الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في مقادير الديات
مقادير ديات النفس تختلف باعتبار الإسلام والحرية والذكورة والأنوثة وكون الشخص المقتول موجودًا للعيان أو حملاً في البطن.
وأكثرها مقدار دية الحر المسلم، حيث تبلغ ألف مثقال من الذهب، أو اثنى عشر ألف درهم من الدراهم الإسلامية التي كل عشرة منها سبعة مثاقيل، أو مئة من الإبل، أو مئتي بقرة، أو ألفي شاة؛ لحديث أبي داود عن جابر رضي الله عنه:"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدية على أهل الإبل مئة من الإبل، وعلى أهل البقر مئتي بقرة وعلى أهل الشاء ألقي شاة".
وعن عكرمة عن ابن عباس: "أن رجلاً قتل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثنى عشر ألف درهم"، رواه أبو داود وابن ماجه.
وفي كتاب عمرو بن حزم: "على أهل الذهب ألف دينار"، رواه النسائي وغيره.
وقد اختلف أهل العلم؛ هل هذه المذكورات أصول للدية؛
بحيث إذا دفع من تلزمه واحدًا منها؛ يلزم الولي قبوله، سواء كان ولي الجناية من أهل ذلك النوع أم لا؛ لأنه أتى بأصل في قضاء الواجب عليه. هذا قول جماعة من أهل العلم.
والقول الثاني أن الأصل هو الإبل فقط، وهو قول جمهور العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم:"في النفس المؤمنة مئة من الإبل"، وقوله صلى الله عليه وسلم:"ألا إن في قتيل عمد الخطأ مئة من الإبل".
ولأبي داود أن عمر قام خطيبان فقال: "ألا إن الإبل قد غلت؛ فقوِّم على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر الفا، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مئتي حلة".
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم غلظ في الإبل دية العمد، وخفف بها دية الخطأ، وأجمع على ذلك أهل العلم؛ فهي الأصل.
وهذا القول هو الراجح، وعليه؛ فيكون ما عدا الإبل من الأصناف المذكورة يكون معتبرًا بها من باب التقويم.
وتغلظ الدية في قتل العمد وشبهه، فتجعل المئة من الإبل أرباعا: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقه، وخمس وعشرون جذعة؛ لما روى الزهري عن السائب بن يزيد؛ قال: "كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباعا: خمسا وعشرين جذعة، وخمسة وعشرين حقة، وخمسا وعشرين لبون،
وخمسا وعشرين بنت مخاض"، فإن جاء بالإبل على هذا النمط؛ لزم ولي الجناية أخذها، وإن شاء دفع قيمتها حسب ما تساوي هذه الأصناف في كل عصر بحسبه.
وتكون الدية في الخطأ مخففة؛ بحيث تجعل المئة من الإبل خمسة أنواع: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون وعشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون من بني مخاض، هذه الأصناف أو قيمتها حسب ما تساوي في كل عصر بحسبه.
وبنت المخاض ما تم لها سنة، وبنت اللبون ما تم لها سنتان، والحقة ما تم لها ثلاث سنوات، والجذعة ما تم لها أربع سنين.
ودية الحر الكتابي سواء كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدًا نصف دية المسلم؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين"، رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
ودية المجوسي الذمي أو المعاهد أو المستأمن ودية الوثني المعاهد أو المستأمن: ثمان مئة درهم إسلامي؛ لما روى ابن عدي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: "دية المجوسي ثمان مئة درهم"،
وهو قول أكثر أهل العلم.
ونساء أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان على النصف من دية ذكرانهم؛ كما أن دية نساء المسلمين على النصف من دية ذكرانهم.
قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل، وفي كتاب عمرو بن حزم:: "دية المرأة على النصف من دية الرجل".
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "لما كانت المرأة نقص من الرجل، والرجل أنفع منها، ويسده المرأة من المناصب الدينية والولايات وحفظ الثغور والجهاد وعمارة الأرض وعمل الصنائع التي لا تتم مصالح العلم إلا بها، والذب عن الدنيا والدين؛ لم تكن قيمتها مع ذلك متساوية، وهي الدية؛ فإن دية الحر جارية مجرى قيمة العبد وغيره من الأموال؛ فاقتصت حكمة الشارع أن جعل قيمتها على النصف من قيمته؛ لتفاوت ما بينهما".
ويستوي الذكر والأنثى فيما يوجب دون ثلث الدية؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: "عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديته"، أخرجه النسائي، وقال سعيد بن المسيب:"إنه السنة".
وقال الإمام ابن القيم: "وإن خالف فيه أبو حنيفة والشافعي وجماعة، وقالوا: هي على النصف في القليل والكثير، ولكن السنة أولى، والفرق فيما دون الثلث وما زاد عليه؛ أن ما دونه قليل، فجبرت مصيبة المرأة فيه بمساواتها للرجل، ولهذا استوى الجنين الذكر والأنثى في الدية؛ لقلة ديته، وهي الغرة، فنزل ما دون الثلث منزلة الجنين
…
" انتهى.
ودية القن قيمته، ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، بالغة ما بلغت، وهذا مجمع عليه إذا كانت قيمتة دون دية الحر، فإن بلغت دية الحر فأكثر؛ فذهب أحمد في المشهور عنه ومالك والشافعي وأبو يوسف إلى أن فيه قيمته بالغة ما بلغت.
ويجب في الجنين ذكرًا كان أو أنثى إذا سقط ميتا بسبب جناية على أمه عمدًا أو خطأ غرة عبد أو أمة، قيمتها خمس من الإبل؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال:"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة"، متفق عليه.
وتورث الغرة عنه، كأنه سقط حيا؛ لأنها دية له، وهو مذهب الجمهور، وتقدر الغرة بخمس من الإبل؛ أي: بعشر دية أمه.