الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد هدم قصور الظالمين، وحطم عروش الطغاة الجبارين لو كنت تدري - ومن أين لك أن تدري في - وقد تغذيت بلبان خصوم الإسلام، فشببت وأنت أشد على الإسلام منهم، فقد قضى صاروخ الإسلام - الصومعة - على دولتي البطش والظلم والطغيان - في أول ظهوره منذ أربعة عشر قرنا - أعني دولتي الفرس والروم في المشرق وفي المغرب، وهما الدولتان القويتان اللتان كانتا تتحكمان في المشرق، ولا زال الإسلام إلى الآن يقضي على جبروت الجبابرة وطغيان الطغاة - إذا دعت الحاجة إلى ذلك - أيها المغرور.
ولا نذهب بهذا الساخر الهازئ بعيدا، ففي أرضنا الجزائرية، وفوق تراب وطننا، وفي أيام ثورة الأمة الجزائرية المسلمة والمسلحة، كان جنودها المخلصون صواريخ موجهة إلى قلاع المستعمر وحصونه، فدكتها دكا عجيبا، وقضت عليها قضاء تركتها عبرة للمعتبرين، وأثرا بعد عين، لم يبق منها سوى هياكل تلك الحصون والقلاع مبعثرة هنا وهنالك في سائر نواحي القطر الجزائري، رآها كل الناس إلا من أعمى الله بصره وبصيرته فلم يقو على رؤية قوة الإسلام، في عقيدته وصواريخه البشرية، فيرون فيها العبرة والموعظة والقوة أيضا.
الفصل الخامس:
جندي جيش التحرير الجزائري كان صاروخا بشريا صارخا
.
قد كان الجندي الجزائري المسلم - إبان حرب التحرير - في جيش التحرير الجزائري إذا هاجم جنود العدو المستعمر واشتبك معهم، كان صاروخا صارخا ناطقا قائلا:(الله أكبر)، وهي الكلمة التي يعتز بها المسلم، وهي كذلك الكلمة التي يفتتح بها المؤذن أذانه من فوق المئذنة، كما أنها الكلمة التي يفتتح بها المصلي صلاته، فإذا قالها امتلأت نفسه قوة وعزيمة وشجاعة، وفي نفس الوقت تمتلئ نفس جندي المستعمر ضعفا وخورا ورعبا وانهزاما، بالرغم مما معه من سلاح قوي مدمر فتاك، فيفر هذا الأخير من الأول، نعم يفر منه لائذا بحاميته ومركزه الذي تجمعت فيه قواته وجيوشه ومعداته.
إن هذه المعاني التي ذكرتها - وغيرها كثير - هي التي بعثت القوة والشجاعة في قلوب جنود جيش التحرير الجزائري وكلها حقائق لمسها من عاش وسط جيش التحرير، ولكن أنى للبعيد عنها - حسا ومعنى - أن يدركها أو يتذوقها؟ ولعله لا يصدق بها، فنقول له:(اسأل به خبيرا) إذ لازال الكثيرون من جنود جيش التحرير الصادقين أحياء، فإذا أردت الحقيقة فاسأل، ولا تحكم خيالك في أمر واقع ومشاهد.
كالبدر لا تختفي ليلا أشعته
…
إلا على أكمه لا يعرف القمر
فالنتيجة التي شاهدناها نحن هنا، كما شاهد العالم - أجمع - آثارها نتيجة لا تنكر، وهي انتصار جيش التحرير الوطني الجزائري على جيش - بل جيوش - مغتصب بلاده، انتصر عليه بصواريخه البشرية التي صنعت في مصاخ المآذن المسجدية، فانطلقت مدوية في الفضاء، محطمة كل قوة وجدتها أمامها، فأحيت بذلك عمل أسلافها الأبطال وأثبتوا للعالم أجمع أن قوة الإسلام - المؤيدة من الله - لا تغلب، لأن الله معها وفي عونها، ومن كان الله في عونه فاز بالنصر والغلبة، ولم نسمع ولم نر في ذلك الوقت شيئا يدل على بطولة الملاحدة أو انتصاراتهم على العدو الجاثم على صدر الوطن، بل الذي نعرفه عنهم أنهم فروا هاربين إلى خارج حدود الوطن، خوفا على أنفسهم من الموت أو التعذيب أو حتى الاعتقال تاركين الشعب الجزائري - بإسلامه - يواجه العدو في محنته، وما أن انتصر على المستعمر وهدأت موجة الاعتقالات والسجن، ولا أقول الموت لأنهم ليسوا ممن يتشرفون بها، قلنا ما إن هدأت العاصفة حتى رجعوا إلى البلاد وجاؤوا للاستغلال، مقترحين وعاملين بحيلهم على قادة البلاد بأن تكون الدولة الجزائرية الجديدة دولة - لائكية - أي لا دين لها كالمولود - غير الشرعي - الذي يولد من أبوين غير معروفين، فلا يعرف له أصل، ولا دين، ولا وطن، فباؤوا بالفشل، وجاء دستور البلاد ينص على أن دين الدولة (الإسلام) فبقوا ينشرون - بين الحين والآخر - ما يمسون به شعور المسلمين، ويؤذون به أرواح الشهداء الذين بذلوا أرواحهم فداء لدينهم وعقيدتهم، يؤذونهم في أعز عزيز عليهم وهو دينهم وعقيدتهم.
ليعلم هؤلاء - وغيرهم - أن الجزائر تحررت بقوة الإيمان والإسلام