الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولجاجهما المديد [1] /ببسيط حلمه، ويعاملهما بما وقر في صدره من الوقار، وسكن في قلبه من السكينة، وإذا كان في هذه المدينة مالكنا، فلا يفتي العبد ومالك في المدينة [2] ./
مقامة تسمى الحرقة للخرقة
إنشاء الإمام زين الدين عمر بن مظفر ابن الوردي [3] قاضي حلب المعروف بالرياحي، وهو أول من ولي قضاء المالكية بحلب.
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد حمد الله الذي لا يحمد على المكاره سواه، والصلاة على سيدنا محمد الذي خاف مقام ربه، وعصم عن اتباع هواه، وعلى آله وصحبه الذين بذل كل منهم في صون الآية قواه، وسلمت صدورهم من فساد النيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، فان نصيحة أولياء العزم تلزم، والتنبيه على مصالح العباد قبل عموم الفساد أحزم، والمتكلم لله مأجور، والظالم ممقوت مهجور، وتحسين الكلام لدفع الضر عبادة، والنثر والنظم للذب عن أهل الدين من باب الحسنى وزيادة، وجرحة الحاكم للأعراض بالأغراض صعبة، إذ نص الحديث النبوي أن حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة، ومخرق حرمته مذموم، ولحم العلماء مسموم.
وهذه رسالة أخلصت فيها النية، وقصدت بها النصيحة للرعاة والرعية، أودعتها في جوهر فكر كل ثمين، وناديت بها على مزيل ظلم أبناء جنسي، مناداة/ اللّحم السمين، لكن جنّبتها فحش القول إذ لست من أهله، وخلدتها في ديوان الدهر، شاهدة على المسىء بفعله، ورجوت بها الثواب، وتحريت فيها الصدق والصواب، نصرة للمظلوم، وغيرة على حملة العلوم، وسميتها الحرقة للخرقة، فقلت:
اعلموا يا ولاة الأمور، ويا ذوي الكرم الغمر، أبقاكم الله في مصر للأمة، ووفقكم لرفع الإصر، وبراءة الذمة، إن حلب قد نزعت الزبدة ووقعت من ولاية التاجر الرياحي في خسر، وشدة قاض سلب الهجوع، وسكب الدموع، وأخلف السرب، وكدّر الشرب، بجرأته التي طمت وطمّت، وعاميته التي عمّت وغمّت، وفتنته التي بلغت الفراقد،
[1] في الأصل في هذه الصفحة سطران وربع فقط وبقية الصفحة بياض خالية من الكتابة، والكلام موصول دون نقص.
[2]
في ط: فلا يفتى ومالك في المدينة. ومالك: هو الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة.
[3]
ابن الوردي: عمر بن مظفر بن عمر ابن أبي الفوارس، زين الدين المعرّي الكندي، شاعر أديب مؤرخ، ولد في معرة النعمان، ولي قضاء منبج، له ديوان شعر، ومن كتبه (تتمة المختصر) المعروف بتاريخ ابن الوردي، جعله ذيلا لتاريخ أبي الفداء وخلاصة له، و (اللباب في الإعراب) و (مقامات) و (بهجة الحادي) وغيرها، توفي بحلب سنة 749 هـ. (بغية الوعاة 365، فوات الوفيات 2/116، النجوم الزاهرة 10/240، أعلام النبلاء 5/3، الدرر الكامنة 3/195) .
وأسهرت ألف راقد، ووقاحته التي أذهبت الألباب، وأخافت النّطف في الأصلاب، فكم لطّخ من زاهد، وكم أسقط من شاهد، وكم أرعب بريئا، وكم قرّب جريئا، وكم سعى في تكفير سليم، وكم عاقب بعذاب أليم، وكم [1] توسط بها عند الألباب، حشر النائب على من قيل إنه حضر الخمر، وحمله على أن قرعه بالمقارع، حتى قضي الأمر، وامتنعت الأمراء من الشفاعة، وظنوا هم والنائب أن هذا امتثال لأمر الشرع وطاعة:/ [السريع]
يا حامل النائب في حكمه
…
أن يقتل النفس التي حرّمت
غششته والله في دينه
…
بشراك بالنار التي أضرمت
أسقط في يوم مشهود تسعة من أعيان الشهود، فو الله لو كانوا من غنم رباح، ما سمح بهذه العدة للذباح، وهذا مقت وأي مقت، ما سمعنا بمثله في وقت، أتسلم أرباب البيوت من هذا الرجل المبهوت، فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
[2]
، من يذم هذا البزاز الجرىء على تخريق الخرقة:[السريع]
سحقا لقاض مالكي سطا
…
بتسعة أكبر من فينا
وإن أعرناه لها سكتة
…
ألحق بالتسعة تسعينا
سبب إسقاطه لهؤلاء النفر، أنه أقر عندهم أول مدته من السفر، بأن قرابغا [3] أعطاه ثلاثة عشر ألف دينار، ووكله ليشتري بها ما يرضاه من العقار، فلما مات قرابغا، عاش الوكيل وندم على إقراره عندهم، فبدرهم بالتنكيل، فهيهات هيهات، فهذا المحو عين الإثبات [4] ، لهذا أكبر الحال، وأسفت القلوب أنه أكل المال، أسقط التسعة قهرا، ونادى عليهم جهرا، وشاور على تطويفهم في الأسواق والجامع، لولا منعه من ذلك مانع، هذا من غير إحضار لهم ولا إعذار، ولا تقدم دعوى ولا إنذار، ولا تظلم من متظلم،/ ولا كلمة من متكلم، إلا سطوة وعتوا واستكبارا في الأرض وعلوّا وخوفا على الدرهم والدينار، بل مكر الليل والنهار، ولما ظهر زبدة [5] الذاهبة، التي تنثلم منها فاس [6] ، وتتباعد عنها دانية [7] ، وتنفر من قبحها تونس [8] ، ويحتجب حياء منها
[1] في بعض النسخ بياض بقدر ثلاث كلمات.
