المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث قبول توبة المرتد - المطلع على دقائق زاد المستقنع «فقه الجنايات والحدود» - جـ ٤

[عبد الكريم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌الموضوع الثامن حد السرقة

- ‌المبحث الأول تعريف السرقة

- ‌المطلب الأول تعريف السرقة في اللغة

- ‌المطلب الثاني تعريف السرقة في الاصطلاح

- ‌المبحث الثاني حكم السرقة

- ‌المطلب الأول بيان الحكم

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المطلب الثالث الدليل

- ‌المبحث الثالث شروط القطع في السرقة

- ‌المطلب الأول السرقة

- ‌المطلب الثاني ما تثبت به السرقة

- ‌المطلب الثالث مالية المسروق

- ‌المطلب الرابع بلوغ المسروق نصابا

- ‌المطلب الخامس الاشتراك في السرقة

- ‌المطلب السادس إخراج المسروق ما الحرز

- ‌المطلب السابع انتفاء الشبهة

- ‌المطلب الثامن المطالبة بالمسروق

- ‌المطلب التاسع ملك المسروق منه للمسروق

- ‌المبحث الرابع مسؤولية القطع

- ‌المطلب الأول بيانه المسؤولية

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المبحث الخامس محل القطع

- ‌المطلب الأول العضو المقطوع

- ‌المطلب الثاني محل القطع

- ‌المبحث السادس الشفاعة في السارق

- ‌المطلب الأول الشفاعة في السارق قبل أن يصل إلى الحاكم

- ‌المطلب الثاني الشفاعة في السارق بعد أن يصل إلى الحاكم

- ‌المبحث السابع تلقين السارق الإنكار

- ‌المطلب الأول إذا كان السارق معروفا بالسرقة

- ‌المطلب الثاني إذا لم يكن السارق مشهورا بالسرقات

- ‌المبحث الثامن إعادة العضو المقطوع

- ‌المطلب الأول حكم الإعادة

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المبحث التاسع قتل السارق

- ‌المطلب الأول قتل السارق إذا لم تتكرر السرقة منه

- ‌المطلب الثاني قتل السارق إذا تكررت منه السرقة

- ‌المبحث العاشر تكرار السرقة

- ‌المطلب الأول تكرار السرقة قبل القطع

- ‌المطلب الثاني تكرار السرقة بعد القطع

- ‌المبحث الحادي عشر الجو الذي يمنع القطع فيه

- ‌المطلب الأول بيان الجو الذي يمنع القطع فيه

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المبحث الثاني عشر رد المسروقات

- ‌المطلب الأول رد المسروق إذا كان باقيا

- ‌المطلب الثاني ضمان المسروق إذا كان تالفا

- ‌الموضوع التاسع قطاع الطريق

- ‌المبحث الأول المراد بقطاع الطريق

- ‌المطلب الأول أسماء قطاع الطريق

- ‌المطلب الثاني تعريف قطاع الطريق

- ‌المبحث الثاني شروط تطبيق أحكام قطاع الطريق

- ‌المطلب الأول ثبوت الحرابة

- ‌المطلب الثاني الحرابة في الصحراء

- ‌المطلب الثالث حمل السلاح

- ‌المطلب الرابع المجاهرة بأخذ المال

- ‌المطلب الخامس التكليف

- ‌المطلب السادس انتفاء الشبهة

- ‌المبحث الثالث حالات المحاربين

- ‌المطلب الأول الحالات

- ‌المطلب الثاني العقوبات

- ‌الفرع الأول: عقوبة القتل وأخد المال:

- ‌الفرع الثاني: عقوبة القتل من غير أخذ المال:

- ‌الفرع الثالث: عقوبة من أخذ المال ما غير قتل:

- ‌الفرع الرابع: عقوبة الجناية بما يوجب القود فيما دون النفس:

- ‌الفرع الخامس: عقوبة من أخاف السبيل من غير قتل ولا أخذ مال:

- ‌المبحث الخامس توبة قطاع الطريق

- ‌المطلب الأول معنى التوبة

- ‌المطلب الثاني ما تعرف به التوبة

- ‌المطلب الثالث قبول التوبة

- ‌المطلب الرابع ما يسقط بالتوبة

- ‌المطلب الخامس ما لا يسقط بالتوبة

- ‌الموضوع العاشر دفع الصائل

- ‌المبحث الأول معنى الصائل

- ‌المبحث الثاني حكم الدفع

- ‌المطلب الأول دفع الآدمي

- ‌المسألة الأولى: الدفع عن النفس:

