الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ} امشوا فيها؛ وهو أمر إباحة، لا أمر إلزام {وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ}
رزقه؛ بالسعي في مصالحكم، أو أريد بفضل الله: العلم
{انفَضُّواْ} تفرقوا من عندك، وعن الاستماع إلى نصحك {انفَضُّواْ} أي إلى التجارة أو اللهو {وَتَرَكُوكَ قَآئِماً} وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يخطب يوم الجمعة؛ فقدم دحية بن خليفة بتجارة من الشام؛ فقاموا إليه وتركوا النبي قائماً وحده؛ ولم يبق معه غير اثني عشر رجلاً من صحابته عليه الصلاة والسلام {قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ} من الأجر والثواب {خَيْرٌ} مما انصرفتم إليه {مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} لأن الصلاة: مرضات لله، والله جل شأنه يملك الدنيا والآخرة، ويملك خزائن الأرض والسموات. فإن شاء أبكاكم، وإن شاء أضحككم {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} وإن شاء أعطاكم، وإن شاء منعكم {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ} {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ولا رازق سواه أصلاً وإن قيل: فلان يرزق عياله؛ فقد أريد أنه يسعى عليهم من فضل الله
سورة المنافقون
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِذَا جَآءَكَ الْمُنَافِقُونَ} يا محمد {قَالُواْ} نفاقاً ورياء {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} شهد المنافقون بذلك أو لم يشهدوا {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} فيما يقولون
{اتَّخَذُواْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} أي اتخذوا شهادتهم للرسول بالرسالة: وقاية لهم من القتل والأسر (انظر آية 16 من سورة المجادلة){فَصَدُّواْ} منعوا الناس {عَن سَبِيلِ اللَّهِ} دينه القويم {إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} من نفاقهم وكذبهم. وقد لحقهم السوء - في حياتهم - بانكشاف سترهم، وانفضاح أمرهم، وسيلحقهم - بعد موتهم - فيما يلقونه من العذاب في قبورهم، وفي الجحيم بعد بعثهم
{ذَلِكَ} السوء الذي وقع منهم {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {آمَنُواّ} أي نطقوا بكلمة الشهادة؛ كسائر من يدخل في الإيمان
⦗ص: 688⦘
{ثُمَّ كَفَرُوا} ظهر كفرهم بما أبدوه من نفاقهم. أو قالوا كلمة الإيمان للمؤمنين {وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} غطى عليها؛ فلا تقبل الإيمان؛ بسبب نفاقهم، وكفرهم بعد إيمانهم. فالطبع على قلوبهم: كان عقوبة لهم؛ لأن كفرهم سابق على طبع الله تعالى وتغطيته على قلوبهم؛ و {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ}
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ} أي إذا رأيت هؤلاء المنافقين {تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} لأنهم أصحاء أقوياء {وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} لأنهم بلغاء فصحاء {كَأَنَّهُمْ} لخلوهم من الفائدة، وحرمانهم من النفع
{خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} لأنهم أجرام خالية من الإيمان {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} لأنهم جبناء {هُمُ الْعَدُوُّ} حقيقة {فَاحْذَرْهُمْ} لأنهم يشيعون الذعر في صفوف الجنود، أكثر مما يشيعه الأعداء المحاربون {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} لعنهم وطردهم من رحمته {أَنَّى يُؤْفَكُونَ} كيف يصرفون عن الحق مع وضوحه؟
{لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ} تكبراً {وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ} يعرضون {وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} عن الإيمان
{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ} للأغنياء {لَا تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ} من فقراء المؤمنين؛ الذين يمتون إليهم بالرحم والقرابات {حَتَّى يَنفَضُّواْ} يتفرقوا عن الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه {وَلِلَّهِ} وحده {خَزَآئِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} يعطي منها من شاء، ويمنع من شاء {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ} لعمى قلوبهم {لَا يَفْقَهُونَ} هذه الحقيقة البديهية؛ ومن غفلتهم أيضاً أنهم
{يَقُولُونَ لَئِن} من غزوة بني المصطلق {لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ} الأعظم، والأقوى؛ يعنون بذلك أنفسهم؛ لغناهم وتكبرهم {مِنْهَا} أي من المدينة {الأَذَلَّ} الأضعف. عنوا بذلك المؤمنين؛ لفقرهم وتواضعهم {وَلِلَّهِ} وحده {الْعِزَّةُ} الغلبة والقوة؛ يهبهما لمن شاء من عباده {وَلِرَسُولِهِ} أيضاً العزة؛ يضفيها على أتباعه {وَلِلْمُؤْمِنِينَ} وليست لكم؛ لأن العزة لا تكون إلالله وبالله؛ وأنتم عنه بعداء