الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث من يصح منه الطلاق
قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ويصح من زوج مكلف ومميز يعقله، ومن زال عقله معذورًا لم يقع طلاقه، وعكسه الآثم، ومن أكره عليه ظلما بإيلام له أو لولده أو أخذ مال يضره أو هدده بأحدها قادر يظن إيقاعه فطلق تبعا لقوله لم يقع.
الكلام في هذا المبحث في مطلبين هما:
1 -
بيان من يقع منه الطلاق.
2 -
شروطه.
المطلب الأول بيان من يقع منه
وفيه مسألتان هما:
1 -
بيانه.
2 -
دليله.
المسألة الأولى: بيانه:
الذي يقع منه الطلاق هو الزوج ومن يقوم مقامه.
المسألة الثانية: الدليل:
دليل اختصاص الزوج بالطلاق حديث: (إنما الطلاق لمن أخد بالساق)(1).
ووجه الاستدلال به: أنه حصر الطلاق فيمن يأخذ بالساق وهو الزوج.
المطلب الثاني شروط من يصح منه الطلاق
وفيه ثلاث مسائل هي:
(1) سنن ابن ماجه، باب طلاق العبد (2081).
1 -
التكليف.
2 -
العقل.
3 -
الاختيار.
المسألة الأولى: التكليف:
وفيها فرعان هما:
1 -
دليل الاشتراط.
2 -
ما يخرج بالشرط.
الفرع الأول: دليل الاشتراط:
دليل اشتراط التكليف فيمن يصح طلاقه حديث: (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيفظ، وعن الصبي حتى يحتلم)(1).
الفرع الثاني: ما يخرج بالشرط:
وفيه أمران هما:
1 -
المجنون ومن دون التمييز.
2 -
المميز.
الأمر الأول: المجنون ومن دون التمييز:
وفيه ثلاثة جوانب هي:
1 -
الخروج.
2 -
توجيه الخروج.
3 -
الدليل.
الجانب الأول: الخروج:
خروج المجنون وغير المميز ممن يصح طلاقه لا خلاف فيه.
الجانب الثاني: التوجيه:
وجه خروج المجنون والمميز ممن يصح طلاقه: أنهما لا يعقلان معناه ولا يدركان نتيجته.
(1) سنن أبي داود: باب في المجنون يسرق أو يصيب الحد (4401).
الجانب الثالث: الدليل:
الدليل على خروج المجنون وغير المميز الحديث المتقدم، وفيه (والمجنون حتى يفيق والصغير حتى يبلغ).
الأمر الثاني: المميز:
وفيه ثلاثة جوانب هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الجانب الأول: الخلاف:
اختلف في وقوع طلاق الميز الذي يعقل الطلاق على قولين:
القول الأول: أنه يقع.
القول الثاني: أنه لا يقع.
الجانب الثاني: التوجيه:
وفيه جزءان هما:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
الجزء الأول: توجيه القول الأول:
وجه القول بوقوع طلاق الميز الذي يعقله بما يأتي:
1 -
حديث: (إنما الطلاق لمن أخذ بالساق)(1).
ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فيشمل كل من أخذ بالساق وهو الزوج.
2 -
حديث: (كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله)(2).
(1) سنن ابن ماجه/ باب طلاق العبد/ 2081.
(2)
سنن الترمذي/ باب ما جاء في طلاق المعتوه/1191.
30 -
أنه يعقل معنى الطلاق فيقع طلاقه كالكبير.
الجزء الثاني: توجيه القول الثاني:
وجه القول بعدم وقوع طلاق المميز بما يأتي:
1 -
حديث: (رفع القلم عن ثلاثة)(1) وفيه (والصغير حتى يحتلم).
ووجه الاستدلال به أن المميز لم يحتلم فيكون مرفوعًا عنه القلم فلا يؤاخذ، وإذا لم يؤاخذ لم يقع طلاقه؛ لأنه لو وقع طلاقه كان مؤاخذا.
2 -
أن المميز غير مكلف فلا يقع طلاقه كالمجنون.
الجانب الثالث: الترجيح:
وفيه ثلاثة أجزاء هي:
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الجزء الأول: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - وقوع الطلاق.
