المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وقال ابن عبد البر في كتاب العلم - المحاضرات والمحاورات

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌جلال الدين السيوطي

- ‌حياته

- ‌مؤلفات السيوطي

- ‌من ألف في المحاضرات والمحاورات وما أشبهها:

- ‌معنى المحاضرة

- ‌كتاب المحاضرات والمحاورات

- ‌نسخ الكتاب المخطوطة

- ‌1- نسخة الأصل:

- ‌2- نسخة ب:

- ‌3- نسخة ش:

- ‌4- نسخة ع:

- ‌5- نسخة ل:

- ‌6- نسخة ط:

- ‌من إنشاء الشهاب المراغي [3] في ذكر العلم

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من طبقات ابن سعد

- ‌ذكر مراثي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه

- ‌في تاريخ ابن عساكر [4]

- ‌منتقى من المصنف لابن أبي شيبة مما يحسن في المحاضرات

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الغرر من الأخبار

- ‌ذكر مستحسنات انتقيتها من مصنف عبد الرزاق

- ‌أحاديث إعطائه صلى الله عليه وسلم القصاص من نفسه

- ‌من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه

- ‌[في العزلة]

- ‌في حياة الحيوان للكمال الدميري

- ‌[من تاريخ من دخل مصر للمنذري]

- ‌في كتاب البسملة لأبي شامة

- ‌في التذكرة المسماة كنوز الفوائد ومعادن الفرائد

- ‌في كتاب العشق والعشاق تأليف عبد العزيز بن عبد الرحمن بن مهذب

- ‌ذكر المسبحي [1] في تاريخه

- ‌[المختار من تذكرة ابن مكتوم]

- ‌في النهاية لابن الأثير

- ‌وفي تذكرة الوداعي

- ‌ذكر الأصل في المفاخرات

- ‌مفاخرة السيف والقلم

- ‌مقامة تسمى الحرقة للخرقة

- ‌قال وكيع في الغرر

- ‌في كتاب الأشراف لابن أبي الدنيا

- ‌أخرج ابن عساكر في تاريخه

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم

- ‌من وضعيات شرف بن أسد المصري

- ‌في تذكرة الوداعي

- ‌في تذكرة ابن مكتوم

- ‌في تاريخ الصلاح الصفدي

- ‌في شرح البخاري للكرماني [1]

- ‌في تاريخ ابن عساكر

- ‌البخاري في التاريخ

- ‌قال البغوي [1] في معجم الصحابة

- ‌المقامة اللازوردية في موت الأولاد

- ‌المقامة المنبجية للإمام زين الدين عمر بن الوردي

- ‌المقامة الصوفية

- ‌منتقى من كتاب التدوين في أخبار قزوين

- ‌ذكر الشيخ أبو منصور الثعالبي في اليتيمة

- ‌رسالة السكين

- ‌قال البغوي في معجم الصحابة

- ‌وقال ابن عبد البر في كتاب العلم

- ‌[حديث أم زرع]

- ‌في التنوير لابن دحية

- ‌المغرب في أخبار المغرب

- ‌في كتاب نزهة المذاكرة وأنس المحاضرة

- ‌في تذكرة الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي

- ‌من كتاب (اللطائف واللطف) [1] لأبي منصور الثعالبي

- ‌من كتاب (لطائف المعارف) للقاضي أبي بكر النيسابوري

- ‌من كتاب (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام)

- ‌في تذكرة المقريزي

- ‌حكاية القاضي واللص

- ‌في تاريخ المدينة الشريفة للحافظ جمال الدين المطري [2]

- ‌قال القاضي تاج الدين السبكي [1] في الطبقات الكبرى:

- ‌في تاريخ ابن عساكر

- ‌[الفهارس]

- ‌فهارس الكتاب

- ‌1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة

- ‌2- فهرس الأحاديث النبوية

- ‌3- فهرس الشعر

- ‌4- فهرس الأعلام

- ‌5- فهرس القبائل والأمم والشعوب والجماعات

- ‌6- فهرس المواضع والبلدان

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌وقال ابن عبد البر في كتاب العلم

‌وقال ابن عبد البر في كتاب العلم

قرأت على خلف بن القاسم، أن محمد بن إبراهيم بن عطية الحداد، حدثه حدثنا أحمد بن محمد بن موسى بن عيسى، حدثنا محمد بن عبد الله بن المستنير، حدثنا أبو عصمة بن النعمان البلخي، حدثنا إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي يونس القشيري، عن سماك بن حرب، عن أبي الدرداء، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يوزن يوم لقيامة مداد العلماء ودم الشهداء)[1] .

