المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول البغاة على الدولة - المطلع على دقائق زاد المستقنع «فقه الجنايات والحدود» - جـ ٤

[عبد الكريم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌الموضوع الثامن حد السرقة

- ‌المبحث الأول تعريف السرقة

- ‌المطلب الأول تعريف السرقة في اللغة

- ‌المطلب الثاني تعريف السرقة في الاصطلاح

- ‌المبحث الثاني حكم السرقة

- ‌المطلب الأول بيان الحكم

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المطلب الثالث الدليل

- ‌المبحث الثالث شروط القطع في السرقة

- ‌المطلب الأول السرقة

- ‌المطلب الثاني ما تثبت به السرقة

- ‌المطلب الثالث مالية المسروق

- ‌المطلب الرابع بلوغ المسروق نصابا

- ‌المطلب الخامس الاشتراك في السرقة

- ‌المطلب السادس إخراج المسروق ما الحرز

- ‌المطلب السابع انتفاء الشبهة

- ‌المطلب الثامن المطالبة بالمسروق

- ‌المطلب التاسع ملك المسروق منه للمسروق

- ‌المبحث الرابع مسؤولية القطع

- ‌المطلب الأول بيانه المسؤولية

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المبحث الخامس محل القطع

- ‌المطلب الأول العضو المقطوع

- ‌المطلب الثاني محل القطع

- ‌المبحث السادس الشفاعة في السارق

- ‌المطلب الأول الشفاعة في السارق قبل أن يصل إلى الحاكم

- ‌المطلب الثاني الشفاعة في السارق بعد أن يصل إلى الحاكم

- ‌المبحث السابع تلقين السارق الإنكار

- ‌المطلب الأول إذا كان السارق معروفا بالسرقة

- ‌المطلب الثاني إذا لم يكن السارق مشهورا بالسرقات

- ‌المبحث الثامن إعادة العضو المقطوع

- ‌المطلب الأول حكم الإعادة

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المبحث التاسع قتل السارق

- ‌المطلب الأول قتل السارق إذا لم تتكرر السرقة منه

- ‌المطلب الثاني قتل السارق إذا تكررت منه السرقة

- ‌المبحث العاشر تكرار السرقة

- ‌المطلب الأول تكرار السرقة قبل القطع

- ‌المطلب الثاني تكرار السرقة بعد القطع

- ‌المبحث الحادي عشر الجو الذي يمنع القطع فيه

- ‌المطلب الأول بيان الجو الذي يمنع القطع فيه

- ‌المطلب الثاني التوجيه

- ‌المبحث الثاني عشر رد المسروقات

- ‌المطلب الأول رد المسروق إذا كان باقيا

- ‌المطلب الثاني ضمان المسروق إذا كان تالفا

- ‌الموضوع التاسع قطاع الطريق

- ‌المبحث الأول المراد بقطاع الطريق

- ‌المطلب الأول أسماء قطاع الطريق

- ‌المطلب الثاني تعريف قطاع الطريق

- ‌المبحث الثاني شروط تطبيق أحكام قطاع الطريق

- ‌المطلب الأول ثبوت الحرابة

- ‌المطلب الثاني الحرابة في الصحراء

- ‌المطلب الثالث حمل السلاح

- ‌المطلب الرابع المجاهرة بأخذ المال

- ‌المطلب الخامس التكليف

- ‌المطلب السادس انتفاء الشبهة

- ‌المبحث الثالث حالات المحاربين

- ‌المطلب الأول الحالات

- ‌المطلب الثاني العقوبات

- ‌الفرع الأول: عقوبة القتل وأخد المال:

- ‌الفرع الثاني: عقوبة القتل من غير أخذ المال:

- ‌الفرع الثالث: عقوبة من أخذ المال ما غير قتل:

- ‌الفرع الرابع: عقوبة الجناية بما يوجب القود فيما دون النفس:

- ‌الفرع الخامس: عقوبة من أخاف السبيل من غير قتل ولا أخذ مال:

- ‌المبحث الخامس توبة قطاع الطريق

- ‌المطلب الأول معنى التوبة

- ‌المطلب الثاني ما تعرف به التوبة

- ‌المطلب الثالث قبول التوبة

- ‌المطلب الرابع ما يسقط بالتوبة

- ‌المطلب الخامس ما لا يسقط بالتوبة

- ‌الموضوع العاشر دفع الصائل

- ‌المبحث الأول معنى الصائل

- ‌المبحث الثاني حكم الدفع

- ‌المطلب الأول دفع الآدمي

- ‌المسألة الأولى: الدفع عن النفس:

- ‌المطلب الثاني دفع الصائل من البهائم

- ‌المبحث الثالث أسلوب الدفع

- ‌المطلب الأول بيان مراتب الدفع

- ‌المطلب الثاني التدرج

- ‌المبحث الرابع الضمان

- ‌المطلب الأول إذا لم تثبت الصيالة

- ‌المطلب الثاني إذا لم تثبت الحاجة إلى صفة الدفع المستخدمة فيه

- ‌المبحث الخامس دفاع اللصوص

- ‌الموضوع الحادي عشر قتال البغاة

- ‌المبحث الأول البغاة على الدولة

- ‌المبحث الثاني البغاة على بعضهم

- ‌المطلب الأول المراد بالعصبية

- ‌المطلب الثاني المراد بالرئاسة

- ‌المطلب الثالث وصف القبيلتين المقتتلتين

- ‌الموضوع الثاني عشر الردة

- ‌المبحث الأول معنى الردة

- ‌المطلب الأول معنى الردة في اللغة

- ‌المطلب الثاني معنى الردة في الاصطلاح

- ‌المبحث الثاني معنى المرتد

- ‌المسألة الأولى: معنى المرتد في اللغة:

- ‌المسألة الثانية: المرتد في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثالث أسباب الردة

- ‌المطلب الأوّل أسباب الردة القولية

- ‌المطلب الثاني أسباب الردة الفعلية

- ‌المطلب الثالث أسباب الردة الاعتقادية

- ‌المطلب الرابع الردة بالترك

- ‌المبحث الرابع ما تثبت به الردة

- ‌المطلب الأوّل الإقرار

- ‌المطلب الثاني البينة

- ‌المبحث الخامس حد الردة

- ‌المطلب الأوّل الحد

- ‌المطلب الثاني شروط حدّ الردة

- ‌المطلب الثالث مسؤولية تنفيذ الحد

- ‌المبحث السادس توبة المرتد

- ‌المطلب الأول استتابة المرتد

- ‌المطلب الثاني ما تحصل به التوبة

- ‌المطلب الثالث قبول توبة المرتد

الفصل: ‌المبحث الأول البغاة على الدولة

‌المبحث الأول البغاة على الدولة

وفيه أربع مسائل:

1 -

تعريف البغاة.

2 -

حكم الخروج على الدولة.

3 -

الشروط المعتبرة للحكم على الخارجين بالبغي.

4 -

التعامل مع البغاة.

المسألة الأولى: تعريف البغاة:

وفيها فرعان هما:

1 -

التعريف اللغوي.

2 -

التعريف الاصطلاحي.

الفرع الأول: التعريف اللغوي:

البغاة في اللغة: المعتدون، وهم المتجاوزون في الظلم والفساد جمع باغ، وهو المعتدي المتجاوز في الظلم والفساد.

الفرع الثاني: التعريف الاصطلاحي:

وفيه أمران هما:

1 -

التعريف.

2 -

معنى كلمات التعريف وما يخرج بها.

الأمر الأول: التعريف:

البغاة في الاصطلاح: قوم لهم شوكة ومنعة يخرجون على الدولة بتأويل سائغ.

الأمر الثاني: معاني كلمات التعريف وما يخرج بها:

وفيه ستة جوانب هي:

ص: 207

1 -

معنى كلمة (قوم) وما يخرج بها.