الجزء الثاني: توجيه الترجيح:
وجه ترجيح القول بوقوع طلاق المميز إذا كان يعقله: أنه يفهم معناه، وقد نواه فيقع طلاقه لحديث:(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)(2).
الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
الجواب عن الاستدلال بالحديث.
2 -
الجواب عن القياس على المجنون.
(1) سنن أبي داود، باب في المجنون يسرق أو يصيب الحد (4401).
(2)
صحيح مسلم، باب قوله:(إنما الأعمال بالنيات)(1907).
الجزئية الأولى: الجواب عن الاستدلال بالحديث:
يجاب عن ذلك من وجوه منها ما يأتي:
1 -
أنه في إسقاط الواجبات تخفيفًا، وإيقاع الطلاق منع من المحرمات وليس إسقاطًا للواجبات؛ لأنه منع من الاستمتاع المحرم بالطلاق، كالمنع من أكل الميتة والخنزير وشرب المسكرات.
2 -
أنه لرفع إثم الفعل وليس لرفع آثار الفعل بدليل أنه يضمن المتلفات، مع أنه لا يأثم بالإتلاف.
الجزئية الثانية: الجواب عن القياس على المجنون:
يجاب عن ذلك بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن المميز يعقل بخلاف المجنون فإنه لا يعقل.
المسألة الثانية: العقل:
وفيها ثلاثة فروع هي:
1 -
توجيه الاشتراط.
2 -
دليل الاشتراط.
3 -
ما يخرج بالشرط.
الفرع الأول: توجيه الاشتراط:
وجه اشتراط العقل لصحة الطلاق: أن غير العاقل لا يعي ما يقول فلا يؤاخذ به.
الفرع الثاني: دليل اشتراط العقل:
يدل لاشتراط العقل لصحة الطلاق حديث: (رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم)(1).
(1) سنن أبي داود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا (4401).
الفرع الثالث: ما يخرج بالشرط:
وفيه أربعة أمور هي:
1 -
الصغير الذي لا يعقل.
2 -
زائل العقل بالجنون.
3 -
زائل العقل بسبب مباح.
4 -
زائل العقل بسبب محرم.
الأمر الأول: الصغير الذي لا يعقل:
وفيه جانبان هما:
1 -
توجيه الخروج.
2 -
دليل الخروج.
الجانب الأول: توجيه الخروج:
وجه خروج الصغير الذي لم يعقل ممن يصح طلاقه: أنه لا يعي ما يقول فلا يؤاخذ به.
الجانب الثاني: دليل الخروج:
يدل الخروج الصبي الذي لم يعقل ممن يصح طلاقه ما يأتي:
1 -
الحديث المتقدم وفيه: (والصبي حتى يحتلم).
2 -
الإجماع، فإنه لا خلاف في أن غير العاقل لا يصح طلاقه (1).
الأمر الثاني: زائل العقل بالجنون:
وفيه جانبان هما:
1 -
توجيه الخروج.
2 -
الدليل.
الجانب الأول: التوجيه:
وجه خروج المجنون ممن يصح طلاقه: أنه لا يعي ما يقول فلا يؤاخذ به.
الجانب الثاني: الدليل:
الدليل على خروج المجنون ممن يصح طلاقه ما يأتي:
(1) الشرح مع الإنصاف والمقنع (22/ 134).
1 -
الحديث المتقدم وفيه: (والمجنون حتى يفيق).
2 -
الإجماع، فإنه لا خلاف في أن المجنون لا يقع طلاقه (1).
الأمر الثالث: زائل العقل بسبب مباح:
وفيه ثلاثة جوانب هي:
1 -
أمثلة زوال العقل بسبب مباح.
2 -
توجيه الخروج.
3 -
دليل الخروج.
الجانب الأول: أمثلة زوال العقل بالسبب المباح:
من أمثلة زوال العقل بالسبب المباح ما يأتي:
1 -
البنج لإجراء العمليات.
2 -
النوم.
3 -
الإغماء.
الجانب الثاني: توجيه الخروج:
وجه خروج من زال عقله بسبب مباح ممن يصح طلاقه:
أنه لا يعي ما يقول فلا يؤاخذ به.