وقال الشيرازي في الألقاب: سمعت محمد بن عبد الواحد الخزاعي، يقول: سمعت أبا الحسين جراب محمد بن عبد الله بن القاسم الحارثي الرازي النحوي، يقول، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عفان وشاذان وعارم أبو النعمان، قالوا، حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(يوزن مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء)[2] . قال الشيرازي: جراب كان كذابا.

وقال نعيم بن الهيصم في جزئه، سمعت بعض أصحابنا يقول: مداد طالب العلم لله عز وجل عند الله عز وجل كدم الشهداء. وقال ابن النجار: قرأت على أبي عبد الله أحمد بن محمد الخبزي، عن أبي طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد الصفّار،/ قال: كتب إليّ إسماعيل بن مسعدة الجرجاني، أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي، أخبرنا أبو إسحاق المؤدب الجرجاني، حدثنا أبو شافع الروياني الشاعر، حدثنا مجلل بن سليمان بن هاشم السامري، حدثنا أبو سعيد بن عبد الله الخوارزمي، حدثنا عصام بن الوليد، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا هارون بن عبد الله، عن أبي عون، عن سلمة بن وردان، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(إذا كان يوم القيامة يوزن دم الشهداء بمداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء)[3] .

قال أبو الحسين الجزار [4] : لما وقعت النار بالحرم النبوي: [الكامل]

[1] جامع بيان العلم 1/36، كنز العمال 28901، الدر المنثور 3/72.

[2]

العلل المتناهية لابن الجوزي 1/72، كنز العمال 28902، اتحاف السادة المتقين 1/41.

[3]

جامع بيان العلم 1/36، الدر المنثور 3/72، كنز العمال 28901.

[4]

الجزار: يحيى بن عبد العظيم بن يحيى بن محمد، أبو الحسين، جمال الدين، شاعر مصري ظريف، كان جزارا بالفسطاط، وأقبل على الأدب، وأوصله شعره إلى السلاطين والملوك، فمدحهم وعاش بما كان يتلقى من جوائزهم، وكان من أصدقاء (أبي سعيد) صاحب كتاب (المغرب في حلى المغرب) فملأ ابن سعيد خمسين صفحة من كتابه بما انتقى من شعره، للجزار من المصنفات:(العقود الدرية في الأمراء المصرية) منظومة انتهى بها إلى أيام الظاهر بيبرس، و (ديوان شعر) و (فوائد الموائد) ، و (الوسيلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب) ، وغيرها، توفي سنة 679 هـ. (المغرب في حلى المغرب قسم مصر 1/296- 348، فوات الوفيات 2/319، النجوم الزاهرة 7/345، البداية والنهاية 13/293) .

ص: 375

شرفا بني العباس إنّ لنبيكم

مجدا علا عن رتبة التشبيه [1]

رتب الخلافة أنتم أولى بها

ما أجدر العباس بابن أخيه

فتداركوا حرم الرسول بهمّة

عن كلّ صاحب نعمة تغنيه

لله في النار التي وقعت به

سرّ عن العقلاء لا يخفيه

إذ ليس يبقى في حماه بقيّة

ممّا بنته بنو أميّة فيه

وقال يمدح الظاهر بيبرس [2]، ويذكر طواف المحمل والنداء في الناس بالحج سنة أربع وستين وستمائة:[الوافر]

