الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
[1]
قال حدثنا يزيد، أخبرنا أبو الأشهب، حدثنا سعيد بن أيمن مولى كعب بن سور قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه، إذ جاء رجل من الفقراء فجلس إلى جنب رجل من الأغنياء، فكأنه قبض من ثيابه عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أخشيت يا فلان أن يغدو غناك عليه، وأن يغدو فقره عليك)، قال: يا رسول الله، وشرّ الغنى؟ قال:(نعم إن غناك يدعوك إلى النار، وإن فقره يدعوه إلى الجنة)، قال: فما ينجيني منه؟ قال: (تواسيه قال: إذن أفعل، فقال الآخر: لا إرب لي فيه، قال: (فاستغفر وادع لأخيك)[2] .
حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح [3] قال: دخل أعرابي [4] على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجد شيئا يطعمه، فدعا ربه عز وجل، فأتي بلقمة، فذهب الأعرابي ليأخذها، فمنعه، ثم جزّأها له أجزاء، فأكل حتى شبع وفضلت فضلة. ثم أخرجه ابنه من طريق حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة./
حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، حدثنا عبدة بن أيمن عن عطاء بن أبي رباح قال:
دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على وسادة، وبين يديه طبق عليه رغيف، فوضع الرغيف على الأرض، ونحّى الوسادة فقال:(إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)[5] .
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام أمر به فألقي على الأرض، وقال:(إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)[6] .
[1] أحمد بن حنبل: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أحد الأئمة الأربعة ولد ببغداد فنشأ منكبا على العلم وسافر في سبيله أسفارا كبيرة، وصنف المسند الذي يحتوي على ثلاثين ألف حديث وله كتب أخرى جليلة الفائدة، وفي أيامه دعا المأمون إلى القول بخلق القرآن فتعرض ابن حنبل للسجن والعذاب فسجن ثمانية وعشرين شهرا لامتناعه عن القول بخلق القرآن، توفي سنة 241 هـ. (صفة الصفوة 2/190، ابن عساكر 2/28 تاريخ بغداد 4/412 البداية والنهاية 10/325- 343) .
[2]
المصنف: الصنعاني 10/417.
[3]
أبو صالح: أبو صالح السمان، واسمه ذكوان عبد لجويرية امرأة من قيس، مات سنة إحدى ومائة.
(العصفري- الطبقات ص 248) .
[4]
في ط، ب، ل: دخل رجل أعرابي.
[5]
البخاري، أنبياء 48. المصنف: الصنعاني 10/417.
[6]
مصنف ابن أبي شيبة 13/225 مشورات إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي 1406 هـ/ 1986 م.
حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة، أخبرني عمر بن مالك الشرعبي، أن أبا صخر حدثه عن يزيد بن عبد الله بن قسيط [1] قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسويق من سويق اللوز قد أخبص [2] قال: ما هذا؟ قالوا: سويق اللوز، قال:(أخرجوه عني هذا شراب المترفين)[3] .
كتب إلىّ محمد بن موسى أبو طليق، يذكر أن معاذ بن هشام حدثهم قال: حدثني أبي عن بديل، عن شهر عن أسماء بنت يزيد [4] قالت: كان قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل من الرصغ. حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على العلاء بن الحضرمي قميصا قطريّا طويل الكمين [5] ، فدعا بشفرة فقطعه من طرف أصابعه [6] .
حدثنا هشام بن سعد، حدثنا محمد بن مهاجر، حدثني أخي عمرو بن مهاجر قال:
كان لعمر بن عبد العزيز بيت يخلو فيه، في ذلك البيت ما ترك/ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاذا سرير مرمول [7] بشريط، وقعب يشرب فيه الماء، وجرة مكسورة الرأس يجعل فيها الشىء، ووسادة من أدم محشوة بليف، وقطيفة غبراء [8]، ثم يقول: يا قريش، هذا تراث من أكرمكم الله به أعزكم، يخرج من الدنيا على ما ترون.
حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا سعيد بن جهمان، عن سفينة [9] أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بيت فاطمة فرأى قراما [10] في ناحية البيت، عليه صورة، فرجع فلحقه عليّ فسأله، فقال: إنه ليس لي ولا لنبي أن يدخل بيتا مزوّقا [11] .
حدثنا جرير عن ثعلبة قال: كان أفواه دروع أكمام نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم شبرا أو فترا.
حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثابت أبو سلمة الدوسي، عن سالم بن عبد الله قال: كان
[1] يزيد بن عبد الله بن قسيط المدني: أبو عبد الله الليثي، لم يذكر وفاته. (الذهبي- الميزان 4/430) .
[2]
السويق: طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، سمي بذلك لانسياقه في الحلق. أخبص: خلط، والخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.
[3]
الزهد لابن المبارك 2/55، الزهد لأحمد 6، وفي طبقات ابن سعد 1/320 برواية: أخروه عني هذا شراب المترفين.
[4]
أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية: أم سلمة روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بايعت النبي وشهدت اليرموك.
(التهذيب 12/390- 400) .
[5]
في حاشية ب: ثوب قطري، ضرب من البرود نسبة إلى قرية بالبحرين، يقال لها قطر، فكسروا القاف للنسبة وخففوا.
[6]
في الطبقات 4/163: قميصا سنبلاويا.
[7]
مرمول: منسوج، رمل السرير إذا نسجه بشريط من خوص أو ليف.
[8]
في حاشية ب، ل: أي كثيرة الصوف.
[9]
سفينة: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختلف في اسمه، فقيل: مهران، وقيل رومان، سمّاه رسول الله سفينة لكثرة ما حمله في أحد رحلاته. (أسد الغابة 2/324) .
[10]
القرام: ستر فير رقم ونقوش، وثوب غليظ من صوف ذي ألوان يتخذ سترا، ويتخذ فراشا في الهودج.
[11]
مسند أحمد رقم 21819، 16/137، أبو داود- السنن 1/1115.
من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أللهم ارزقني عينين هطّالتين تبكيان بذروف الدموع وتشفيان من خشيتك قبل أن يكون الدمع دما والأضراس جمرا)[1] . وصله ابنه من طريق آخر من حديث عكرمة عن ابن عباس مرفوعا.
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا الثوري عن رجل من أهل المدينة، عن سالم عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في عائشة: (اللهم واقية كواقية الوليد) ، يعني المولود [2] .
حدثنا الهيثم بن جميل، حدثنا محمد يعني ابن مسلم، عن إبراهيم، يعني ابن ميسرة، عن طاووس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، وإن الرغبة في الدنيا تطيل الهمّ والحزن)[3] ./
حدثنا الهيثم بن جميل، حدثنا محمد عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخره بالبخل والأمل)[4] . عبد الله: حدثني بيات بن الحكم، حدثنا محمد بن حاتم أبو جعفر بشر بن الحارث، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن ليث عن الحكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قصّر العبد في العمل ابتلاه الله عز وجل بالهمّ) .
حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان بن سعيد، عن الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(احذروا الدنيا، فانها خضرة حلوة)[5] . حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد [6] قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم فسأله دينارا لم يعطه إياه، ولو سأله درهما لم يعطه إياه، ولو سأله فلسا لم يعطه إياه، ولو سأل الله الجنة لأعطاها إياه، ولو سأله الدنيا لم يعطها إياه، وما يمنعها إياه لهوانه عليه ذو طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه)[7] .
حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو زيد، حدثنا عطاء عن أبيه عن علي قال: جهز رسول
[1] ابن المبارك- الزهد والرقائق ص 165، حلية الأولياء 2/187، النهاية في غريب الحديث والأثر 5/266.
[2]
النهاية في غريب الحديث والأثر 5/224 لابن الأثير، تحقيق طاهر الزاوي ومحمود الطناحي، ط المكتبة الإسلامية 1963، في صفة الصفوة 1/20: قال: إن المعنى: أسألك حفظا كحفظ الطفل المولود، والمراد موسى، أي كما وقيت موسى من شر فرعون.