الجانب الثالث: دليل الخروج:
دليل خروج زائل العقل بسبب مباح ممن يصح طلاقه حديث: (رفع القلم عن ثلاثة)(2) وفيه: (وعن المجنون حتى يفيق).
ووجه الاستدلال به: أن رفع القلم عن المجنون لعدم إدراكه وعدم تعديه في زوال عقله، وزائل العقل بالسبب المباح بمعناه.
الأمر الرابع: زائل العقل بسبب محرم:
وفيه جانبان هما:
(1) الشرح مع الإنصاف والمقنع (22/ 134).
(2)
سنن أبي داود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا (4401).
1 -
إذا كان مكرها.
2 -
إذا كان مختارًا.
الجانب الأول: إذا كان زائل العقل بالسبب المحرم مكرها:
وفيه جزءان هما:
1 -
ضابط الإكراه.
2 -
الخروج ممن يصح طلاقه.
الجزء الأول: ضابط الإكراه:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
بيان الضابط.
2 -
الأمثلة.
الجزئية الأولى: بيان الضابط:
ضابط الإكراه: أن يحمل الشخص على تناول ما يزول به العقل بالتهديد بما يضر في النفس أو العرض أو الأهل أو المال من قادر على إيقاعه.
الجزئية الثانية: الأمثلة:
من أمثلة الإكراه على تناول ما يزيل العقل ما يأتي:
1 -
الإكراه على تناول الخمر.
2 -
الإكراه على تناول الحشيش.
3 -
الإكراه على تناول البنج.
الجزء الثاني: الخروج ممن يصح طلاقه:
وفيه ثلاث جزئيات هي:
1 -
الخروج.
2 -
التوجيه.
3 -
الدليل.
الجزئية الأولى: الخروج:
من زال عقله بسبب محرم مكرها خرج ممن يصح طلاقه.
الجزئية الثانية: التوجيه:
وجه خروج من زال عقله بسبب محرم مكرها: أنه لا يعي ما يقول، وهو معذور في زوال عقله فلا يؤاخذ به.
الجزئية الثالثة: الدليل:
من أدلة خروج من أكره على تناول ما يزيل العقل ممن يصح طلاقه ما يأتي:
1 -
قوله تعالى {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (1).
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: (أن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(2).
الجانب الثاني: إذا كان زائل العقل بالسبب المحرم مختارا:
وفيه ثلاثة أجزاء هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الجزء الأول: الخلاف:
اختلف في خروج من زال عقله بسبب محرم مختارا ممن يصح طلاقه على قولين:
القول الأول: أنه لا يخرج ويقع طلاقه.
القول الثاني: أنه يخرج فلا يقع طلاقه.
الجزء الثاني: التوجيه:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
الجزئية الأولى: توجيه القول الأول:
وجه القول بوقوع الطلاق ممن زال عقله بسبب محرم مختارا ما يأتي:
(1) سورة النحل، الآية:[106].
(2)
سنن الدراقطني (4351).
1 -
حديث: (كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله)(1).
ووجه الاستدلال به: أنه عام فيدخل فيه طلاق من زال عقله بلا عذر.
2 -
أن الصحابة جعلوه كالصاحي في الحد فيجعل كالصاحي في إيقاع الطلاق.
3 -
أنه طلاق من مكلف غير معذور صادف ملكه فوجب أن يقع كطلاق الصاحي.
4 -
أن إيقاع الطلاق يردع عن تعاطي المسكر، والردع عن المسكر مطلوب فيكون إيقاع الطلاق مطلوبًا؛ لأن الوسيلة لها حكم الغاية.
5 -
أن السكران يقتص منه إذا قتل ويقطع إذا سرق.
الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني:
وجه القول بعدم وقوع الطلاق ممن زال عقله بسبب محرم مختارا ما يأتي:
1 -
(رفع القلم عن ثلاثة المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يحتلم)(2).
ووجه الاستدلال به: أن زائل العقل لا يدري ما يقول فلا يقع طلاقه كالمجنون.
2 -
حديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)(3).
ووجه الاستدلال بالحديث: أنه رتب اعتبار العمل على النية وزائل العقل لا نية له؛ لأنه لا يعي ما يقول، فلا يقع طلاقه.
3 -
ما ورد أن عثمان رضي الله عنه قال: (ليس لمجنون ولا سكران طلاق)(4).