دعاك لنصرة البيت العتيق

فأمكن من يحجّ له الطريق

ونادتك المشاعر واثقات

فتمّ لها بهمّتك الوثوق

ومثلك من يغوث إذا استغاثت

بهمّته وغيرك من يعوق

لقد أوسعت بيت الله برّا

وكان من الملوك له عقوق

وقد أدنيت منه كلّ قاص

يبيت وقلبه قلب مشوق

فما وجدت وجى في البيد سوق

ولا قامت به للظلم سوق

وكم سمّوا مظالمه حقوقا

وليس كذاك تلتمس الحقوق

لقد خفّفت فيه عن الرعايا

وقد حملت به ما لا يطيق

وقمت مقام إبراهيم فيه

فلم يبعد بك الفجّ العميق

وفي حرم الرسول فعلت أيضا

من الحسنات أحسن ما يليق

لقد أثلجت صدر الحقّ حتى

تلاشى وانطفى ذاك الحريق

وأمنّت البلاد وساكنيها

فبعد اليوم لا عقّ العقيق

جزاك الله أحسن ما يجازي

به ملك بمكّته شفيق

جميع زمانه أيام حج

فلا رفث بهنّ ولا فسوق

وطاف المحمل البلدين يجلي

على الأبصار منظره الأنيق

فكان به لأفئدة الأعادي

وللرايات يومئذ حقوق

وجيشك للعجاج يثير ليلا

لوجهك في دجنّته شروق [3]

[1] في ش: شرفا أولي العباس.

[2]

سبقت ترجمة الظاهر بيبرس.

[3]

في ب، ل، ع: بالعجاج يثير.

ص: 376

وصدرك لا يضيق بما حواه

وإن كان الفضاء به يضيق

لقد نصر الهدى والحقّ ملك

بأمر الدين والدنيا خليق

يفكّر بالمصالح لا صبوح

له من دونهنّ ولا غبوق

وبين الظاهر السلطان فاعلم

وبين سواه في هذا فروق

وفي الملك السعيد شمائل من

أبيه وحسبك الأصل العريق

فداما للرعية ما تغنّي

حمام وانثنى غصن وريق

قال البيهقي في سننه، حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نعيم، وكيل المتقي ببغداد، حدثنا أبو محمد عبد الله بن هلال النحوي الضرير، حدثنا علي بن عمر الأنصاري، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيت شعر قط إلا بيتا واحدا [1] :[الطويل]

تفاءل بما تهوى تكن فلقلّما

يقال لشيء كان إلا تحقّق

قالت عائشة: ولم يقل (تحققا) لئلا يعربه فيصير شعرا. قال البيهقي: لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، وفيهم من جهل حاله.

وقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ،/ أخبرني الحسين بن علي التميمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول، سمعت الشافعي يقول: اجتمع مالك وأبو يوسف عند أمير المؤمنين، فتكلما في الوقوف وما يحبسه الناس، قال يعقوب: هذا باطل، قال شريح: جاء محمد صلى الله عليه وسلم باطلاق الحبس، فقال مالك [2] : إنما جاء محمد صلى الله عليه وسلم، باطلاق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة والسائية [3] ، فأما الوقوف فهذا، وقف عمر بن الخطاب حيث استأذن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: حبّس أصلها، وسبّل ثمرتها، وهذا وقف الزبير، فأعجب الخليفة ذلك.

وأخرج البيهقي في سننه، عن سلمان، قال: لم يكن أحد أعظم حرمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كتبوا إليه، يكتبون:«من فلان إلى محمد رسول الله» ./

[1] البيت في الدر الفريد 3/155 يرويه عبد الله بن عباس برواية مختلفة لعجز البيت، وقد مر الخبر في ص 18.

[2]

قوله: (فقال مالك إنما جاء محمد صلى الله عليه وسلم ساقطة من نسخة ش.

