الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع بلوغ المسروق نصابا
قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ويشترط أن يكون نصابا، وهو ثلاثة دراهم أو ربع دينار، أو عرض قيمته كأحدهما.
الكلام في هذا المطلب في أربع مسائل هي:
1 -
اعتبار النصاب.
2 -
ما يقدر به.
3 -
مقداره.
2 -
نقصه.
المسألة الأولى: اعتبار النصاب:
وفيها ثلاثة فروع هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الفرع الأول: الخلاف:
اختلف في اعتبار النصاب للقطع في السرقة على قولين:
القول الأول: أنه يعتبر فلا يقطع بما دونه.
القول الثاني: أنه لا يعتبر فيقطع بما قل وكثر.
الفرع الثاني: التوجيه:
وفيه أمران هما:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
الأمر الأول: توجيه القول الأول:
وجه القول باعتبار النصاب بما يأتي:
1 -
حديث: (لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا)(1).
2 -
أنه قول كثير من الصحابة ولم يكن لهم في عصرهم مخالف فيكون اجماعا.
وممن روي عنه ذلك: عائشة (2)، وعمر (3)، وعثمان (4)، وعلي (5) رضي الله عنهم.
الأمر الثاني: توجيه القول الثاني:
وجه القول بعدم اعتبار النصاب بما يأتي:
1 -
قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (6).
ووجه الاستدلال بها: أنها مطلقة فتشمل سرقة القليل والكثير.
2 -
حديث: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)(7).
3 -
أن سرقة القليل كسرقة الكثير؛ لأن الكل سرقة مال محترم من حرز ممن يقطع بالسرقة.
الفرع الثالث: الترجيح:
وفيه ثلاثة أمور هي:
(1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها/ 1684/ 2.
(2)
سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه السارق/4383.
(3)
السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة/8/ 260.
(4)
سنن الترمذي، كتاب الحدود، ما جاء في كم تقطع يد السارق/1446.
(5)
سنن الترمذي، كتاب الحدود، ما جاء في كم تقطع يد السارق/1446.
(6)
سورة المائدة، الآية:[38].
(7)
صحيح مسلم، كتاب الحدود / 1687/ 7.
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الأمر الأول: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - هو القول باعتبار النصاب.
الأمر الثاني: توجيه الترجيح:
وجه ترجيح القول باعتبار النصاب: أن أدلته نص في اعتبار النصاب.
الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح:
وفيه ثلاثة جوانب هي:
1 -
الجواب عن الاستدلال بالآية.
2 -
الجواب عن الاستدلال بالحديث.
3 -
الجواب عن القياس.
الجانب الأول: الجواب عن الاستدلال بالآية:
يجاب عن الاستدلال بالآية: أنها مطلقة تقيدها أدلة القول الراجح.
الجانب الثاني: الجواب عن الاستدلال بالحديث:
أجيب عن ذلك بثلاثة أجوبة:
الجواب الأول: أن المراد بالبيضة المغفر وهو ما يتقى به السلاح في الحرب، والمراد بالحبل الحبل الذي له قيمة وليس أي حبل بدليل الأدلة الأخرى المحددة لأقل ما يقطع به.
الجواب الثاني: أن المراد تحقير أمر السارق، وأنه يقطع بالشيء القليل، وليس المراد التحديد لما يقع به.
الجواب الثالث: المراد التدرج في السرقة من الحقير إلى ما يقطع به.
الجانب الثالث: الجواب عن القياس:
يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أنه في مقابل النص فلا يعتد به.
الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ لأن القليل مما يتغاضا عنه ويتسامح فيه بخلاف الكثير فلا يتسامح فيه.
المسألة الثانية: ما يقدر به النصاب:
وفيها ثلاثة فروع هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الفرع الأول: الخلاف:
اختلف فيما يقدر به نصاب السرقة على قولين:
القول الأول: أنه يقدر بالدراهم.
القول الثاني: أنه يقدر بالدراهم أو بالدنانير.
الفرع الثاني: التوجيه:
وفيه أمران هما:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
الأمر الأول: توجيه القول الأول:
وجه القول بأن نصاب السرقة يقدر بالدراهم بما يأتي:
1 -
حديث: (لا قطع إلا في عشرة دراهم)(1).
(1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها 1684/ 2.
2 -
ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم (1).
الأمر الثاني: توجيه القول الثاني:
وجه القول بأن التقدير بالدراهم أو بالدنانير بما يأتي:
1 -
أنه ورد التقدير بكل منهما، فمن التقدير بالدراهم ما تقدم من أدلة القول الأول. ومن التقدير بالدنانير ما يأتي:
أ - حديث: (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا)(2).
ب - ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم (3).
الفرع الثالث: الترجيح:
وفيه ثلاثة أمور هي:
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الأمر الأول: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - هو القول بأن النصاب في السرقة يقدر بكل من الدراهم والدنانير.
