المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس:اعتراف جاسوس فرنسي، قال: "إن الإسلام دين المحامد والفضائل - المزدكية هي أصل الاشتراكية

[عبد اللطيف سلطاني]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌تقديم:

- ‌الباب الأول

- ‌الفصل الأول:ما هي المزدكية

- ‌الفصل الثاني: من ابتدعها

- ‌الفصل الثالث: أين نبتت شجرتها

- ‌الباب الثاني

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث: وقفة هاهنا للتأمل والاعتبار

- ‌الباب الثالث

- ‌الفصل الأول:الشرائع السماوية وسعادة البشرية

- ‌الفصل الثاني: ما نتج عن توريد المبادئ الأجنبية الهدامة

- ‌الفصل الثالث: الصحافة تنشر ما يساعد على بعث المزدكية

- ‌الفصل الرابع: الصحافة وحماة الدين

- ‌الباب الرابع

- ‌الفصل الأول:ما قدمته الأمة الجزائرية من ضحايا في سبيل الإسلام لا يتفق مع توريد بعض المذاهب الإلحادية

- ‌الفصل الثاني: كيف يكون الدفاع عن الإسلام

- ‌الفصل الثالث: مضار الخمر وغض النظر عنها

- ‌الفصل الرابع: النهي عن بيع العنب لمن يتخذه خمرا

- ‌الفصل الخامس: إنتهاك الحرمات الشرعية سببه من المبادئ الإلحادية

- ‌الفصل السادس: في الحلال عوض عن الحرام {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}

- ‌الباب الخامس

- ‌الفصل الأول:العلماء والتعصب

- ‌الفصل الثاني: من لا يتعصب لمبدئه فلا خير فيه

- ‌الفصل الثالث: الأحزاب السياسية والتعصب

- ‌الفصل الرابع: لمن هذه الأصوات…؟ وما شأنها

- ‌الفصل الخامس:جندي جيش التحرير الجزائري كان صاروخا بشريا صارخا

- ‌الفصل السادس: موقف العلماء من هؤلاء الساخرين

- ‌الفصل السابع:الاحتفال بالآثار الرومانية تعظيم للشرك والمشركين: ما هو الداعي إلى هذا