[3]

البحيرة: الناقة كانت في الجاهلية إذا ولدت خمسة أبطن، شقوا أذنها، وأعفوها أن ينتفع بها، ولم يمنعوها من مرعى ولا ماء، وقد أبطلها الإسلام، وفي التنزيل العزيز: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ

. السائبة: الناقة المهملة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه، والبعير الذي يدرك نتاج نتاجه فيسيّب، يترك ولا يركب ولا يحمل عليه. (المعجم الوسيط: بحر، ساب)

ص: 377

أنشد البيهقي في شعب الإيمان، لبعض أهل الأدب [1] :[البسيط]

إني وإن كان جمع المال يعجبني

فليس يعدل عندي صحّة الجسد

المال زين وفي الأولاد مكرمة

والسّقم ينسيك ذكر المال والولد

وقال ابن النجار [2] ، أخبرنا أبو محمد بركات بن أبي غالب البناء، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، أخبرنا أحمد بن الحسن المعدل وغيره، قالوا: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدثنا أبو الفضل عيسى بن موسى بن أبي محمد بن المتوكل على الله، أخبرني أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان، حدثنا محمد بن عمران بن زياد الضبي، أخبرني محمد بن الحسين الجعفي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر عن ابن شهاب، قال: اجتمع في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عمر بن الخطاب وعلي وجعفر ابنا أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، فذكروا المعروف، فقال علي: المعروف حصن من الحصون، وكنز من الكنوز، فلا يزهدنّك فيه كفر من كفره، فقد شكرك عليه من لم ينتفع منه بشيء، وقد يدرك بشكر الشاكر، ما أضاع الكفر الجاحد./ وقال جعفر: يا أهل المعروف إلى اصطناعه ما ليس الطالبين إليهم فيه، لأنك إذا اصطنعت معروفا، كان لك أجره وفخره، وسناؤه ومجده، فما بالك بطلب شكر ما أتيت لنفسك [3] من غيره.

وقال العباس: المعروف أحصن الحصون، وأعظم الكنوز، ولن يتم إلا بثلاث: تعجيله، وستره، وتصغيره، لأنك إذا عجلته هنأته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته.

وقال عمر بن الخطاب: لكل شيء أنف، وأنف المعروف سراحه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، فقال: فيم أنتم؟ قالوا: كنا نذكر المعروف، فقال:(المعروف كاسمه، وأهل المعروف في الدنيا، أهل المعروف في الآخرة)[4] .

وأخرج ابن النجار من طريق محمد بن الحسين عن أبيه، قال: من قال حين يصبح سبع مرات: «حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم» لم يصبه ذلك اليوم، ولا تلك الليلة، ولا سلب ولا غرق.

وأخرج من طريق أبي الحسين سمعون، وأبي إسحاق الطبري، قالا: سمعنا جعفر بن محمد الخلدي يقول: كان لي خاتم ورثته عن أبي، فعبرت دجلة، فمددت يدي لأغرف من الماء، فسقط الفص فغمّني [5] ، فذكرت حديثا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه من قرأ هذه الآية على

[1] البيتان لبشار بن برد في ديوانه 3/119 تحقيق الطاهر ابن عاشور ط تونس 1976.

[2]

قوله: (قال ابن النجار) ساقطة من نسخة ب.

[3]

في ب، ل: إلى نفسك.

[4]

مجمع الزوائد 7/262، 263، كنز العمال 16096، 16998، حلية الأولياء 9/319، العلل المتناهية 2/16، 17، 18.

[5]

في ب: فهمّني.

ص: 378

شىء ضاع منه رده الله عليه، فقرأتها ويدي في الماء، فاذا الفص بين أصابعي، والآية: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ، إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ

[1]

، اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، إنك لا تخلف الميعاد، اجمع بيني وبين خاتمي، إنك على كل شيء قدير.

وأخرج من طريق عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي، سمعت أبي يقول: لما قبض ولد العباس خزائن بني أمية، وجدوا سفطا مختوما ففتحوه، فاذا فيه رقّ مكتوب عليه:

«شفاء باذن الله» ففتح فاذا هو: «بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع، سكنت بالذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه، إن الله بالناس لرؤوف رحيم، باسم الله وبالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع،/ سكنت بالذي سكن له ما في الليل والنهار، وهو السميع العليم، بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع سكنت بالذي إن يشأ يسكن الرياح فيظللن رواكد على ظهره، إن في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور، بسم الله، وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع، سكنت بالذي يمسك السموات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا، إن أمسكهما من أحد بعده، إنه كان حليما غفورا» . قال عبيد الله، قال أبي: فما احتجت بعده إلى علاج، ولا دواء، وقال لنا أبي: إن بني أمية أصابوه في ثقل الحسين عليه السلام.

