الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{كَلَاّ} ردع عن أكل التراث، وعن حب المال؛ فماذا يفيد أكل حقوق الغير؛ عند دخول القبر؟ وماذا يجدي حب المال؛ عند المآل؟ وماذا يفيد النعيم الزائل؛ عند العذاب الدائم؟ ماذا يفيد كل هذا {إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً} أي تزلزلت زلزالاً شديداً متتابعاً، وتهدمت؛ عند قيام الساعة
{وَجَآءَ رَبُّكَ} أي جاء أمره وقضاؤه، وظهرت آيات عظمته وقدرته جاء {وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} أي وجاءت الملائكة صفوفاً صفوفاً؛ متتابعة: كما يصطف جنود الملك وحراسه: انتظاراً لأمره
{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ} ما قدم وأخر؛ ويعلم أنه مؤاخذ على ما أكل من حق، وما حفظ من مال، وما بخل به من طعام {} أي ومن أين يكون له الذكرى؟ وماذا يجدي التذكر؟ وماذا تفيد التوبة؛ وقد فات أوانهما؟ و
{يَقُولُ} حينئذٍ {يلَيْتَنِي قَدَّمْتُ} في الدنيا عملاً صالحاً ينفعني {لِحَيَاتِي} الباقية الدائمة: حياة الخلود
{فَيَوْمَئِذٍ لَاّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} هو كناية عن هول عذاب الله تعالى، وشدة وثاقه
{يأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} الآمنة.
يقال ذلك للمؤمنين: عند الموت، أو عند البعث، أو عند دخول الجنة
{ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} إلى رحمته، ورضوانه، ونعيمه الوافر {رَاضِيَةً} عن الله تعالى بما آتاك من نعيم مقيم {مَّرْضِيَّةً} عنده؛ بما عملت من صالح الأعمال
{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} أي في زمرة عبادي الصالحين. وقيل: الخطاب لروح المؤمن؛ يؤيده قراءة من قرأ «فادخلي في عبدي» أي في جسد عبدي
{وَادْخُلِي جَنَّتِي} مع الداخلين، من عبادي المؤمنين
سورة البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
{لَا أُقْسِمُ} أي أقسم {بِهَذَا الْبَلَدِ} أقسم تعالى بالبلد الحرام؛ وهو مكة شرفها الله تعالى
{وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} ساكن بها. أو «حل» بمعنى حلال لك ما فيها: لك أن تقتل من ترى قتله، وتأسر من ترى أسره، وتعذب من ترى تعذيبه، وتعفو عمن ترى العفو عنه؛ ليس عليك من شيء في هذا.
⦗ص: 750⦘
وكان ذلك يوم دخوله مكة - وقد أمر يومئذٍ بقتل ابن خطل؛ وهو آخذ بأستار الكعبة؛ وكان من ألد الأعداء للإسلام والمسلمين - ولم تحل مكة لأحد بعد رسولالله.
أو المراد بقوله جل شأنه: {لَا أُقْسِمُ} نفي القسم؛ أي {لَا أُقْسِمُ} بها «وأنت حل» بها؛ أي حلال. وذلك أن أهل مكة استحلوا إذاية الرسول عليه الصلاة والسلام، وإخراجه منها
{لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} في مشقة ومكابدة: فالفقير - في هذه الحياة الدنيا - يكابد من آلامها وهمومها ما يكابد في سبيل نيل قوته، وإدراك عيشه. والغني يكابد فيها أيضاً في سبيل المحافظة على ماله، والخوف على حياته. هذا غير ابتلاء الأغنياء بالمرض، والأصحاء بالفقر؛ وبذلك لا يكون على ظهر الأرض إنسان لم ينل حظه من الامتحان والابتلاء، والمكابدة
{يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً} كثيراً مجتمعاً. يقول ذلك على سبيل الفخر والرياء، وهو على عادة الجاهلية؛ من ادعاء الكرم والتظاهر به. وقيل: يفتخر بإهلاك ماله في سبيل عداوة محمد والمؤمنين
{أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} حين كان ينفق هذا المال في غير مواضعه، وأن الله تعالى لا يحاسبه عليه، ولا يجازيه عنه
{وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} ينطق بهما
{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} أوضحنا له طريق الخير، وطريق الشر (انظر آية 176 من سورة الأعراف)
{فَلَا اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ} أي فهلا شكر تلك النعم الجليلة؛ بأن عمل الأعمال الصالحة: مثل الإعتاق، والإطعام، وغير ذلك
{فَكُّ رَقَبَةٍ} إعتاق رقبة (انظر آيتي 177 من سورة البقرة و92 من سورة النساء)
{مَسْغَبَةٍ} مجاعة
{وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} أوصى بعضهم بعضاً بالصبر على المصائب، والشدائد، ونوائب الدهر، ويتواصوا أيضاً بالصبر على طاعة الله تعالى، وعن محارمه {وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ} بالتراحم فيما بينهم
{أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} أولئك هم السعداء يوم القيامة وهي من اليمين، أو من اليمين: بمعنى البركة
{أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} وهم الأشقياء يوم القيامة. وهي من الشمال، أو من الشؤم