الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وازدهاره الثقافي والاجتماعي، ويقول الغزي في وفاته:«وكان له مشهد عظيم، ودفن في حوش قوصون خارج باب القرافة، وصلى عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي» [1] .
مؤلفات السيوطي
السيوطي عالم موسوعي كثير التأليف غزير الإنتاج، ألف في كل فن، واختلف من أحصى مؤلفاته في عدد هذه المؤلفات، وهي بطبيعة الحال تتفاوت بين المجلدات الكبيرة والرسائل الصغيرة، في موضوعات الثقافة العربية والإسلامية، فقد ألف في علوم القرآن، والتفسير، والحديث النبوي وعلومه، والفقه، واللغة وعلومها، والبيان والبديع، والتاريخ والتراجم والطبقات، والأدب وتاريخه، والتصوف، وتحريم علم المنطق، والطب، وغيرها.
وقد ذكر السيوطي مؤلفاته في كتابين، الأول:(التحدث بنعمة الله) وذكر من كتبه 530 مؤلفا [2] ، ثم في كتابه (حسن المحاضرة) حين ترجم لنفسه، قال: «وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاث مئة كتاب سوى ما غسلته ورجعت عنه) [3] ، والمعروف أن السيوطي ألف كتابه التحدث بنعمة الله قبل كتابه حسن المحاضرة، فكيف تكون مؤلفاته في الأول 530 كتابا ثم بعد ذلك في حسن المحاضرة ينزل العدد إلى النصف 300 كتاب، هل هناك خطأ في العدد وهو 600، وكتب الناسخ 300، أم أن ما غسله بلغ نصف مؤلفاته، وهذا ما لا يعقل، وبين تأليف الكتابين مدة طويلة لابد وأنه ألف خلالها كتبا كثيرة، ومما يعزز هذا الفرض أن السيوطي ذكر في (فهرست مؤلفاته) الذي كتبه بعد حسن المحاضرة 538 مؤلفا، وقسم هذه المؤلفات إلى موضوعات هي:
في التفسير: 73 كتابا، وفي الحديث: 52 كتابا، وفي المصطلح: 32 كتابا، وفي الفقه: 71 كتابا، وفي أصول الفقه والدين والتصوف 20 كتابا، وفي اللغة والنحو والتصريف 66 كتابا، وفي المعاني والبديع 6 كتب، وفي الكتب الجامعة 8 كتب، وفي الطبقات 30 كتابا [4] .
واسترعت كتب السيوطي اهتمام العلماء في عصره وما بعده فأحصوها، فنجد أن كتبه قد نيّفت على الخمس مئة كما يذكر الغزي في الكواكب السائرة [5] ، وابن العماد في
[1] الكواكب السائرة 1/231، وينظر: قبر السيوطي وتحقيق موضعه، لأحمد تيمور ص 6- 22.
[2]
التحدث بنعمة الله 105- 136.
[3]
حسن المحاضرة 1/338.
[4]
فهرس الفهارس 2/359.
[5]
1/228.
شذرات الذهب [1] ، وأوصل العدد إلى ست مئة مؤلف كل من ابن إياس [2] ، وابن طولون [3] والعيدروسي [4] .
واهتم المعاصرون باحصاء مؤلفات السيوطي، فقد أحصى أحمد الشرقاوي إقبال للسيوطي 725 مؤلفا [5]، ويؤخذ علي الباحث أنه أهمل كتابي السيوطي:(التحدث بنعمة الله) ، و (فهرست مؤلفاته) ، وأحصى أحمد الخازندار، ومحمد إبراهيم الشيباني في دليل مخطوطات السيوطي [6] 981 عنوانا، وآخر من أحصى للسيوطي من المعاصرين هو إياد خالد الطباع في كتابه (الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي، معلمة العلوم الإسلامية)[7] ، إذ جاء بأكبر عدد وهو 1194 عنوانا، مقسمة وفق الآتي:
الكتب المطبوعة 331 عنوانا.
الكتب التي مازالت مخطوطة 431 عنوانا.
الكتب المفقودة أو المجهولة المكان: 432 عنوانا.
