره المقاما.
[2]
السلفي: أبو طاهر صدر الدين أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني، من علماء الحديث المكثرين، كانت له مدرسة بالاسكندرية، من كتبه: معجم السفر، ومعجم شيوخ بغداد، والفضائل الباهرة في مصر والقاهرة، توفي سنة 576 هـ. (طبقات الشافعية 6/32، وفيات الأعيان 1/87، حسن المحاضرة 1/871) .
[3]
نشر إحسان عباس جزءا من معجم السفر باسم: (أخبار وتراجم أندلسية) ط 2 دار الثقافة، بيروت 1979.
[4]
مالك بن عبد الرحمن المالقي: شاعر وأديب، نعت بشاعر أهل المغرب، وهو من علماء النحو، ولي القضاء بجهات غرناطة، له ديوان شعر وأرجوزة في النحو، توفي سنة 699 هـ. (بغية الوعاة 2/271) .
[5]
عبيد الله بن محمد بن أبي الربيع: إمام النحاة في زمانه، قرأ النحو على الدباج والشلويين، ولم يكن في طلبة الشلويين أنجب منه، هاجر إلى سبتة بعد استيلاء الفرنج على أشبيلية، من مؤلفاته: شرح سيبويه، وشرح الجمل، والملخص، توفي سنة 688 هـ. (بغية الوعاة 2/125) .
ذلك [شعرا][1] أنشدنيه شيخنا أبو حيان [2] : [مجزوء الرمل]
عاب قوم كان ماذا؟
…
ليت شعري لم هذا؟
وإذا عابوه جهلا
…
دون علم كان ماذا؟
ومن شعر ابن المرحل هذا: [الطويل]
وما أنا إلا عالم كل عالم
…
ففي الشعر حسان وفي الفقه مالك
ومملكة الآداب عندي كلها
…
وما تستوي عند الملوك الممالك
أنخّل أشعاري بمنخل حكمتي
…
وأعجنها بالنظم وهي درامك [3]
ويسرقها غيري ويأكل خبزها
…
ويرمى به في الأرض وهي مرادك
وفي تذكرة ابن مكتوم أيضا: أبو نصر بن مميل الشيرازي، سمع الثلث الأول من تاريخ دمشق متواليا على مؤلفه، وسمع الأربعين الطوال له، وسمع مقامات الحريري من أبي الظفر محمد بن أسعد البغدادي، عن الحريري./ أبو الحسن علي بن منصور بن طالب الحلبي الملقب دوخلة، ويعرف بابن القارح، كان شيخا من أهل الأدب، وهو الذي كتب إلى أبي العلاء المعري، رسالة مشهورة تعرف برسالة ابن القارح، وأجابه المعري برسالة الغفران.
الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي الفضل هبة الله الحلبي المعروف بابن العديم، من مصنفاته: ضوء الصباح في الحث على السماح، والأخبار المستفادة في ذكر بني أبي جرادة، ودفع التجري على أبي العلاء المعري، والإشعار بما للملوك من النوادر والأشعار، توفي سنة ستين وستمائة.
قال ابن سينا [4] : واضع النحو والعروض في العربية، يشبه واضع المنطق والموسيقا في اليونانية. قال علاء الدين [5] علي بن المظفر الوداعي [6] :[الطويل]
لنا صاحب قد هذّب الطبع شعره
…
فأصبح عاصيه على فيه طيّعا
[1] زيادة يقتضيها السياق.
[2]
أبو حيان: محمد بن يوسف بن علي: أشهر علماء النحو في عصره، له البحر المحيط، ونحاة الأندلس، توفي سنة 745 هـ. (بغية الوعاة 1/280) ، والبيتان في بغية الوعاة 2/271، ونفح الطيب 4/145.
[3]
الدرمك: دقاق كل شىء، والتراب الناعم، والدقيق الأبيض.
[4]
ابن سينا: الحسين بن عبد الله بن سينا، أبو علي الفيلسوف الرئيس، عالم بالطب والطبيعيات والفلسفات والإلاهيات، من مؤلفاته: القانون، والإشارات، توفي سنة 428 هـ. (وفيات الأعيان 1/419) .
[5]
الوداعي: علي بن المظفر بن إبراهيم الكندي، أديب شاعر من أهل الاسكندرية، دخل ديوان الإنشاء، وولي مشيخة دار الحديث النفيسية عشرين سنة، له التذكرة الكندية 50 جزءا، وديوان شعر، توفي سنة 716 هـ. (الوافي بالوفيات 2/87، الدرر الكامنة 3/114، النجوم الزاهرة 9/235) .
[6]
البيتان في فوات الوفيات 3/100.
إذا خمّس الناس القصيد لحسنه
…
فحقّ لشعر قاله أن يسبّعا
وقال أيضا [1] : [السريع]
روّ بمصر وبسكّانها
…
شوقي وجدّد عهدي البالي
وصف لي القرط وشنّف به
…
سمعي وما العاطل كالحالي
وارو لنا يا سعد عن نيلها
…
حديث صفوان بن عسّال
فهو مرادي لا يزيد ولا
…
ثورا ولو رقّا وراقا لي [2]
وقال: [الهزج]
رمتني سود عينيه
…
فأصمتني ولم تبطي
وما في ذاك من بدع
…
سهام الليل ما تخطي
وقال [3] : [الطويل]
ولا تسألوني عن ليال سهرتها
…
أراعي نجوم الأفق فيها إلى الفجر
حديثى عال في الشمال لأنّني
…
أخذت الأحاديث الطّوال عن الزّهري
وقال: [مجزوء الرمل]
أيّها الجنديّ كم تج
…
بن عن ملقى الخصوم
إنّ أكل الخبز بالجب
…
ن مضرّ بالجسوم
وقال: [المجتث]
يا لائمي في هواها
…
أفرطت في الحبّ جهلا
ما يعلم الشوق إلّا
…
ولا الصبابة إلّا
وقال: [الرمل]
امرؤ القيس بن حجر جدّنا
…
كان من أعجب أملاك الزّمان
ضلّ لمّا ظلّ يبغي ملكهم
…
وهدى الناس إلى طرق المعاني
وقال: [المجتث]
ما آلة الخطّ إلّا
…
كآلة الحرث فعلا
ما أدخلت دار قوم
…
إلا وصاروا أذلّا
[1] الأبيات في فوات الوفيات 3/100، ونفح الطيب 2/405.
[2]
يزيد: نهر بدمشق ينسب إلى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، مخرجه وبردى واحد. ثورا: في ب، ش، وكذلك في نفح الطيب: ثور، والصواب: ثورا: بالفتح والقصر، اسم نهر بدمشق. (ياقوت: يزيد، ثورا) .
[3]
البيتان في الدرر الكامنة 3/115.
