الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في ميراث الخنثى
فالخنثى مأخوذ من الانخناث، وهو اللين والتكسر والتثني، يقال: خنث فم السقاء: إذا كسره إلى خارج وشرب منه. وهو في اصطلاح الفرضيين شخص له آلة رجل وآلة أنثى، أو ليس له آلة أصلاً.
والجهات التي يمكن وجوده فيها: البنوة، والأخوة، والعمومة، والولاء؛ إذ كل واحد من المذكورين كونه ذكرًا أو كونه أنثى. ولا يمكن أن يكون الخنثى المشكل أبا ولا أما ولا جدًا ولا جدة؛ إذ لو كان كذلك؛ لا يضح أمره، فلم يبق مشكلاً، ولا يمكن كذلك أن يكون الخنثى المشكل زوجا ولا زوجة؛ لأنه لا يصح تزويجه ما دام مشكلاً.
وقد خلق الله آدم بني آدم ذكورًا وإناثا؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} ، وقال تعالى:{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} .
وقد بين سبحانه حكم كل واحد منهما، ولم يبين حكم من هو ذكر وأنثى، فدل على أنه لا يجتمع الوصفان في شخص واحد، وكيف يتأتى
ذلك وبينهما مضادة؟!.
وقد جعل سبحانه وتعالى للتمييز بينهما علامات مميزة، ومع ذلك قد يقع الاشتباه؛ بأن يوجد للشخص آلة أنثى.
وقد أجمع العلماء على أن الخنثى يورث بحسب ما يظهر فيه من علامات مميزة:
فمثلاً: إن بال من حيث يبول الرجل؛ ورث ميراث رجل، وإن بال من حيث تبول الأنثى؛ ورث ميراث أنثى؛ لأن دلالة البول على الذكور أو الأنوثة من أوضح الدلالات وأعمها؛ لوجودها من الصغير والكبير؛ فبوله من إحدى الآلتين وحدها يدل على أنه من أهلها، وتكون الآلة التي لا يبول منها بمنزلة العضو الزائد والعيب في الخلقة، فإن بال من الآلتين معا؛ اعتبر الأكثر منهما، وإن كان في ابتداء الأمر يبول من آلة واحدة، ثم صار يبول من الآلتين؛ اعتبرنا الآلة التي ابتدأ البول منها، فإن استوت الآلتان في خروج البول منهما وقتا وكمية؛ فإنه ينتظر به إلى ظهور علامة أخرى من العلامات التي تظهر عند البلوغ، ويبقى مشكلاً إلى آنذاك، لكنه يرجى اتضاح حاله عند البلوغ.
والعلامات التي توجد عند البلوغ منها ما هو خاص بالرجال كنبات الشارب ونبات اللحية وخروج المني من ذكره، فإذا تبين فيه واحدة من هذه العلامات؛ فهو رجل، ومنها علامات تختص بالنساء، وهي الحيض والحبل وتفلك الثديين، فإذا تبين فيه علامة من هذه العلامات؛ فهو أنثى.
فإن لم يظهر فيه شيء من علامات الرجال ولا علامات الإناث
عند البلوغ؛ بقي مشكلاً لا يرجى اتضاح حاله، وللعلماء في كيفية توريثه وتوريث من معه في الحالتين مذاهب:
فمنهم من يرى أن الخنثى المشكل يعامل بالأضر دون من معه، فيعطى الأقل من نصيبه إذا قدر ذكرًا أو نصيبه إذا قدر أنثى، وإن كان لا يرث في أحد القديرين؛ لم يعط شيئا.
ومن العلماء من يرى أنه يعامل الخنثى ومن معه في الحالتين بالأضر، ويوقف الباقي إلى اتضاح حال الخنثى أو اصطلاح الورثة على اقتسامه.
ومن العلماء من يرى أن الخنثى المشكل يعطى نصف نصيب ذكر وأنثى إن ورث بهما متفاضلاً، وإن ورث بأحد التقديرين دون الآخر؛ فله نصف التقدير الذي يرث به، وهذا الحكم يعمل به سواء كان يرجى اتضاح حال الخنثى أو لايرجى
ومن العلماء من يرى التفصيل، فإن كان يرجى اتضاح حال الخنثى؛ عومل هو ومن معه بالأضر، فيعطى هو ومن معه المتيقن من ميراثه، ويوقف الباقي إلى اتضاح حله، وإن كان لا يرجى اتضاح حله؛ فإن الخنثى يعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى إن ورث بالتقديرين، وإن ورث بأحد التقديرين؛ أعطى نصف ما يستحقه به. والله تعالى أعلم.