[2]
التوبة 123.
[3]
قرابغا: نائب حلب قرا باشا. (إعلام الورى بمن ولي نائبا من الأتراك بدمشق الشام الكبرى ص 232) .
[4]
المحو عين الإثبات: أي أنه زوّر فمحا تسعة من 99 فأصبحت 9.
[5]
زبدة: قال نصر: مدينة بالروم من فتوح أبي عبيدة رضي الله عنه. (ياقوت: زبدة) .
[6]
فاس: مدينة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهي حاضرة البحر وأجل مدنه. (ياقوت: فاس) .
[7]
دانية: مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا. (ياقوت: دانية) .
[8]
تونس: مدينة كبيرة محدثة بأفريقية على ساحل بحر الروم، عمّرت من أنقاض مدينة كبيرة قديمة بالقرب منها يقال لها قرطاجنّة. (ياقوت: تونس) .
ابن الحاجب [1] ، ويستوحشها ابن يونس.
عقد مجلس بدار العدل لكشف الظلامة، وطي هذا الجور المنشور بغير علامة، فقلنا له سمّ لنا من شهد على الشهود، فأبى أن يسمّي، وقال قضى الله عليه: قضيت فيهم بمذهبي، وحكمت فيهم بعلمي، فقلنا: يا نائما على السّرى، الجرح لا يقبل إلا مفسّرا، وإن كان لك أن تجرحهم، فليس لك أن تذبحهم وتفضحهم يا قليل الفهم، من يساعدك على هذا الوهم، هذا محرم لم يبحه مبيح، ومحاسن الإسلام تأبى هذا القبيح. قال: إن لم تركنوا إليّ فاستفتوا المالكية في دمشق عليّ، فأخرنا اللوم، وطالعنا كتب القوم، فوجدنا في مشاهير كتبهم نقلا محققا، أن القاضي لا يقضي بعلمه مطلقا، وأنه إذا شهد عنده من يعلم عليه جرحه، رفع الأمر إلى من فوقه، وأبدى له شرحه [2] ، فكابر وتأوّل، واعتمد على الفجور وعوّل، وزاد في المدافعة، وخوّف بالشر والمرافعة، وأطلق لسانه في/ الأعيان ولم يقيّد، وقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد، ولما بلغ المالكية بدمشق هذه الواقعة المستعظمة، أصغروا قدره عنها، وقالوا: كَبُرَتْ كَلِمَةً
[3]
، واستحلوا سبّه وشتمه، واستقلوا عقله وعلمه، وكتبوا إليه: أن يا مغلوب، لقد بغّضت مذهب مالك إلى القلوب، وقطعت المذاهب الأربعة عليه بالخطأ، وزالت بهجته عند الناس، وانكشف الغطاء، ثم من المفتين من لامه على ذلك وعنّف، ومنهم من علّق على تقبيح ذلك وصنّف، ثم سئلت بدمشق اليهود والنصارى، وإن كانوا عن الحق حيارى، هل يجوز في دينهم المنسوخ مثل هذا التخجيل، أم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، فأقسموا بالله جهد أيمانهم، إن ذلك لم يكن في أديانهم، وناهيك بخلل تستقبحه كل الملل، فقبح الله من أصبح بسهام الأغراض إلى مصون الأعراض في الرامين، وقال: من أحوج المسلمين إلى سؤال المغضوب عليهم والضالين: [الكامل]
أبرأ إلى الرحمن من بهتانه
…
وفجوره وعتوّه المتزايد
من ذا يجيز قضاء قاض جاهل
…
بالعلم في هذا الزمان الفاسد
[1] ابن الحاجب: عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، فقيه مالكي من كبار العلماء بالعربية، كردي الأصل، ولد في مصر وسكن دمشق ومات بالاسكندرية، له مجموعة تصانيف منها (الكافية) في النحو و (الشافية) في الصرف، و (الأمالي النحوية) و (المقصد الجليل) قصيدة في العروض، وغيرها، توفي سنة 646 هـ. (وفيات الأعيان 1/314، غاية النهاية 1/508، مفتاح السعادة 1/117، وخطط مبارك 8/62) .
[2]
في ب: أبدى له في شرحه. في ط: أبدى شرحه.
[3]
الكهف 5.
