الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقال: فلان يدس السم في الدسم، ذلك ما يحكى عن المنح الدراسية التي تمنح من بعض الدول الصناعية لبعض البلدان المتأخرة علميا وصناعيا فقد قص علي أحد الآباء أن ولده أعطيت له منحة - أو محنة - دراسية ليتم بها دراسته في إحدى البلدان الاشتراكية، فسافر الولد للدراسة فيها غير أنه تبين له فيما بعد أن ما يتلقونه عن النظام الشيوعي ومحاسنه أكثر مما يتلقونه من العلوم التي غادروا وطنهم من أجلها، وقد قال مرة مسؤول في بلد اشتراكي لتلميذ جزائري ما معناه: إننا نعلمكم هنا في بلدنا ونرجوكم إذا عدتم إلى الجزائر أن تكونوا في عوننا على إخراج الإسلام من الجزائر، وابدأوا بأسرتكم أولا، ثم بأصدقائكم، وهكذا حتى نقض بواسطتكم على الإسلام، وتصبح الجزائر إشتراكية شيوعية، فرجع التلميذ هاربا بدينه - وهذا يرجع إلى فضل تكوينه العائلي وتربيته المنزلية - وكم من تلميذ عاد من دراسته في البلدان الاشتراكية إلى وطنه وهو شيوعي في نفسه وداعية لها، وفي نفس تلك الدولة عوقب تلميذ جزائري لأنهم وجدوا عنده مصحفا، هذا بعض من حرب الشيوعية للإسلام، والذي ينقص تربيتنا الدينية المنزلية قلة تزويد أبنائنا بوسائل الدعاية الكافية ليكونوا هم أيضا دعاة صادقين ومبشرين مخلصين لدينهم الحق وعقيدتهم الفريدة في عالم استولى عليه الشيطان بوساوسه وغوايته، فنكون من أبنائنا - زيادة عن تمكن الدين منهم - شبانا صالحين يجلبون بسيرتهم الطيبة الغرباء عن الدين الحق، زيادة عن دعوتهم غيرهم إلى الإسلام الحي، ولا نخاف بعد هذا من خروجهم من دينهم وانسلاخهم عن عقيدتهم.
الفصل الثاني: خداع العناوين
.
اختارت بعض الدول أن تزيد إلى اسمها كلمة - الديموقراطية - فتقول - مثلا - ألبانيا الديموقراطية، رومانيا الديموقراطية، وهكذا: بلغاريا، ألمانيا، فيتنام، كوريا إلى آخر ما نسمع في عناوين الدول.
والواقع أن هذا العنوان - الديموقراطية - يخفي وراءه أو تحته - الاشتراكية الشيوعية - لأن الشعوب لا تقبل الشيوعية - مختارة - ولا تقبل عليها، وتفر منها فرارها من الجذام والطاعون، وللتغطية والتعمية
تأتي الدول بهذا العنوان الخداع، حتى لا تفطن الشعوب المسكينة إلى الحيلة والخدعة، فإذا تمكنت الحكومة من السلطة والسيطرة على الشعب شرعت في تطبيق النظام الشيوعي من أخذ الأموال وغيرها، رغم أنف الشعب، وسخرت له كل ما في إمكانياتها، حتى لا يرد ولا يرفض، وهيأت له كل ما يعين على تثبيته ولو بالقوة، وتدعي أن الشعب هو الذي اختار هذا النظام، والواقع أن الشعب لم يستشر في ذلك بتاتا، بل فرض عليه بالقوة.