[3]
المصنف: الصنعاني 10/225.
[4]
السابق.
[5]
النهاية لابن الأثير 2/41.
[6]
سالم بن أبي الجعد الأشجعي: روى عن كثير من الصحابة ولم يرهم، توفي سنة مائة وقيل مائة وواحد، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. (التهذيب 3/432) .
[7]
مصنف ابن أبي شيبة.
الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها في خميل [1] وقربة ووسادة من أدم حشوها ليف [2] . حدثنا حجاج عن ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن أمية أن عائشة صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فراشين، فأبى أن يضطجع إلا على واحد [3] ./
حدثنا روح عن ابن جريج قال: حدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يطلع من نعليه شىء عن قدميه [4] . حدثنا محمد بن أبي بكرة، حدثنا ابن جريج، أخبرنا زياد بن سعد [5] :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يطلع من نعليه شىء عن قدميه.
حدثنا وكيع عن مسعر عن عون بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يضحك إلا تبسما، ولا يلتفت إلا جميعا [6] . حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا سفيان عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن يسار قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في قوم يصلون كان آخرهم، وإذا كان قوم يذكرون الله عز وجل كان آخرهم [7] .
حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا الفرج بن فضالة، حدثنا لقمان بن عامر قال: سمعت أبا أمامة [8] يقول: إن الله عز وجل يقول: إن عبدي الذي هو عبدي الذي لا ينتظر بقيامه صياح الديك [9] . حدثنا أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل، عن سلام أبي المنذر عن ثابت عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حبّب إليّ النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)[10] . عبد الله:
حدثنا ابن سالم، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت عن أنس به.
حدثنا عبد الصمد أبو هلال، حدثنا قتادة عن معقل قال: لم يكن شيء أعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل، ثم قال: اللهم غفرا النساء. عبد الله حدثنا إبراهيم بن حسين الباهلي، حدثنا سلام القارئ أبو المنذر/ عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(حبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)[11] .
[1] الخميل: القطيفة.
[2]
ابن ماجة- السنن 2/1390.
[3]
طبقات ابن سعد 1/359.
[4]
مصنف ابن أبي شيبة 13/225.
[5]
زياد بن سعد بن ضميرة، ويقال: زياد بن ضميرة بن سعد السلمي، روى عن أبيه وجده، وكانا شهدا حنينا، ذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين، يروي عن الحجازيين. (التهذيب 3/369) .
[6]
طبقات ابن سعد 1/182.
[7]
مصنف ابن أبي شيبة 13/227.
[8]
أبو أمامة: صدي بن عجلان بن وهب الباهلي الصحابي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهم، مات سنة 86 هـ وهو ابن 91 سنة. (التهذيب 4/420) .
[9]
مصنف ابن أبي شيبة 13/..؟؟
[10]
مسند أحمد بن حنبل 3/128، 285، سنن النسائي 7/61، ابن سعد 1/304.
[11]
مسند أحمد بن حنبل 3/128، 285، سنن النسائي 7/61، ابن سعد 1/304.
عبد الله: حدثني أبو معمر، حدثنا يوسف بن عطية عن ثابت عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (جعلت قرة عيني في الصلاة، وحبّب إليّ النساء والطيب، الجائع يشبع والظمآن يروى، وأنا لا أشبع من حب الصلاة والنساء) .
عبد الله: حدثنا نصر بن علي حدثنا سليمان بن سليم، عن جابر بن زيد، حدثنا سفيان الزيات عن الربيع بن أنس [1] بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي يتسلف شيئا إلى ميسرة، فقال اليهودي: وهل لمحمد ميسرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:
(كذب، ثلاث مرات، أنا خير من بايع، ثلاث مرات، لأن يلبس الرجل ثوبا من رقاع شتى خير له من أن يأخذ في أمانة ما ليس عنده) .