2 -

معنى كلمة (لهم شوكة) وما يخرج بها.

3 -

معنى كلمة (منعة) وما يخرج بها.

4 -

معنى كلمة (يخرجون على الدولة) وما يخرج بها.

5 -

معنى كلمة (بتأويل) وما يخرج بها.

6 -

معنى كلمة (سائغ) وما يخرج بها.

الجانب الأول: معنى كلمة (قوم) وما يخرج بها:

وفيه جزءان هما:

1 -

معنى الكلمة.

2 -

ما يخرج بها.

الجزء الأول: معنى الكلمة:

كلمة (قوم) إذا جاءت مع كلمة النساء فالمراد بها الرجال، ومنه قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} (1).

وإذا جاءت من غير لفظ النساء شملت الرجال والنساء.

ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (2).

وقوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} (3).

(1) سورة الحجرات، الآية:11.

(2)

سورة الذاريات، الآية:46.

(3)

سورة القمر، الآية:91.

ص: 208

الجزء الثاني: ما يخرج:

الذي يخرج بكلمة (قوم) النساء فإن البغي على الدولة لا يتأتي منهن منفردات، لضعف إرادتهن وقدرتهن.

الجانب الثاني: معنى (لهم شوكة) وما يخرج بها:

وفيه ثلاثة أجزاء هي:

1 -

بيان المعنى.

2 -

ضابط الشوكة والمنعة.

3 -

ما يخرج.

الجزء الأول: بيان المعنى:

المراد بالشوكة السلاح، ومنه قوله تعالى:{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (1).

الجزء الثاني: ضابط الشوكة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

بيان الضابط.

2 -

الأمثلة.

الجزئية الأولى: بيان الضابط:

الشوكة آلة القتال، وهي تختلف من حال إلى حال.

الجزئية الثانية: الأمثلة:

وفيها فقرتان هما:

1 -

أمثلة الشوكة في الماضي.

2 -

أمثلة الشوكة في الحاضر.

الفقرة الأولى. أمثلة الشوكة في الماضي:

من أمثلة الشوكة في الماضي ما يأتي:

(1) سورة الأنفال، الآية:7.

ص: 209

1 -

الخيل والإبل.

2 -

الرماح والأقواس والسيوف ونحوها.

3 -

البنادق والمدافع.

الفقرة الثانية: أمثلة الشوكة في الرقت الحاضر:

من أمثلة الشوكة في الوقت الحاضر ما يأتي:

1 -

الطائرات.

2 -

الدبابات والسيارات.

3 -

المدافع والصواريخ.

4 -

القنابل والمتفجرات.

الجزء الثالث: ما يخرج:

الذي يخرج بكلمة (لهم شوكة) الذين يخرجون ولا سلاح معهم؛ لأنهم لا يشكلون خطراً على الدولة، ويمكن السيطرة عليهم بيسر وسهولة.

الجانب الثالث: معنى كلمة (منعة) وما يخرج بها:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان المعنى.

2 -

ما يخرج.

الجزء الأول: بيان المعنى:

المراد بالمنعة الكثرة التي يمنع بعضها بعضاً ويهاب جانبها.

الجزء الثاني: ما يخرج:

الذي يخرج بكلمة (المنعة) الجماعة القليلة فلا يعدون بغاة.

الجانب الرابع: معنى (يخرجون على الدولة) وما يخرج بها:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان المعنى.

2 -

ما يخرج.

الجزء الأول: بيان المعنى:

المراد بالخروج على الدولة: الخروج عن طاعة الحاكم والرئيس الأعلى للدولة.

ص: 210

الجزء الثاني: ما يخرج:

الذي يخرج بكلمة (يخرجون على الدولة) الخروج على بعض أمراء المناطق.

فإنه لا ينطبق عليهم وصف البغاة ويعدون مشاغبين.

الجانب الخامس: معنى كلمة (لهم تأويل) وما يخرج بها:

وفيه ثلاثة أجزاء:

1 -

بيان المعنى.

2 -

الأمثلة.

3 -

ما يخرج.

الجزء الأول: بيان المعنى:

المراد بالتأويل الحجة والمستمسك الذي يستندون عليه في الخروج.

الجزء الثاني: الأمثلة:

من أمثلة التأويل ما يأتي:

1 -

دعوى الظلم.

2 -

دعوى عدم العدل.

3 -

دعوى عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الجزء الثالث: ما يخرج:

الذي يخرج بكلمة (لهم تأويل) الذين يخرجون بلا تأويل.

الجانب السادس: معنى كلمة (سائغ) وما يخرج بها:

وفيه ثلاثة أجزاء هي:

1 -

بيان المعنى.

2 -

ما يخرج.

3 -

الأمثلة.

الجزء الأول: بيان المعنى:

معنى كلمة (سائغ) وجيه مقبول ويصلح حجة.

ص: 211

الجزء الثاني: ما يخرج:

الذي يخرج بكلمة (سائغ) التأويل الذي لا وجه له، ولا يصلح الاستناد عليه ولا الاحتجاج به.

الجزء الثالث: الأمثلة:

من أمثلة التأويل غير السائغ ما يأتي:

1 -

الاحتجاج بأن الحاكم ليس من قبيلة البغاة.

2 -

الاحتجاج بأن الحاكم ليس من منطقة البغاة.

3 -

الاحتجاج بأن الدولة لم توظفهم.

ص: 212

المبحث الثاني الخروج على الدولة

وفيه مطلبان هما:

1 -

الخروج.

2 -

تكييف اتجاهات الانتحاريين.

المطلب الأول الخروج

وفيه ثلاث مسائل هي:

1 -

حكم الخروج.

2 -

الدليل.

3 -

التوجيه.

المسألة الأولى: حكم الخروج:

الخروج على الدولة المسلمة لا يجوز بوجه من الوجوه مهما كانت الحجة، ولا يبرر ذلك دعاوى التقصير، أو التجاوزات أو ارتكاب بعض الأخطاء لو وجدت.

المسألة الثانية: الدليل:

من أدلة منع الخروج على الدولة ما يأتي:

1 -

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1).

ووجه الاستدلال بالآية: أنها أمرت بطاعة ولاة الأمور، ومقتضى الأمر الوجوب، والخروج عليهم ينافي طاعتهم فيكون ممنوعاً.

(1) سورة النساء، الآية:59.

ص: 213

2 -

حديث: (من أعطى إمامًا صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر)(1).

3 -

حديث: (ألا من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائنًا من كان)(2).

المسألة الثالثة: التوجيه:

وجه تحريم الخروج على الدولة ما يأتي:

1 -

التفريق بين المسلمين وشق عصا الطاعة.

2 -

إضعاف شوكة المسلمين وتسليط الأعداء عليهم.

3 -

شغل المسلمين عن مواجهة عدوهم بالخروج عليهم.

4 -

سفك الدماء المحرمة بغير حق وأكل الأموال بالباطل.

5 -

الإخلال بالأمن وانتشار الفساد.

6 -

إضعاف الاقتصاد بسبب الخوف والانشغال بالحروب.

المطلب الثاني تكييف اتجاهات الانتحاريين

وفيه مسألتان هما:

1 -

إيراد فئات الخارجين عن قبضة الدولة.

2 -

التكييف.

المسألة الأولى: إيراد فئات الخارجين عن قبضة الدولة:

فئات الخارجين عن قبضة الدولة كما يلي:

(1) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء 46/ 1844.

(2)

صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين 59/ 852.

ص: 214

1 -

البغاة.

2 -

الخوارج.

3 -

قطاع الطرق.

المسألة الثانية: التكييف:

وفيها فرعان هما:

1 -

وصف اتجاهات الانتحاريين.

