المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ - أوضح التفاسير - جـ ١

[محمد عبد اللطيف الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌4

- ‌سورة آل عمران

- ‌ 1

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌2

- ‌33

- ‌سورة الأنعام

- ‌ 1

- ‌59

- ‌سورة الأعراف

- ‌ 1

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌ 1

- ‌سورة هود

- ‌ 32

- ‌سورة يوسف

- ‌ 1

- ‌سورة الرعد

- ‌ 1

- ‌8

- ‌سورة إبراهيم

- ‌ 1

- ‌سورة الحجر

- ‌ 1

- ‌سورة النحل

- ‌32

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌ 1

- ‌سورة طه

- ‌8

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌41

- ‌سورة النور

- ‌2

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌ 1

- ‌سورة النمل

- ‌ 1

- ‌8

- ‌65

- ‌سورة القصص

- ‌ 1

- ‌80

- ‌سورة العنكبوت

- ‌ 1

- ‌سورة الروم

- ‌ 1

- ‌سورة لقمان

- ‌ 1

- ‌سورة السجدة

- ‌ 1

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبإ

- ‌5

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌ 1

- ‌سورة الزمر

- ‌5

- ‌سورة غافر

- ‌7

- ‌سورة فصلت

- ‌ 1

- ‌5

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌ 1

- ‌سورة الدخان

- ‌ 1

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌7

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌6

- ‌سورة المجادلة

- ‌6

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌6

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌9

- ‌سورة الطلاق

- ‌7

- ‌سورة التحريم

- ‌5

- ‌6

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌4

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النبإ

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة الليل

- ‌سورة الضحى

- ‌7

- ‌سورة الشرح

- ‌سورة التين

- ‌5

- ‌سورة العلق

- ‌5

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البينة

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌7

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌3

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النصر

- ‌سورة المسد

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

الفصل: أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ

أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَءِلَهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} يشركون ب الله تعالى غيره ممن خلق، ويجعلونه له عدلاً. والعدل: المثل والنظير {قَرَاراً} للاستقرار عليها؛ ولا تميد بأهلها {خِلَالَهَآ} فيما بينها {رَوَاسِيَ} جبالاً {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً} بين العذب والملح: لا يختلط أحدهما بالآخر. والحجز: المنع {وَيَكْشِفُ السُّوءَ} الضر، أو الجور {وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ الأَرْضِ} أي سكانها؛ يخلف بعضكم بعضاً فيها {بُشْرًى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي للبشارة قدام المطر. وسمي المطر رحمة: لأنه سبب في حياة سائر الحيوان والنبات

ص: 464

{أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ} من غير مثال سبق {ثُمَّ يُعيدُهُ} يوم القيامة؛ بلا تعب ولا نصب {وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ} بالمطر من {الأَرْضِ} بالنبات {مَّعَ اللهِ بَلْ} فإن زعموا - بعد أن سقت لهم هذه الآيات البينات - أن هناك إلهاً مع الله {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} حجتكم

ص: 464

{قُل لَاّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَاّ اللَّهُ} أي لا يعلم أحد ممن فيهما الغيب الذي انفرد الله تعالى بعلمه إلا هو. قيل: نزلت حين سأل المشركون الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عن وقت القيامة

⦗4‌

‌65

{وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} متى يبعثون من قبورهم. وقيل: نزلت في سائر الغيوب. ويؤخذ من هذه الآية أن في السموات سكاناً عقلاء؛ لأن «من» لمن يعقل، و «ما» لما لا يعقل. والآية دليل قاطع على نفي علم الغيب عن سائر المخلوقات؛ حتى سكان السموات ومن عجب أن نرى من بيننا من يدعي علم الماضي والحاضر والمستقبل والأعجب أن نرى من يصدقه في هذا الافتراء والزور والبهتان ومن ذهب إلى منجم أو عراف: فقد جحد بهذه الآية؛ بل كذب بالرسالة قال: «من ذهب إلى عراف ذهب ثلثا دينه» وفي حديث آخر «فقد كفر بما أنزل على محمد» وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: «من قال إن محمداً يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية؛ والله تعالى يقول: {قُل لَاّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَاّ اللَّهُ} .