وقال: [الرمل]
أيّتها النفس ثقي من خالقي
…
بدوام الرزق ما احتجت إليه
يرزق الكلب ولا يرزقني
…
أين إكرامي وتفضيلي عليه
قال السراج الوراق [1] : [الخفيف]
ربّ شعر مستغلق اللفظ والمع
…
نى تورات عنه وجوه الفصاحه
كلّ بيت وراء ستر إذا كش
…
شفت عنه وجدته بيت راحه [2]
وقال: [الطويل]
وما منّة الخباز عندي قليلة
…
لقرضي منه وهو في عسرتي يقضي
وقد كنت مثل الليث أكلي فريستي
…
فقد صرت مثل الفأر أكلي بالقرض [3]
قال الشيخ بهاء الدين السبكي [4] وهو معتكف: [الطويل]
حلفت يمينا لا أكلّم واحدا
…
مدى الصوم إلا خادمي وغلامي
مخافة أن يطغى لساني بغير ما
…
يحلّ فيرميني بنقص صيامي
فأجابه الشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدميري [5] : [الطويل]
يمنك يا مولاي برّ وطاعة
…
وقولك مقبول بغير علام
ولكن إذا خاطبت أهل زماننا
…
فلا حنث يلفى عنده لكلام
فانّك مولاهم وسيد عصرهم
…
وهم لك غلمان أتوا لسلام
وأنت الذي تفتي إذا سأل الورى
…
وترشد من صلّى بغير إمام
فصومك مبرور مثاب مضاعف
…
وقصدي يحوي فيك كلّ نظام
[1] الوراق: عمر بن محمد بن حسن، سراج الدين الوراق، شاعر مصر في عصره، ابن كاتبا لواليها يوسف بن سباسلار، له ديوان شعر في سبعة مجلدات، وله نظم درة الغواص، توفي سنة 695 هـ (النجوم الزاهرة 8/83، فوات الوفيات 3/140) .
[] في ب: إذا ما كشفت، بزيادة (ما) وبها يختل الوزن.
[3]
في ب، ل: آكل فريستي
…
أكلي بالقراض.
[4]
السبكي: أحمد بن علي بن عبد الكافي، أبو حامد، بهاء الدين، ولي قضاء الشام، وكان كثير الرحلات، له: عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، وشرح الحاوي، توفي بمكة سنة 773 هـ. (الدرر الكامنة 1/210، حسن المحاضرة 1/435، البدر الطالع 1/81) .
[5]
الدميري: محمد بن موسى بن عيسى، أبو البقاء، كمال الدين، أديب من فقهاء الشافعية، عمل بالخياطة، ثم اتجه لطلب العلم، كانت له حلقة بالأزهر، له مؤلفات منها: حياة الحيوان، والديباجة، وأرجوزة في الفقه، توفي بالقاهرة سنة 808 هـ. (الضوء اللامع للسخاوي 10/59، الفوائد البهية ص 203، مفتاح السعادة 1/186) .
وإن فاتنا منك الخطاب فلا تدع
…
دعاء لنا في الليل عند قيام
لعلي أنجو من ذنوب أتيتها
…
ومن قبح فعل زائد وأثام
قال الأديب برهان الدين القيراطي [1]، يرثي الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي [2] :[الخفيف]
إنّ شمس العلوم والآداب
…
قد توارت عن الورى بحجاب
غربت واختفت وكم قد أفادت
…
من غريب يخفى على الطلّاب
صغت يا صائغ المعاني حليّا
…
وعقودا في صدر كلّ كتاب
ذهب القول صغته أيّ صوغ
…
لهف عيني عليك بعد ذهاب [3]
فبروج العينين مائية إذ
…
سرت يا شمس نحو برج تراب
ليت شعري من ذا يفوه بشعر
…
بعده أو خطابة في خطاب
أظلمت بعده المطالع لّما
…
غاب عن أفقهنّ أيّ غياب
لبعضهم يمدح الشيخ جمال الدين الإسنوي [4]، وكتابه المسمى الكوكب الدري:[الطويل]
حويت جمال الدين علما ورفعة
…
وسدت على الشمس المنيرة والبدر
وألّفت كتبا لا عدمتك بعدها
…
هدانا إليها ذلك الكوكب الدرّي
وقال آخر: [الطويل]
لأنت جمال الدين علّامة العصر
…
وأنت إمام الناس في سالف الدّهر
تفقّه خلق لا يعدّن كثرة
…
عليك فصاروا في الأنام ذوي قدر [5]
[1] القيراطي: إبراهيم بن عبد الله بن محمد الطائي، القيراطي، نسبة إلى قيراط، وهي من أعمال الشرقية، شاعر من أعيان القاهرة، اشتغل بالفقه والأدب، وله ديوان شعر، جاور مكة وتوفي بها سنة 781 هـ.
(الدرر الكامنة 1/31، النجوم الزاهرة 11/198، شذرات الذهب 6/269) .
[2]
ابن الصائغ: محمد بن عبد الرحمن بن علي بن شمس الدين الحنفي، من علماء مصر باللغة والأدب والنحو والفقه، تولى قضاء العسكر، وإفتاء دار العدل، ودرّس بالجامع الطولوني، له من المصنفات: التذكرة في النحو، ونتائج الأفكار، والمنهج القويم في القرآن الكريم، توفي سنة 776 هـ. (بغية الوعاة 1/155، الدرر الكامنة 3/441) .
[3]
في ع: ذهب القوم.
[4]
الإسنوي: جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الشافعي، ولد باسنا، وقدم القاهرة، وانتهت إليه رياسة الشافعية، وولي الحسبة، ووكالة بيت المال، له من المصنفات: الكوكب الدري، وجواهر البحرين، والأصول، توفي سنة 772 هـ. (الدرر الكامنة 2/354، حسن المحاضرة 1/429، النجوم الزاهرة 11/114) .
[5]
في ع: ذوو قدر.
أتوك من الأمصار من كلّ وجهة
…
لكي يأخذوا عنك العلوم إلى مصر
فنالوا بحمد الله ما أمّلوه من
…
علومك ذات النفع للناس واليسر
وبثّوا لخلق الله تلك العلوم في
…
جميع بقاع الأرض في السهل والوعر
فلا بلدة فيها من الناس عالم
…
يرى غير منسوب إليك بلا نكر
وقد أظهرت للعلم منك جواهر
…
وما الجوهر المكنون إلا من البحر
وألّفت عقدا للعلوم مكمّلا
…
وقلّدته الأعناق من أنفس الدرّ
ومهّدت طرقا للعلوم مهمّة
…
إليها اهتدينا منك بالكوكب الدرّي
جزاك إله العرش كلّ مثوبة
…
وأبقاك في خير تأيّد بالنصر
وقال أبو بكر بن عثمان بن أبي بكر بن العجمي: [الطويل]
أزهر الدراري لحن في أفق السّما
…
أم الزهر في الروض الأريض تنمنما
أم الوشي من صنعاء حاك مطارفا
…
موشعة فافتنّ فيها ورقّما [1]
أم السحر من هاروت أهدته بابل
…
فخامر عقل السامعين وهيّما
أم البحر قد أهدى إلينا جواهرا
…
على نسق وافت فرادى وتوأما
أم النور قد أهداه غبّ قطاره
…
إلينا جمال الدين حين تكلما
بتمهيده ردّ الفروع لأصلها
…
سياسة حبر في العلوم تحكّما
وبالكوكب الدريّ كم قد هدى فتى
…
نحا نحوه من جهله وشفا العمى
بلفظ إذا رام النسيم لحاقه
…
تعثر في الأذيال منه وأحجما
وكيف يجاريه العليل وقد غدا
…
صحيح المعاني متقن الحكم محكما
فوائد تتلى بل فرائد تجتلى
…
تشنّف أسماع المريد تكرّما
فيسكر بالسحر الحلال وإنّه
…
حديث ولم يدر العتيق المحرّما
ففاضل به الماضين من كلّ مذهب
…
تجده على الإطلاق أعلى وأعلما
وليس سوى عبد الرحيم بفاضل
…
عهدنّاه يدعى قطّ فيمن تقدّما [2]
[1] في ب، ل:(موشقة) . موشعة: موشاة، برد موشع: موشى ذو رقوم وطرائق.