في تاريخ ابن النجار، عن أبي نصر بن نباتة، قال: كنت قائلا في دهليز داري يوما، فدقّ عليّ الباب، فقلت: من؟ فقال: رجل من المشرق، فقلت: ما حاجتك؟ فقال:

أنت الذي تقول: [الطويل]

ومن لم يمت بالسيف مات بغيره

تنوعت الأسباب والداء واحد

فقلت: نعم، فقال: أرويه عنك؟ فقلت: نعم، ومرّ، فلما كان آخر النهار دقّ عليّ الباب، فقلت: من؟ فقال: رجل من تاهرت [2] من المغرب، فقلت: وما حاجتك؟ فقال:

أنت الذي تقول: (ومن لم يمت بالسيف) فذكر البيت، فقلت: نعم، فقال: أرويه عنك؟

فقلت: نعم، فتعجبت، كيف وصل المشرق والمغرب./

وأخرج الطبراني عن عامر بن سعد، قال: كان سعد آخر المهاجرين وفاة، قال أحمد بن حنبل: توفي وهو ابن ثلاث وثمانين. وفي تفسير القرطبي في سورة البقرة، قال ابن العربي: حضرت بيت المقدس بمدرسة أبي عقبة الحنفي، والقاضي الريحاني يلقي

[1] آل عمران 9.

[2]

تاهرت: اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب، يقال لأحدهما تاهرت القديمة، وللأخرى تاهرت المحدثة، بينهما وبين المسيلة ست مراحل، وهي بين تلمسان وقلعة بني حماد، وكانت تاهرت قديما تسمى عراق المغرب. (معجم البلدان: تاهرت)

ص: 379

الدرس يوم الجمعة، إذ دخل علينا رجل بهيّ المنظر، على ظهره أطمار، فسلم سلام العلماء، وتصدر في صدر المجلس، فقال له الزنجاني: من السيد؟ فقال: رجل سلبه الشيطان، وكان مقصدي هذا الحرم، وأنا رجل من أهل صاغان من طلبة العلم، فقال الزنجاني: سلوه عن مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم، هل يقتل أم لا؟ فأفتى بأنه لا يقتل، فسئل عن الدليل، فقال: قوله تعالى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ

[1]

، قريء:(ولا تقتلوهم) ، (ولا تقاتلوهم)، فان قريء:(ولا تقتلوهم) ، فالمسألة نص، وإن قريء:(ولا تقاتلوهم) ، فهو تنبيه، لأنه إذا نهي عن القتال الذي هو أخف من القتل، كان دليلا ظاهرا على النهي عن القتل، فاعترض الزنجاني، فقال: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ

[2]

، فقال له الصاغاني: هذا لا يليق بمنصب القاضي وعلمه، فان هذه الآية التي اعترضت بها عامة في الأماكن، والتي احتججت بها خاصة، ولا يجوز لأحد أن يقول: إن العام ينسخ الخاص، فأبهت القاضي الزنجاني، وهذا من بديع الكلام.

بعضهم: [الخفيف]

زعموا أنّني قصير لعمري

ما تكال الرجال بالقفزان

إنّما المرء باللسان وبالقل

ب وهذا قلبي وهذا لساني

آخر: [المنسرح]

في كل يوم يريك فائدة

أحسن منها ما تستفيد غدا

ومن تكن هذه خلائقه

فأنت في نعمة أبدا [3]

أبو عبد الله محمد بن الصفار [4] : [السريع]

لا تحسب الناس سواء متى

ما اشتبهوا فالناس أطوار

وانظر إلى الأحجار في بعضها

ماء وبعض ضمنها نار [5]

[1] البقرة 191. في ب، ش: (ولا تقتلوهم) .