حدثنا وكيع عن ابن أبي خالد، عن الشعبي، قال، قال عليّ: ما كان لنا إلا إهاب كبش ننام على ناحيته، وتعجن فاطمة على ناحيته. حدثنا يحيى بن زكريا، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، حدثني أبو يزيد المدني، عن عكرمة، قال: لما زوّج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها، كان مما جهزت به سرير مشرّط، ووسادة من أدم حشوها ليف وثور من أقط [2] وجاؤوا ببطحاء [3] فنثروها في البيت.
عبد الله: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، عن معمر عن أبيه قال، حدثني الحضرمي قال: قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئ لين القراءة، فلم يبق أحد إلا بكى، إلا عبد الرحمن بن عوف [4]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن كان عبد الرحمن لم تبك عيناه فقد بكى قلبه) .
وأخرج عن شميط قال: إن هذه الدنانير والدراهم أزمّة المنافقين، يقادون بها إلى السوآت. وأخرج من طريق ثابت عن أنس رضي الله عنه قال، قال أبو طلحة: لا أؤم رجلين ولا أتأمر عليهم. وأخرج عن ابن المبارك قال: ما بلغني عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من العبادة ما بلغني عن تميم الداري [5] ، قرأ القرآن قائما، وقرأ القرآن راكعا، وقرأ القرآن ساجدا، وحجّ خببا.
وأخرج عن ابن سيرين قال: اشترى تميم الداري حلّة بألف، فكان يصلي فيها.
وأخرج عن أبي واقد الليثي قال: تابعنا الأعمال فلم نجد شيئا أبلغ في طلب الأخرة من
[1] ط: الربيع بن أنس عن أنس بن مالك.
[2]
الثور: قطعة من الأقط، والجمع ثورة، والإقط: لبن محمّض يجمد حتى يستحجر ويطبخ، أو يطبخ به.
[3]
البطحاء هنا: صغار الحصى والرمل.
[4]
عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث الزهري القرشي: صحابي وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم، كان من الأجواد الشجعان، توفي بالمدينة سنة 32 هـ. (حلية الأولياء 1/98، صفة الصفوة 1/135، تاريخ الخم 2/257) .
[5]
سبقت ترجمته.
زهادة الدنيا. وأخرج عن الحسن قال: قيل لسمرة بن جندب: إن ابنك لم ينم الليلة بشما، قال: لو مات لم أصل عليه.
وأخرج عن موسى بن عبد الله بن يزيد قال: كان عبد الله بن يزيد [1] صاحب النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس صلاة، وكان لا يصوم إلا يوم عاشوراء [2] . وأخرج عن عاصم عن أبيه قال: ما رأيت ابن عمر يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ابتدرت عيناه يبكي. وأخرج عن جابر قال: ما رأيت أحدا إلا وقد مالت به الدنيا، إلا عبد الله بن عمر.
وأخرج عن عاصم الأحول، عمّن ذكره قال: إن ابن عمر إذا رآه إنسان ظن أنّ به شيئا من أتّباعه آثار النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج عن ابن عمر قال: لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعدّ الناس حمقى في دينهم. وأخرج عن محمد بن عبّاد أن ابن عمر إذا أراد أن يتصدّق قال:
ادخلوا عليّ السودان [3] فانهم ضعفاء الناس. وأخرج عن أبي سلمة قال: مات ابن عمر وهو مثل عمر يوم قتل. وأخرج عن ابن عباس قال: إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك، فاذكر عيوب نفسك. وأخرج عن أبي حمزة قال: رأيت ابن عباس قميصه متقلصا فوق الكعب، والكم يبلغ أصول الأصابع، يغطي ظهر الكف. وأخرج عن أبي الدرداء قال: متهم من أوتي علما ولم يؤت حلما، وإنّ شداد بن إوس ممّن أوتي علما وحلما.
وأخرج عن أبي عبيدة بن الجراح قال: وددت أني كبش فذبحني أهلي فأكلوا لحمي وحسوا مرقي. وأخرج عن محمد بن سيرين قال: لم أعلم أحدا استقاء من طعام أكله غير أبي بكر رضي الله عنه، فانه أتي بطعام فأكله، ثم قيل جاء به ابن النعمان، قال:
فأطعمتموني كهانة ابن النعمان، ثم استقاء.