[2]
عبد الرحيم: هو القاضي الفاضل، عبد الرحيم بن علي بن السعيد اللخمي، وزير صلاح الدين، اشتهر بالإنشاء وكثرة الرسائل، له ديوان شعر، والدر النظيم في ترسل عبد الرحيم، وترسل القاضي الفاضل، ومن أقوال صلاح الدين فيه:(لا تظنوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم القاضي الفاضل) ، توفي سنة 695 هـ. (وفيات الأعيان 1/284، النجوم الزاهرة 6/156، كتاب الروضتين 2/241، خريدة القصر قسم شعراء مصر 1/35) .
فلا زال يهدي للرشاد مريده
…
ويهدى إلى الأسماع درّا منظّما [1]
وقال آخر: [البسيط]
إنّ الإمام جمال الدين ذو شرف
…
من العلوم له فضل بتمهيد
وكوكب قد سما في المجد غايته
…
فالزمهما تنل العليا بتسديد
وقال آخر: [الطويل]
رعى الله أرضا أطلعت عرصاتها
…
جمال جمال الدين قد فاقت المدنا
فان فاخرتها في السّنا غير مكة
…
وطيبة والقدس الشريف فهي إسنا
وقال نجم الدين عبد المحسن الموصلي: [السريع]
قد أصبح الشيخ لنا قدوة
…
أعني جمال الدين شيخ الأنام
وبات محسودا على فضله
…
وهل ترى يحسد إلا الكرام
وصار نجما من نجوم الهدى
…
خليفة للشافعي الإمام
فازدحم الناس على بابه
…
في طلب العلم ونيل المرام
كلّ يروم الشرب من بحره
…
والمنهل العذب كثير الزحام [2]
وقال آخر: [السريع]
في مصر بحر لعلوم الورى
…
وما مثل ذاك البحر في مصر
كوكبه الدريّ يهدى به
…
في ظلمات البرّ والبحر
وقال آخر: [السريع]
قد أطلع البحر لنا كوكبا
…
يهدى به في البرّ والبحر [3]
من ضلّ في نحو وفي فقهه
…
فليهتد بالكوكب الدّري [4]
وقال آخر: [الطويل]
لقد غاص هذا الحبر في بحر علمه
…
فعادت يداه بالجواهر والدرّ
[1] في نسخة ع، وفي هامش الأصل وب:(سمع هذه الأبيات على ناظمها الشرف محمد بن محمد بن أبي بكر القرشي، وابنته أم الفضل هاجر، في رجب سنة 794 هـ، وأجاز لهما، نقلته من خط الناظم في ظهر نسخته من الكوكب) . وفي هامش ب، ل:(قال صاحب الأصل المنسوخ منه هذا: رأيت بخط شيخنا المصنف على الهامش ما نصه: سمع هذه الأبيات على ناظمها الشرف محمد بن محمد بن أبي بكر القرشي وابنته أم الفضل هاجر في رجب سنة 794 هـ، وأجاز لهما، نقلته من خط الناظم في ظهر نسخته من الكوكب) .
[2]
عجز البيت تضمين لبيت لشاعر سابق ورد في كامل المبرد 1/622 ط الدالي، وهو:
يزدحم الناس على بابه
…
والمشرب العذب كثير الزحام
[3]
البيتان ساقطان من نسخة ع.
[4]
في الأصل، ب، ش، ل: فليهتدي، والصواب الجزم (فليهتد) .
فكم عاطل حلّاه جوهر بحره
…
وكم مظلم جلّاه كوكبه الدّري [1]
قال الأديب برهان الدين القيراطي [2] يرثي جمال الدين الإسنوي: [البسيط]
يا بحر بعدك ماء العين منهمل
…
والناس مذ غاب عنهم أنسكم همل [3]
إليك تضرب آباط المطيّ كما
…
بسيف ذهنك فينا يضرب المثل
فيا جليل صفات للتراب مضى
…
قد جلّل الأرض هذا الحادث الجلل
أبكي مصاب جمال الدين حين بكى
…
عليه من بفنون العلم يشتغل
سما ففي العلم قد فاقت فوائده
…
زهر السما وهي في الآفاق تنتقل
خلّى تصانيفه فينا عرائس من
…
جمالهنّ يزان الحلي والحلل
مكمّل بخلال قد شرفن فما
…
في عودها خور يلفى ولا خلل
زادت مهمّاته علم الأنام به
…
إنّ المهمّات فيها يعرف الرجل [4]
سقى ثراك من الغفران منهمر
…
وجاده من سحاب العفو منهمل
وقال القيراطي يرثي الشيخ بهاء الدين السبكي [5] : [الطويل]
ستبكيك عيني أيّها البحر بالبحر
…
فيومك قد أبكى الورى من ورا النهر
لقد كنت بحرا للشريعة لم تزل
…
تجود علينا بالنفيس من الدرّ [6]
لقد كنت في كلّ الفضائل أمّة
…
مقالة صدق لا تقابل بالنّكر
لقد كنت في الدنيا جليلا تعده
…
بنوها لتيسير الجليل من العسر
إليك يردّ الأمر في كلّ معضل
…
إلى أن أتى ما لا يردّ من الأمر
تعزّي بك الأمصار مصر لعلمها
…
بأنّك ما زلت العزيز على مصر
مضيت فما وجه الصباح بمسفر
…
وبنت فما ثغر الأقاحي بمفتر
[1] قوله: (مظلم جلاه) ساقطة من ب. وفي ش: وكم حائر أهداه، وفي ع: وكم هامل أهداه كوكبه الدري.
[2]
القيراطي: سبقت ترجمته، وللقيراطي قصيدة أخرى في رثاء الشيخ جمال الدين، ذكرها السيوطي في حسن المحاضرة 1/430، وهي اثنتان وتسعون بيتا، مطلعها:
نعم قبضت روح العلا والفضائل
…
بموت جمال الدين صدر الأفاضل
[3]
في ب، ش، ل: ماء العين ينهمل، وفي ب: بعد ماء العين.
[4]
في ب: علم الإمام.
[5]
سبقت ترجمة السبكي، وقد ذكر السيوطي واحدا وثلاثين بيتا من هذه القصيدة في حسن المحاضرة، في ترجمة السبكي 1/435.
[6]
في حاشية ش: قف مرثية غراء.