الأمر الثاني: توجيه الترجيح:
وجه ترجيح القول بأن نصاب السرقة يقدر بكل من الدراهم والدنانير ما يأتي:
(1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع به السارق/4385.
(2)
صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها/ 1684/ 2.
(3)
سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه السارق/4387.
1 -
أنه ورد التقدير بكل واحد منهما كما تقدم في الاستدلال.
2 -
أنه لا تعارض في التقدير بكل واحد منهما؛ لأنهما كالعملة الواحدة.
3 -
أن كل واحد منهما أصل في نفسه، وبكل واحد منهما تقوم السلع والعروض.
4 -
أن كل واحد منهما يجوز دفعه عن الآخر ويقوم مقامه.
الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح:
يجاب عن وجهة هذا القول: بأن التقدير بأحد النقدين لا ينافي التقدير بالآخر لا يأتي:
1 -
أنه ورد التقدير بكل منهما كما تقدم في الأدلة.
2 -
أنهما كالعملة الواحدة، في الشراء وتقدير الأشياء.
المسألة الثالثة: مقدار النصاب:
وفيها ثلاثة فروع هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الفرع الأول: الخلاف:
اختلف في مقدار نصاب السرقة على أقوال:
القول الأول: أنه ثلاثة دراهم أو ربع دينار.
القول الثاني: أنه دينار أو عشرة دراهم.
القول الثالث: أنه أربعة دراهم.
القول الرابع: أنه خمسة دراهم.
الفرع الثاني: التوجيه:
وفيه أربعة أمور هي:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
3 -
توجيه القول الثالث.
4 -
توجيه القول الرابع.
الأمر الأول: توجيه القول الأول:
وجه القول بتقدير نصاب السرقة بثلاثة دراهم أو ربع دينار بما يأتي:
أنه ورد التقدير بكل واحد منهما كما تقدم في الاستدلال لاعتبار النصاب.
الأمر الثاني: توجيه القول الثاني:
وجه القول بتقدير نصاب السرقة بدينار أو عشرة دراهم بما يأتي:
1 -
قول ابن مسعود: لا يقطع إلا في دينار أو عشرة دراهم (1).
2 -
حديث: (قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم)(2).
الأمر الثالث: توجيه القول الثالث:
وجه القول بتقدير نصاب السرقة بأربعة دراهم بما ورد عن أبي هريرة في ذلك (3).
الأمر الرابع: توجيه القول الرابع:
وجه القول بأن نصاب السرقة خمسة دراهم بقول عمر: لا تقطع الخمس إلا بخمسة (4).
(1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، من قال: لا يقطع في أقل من عشرة دراهم/77.
(2)
سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه السارق/4387.
(3)
مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، من قال يقطع في أقل من عشرة دراهم/28677.
(4)
السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة/217.
الفرع الثالث: الترجيح:
وفيه ثلاثة أمور هي:
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الأمر الأول: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - هو القول بأن نصاب السرقة ثلاثة دراهم أو ربع دينار.
الأمر الثاني: توجيه الترجيح:
وجه ترجيح القول بأن نصاب السرقة ثلاثة دراهم أو ربع دينار: أن أدلته نص في الموضوع، وما سواها لا يقاومها.
الأمر الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى:
وفيه ثلاثة جوانب هي:
1 -
الجواب عن الاحتجاج بحديث: (لا قطع إلا في عشرة دراهم).
2 -
الجواب عن الاحتجاج بحديث: (قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل. . . الخ.
3 -
الجواب عن الاحتجاج بما روي عن بعض الصحابة.
الجانب الأول: الجواب عن الدليل الأول:
أجيب عن الاحتجاج بحديث: (لا قطع إلا في عشرة دراهم) بأنه ضعيف فلا يعارض أدلة القول الراجح.
الجانب الثاني: الجواب عن الدليل الثاني:
أجيب عن الاحتجاج بحديث: (قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم): بأنه لا تعارض بينه وبين القطع بربع الدينار؛ لأن من قطع بالقليل قطع بالكثير من باب أولى.
الجانب الثالث: الجواب عن الدليل الثالث:
أجيب عن الاحتجاج بما ورد عن بعض الصحابة بجوابين:
الجواب الأول: أنه معارض بقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أولى منه.
الجواب الثاني: أنه معارض بفعل غيرهم من الصحابة ومن ذلك ما يأتي:
1 -
ما ورد عن عثمان رضي الله عنه أنه قطع بأترجة قيمتها ربع دينار (1).
2 -
ما ورد أن أبا بكر رضي الله عنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم (2).
المسألة الرابعة: نقص النصاب:
قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإذا نقصت قيمة المسروق أو ملكه السارق لم يسقط القطع، وتعتبر قيمتها وقت إخراجها من الحرز، فلو ذبح فيه كبشا أو شق فيه ثوبا فنقصت قيمته عن نصاب ثم أخرجه، أو تلف فيه المال لم يقطع.