2 -

تكييفها.

الفرع الأول: الوصف:

من اتجاهات الانتحاريين ما يأتي:

1 -

تكفير الدولة والموالين لها.

2 -

التكفير لبعض العلماء خصوصاً الموالين للدولة.

3 -

استباحة التوصل إلى أهدافهم بأي وسيلة ولو بسفك دماء الأبرياء.

الفرع الثاني: التكييف:

وفيه أمران هما:

1 -

التكييف.

2 -

التوجيه.

الأمر الأول: التكييف:

بعرض اتجاهات الانتحاريين على فئات الخارجين عن قبضة الدولة يظهر أن أقربها لهذا الاتجاه الخوارج.

الأمر الثاني: التوجيه:

وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 -

توجيه عدم اعتبارهم بغاة.

2 -

توجيه عدم اعتبارهم قطاع طريق.

3 -

توجيه اعتبارهم خوارج.

ص: 215

الجانب الأول: توجيه عدم اعتبارهم بغاة:

وجه عدم اعتبار الانتحاريين بغاة: أنه لا منعة لهم يحتمون بها؛ لأنهم لو ظهروا لقبض عليهم.

الجانب الثاني: توجيه عدم اعتبارهم قطاع طريق: .

وجه ذلك: أن غالب هدف قطاع الطريق الحصول على المال، وهذا ليس هو هدف الانتحاريين.

الجانب الثالث: توجيه اعتبارهم خوارج:

وجه ذلك: أن اتجاهاتهم في معظمها تتفق مع اتجاهات الخوارج ولا يؤثر في ذلك تخفيهم وعدم ظهورهم؛ لأنها لم تتح لهم فرصة الظهور، ولو أتيحت لهم لظهروا.

المسألة الثالثة: المشروط المعتبرة للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغي:

وفيها ثلاثة فروع هي:

1 -

الشوكة.

2 -

المنعة.

3 -

التأويل السائغ.

الفرع الأول: الشوكة:

وفيه أمران هما:

1 -

معنى الشوكة.

2 -

الاشتراط.

الأول: معنى الشوكة:

الشوكة هي السلاح. ومنه قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (1).

(1) سورة الأنفال، الآية:[7].

ص: 216

الأمر الثاني: الاشتراط:

وفيه جانبان هما:

1 -

الاشتراط.

2 -

التوجيه.

الجانب الأول: الاشتراط:

الشوكة شرط للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغى.

الجانب الثاني: التوجيه:

وجه اشتراط الشوكة للحكم على الخارجين بالبغي: أنه إذا لم يكن لهم شوكة لم يستطيعوا الدفاع عن انفسهم وسهل القضاء عليهم من غير قتال.

الفرع الثاني: المنعة:

وفيه أمران هما؟

1 -

معنى المنعة.

2 -

الاشتراط.

الأمر الأول: معنى المنعة:

المنعة هي القوة والكثرة التي يدفع بعضها عن بعض.

الأمر الثاني: الاشتراط:

وفيه جانبان هما:

1 -

الاشتراط.

2 -

التوجيه.

الجانب الأول: الاشتراط:

المنعة شرط لا بد منه للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغي.

الجانب الثاني: التوجيه:

وجه اشتراط المنعة للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغي: أنه إذا لم يكن لهم منعة سهل القبض عليهم ولم يحتاجوا إلى قتال.

ص: 217

الفرع الثالث: التأويل السائغ:

وفيه أمران هما:

1 -

بيان المراد بالتأويل السائغ.

2 -

الاشتراط.

الأمر الأول: بيان المراد بالتأويل السائغ:

وفيه جانبان هما:

1 -

بيان المراد بالتأويل السائغ.

2 -

بيان المراد بالتأويل غير السائغ.

الجانب الأول: بيان المراد بالتأويل السائغ:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان المراد.

2 -

الأمثلة.

الجزء الأول: بيان المراد:

التأويل السائغ: هو المقبول الذي يصلح الاحتجاج به.

الجزء الثاني: الأمثلة:

من أمثلة التأويل السائغ ما يأتي:

1 -

وجود بعض المظالم.

2 -

عدم القيام ببعض الواجبات.

3 -

وجود بعض المخالفات.

الجانب الثاني: المراد بالتأويل غير السائغ:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان المراد.

2 -

الأمثلة.

الجزء الأول: بيان المراد:

التأويل غير السائغ: هو غير المقبول الذي لا يصح الاحتجاج به.

ص: 218

الجزء الثاني: الأمثلة:

من أمثلة التأويل غير السائغ ما يأتي:

1 -

دعوى أن الحاكم ليس من قبيلة البغاة.

2 -

دعوى أن الحاكم ليس من منطقة البغاة.

3 -

دعوى أن الحاكم ليس على مذهب البغاة في الفروع.

4 -

دعوى أن الحاكم ليس على عقيدة البغاة في الأصول.

الأمر الثاني: الاشتراط:

وفيه جانبان هما:

1 -

الاشتراط.

2 -

التوجيه.

الجانب الأول: الاشتراط:

من شروط الحكم على الخارجين عن قبضة الإمام بالبغي التأويل السائغ.

الجانب الثاني: التوجيه:

وجه اشتراط التأويل السائغ للحكم على الخارجين من قبضة الدولة بالبغي: أنه إذا لم يكن لهم تأويل أو كان تأويلهم غير سائغ لم يكن لهم حجة يتمسكون بها فيعتبرون قطاع طريق يعاملون معاملتهم.

المسألة الرابعة: التعامل مع البغاة:

قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وعليه أن يراسلهم فيسألهم ما ينقمون منه، فإذا ذكروا مظلمة أزالها، وإن ادعوا شبهة كشفها، فإن فاءوا وإلا قاتلهم.

الكلام في هذه المسألة في ثلاثة فروع هي:

1 -

التعامل معهم قبل القتال.

2 -

التعامل معهم أثناء القتال.

3 -

التعامل معهم بعد القتال.

ص: 219

الفرم الأول: التعامل مع المبغاة قبل القتال:

وفيه أربعة أمور هي:

1 -

المفاهمة معهم.

2 -

تأخير القتال.

3 -

التدرج في دفع البغاة.

4 -

البدء بالقتال.

الأمر الأول: المفاهمة:

وفيه جانبان هما:

1 -

المفاهمة.

2 -

ما بعد المفاهمة.

الجانب الأول: المفاهمة:

وفيه خمسة أجزاء هي:

1 -

حكمها.

2 -

وسيلتها.

3 -

موضوعها.

4 -

الاستجابة للطلبات.

5 -

الهدف من المفاهمة.

الجزء الأول: حكم المفاهمة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان الحكم:

مفاهمة الدولة مع البغاة قبل القتال واجب فلا يجوز قتالهم قبله.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه وجوب المفاهمة مع البغاة قبل القتال ما يأتي:

1 -

أن الهدف كف شرهم لا قتلهم، وذلك قد ينتهي بالمفاهمة فتحقن الدماء وتحفظ الأموال.

ص: 220

2 -

أنهم إذا اقتنعوا بالمفاهمة كان أصفى للنفوس وأبعد عن الأحقاد والتربص بالمسلمين.

الجانب الثاني: وسائل المفاهمة:

من وسائل المفاهمة ما يأتي:

1 -

المكالمات الهاتفية.

2 -

المكاتبات بوسائلها المختلفة ومنها ما يأتي:

أ - البريد.

ب - الفاكس.

جـ - الصحف.

د - الانترنت.

3 -

الوسطاء من الطرفين.

الجزء الثالث: موضوع المفاهمة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

بيان موضوع المفاهمة.

2 -

أمثلته.