- ‌المطلب الثاني دفع الصائل من البهائم

- ‌المبحث الثالث أسلوب الدفع

- ‌المطلب الأول بيان مراتب الدفع

- ‌المطلب الثاني التدرج

- ‌المبحث الرابع الضمان

- ‌المطلب الأول إذا لم تثبت الصيالة

- ‌المطلب الثاني إذا لم تثبت الحاجة إلى صفة الدفع المستخدمة فيه

- ‌المبحث الخامس دفاع اللصوص

- ‌الموضوع الحادي عشر قتال البغاة

- ‌المبحث الأول البغاة على الدولة

- ‌المبحث الثاني البغاة على بعضهم

- ‌المطلب الأول المراد بالعصبية

- ‌المطلب الثاني المراد بالرئاسة

- ‌المطلب الثالث وصف القبيلتين المقتتلتين

- ‌الموضوع الثاني عشر الردة

- ‌المبحث الأول معنى الردة

- ‌المطلب الأول معنى الردة في اللغة

- ‌المطلب الثاني معنى الردة في الاصطلاح

- ‌المبحث الثاني معنى المرتد

- ‌المسألة الأولى: معنى المرتد في اللغة:

- ‌المسألة الثانية: المرتد في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثالث أسباب الردة

- ‌المطلب الأوّل أسباب الردة القولية

- ‌المطلب الثاني أسباب الردة الفعلية

- ‌المطلب الثالث أسباب الردة الاعتقادية

- ‌المطلب الرابع الردة بالترك

- ‌المبحث الرابع ما تثبت به الردة

- ‌المطلب الأوّل الإقرار

- ‌المطلب الثاني البينة

- ‌المبحث الخامس حد الردة

- ‌المطلب الأوّل الحد

- ‌المطلب الثاني شروط حدّ الردة

- ‌المطلب الثالث مسؤولية تنفيذ الحد

- ‌المبحث السادس توبة المرتد

- ‌المطلب الأول استتابة المرتد

- ‌المطلب الثاني ما تحصل به التوبة

- ‌المطلب الثالث قبول توبة المرتد

الفصل: ‌المطلب الثالث قبول توبة المرتد

‌المطلب الثالث قبول توبة المرتد

قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: ولا تقبل توبة من سب الله أو رسوله ولا من تكررت ردته بل يقتل بكل حال.

الكلام في هذا المطلب في ثلاث مسائل هي:

1 -

قبول توبة من سب الله.

2 -

قبول توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم.

3 -

قبول توبة من تكررت ردته.

4 -

قبول توبة غير هؤلاء.

المسألة الأول: قبول توبة من سب الله تعالى:

وفيها فرعان هما:

1 -

أمثلة سب الله تعالى.

2 -

قبول التوبة.

الفرع الأول: أمثلة سب الله:

من أمثلة سب الله تعالى. ما يأتي:

1 -

وصف الله بالفقر، كقول اليهود:{إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} (1).

2 -

وصف الله بغِل اليد كقول اليهود: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} (2).

3 -

نفي صفات الكمال عن الله، كنفي العلم، والقدرة، والسمع، والبصر.

(1) سورة آل عمران، الآية:[181].

(2)

سورة المائدة، الآية:[64].

ص: 338

الفرع الثاني: قبول التوبة:

وفيه ثلاثة أمور هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الأمر الأول: الخلاف:

اختلف في قبول توبة من سب الله على قولين:

القول الأول: أنها لا تقبل ويقتل ولو تاب.

القول الثاني: أنها تقبل فإذا تاب لم يقتل.

الأمر الثاني: التوجيه:

وفيه جانبان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الجانب الأول: توجيه القول الأول:

وجه القول بعدم قبول توبة من سب الله: بأن سب الله في الظاهر دليل على فساد الباطن وسوء الاعتقاد، وسيء الاعتقاد لا تقبل توبته.

الجانب الثاني: توجيه القول الثاني:

وجه القول بقبول توبة من سب الله تعالى بما يأتي:

1 -

قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1).

2 -

قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (2).

(1) سورة الأنفال، الآية:[37].

(2)

سورة الزمر، الآية:[35].

ص: 339

3 -

قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (1).