وأما قول إمامنا الشافعي في أمه [1] : «لولا قضاة السوء لأجزت للقاضي أن يقضي بعلمه» :/ [المجتث]
قلنا له دع أمورا
…
مستهجنات لمثلك
فقال أقضي بعلمي
…
قلنا ستقضي بجهلك
ثم فسق مفتيا في الدين، وفضح خطيبا على رؤوس المسلمين، ومن بغضه هذا الخطيب، أمر من لطخ منبره بضد الطيب، الله أكبر آذى حتى الخطيب والمنبر، لقد بالغ في الختل، وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ
[2]
: [البسيط]
من انتهى طيشه في المحرمات إلى
…
هذا المقام عليه غضبة الباري [3]
ولست عن مالك أرضى نيابته
…
عن خازن العلم أو عن خازن النار
هذا جزاء المنسلك تحت آراء عبد الملك، ومن البوم دليله، فالخراب مقيله:[السريع]
امتلأت من ذهب أكياسه
…
وقلبه ممتلىء من دغل
ما هو إلا حيّة برقها
…
بالسمّ هذا المغربي الزغلي [4]
لقد أوقع الناس في الفتنة في بحر عجاج، فدعوا عليه وعلى عبد الملك، ولولا عبد الملك ما استطال [5] هذا الحجاج، قاض يقول القول ثم ينكره، ويذم الشخص في المجلس ويشكره، ويحب آيات الردة والكفر، لحبه في الدنانير الصفر:[مجزوء الرمل]
حاكم يصدر منه
…
خلف كل الناس حفر
يتمنى كفر شخص
…
والرضى بالكفر كفر
ما أولى أحكامه بالانتقاض، وما أحقه بقول السحرة لفرعون: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ
[6]
، ولولا العافية لتوهمت أنّ (ما) ههنا نافية:[الوافر]
ولو ولّوا قليل الفقه فيه
…
مداراة ودين ما جزعنا
[1] في أمه: أي كتابه الأم.
الشافعي: محمد بن إدريس بن العباس الهاشمي القرشي، أحد الأئمة الأربعة، وإليه نسبة الشافعية، ولد بغزة بفلسطين، وحمل منها إلى مكة صغيرا، وقصد مصر فتوفي بها، وقبره معروف في القاهرة، من كتبه:
كتاب (الأم) في الفقه، و (المسند) في الحديث، و (أحكام القرآن) ، و (السنة) ، و (الرسالة) في أصول الفقه، وغيرها، توفي سنة 204 هـ. (التهذيب 9/25- 31، معجم الأدباء 17/281- 327) .
[2]
البقرة 190.
[3]
في ب، ط، ل: طيشه في المخبرات، وفي ش:(في المحرمات) ، ساقطة ومكانها بياض.
[4]
الزغلي: نسبة إلى الزغل، وهو الغش.
[5]
في ب، ط، ل: ما استطاع.
[6]
سورة طه 17.
وكان يهون ما نلقى ولكن
…
تعالوا فانظروا مع من وقعنا
ثم إنه على عامية نفسه وجهلها، ينتقص العلوم ويضع من أهلها:[البسيط]
الله الله لا تبقوه في حلب
…
يا أهل مصر وفينا راقبوا الله
فدما يذمّ فنون العلم محتقرا
…
بها ومن جهل الأشياء عاداها [1]
لقد عذب العذبة، وصدّق الكذبة، يستخف الأثقال، ويحكم بما لا يعلم ليقال:[المتقارب]
رأى نفسه أخرّت في العلوم
…
فرام التقدّم بالجبروت
عديم الهبات عظيم الهنات
…
قليل الثّبات كثير الثبوت
ستر الله هذه المدينة من هؤلاء الأدوان [2]، ونزّه عنه مذهب مالك برحمة منه ورضوان:[البسيط]
قاض عن الناس غير راضي
…
مباهت غالط مغالط
يكذب عن مالك كثيرا
…
ويسقط الناس وهو ساقط
عامل أوساط الناس معاملة الأطراف، وأشرف أذاه على العذراء والأشراف، أتلف الأملاك والمكاتيب، بما اعتمده في حق الشهود/ من الأكاذيب، فكم صاحب مكتوب يبكي على حاله، كما أوتي كتابه في شماله:[الكامل]
تلفت مكاتيب الأنام بفعله
…
وأبان عن طيش وكثرة مخرقه
يرمي الأكابر والأصاغر كاذبا
…
بالكفر أو بالفسق أو بالزندقه [3]
هلّا قرأ هذا القاضي الجديد: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ
[4]
: [الوافر]
لقد آذى الشهود بغير حق
…
فأيّ الناس ما رحم الشهودا
أيرضى المسلمون لهم بهذا
…
وقد سرّ النصارى واليهودا
ولقد بلغنا وهو من العبر، أنّ جيراننا من أهل شيس [5] سرهم مبتدأ هذا الخبر:[مجزوء الرجز]
صاحب شيس سرّه
…
فعال قاض أرعنا
[1] الفدم: الثقيل الفهم العيّي.
[2]
الأدوان: جمع دون.
[3]
في ع: يرمي الأصاغر والأكابر.
[4]
البقرة 282.
[5]
في الأصل: شيس، وفي ب، ط، ش، ع: سيس. وجاءت في معجم البلدان (شيز)، وقال: وهي ناحية بأذربيجان من فتوح المغيرة بن شعبة، وهي معربة (جيس) . (ياقوت: شيز) .