وأخرج عن يحيى بن سعيد عن القاسم قال: من الناس ناس لا تذكر عيوبهم.
وأخرج عن الحسن قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لوددت أني كنت ليف الشجرة [4] تؤكل وتعضد. وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال: وددت أني خضرة تأكلني الدواب [5] . وأخرج عن أبي بكر بن حفص قال: ذكر لي أن أبا بكر رضي
[1] عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين الأوسي الأنصاري: شهد الحديبية وهو صغير، وشهد الجمل وصفين مع علي، وكان أميرا على الكوفة زمن ابن الزبير، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة. (التهذيب 6/79) .
[2]
العاشور والعاشوراء: اليوم العاشر من محرم.
[3]
في ب: السواد.
[4]
قوله: والله لوددت أني كنت ليف الشجرة تؤكل وتعضد. ليست في: ب، ط، وفي ش: كنت هذه الشجرة.
[5]
في ب: وأخرج عن الحسن قال قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لوددت أني كنت خضرة تأكلني الدواب، مصنف ابن أبي شيبة 13/344.
الله عنه كان يصوم الصيف ويفطر الشتاء./
وأخرج عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: أن الدنيا لم ترد أبا بكر ولم يردها، وأرادت ابن الخطاب ولم يردها. وأخرج عن الحارث بن سويد أن رجلا من أهل الكوفة وشى بعمّار بن ياسر إلى عمر رضي الله عنه، فقال له عمّار: إن كنت كاذبا فأكثر الله مالك وولدك، وجعلك موطّأ العقبين. وأخرج عن عمر بن الخطاب قال: إن في العزلة لراحة من خلاط السوء. وأخرج عن عمر قال: خذوا بحظكم من العزلة [1] .
وأخرج عن عمر قال: كونوا أوعية الكتاب، وينابيع العلم، واسألوا الله رزق يوم بيوم، ولا يضركم أن لا يكثر لكم. وأخرج عن أبي سعيد الأسدي فقال: رأيت عليّ بن أبيّ طالب أتى السوق فقال: من عنده قميص صالح بثلاثة دراهم، فقال رجل: عندي، فجاء به، قال: فلعله خير من ذاك، قال: لا ذاك ثمنه، قال فرأيت عليا يفرط رباط الدراهم من ثوبه فأعطاه، فلبسه فاذا هو يفضل على أطراف أصابعه، فأمر فقطع [2] .
وأخرج عن أبي الدرداء قال: إني لآمركم [3] بأمر وما أفعله، ولكني أرجو أن أؤجر عليه.
وأخرج عن أبي الدرداء قال: لو تعلمون ما أنتم راؤون بعد الموت، ما أكلتم طعاما على شهوة، ولا شربتم شرابا على شهوة، ولا دخلتم بيتا تستظلون فيه، ولخرجتم إلى/ الصعيد تضربون صدوركم، وتبكون على أنفسكم، ولوددت أني شجرة تعضد ثم تؤكل.
وأخرج عن أبي بكر الصديق أنه مرّ به طائر فقال: طوباك يا طير، تأكل من الثمر، وتستظل بالشجر، وترجع إلى غير حساب. وأخرج عن أبي عثمان النهدي: أن عمر بن الخطاب رأى على عتبة بن فرقد [4] قميصا طويل الكم، فدعا بشفرة ليقطعه من أطراف أصابعه، فقال له عتبة: يا أمير المؤمنين، إني لأستحي أن تقطع كمّي، أنا أقطعه، قال:
فتركه [5] .
وأخرج عن عبد الله بن مسعود، قال: كانت الأنبياء يحلبون الشاء، ويركبون الحمير، ويلبسون الصوف. وأخرج عن خيثمة [6] قال: تقول الملائكة: يا رب، عبدك المؤمن تزوي عنه الدنيا وتعرّضه للبلاء، فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة: اكشفوا لهم عن ثوابه، فاذا
[1] هذه الرواية ساقطة من: ط. مصنف ابن أبي شيبة 13/276.
