الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في المحرمات في النكاح
المحرمات في النكاح قسمان:
القسم الأول: اللاتي يحرمن تحريما مؤبدًا.
وهن أربع عشرة: سبع يحرمن بالنسب، وسبع يحرمن بالسبب، وهن المذكورات في قوله تعالى:{وَلا تَنْكِحُوا} الآيتين.
أولاً: اللاتي يحرمن بالنسب، وبيانهن كما يلي:
الأم والجدة؛ لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} .
والبنت، وبنت الابن، وبنت البنت، وبنت الابن؛ لقوله تعالى:{وَبَنَاتُكُمْ} .
والأخت؛ شقيقة كانت، أو لأب أو لأم؛ لقوله تعالى:{وَأَخَوَاتُكُمْ} .
وبنت الأخت وبنت ابنها وبنت بنتها؛ لقوله تعالى: {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} .
وبنت الأخ وبنت الأخ وبنت ابنه؛ لقوله تعالى: {وَبَنَاتُ الأَخِ} .
والعمة والخالة؛ لقوله تعالى: {وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ} .
الملاعنة على الملاعن؛ لما روى الجوزجاني عن سهل بن سعد؛ قال: " مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا".
قال الموفق: " لا نعلم أحدًا قال بخلاف ذلك".
ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب من الأقسام السابقة؛ فكل امرأة حرمت بالنسب من الأقسام السابقة؛ حرم مثلها بالرضاع؛ كالأمهات والأخوات؛ لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَة} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، متفق عليه.
وتحرم بالعقد زوجة أبيه وزوجة جده؛ لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} .
وتحرم زوجة ابنه وإن نزل؛ لقوله تعالى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُم} .
وتحرم عليه أم زوجته وجداتها بمجرد العقد؛ لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} .
وتحرم بنت الزوجة وبنات أولادها إذا دخل بالأم؛ لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} .
هذا؛ ويناسب أن نقرأ الآية الكريمة متصلة بعد أن بينا ما ذكر فيها من أنواع المحرمات من النساء في النكاح؛ قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} .
القسم الثاني: ما كان تحريمه منهن مؤقتا.
وهو نوعان:
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع.
فيحرم الجمع بين الأختين؛ لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} ، وكذا يحرم الجمع بين المرأة وعمتها وبين
المرأة وخالتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجمعوا بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها"، متفق عليه، وقد بين صلى الله عليه وسلم الحكمة في ذلك حين قال صلى الله عليه وسلم:"إنكم إذا فعلتم ذلك؛ قطعتم أرحامكم"،وذلك لما يكون بين الضرائر من الغيرة، فإذا كانت إحداهما من أقارب الأخرى؛ حصلت القطيعة بينهما، فإذا طلقت المرأة وانتهت عدتها؛ حلت أختها وعمتها وخالتها؛ لانتفاء المحذور.
ولا يجوز أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة؛ لقوله تعالى: {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تحيه أكثر من أربع لما أسلم أن يفارق ما زاد عن أربع.
النوع الثاني: ما كان لعارض يزول.
فيحرم تزوج المعتدة من الغير؛ لقوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه} ، ومن الحكمة في ذلك أنه لا يؤمن أن تكون حاملاً، فيفضي ذلك إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب.
ويحرم تزوج الزانية إذا علم زناها حتى تتوب وتنقضي عدتها؛ لقوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} .
ويحرم على الرجل أن يتزوج من طلقها ثلاثا حتى يطأها زوج غيره بنكاح صحيح؛ لقوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} إلى قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} ؛ يعني: الثالثة؛ {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} .
ويحرم تزوج المحرمة حتى تحل من إحرامها.
وكذا لا يجوز للمحرم أن يعقد النكاح على امرأة وهو محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب"، رواه الجماعة إلا البخاري.
ولا يحل أن يتزوج كافر امرأة مسلمة؛ لقوله تعالى: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} .
ولا يتزوج المسلم امرأة كافرة؛ لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنّ} ، وقوله تعالى:{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} ؛ إلا الحرة الكتابية، فيجوز للمسلم أن يتزوجها؛ لقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ؛ يعني: حل لكم، وتكون هذه الآية مخصصة لعموم الآيتين السابقتين في تحريم نكاح الكافرات على المسلمين، وقد أجمع أهل العلم على ذلك.
ويحرم على الحر المسلم أن يتزوج الأمة المسلمة؛ لأن المسلمة؛ لأن ذلك يفضي إلى استرقاق أولادة منها؛ إلا إذا خاف على نفسه من الزنى، ولم يقدر على مهر الحرة أو ثمن الأمة، فيجوز له حينئذ تزوج الأمة المسلمة؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُم} .
ويحرم على العبد أن يتزوج سيدته للإجماع، ولأنه يتنافى كونها سيدته مع كونه زوجها؛ لأن لكل منهما أحكام.
ويحرم على السيد أن يتزوج مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح، ولا يجتمع عقد مع ما هو أضعف منه.
والوطء بملك اليمين حكمه حكم الوطء في العقد فيما سبق إلى أمد، فمن حرم وطؤها بعقد كالمعتدة والمحرمة والمطلقة ثلاثا؛ حرم وطؤها بملك اليمين؛ لأن العقد إذا حرم لكونه طريقا إلى الوطء؛ فلأن يحرم الوطء من باب أولى.