فأحزن الله الذي
…
أفرح فينا الأرمنا
أذهب حبّ الذهب ذهن ذهنه وأفنى، كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى
[1]
: [البسيط]
أهل الثنايا أفيكم رجل
…
يقول عن نفسه أنا ابن جلا [2]
من جور قاض غناه أفسده
…
وكثرة المال تفسد الرجلا
مطالعته في البيت في عرض جريدة الصابون والزيت: [مخلع البسيط]
وتاجر قلّدوه حكما
…
كلّ الرعايا عليه لا له
له فعال مدوّنات
…
قد أغضبت صاحب الرساله
احتكر الأقوات في أوقات الغلا، فقال فيه بعض الفضلاء:[البسيط]
كيف التخلص من قاض مباحثه
…
قطن وقمح وأصناف وصابون
قد جاء يحتكر الأقوات في حلب
…
على غلا السعر والحكّار ملعون
كم نهته زوجته عن اللجاج، فتهددها بالضرب والإخراج:[المتقارب]
وقاض لنا لم يلن
…
وزوجته لانت
فيا ليته لم يكن
…
ويا ليتها كانت
إذا فرغ من مجلس قضائه، اشتغل بمعاقبة أهل بيته والغلظة على أقربائه، أن ينفد الأزمان، فاذا ارتفع ضجيج الحرم والغلمان، وأخذ الناس في لعنة هذا الميت، ويتذكرون ببلية أهل الدار محنة أهل البيت:[مجزوء الرجز]
وما رأيت من بلي
…
بظالم لم يعدل
إلّا تذكّرت به
…
بلوى الحسين بن عليّ
فيا ولاة الأمر، من يبسط نفسه للقبض على الجمر:[الرمل]
مغربيّ الخلق فظّ سلقط
…
أيّ من جاهره أسقطه
قامت الحرب على ساق به
…
يغفر الله لمن سلّطه
أبطل مسائل المعاملة والبيّنة، فبطل بذلك دولاب المدينة وأفسدت/ ذات البين، وسلط
[1] العلق الآية 6 و 7.
[2]
في البيت إشارة إلى بيت سحيم بن وثيل الرياحي المشهور الذي تمثل به الحجاج، وهو:(الحماسة البصرية 1/102) .
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
…
متى أضع العمامة تعرفوني
المديون يشكو على رب الدين، وصار الطالب المطلوب، وهذا الفقه المقلوب، على أن في مذهب الشافعي الزاهي، إن مسألة العينة ليست من المناهي، وهي قوام العامة والجيش، ولكن لا ذوق لمن غلب عليه الطيش:[مجزوء الرجز]
وما قرا وثيقة إلا وقال باطله [1]
…
وذا دليل أنّه ليس له معامله
ففي عزله عنّا أجر غير ممنون، وأي حاجة بالعقلاء إلى مجنون:[السريع]
لا وأخذ الرحمن مصرا ولا
…
أزال عنها حسن ديباجه
ولّوا علينا قاضيا ثالثا
…
ما كان للناس به حاجه
هذا مالكي متعصب، قد أسكره الذهب والمنصب، فلا يفرق بين الأرض والسماء، ولا يعرف عموم العامة من خصوص العلماء، حركاته وسكناته مكتوبة عليكم، فلا ندري أنشكوكم إلى الدهر، أم نشكو الدهر إليكم. قاض سمين الأموال، مهزول النوال:[المتقارب]
كثير الجنون مسيء الظنون
…
عدو الفنون لظى محرق
فيصبغ أصبغ من بهته
…
وأشهل في عينه أبلق [2]
لا يحترم أبا حنيفة، ولا الشافعي، ولا يحمد أحمد ولا الرافعي [3] ، قراد لا يلقط إلا دم الأوراك، وجراد لا يسقط إلا على أموال الأتراك، إذا وقع عنده، فقد وقع بين مخالب الأسود، وأنياب الأفاعي السود/:[الرمل]
أدركوا العلم وصونوا أهله
…
عن ظلوم حاد عن تبجيله
إنما يعرف قدر العلم من
…
سهرت عيناه في تحصيله
فقابلوا الفعل بفعله، واستعيذوا بالله يا أهل مصر، من شر ولاية مثله، وارموه من كنانة مصر بسهم قلما أخطأه، وعاجلوا إيضاحه بالإبهام، ترضى الفرقتان؛ المسبّحة والسبابة بسيرتكم الوسطى:[الرجز]
المالكيّ طائش ذو فوره
…
له على أهل العلوم سوره [4]
دار على باب الجراح الدوره
…
وما قرا في باب ستر العوره
[1] في ع: وما رأى وثيقة.
[2]
أصبغ، ساقطة من نسخة ش، من سهو الناسخ.
[3]
أحمد: هو أحمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة، سبقت ترجمته. الرافعي: عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القزويني، فقيه من كبار الشافعية، كان له مجلس للتفسير والحديث بقزوين، توفي سنة 623 هـ (فوات الوفيات 2/3، طبقات الشافعية 5/119) .
[4]
في ب، ش، ل: طائش ذا فوره. في ب: أهل العلم.
مغربي الاخلاق، مذموم على الإطلاق، عار عن الدين، عدة للمعتدين، سيء الصنائع، ذخيرة سوء في الوقائع:[البسيط]
وقاضيا ماضيا في الشرّ مجتنبا
…
للخير من سيئات الدهر محسوبا
يرى إباحة أعراض محرّمة
…
متى ترى شكله المكروه مندوبا
غاية علمه إطالة السكوت، وقول الحاضرين له دائم الثبوت، سكناته غير متناهية، وإذا تكلم ففي داهية، الويل له إن لم يتب، ويجهل حتى أسماء الكتب، أذاه شامل، وشره كامل، ومنهاجه عسر.