الجزئية الأولى: بيان موضوع المفاهمة:

موضوع المفاهمة: سبب خروج البغاة ومطالبهم.

الجزئية الثانية: الأمثلة:

من أمثلة مطالب البغاة ما يأتي:

1 -

إزالة المظالم.

2 -

كشف الشبهات.

3 -

العدل بين الناس.

4 -

القيام بالواجبات.

5 -

اجتناب المنهيات.

6 -

تغيير المنكرات.

الجزء الرابع: الاستجابة للطلبات:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

الاستجابة للطلبات الصحيحة.

2 -

الاستجابة للطلبات غير الصحيحة.

ص: 221

الجزئية الأولى: الاستجابة للطلبات الصحيحة:

وفيها فقرتان هما:

1 -

الاستجابة.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: الاستجابة:

الاستجابة للطلبات الصحيحة واجب.

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه وجوب الاستجابة للطلبات الصحيحة ما يأتي:

1 -

أن الطلبات الصحيحة واجبة التنفيذ من غير طلب؛ لحديث: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)(1) فإذا طلبت كان تنفيذها آكد.

2 -

أن الاستجابة للطلبات يحصل به أحد أمرين:

الأول: أن البغاة قد يقتنعون ويعدلون عن البغي، وبذلك تجتمع الكلمة وتحقن الدماء وتحفظ الأموال.

الثاني: أن تكون الدولة معذورة في القتال لو قاتلوا، حيث لم يبق للبغاة مستمسك يتشبثون به في القتال.

الجزئية الثانية: الاستجابة للطلبات غير الصحيحة:

وفيها فقرتان هما:

1 -

الاستجابة.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: الاستجابة:

الاستجابة للطلبات غير الصحيحة لا تلزم.

(1) صحيح البخارى، باب كراهية التطاول على الرقيق 2554.

ص: 222

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه عدم الاستجابة للطلبات غير الصحيحة: أن الطلبات غير الصحيحة لا تنتهي، فلا تنقطع الحجة بالاستجابة لها، فكلما استجيب لطلب أثير طلب آخر، وهكذا إلى ما لا نهاية له.

الجزء الخامس: الهدف من المفاهمة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

بيان الهدف.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان الهدف:

الهدف من المفاهمة بين الدولة والبغاة ما تقدم في توجيه الاستجابة للطلبات، وهو إقناع البغاة بالرجوع، أو الإعذار منهم للقتال.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه قصر الهدف من المفاهمة بين الدولة والبغاة على ما ذكر: أن الزيادة عليه تعد، وظلم، وعدوان، وذلك لا يجوز.

الجانب الثاني: ما بعد المفاهمة:

وفيه جزءان هما:

1 -

إذا كف البغاة عن البغي.

2 -

إذا لم يكف البغاة عن البغي.

الجزء الأول: إذا كف البغاة عن البغي:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان الحكم:

إذا كف البغاة عن البغي وجب الكف عنهم.

ص: 223

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه وجوب الكف عن البغاة إذا كفوا عن البغي: أن المقصود كف شرهم وقد حصل.

الجزء الثاني: إذا لم يكفوا:

وفيه ثلاث جزئيات هي:

1 -

بيان الحكم.

2 -

الدليل.

3 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان الحكم:

إذا لم يكف البغاة عن البغي وجب قتالهم، سواء أجيبت مطالبهم أم لم تجب.

الجزئية الثانية: الدليل:

الدليل على قتال البغاة إذا لم يكفوا عن البغي ما يأتي:

1 -

قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (1).

2 -

حديث: (ألا من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان)(2).

3 -

قتال أبي بكر رضي الله عنه لمانعي الزكاة (3).

(1) سورة الحجرات، الآية:[9].

(2)

صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين/ 1852.

(3)

صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين/ 6925.

ص: 224

4 -

قتال علي رضي الله عنه للخارجين (1) ومنهم ما يأتي:

1 -

أهل الجمل.

2 -

أهل صفين.

3 -

أهل النهروان.

الجزئية الثالثة: التوجيه:

وفيها فقرتان هما:

1 -

توجيه قتالهم إذا لم يكفوا بعد إجابة مطالبهم.

2 -

توجيه قتالهم إذا لم يكفوا لعدم إجابة مطالبهم.

الفقرة الأولى: توجيه قتالهم إذا لم يكفوا بعد إجابة مطالبهم:

وجه قتال البغاة إذا لم يكفوا عن البغي بعد إجابة مطالبهم: أن استمرارهم على البغى بعد إجابة مطالبهم يصبح تعنتاً ومكابرة وعناداً لا مبرر له، فيجب إخضاعهم للطاعة بالقوة. كفاً لشرهم، وتفادياً لأضرارهم، وقضاء على مطامعهم.

الفقرة الثانية: توجيه القتال إذا لم يكفوا عن البغي لعدم إجابة مطالبهم:

وجه ذلك ما يأتي:

1 -

أن تركهم يزيد خطرهم على الدولة بانضمام غيرهم إليهم.

2 -

أن تركهم يهدد الدولة بالهجوم عليها كلما واتتهم الفرصة.

3 -

أن عدم القضاء عليهم يؤدي إلى الإخلال بالأمن وتعطيل الحركة الاقتصادية، ويوقف الخطوات التنموية.

(1) صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين، باب من ترك قتال الخوارج/6933.

ص: 225

الأمر الثاني: تأخير القتال:

وفيه جانبان هما:

1 -

تأخير القتال بطلب البغاة.

2 -

تأخير القتال بغير طلبهم.

الجانب الأول: تأخير القتال بطلب البغاة:

وفيه جزءان هما:

1 -

إذا أمن غدرهم.

2 -

إذا لم يؤمن غدرهم.

الجزء الأول: تأخير القتال بطلب البغاة إذا أمن غدرهم:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

حكم التأخير.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: حكم التأخير:

إذا طلب البغاة تأخير القتال وأمنت الدولة غدرهم جاز.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه تأخير قتال البغاة إذا طلبوه وأمنت الدولة غدرهم: أن الغرض من القتال إخضاعهم للحق وكف شرهم ودفع ضررهم. فإذا طلبوا تأخير القتال لينظروا في أمرهم ويفكروا في رجوعهم جاز ذلك لعل شرهم يندفع من غير قتال.

الجزء الثاني: تأخير القتال بطلب البغاة إذا لم يؤمن غدرهم:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

أمثلة ما يخاف منه.

2 -

حكم التأخير.

الجزئية الأولى: أمثلة ما يخاف منه:

من أمثلة ما يخاف منه في طلب الإمهال ما يأتي:

ص: 226

1 -

أن يكون المراد اجتماعهم على القتال، وإكمال استعدادهم.

2 -

أن يكون طلب التأخير انتظارا للإمدادات التي يتقوون بها.

3 -

أن يكون المراد خديعة الدولة وأخذها على غرة.

4 -

أن يكون المراد إطالة الأمد على جند الدولة فيتفرقون وتضعف عزائمهم فيتركون القتال.

الجزئية الثانية: حكم التأخير:

وفيها فقرتان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: بيان الحكم:

إذا لم يؤمن غدر البغاة بطلب تأخير القتال لم يؤخر وتعينت مبادرتهم.

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه تعين مبادرة البغاة بالقتال إذا خيف غدرهم: أن تأخير القتال حينئذٍ يعطيهم الفرصة لإكمال استعدادهم ومعاجلتهم للدولة فيجتاحوها أو تعظم أضرارهم بها.

الجانب الثاني: تأخير القتال من غير طلب البغاة:

وفيه جزءان هما:

1 -

التأخير لسبب.

2 -

التأخير لغير سبب.

الجزء الأول: تأخير القتال لسبب:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

أمثلة أسباب التأخير.

2 -

التأخير.