(1) سنن الترمذي، باب ما جاء في طلاق المعتوه (1191).
(2)
سنن أبي داود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا (4401).
(3)
صحيح البخاري، باب كيف كان بدء الوحي (1).
(4)
السنن الكبرى للبيهقي، باب من قال: لا يجوز طلاق السكران (7/ 359).
الجزء الثالث: الترجيح:
وفيه ثلاث جزئيات هي:
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الجزئية الأولى: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - عدم وقوع الطلاق.
الجزئية الثانية: توجيه الترجيح:
وجه ترجيح عدم وقوع طلاق زائل العقل ما يأتي:
1 -
قوة أدلته.
2 -
أن الأصل عدم وقوع الطلاق ولا دليل على وقوع طلاق زائل العقل، وما استدل به الموقعون سيأتي الجواب عنه.
الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح:
وفيها أربع فقرات هي:
1 -
الجواب عن حديث: (كل الطلاق جائز).
2 -
الجواب عن حد السكران والاقتصاص منه.
3 -
الجواب عن القول بأن السكران غير معذور كالصاحي.
4 -
الجواب عن كون إيقاع الطلاق يردع عن الشرب.
الفقرة الأولى: الجواب عن الحديث:
يجاب عنه: بأن زائل العقل خارج منه بأدلة القول الثاني.
الفقرة الثانية: الجواب عن الاقتصاص من السكران وحده:
يجاب عن ذلك بأنه لمنع جعل السكر وسيلة إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض، وهذا المعنى ليس موجودا في الطلاق؛ لأنه مباح من غير إزالة العقل.
الفقرة الثالثة: الجواب عن القول بأن السكران غير معذور:
يجاب عن ذلك: بأن نفي العذر غير مسلم؛ لأن عدم العذر حين تناول المسكر وهذا ليس محل الخلاف؛ لأن محل الخلاف حال السكر حين إيقاع الطلاق، وهو فيها معذور بزوال العقل.
الفقرة الرابعة: الجواب عن الاحتجاج بأن إيقاع الطلاق يردع عن إزالة العقل:
يجاب عن ذلك بما يأتي:
1 -
أن للردع وسائل أخرى غير إيقاع الطلاق.
2 -
أن الردع يجب أن يقصر على محله وإيقاع الطلاق يتعدى ضرره إلى أفراد الأسرة: فلا يجوز.
المسألة الثالثة: الاختيار:
وفيها ثلاثة فروع هي:
1 -
توجيه الاشتراط.
2 -
دليل الاشتراط.
3 -
ما يخرج بالشرط.
الفرع الأول: توجيه الاشتراط:
وجه اشتراط الاختيار لوقوع الطلاق: أن غير المختار معذور فلا يقع طلاقه إن لم يقصده كما سيأتي في الإكراه.
الفرع الثاني: الدليل:
دليل اشتراط الاختيار لوقوع الطلاق ما يأتي:
1 -
قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (1).
(1) سورة النحل، الآية:[106].
ووجه الاستدلال بالآية: أنه إذا لم يؤاخذ من نطق بكلمة الكفر مكرها، فالطلاق أولى.
2 -
حديث: (أن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(1).
الفرع الثالث: ما يخرج بشرط الاختيار:
وفيه ثلاثة أمور هي:
1 -
طلاق الكره بحق.
2 -
طلاق المكره بغير حق.
3 -
طلاق الغضبان.
الأمر الأول: طلاق المكره بحق:
وفيه جانبان هما:
1 -
أمثله الإكراه بحق.
2 -
خروج المكره بحق ممن يصح طلاقه.
الجانب الأول: أمثلة الإكراه بحق:
من أمثلة الإكراه على الطلاق بحق ما يأتي:
1 -
إكراه المولي.
2 -
إكراه من لم يقم بحقوق الزوجية.
3 -
إكراه من به عيب يثبت به الفسخ.
4 -
إكراه من زوجهما الوليان وجهل السابق.
5 -
إكراه من عقد له على من يحرم الجمع بينهما وجهل السابق، ولا مزية لإحداهما على الأخرى كالأختين.
(1) سنن الدارقطني (4351).