الكلام في هذه المسألة في ثلاثة فروع هي:
1 -
أمثلة نقص النصاب.
2 -
أثر نقص النصاب على القطع.
3 -
الوقت المعتبر للقيمة.
الفرع الأول: أمثلة نقص النصاب:
من أمثلة نقص النصاب ما يأتي:
1 -
النقص بسبب نزول الأسعار.
2 -
النقص بسبب العيب كذبح الشاة وشق الثوب.
الفرع الثاني: أثر نقص النصاب على القطع:
وفيه أمران هما:
(1) مصنف عبد الرزاق، كتاب اللقطة، باب في كم تقطع يد السارق/ 18972.
(2)
مصنف عبد الرزاق، كتاب اللقطة، باب في كم تقطع يد السارق/ 18970.
1 -
أثر النقص قبل الإخراج من الحرز.
2 -
أثر النقص بعد الإخراج من الحرز.
الأمر الأول: أثر النقص قبل الإخراج من الحرز:
وفيه جانبان هما:
1 -
الأمثلة.
2 -
الأثر.
الجانب الأول: الأمثلة:
من أمثلة نقص المسروق قبل إخراجه من الحرز ما يأتي:
1 -
ذبح الحيوان في الحرز.
2 -
شق الثوب ونحوه في الحرز.
3 -
تخلل العصير.
4 -
تغير الفاكهة.
5 -
تعفن اللحم.
6 -
كسر الساعة.
الجانب الثاني: الأثر:
وفيه جزءان هما:
1 -
بيان الأثر.
2 -
التوجيه.
الجزء الأول: بيان الأثر:
إذا نقصت قيمة المسروق عن النصاب قبل إخراجه من الحرز فلا قطع، سواء كان النقص بسبب السارق أم بسبب غيره.
الجزء الثاني: التوجيه:
وجه عدم القطع بسرقة ما نقص عن النصاب في الحرز: أن القطع بسرقة النصاب، وهي لا تتم إلا بالإخراج من الحرز فإذا نقص النصاب قبل الإخراج من الحرز لم تتحقق سرقة النصاب.
الأمر الثاني: أثر النقص بعد الإخراج من الحرز:
وفيه جانبان هما:
1 -
الأمثلة.
2 -
الأثر.
الجانب الأول: الأمثلة:
من أمثلة نقص المسروق بعد الإخراج من الحرز ما يأتي:
1 -
النقص بسبب الاستعمال.
2 -
النقص بسبب ذبح الحيوان.
3 -
النقص بسبب شق الثوب ونحوه.
4 -
النقص بسبب تخلل العصير.
5 -
النقص بسبب فساد الفاكهة.
6 -
النقص بسبب فساد اللحم.
الجانب الثاني: الأثر:
وفيه ثلاثة أجزاء هي:
1 -
الخلاف.
2 -
التوجيه.
3 -
الترجيح.
الجزء الأول: الخلاف:
اختلف في تأثير نقصان المسروق بعد إخراجه من الحرز في القطع على قولين:
القول الأول: أنه لا يؤثر فلا يسقط القطع به.
القول الثاني: أنه يؤثر فيسقط القطع به.
الجزء الثاني: التوجيه:
وفيه جزئيتان هما:
1 -
توجيه القول الأول.
2 -
توجيه القول الثاني.
الجزئية الأولى: توجيه القول الأول:
وجه القول بعدم تأثير نقص النصاب بعد إخراجه من الحرز في القطع بما يأتي.
1 -
قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1).
ووجه الاستدلال بالآية: أنها علقت القطع بالسرقة وهي تحصل بالإخراج من الحرز، ولم تقيد ذلك بعدم النقص.
2 -
أن سبب القطع السرقة، وهي تتم بالإخراج من الحرز.
3 -
أن نقص النصاب باستعمال السارق لا يؤثر، فكذلك نقصه بغيره.
الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني:
وجه القول بتأثير نقص النصاب بعد الإخراج من الحرز: بأن النصاب شرط فيجب استمراره كسائر الشروط.
الجزء الثالث: الترجيح:
وفيه ثلاث جزئيات هي:
1 -
بيان الراجح.
2 -
توجيه الترجيح.
3 -
الجواب عن وجهة القول المرجوح.
الجزئية الأولى: بيان الراجح:
الراجح - والله أعلم - عدم التأثير.
الجزئية الثانية: توجيه الترجيح:
وجه ترجيح القول بعدم التأثير: أن أدلته أظهر.
الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح:
أجيب عن وجهة هذا القول: بأن النصاب شرط لوجوب القطع وذلك يحصل بثبوت السرقة وليس شرطا في تنفيذ القطع فلا يلزم استمراره إلى أن يتم.
(1) سورة المائدة، الآية:[38].