الجزئية الأولى: أمثلة أسباب التأخير:

من أسباب تأخير القتال ما يأتي:

ص: 227

1 -

ضعف قوة الدولة عن مواجهة البغاة.

2 -

خوف الخيانة في الدولة.

3 -

الأمل في رجوع البغاة إلى الطاعة.

4 -

الأمل في اختلاف البغاة وتفرقهم.

5 -

الأمل في ضعف معنويات البغاة وضعف عزائمهم.

الجزئية الثانية: التأخير:

وفيها فقرتان هما:

1 -

حكم التأخير.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: حكم التأخير:

إذا كان تأخير القتال لسبب جاز.

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه جواز تأخير قتال البغاة إذا وجد له سبب: أن المراد من قتالهم كف شرهم ودفع ضررهم، فإذا وجد الأمل في حصول ذلك من غير قتال ولا ضرر منع القتال حقنا للدماء وتفاديا لأضرار القتال.

الجزء الثاني: تأخير القتال من غير سبب:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

حكم التأخير.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: حكم التأخير:

تأخير قتال البغاة من غير سبب لا يجوز.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه عدم جواز تأخير قتال البغاة من غير سبب ما يأتي:

1 -

أنه يعرض الدولة للخطر وعظيم الضرر لما يأتي:

ص: 228

أ - أنه يعطي البغاة فرصة لزيارة قوتهم، وارتفاع معنوياتهم.

ب - أن البغاة قد يهاجمون الدولة على غرة وعلى غير استعداد فيتمكنون منها، أو يلحقون بها الأضرار التي لم تكن لها بالحسبان.

2 -

أن تأخير قتال البغاة من غير سبب تأخير لتغيير المنكر من غير عذر، وذلك لا يجوز.

الأمر الثالث: التدرج في معاملة البغاة:

وفيه جانبان هما:

1 -

صفة التدرج.

2 -

حكم التدرج.

الجانب الأول: صفة التدرج:

صفة التدرج في رفع أهل البغي كما يلي:

1 -

مراسلتهم على نحو ما تقدم.

2 -

تنفيذ مطالبهم المقبولة.

3 -

تأجيل قتالهم حسب التفصيل السابق.

4 -

عدم بدئهم بالقتال إن لم يخف منهم.

الجانب الثاني: حكم التدرج:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: بيان الحكم:

إذا رجي من التدرج في معاملة البغاة استجابتهم ولم يخش غدرهم وجب التدرج في معاملتهم.

ص: 229

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه التدرج في معاملة البغاة إذا رجي استجابتهم: أن الهدف من قتالهم كف شرهم ودفع ضررهم، فإذا حصل ذلك بالأسهل تعين ولم تجز المعاملة بالأشد.

الأمر الرابع: البدء بالقتال:

وفيه جانبان هما:

1 -

إذا خيف غدرهم.

2 -

إذا لم يخف غدرهم.

الجانب الأول: بدء البغاة بالقتال إذا خيض غدرهم:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: بيان الحكم:

إذا خيف غدر البغاة جاز بدؤهم بالقتال ومبادرتهم به.

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه جواز بدء البغاة بالقتال إذا خيف غدرهم: أن تأخير البدء مع خوف الغدر يعرض أهل العدل للضرر فيما لو باغتهم البغاة وأخذوهم على غرة من غير استعداد، فيجب تفادي هذا الخطر بدفع الشر قبل وقوعه.

الجانب الثاني: بدء البغاة بالقتال إذا لم يخض غدرهم:

وفيه جزءان هما:

1 -

حكم البدء.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: حكم البدء:

إذا لم يخف غدر البغاة لم يبدأوا بالقتال.

ص: 230

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه عدم بدء البغاة بالقتال إذا لم يخف غدرهم ما يأتي:

1 -

قول علي رضي الله عنه: لا تبدأوهم بالقتال (1).

2 -

أن الغرض من قتالهم كف شرهم ودفع ضررهم فينظروا حتى يبدأوا به.

3 -

أن عدم بدئهم بالقتال يعطيهم فرصة للتكفير في الرجوع إلى الطاعة والكف عن البغي.

الفرع الثاني: التعامل مع البغاة أثناء القتال:

وفيه خمسة أمور هي:

ا - قتل البغاة.

2 -

قتل من لا يقاتل.

3 -

القتال بما يعم

4 -

الاستعانة بمن يرى قتلهم.

5 -

الاستعانة بسلاحهم.

الأمر الأول: قتل البغاة أثناء القتال:

وفيه جانبان هما:

1 -

حكم القتل.

2 -

التوجيه.

الجانب الأول: حكم القتل:

إذا لم يندفع البغاة أثناء القتال إلا بالقتل جاز قتلهم.

الجانب الثاني: التوجيه:

وجه قتل البغاة حال القتال إذا لم يندفعوا إلا بالقتل ما يأتي:

1 -

قوله تعالى: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} (2).

(1) سنن الدارقطني 3/ 131.

(2)

سورة البقرة، الآية:[191].

ص: 231

ووجه الاستدلال بالآية: أنها أباحت قتل من يقاتل في الحرم مع أنه لا يجوز لقنل فيه، فإذا قاتل البغاة جاز قتلهم كالمقاتل في الحرم.

2 -

أن علياً رضي الله عنه قتل من يقاتله، كما في وقعة الجمل والحرة، والنهروان.

3 -

أنه لا يندفع شرهم إلا بالقتل فجاز كقتل الصائل.

4 -

أنهم لو لم يُقتلوا قتلوا وليسوا أولى بترك القتل من غيرهم.

الأمر الثاني: قتل من لا يقاتل:

وفيه جانبان هما:

1 -

أمثلة من لا يقاتل.

2 -

قتلهم.

الجانب الأول: الأمثلة:

من أمثلة من لا يقاتل من يأتي:

1 -

المنهزم.

2 -

الجريح.

3 -

النساء إذا لم يقاتلن.

4 -

الأسير.

5 -

الصبيان إذا لم يقاتلوا.

6 -

الشيوخ الفانون الذي لا رأي لهم.

الجانب الثاني: قتلهم:

وفيه جزءان هما:

1 -

حكم القتل.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: حكم القتل:

من لا يقاتل من البغاة لا يجوز قتله.

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه عدم جواز القتل لمن لا يقاتل من البغاة ما يأتي:

ص: 232

1 -

قوله رضي الله عنه: (لا يتبع مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم ولا يقتل أسبرهم)(1).

2 -

أن المقصود من قتال البغاة كفهم، ومن لا يقاتل منكف بغير قتل، فلا يجوز قتله، كالصائل إذا أدبر.

الأمر الثالث: القتال بما يعم:

وفيه جانبان هما:

1 -

أمثلة ما يعم.

2 -

القتال به.

الجانب الأول: الأمثلة:

من أمثلة ما يعم من وسائل الحرب ما يأتي:

1 -

الصواريخ.

2 -

المدافع.

3 -

القنابل.

4 -

المتفجرات.

5 -

الألغام.

الجانب الثاني: القتال بما يعم:

وفيه جزءان هما:

1 -

إذا قاتل البغاة به.

2 -

إذا لم يقاتل البغاة به.

الجزء الأول: القتال بما يعم إذا قاتل البغاة به:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

حكم القتال.

2 -

التوجيه.

(1) السنن الكبرى، كتاب أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182.

ص: 233

الجزئية الأولى: حكم القتال:

إذا قاتل البغاة بما يعم جاز قتالهم به.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه جواز قتال البغاة بما يعم إذا قاتلوا به ما يأتي:

1 -

المعاملة بالمثل.

2 -

أن قذائف ما يعم قد تصل إلى أهل العدل من حيث لا تصل إلى البغاة قذائف أهل العدل فيتغلب البغاة عليهم.