وزلت فما ودق النّوال بهاطل
…
وغبت فما برق المنى باسم الثّغر
وأوحش روض العلم منك وأفقه
…
فذاك بلا زهر وهذا بلا زهر
تكاملت أوصافا وفضلا وسؤددا
…
ولا بدّ من نقص فكان من العمر
نحاك بهاء الدين ما لا يرده
…
إذا ما أتى تدبير زيد ولا عمرو
لئن غادرتك الأرض حملا ببطنها
…
فانّا حملنا كلّ قاصمة الظهر
وأطلقت مني دمع عيني بأسره
…
وصيّرت منّي مطلق القلب في أسر
بكت عين شمس الأفق للبدر موت من
…
مناقبه تزهو على الأنجم الزّهر
تبوّأ بالفردوس ممدود ظلّه
…
وأصبح من قصر يسير إلى قصر
توقّع قلب النيل فقدان ذاته
…
ألست تراه في احتراق وفي كسر
أضاء بشمس منه مغرب لحده
…
وأظلم لما أن مضى مطلع البدر [1]
لئن عطّرت أعماله ترب قبره
…
سيبعث في يوم اللّقا طيّب النّشر
فلا حول لي بالصبر من بعد يوم
…
من بكته عيون الناس في الحول والشهر
وقد كان شهدي حلو منطقه فقد
…
ترحّل لا شهدي أقام ولا صبري
ولو أنّ عيني يطرق النوم جفنها
…
تعلّلت بالطيف الذي منه لي يسري
تطهّر أخلاقا ونفسا وعنصرا
…
وصار لجنّات الرضا كامل الطّهر
ثوى في الثرى جسما ولكنّ روحه
…
سمت نحو علّيين عالية القدر
فروّاه تحت التّرب لله درّه
…
سحاب من الغفران متّصل الدّرّ
ووافاه رضوان برضوان ربّه
…
بشيرا ولاقى ما يؤمّل من ذخر [2]
وحيّاه ريحان الإله وروحه
…
وآنسه بالعفو في وحشة القبر
عفا الله عن ذاك المحيّا فانّه
…
محلّى بأنواع البشاشة والبشر
مع السلف الماضين يذكر فضله
…
ويحسب وهو الصدر من ذلك الصدر
لقد عطّلت منه الرياسة جيدها
…
وقد كان حلّاها بعقد من الفخر
وطرف الدواة الأسود ابيضّ بعده
…
من الحزن يشكو فقد أقلامه الخضر
لقد كان في التفسير للذكر آية
…
يفوق إذا قابلته بفتى حبر
[1] في الأصل، ب: لما مضى، بسقوط (أن) .
[2]
في ب: ووفّاه رضوان.
وقد زانه علم الحديث بحلية
…
فللذهبي انسبه فيه وللمصري [1]
إلى الأمّ أنعي شافعيّ زمانه
…
وأنعي لأهل العلم خير أب برّ
حكى ابن سريج حين ألجم خصمه
…
ببحث يردّ القرن في حصر يزري [2]
وينشر فقها عطّر الأرض نشره
…
فينسب في الحالين في الخضر والخضر
فمن لرياض الفقه يبدي فروعها
…
ليجني منها طالب أطيب الثمر
ومن لدروس ردّ تحقيقه بها
…
لدى البحث عسر المشكلات إلى يسر
ومن للفتاوى الغامضات إذا أتت
…
ولم تلف من يبدي جوابا ولا يدري
أتى في أصول الدين بالحجج التي
…
تردّ ذوي الإلحاد والزيغ والكفر
غدا في أصول الفقه كالسيف عند ما
…
أتى بحثه المشهور كالسيف إذ يفري
إذا حرّر الإشكال في علم منطق
…
يفوق على الإشكال في صحة الفكر
ويجبر في علم الحساب دقائقا
…
وينسب في علم الفرائض للخبر
روى عن أبي بشر غزارة نحوه
…
وتقواه يروي النّسك والدين عن بشر [3]
وعلم المعاني والبيان جلا به
…
عروسا تحلّى بالبديع من الشذر [4]
وفي اللغة العرباء ما ابن قريبها
…
يقاربه وانظره يسمو على النّضر [5]
وقد كان في علم ابن أحمد أحمدا
…
فريدا له التقديم دون بني الدهر [6]
[1] الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان، شمس الدين، أبو عبد الله، أخذ علماء الحديث، مؤرخ طاف كثيرا من البلدان لطلب الحديث حتى مهر فيه، من مصنفاته: ميزان الاعتدال، وتاريخ الإسلام الكبير، توفي بدمشق سنة 748 هـ. (الدرر الكامنة 3/279) .
[2]
ابن سريج: أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، فقيه الشافعية في عصره، كان يلقب بالباز الأشهب، قام بنصرة المذهب الشافعي ونشره في الآفاق، له نحو أربعمائة مصنف، منها: الأقسام والخصال، والودائع لمنصوص الشرائع، توفي سنج 306 هـ. (وفيات الأعيات 1/50، طبقات الشافعية 3/21) .
[3]
أبو بشر: هو سيبويه صاحب الكتاب. (البغية 2/229) .
بشر: هو بشر الحافي المروزي، أبو نصر، أحد الزهاد الصالحين في عصره، سكن بغداد وتوفي بها سنة 227 هـ. (حلية لأولياء 8/336، وفيات الأعيان 1/248) .
[4]
عروس: أراد به كتاب عروس الأفراح، الذي ألفه الشيخ بهاء الدين السبكي.
[5]
ابن قريب: هو الأصمعي، عبد الملك بن قريب، أبو سعيد اللغوي الراوية، توفي سنة 215 هـ. (بغية الوعاة 2/112) النضر: هو النضر بن شميل بن خرشة، أبو الحسن، أحد العلماء بأيام العرب ولغاتها، ورواية الحديث، وهو أول من أظهر السنة بخراسان ومرو، من مصنفاته: المدخل إلى كتاب العين، وغريب الحديث، والأنواء، وغيرها، توفي سنة 203 هـ. (بغية الوعاة 2/316- 317) .
[6]
ابن أحمد: هو الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب كتاب العين، توفي سنة 175 هـ. (بغية الوعاة 1/560) ويقصد الشاعر بعلمه علم العروض.
فمذ بان قد غاضت وغارت بحورها
…
فها كلّ بيت بعده اليوم في كسر [1]
إذا ذكر الآداب فهو إمامها
…
وفارسها السبّاق في النظم والنثر
له شرعة في نثره فاضلية
…
يظل بها ذو المنطق الجزل في حصر [2]
ويزهو على بسط الرياض طرازها
…
ويأنف يوما أن يقابل بالحصري [3]
ففي النثر من هذا يحاكيه ناثرا
…
ويا ليت شعري من يدانيه في شعر
أتعجب من تحريره لقضيّة
…
وفي كلّ علم كان ينعت بالحبر
بخطبته يهتزّ منبر ذكره
…
وينسى زمانا كان في روضة النّضر
محاسن لم يمنع من الصرف جمعها
…
ولا كسرت جيش الردى أحرف الجرّ
حكى في التّقى المصريّ ذا النون فاغتدى
…
يفوق ابن لام بذله الذهب المصري [4]
وعن عيبه غاب اللسان ليرتقي
…
بحضرة قدس مرتقى عالي القدر
إمام له التقديم في العصر إذ سنا
…
معاليه كالشمس المنيرة في الظهر
تصانيفه في العلم باهرة الضّيا
…
بها فاز من يقرا العلوم ومن يقري
سرى قمرا في أفق كلّ فضيلة
…
فخصّص من عالي المقدّر بالغفر
قد استعبد الأحرار إحسان رفده
…
وحرّر تدبيج الثناء له فكري
فان تبكه بالبيض والحمر أعين
…
فقد كان يغني الوفد بالبيض والحمر
وإن فاز بالأرباح متجره غدا
…
فو العصر إنّ الشامتين لفي خسر
وكم ملك فاق المجرّ علوّه
…
وضيق أفق الأرض بالعسكر المجري [5]
فما هاب منه الموت سهم قسيّه
…
ولا نفعته منعة البيض والسّمر
[1] في ب، ل: بان عن غاضت، وهو من وهم الناسخ.