[2]
في ط: فقطع ما فضل عن أطراف أصابعه.
[3]
ط: لآمركم بالمعروف وما أفعله.
[4]
عتبة بن فرقد بن يربوع السلمي: نزل الكوفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة، شهد خيبر مع النبي وقسم له منها، وقيل: هو الذي فتح الموصل زمن عمر سنة ثمان عشرة. (التهذيب 7/101) .
[5]
الطبقات- ابن سعد 6/41.
[6]
خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة: واسمه يزيد بن مالك بن عبد الله الجعفي، صحب وفد جده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 80 هـ. (التهذيب 4/179) .
رأوا ثوابه قالوا: يا رب، لا يضره ما أصابه في الدنيا، وتقول الملائكة: يا رب عبدك الكافر تزوي عنه البلاء، وتبسط له في الدنيا، فيقول للملائكة: اكشفوا لهم عن ثوابه [1]، فاذا رأوا ثوابه قالوا: يا رب، لا ينفعه ما أصاب في الدنيا.
وأخرج عن خالد بن ثابت الربعي، قال: بلغني أنه كان في بني إسرائيل رجل قد قرأ الكتاب وأنه قد طلب بعلمه الشرف والمال في الدنيا، وأنه ابتدع بدعا، وأنه لبث كذلك حتى بلغ سنا، وأنه بينما هو نائم على فراشه إذ تفكر في نفسه فقال: هب هؤلاء الناس لا يعلمون ما ابتدعت، أليس الله قد علم ما ابتدعت وقد اقترب الأجل،/ فلو أني تبت، فبلغ من اجتهاده في التوبة أن عمد فخرّق ترقوته [2] ، وجعل فيها سلسلة، ثم أوثقها إلى آسية [3] من أواسي المسجد، قال: لا أبرح مكاني هذا حتى ينزل فيّ توبة أو موت، فأوحى الله في شأنه إلى نبي من أنبيائهم، أنك لو كنت أصبت ذنبا بيني وبينك لتبت عليك بالغا ما بلغ، ولكن كيف بمن أظللت من عبادي فماتوا فأدخلتهم جهنم، فلا أتوب عليك.
وأخرج عن وهب بن منبه [4] أن عابدا من بني إسرائيل كان في صومعة يتعبد، فاذا نفر من الغواة قالوا: لو استنزلناه بشىء، فذهبوا إلى امرأة بغي، قالوا لها تعرضي له، فجاء ته في ليلة مظلمة مطيرة، فقالت: يا عبد الله [5] ، آوني إليك، وهو قائم يصلي، فلم يلتفت إليها، فقالت: يا عبد الله، الظلمة والغيث، آوني إليك، فأدخلها إليه، فاضطجعت وهو قائم يصلي، فجعلت تتقلب وتريه محاسن خلقها، حتى دعته نفسه إليها، فقال: لا والله، حتى أنظر كيف صبري على النار فدنا من المصباح، فوضع اصبعا من أصابعه فيه حتى احترقت، ثم رجع إلى مصلاه، فدعته نفسه، فعاد إلى المصباح فوضع إصبعه أيضا حتى احترقت، ثم رجع إلى مصلاه، فدعته نفسه أيضا، فلم تزل تدعوه وهو يعود إلى المصباح حتى احترقت أصابعه، وهي تنظر إليه، فصعقت فماتت، فلما أصبحوا، غدوا لينظروا ماذا صنعت، فاذا هي ميتة، فقالوا: يا عدو الله، يا مرائي، وقعت عليها ثم قتلتها، فذهبوا به إلى ملكهم/ فشهدوا عليه، فأمر بقتله، فقال: دعوني حتى أصلي ركعتين، فصلى، ثم دعا فقال: أي ربّ، إني أعلم أنّك لم تكن لتؤاخذني بما لم أفعل، ولكن أسألك أن
[1] في الحلية- الأصبهاني 4/118: عن عقابه.
