الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله صلى الله عليه وسلم: ((أما علمت أن الله حرمها؟)) قال لا: فساره رجل إلى جنبه، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:((بم ساررته؟)) فقال أمرته أن يبيعها، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) (1).
هذا بعض ما ورد في الخمر من النهي والوعيد، غير أن الوازع الديني فقد من بعض المسلمين، فتعاطوها وقد حرمها الله عليهم لما فيها من الأضرار والآثام، فتعاطوا صنعها وبيعها وشربها وأكل ثمنها إلى آخر أنواع التعاطي والاستغلال، والكل ممنوع - شرعا - وهم يعلمون أن كل ذلك حرام عليهم ممنوع في شريعتهم، فهم يفعلون ذلك عن معرفة وإصرار، فاستحقوا أن يدخلوا النار عن بينة من أمرهم ..
كل هذا وأمثاله سببه المبادئ الأجنبية الهادمة للشرائع التي وردت علينا من الخارج، والتي لا تؤمن بالأديان السماوية، فجرأت المسلمين على احتقار دينهم، بل والسخرية منه أحيانا، والأمر واضح لا يحتاج إلى تفصيل.
الفصل الخامس: إنتهاك الحرمات الشرعية سببه من المبادئ الإلحادية
.
وما قيل في انتهاك حرمة النهي عن الخمر يقال كذلك في انتهاك بقية الحرمات فقد كثر الاستخفاف وعدم المبالاة والاهتمام بحرمة الفروض الدينية وانتهاكها جهارا نهارا، بلا خوف من عقاب ينال المنتهك لحرمة الشرع العزيز، فهذا شهر رمضان المعظم من الله ومن المسلمين مثال لذلك، فقد تجرأ بعض من لا خلاق لهم على الإفطار في نهاره، ولم يجد من يعطيه درسا صارما جزاء على تهاونه واستخفافه بدين الله ودين الأمة التي تحترمه وتعظمه، وقد تجاوز الانتهاك من بعض الطائشين إلى بعض كبار المسؤولين في بعض دول الشعوب المسلمة التي سطرت في دستور ها
…
مادة تنص على أن الإسلام دين الدولة - وهو يمثل الدولة - وهنا كان الواجب على هذا المسؤول الكبير أو الأكبر أن يكون حاميا لدستور بلاده لا هادما له، ومن المؤسف - حقا - أن يكون هو مثالا سيئا للمنتهكين المعتدين، ويفطر في نهار رمضان والأجانب عنه ينظرون إليه، ليظهر للعالم
(1) الموطأ في باب جامع تحريم الخمر.
تهاونه وشجاعته على نبذ شريعة الله، بحجة أن الصيام يضعف الصائم، ويقلل من نشاطه وإنتاج عمله وتأخر بلاده، في الحين الذي يرجوها أن تلحق ركب الدول العظيمة في إنتاجها وغناها وقوتها، فبعد أن رغب الشعب وحثه على الإفطار والشعب - الواعي المدرك - لا يستجيب بسهولة لمن أراد أن يجرده من دينه وخلقه، فبعد ذلك الحث والترغيب أراد أن يبدأ بنفسه وأمام جمع كبير فيهم غير المسلمين، بدأ بنفسه ليكون قدوة في الشر يقتدي به الأشرار، بدعوى القضاء على التخلف، ولكي يلحق ركبه الفقير ركب بعض الدول الثرية (فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
…
) غير ناظر إلى رقعة بلاده الضيقة، وإلى انعدام وسائل الثراء في بلاده، فظن أن صيام شهر رمضان هو الذي أخر بلاده، ففضحه الله الذي اعتدى على حرمة شرعه، فازداد فقره وحاجته إلى الغير بالاقتراض منه، ولم يغنه الإفطار في نهار رمضان ولا غيره، وهذا كله وغيره مبعثه الغرور بالنفس والعظمة الخادعة، والاستخفاف، بدين الله، وعصيان أوامره ونواهيه، ولو فرضنا أن شخصا واحدا من مواطنيه - كيفما كانت منزلته - عصى أمره أو نهيه - وهو بشر - لعذبه أو قتله غضبا لعصيانه إياه، وانتقاما لكرامته المهانة في نظره، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهذا المسؤول الذي انتهك حرمة شهر رمضان وأفطر فيه هو الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة.
وما قيل في شهر رمضان يقال في غيره من كل ما هو راجع إلى أمر الدين، فإننا رأينا ولمسنا تضييقا - ضيقا - مبالغا فيه على من أراد أن يقوم بأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، بدعوى قلة العملة الصعبة، وأن البلاد في حاجة إليها لتكميل تجهيزها الصناعي وغيره، وفي الوقت ذاته نرى الأموال تنفق - بسخاء - على الوفود - الصادرة والواردة وما أكثرها - التي تذهب إلى بيوت الشياطين، إما إلى بيت الله فلا.
قيل أن المال الذي ينفق في القيام بشعيرة دينية مال ضائع وخسارة لا تعود على الأمة وخزينة الدولة بالنفع والفائدة، وهو قول يدل على جهل أصحابه لأسرار التشريع وأحكام الدين، وقائله لا يخلو من نزعة إلحادية دفعت به إلى أن قال ما قال، في حين تحبذ - وتفعل - السياحة للنزهة والتنقل في ربوع أروبا الفاجرة، وما يتبع ذلك مما لا يليق، ففي هذه السياحة تصرف الأموال بكرم لأن ذلك علامة على التقدم والحيوية.