وفي هذه الكتب المؤلفات الكبيرة التي تكون مجلدات، وفيها الرسائل الصغيرة التي قد تكون ورقات، وقد امتاز السيوطي بكثرة التأليف، وتنوع الفنون والموضوعات، وحسن العرض والتبويب، مما استرعى انتباه القدامى والمحدثين، فأشادوا بفضله وجودة مؤلفاته، فقد أشاد به المقّري بقوله: إنه إمام الدنيا [8]، ووصفه الشوكاني:(بالإمام الكبير صاحب التصانيف)[9] ، وأشاد بفضله وكتبه مجموعة من العلماء، منهم: ابن إياس [10] ، وابن العماد [11] ، وعبد الحي الكتاني [12]، أما المؤلفون المعاصرون فقد أشاد بمؤلفاته جمهرة كبيرة نذكر منهم: كراتشكوفسكي الذي يقول عنه: (أكثر المؤلفين قربا إلى جمهرة القراء، لأكثر من ثلاثة قرون، لا في البلاد العربية وحدها، بل في العالم الإسلامي عامة)[13] ، ويعبر
[1] 8/53.
[2]
بدائع الزهور 4/83.
[3]
مفاكهة الخلان 1/301- 302.
[4]
النور السافر ص 55.
[5]
مكتبة الجلال السيوطي ص 7.
[6]
الكويت 1983.
[7]
طبع دار القلم، دمشق 1996.
[8]
أزهار الرياض 3/56.
[9]
البدر الطالع 1/328.
[10]
بدائع الزهور 4/83.
[11]
شذرات الذهب 8/53.
[12]
فهرس الفهارس 2/359.
[13]
تاريخ الأدب الجغرافي 2/488.
نيكلسون عن إعجابه بالسيوطي ومؤلفاته بقوله: (لو سئلنا أن نختار شخصا واحدا يعكس في ذاته الاتجاهات الأدبية للعصر الاسكندري في الحضارة العربية بشكل تام قدر المستطاع، لوقع اختيارنا على جلال الدين السيوطي)[1] .
وهذا التراث الضخم في شتى العلوم والفنون هو جهد رجل فرد، عالم فذ، نذر نفسه للعلم، وأخلص له، فوفقه الله سبحانه، وهداه إلى الطريق القويم.
إن عصر السيوطي هو العصر المغولي، الذي شهد تفتت البلاد الإسلامية، وخراب المدن، وسقوط الحضارة، وقد بدأ هذا التفتت والانحدار قبل سقوط بغداد، ثم ازداد ذلك بعد سقوط بغداد على أيدي المغول سنة 656 هـ، حتى دخول العثمانيين مصر سنة 923 هـ، وفي هذه الفترة التي بلغت القرنين ونصف، ساد حكم المغول البلاد الإسلامية من الهند شرقا، إلى بلاد الشام غربا، وقد رافق ذلك محنة أخرى، هي خروج المسلمين من الأندلس سنة 897 هـ، وإحراق الكتب العربية، فقد أمر الكردينال (زيمتس) باحراق مكتبة غرناطة، وذهب في هذا الحريق أكثر من ثمانين ألف مجلد، من كتب التراث الإسلامي، وكان لهذا البلاء صدى في نفوس العلماء، بأن دعاهم حرصهم على تراث الأمة، أن اتجهوا إلى التأليف الموسوعي، والنقل عن الكتب ليحفظوا هذا التراث من الضياع، وليقدموا الفكر الإسلامي في تضاعيف كتبهم، وقد دأبت مجموعة كبيرة من المؤلفين على هذا الضرب من التأليف الموسوعي، الذي يحفظ تراث الأمة في التاريخ، والأدب، والتراجم، والمعجمات، وكان صفوة من هؤلاء العلماء في هذه الفترة، والذين قدموا مؤلفات نفيسة نادرة نذكر أهمها:
- ابن عساكر (ت 571 هـ) في: تاريخ دمشق، ويقع في 40 مجلدا كبيرا.
- ابن الجوزي (ت 597 هـ) في: المنتظم في تاريخ الأمم، طبع منه ستة أجزاء، وألف ابن الجوزي نحو 300 كتاب.
- ابن الأثير، عز الدين الشيباني (ت 630 هـ) في: الكامل في التاريخ، 212 مجلدا، وله أسد الغابة في معرفة الصحابة، في 5 مجلدات.
- ياقوت الحموي (ت 626 هـ) في معجم الأدباء، في سبعة مجلدات. ومعجم البلدان في خمسة مجلدات كبار.
- ابن أبي أصيبعة (ت 668 هـ) في: طبقات الأطباء.
- ابن خلكان (ت 681 هـ) في: وفيات الأعيان، في سبعة مجلدات.
- ابن الطقطقي (ت 702 هـ) في: الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية.
[1] تاريخ الأدب العباسي، الترجمة العربية ص 278.