[2]
فاضلية: نسبة إلى القاضي الفاضل المشهور بأسلوبه ورسائله، مرت ترجمته.
[3]
في ب، ش: بالحصر، من الحصر وهو العجز عن الكلام، وفي الأصل: بالحصرى: ولعله يريد الحصري:
علي بن عبد الغني، شاعر من أهل القيروان، كان عالما بالقرآات، وهو صاحب قصيدة يا ليل الصب، له ديوان شعر، والقصيدة الحصرية في القرآات، توفي بطنجة سنة 448 هـ. (وفيات الأعيان 3/19) .
[4]
ذو النون المصرى: ثوبان بن إبراهيم الإخميمي المصري، أبو الفيض، أحد الزهاد العبّاد المشهورين، نوبي الأصل من الموالي، كانت له فصاحة وحكمة وشعر، وهو أول من تكلم بمصر في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية، توفي سنة 245 هـ. (ميزان الاعتدال 1/331، وفيات الأعيان 1/101، حلية الأولياء 9/331، تاريخ بغداد 8/393) .
[5]
في ب، ش، ل: وضيق وسع الأرض.
أبا حامد كنت الفريد الذي له
…
فرائد عزّ من فوائده الغرّ [1]
فأقسم ما خلّفت مثلك في الورى
…
ويعلم بالتقسيم قولي وبالسّبر
ترحلت عن دنياك للجنّة التي
…
وجدت بها ما كنت قدّمت من برّ
أيعجب من خذلان صبري وقد ثوى
…
أبو حامد مثوى أخيه أبي نصر [2]
بكته ديار كان روحا لذاتها
…
ومذ بان باتت تشتكى ألم الظّرّ
وكان لها أنسا فأصبح ربعها
…
بوحشته إذ غاب كالطلل القفر
معاليه في الأنصار حقّق نصرها
…
علا من بني النجار زاكية النّجر
لسبك شذى مسك لنسبته لها
…
تفوق به طيبا على عنبر الشّحر [3]
هو النيل جودا وهو ستر على الورى
…
فمصر أصيبت منه بالنيل والستر
إذا جاد لا يدري الحساب ونفسه
…
يحاسبها خوف المعاد على الذرّ
أتى مصر من أرض الحجازين نعيه
…
فودّ سميع القوم لو كان ذا وقر
أتى خبر عن موته قالت المنى
…
- وقد سمعته- ليته كاذب الخبر
إلى مكّة سارت ركائب قصده
…
ليظفر فيها بالعظيم من الأجر
وبالكعبة الغراء كان طوافه
…
تلاوته مقرونة فيه بالذكر
وبالحجر الأسنى تكرر لثمه
…
ولاذ بذاك الحجر إذ كان ذا حجر [4]
تعلق أحيانا بسود ستورها
…
لينعم في الفردوس بالحلل الخضر
وزمزم كم قد فاز منها بشربة
…
تقرّب من جنّات عدن ومن نهر
وشدّ رحال العيس من بعد قاصدا
…
زيارة قبر المصطفى جلّ من قبر
فنال ثمار العفو من روضة زهت
…
على كلّ روض عاطر النور والزّهر
وسافر نحو التّرب في السّفر الذي
…
نواه ولم يرجع إلينا مع السّفر
غدت فكرتي خنسا الرثا غير أنّني
…
على حمل أثقال الأسى لست من صخر [5]
[1] أبو حامد: كنية بهاء الدين السبكي.
[2]
أبو نصر: كنية تاج الدين السبكي، ستأتي ترجمته في القصيدة التالية.
[3]
سبك: قرية من أعمال المنوفية نسب اليها البهاء السبكي. (حسن المحاضرة 1/321) . الشحر: بطن الوادي، وساحل البحر بين عمان واليمن. (القاموس المحيط: شحر) .
[4]
الحجر (بكسر الحاء) : العقل، وما حواه الحطيم، وهو جانب الكعبة.
[5]
خنسا الرثا: يشير إلى الخنساء أشهر شاعرات العرب وقد اشتهرت برثاء أخيها صخر، توفيت سنة 24 هـ.
(الشعر والشعراء 1/260) .
على قبره انهلّت مواطر رحمة
…
تحلّيه من أقطارها الستّ بالقطر
ولا برحت سحب من العفو والرضا
…
عليه مدى الأيام واقفة تجري
وقال القيراطي أيضا يرثي الشيخ تاج الدين السبكي [1] : [البسيط]
سهم المنيّة لا يبقي على أحد
…
فيا بني الدهر لا حيّ على الأبد
لا يترك الموت روحا ضمّها جسد
…
حتى يفرّق بين الروح والجسد
إن هزّ في العالم السّفليّ صارمه
…
فالدهر للكوكب العلويّ بالرصد
كأنّنى بك يا نسر السماء وقد
…
أخنى عليك الذي أخنى على لبد [2]
وبالثريّا وقد زلّت بها قدم
…
من السماء فلم يؤخذ لها بيد
لدرهم النجم خصم سوف يأخذه
…
إذا دنا يومه من جبهة الأسد
لا بلدة الأفق تبقى في مطالعها
…
نعم ولا نسر تبقى على بلد
وما لسهم الليالي صرفة أبدا
…
عن نثرة الأفق أو عن نثرة الزّرد
لا يرهب الأسد الضاري لسطوته
…
ولا يحابي غزال البيد للغيد
ولا اتّقى سوقة يوما ولا ملكا
…
سارت مناياه بين الأسد والفند [3]
يا ثاني العطف حادي الموت كم هتفت
…
أصواته بأخي عزّ فلم تحد
أين الألى شيدوا بنيانهم حذرا
…
من المنية بالصّفّاح والعمد
وأين من دوّخوا عاصي الرؤوس وقد
…
هزّوا رؤوس العوالي للوغى بيد
والراكنون إلى الدنيا وزينتها
…
والراكبون إلى العليا على جدد
أبلى الجديدان منهم كلّ ذي ترف
…
قد راح يخطر في أثوابه الجدد
مضى الملوك الذين استظهروا حذرا
…
من الردى بعديد الجيش والعدد [4]
زالوا وما ردّ عنهم يومهم حذر
…
ولا أفاد خميس الملك عن أحد
قس باقي الخلق بالماضين إذ سلفوا
…
ولا تقل ذا قياس غير مطّرد
[1] السبكي: عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، تاج الدين، أبو نصر، مؤرخ، فقيه، تولى القضاء في الشام، بعد أن انتقل إليها من مصر، وقد تعرض لمحن وشدائد من فقهاء عصره، من مؤلفاته: طبقات الشافعية الكبرى، والأشباه والنظائر، وجمع الجوامع، وغيرها، توفي بالطاعون بدمشق سنة 771 هـ.
(حسن المحاضرة 1/328، الدرر الكامنة 2/425) .
[2]
لبد: آخر النسور التي عاصرها لقمان.
[3]
الأسدّ: بالتشديد، وقد خفف لإقامة الوزن، والأسد، صاحب الرأي السديد، الفند: ضعيف الرأي.
[4]
عجز البيت وصدر الثاني ساقطان من ع.