الجانب الثاني: الخروج ممن يصح طلاقه:
وفيه ثلاثة أجزاء هي:
1 -
الخروج.
2 -
التوجيه.
3 -
الدليل.
الجزء الأول: الخروج:
إذا كان الإكراه بحق لم يخرج المكره ممن يصح طلاقه فيقع طلاقه إذا طلق ويطلق عليه إن امتنع.
الجزء الثاني: التوجيه:
وجه عدم خروج المكره بحق ممن يصح طلاقه: أن الطلاق حق واجب عليه كقضاء الدين ولو لم يقع طلاقه لما برئت منه ذمته.
الجزء الثالث: الدليل:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
دليل وقوع الطلاق من المولى.
2 -
دليل وقوع الطلاق من غيره.
الجزئية الأولى: دليل وقوع الطلاق من المولى:
الدليل على وقوع الطلاق من المولى بالإكراه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1).
ووجه الاستدلال بالآية: أن الله لم يجعل للمولى غير خيار الفيأة أو الطلاق، وذلك يدل على أنه إذا لم يفء أمر بالطلاق فإن لم يطلق أكره عليه، فإن أبى بعد الإكراه طلق عليه.
(1) سورة البقرة، الآية:[226 - 227].
الجزئية الثانية: دليل وقوع الطلاق من غير المولى:
دليل وقوع الطلاق ممن يلزمه الطلاق بالإكراه عليه:
القياس على المولي بجامع لزوم الطلاق لكل منهما.
الأمر الثاني: المكره بغير حق:
وفيه جانبان هما:
1 -
أمثلة الإكراه.
2 -
الخروج ممن يصح طلاقه.
الجانب الأول: أمثلة الإكراه:
أمثلة الإكراه تقدمت في أول الإكراه.
الجانب الثاني: خروج المكره ممن يقع طلاقه:
وفيه جزءان هما:
1 -
إذا لم ينوا الطلاق.
2 -
إذا نوى الطلاق.
الجزء الأول: إذا لم ينوا الطلاق:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
مثاله.
2 -
الخروج به ممن يقع طلاقه.
الجزئية الأولى: المثال:
مثال إيقاع الطلاق مجاراة للمكره من غير قصده: أن يتلفظ به للتخلص من الإكراه غير مريد لحقيقة الطلاق.
الجزئية الثانية: الخروج ممن يصح طلاقه:
وفيها ثلاث فقرات هي:
1 -
الخروج.
2 -
التوجيه.
3 -
الدليل.
الفقرة الأولى: الخروج:
إذا طلق الكره على الطلاق مجاراة لمن أكرهه من غير نية للطلاق لم يقع طلاقه.
الفقرة الثانية: التوجيه:
وجه عدم وقوع الطلاق ممن أوقعه مجاراة للمكره من غير قصده: أنه لم يرد حقيقة الطلاق وإنما قصد التخلص من الإكراه فكان كمن نطق بغير لفظ الطلاق.
الفقرة الثالثة: الدليل:
الدليل على عدم وقوع الطلاق ممن تلفظ به مجاراة للمكره من غير قصد، حديث:(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)(1).
ووجه الاستدلال به: أنه جعل النية شرطا لاعتبار الأعمال والمطلق مجاراة للمكره لم ينوا الطلاق فلا يقع طلاقه لفقد الشرط وهو النية.
الجزء الثاني: إذا نوى الطلاق:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
إذا نوى الطلاق بقطع النظر عن الإكراه.
2 -
إذا نوى الطلاق قاصدا التخلص من الإكراه.
الجزئية الأولى: إذا نوى الطلاق بقطع النظر عن الإكراه:
وفيها فقرتان هما:
1 -
المثال.
2 -
وقوع الطلاق.
الفقرة الأولى: المثال:
مثال إيقاع الطلاق بنيته بقطع النظر عن الإكراه:
أن ينوي الشخص حقيقة الطلاق لا التخلص من الإكراه.
الفقرة الثانية: الوقوع:
وفيه شيئان هما:
(1) صحيح البخاري، باب كيف كان بدء الوحي (1).
1 -
الوقوع.
2 -
التوجيه.
الشيء الأول: الوقوع:
إذا طلق المكره قاصدًا حقيقة الطلاق بقطع النظر عن الإكراه وقع طلاقه.