الجزء الثاني: قتال البغاة بما يعم إذا لم يقاتلوا به:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

إذا لم يمكن التوصل إليهم إلا به.

2 -

إذا أمكن التوصل إليهم بغيره.

الجزئية الأولى: إذا لم يمكن التوصل إلى البغاة إلا بما يعم:

وفيها فقرتان هما:

1 -

المثال.

2 -

القتال.

الفقرة الأولى: المثال:

من أمثلة عدم التوصل إلى البغاة بغير ما يعم: أن يتحصنوا بالقلاع والحصون فلا يتوصل إليهم بغير ما يعم.

الفقرة الثانية: القتال:

وفيها شيئان هما:

1 -

القتال.

2 -

التوجيه.

الشيء الأول: القتال:

إذا لم يمكن التوصل إلى البغاة بغير ما يعم جاز قتالهم به.

ص: 234

الشيء الثاني: التوجيه:

وجه قتال البغاة بما يعم إذا لم يتوصل إليهم إلا به: أن ذلك ضرورة فيجوز كما لو تحصنوا بمن لا يجوز قتلهم.

الجزئية الثانية: إذا أمكن قتال البغاة بغير ما يعم:

وفيها فقرتان هما:

1 -

القتال.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: القتال:

إذا أمكن قتال البغاة بغير ما يعم لم يجز قتالهم بما يعم.

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه منع قتال البغاة بما يعم إذا أمكن قتالهم بغيره: أن المقصود من قتالهم كفهم عن البغي وإرجاعهم إلى الطاعة. لا قتلهم وما يعم يقتل من يقاتل ومن لا يقاتل ومن لا يقاتل لا يجوز قتله فلا يجوز القتال بما يقتله مع إمكان القتال بغيره.

الأمر الرابع: الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم مدبرين:

وفيها جانبان هما:

1 -

الأمثلة.

2 -

الاستعانة.

الجانب الأول: الأمثلة:

من أمثلة من يرى قتل البغاة مدبرين من يأتي:

1 -

أهل الذمة.

2 -

المعاهدون.

3 -

المستأمنون.

4 -

بعض المسلمين.

ص: 235

الجانب الثاني: الاستعانة:

وفيه جزءان هما:

1 -

الاستعانة بهم من غير حاجة.

2 -

الاستعانة بهم حال الحاجة.

الجزء الأول: الاستعانة بهم من غير حاجة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

الاستعانة.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: الاستعانة:

الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم مدبرين من غير حاجة لا يجوز.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه منع الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم مدبرين: أن قتل البغاة مدبرين لا يجوز، والاستعانة بمن يرى ذلك قد يؤدي إلى قتلهم فلا يجوز.

الجزء الثاني: الاستعانة على البغاة إذا دعت الحاجة بمن يرى قتلهم ولو كانوا مدبرين:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

إذا كان يمكن منعهم مما لا يجوز.

2 -

إذا كان لا يمكن منعهم مما لا يجوز.

الجزئية الأولى: إذا كان يمكن منعهم:

وفيها فقرتان هما:

1 -

الاستعانة.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: الاستعانة:

إذا دعت الحاجة إلى الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم ولو كانوا مدبرين وكان يمكن منعهم مما لا يجوز جاز.

ص: 236

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه جواز الاستعانة على البغاة إذا دعت الحاجة بمن يرى قتلهم مدبرين إذا أمكن منعهم مما لا يجوز: أن السبب في منعهم هو الخوف من قتل من لا يجوز قتله، فإذا أمكن منعهم زال المحذور فجازت الاستعانة.

الجزئية الثانية: إذا كان لا يمكن منعهم:

وفيها فقرتان هما:

1 -

سبب عدم إمكان المنع.

2 -

الاستعانة.

الفقرة الأولى: سبب عدم امكان المنع:

سبب عدم إمكان المنع: هو عدم السيطرة على المستعان بهم، لعدم دخولهم تحت ولاية المستعين بهم.

الفقرة الثانية: الاستعانة:

وفيها شيئان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الشيء الأول: بيان الحكم:

إذا لم يمكن السيطرة على من يراد الاستعانة بهم لم تجز الاستعانة بهم.

الشيء الثاني: التوجيه:

وجه عدم جواز الاستعانة على البغاة بمن لا يمكن السيطرة عليهم ممن يرى قتلهم مدبرين: أنه إذا لم يمكن السيطرة عليهم لم يؤمن قتلهم لمن لا يجوز قتله، وذلك وسيلة إلى الممنوع والوسيلة إلى الممنوع ممنوع.

الأمر الخامس: الاستعانة على البغاة بسلاحهم:

وفيه جانبان هما:

ص: 237

1 -

أمثلة السلاح.

2 -

الاستعانة.

الجانب الأول: الأمثلة:

من أمثلة سلاح البغاة الذي يستولى عليه ما يأتي:

1 -

الرماح.

2 -

السيوف.

3 -

البواريد.

4 -

الخيل.

5 -

الإبل.

6 -

ما حل محل ما ذكر من السلاح الحديث.

الجانب الثاني: الاستعانة:

وفيه ثلاثة أجزاء هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الجزء الأول: الخلاف:

اختلف في جواز الاستعانة على البغاة بما تم الاستيلاء عليه من سلاحهم على قولين:

القول الأول: أنه يجوز.

القول الثاني: أنه لا يجوز.

الجزء الثاني: التوجيه:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الجزئية الأولى: توجيه القول الأول:

وجه القول بالاستعانة على البغاة بسلاحهم ما يأتي:

1 -

القياس على سلاح الكفار.

ص: 238

2 -

القياس على نفوسهم فكما يجوز إتلاف نفوسهم في الحرب يجوز إتلاف أموالهم باستعمالها فيها.

الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني:

وجه القول بمنع الاستعانة على البغاة بسلاحهم، بأنه مال مسلم فلم يجز الانتفاع به بغير إذنه كباقي أمواله.

الجزء الثالث: الترجيح:

وفيه ثلاث جزئيات هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزئية الأولى: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - جواز الاستعانة بسلاح البغاة عليهم.

الجزئية الثانية: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بجواز الاستعانة بسلاح البغاة عليهم: أن المال ليس بأشد حرمة من النفس والنفس يجوز إتلافها في القتال، فإذا جاز إتلاف النفس كان إتلاف المال أولى.

الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح:

يجاب عن ذلك: بأن الضرورات تبيح المحظورات والضرورة قد تدعو إلى الاستعانة بسلاح البغاة عليهم، كأكل طعام الغير في المخمصة.

الفرع الثالث: التعامل مع البغاة بعد القتال:

وفيه خمسة أمور هي:

1 -

ما يتعلق بالأموال.

2 -

ما يتعلق بالذرية والنساء.

ص: 239

3 -

ما يتعلق بالأسرى.

4 -

ما يتعلق بالجرحى.

5 -

ما يتعلق بالقتلى.

الأمر الأول: ما يتعلق بالأموال:

وفيه جانبان هما:

1 -

رد الموجود.

2 -

ضمان المتلف.

الجانب الأول: رد الموجود:

وفيه جزءان هما:

1 -

حكم الرد.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: حكم الرد:

إذا انتهى القتال وجب رد الموجود من الأموال إلى أربابها إن عرفوا وإلا كان كالأموال التي لا يعرف أربابها.

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه وجوب رد الأموال بعد القتال إلى أربابها ما يأتي:

1 -

حديث: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه)(1).

ووجه الاستدلال به: أنه حرم مال المسلم ما لم تطب به نفسه وهؤلاء مسلمون لم تطب أنفسهم بشيء من أموالهم فيجب ردها إليهم.