للموت فينا على رغم الورى عدد
…
لا يغمد النّصل أو يأتي على العدد
ما اقتصّ منه لإتلاف النفوس ولم
…
يبسط إلى قبض أرواح يدا بيد [1]
واها له هدّمت كفّاه ركن علا
…
لغير أركان هذا الدين لم يشد
عمّ المصاب بتاج الدين حين مضى
…
ولو نجا بفداء سيّد لفدي
وقام ناعيه في ناديه ينعته
…
بالصالحات ويبكيه بمستند
وهى به من جناب العلم حين نأى
…
متن وقالت له العلياء واسندي
نال السعادة حيّا والشهادة في
…
مماته فهو في الدارين في رغد
في طاعة الله أحيا ليله سهرا
…
فالسهد في ذوقه أحلى من الشّهد
بكى أبا نصر الأفق الذي رحلت
…
عنه محاسنه الغرّا فلم تعد
أدّى البريد بمصر هول مصرعه
…
لقد طوى لعظيم شقّة البرد
أعظم بيومك تاج الدين إذ بقيت
…
مراتب العزّ عطلا من ذوي الرّشد
يا مدرجا طيّ أكفان تسلّل في
…
مصابه مرسل الأجفان كالبرد
قد فتّ مصرعك الأكباد يا أملي
…
وفتّ يا عضد الإسلام في العضد
دنياي بعدك سوداء الإهاب فلو
…
تبصّرت يدها الزرقاء لم تكد
إن غبت يا بدر هالات العلوم فما
…
في ليلة الخطب منّا غير مفتقد
وإن خلا بيتك المرفوع منك فقد
…
سكنت بعدك بيت الحزن والكمد
وإن نظمنا المراثي فيك مبكية
…
فطالما بمديح في علاك شدي [2]
وإن تعطّل جيد المجد منك فكم
…
قلّد ته بالحلي يا خير مجتهد
أو تمس في اللحد تحت الترب منفردا
…
فلست من جارة الباري بمنفرد
أسخنت عين ذوي التقوى بموتك إذ
…
قرّت به عين من عاداك للحسد
لهفي لفقدك تاج الدين إن ظهرت
…
أهل الفساد وأبدت سوء معتقد
لهفي لفقدك من ثان أعنّته
…
عن الهوى وبتقوى الله محتشد
لهفي لمصباح علم ليس يطفئه
…
هوى ذوي البدع الباغين متّقد
فرد مضى في ذوي الأهوال منطقه
…
يوم الجدال كسيف الصيقل الفرد
[1] في ب: ما اقتص لاتلاف. بسقوط (منه)، وفي ل: ما اقتص إلا لإتلاف النفوس.
[2]
في ب، ل: بمدح فيك. ولا يستقيم بها الوزن.
يا ضاحكا حين أرداه الردى فرحا
…
مهلا فانّك يا مبدي السرور ردي
بكى الحديث أمير المؤمنين هو ال
…
مأمون والحافظ المهديّ للرشد
أفديه من ناصر للدين معتصم
…
بالحقّ مستظهر بالله معتضد
مؤيّد السّنّة الغرّاء ناصرها
…
بنجدة منه يعليها على نجد
مناضل عن حمى الإسلام ما فترت
…
منه البحوث ولا قالت له اقتصد [1]
وما تصدى لبحث سيف منطقه
…
إلا وجرّد حدا منه غير صد
كم ملحد فرّ خوفا من حماه فما
…
أصاب من ملجأ منه وملتحد
وكم أدار على حصن الهدى يزكا
…
وقام في مرقب التنزيه كالرصد
وسار في نصرة الإسلام مجتهدا
…
ما قال للعزم لمّا صمّم اتّئد
من خوفه كلّ محلول العقيدة لم
…
يدر بفيه لسانا غير منعقد
فان تعصّب أهل الزيغ نقّب عن
…
دسائس قال فيها فكره اتّقد
بنى القواعد فانظر كيف أسّسها
…
وشادها عمدا مرفوعة العمد [2]
لله حبر دعاه الحقّ بابن جلا
…
وبحر علم يروى منه كلّ صد
وحاكم عاف دنيا كلّ عفّته
…
عنها لخوف الإله الواحد الأحد
مطهّر الباب معلوم تعفّفه
…
والقول في مثل هذا غير منتقد
محقّق للقضايا حين يفصلها
…
قد قال للدهر في ظلمائها اتّقد
تحاول الشّهب علياه فيسبقها
…
سبق الجواد إذا استولى على الأمد
ماساد أهل المعالي والفخار سدى
…
وإنّما قالت العليا بلغت سد
يروي الأصالة أنصاريّ نسبته
…
عن سادة نجب أو معشر نجد
فيا له بحر علم قال مشرعه
…
يا أيّها الطالب الظمآن رده رد
يحبوك بالجوهر المكنون منتظما
…
وما حبا غيره الطلاب بالزّبد
في الشرق والغرب قد سارت فرائده
…
مثل الكواكب تهدي من بهنّ هدي [3]
تأتي الفتاوى إلى ناديه قاصدة
…
من كلّ فجّ بعيد القطر أو بلد
[1] في ع: مناصر عن حمى الإسلام.
[2]
في ب، ل: وشاهدها عمدا.
[3]
في ب، ش، ل: سارت فوائده.
صاد الشوارد من علم ومن ادب
…
ورامها غيره دهرا فلم يصد
تدنو إليه فروع الفقه مثمرة
…
ما لم يكن في فروع الروضة الملد
له التصانيف قد أمضى لياليه في
…
جمعها يتجافى ليّن الوسد
سل في خوارزم عن جمع الجوامع في
…
تلك المدارس تسمع غيظ ذي حسد [1]
قال الوفود وقد حلوا بساحته
…
لولاك يا عالم الآفاق لم نفد
يا حافظ العصر لا ينساك ذو طلب
…
يقول من ذا يكون اليوم معتمدي
دار الأسانيد والعلياء خالية
…
فمن لدارك بالعلياء فالسّند
من للأحاديث يمليها مصحّحة
…
على الرواة بريئات من الأود
ومن يهزّ عواليها مثقّفة
…
تردي أسنّتها من كان ذا لدد
من للمباحث يجلوها مهذّبة
…
يهابها في جلاد البحث ذو جلد [2]
من للأصول يرينا من دقائقها
…
غوامضا لا تراها عين ذي رمد
عن رأسها زال تاج جلّ مرتبة
…
عن تاج كسرى ولهفي كيف لم يعد
لله منه مقال زان ذروتها
…
دهرا بتنزيهه للواحد الصمد
أجرى عيون ذوي التقوى به ومضى
…
عنه الجرىء بقلب منه مرتعد
حلّى وتوّج تاج الدين منبره
…
حتى تعجبت منه كيف لم يمد
سحبان نطق فحدّث عن فصاحته
…
وقسّ وعظ به قاسي القلوب هدي [3]
هزّ المنابر حتى أنها نسيت
…
عهد الرياض وسجع الطائر الغرد
من للدروس فقد عفّا معالمها
…
دورسها بعد مثواه إلى الأبد
من للقريض يحلّيه وينظمه
…
كالدرّ في الّسّلك يزهو زهو منتضد
من للمكارم يهديها مهيّأة
…
للطالبين بلا منّ ولا نكد
هل من معيد لدرس كان يشحنه
…
فوائدا جمّة جلّت عن العدد
في كلّ علم له يوم الجدال يد
…
وكم له من يد يوم النّوى ويد
[1] جمع الجوامع: أحد تصانيف السبكي، (حسن المحاضرة 1/328) .
[2]
في ب، ل: ذو الجلد.