هذا وقد اعتاد كثير من الناس التردد على بعض العرافين وأرباب التنويم والتنجيم؛ وكثير من هؤلاء يزعم علم الغيب ومعرفته؛ ويقدم لك دليلاً على صدقه: إنباءك بما في يدك - مما يقع عليه بصرك، ويدركه علمك - وهذا ليس من الغيب في شيء؛ بل يدخل تحت قراءة الأفكار. وقد جيء للحجاج بأحد العرافين؛ فأمسك الحجاج في يده حصيات - بعد أن علم عددها - وقال للعراف: كم في يدي؟ فذكره العراف ولم يخطىء. فأمسك الحجاج بحصيات أخر - لم يعدهن - وسأله عن عددها؛ فأخطأ. فسأله عن السبب؟ فقال: إن الأولى قد أحصيتها أنت وعلمتها فخرجت عن حد الغيب، والأخرى لم تحصها فكانت غيباً و {لَاّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَاّ اللَّهُ}

ص: 464

{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ} أي تدارك وتكامل علمهم بها؛ لوصول الرسل والنذر إليهم، وتحقق الموعود به. وقيل: المعنى: بل جهلوا علمها، ولا علم عندهم من أمرها {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا} أي من وقوعها {بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ} عمي قلب وبصيرة

ص: 465

{أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ} من قبورنا أحياء

ص: 465

{لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ} على لسانك وعد {آبَآؤُنَا} على لسان من سبقك من الرسل {إِنْ هَذَآ} ما هذا الذي تقوله من أمر البعث والحساب والجزاء {إِلَاّ أَسَاطِيرُ} أكاذيب

ص: 465

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} بالعذاب، أو بالقيامة {رَدِفَ لَكُم} قرب منكم

ص: 465

{بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} وقد جاءهم بعض العذاب الموعود يوم بدر، وباقيه سيأتيهم في قبورهم، ويوم القيامة عند بعثهم

ص: 465

{مَا تُكِنُّ} تخفى

ص: 465

{وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ} تغيب عن علمنا، وعن تصورنا {إِلَاّ فِي كِتَابٍ} مكتوب؛ بمعنى أنه مقضي بها، ومعلوم لدى ربك أمرها

ص: 465

ص: 466

{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ} لما كانوا لا يعون ما يستمعون: شبهوا بالموتى؛ لأن حالهم كحالهم، وشبهوا أيضاً بالصم والعمي؛ لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون من الحق، ولا بما يرون من الآيات

ص: 466

{وَمَآ أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ} ما تسمع سماع قبول وتفهم {إِلَاّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} القرآن {فَهُم مُّسْلِمُونَ} مخلصون؛ لأنهم فتحوا أسماعهم لسماع القرآن، وقلوبهم لفهمه

ص: 466

{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم} أي وقع الغضب، وحق العذاب: وقتئذٍ لا تقبل توبتهم، ولا يفيد استغفارهم. وقد أجمع أهل العلم على أن وقوع القول - المعني في هذه الآية - لا يكون إلا عند انعدام الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} كلاماً مفهوماً؛ وحينئذٍ لا يقبل استغفار مستغفر، ولا إيمان طالب. قال:«ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض» وقيل «تكلمهم» أي تجرحهم؛ تؤيده قراءة ابن عباس، والحسن، وغيرهما «تكلمهم» من الكلم؛ وهو الجرح.