الشيء الثاني: التوجيه:
وجه وقوع طلاق المكره عليه إذا قصد حقيقته بقطع النظر عن الإكراه: أن الإكراه لا أثر له في إيقاع الطلاق فلا يغير حكمه كطلاق غير المكره.
الجزئية الثانية: إذا نوى الطلاق قاصدًا التخلص من الإكراه:
وفيها ثلاث فقرات هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الفقرة الأولى: الخلاف:
اختلف في وقوع الطلاق ممن أكره عليه إذا نواه للتخلص من الإكراه على قولين:
القول الأول: أنه يقع.
القول الثاني: أنه لا يقع.
الفقرة الثانية: التوجيه:
وفيها شيئان هما:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
الشيء الأول: توجيه القول الأول:
وجه القول بوقوع الطلاق ممن قصده للتخلص من الإكراه ما يأتي:
1 -
حديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)(1).
(1) صحيح البخاري، باب كيف كان بدء الوحى (1).
ووجه الاستدلال به: أنه رتب اعتبار الأعمال على النية وهذا قد نوى الطلاق فيقع طلاقه لتحقق شرطه وهو النية.
2 -
أنه طلاق من مكلف في محل يملكه فنفذ كطلاق غير المكلف.
الشيء الثاني: توجيه القول الثاني:
وجه القول بعدم وقوع الطلاق من المكره عليه إذا قصده للتخلص من الإكراه ما يأتي:
1 -
حديث: (لا طلاق في إغلاق)(1).
2 -
حديث: (إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(2).
الفقرة الثالثة: الترجيح:
وفيها ثلاثة أشياء هي:
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الشيء الأول: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - أنه لا يقع الطلاق ممن أكره عليه ولو نواه تخلصًا.
الشيء الثاني: توجيه الترجيح:
وجه عدم وقوع الطلاق ممن أكره عليه بغير حق ولو نواه تخلصًا: أنه مسلوب الإدارة ذاهلا - بالإكراه - عن التخلص من الإكراه بالتأويل أو جاهلا بإمكان ذلك.
(1) سنن أبي داود، باب في الطلاق على غلط (2193).
(2)
سنن الدارقطني (2351).
الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح:
وفيه نقطتان هما:
1 -
الجواب عن الاستدلال بالحديث.
2 -
الجواب عن الاستدلال بالمعنى.
النقطة الأولى: الجواب عن الاستدلال بالحديث.
يجاب عن الاستدلال بالحديث: بأنه يمكن حمله على حالة الاختيار جمعًا بينه وبين أدلة القول الآخر.
النقطة الثانية: الجواب عن الاستدلال بالمعنى:
يجاب عن ذلك بمنع العلة وهي التكليف؛ لأن المكره غير مكلف بالنسبة لا أكره عليه، بدليل التجاوز عنه كما تقدم في الاستدلال للقول الراجح.
الأمر الثالث: الطلاق في الغضب:
وفيه جانبان هما:
1 -
تعريف الغضب.
2 -
وقوع الطلاق.
الجانب الأول: تعريف الغضب:
الغضب حالة نفسية تحمل على الانتقام.
الجانب الثاني: وقوع الطلاق:
وفيه ثلاثة أجزاء هي:
1 -
إذا كان الغضب لا يخرج عن الاعتدال.
2 -
إذا كان يخرج عن الاعتدال ولا يفقد الوعي.
3 -
إذا كان يفقد الوعي.
الجزء الأول: إذا كان الغضب لا يخرج عن الاعتدال:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
وقوع الطلاق.
2 -
التوجيه.
الجزئية الأولى: وقوع الطلاق:
إذا كان الغضب لا يخرج عن الاعتدال بحيث يضبط الإنسان نفسه وتصرفاته وقع طلاقه.
الجزئية الثانية: التوجيه:
وجه وقوع الطلاق في الغضب إذا كان لا يخرج عن الاعتدال ما يأتي:
1 -
حديث: (كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله)(1).
ووجه الاستدلال به: أنه عام فيدخل فيه الغضبان الذي يضبط نفسه ويعقل تصرفاته لأنه ليس مغلوبًا على عقله.