[3]
سحبان: سحبان بن زفر الوائلي، خطيب يضرب به المثل في البيان، اشتهر في الجاهلية، وأسلم في عهد النبي ولم يجتمع به. (الإصابة 3/250. قس بن ساعدة ك أحد حكماء العرب ومن كبار خطبائهم، كان أسقف نجران، أدرك النبي قبل البعثة ورآه في عكاظ، توفي سنة 600 م. (خزانة الأدب)
كم من مسائل وافته معقّدة
…
فردّها ذهنه محلولة العقد
راض العلوم بذهن ظلّ يمخضها
…
حتى استبدّ بما فيها من الزّبد
ولم يزل في أصول الفقه ذا قدم
…
رسوخها قصّرت عنه يد العضد
للسيف لو سلّ سيفا من مباحثه
…
يوما تسلّل يبدي فعل معتمد
أفاد سائله علما وفضل ندى
…
وغيره في كلا الحالين لم يفد
كم قد تطوّل باليمنى لذي أمل
…
يوم العطاء وما قالت علاه قد [1]
برّ هو البحر لكن غاض زاخره
…
من بعد ما كان فينا دائم المدد
بدر إذا حلّ في صدر رأيت له
…
من كثرة الحلم رجحانا على أحد
مضى وباد ولكن علمه أبدا
…
على ممرّ ليالي الدهر لم يبد
حسوده لا تراه غير منعكس
…
وضدّه لا تراه غير منطرد
فقلّ في الناس قدر الشامتين به
…
فان هم حشدوا كن غير محتشد [2]
غربان بين الورى في ربعهم نعبت
…
فاصبر تمرّ وما بالرّبع من أحد
مصارع القوم تأتي بغتة لهم
…
حقا وتأخذهم في أقصر المدد
فقل لمن قد غدا يبدي شماتته
…
لتدهمنّ بيوم أسود نكد
تمضي كأمس وإن لم يأت يومك في
…
غد سيإتيك يا مغرور بعد غد
إلى افتراق جموع الشامتين به
…
ونظم شملهم يهوي إلى بدد [3]
بموته الأرض من أطرافها نقصت
…
فدع مقالك يا هذا ولا تزد
ويا أخا الودّ كابد من تذكّره
…
حزنا فقد خلق الإنسان في كبد [4]
إن قصّرت في مراثيه قصائدنا
…
فقولنا في رثاه غير مقتصد
رثاه عنّا وجود زال عنه ولم
…
يترك به بعده ركنا لمستند
روّى ثراه سحاب العفو منسجما
…
فانّ ناديه منّا بالدموع ند
وجاد بالسفح منا من عيون رضا
…
مثواه وانهلّ يهمي غير متّئد
صبرا أبا حامد إذ أنت خير أخ
…
وارض المقادير ما يجدي أسى الكبد
[1] في ع: وكم تطول.
[2]
في ب، ل: فضلّ في الناس.
[3]
في ب، ل: إلى مدد.
[4]
في ب: من كبد. يشير في عجز البيت إلى الآية 4 من سورة البلد: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ.
وارضى له الخلد في دار النعيم فما
…
بهذه الدار دار الخلد في خلدي
أعلى الإله بعلم نافع وتقى
…
إلى المناصب ما أبقى من الولد
قال القيراطي مضمّنا: [البسيط]
أجريت دمعي فمذ أفنيت أبحره
…
أجريت مني بأسياف الجفون دمي
إن ملت عنّي برمح القدّ يا أملي
…
لتقرعنّ عليّ السّنّ من ندم [1]
وقال أيضا: [السريع]
قد صرفوه إذ بدا شحّه
…
وجوره وازداد منه السّفه
وكيف لا يصرف من ليس ذا
…
وزن ولا عدل ولا معرفه
وقال أيضا: [السريع]
أكرم بها مأذنة لم تزل
…
داعية طول المدى للفلاح
كأنّ صاريها وقنديله
…
في ظلمة الليل عمود الصباح
وقال أيضا: [السريع]
قل للزغاريّ اتّئد لست في
…
عدّة من أهجو له عرضا
ولا أكافيه إذا ما هجا
…
ومن يعضّ الكلب إن عضّا
وقال أيضا: [المجتث]
هاجر إليه وهاجر
…
قد فاز ذو الهجرتين
وإن بدا حاجباه
…
فصلّ للقبلتين
وقال أيضا: [السريع]
في خدّ من همت به شامة
…
ما الندّ في نفحته ندّها
والعنبر الورد غدا قائلا
…
لا تدعني إلا بيا عبدها
وقال أيضا: [مجزوء الرجز]
كم عالم قد اشتكى
…
في الفقر طول مكثه
وكلّ ثور سارح
…
زيد له في حرثه
[1] في الأمثال: قرع سن النادم (المستقصى 2/196)، وورد في الشعر:
ولو أني أطعتك في أمور
…
قرعت ندامة من ذاك سني
وأنشد بعضهم لعمر بن الخطاب: (اللسان: قرع)
متى ألق زنباع بن روح ببلدة
…
لي النصف منها يقرع السنّ من ندم
وقال أيضا في حوض: [السريع]
لذي الظما سيّلت حوضا طما
…
ماء الندى منكم عليه وفاض [1]
سقيا لإحسانكم إذ بنى
…
حوضا به حسّادكم في حياض
وقال أيضا مضمّنا: [السريع]
تجمعت من نطف ذاته
…
حتى بدا في قالب فاسد
وليس لله بمستنكر
…
أن يجمع العالم في واحد [2]
وقال أيضا: [السريع]
الجامع الأزهر في حالة
…
عجيبة ينكرها الحسّ
إن دام دينار له ناظرا
…
لم يبق في حاصله فلس
وقال القيراطي في طبقات الشيخ تاج الدين السبكي: [مجزوء الرمل]
طبقات التاج منها
…
نرتقي للغرفات
بالطباق السّبع عوّذ
…
منه تلك الطبقات [3]
وقال أيضا: [مجزوء الخفيف]
يا إماما على الورى
…
قد سما بالتقدم
أنت في فقه أشهب
…
وصلاح ابن أدهم [4]
وقال أيضا: [السريع]
لا عب شطرنج زها حسنه
…
شاع غرامي في هواه وذاع
كم قد أرانا وجهه إذ بدا
…
بدرا وحسن النّقل ذات الرقاع
وقال أيضا: [السريع]
لي بغلة قد أتعبت راحتي
…
والرجل من فخذي إلى كعبي
طباعها خارجة كلّها
…
وقطّ ما تمشي على الضّرب
وقال أيضا: [الكامل]
[1] في ع: علاه وفاض.
[2]
البيت المضمن لأبي نواس في ديوانه ص 454 ط الغزالي. ويروى صدر البيت: ليس على الله بمستنكر.
وانظر البدر الطالع للشوكاني 1/364.
[3]
في ش: بالطبقات السبع عوذ. ولا يستقيم بها الشعر.
[4]
أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز القيسي، فقيه الديار المصرية، صاحب الإمام مالك، وكان معاصرا للشافعي، توفي سنة 204 هـ. (وفيات الأعيان) .
ابن أدهم: هو إبراهيم بن أدهم، كان أبوه من أهل الغنى في خراسان، لكنه زهد واتجه للعلم والفقه، وتنقل بين العراق والشام والحجاز، توفي سنة 161 هـ. (فوات الوفيات 1/13) .