لو كان حاوي الخصائص ما قال بالتذنيب، ما هو العزيز النهاية، وله بداية مدونة، من يحتقر بالمهذّب من أين له تهذيب، مقدام ظلوم، جاهل بجميع العلوم، لا يعرف في الفقه الطلاق من التطليق،/ ولا في النحو الإلغاء من التعليق، ولا في التفسير أسباب النزول، ولا في القرآات حجج، وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ
[1]
، ولا في اللغة القدح من الكأس، ولا في الأصلين؛ الجوهر الفرد، والجلي القياس، ولا في المنطق الضرب المنتج من العقيم، ولا في الحديث الصحيح من السقيم، ولا في العروض تفاعيل الدوائر، ولا في القوافي المتدارك من المتواتر، ولا في التصريف المثال من الأجوف، ولا في الطب أي الأمراض أخوف، وهو مع الجهل، وكونه غير أهل، يؤذي نجوم العلوم الطالعة والغاربة، ويعامل الناس بأخلاق المغاربة، ويتطاول على كل طائل، بمنصب هو الظل الزائل، حتى كأنه قدّم على جنس الإنس، أو قدم برأس البرنس:[السريع]
ومالكيّ جاهل باخل
…
لا بارك الرحمن في عمره
جفنته أضيق من جفنه
…
وقدره أصغر من قدره
جهل كثيف، وعقل سخيف، قد أغضب الجمّ الغفير، واجترأ على الإسقاط والتكفير:[الكامل]
يا أهل مصر وقاكم الله الأذى
…
ولّيتم طرفا على الأوساط
صعب على الحرّ الخضوع لناقص
…
وتحكّم الأسقاط في الأسفاط
فهلا إذا قضى الله حب المالكية، وليتم على المسلمين ذا نفس زكية:[البسيط]
والله لو أنّ حماماتكم وقعت
…
على الرجال لما ولّيتم هذا
ضاري الطباع سرور الناس يحزنه
…
ولا انشراح له إلّا إذا آذى
[1] من سورة إبراهيم الآية 46، وتمامها: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ، وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ، وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ.
يضرب إذا حكم، ويفتخر له ولم، ويرعد ويضطرب، ويبعد ويقترب، حتى كانه قتل عنترة، أو فتح قلعة مسترة [1] ، يتأوّه على الشرع من بعده، ويزيد في الشريعة سياسات من عنده، الويل له من هذه الأعمال، كيف يحتاج دين الله إلى إكمال، لقد وقع في عار، لا تغسله مياه الأنهار، قل للذي ما تأدب مع العلوم وأهلها، تهير لحظ البرايا عليه والنفرات، عاص يريد الشريعة نورا ويصبغه بالنيل للنهر الأسود ولو حكى ابن فرات [2] ، لما رأى خلو مجلسه، وقلة مؤنسه، وانقطاع الأعيان عن داره، وإهمال الخاصة له لصغر مقداره، قال له رأيه الفاسد إلى متى أنت مهجور كاسد، فازجر وانتهر، وقبّح حتى تشتهر، فآذى ونادى، وجرح وما داوى، فطفر الناس عليه بهذه الطفرة، وما زادهم عنه إلا نفرة، وكشفوا ظلته، وعرفوا علّته:[الكامل]
حال النّحاة على العموم تميّزت
…
عندي لأنّ القوم أهل خصوص
من أجل قاض قد رموه بعلّة
…
ودعوه بالمستثقل المنقوص
إذا جلس خلت غولة جالسة، وإذا تكلم مطيلسا، قلت جاء البرد والطيالسة [3] ، لا قراءة له ولا قرى [4] ، فليت العيون اكتحلت منه بأميال السرى،/ يحب من القرآن: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا
[5]
، ومن الحديث:(أباهي بكم الأمم)[6] ، حتى بالسقط، ومن الفقه سقوط يد السارق بآفة، ومن النحو سقوط التنوين بأل والإضافة، ومن الشعر [7] :[الوافر]
وما للمرء خير في حياة
…
إذا ما عدّ من سقط المتاع
[و] : [الرجز]
يحبّ من كلّ علم
…
السين والقاف والطا
حاشا الرسالة منه
…
ما خلقه بالموطّا
يتنفس على الناس الصعداء، ويؤذي الأشقياء والسعداء، لقي بعض الناس منه ما لقي،
[1] قلعة مسترة: موضع لم أجده في معجم البلدان.
[2]
قوله: (قل للذي ما تأدب..... ابن فرات) كأنهما بيتا شعر، ولكنهما غير موزونين.
[3]
مطيلسا: مبهما، طلس الشىء، طمسه ومحاه. والطيالسة: جمع طيلسان أو الطالسان، ضرب من الأوشحة يلبس على الكتف، أو يحيط بالبدن، فارسي معرب، وهو من لباس العجم، والطيالسة هنا شتم، أي يا عجمي.
[4]
القرى: طعام الضيف.
[5]
التوبة 4. وتمام الآية: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي، أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ.
[6]
الحديث برواية (مكاثر بكم الأمم) أخرجه ابن حبان في صحيحه.
[7]
البيت لقطري بن الفجاءة من قطعة في ديوان الخوارج ص 122.