- ‌الفصل الثامن: الشريعة الإسلامية تنهى عن تعظيم المشركين وآثارهم

- ‌الفصل التاسع: افتخار أمراء المسلمين بإسلامهم، واعتزازهم بدينهم

- ‌الفصل العاشر: بين منبر الجمعة وكرسي الحكم

- ‌الباب السادس

- ‌الفصل الأول:المال في نظر (مزدك) واشتراكيته

- ‌الفصل الثاني: بالكد والعمل ندرك المآرب

- ‌الفصل الثالث: هل هذه بوادر المزدكية تلوح في الأفق

- ‌الفصل الرابع: من هو أبو ذر هذا

- ‌الفصل الخامس: من مكائد اليهود للإسلام، واغترار المسلمين بالمظاهر

- ‌الباب السابع

- ‌الفصل الأول:هل الإسلام قادر على حل جميع المشاكل

- ‌الفصل الثاني: حماية العمل والعمال في الشريعة الإسلامية

- ‌الباب الثامن

- ‌الفصل الأول:الاشتراكية والدين

- ‌الفصل الثاني: محاربة الاشتراكية الشيوعية للإسلام

- ‌الفصل الثالث: من التبشير المسيحي إلى التبشير الإلحادي

- ‌الفصل الرابع: الاستهتار بالقيم الروحية - وشهد شاهد من أهلها

- ‌الفصل الخامس: تمزيق المصحف، وإحراقه

- ‌الباب التاسع

- ‌الفصل الأول:الاشتراكية الشيوعية، والديموقراطية والحرية

- ‌الفصل الثاني: خداع العناوين

- ‌الفصل الثالث: من ذيول الاشتراكية تحديد النسل

- ‌الباب العاشر

- ‌الفصل الأول:مسؤولية حكومات الشعوب الإسلامية

- ‌الفصل الثاني: منزلة الحاكم في الشريعة الإسلامية

- ‌الفصل الثالث: من هو أبو مسلم الخولاني

- ‌الفصل الرابع: الإسلام دين ونظام حياة

- ‌الفصل الخامس: من هم المتهوكون

- ‌الفصل السادس:اعتراف جاسوس فرنسي، قال: "إن الإسلام دين المحامد والفضائل

- ‌الفصل السابع: مأساة اليمن

- ‌الباب الحادي عشر

- ‌الفصل الأول:مفهوم المدنية والتمدن عند جيل هذا العصر

- ‌الفصل الثاني: الإنسان العصري المتمدن والإيمان بالغيب

- ‌الباب الثاني عشر

- ‌الفصل الأول:هل في الاشتراكية خير للإنسانية؟ ازدياد عدد الفقراء فيها

- ‌الفصل الثاني: الاشتراكية والمرأة

- ‌الفصل الثالث: وصية الإسلام بالرفق بالضعفاء: اليتيم، والمملوك، والمرأة

- ‌الفصل الرابع: صون الإسلام للمرأة، وابتذال غيره لها

- ‌الفصل الخامس: مثال من حصافة رأي المرأة العربية المسلمة

- ‌كلمة ختامية:

الفصل: ‌الفصل السادس:اعتراف جاسوس فرنسي، قال: "إن الإسلام دين المحامد والفضائل

أن نعتمد على غيرنا، فكأنه قال له: لنفرض أن الكتابي مات فكيف تفعل؟ كل ذلك منه ليجعل المسلمين يعتمدون على أنفسهم، ولا يعتمدون على غيرهم، رضي الله عنه ما أشد حرصه على استقلال المسلمين بأنفسهم، وتحريه للطوارئ قبل وقوعها، كما لم يرض لهم بأخذ شيء من غير القرآن.

فقد ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره لأول سورة يوسف عليه السلام: أن عمر بن الخطاب ضرب بعض الناس لأنه استنسخ بعض ما في كتاب اليهود، فاستحضره عمر وأمره بمحو ما كتبه، وقال له: انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس، ولئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة، ثم قال له: اجلس، فجلس بين يديه، وقص عليه ما جرى له هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الأمة الإسلامية قد أصابها ما أصاب غيرها من الأمم السابقة، فاتبعت سبيلها شبرا بشبر وذراعا بذراع، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم، وما أخبر به إلا لتجتنب أمته ما وقع لتلك الأمم السابقة، حتى لا تقع في مثل ما وقعت فيه تلك الأمم.

فهل في دروس الماضي ما يجعلنا نتعظ ونعتبر، فنعود إلى شريعة الله - الإسلام - وإذا عدنا إليها عاد إلينا عزنا وما سلب منا؟ أو إننا ما زلنا غافلين عن ذلك:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (1).

نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يحفظنا من الزلل، وأن يزيل عنا ما نزل بنا، وأن يهدينا إلى العودة إلى صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

‌الفصل السادس:

اعتراف جاسوس فرنسي، قال: "إن الإسلام دين المحامد والفضائل

".

ذكرت فيما سبق (في الفصل الخامس من الباب السادس: من مكائد

(1) الآية 11 من سورة الرعد.

ص: 244

اليهود واغترار المسلمين بالمظاهر)، إن المسلمين اغتروا كثيرا بمن تظاهر لهم بالدخول في الإسلام ليفسد عليهم أمر دينهم، ومنهم اليهودي المسمى (عبد الله بن سبأ) والملقب بـ "ابن السوداء"، ووعدت بأني سآتي بكلمة مما كتبه الجاسوس الفرنسي المسمى (ليون روش) عن الإسلام وما فيه من الفضائل والحلول للمشاكل التي تواجه الإنسان في حياته، وما لمسه في المسلمين من إهمال لهذه القوة الباهرة.

ووفاء بالوعد أذكر هذه الجمل التي كتبها الجاسوس المذكور، وفي ذلك ما فيه من العبر لمن أراد أن يعتبر منقولة عن كتيب (الحديقة) الذي جمعه الداعي الإسلامي الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله قال:(ندبت الحكومة الفرنسية في القرن الماضي "ليون روش" ليكون جاسوسا على الأمير عبد القادر الجزائري، وأوعزت إليه أن يتظاهر عنده بالإسلام، وأن يتوصل إلى أن يكون موضع ثقته ومحل أمانته، ففعل ذلك ونجح، وأقام في ديار المسلمين ثلاثين عاما، تعلم في أثنائها اللغة العربية وفنونها، والإسلام وعلومه، واختبر الأوطان الإسلامية المهمة: الجزائر، وتونس، ومصر، والحجاز، والقسطنطينية، ثم ألف كتابا أسماه (ثلاثون عاما في الإسلام)، قال فيه معترفا بما عمله، وبما فهمه من الإسلام، ومتحدثا عن نفسه: (اعتنقت الإسلام زمنا طويلا لأدخل عند الأمير عبد القادر دسيسة من قبل فرنسا، وقد نجحت في الحيلة، فوثق بي الأمير وثوقا تاما، واتخذني سكرتيرا له - فوجدت هذا الدين - الذي يعيبه الكثيرون منا - أفضل دين عرفته، فهو دين إنساني، طبيعي، اقتصادي، أدبي، ولم أذكر شيئا من قوانيننا الوضعية إلا وجدته مشروعا فيه، بل إنني عدت إلى الشريعة التي يسميها "جول سيمون" الشريعة الطبيعية فوجدتها كأنها أخذت من الشريعة الإسلامية أخذا، ثم بحثت عن تأثير هذا الدين في نفوس المسلمين فوجدته قد ملأها شجاعة، وشهامة، ووداعة، وجمالا، وكرما، بل وجدت هذه النفوس على مثال ما يحلم به الفلاسفة من نفوس الخير والرحمة والمعروف، في عالم لا يعرف الشر والكذب، فالمسلم بسيط لا يظن بأحد سوءا، ثم هو لا يستحل محرما في طلب الرزق، ولذلك كان أقل مالا من الإسرائيليين ومن بعض المسيحيين.

