الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في أحكام شركة العنان
وهي بكسر العين، سميت بذلك لتساوي الشريكين في المال والتصرف؛ كالفارسين إذا سويا بين فرسيهما وتساويا في السير فكان عنانا فرسيهما سواء، وذلك أن كل واحد من الشريكين يساوي الآخر في تقديمه ماله وعمله في الشركة.
فحقيقة شركة العنان: أن يشترك شخصان فأكثر بماليهما؛ بحيث يصيران مالاً واحدًا يعملان فيه بيديهما، أو يعمل فيه أحدهما ويكون له من الربح أكثر من نصيب الآخر.
وشركة العنان بهذا الاعتبار المذكور جائزة بالإجماع؛ كما حكاه ابن المنذر رحمه الله، وإنما اختلف في بعض شروطها.
وينفذ تصرف كل من الشريكين في مال الشركة بحكم الملك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكه؛ لأن لفظ يغني عن الإذن من كل منهما للآخر.
واتفقوا على أنه يجوز أن يكون رأس مال الشركة من النقدين المضروبين؛ لأن الناس يشتركون بهما من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير.
واختلفوا في كون رأس المال في شركة العنان من العروض، فقال بعضهم: لا يجوز؛ لأن قيمة أحد المالين قد تزيد قبل بيعه ولا تزيد قيمة المال الآخر، فيشارك أحدهما الآخر في نماء ماله. والقول الثاني جواز ذلك، وهو الصحيح؛ لأن مقصود الشركة تصرفهما في المالين جميعا، وكون ربح المالين بينهما، وهو حاصل في العروض كحصوله في النقود.
ويشترط لصحة شركة العنان: أن يشترطا لكل من الشريكين جزءًا من الربح مشاعا معلوما كالثلث والربع؛ لأن الربح مشترك بينهما؛ فلا يتميز نصيب كل منهما إلا بالاشتراط والتحديد، فلو كان نصيب كل منهما من الربح مجهولاً، أو شرط لأحدهما ربح شيء معين من المال، أو ربح وقت معين، أو ربح سفرة معينة؛ لم يصح في جميع هذه الصور؛ لأنه قد يربح المعين وحده، وقد لا يربح، وقد لا يحصل غير الدراهم المعينة، وذلك يفضي إلى النزاع وضياع تعب أحدهما دون الآخر، وذلك مما تنهى عنه الشريعة السمحة؛ لأنها جاءت بدفع الغرر والضرر.