يا طيب نفحة باذهنج لم يزل
…
لهواه في ناموسنا تنفيس
مغرى بجذب الريح من آفاقها
…
فكأنه للريح مغناطيس
وقال أيضا: [الكامل]
يا حسن شاذروان ماء لم يزل
…
يهدي جواهره إلى الأضياف
ما أمّه الجلساء يوم سرورهم
…
إلا تلقاهم بقلب صاف
وقال أيضا: [المتقارب]
بروحي بدر رأى حسنه
…
عذولي فولّى بخفّي حنين
أبو شامة لاح في خدّه
…
فرحت أطالع في الروضتين
وقال أيضا: [البسيط]
لا تدع يا صاح صوفيا سوى رجل
…
بما حوى من صفات المدح موصوف
صوفي فسماه صوفي كل ذي نظر
…
نقلا من الفعل لا عزوا إلى الصوف [1]
وقال أيضا أحجية في قمقم [2] : [مجزوء الرجز]
يا من بنا علياؤه
…
وعلمه ليس ينقض [3]
ما مثل قول المحاجي
…
لمن يحاجي: انهض انهض
وقال أيضا: [مجزوء الرجز]
مطاف بيت الله كم
…
لعامل فيه عمل
يا حبذا من حوله
…
دائرة فيها الرمل
وقال أيضا: [الوافر]
أشيخ الوقت آدابا وعلما
…
ومن أقواله أبدا مفيده
أجلّك ثعلب أن كنت ليثا
…
كذا ابن السّيد أيضا وابن سيده [4]
[1] في الأصل، ب، ل:(صوفي فسماه صوفيا كل ذي نظر) . ولا يستقيم به الوزن، ويستقيم بحذف التنوين من (صوفيا) كما في نسخة ش.
[2]
في ب: في أحجية. وقوله: (في قمقم) ساقطة من ش.
[3]
في ش: وعلمه لا ينقض.
[4]
ثعلب: أحمد بن يحيى، أبو العباس، إمام مدرسة الكوفة في النحو واللغة، له: مجالس ثعلب، والفصيح، توفي ببغداد 291 هـ. (بغية الوعاة 1/396) . ابن السيد: عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، من علماء الأندلس باللغة والأدب، له: شرح أدب الكاتب، وشرح الموطأ، توفي سنة 521 هـ. (بغية الوعاة 2/55، المغرب 3851) ابن سيده: علي بن إسماعيل، أبو الحسن، من علماء الأندلس باللغة والأدب، كان ضريرا، له: المخصص، والمحكم، توفي سنة 458 هـ. (وفيات الأعيان 3/71)
وقال أيضا: [السريع]
بدا هلال الجوّ في أفقه
…
مقارنا للزهرة المشرقه
كأنّه قوس من العاج قد
…
صاغوا له من فضة بندقه
وقال أيضا: [الخفيف]
قد نحا منصب العلا بثبات
…
ثم أبدى تصرفات سخيف
فاذا قال إنني حسن النح
…
وفقولوا سىّء التصريف
وقال أيضا في أسماء زمزم [1] : [الرجز]
لزمزم اسماء منها زمزم
…
طعام طعم وشفا من يسقم
سقيا نبيّ الله إسماعيلا
…
مرويّة هزمة جبرائيلا
مغذية عافية وكافيه
…
سالمة وعصمة وصافيه
وبرّة بركة مباركه
…
نافعة تسرّ نفسا ناسكه
مؤنسة حرمية ميمونه
…
وظبية طاهرة مصونه
سيدة وعونة قد دعيت
…
شبّاعة العيال قدما سميت
وقال أبو الحسن المطهر بن المفضل التنوخي: [الرمل]
ويك يا نفس ذري الدنيا التي
…
قرن الحرص بها والشّره [2]
واطلبي النسك فما أربحه
…
واتركي الغيّ فما أخسره
أيّ عذر في اتّصابي لامرىء
…
فاقد من عمره أكثره
يسمع الوعظ فلا يقبله
…
قتل الإنسان ما أكفره [3]
قال قيس بن الخطيم [4] : [الوافر]
[1] قال ابن بري: لزمزم اثنا عشر اسما: زمزم، مكتومة، مضنونة، شباعة، سقيا، الرواء، ركضة جبريل، هزمة جبريل، شفاء سقم، طعام طعم، حفيرة عبد المطلب. (لسان العرب: زمم) قلت: كذا بالأصل، عدّ أحد عشر وليس اثني عشر.
[2]
في ب: ويك نفس ذي الدنيا.
[3]
عجز البيت تضمين للآية الكريمة: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ
(عبس 17) .
[4]
قيس بن الخطيم: شاعر الأوس وأحد فرسانها في الجاهلية، أدرك الإسلام ولم يسلم، قتل سنة 620 م.
(معجم الشعراء ص 196) .
وما بعض الإقامة في ديار
…
يهان بها الفتى إلا عناء [1]
وبعض خلائق الأقوام داء
…
كداء البطن ليس له دواء
يريد المرء أن يعطى مناه
…
ويأبى الله إلا ما يشاء
وكلّ شديدة نزلت بقوم
…
سيأتي بعد شدّتها رخاء
فلا يعطى الحريص غنى بحرص
…
وقد ينمي على الجود الثراء
غنيّ النفس ما عمرت غنيّ
…
وفقر النفس ما عمرت شقاء
وليس بنافع ذا البخل مال
…
ولا مزر بصاحبه السّخاء
وبعض القول ليس له عياج
…
كمحض الماء ليس له إناء [2]
وبعض القول ملتمس شفاه
…
وداء النّوك ليس له شفاء
نقلت من خط التاج ابن مكتوم في تذكرته، قال: أخبرنا شيخنا أبو حيان قال، أخبرنا ضياء الدين أبو الفضل جعفر بن محمد بن عبد الرحيم الحسيني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زكريا البلنسي قال: قرأ بعض فضلاء الأندلس الموطأ على أبي الربيع بن سالم [3] في مجلس واحد، وكان حضره جماعة من أئمة المغرب، فما ردّ عليه أحد حرفا، إلا أنه جعل غير الصفة استثنائية، أو عكس سبق لسانه، فرفع رأسه للشيخ منشدا، وقال [4] :[مخلع البسيط]
غيّرت غيرا فصرت عيرا
…
وهكذا من يجدّ سيرا
فأجابه الشيخ أبو الربيع بديها:
ما أنت ممّن يخال فيه
…
بذاك جهل فظنّ خيرا
واسترسل إلى أن أتمه في مجلس واحد.
[1] اضطربت رواية هذه القصيدة في كتب الأدب، وقد وضح ذلك محقق الديوان الأستاذ ناصر الدين الأسد، وقد وردت هذه الأبيات ضمن ثلاث قصائد في الديوان هي: رقم 11، و 12، و 1 فيما ينسب لقيس، وهناك خلاف في رواية الأبيات بين السيوطي والديوان في الالفاظ وترتيب الأبيات.
[2]
عياج: أي لا يلتفت إليه.
[3]
سليمان بن موسى بن سالم الحميري الكلاعي: أحد العلماء المبرزين في الأندلس، كان من حفاظ الحديث، له مؤلفات كثيرة منها: مصباح الظلم، والمسلسلات، وديوان شعر، وديوان رسائل، استشهد في معركة أنيشة سنة 634 هـ. (نفح الطيب 4/473، تحفة القادم ص 200، الذيل والتكملة 4/83) .
[4]
وردت الرواية في نفح الطيب 4/8.