وهو عازم على ما بقي: [الطويل]
لقد أصبح الباقون منه على شفا
…
متى استنشدوا الشعر القديم يقولوا
يهون علينا أن تصاب جسومنا
…
وتسلم أعراض لنا وعقول [1]
فالله يعصم منه أعراضنا العريضة، ويعجّل قسمة تركته، فقد عالت الفريضة:[السريع]
ابن الرباحيّ على جهله
…
وجوره في حلب يحكم
إن لم يكن في حلب مسلم
…
فمصر ما كان بها مسلم
المنصب الجديد لا يسده إلا الرجل السديد، لقد آذى مذهب مالك، من توسط لهذا العرّة بذلك:[مخلع البسيط]
من كان في علمه دخيلا
…
فللولايات لا يليق
لا سيما منصب جديد
…
فكفؤه عالم عتيق
وماذا أقول فيمن حمله جهله على أن قال في ابن السّفاح وابن العديم/ ما هو أهله، أحسن الله إليهما، ورضي عنهما، ولولا حظ نفسه، وظلمه حسه، لاكتسب من رئاستهما، واقتدى بعفّتهما عن الأموال والأعراض، وحسن سياستهما، لكنه أعمى البصر والبصيرة، سيّىء الظن، خبيث السريرة يؤذي الناس ويقول لا تؤذوني، وينادي مال قرابغا [2] في يده بالله خذوني:[مخلع البسيط]
بالله يا أولياء مصر
…
خذوه من عندنا بستر
متى رأيتم وهل سمعتم
…
بأن قاضي القضاة جمري [3]
يقضي عمره في الأسواق والأسفار، ومرافقة أبي حيّة من التجار، ما أقدره على التنقير، وما أسهل عليه الفسق والتكفير، فلا قوة لنا من جمرته [4] ولا حول، لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ
[5]
: [الرجز]
يا قومنا إنّ الفساد قد غلب
…
وخافت الأعيان سوء المنقلب
ومن نشا بين الحمير والجلب
…
كيف يكون قاضيا على حلب [6]
[1] في ب، ط، ش، ل: يهان علينا.
[2]
قرابغا: حاكم حلب، سبقت الإشارة إليه.
[3]
جمري: لعله منسوب إلى جمرة النار، أو الحصاة يستنجى بها، أو من الجمر أي السرعة، أجمرت الدابة، أسرعت وعدت، وكلها من معاني الهجاء.
[4]
جمرته: غضبه.
[5]
النساء 148.
[6]
الجلب: ما جلب من إبل وغنم ومتاع التجارة.
كم دعي إلى بابك فما ارتاح إلى الباب، وتراه حرّان لعدم الرقة، فاذا قيل فلان قد كفر طاب، هو في العينة جسر الحديد، وبالبخل بعدا وليعش للتفاح، ومعارته الحلفة وشر سرمدا، فلا عاش هذا الأقرع الغاوي اللكام المرتب سفرا عن بائس، فان طول هذه القرينة المقام في حلب، فيا ضيعة الترقا [1] :/ [مجزوء الرمل]
هو في العلم آخر
…
وهو في الظلم سابق
فهو للضيف حارم
…
وهو في العرض دابق [2]
أيولّى على الناس من كان يخضع للحقير والمكّاس [3] ؟ وبعد تلك الخساسة، يرشح للرياسة، لا جرم أنّه كثر تلبيسه [4] ، وطال تعبيسه، فكأنما يفكر في غامض، أو تلمّظ بخل حامض:[مجزوء الرجز]
بعدا لقاض تاجر
…
إثباتنا في سابه
شيخ الحقير بارق
…
في عينه وقلبه
يحبس على الردة بمجرد الدعوى، ويقوّي شوكته على أهل التقوى، فقد ذلّل الفقهاء والأخيار، وجرّا عليهم السفهاء والأغيار:[مجزوء الرجز]
يحبس في الرّدة من
…
شاء بغير شاهد
لا كان من قاض حكى
…
الفقاع حد بارد
أراح الله من تعرّضه، وصان الأعراض عن تقرضه، فقد شقّ بحربه على الأكابر، وشق تعديه إلى المقابر:[السريع]
في حلب قاض على مالك
…
قد افترى ما فيه توفيق
ومن تلكّا معه قال قم
…
قد قيل لي إنّك زنديق
يقصد بذلك أهل الدين، ويلطخ به القراء المجودين، نسي جلوسه في السوق، وأصبح يثبت في الفسوق نقل من الذراع والمقصّ، إلى هذا المنصب الأعز الأخص، والله لقد هزلت، فسحقا للدنيا وما فعلت:[مجزوء الرجز]
قاض من السوق أتى
…
معتاد بيع الأكسيه
ذا للوصايا ما يعي
…
كيف يعي في الأقضيه
[1] كذا جاءت الأسطر الثلاثة في جميع النسخ، وفيهما اضطراب وغموض.
[2]
دابق: لا صق.
[3]
المكاس: الناقص، مكس الشىء مكسا: نقص، والمكاس: الذي يأخذ الضريبة.
[4]
تلبيسه: تخليطه، وتلبس بالأمر: اختلط، واللبس: الشبهة وعدم الوضوح.