ووجه الاستدلال بالآية: أنها دلت على العفو عن بعض المستهزئين بالله وبرسوله، وهذا يفيد أن توبته مقبولة؛ لأنها لو لم تكن مقبولة ما حصل العفو عنه.

الأمر الثالث: الترجيح:

وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجانب الأول: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بقبول توبة المرتد ولو كانت توبته بسب الله.

الجانب الثاني: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بقبول توبة المرتد ولو كانت ردته بسب الله أنه أظهر دليلا.

الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح:

يجاب عن وجهة هذا القول: بأن الخلاف فى قبول التوبة في الدنيا وأحكام الدنيا تبنى على الظاهر؛ لأن السرائر لا يعلمها إلا الله فيرد علمها إليه.

المسألة الثانية: قبول توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم:

وفيها فرعان هما:

(1) سورة التوبة، الآية:[65 - 66].

ص: 340

1 -

أمثلة السب.

2 -

قبول التوبة.

الفرع الأول: أمثلة السب:

من أمثلة سب الرسول صلى الله عليه وسلم ما يأتي:

1 -

وصفه بأنه شاعر.

2 -

وصفه بأنه ساحر.

3 -

وصفه بأنه كاهن.

4 -

وصفه بأنه مجنون.

5 -

وصفه بأنه كذاب.

6 -

وصفه بأنه أبتر. (ليس له عقب).

الفرع الثاني: قبول التوبة:

وفيه ثلاثة أمور هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الأمر الأول: الخلاف:

اختلف في قبول توبة من سب الرسول على قولين:

القول الأول: أنها تقبل.

القول الثاني: أنها لا تقبل.

الأمر الثاني: التوجيه:

وفيه جانبان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الجانب الأول: توجيه القول الأول:

وجه القول بقبول توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي:

[أ] عموم النصوص الدالة على قبول التوبة ومنها ما يأتي:

ص: 341

1 -

قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1).

2 -

قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (2).

3 -

قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (3).

ووجه الاستدلال بالآية: أنها دلت على العفو عن بعض المستهزئين بالله وبرسوله، وهذا يفيد أن توبته مقبولة لأنها لو لم تقبل توبته ما حصل العفو عنه.

[ب] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل التوبة ممن سبه لما أسلموا ولم يقتلهم، ولو كان يتحتم قتلهم لقتلهم ولم يقبل توبتهم.

[ج] أن الله تبارك وتعالى أعظم حرمة من الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تقدم أن توبة من سب الله مقبولة، فإذا قبلت توبة من سب الله كان قبول توبة من سب الرسول أولى.

الجانب الثاني: توجيه القول الثاني:

وجه القول بعدم قبول توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم بما يأتي:

1 -

أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم في الظاهر دليل على فساد العقيدة في الباطن، وسيء العقيدة لا تقبل توبته.

(1) سورة الأنفال، الآية:(37).

(2)

سورة الزمر، الآية:(35).

(3)

سورة التوبة، الآية:(65 - 66).

ص: 342

2 -

أن توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم حق آدمي وحق الآدمي لا يسقط إلا بالعفو عنه، والعفو من الرسول بعد موته متعذر، فيجب استيفاؤه.

الأمر الثالث: الترجيح:

وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجانب الأول: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم قبول توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم.

الجانب الثاني: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بعدم قبول توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم للمعتدين على جناب الرسول صلى الله عليه وسلم وأكثر صيانة لعرضه من السب والتنقص.

الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول الأخر:

وفيه ثلاثة أجزاء هي:

1 -

الجواب عن الاستدلال بالآيات.

2 -

الجواب عن قبول الرسول صلى الله عليه وسلم توبة من سبه لما أسلموا.

3 -

الجواب عن قياس قبول توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم على قبول توبة من سب الله تبارك وتعالى.

الجزء الأول: الجواب عن الاستدلال بالآيات:

أجيب عن ذلك: بأنها في حق الله سبحانه وتعالى، فلا يقاس عليها حق الآدمي كما سيأتي.

الجزء الثاني: الجواب عن قبول الرسول صلى الله عليه وسلم توبة من سبه إذا أسلم:

أجيب عن ذلك: بأن ذلك حقه فيملك إسقاطه.