وقد كنت يوم 31 أكتوبر 1965 م في حفل أقيم بمسجد "الحراش" بمناسبة توسيعه، وكان معي في المجلس بعض الإخوان بما فيهم وزير الأوقاف الأسبق، ورئيس المجلس البلدي لعاصمة الجزائر، فامتد بنا الحديث الى طرق عدة مواضيع، كل يدلي بما عنده، وأذكر أنني قلت لهم - فيما قلت -: إنني تتبعت عناوين بعض الدول المعاصرة فرأيت أن كل دولة تضم إلى عنوانها كلمة - الديموقراطية - هي دولة شيوعية، وذكرت لهم كمثال على هذا: ألمانيا الديموقراطية، ألبانيا الديموقراطية، إلى آخر ما ذكرته سابقا، فالكثير منهم وافقني على هذا الرأي
…
لهذا فالنظام الاشتراكي - وهو شيوعي لحما ودما - تفرضه الحكومات فرضا على شعوبها، وخاصة في الشعوب الإسلامية، لأن الشعوب الإسلامية لا تقبل ولا ترضى أن تسلخ من دينها من غير أن تكون للشعوب كلمة رضى أو رفض أو معارضة وسخط، إنما فرض ذلك النظام عليها فرضا، وعندما يصرح مسؤول ما يدعي ويقول - بلا حياء - أن الشعب قد اختار الاشتراكية مذهبا له، وأنا أتحقق - وكل العقلاء النزهاء البرآء معي - أن الشعب لو استشير - أي شعب كان - وأعطيت له حرية التعبير - وهو حق لكل إنسان متمدن - لرفضها رفض الحذاء المرقع، ولفر منها فراره من الأسد المفترس أو الغول المخيف.
من أجل هذا، فكل المسؤولين في الشعوب الإسلامية مسؤولون أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام أرواح الشهداء عما حدث لشعوبهم وفيها، من كفر وإلحاد، وخيبة أمل، وضياع حقوق وشرف قديم وجاه وطهر وعفاف وغير ذلك مما أتت به هذه الاشتراكية المزدكية إلى الشعوب،
وسيلقى كل واحد منهم جزاءه على أعماله، سواء آمن بذلك أو كفر.
والإسلام يأمرنا بالتناصح فيما بيننا، فإذا أدى العلماء واجبهم تلقاء حكامهم وولاة أمورهم، وتقدموا إليهم بالنصائح حسبما يمليه الإيمان والإسلام، لم يجدوا فيهم قلوبا متفتحة على الخير - إلا النادر القليل - وعقولا تدرك خطر المسؤولية، بل أنفوا من قبول النصيحة، واتهموا العلماء بالضدية للدولة، ورموهم بالرجعية والتأخر والجمود الخ، والرجعية في النظام الاشتراكي معناها التدين، لأن الاشتراكيين لا دين لهم كما نعلم، ولأن الدين مصباح مضيء، ونور كاشف، إذا سلط على المبادئ والأهداف كشف حقيقتها كما هي من غير تدليس ولا تلبيس ولا تزييف، لهذا نسمع كثيرا كلمة الاستعمار القديم والجديد، والتنفير منهما - الاستعمار بنوعيه القديم والجديد - لنقول هذا الاستعمار القديم عرفناه، ترى ما هو الاستعمار الجديد؟ فلا نجد لهذا السؤال جوابا إلا أن نقول هو "الاشتراكية الشيوعية" ومثل كلمة الاستعمار القديم والجديد في لغة الاشتراكية كلمة الإمبريالية، والرجعية المستنزفة لدماء الشعوب، القاهرة للعباد، المعذبة للبشرية، إلى آخر ما شاع وذاع وملأ الأسماع حتى مل الناس سماعه، وهي دعاية شيوعية قصد بها التضليل وإخفاء الحقائق وراء العناوين الضخمة الخادعة البراقة.
ومن العجيب الغريب المضحك أن الكثير من الدول العربية الإسلامية!!!! تسطر في دساتيرها كلمة: (الإسلام دين الدولة) وإذا بحثنا عن معنى الإسلام ومدلوله في هذه الدول لم نجد له أثرا، إلا في الصلاة والصوم عند البعض من أفراد هذه الشعوب، أما الأحكام والحدود وحماية الدين فلا تسأل عنها، وهي في ذلك تخادع شعوبها، لأن الشعوب لا ترضى أن تستبدل الإسلام - وهو الدين الذي حررها من الاستعمار - بالشيوعية عدوة الأديان، أما أحكامه فقد أبطلت وعوضت بأحكام وضعية، فأين هو الإسلام إذن
…
؟؟
فلو قيل في تلك الدساتير: (الإسلام دين الشعب) لكان أصدق وأصلح في طائفة من أبناء الشعب، لأن الدولة لا تعمل بالإسلام ولا تطبقه ولا تحميه من عبث العابثين، بل تضيق عليه سبل نشره والعمل به، والذي نلاحظه هنا أن (الاشتراكية) صارت مودة - موضة - العصر كاللباس، فكل دولة لشعب مسلم لبست لباس هذه المودة أو الموضة حتى لا تتهم