2 -

قوله صلى الله عليه وسلم في البغاة: (ولا يقسم فيؤهم)(2).

(1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182.

(2)

السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182.

ص: 240

3 -

قول علي رضي الله عنه في وقعة الجمل: من وجد شيئا من ماله مع أحد فليأخذه (1).

الجانب الثاني: ضمان المتلف:

وفيه جزءان هما:

1 -

ضمان ما أتلف في غير القتال.

2 -

ضمان ما أتلف في القتال.

الجزء الأول: ضمان ما أتلف في غير القتال:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

الضمان.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: الضمان:

ما أتلف من الأموال في غير القتال وجب ضمانه، سواء كان الإتلاف قبل أم بعد انتهاء القتال، وسواء كان الإتلاف من أهل العدل، أم من البغاة.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه ضمان الأموال المتلفة في غير القتال: أنها أموال معصومة أتلفت بغير حق فوجب ضمانها كما لو لم يوجد قتال.

الجزء الثاني: ضمان ما أتلف في القتال:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

ضمان أهل العدل.

2 -

ضمان البغاة.

الجزئية الأولى: ضمان أهل العدل:

وفيها فقرتان هما:

1 -

الضمان.

2 -

التوجيه.

(1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182.

ص: 241

الفقرة الأولى: الضمان:

ضمان ما يتلفه أهل العدل من أموال البغاة في القتال غير مضمون.

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه عدم ضمان أهل العدل لما يتلفونه من أموال البغاة ما يأتي:

1 -

أنهم لا يضمنون الأنفس وهي أعظم حرمة من الأموال، فإذا لم يضمنوا الأنفس كان عدم ضمان الأموال أولى.

2 -

أن القتال مأذون فيه فلا يضمن ما تلف به؛ لأن الإذن ينافي الضمان.

الجزئية الثانية: ضمان البغاة:

وفيها ثلاث فقرات هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الفقرة الأولى: الخلاف:

اختلف في ضمان البغاة لما يتلفونه على أهل العدل في القتال من أموال على قولين:

القول الأول: أنهم يضمنونه.

القول الثاني: أنهم لا يضمنونه.

الفقرة الثانية: التوجيه:

وفيها شيئان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الشيء الأول: توجيه القول الأول:

وجه القول بأن البغاة يضمنون لأهل العدل ما أتلفوه عليهم أثناء الحرب من أموال: أن ما أتلفوه أموال معصومة أتلفوها بغير حق ولا ضرورة دفع مباح فوجب ضمانها كالذي يتلفونه في غير حال الحرب.

ص: 242

الشيء الثاني: توجيه القول الثاني:

وجه القول بعدم ضمان البغاة لما أتلفوه على أهل العدل من أموال في القتال بما يأتي:

1 -

أنها كانت الفتنة بين الناس وفيهم البدريون ولم يكونوا يقيمون حدا بارتكاب فرج بتأويل القرآن، ولا يغرمون مالا أتلف بتأويل القرآن.

2 -

أن البغاة طائفة ممتنعة بتأويل سائغ فلم تضمن ما أتلفته على الأخرى كأهل العدل.

3 -

أن تضمين البغاة ينفرهم عن الرجوع إلى الطاعة فلم يشرع كتضمين الحربيين.

الفقرة الثالثة: الترجيح:

وفيها ثلاثة أشياء هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الشيء الأول: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم التضمين.

الشيء الثاني: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بعدم التضمين: أنه أظهر دليلا.

الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح:

يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس ما أتلف حال القتال على ما أتلف بغير قتال قياس مع الفارق؛ وذلك أن ما أتلف في غير الحرب أتلف من غير عذر فوجب ضمانه، أما الذي أتلف في الحرب فقد أتلف بعذر وهو الدفاع عن النفس فلا يضمن.

ص: 243

الأمر الثاني: ما يتعلق بالذراري والنساء:

وفيه جانبان هما:

1 -

سبيهم.

2 -

إطلاقهم.

الجانب الأول: السبي:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: بيان الحكم:

سبي نساء البغاة وذراريهم لا يجوز.

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه عدم جواز سبي نساء البغاة وذراريهم ما يأتي:

1 -

قوله صلى الله عليه وسلم في البغاة: (لا يتبع مدبرهم ولا يجاز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يقسم فيؤهم)(1).

والاستدلال به من وجهين:

الأول: أن النساء والذرية من الفيء.

الثاني: أنه إذا منع قسم المال كان النساء والذرية أولى.

2 -

أنها وقعت الفتن والقتال بين الناس في وقت الصحابة ولم يكن يسبي بعضهم بعضا.

3 -

أن النساء والذرية معصومون بالإسلام فلا يجوز سبيهم.

الجانب الثاني: إطلاقهم:

وفيه ثلاثة أجزاء هي:

(1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا / 182.

ص: 244

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الجزء الأول: الخلاف:

اختلف في إطلاق أهل العدل لنساء البغاة وذراريهم إذا أسروهم على قولين:

القول الأول: أنهم يطلقون.

القول الثاني: أنهم يحبسون.

الجزء الثاني: التوجيه:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الجزئية الأولى: توجيه القول الأول:

وجه القول بإطلاق نساء البغاة وذراريهم بأنه لا ذنب لهم فلا يحبسون بذنب غيرهم.

الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني:

وجه القول بحبس نساء البغاة وذراريهم بأن في حبسهم كسر لقلوب البغاة قد يحملهم على الكف عن القتال والرجوع إلى الطاعة.

الجزء الثالث: الترجيح:

وفيه ثلاث حزئيات هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزئية الأولى: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بإطلاقهم.

ص: 245

الجزئية الثانية: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بإطلاق نساء البغاة وذراريهم من الأسر: قوة دليله وضعف دليل المخالفين عن معارضته.

الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين:

يجاب عن ذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن كسر قلوب البغاة بحبس نسائهم وذراريهم يعارضه إحداث الضرر بالنساء والذرية، ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة.

الوجه الثاني: أن تحصيل هذه المصلحة يضر بطرف ثالث لا ذنب له فلا يجوز.

الأمر الثالث: ما يتعلق بالأسرى:

وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 -

قتلهم.

2 -

المفاداة بهم.

3 -

حبسهم.

الجانب الأول: القتل:

وفيه جزءان هما:

1 -

القتل

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: القتل:

الأسرى من البغاة لا يجوز قتلهم، سواء قتل البغاة أسراهم من أهل العدل أم لا، وسواء رجعوا إلى الطاعة أم لا.

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه عدم جواز قتل أهل العدل للأسرى ما يأتي:

ص: 246

1 -

أن الهدف من قتال البغاة كف شرهم لا قتلهم، والأسرى قد انكف شرهم بالأسر فلا حاجة إلى قتلهم.

2 -

أن الأسرى معصومون بالإسلام ولا ذنب لهم يقتلون به فلا يقتلون، ولو قتل البغاة أسراهم من أهل العدل؛ لأن أسرى أهل العدل من البغاة لا سبب لهم في قتل البغاة أسراهم من أهل العدل فلا يقتلون بهم.

الجانب الثاني: المفاداة بهم:

وفيه جزءان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: بيان الحكم:

إذا قبل البغاة فداء أسرى أهل العدل بأسراهم وجب ذلك.

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه وجوب المفاداة بالأسرى: أن تخليص أهل العدل من أسر البغاة واجب، فإذا قبل البغاة المفاداة بهم وجبت لما يأتي:

1 -

أن الوسيلة لها حكم الغاية.

2 -

أنه لا يجوز قتلهم فلا فائدة من إمساكهم.

الجانب الثاني: الحبس:

وفيه جزءان هما:

1 -

إذا عادوا إلى الطاعة.

2 -

إذا لم يعودوا.