ص: 343

الجزء الثالث: الجواب عن القياس:

أجيب عن القياس بأنه قياس مع الفارق، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن حقوق الله مبناها على العفو والمسامحة. وحقوق الآدميين مبناها على المشاحة.

الوجه الثاني: أن الله حي موجود، والرسول صلى الله عليه وسلم ميت، وقياس الميت على الحي قياس مع الفارق؛ لأن الحي يملك إسقاط حقه، بخلاف الميت فيتعذر ذلك منه.

المسألة الثالثة: قبول توبة من تكررت ردته:

وفيها ثلاثة فروع هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الفرع الأول: الخلاف:

اختلف في قبول توبة من تكررت ردته على قولين:

القول الأول: أنها لا تقبل.

القول الثاني: أنها تقبل.

الفرع الثاني: التوجيه:

وفيه أمران هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الأمر الأول: توجيه القول الأول:

وجه القول بعدم قبول توبة من تكررت ردته. بما يأتي:

ص: 344

1 -

أن ابن مسعود قتل ابن النواحة لما تكررت ردته ولم يقبل توبته (1).

2 -

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} (2).

3 -

أن من تكررت ردته لا يوثق بصدقه في توبته؛ لأنه قد يكون متلاعبا أو مظهرا للتوبة اتقاء للقتل.

4 -

أن عليا قتل الزنادقة ولم يستتبهم (3)، ولو كانت توبتهم مقبولة لاستتابهم.

الأمر الثاني: توجيه القول الثاني:

وجه القول بقبول توبة من تكررت ردته بما يأتي:

1 -

الآيات الدالة على قبول التوبة من غير تفصيل ومنها ما يأتي:

أ - قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (4).

ب - قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (5).

2 -

قصة الرجل الذي يذنب ثم يتوب، فقال الله فيه:(قد علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء)(6).

(1) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في الرسل/ 2761.

(2)

سورة النساء، الآية:[137].

(3)

السنن الكبرى، كتاب المرتد، باب قتل من ارتد عن الإسلام 8/ 202.

(4)

سورة النساء، الآية:[137].

(5)

سورة الزمر، الآية:[53].

(6)

صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب / 2758.

ص: 345

فإنه صريح في قبول التوبة الصادقة ولو تكررت الردة.

الفرع الثالث: الترجيح:

وفيه ثلاثة أمور هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الأمر الأول: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بالقبول.

الأمر الثاني: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بقبول التوبة ممن تكررت ردته: أن أدلته أقوى وأظهر.

الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر:

وفيه أربعة جوانب هي:

1 -

الجواب عن قتل ابن مسعود لابن النواحة.

2 -

الجواب عن الاستدلال بالآية.

3 -

الجواب عن الاحتجاج بأن التوبة مشكوك فيها.

4 -

الجواب عن قتل على للزنادقة من غير استتابة.

الجانب الأول: الجواب عن الدليل الأول:

أجيب عن قتل ابن مسعود لابن النواحة بجوابين:

الجواب الأول: أن ابن مسعود قتله لظهور كذبه في توبته؛ لأنه أظهرها ثم تبين أنه لازال على ما كان عليه من كفره.

ص: 346

الجواب الثاني: أنه قتله تنفيذًا لقوله صلى الله عليه وسلم: حينما جاء مع رسل مسليمة: (لولا أن الرسل لا تقتل لقتلك)(1).

الجانب الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن التوبة مشكوك فيها:

أجيب عن هذا الاستدلال: بأن الخلاف في قبول التوبة في الدنيا، وأحكام الدنيا تبنى على الظاهر، وليس ما في القلوب، لقوله صلى الله عليه وسلم لأسامة لما قتل الرجل بعد قوله: لا إله إلا الله: (أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله). ولما قال أسامة: إنما قالها تعوذ.

قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (هلا شققت عن قلبه)(2).

الجانب الثالث: الجواب عن الدليل الثالث:

أجيب عن ذلك: بأن عليا رضي الله عنه يعلم من حالهم كذبهم في توبتهم؛ لأنهم لم يأتوا بجديد غير ما كانوا يدعونه من الإسلام وهم على خلافه.

انتهت الحدود، والحمد لله، ويليها الأطعمة بإذن الله.

(1) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في الرسل/ 2761.

(2)

السنن الكبرى للبيهقي، كتاب المرتد، باب من ارتد عن الإسلام 8/ 196.

ص: 347