[2]

التوبة 5. وتمام الآية: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ.

[3]

في ب، ل: فأنت منه في نعمة أبدا.

[4]

ابن الصفار: محمد بن عبد الله بن عمر الأنصاري القرطبي، أبو عبد الله، حاسب أديب من بيت كبير في قرطبة، تنقل في البلدان وزار المشرق، وقرأ الأدب، وله شعر، وكان أعمى معطل اليدين والرجلين مشوه الخلقة له جرأة على الملوك، توفي بتونس سنة 639 هـ عن نيف وسبعين سنة. (المغرب في حلى المغرب 1/117، نفح الطيب 1/384، التكملة لابن الأبار 1/353) .

[5]

في ب، ش: وبعض في ضمنها نار. بزيادة (في) ، ولا يستقيم بها الوزن.

ص: 380

موسى بن سعيد [1] : [الطويل]

أيا قاصدا بحرا من الوزن غص على

جواهره فالبحر فيه الجواهر

إذا أنت لم تشعر لمعنى تثيره

فقل أنا وزّان وما أنا شاعر

أبو الحسن علي بن معاوية الطرياني [2]، ملغزا في النهر:[الطويل]

وخلّ صفاء زرته فوددته

وشخصي منه في الضمير مصوّرا

وأودعته سرّا فأبداه للورى

فيا حسن ما أبدى الغداة وأظهرا

سطيح له جسم بغير جوارح

يباري الرياح الخارقات إذا جرى [3]

أبوه حليف للثريّا وأمّه

به حامل في بطن منخفض الثرى

يضمّ عليه الريح ثوبا مفرّكا

ويكسوه شهب الليل ثوبا مدنّرا [4]

في الصاغرة [5] : [المنسرح]

يا سيدا لم تزل أوامره

فرضا على العبد فهي تمتثل [6]

هل لك عند المساء في أمة

بيضاء حمراء ما بها خجل

تأبى وصال النساء مذ خلقت

لكنها بالرجال تتّصل

إن يدنها بات وهي صاغرة

أو يقصها لا يغيظها الملل [7]

[1] موسى بن سعيد: موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد، أبو عمران، أحد الذين شاركوا في تأليف كتاب (المغرب في حلى المغرب) ، كان مولعا بالتاريخ، تجول كثيرا في البلاد، وانتهى به المقام بالاسكندرية، وتوفي سنة 640 هـ عن سبعة وستين عاما. (المغرب في حلى المغرب 2/170، نفح الطيب 2/333) .

[2]

علي بن معاوية الطرياني: أبو الحسن من أهل طريانة المقابلة لأشبيلية، شاعر وأديب، كانت لعلي بن موسى بن سعيد معه مجالسات كثيرة، لم تذكر وفاته. (اختصار القدح المعلّى في التاريخ المحلى لابن سعيد المغربي ص 17 تحقيق ابراهيم الأبياري، ط بيروت 1980) .

[3]

سطيح: يشير إلى سطيح الكاهن، ربيع بن ربيعة بن مسعود من بني مازن، كاهن جاهلي كان العرب يحتكمون إليه ويرضون بقضائه، قيل: ما كان فيه عظم سوى رأسه، كان أبدا منبسطا منسطحا على الأرض، لا يقدر على قيام ولا قعود، ويقال: كان يطوى كما تطوى الحصيرة، ويتكلم بكل أعجوبة، وهو من أهل الجابية في مشارف الشام، توفي سنة 52 هـ. (المسعودي 3/364، جمهرة الأنساب ص 453، اليعقوبي 1/206، ثمار القلوب ص 98، الأغاني 4/305) .

[4]

الثوب المفرك: المدلّك، والمدنّر: فيه تدنير، أي سواد يخالطه شهبة، أو فيه صور الدنانير.

[5]

لم أجد للصاغرة معنى، ولعلها ضرب من اللباس كان يلبسه الرجال ليلا في المغرب، كما يلمح من سياق الشعر.

[6]

في ب: تمثيل.

[7]

في ب، ل: لا يغبطها الملل.

ص: 381