بعد الامتهان في الرحاب، يقال له باسم الله رئيس الاصحاب، وما مر دجنه، وافسد بهذه الكلمة ذهنه، ألا يغيب له طبق، وتعسا لجارح يبلبله الدبق، فو الله لولا كراهة السخافة، لآتينّ هنا بأفانين من حديث خرافة، ثم إنه مع تلك الأباطيل، يدعي العفّة عن أكل البراطيل [1] ، فليته تناول الحطام، وتعفف عن أعراض الأنام:[مجزوء الرمل]
طرف قدّمه
…
دهره إذ سكرا
إن صحا الدهر له
…
سترى ما سترا
أو ما علم هذا المشلول اليد، المفترق اللسان، أنّ العرض أثمن من المال عند الإنسان:[الكامل]
التاجر الخياط قاض عندنا
…
ولديه تثبت ردّة وفسوق
ومن العجائب أن يخيط قلوبنا
…
بكماره ولسانه مفتوق [2]
وكيف عادت حلب تسكن، وفيها هذا الألثغ الألكن:[مخلع البسيط]
يا ساكني مصر ما عهدنا
…
منكم سوى رحمة وألفه
فكيف ولّيتموا علينا
…
من لا تصحّ الصلاة خلفه
راؤه غين، ومنطقه شين، إذا سبّح الربّ، لا تدري أسبّح أم سبّ:[السريع]
الألثغ الطاغي تولّى القضا
…
عدمت هذا الألثغ الطاغي
إن سبّح الباري حكى سبّة
…
فقال سبحانك يا باغي
لا يفرّق بين المؤنث والمذكر إلا بالفرج، ولا يعرف العربية إلا باللجام والسرج:[مجزوء الهزج]
قليل الفقه لّحان
…
له في حكمه خبط
قبيح الشّكل محتدّ
…
فلا شكل ولا ضبط
لو عقل لاكتفى ببلغته، وصان المنصب عن عار لثغته:[المجتث]
وألثغ يتحرّى
…
ويصبغ العرض صبغا
إن قيل هل أنت برّا
…
يقل نعم أنا بغّا
من ألّم بشكله تألم، ولا سيما إذا تكلم، ولايته هتكة، وعزله مثل الحج إلى مكة:[الكامل]
أضحى يصول على الفصاح بلثغة
…
منهوكة مهتوكة تستعظم
[1] البراطيل: الرشاوى.
[2]
بكماره: الكمار ما يشد على الثوب كالحزام.
عجبي لهم كيف ارتضوه لمثلنا
…
حكما أما سمعوه إذ يتكلم
سكر بخمر الولاية، إنّ في ذلك لآية، فصل الله اتصاله عنّا، وجعل بارز ضميره مستكنّا:[مخلع البسيط]
ولّيتم جاهلا جريّا
…
ألثغ بالمسلمين ضاري
مقلقلا من بني رباح
…
نحن به من بني خسار [1]
فقولوا له عنّي يا شرّ الحزبين، كم من حيّ قاض في البين وكم تقدم/ في الناس طرف، وكم [2] جاء مثلك ثم انصرف، هذا وقد أعلمتك أني لو رضيت الولاية لتقدمتك:[السريع]
قولوا له عنّي ولا تجزعوا
…
من شرّه يا ساخن العين
لو كنت أرضى ما تقلدته
…
جلست من فوقك باثنين
كم جراح بلا اجتراح، لقد جئت بغريب في الصحاح:[الوافر]
جرحت الأبرياء فأنت قاض
…
على الأعراض بالأغراض ضاري
ألم تعلم بأنّ الله عدل
…
ويعلم ما جرحتم بالنهار
ثم من أعظم ذنوبه، وأكبر عيوبه، أن هذا الفرد الظالم، حوله من المغاربة جمع غير سالم، وهم في السر يتوقعون قيام الحرب، ويطمعون أن مصر سيملكها أهل الغرب:[الكامل]
يا أهل مصر أهكذا وليتم
…
حلبا لجلف مالكيّ المذهب
من دابه مراهنا أصحابه
…
ويقول قد ظهرت جيوش المغرب
لا تكونوا فيه من الممترين، فقد ران على قلبه بحب بني مرّين [3] :[مخلع البسيط]
لقد بلينا بمالكيّ
…
يقدح في الترك كلّ حين [4]
صلي في السّرّ وهو يدعو
…
لصاحب المغرب المريني
أخبرني بذلك من لا يذكر، وحلف أنّي إن سمّيته أنكر، فاعزلوا عن أعمالكم هذا القرد، وإن غضب فغضب الأسير على القدّ، فانه يميل إلى الزيدية [5] ، ويتذكر الدولة
[1] في ب، ش: مقلقل. وبنو رباح: بالباء الموحدة، يريد بهم القرود.
[2]
من هنا صفحتان بيضاوان إلا أربعة أسطر في نسخة ش.
[3]
بنو مرين: أسرة إسلامية حكمت في المغرب الأقصى، يتسم حكمها بالقوة والعظمة والحضارة.
[4]
البيتان والعبارة قبلهما ساقطان من ع.
[5]
الزيدية: شيعة تنسب إلى زيد بن علي بن الحسين، وتقابل الإمامية، وهما أكبر فرق الشيعة، وعرفت الزيدية بالاعتدال بعيدة عن التطرف، وهو أقرب إلى أهل السنة. (الموسوعة العربية الميسرة 1/938) .