2 -
أنه طلاق صدر ممن يملكه في محله فيقع كطلاق غير الغضبان.
3 -
أن هذا النوع من الغضب لا يسلم منه إلا القليل فلو لم يقع الطلاق فيه لم يقع غالب الطلاق.
الجزء الثاني: إذا كان الغضب يخرج عن الاعتدال ولا يفقد الوعي:
وفيه ثلاث جزئيات هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الجزئية الأولى: الخلاف:
اختلف في وقوع الطلاق إذا كان الغضب يخرج من الاعتدال ولا يفقد الوعي على قولين:
القول الأول: أنه لا يقع.
القول الثاني: أنه يقع.
(1) سنن الترمذي، باب ما جاء في طلاق المعتوه (1191).
الجزئية الثانية: التوجيه:
وفيها فقرتان هما:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
الفقرة الأولى: توجيه القول الأول:
وجه القول بعدم وقوع الطلاق إذا كان الغضب يخرج عن الاعتدال ما يأتي:
1 -
حديث: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق)(1).
ووجه الاستدلال به: أن الغضب الشديد يغلق على المغضب تفكيره، فيوقع الطلاق من غير اختيار.
2 -
حديث: (إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(2).
ووجه الاستدلال به: أن الغضب الشديد يدفع المغضب إلى الطلاق دفعًا كالمكره له.
الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني:
وجه القول بوقوع الطلاق ولو كان الغضب يخرج عن الاعتدال: ما تقدم من أدلة وقوع الطلاق إذا كان الغضب لا يخرج عن الاعتدال.
الجزئية الثالثة: الترجيح:
وفيها ثلاث فقرات هي:
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الفقرة الأولى: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - وقوع الطلاق.
(1) سنن أبي داود، باب في الطلاق على غلط (2193).
(2)
سنن الدارقطني، (4351).
الفقرة الثانية: توجيه الترجيح:
وجه ترجيح وقوع الطلاق ما يأتي:
1 -
أن الغضبان ما دام يعقل ما يقول فهو مكلف وغير معذور فيقع طلاقه كغير الغضبان، ومحل الخلاف هو من يعقل ما يقول، أما الذي لا يعقل ما يقول فسيأتي حكمه.
2 -
أن عدم إيقاع الطلاق من الغضبان وسيلة إلى التلاعب بالطلاق بدعوى الغضب، وذلك أمر لا ينضبط وتصديق الجميع يفتح الباب للتلاعب، والتفريق بينهم لا ضابط له فلا يصح.
الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح:
وفيها شيئان هما:
1 -
الجواب عن الدليل الأول.
2 -
الجواب عن الدليل الثاني.
الشيء الأول: الجواب عن الدليل الأول:
يجاب عن الاستدلال بحديث: (لا طلاق في إغلاق) بأن الغضب الذي لا يفقد الوعي لا يغلق التفكير وهو محل الخلاف.
الشيء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني:
يجاب عن اعتبار المغضب كالمكره: بأنه غير صحيح؛ لأن الإكراه خارج إرادة المكره بخلاف الغضب فإنه ناشئ منه بإرادته، بدليل النهي عنه؛ لأنه لو كان خارج الإرادة لم ينه عنه؛ لأنه ليس بالمقدور.
الجزء الثالث: الطلاق في الغضب إذا كان يفقد الوعي:
وفيه جزئيتان:
1 -
وقوع الطلاق.
2 -
التوجيه.
الجزئية الأولى: وقوع الطلاق:
إذا كان الغضب مفقدًا للوعي لم يقع الطلاق فيه.
الجزئية الثانية: التوجيه:
وجه عدم وقوع الطلاق في الغضب الذي يفقد الوعي ما يأتي:
1 -
حديث: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق)(1).
ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فيشمل الطلاق في الغضب لأنه إذا أفقد الوعي كان مغلقًا للعقل، وتمييز التصرف.
2 -
حديث: (رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم)(2).
ووجه الاستدلال به: أن فاقد الوعي كالمجنون فيكون القلم مرفوعًا عن فلا يؤاخذ بالتصرف، والطلاق منه.
(1) سنن أبي داود، باب في الطلاق على غلط (2193).
(2)
سنن أبي داود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا (4401).