الجزء الأول: إذا عادوا إلى الطاعة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

بيان الحكم.

2 -

التوجيه.

ص: 247

الجزئية الأولى: بيان الحكم:

إذا عاد الأسرى إلى الطاعة وجب إطلاقهم.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه وجوب إطلاق الأسرى إذا عادوا إلى الطاعة: أن قتالهم لكف شرهم، فإذا عادوا إلى الطاعة انكف شرهم فوجب إطلاقهم لعدم الحاجة إلى حبسهم.

الجزء الثاني: إطلاقهم إذا لم يعودوا إلى الطاعة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

إذا خيف منهم.

2 -

إذا لم يخف منهم.

الجزئية الأولى: إذا خيف منهم:

وفيها فقرتان هما:

1 -

حكم إطلاقهم.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: حكم إطلاق الأسرى إذا خيف منهم:

إذا خيف من الأسرى بإطلاقهم لم يطلقوا.

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه عدم جواز إطلاق أسرى البغاة إذا خيف شرهم: أن قتال البغاة لدفع شرهم وإطلاق الأسرى مع الخوف منهم ينافي كف شرهم.

الجزئية الثانية: إذا لم يخف شرهم:

وفيها فقرتان هما:

1 -

حكم إطلاقهم.

2 -

التوجيه.

الفقرة الأولى: حكم إطلاقهم:

إذا لم يخف شر الأسرى بإطلاقهم جاز إطلاقهم.

ص: 248

الفقرة الثانية: التوجيه:

وجه إطلاق الأسرى إذا لم يخف شرهم: أن حبسهم لكف شرهم فإذا أمن شرهم زال الموجب لحبسهم فلم يبق له حاجة.

الأمر الرابع: ما يتعلق بالجرحى:

وفيه جانبان هما:

1 -

الإجهاز عليهم.

2 -

التوجيه.

الجانب الأول: الإجهاز:

الجرحى في قتال البغاة لا يجوز الإجهاز عليهم.

الجانب الثاني: التوجيه:

وجه عدم جواز الإجهاز على الجرحى ما يأتي:

1 -

قوله صلى الله عليه وسلم في البغاة: (ولا يجاز على جريحهم)(1).

2 -

قول علي رضي الله عنه في وقعة الجمل: ولا يزفق على جريحهم (2).

3 -

قول أبي أمامة: شهدت صفين فكانوا لا يجهزون على جريح (3).

4 -

أن الهدف من قتال البغاة كف شرهم والجرحى قد انكف شرهم بالجرح فلا يخشى شرهم.

الأمر الخامس: ما يتعلق بالقتلى:

وفيه جانبان هما:

1 -

تجهيزهم.

2 -

ضمانهم.

(1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاؤوا 8/ 182.

(2)

السنن الكبرى للبيهقي، قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا 8/ 182.

(3)

السنن الكبرى للبيهقي، قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا 8/ 182.

ص: 249

الجانب الأول: التجهيز:

وفيه جزءان هما:

1 -

إذا تولاه البغاة.

2 -

إذا لم يتوله البغاة.

الجزء الأول: إذا تولى البغاة التجهيز:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

تركه للبغاة.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: ترك التجهيز للبغاة:

إذا تولى البغاة تجهيز قتلاهم تركوا لهم.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه ترك تجهيز قتلى البغاة لهم: أن ذلك فرض كفاية فإذا قاموا به سقط الواجب بهم.

الجزء الثاني: تجهيز القتلى إذا لم يتوله البغاة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

حكم التجهيز.

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: حكم التجهيز:

إذا لم يتول البغاة تجهيز القتلى وجب على أهل العدل تجهيزهم.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه وجوب تجهيز أهل العدل للقتلى إذا لم يجهزهم البغاة ما يأتي:

1 -

حديث: (صلوا على من قال: لا اله إلا الله)(1).

(1) سنن الدارقطني، باب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه 2/ 56.

ص: 250

2 -

أنهم مسلمون ليس لهم من يتولى تجهيزهم فيكون تجهيزهم واجباً على المسلمين ويمثلهم أهل العدل فيكون عليهم.

الجانب الثاني: الضمان:

وفيه جزءان هما:

1 -

ضمان أهل العدل لقتلى البغاة.

2 -

ضمان البغاة لقتلى أهل العدل.

الجزء الأول: ضمان أهل العدل لقتلى البغاة:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

الضمان

2 -

التوجيه.

الجزئية الأولى: الضمان:

إذا لم يندفع البغاة إلا بالقتل فلا ضمان على أهل العدل لمن قتلوه منهم.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وجه عدم ضمان أهل العدل من قتلوه من البغاة: أن قتلهم مأذون فيه والإذن ينافي الضمان.

الجزء الثاني: ضمان البغاة لمن قتلوه من أهل العدل:

وفيه ثلاث جزئيات هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الجزئية الأولى: الخلاف:

اختلف في ضمان البغاة لمن قتلوه من أهل العدل على قولين:

القول الأول: أنهم لا يضمنونهم.

ص: 251

القول الثاني: أنهم يضمنونهم.

الجزئية الثانية: التوجيه:

وفيها فقرتان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الفقرة الأولى: توجيه القول الأول:

وجه القول بعدم ضمان أهل البغي لمن قتلوه من أهل العدل ما يأتي:

1 -

أنها كانت الفتنة العظمى بين الناس وفيهم البدريون فأجمعوا على ألا يقام حد على رجل ارتكب فرجًا حرامًا بتأويل القرآن، ولا يغرم ما أتلفه بتأويل القرآن (1).

2 -

أن البغاة فئة ممتنعة بالحرب بتأويل سائغ فلم تضمن ما أتلفته على الأخرى كأهل العدل.

3 -

أن تضمين البغاة يفضي إلى تنفيرهم من الرجوع إلى الطاعة فلم يشرع كتضمين أهل الحرب.

4 -

أن طلحة قتل عكاشة بن محصن ثم أسلم فلم يغرم شيئا.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني:

وجه القول بالتضمين بما يأتي:

1 -

قول أبي بكر رضي الله عنه لأهل الردة: تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم (2).

(1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب من قال: لا تباعة في الجراح/ 8/ 174، 175.

(2)

السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا / 8/ 183، 184.

ص: 252

2 -

أن القتلى من أهل العدل نفوس معصومة أتلفت بغير حق ولا ضرورة دفع مباح فوجب ضمانها كما لو أتلفت فى غير حال الحرب.

الجزئية الثالثة: الترجيح:

وفيها ثلاث فقرات هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الفقرة الأولى: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الضمان.

الفقرة الثانية: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بعدم الضمان: أنه أظهر دليلاً، وأقوى تعليلاً.

الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح:

وفيها شيئان هما:

1 -

الجواب عما روي عن أبي بكر.

2 -

الجواب عن عصمة القتلى.

الشيء الأول: الجواب عما روي عن أبي بكر:

أجيب عما روي عن أبي بكر من وجهين:

الوجه الأول: أنه رجع عنه لما قال له عمر: أن يدو قتلانا فلا، فإن قتلانا قتلوا في سبيل الله على ما أمر الله فوافقه أبو بكر ورجع إلى قوله (1) ولم ينقل أنه غرم أحدا شيئاً من ذلك.

(1) الأموال لأبي عبيد 255، 256.

ص: 253

الوجه الثاني: أنه لو ثبت التغريم لما صح القياس؛ لأن المرتدين قوم كفار لا تأويل لهم، والبغاة طائفة من المسلمين لهم تأويل سائغ فلا يصح إلحاقهم بالكفار.

الشيء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بعصمة القتلى:

أجيب عن ذلك: بأن قتلهم للدفاع عن النفس كقتل الصائل وليس لعدم عصمتهم.

ص: 254