(ولقد وجدت في الإسلام حل المسألتين اللتين تشغلان العالم طرا، الأولى

ص: 245

في قول القرآن: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فهذا أجمل مبادئ الاشتراكية، والثانية في فرض الزكاة على كل ذي مال، وتخويل الفقراء - بواسطة ولي الأمر المسلم - حق أخذها غصبا إن امتنع عن دفعها طوعا، وهذا دواء الفوضوية.

إن الإسلام دين المحامد والفضائل، لو أنه وجد رجالا يعلمونه الناس حق التعليم، ويفسرونه تمام التفسير، لكان المسلمون اليوم أرقى العالمين وأسبقهم في كل الميادين، ولكن وجد بينهم شيوخ يحرفون كلامه، ويمسخون جماله، ويدخلون عليه ما ليس منه، وإني تمكنت من استغواء بعض هؤلاء الشيوخ في القيروان، والإسكندرية، ومكة، فكتبوا إلى المسلمين في الجزائر يفتونهم بوجوب الطاعة للفرنسيين، وبأن لا ينزعوا إلى الثورة، وبأن فرنسا خير دولة أخرجت للناس، وكل ذلك لم يكلفني سوى بعض الآنية الذهبية (1) انتهى كلام ليون روش.

والمتأمل في هذا الاعتراف التلقائي المقرون بالثناء على ما جاءت به الشريعة الإسلامية للمسلمين من قوانين عادلة قادرة على حل مشاكلهم، يدرك أمرين اثنين:

أولهما: انخداع المسلمين بالمظاهر الخارجية - وهذا راجع إلى طهارة قلوبهم من سوء الظن - كما قلت هذا سابقا وكما شهد بهذا هذا الجاسوس الفرنسي، من غير بحث عميق وترو في العلاقات الفردية والجماعية والدولية والظروف المحيطة بهم، وكم جر مثل هذا عليهم من ويلات ومصاعب ومتاعب تجرعوا مرارتها أحقابا وأحقابا، وقد أمر الله المسلمين بأخذ الحيطة والحذر من عدوهم حتى لا يخدعوا، قال الله تعالى:{وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} (2)، فمن الحزم واليقظة ألا يركن المسلم إلى من لا يعرفه بسهولة، ولكن كثيرا ما يقع مثل هذا للمسلمين، فينخدعون من جهة الإيمان، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم شاهد على ذلك، فقد قال:((المؤمن غرم كريم4 والفاجر - وفي رواية والمنافق - خب لئيم)) (3) وليس معنى

(1) الحديقة ج 7 ص 192.

(2)

النساء الآية 102.

(3)

رواه أبو داوود والترمذي والحاكم عن أبي هريرة.

ص: 246

هذا أن المسلم أبله مغفل، بل هو من الإيمان، فالمؤمن يظن بغيره خيرا - يزن غيره بميزان نفسه المؤمنة الطاهرة من الكذب والنفاق - وذلك بحسب إيمانه، والفاجر أو المنافق يتوقع دائما الشر بالقياس على نفسه الشريرة، وأنشد نفطويه في هذا المعنى:

إن الكريم إذا تشاء خدعته

وترى اللئيم مجربا لا يخدع

ونقل عن عمر بن الخطاب المشهور بالحزم والحذر قوله: (لست بخب، والخب لا يخدعني)(1).