وقد اختلفوا في هيئة الدابة، وصفتها، ووقت طلوعها، ومن أين تطلع؛ وتكلموا كلاماً أغرب من الخيال، وأشبه بالمحال؛ ولا حاجة بنا إلى إيراده لأنه بالأساطير أشبه. وقد قيل: إنها فصيل ناقة صالح. وقيل: إنها دابة لها لحية طويلة. وقيل: إنها إنسان كامل عاقل؛ يكلم الناس بالقول الصحيح، والكلام الفصيح، والمنطق البليغ، والحجة القاطعة. وتطلع الدابة - كيفما كان شكلها وصفتها - قبيل القيامة. وقيل: إنها تخرج من مكة؛ فلا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب: فتمسح على جبين المؤمن؛ فيصير وضيئاً منيراً، وتخطم الكافر والمنافق؛ فيكون وجهه كالحاً مسوداً وسئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هل «تكلمهم» أو «تكلمهم» ؟ فقال: هي والله تكلمهم، وتكلمهم: تكلم المؤمن، وتكلم الكافر والفاجر؛ وتقول لهم:{أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} وعلى قراءة الفتح يكون المعنى «بأن الناس» وبها قرأ ابن مسعود

ص: 466

{فَوْجاً} جماعة {يُوزَعُونَ} يحبس أولهم على آخرهم؛ حتى يجتمعوا؛ ثم يساقون إلى موضع الحساب

ص: 466

{وَوَقَعَ الْقَوْلُ} حق العذاب

ص: 466

{أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ} من السكون. وهو الهدوء، والراحة، والطمأنينة {وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} مضيئاً؛ يبصر فيه الإنسان كل شيء، ويتقن كل مصنوع

⦗ص: 467⦘

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ} لعظات وعبر

ص: 466

{وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ} وهو القرن: ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، بأمر ربه تعالى {إِلَاّ مَن شَآءَ اللَّهُ} ألا يفزعه. وهم الشهداء: لأنهم {أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} والفزع إنما يصل إلى من حيي، والأنبياء: لأن لهم الشهادة مع النبوة. وقيل: هم الملائكة. ويدخل من جملة هؤلاء: المؤمنون الذين عناهم الله تعالى بقوله: {وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} صاغرين منقادين

ص: 467

{جَامِدَةً} واقفة لا تتحرك {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} فانظر - يا رعاك الله - إلى النملة في صغر جثتها، ولطافة هيئتها: لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر ولو تأملت ما في بطنها من مجاري أكلها، ومسالك أمعائها، وما في رأسها من أعين وآذان، وأداة ذوق وشم ولمس. لو تأملت ذلك لقضيت من خلقها عجباً، ولقيت من وصفها تعباً وهي مع هذا الضعف والصغر: تفكر في رزقها، وتنقل الحبة إلى جحرها، وتجمع في رخائها لشدتها، وفي حرها لبردها

وانظر أيضاً إلى النحلة في دقة خلقتها، وجمال صنعتها، وعظم منفعتها: تأكل من ثمار الأشجار، وورق النبات والأزهار، وتخرج لنا رحيقاً مختوماً بخاتم الكمال، من صنع ذي الجلال ومنه نتخذ غذاء لذيذاً، وشراباً صافياً، ودواء شافياً. كل ذلك بتقدير العزيز الرحيم، وتدبير الحكيم العليم {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}

ص: 467

{مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ} من الثواب الجزيل، والأجر الجميل {خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} وبذلك يسلم المؤمنون المحسنون من أهوال القيامة، وينجون من الفزع الأكبر، ويكونون من المستثنين، بقول أصدق القائلين {فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلَاّ مَن شَآءَ اللَّهُ}

ص: 467

{فَكُبَّتْ} ألقيت

ص: 467

{هَذِهِ الْبَلْدَةِ} مكة شرفها الله تعالى {حَرَّمَهَا} جعلها حرماً آمناً

ص: 467

{سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} في أنفسكم، وفي غيركم، و «في الآفاق» {فَتَعْرِفُونَهَا} تعلمونها علم اليقين {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} .

ص: 467