العبيدية [1] :/ [المجتث]
قال الرّباحيّ سرّا
…
مصرا إليها إليها
كنّا بمصر وإنّا
…
لعاملون عليها
لا عاش ولا بقي، ولقي من الخيبة ما يتّقي، فهذه الدولة مطاعة، إلى قيام الساعة، على رغم قاض إذا حكم جار، ولو على الجار، وإن غضب أو صال، فرّق الأوصال، عامي طرف، لا شرف له ذكر، ولا ذكر له شرف، يوقع العظيمة، ويعظم الوقيعة، ويشارع الخليفة، ويخالف الشريعة، يدع الإيثار، ويؤثر الدّعة، ويختار المرابع المذهّبة على المذاهب الأربعة، وإن تصعب لمالك، فلحظ نفسه في ذلك:[مجزوء الوافر]
لقد ولّيتم رجلا
…
بخفض الناس يرتفع
ففرّق بيننا سفها
…
وعند الله نجتمع
ومن أغرب ما يحكي الحاكي، أنه جمع العلماء في يوم باكي، فظنوا جمعهم لوليمة، فاذا هو جمع، فأخرج لهم سوطا مجدولا، يشبه سيفا مسلولا، وشاورهم على إعداده لعقوبة من وقع، فنهوه عن ذلك، وأمروه بالرفق فامتنع، فغادروا من عنده إلى الأوطان، مستعيذين بالله من الشيطان:[الكامل]
سوط يقلّ السيف عند عيانه
…
وأراه بعض حوادث الأيام
ينوي به للمسلمين عقوبة
…
وكذا تكون موائد الحكّام
فما قولك في طباع، تشبه ضراوة السباع، لا يرضيه إلا الدما، فلولو [2] عنده سما، لولو عارض الكتاب، وهذا يتعرض لجملة الكتّاب، فالحذار الحذار من فعله، والبدار البدار إلى عزله، فكم أرعب وآذى، والقاضي يعزل بدون هذا، نعم يعزل بمجرد الظّنة، فاخرجوا من حلب هذه النار تدخلوا الجنة، لقد غاظني عامي يعلو بنفسه، والعامة عمى، أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ
[3]
، فان شئتم يا نظّام الدولة أن يقوم وزن هذه البلاد، فكونوا في عروض عزله أسبابا [4] تدعو لكم الأوتاد:[المتقارب]
[1] الدولة العبيدية: نسبة إلى مؤسسها أبي محمد عبيد الله الملقب بالمهدي، أسس دولة في المغرب بالقيروان، ثم استولوا على مصر، توفي عبيد الله سنة 260 هـ.
[2]
لولو: اسم رجل، لعله لؤلؤ.
[3]
البقرة 30، وتمام الآية: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ.
[4]
كلمة (أسبابا) ساقطة من ب، ط.
مديد الرحاب سريع الخلاف
…
بسيط الجزاف خفيف طويل [1]
على جهله بضروب العروض
…
لكل قبيح فعول فعول
فاقصدوا البحر ظلمة المديد جسّا وبترا، وأديروا عليه الدوائر بالفاصلة الكبرى، فقد عاد لباس حلب مخشوشنا، واتخذت نهرها سيفا، وجبلها جوشنا [2] فذبوا عن سهوة [3] الشهباء، ولبّوا فيها دعوة الأولياء، قبل أن ينطوي الجل، ويعقر الكل:[الكامل]
من قبل أن يمسوا ونصف منهم
…
في الفاسقين ونصفهم كفّار
حاشاهم من ذا وذا لكنّ من
…
عدم الرئاسة قال ما يختار
خذوه فاغسلوه، فانّا نخاف أن يقتلوه، واحسموا مادة هذا الكذاب المبين، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ
[4]
/، كم أسقط شاهدا وعدلا ضابط، فالعالم كلهم عليه ساخط، من كثرة ما يسقط خافت حلب أن يكتب جاحظها بالساقط، فاعتماده اعتماد من عدم الحياء، وسيعدم الحياة، وذم محتده ويده، فلا صلة كتاب الطهارة، ولا لكنه باب المياه، فأقدموا في عرضه وإن كان لا يقدح في زناد، وافصلوه عنا فقد ألبس، والفصل في النحو عماد، والغوا فعله المتعدي بفعلكم اللازم، وسكّنوا حركاته العارضة بدخول الجوازم، واسقطوا هذه الفضلة من البين، وانصبوه على التحذير لا على الإغراء، فشتّان بين النّصبين، وعاملوا هذه اللحنة في النحو بالمنع من التصريف، ونكّروا معرفته بنزع الولاية، فالولاية آلة التعريف [5] واخفضوا هذا العلم المنصوب على الذم، وادخلوا أفعاله الناقصة والمقاربة في باب كان وكاد، واحذفوه فما هو عمدة، ولا أحد ركني الإسناد، واصرفوه عنا فما له على معرفته ووزن فعله دليل، وركبوه من حلب تركيب سيبويه، فهي مدينة الخليل./
[تمت مقامة الحرقة للخرقة]
[1] إلى هنا ينتهي النقص في نسخة ش.
[2]
الجوشن: الدرع.
[3]
السهوة: بيت على الماء يستظلون به، وسترة تكون قدام فناء البيت، وشبه الخزانة الصغيرة يكون فيها المتاع، وحائط صغير بني بين حائطي البيت، ويجعل السقف على الجميع، فما كان وسط البيت فهو سهوة، وما كان داخله فهو المخدع.
[4]
الأنفال 73.
[5]
قوله: (ونكروا معرفته.... آلة التعريف) ساقطة من ب، ط، ل.