[2]
الترقوة: مقدم الحلق في أعلى الصدر حيثما يترقى الإنسان، وقيل خاص بالإنسان، والجمع التراقي.
[3]
الآسية: الدعامة لتقوية البناء، وقيل السارية.
[4]
وهب بن منبه الصنعاني الذماري: مؤرخ كثير الأخبار عن الكتب القديمة، عالم بأساطير الأولين وخاصة الإسرائيليات، أصله من الفرس، ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء صنعاء، ألف مجموعة من الكتب منها قصص الأنبياء، حبسه يوسف بن عمر في العراق وضربه حتى قتله سنة 114 هـ. (تاريخ الإسلام- الذهبي 5/14- 16، شذرات الذهب 1501، طبقات ابن سعد 5/395، حلية الأولياء 4/33.
[5]
قوله: يا عبد الله آوني إليك وهو قائم يصلي فلم يلتفت إليها. ساقطة من: ط.
لا أكون عارا على القرّاء [1] بعدي، فرد الله عليها نفسها فبرّأته، ثم عادت ميتة.
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تكلم ملك من الملوك بكلمة وهو جالس على سرير، فمسخ، فما يدرون أي شىء مسخ أذباب أم غيره، إلا أنه ذهب فلم ير [2] . قال عبد الله بن أحمد، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا الحكم بن سنان، حدثنا سميط [3] قال: كان نبي من الأنبياء ذبح عجلا بين يدي أمه [4] ، فيبست يداه، فوقع الفرخ من وكره، فرده في موضعه، فشكر الله له ذلك، فرد عليه يديه.
حدثنا عبيد بن عمر، حدثنا الحكم بن سنان، حدثنا كثير بن فايد، عن حجاج الأسود [5] قال: جاء رجل بفرخ في طرف ثوبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبواه يرفرفان على رأسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(رده من حيث أخذته)[6] .
وأخرج عن ربيع بن خثيم [7] قال: تفقه ثم اعتزل [8] . وأخرج عن أبي الدرداء قال: ما أصبحت من ليلة لم يرمني الناس بداهية، إلا رأيت أنّ عليّ من الله عز وجل نعمة [9] /.
وأخرج من وجه آخر عن أبي الدرداء قال: ما بتّ ليلة سلمت فيها لم أرم فيها بداهية، إلا عوفيت عافية عظيمة [10] . وأخرج عن أبي الدرداء قال: إذا جاء أمر لا كفاء لك به، فاصبر وانتظر الفرج من الله عز وجل.
وأخرج عن سلمان قال: لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر، فاذا ذهب الأول قبل أن يتعلم الآخر، فذاك حين هلكوا. وأخرج عن حسان مولى مالك بن عبد الله قال: كان في ساقه عرق مكتوب: لله، فجعلت أنظر إليه وهو يتوضأ، فقال: أي شىء تنظر، أما إنه لم يكتبه كاتب.
[1] القرّاء: الناسكون المتعبدون، من قرأ، إذا نسك وتعبّد.
[2]
الذهبي- الميزان 2/674.
[3]
سميط بن عمير السدوسي: أبو عبد الله البصري، روى عن أبي موسى الأشعري وعمران بن حصين وأنس بن مالك، قال ابن حبان: في الثقات. (التهذيب 4/241) .
[4]
في ب، ط: بين يدي الله.
[5]
الحجاج الأسود القسامل: من الأزد، وله أحاديث. (ابن سعد- الطبقات 7/269، الميزان- الذهبي 1/640.
[6]
ابن حجر- المطالب العالية 4/29.
[7]
الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله الثوري الكوفي: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وعن ابن مسعود وأبي أيوب وغيرهم، تابعي ثقة توفي سنة 63 هـ وقيل 61 هـ، (التهذيب 3/242) .
[8]
الأصبهاني- الحلية 9/49.
[9]
الحلية 1/220.
[10]
ابن قتيبة- عيون الأخبار 2/12.