وثانيهما فهم بعض الأجانب - عن الإسلام - لمحاسن الإسلام وفضائله، فأثنوا عليه - بعدما درسوه - ووجهوا النقد واللوم للمسلمين الذين لم يعملوا به ليتخلصوا بواسطته من الشرور والموبقات والتأخر، لم يفعلوا هذا وطلبوا علاج ما هم فيه من تأخر وانحطاط في غيره، فلم يزدادوا إلا بعدا عن حل مشاكلهم، وتوغلا في الفوضى والاضطراب، والمسؤولية الكبرى والعظمى يتحملها علماؤهم، وأمراؤهم، ورؤساؤهم، وزعماؤهم، فهم الذين استبدلوا لهم الطيب بالخبيث، والصحة بالمرض، والحق بالباطل، والنصح بالغش، والصدق بالكذب، فهم كما قال موسى لبني إسرائيل:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} ، (2) ذلك أن الله تعالى أكرمهم - في أرض التيه - بالمن والسلوى - خير الطعام وأفضله - فسألوه - بواسط، موسى - أن يرفعه عنهم ويعوضه لهم بالثوم والبصل والعدس الخ. فنرى المسلمين لذلك قد طال بلاؤهم، وكثر شقاؤهم - ولا زال يطول ويكثر - وطمع فيهم أضعف أعدائهم، ورؤساؤهم في خصام، وزعماؤهم في نزاع وتطاحن من أجل المناصب والكراسي الوثيرة، يتنازعون عن كراسي السلطة والحكم - وهم مرضى بحب الزعامة، والرئاسة، والسيطرة - فمن محاولة انقلاب فاشلة على حكومة قائمة، إلى انقلاب ناجح - إلى حد ما - ومن محاولة اغتيال أو قتل سياسي - للتوصل إلى السلطة - خائبة إلى أخرى صالحة وناجزة، فاليوم فلان جالس على كرسي الوزارة - مثلا - والشرطة تحرسه، والجنود يحيونه، والباب يقرع عليه بلين ورفق،

(1) الخب بفتح الخاء وكسرها الخداع، والغر الذي لا ينتبه للشر.

(2)

سورة البقرة الآية 61.

ص: 247

والرغبات تقدم إليه وتطرح للبحث، والتحايا والهدايا تصل من القريب ومن البعيد، فلا يمضي عليه من الوقت إلا قليل على ذلك، إلا والحال معكوسة، فلان الرئيس أو الوزير مكبل في السلاسل، ومودع في سجن مظلم، أو مبعد محروس بشرطة كانت بالأمس القريب تؤدي له التحية بإجلال واحترام، وتتقرب إليه ليرضى عنها، أو مطرود إلى خارج الوطن، أو فر هاربا إلى إحدى الدول، فصار لاجئا - سياسيا - ربما كانت تلك الدولة عدوة له بالأمس القريب، واليوم يلتجئ إليها تاركا وطنه، وإذا بالنقائص والعيوب - عيوب كانت بالأمس محاسن - تنشر وتذاع، والعرض ممزق ملوث بعدما كان مصونا محفوظة كرامته، هو وحده عنده مفتاح الخلاص، وهو الفارس المجلي في هذه الحلبة، وهكذا دواليك، فكأنه جاء إلى هذا المنصب أو ذاك أو جيء به ليقضي فترة من الزمن (تدريبية) كما يفعل بصغار الموظفين، أو كأن حكام المسلمين اليوم مثل الحفظة من الملائكة، لا في الطهر والطاعة لله، بل في التداول والتعاقب على المناصب، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحفظة الكرام الكاتبين:((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) (1) فلا استقرار على كرسي ولا اطمئنان على مستقبل، ولا بقاء على حال، فهم كما قيل - ما سلم حتى ودع - نعم هذا شأن الدنيا من قديم الزمان، غير أن ما يحدث هي وقتنا هذا فاق - بكثير - ما كان يحدث في سالف الزمان، وذلك راجع لما قلناه من النزاع والخصام وحب السيطرة الموجودة في رؤساء المسلمين وحكامهم، من غير نظر لمصالح الشعوب، فليكن في هذا العبرة البالغة لذوي الأبصار {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} والدوام لله وحده، والملك لله الواحد القهار.

كل هذا الاضطراب دليل على أن البناء غير راس على قواعد سليمة ومتينة بل على أسس مزيفة وملفقة غير منظور فيها إلى الكفاءات - مع مراعاة الماضي النزيه - بل قد يكون الاختيار للوظائف مراعى فيه الصداقة والصحبة من زمن الصغر - مثلا - واللعب، وقد تكون مبدية على مبادلة المنافع، انفعني أنفعك، كن في عوني أكن في عونك، لهذا ساء الحال - ولعل - والمآل أيضا.

(1) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة.

ص: 248