الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} جماعات، أو فرقاً شتى. أصلها عزة؛ وهي الفرقة. قائلين استهزاء بالمؤمنين: لئن دخل هؤلاء الجنة؛ لندخلنها قبلهم، فنحن أحق بها منهم؛ لنسبنا وغنانا. قال تعالى رداً عليهم
{أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلَاّ} لن يدخلها أحد منهم، ولن يشم ريحها
{إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ} أي من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة؛ فليس لهم فضل على غيرهم يستوجبون به الجنة؛ إنما الفضل بالأعمال والتقوى. فمن اتقى دخل الجنة، ومن عصى دخل النار
{فَلَا أُقْسِمُ} أي أقسم {بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} مشارق الشمس والقمر وسائر الكواكب، ومغاربها. وسر القسم بها: لفت النظر لعظمها وعظمة خالقها وموجدها، وتمهيد لذكر قدرته تعالى على كل شيء {إِنَّا لَقَادِرُونَ *
عَلَى أَن} نهلكهم، و {نُّبَدِّلَ} خلقاً آخر {خَيْراً مِّنْهُمْ} إيماناً وتصديقاً وطاعة {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} بعاجزين عن أن نفعل ذلك، أو «بمسبوقين» إلى هذا الخلق والتبديل؛ بأن سبقنا أحد إليه
{فَذَرْهُمْ} دعهم في كفرهم وباطلهم {حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ} يوم القيامة {الَّذِي يُوعَدُونَ} فيه بالعذاب {الَّذِي يُوعَدُونَ} للبعث
{مِنَ الأَجْدَاثِ} القبور {سِرَاعاً} مسرعين {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ} النصب: هو كل ما نصب، وعبد من دون الله تعالى {يُوفِضُونَ} يسرعون
{تَرْهَقُهُمْ} تغشاهم.
سورة نوح
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ} بالعذاب الموعود على التكذيب. ونوح: هو أبو البشر الثاني، ومن أولي العزم. وأبناؤه: سام، وحام، ويافث.
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ} إلى معرفتك {لِتَغْفِرَ لَهُمْ} ذنوبهم السابقة {جَعَلُواْ} وضعوا {أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} ليحولوا بين استماعها لعظاتي وكلامي {وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ} تغطوا بها، ليحجبوا بصرهم عن رؤيتي {وَأَصَرُّواْ} على كفرهم {وَاسْتَكْبَرُواْ} عن الإيمان
{ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ} بأعلى صوتي، وصحت فيهم مجتمعين بالذي أمرتني به {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً} حاولت نصحهم في السر فرادى؛ فقد يكون ذلك أدعى لاقتناعهم
{وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ} بساتين في الدنيا {وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} جارية: تسقون منها وتستقون. أو أريد بذلك جنات القيامة، وما فيها من أنهار ونعيم مقيم
{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} خلقكم أولاً نطفاً، ثم علقاً، ثم مضغاً، ثم عظاماً ولحماً، ثم إنساناً كاملاً، ناطقاً، سميعاً بصيراً
{سُبُلاً فِجَاجاً} طرقاً واسعة، أو طرقاً مختلفة
{قَالَ نُوحٌ} عندما رأى إصرار قومه على الكفر، وعزوفهم عن الإيمان، وتمسكهم بعبادة الأصنام {رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} واستهانوا برسالتي وشريعتك {وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَاّ خَسَاراً} إلا طغياناً وكفراً؛ وهم الأغنياء
{وَقَالُواْ} أي قال السادة والأغنياء؛ للضعفاء والفقراء {لَا تَذَرُنَّ} لا تتركن {آلِهَتَكُمْ} التي تعبدونها {وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} هي أسماء أصنام كانوا يعبدونها؛ وكان «وداً» على صورة رجل، و «سواعاً» على صورة امرأة «ويغوث» على صورة أسد و «يعوق» على صورة فرس و «نسراً» على صورة نسر. لعنهم الله تعالى أنى يؤفكون {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ}
الكافرين {إِلَاّ ضَلَالاً} على ضلالهم. وقد طلب لهم العقوبة من جنس أعمالهم؛ لأنهم
{مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً} أي بسبب خطاياهم أغرقوا بالطوفان، وأدخلوا النيران
{رَّبِّ لَا تَذَرْ} لا تترك {عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} الديار: كل من يسكن الديار، أو هو كل من يدور: أي يمشي على وجه الأرض
{إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ} إن تتركهم بلا تعذيب، ولا إهلاك {يُضِلُّواْ عِبَادَكَ} بصرفهم عن الإيمان، وبتعذيبهم. يقال: أضله: إذا أضاعه وأهلكه {وَلَا يَلِدُواْ إِلَاّ فَاجِراً كَفَّاراً} رب قائل يقول: ومن أين لنوح أن يقطع بأن قومه لا يلدوا إلا فاجراً كفاراً؟ والجواب على ذلك: أنه علم ذلك من قوله تعالى: {أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَاّ مَن قَدْ آمَنَ}