الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في الحجب
هذا الباب له أهمية خاصة بين أبواب المواريث؛ لأن معرفة تفاصيله يترتب عليها إيصال الحقوق إلى مستحقيها، وعدم المعرفة بأحكام هذا الباب يترتب عليها خطورة عظيمة؛ لأنه قد يعطي الميراث لمن لا يستحقه شرعا ويحرم المستحق، ومن هنا قال بعض العلماء: يحرم على من لا يعرف الحجب أن يفتي في الفرائض.
والحجب لغة: المنع، يقال: حجبه: إذا منعه من الدخول، والحاجب لغة المانع، ومنه حاجب السلطان؛ لأنه يمنع من الدخول عليه.
وأما الحجب في اصطلاح الفرضيين؛ فمعناه: منع من قام به سبب الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه.
وينقسم الحجب في الفرائض إلى قسمين:
القسم الأول: حجب الأوصاف.
ويكون فيمن اتصف بأحد موانع الإرث الثلاثة، وهي: الرق، أو القتل، أو اختلاف الدين؛ فمن اتصف بواحد من هذه الأوصاف؛ لم يرث، ويكون وجوده كعدمه.
القسم الثاني: حجب الأشخاص.
وهو منع شخص معين من الإرث بالكلية، ويسمى حجب الحرمان، أو منعه من إرث أكثر إلى إرث أقل، ويسمى حجب النقصان، وسبب هذا الحجب بنوعيه شخص أحق منه، ولذلك سمي حجب الأشخاص، وهو سبعة أنواع، أربعة منها تحصل بسبب الازدحام، وثلاثة منها تحصل بسبب الانتقال من فرض إلى فرض، وهذه السبعة هي:
أولاً: انتقال من فرض إلى فرض أقل منه؛ كانتقال الزوج من النصف إلى الربع مثلاً.
ثانيا: انتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه؛ كانتقال الأخت لغي أم من كونها عصبة مع الغير إلى كونها بالغير.
ثالثا: انتقال من فرض إلى تعصيب أقل منه؛ كانتقال ذوات النصف منه إلى التعصيب بالغير.
رابعا: انتقال من تعصيب إلى فرض أقل منه؛ كانتقال الأب والجد من الإرث بالتعصيب إلى الإرث بالفرض.
خامسا: ازدحام في فرض؛ كازدحام الزوجات في الربع والثمن مثلاً.
سادسا: ازدحام في تعصيب؛ كازدحام العصبات في المال أو فيما أبقت الفروض.
سابعا: ازدحام بسبب العول؛ كازدحام أصحاب الفروض في الأصول التي يدخلها العول، فإن كل واحد منهم يأخذ فرضه ناقصا بسبب العول.
وللحجب قواعد يدور عليها:
القاعدة الأولى: أن من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، وذلك كابن الابن مع الابن، والجدة مع الأم، والجد مع الأب، والأخوة مع الأب.
القاعدة الثانية: أنه إذا اجتمع عاصبان فأكثر؛ قد الأقدم جهة، ذلك كالابن مع الأب أو مع الجد؛ فالتعصيب يكون للابن؛ لأنه أقدم جهة، وإن وابن آخر، أو اجتمع أخ شقيق وابن أخ شقيق آخر.. وهكذا؛ فإن تساوى الموجودون في الجهة والقرب؛ قدم منهم؛ كما لو اجتمع أخ شقيق وأخ لأب؛ فإنه يقدم الشقيق لقوله؛ لكونه يدلي بالأبوين، والأخ يدلي بالأب فقط.
أصول؛ فالجد لا يحجبه إلا الأب أو الجد الذي هو أقرب منه، والجدة لا يحجبها إلا الأم أو الجدة التي هي أقرب منها، والفرع لا تحجبهم إلا فرع؛ فابن الابن لا يحجبه إلا الابن أو ابن الابن الذي هو أعلى منه، والحواشي وهم الأخوة وبنووهم والأعمام وبنوهم يحجبهم أصول وفروع وحواش؛ فمثلاً الأخوة لأب: يسقطون بالابن وابن الابن وإن نزل، وبالأب، وبالجد على الصحيح، وبالأخ الشقيق، والأخت الشقيقة إذا كانت عصبة مع الغير، وهكذا نجد أن الأخ لأب حجب بأصول وفروع وحواش.
نعود فنقول: إن باب الحجب باب مهم جدًا، فيجب على من يفتي في الفرائض أن يتقن قواعد ويتأمل في دقائقه ويطبقها على وقائع الأحوال؛ لئلا يخطئ في فتواه، فيغير المواريث عن مجراها الشرعي، ويحرم من يستحق، ويعطي من لا يستحق، والله ولي التوفيق.