الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{النَّجْمُ الثَّاقِبُ} الذي يثقب الظلام بضوئه
{إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} أي ما كل نفس إلا عليها حافظ - من قبل الله تعالى - يحفظ عملها، ويحصي عليها ما تكسب من خير أو شر؛ كما في قوله تعالى:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} وقوله تعالى: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} أو أريد بالحافظ: الله تعالى {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
{فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ} نظر تدبر واستبصار {مِمَّ خُلِقَ} من أي شيء خلق؟ فعلام التكبر، وحتام التجبر؟
{خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} وهو المني؛ لأن الله تعالى جلت قدرته جعله يتدفق من الرجل بقوة؛ ليصل إلى بوق الرحم
{يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ} الصلب: فقار الظهر؛ وهو ما تعبر عنه العامة بسلسلة الظهر. والترائب: عظام الصدر. والجنين يتخلق من صلب الرجل، وترائب المرأة. وهناك رأي يقول بأنه يتخلق من صلب الرجل وترائبه أيضاً
{إِنَّهُ} تعالى؛ وقد خلق المني، والصلب، والترائب، والرجل والمرأة {عَلَى رَجْعِهِ} على إعادة الإنسان، وبعثه، وجعله كما كان {لَقَادِرٌ} يوم القيامة
{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِرُ} تكشف سرائر بني آدم، ويعرف ما بها من العقائد والنيات. أما الأعمال: فهي مدونة مكتوبة
{وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} أي ذات النبات؛ لأنه يصدع الأرض، أي يشقها. أقسم تعالى بالسماء التي تفيض عليكم بمائها، وبالأرض التي تقيم معاشكم بنباتها. وجواب القسم
{وَمَآ} ما هو باللعب والباطل؛ بل هو جد كله؛ فجدير بقارئه وسامعه أن يتعظ به، ويفكر فيه، ويتدبر في معانيه
{وَأَكِيدُ كَيْداً} أي وأجازيهم على كيدهم هذا بكيد مثله. وأين كيدهم من كيدي؟
{فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} أي لا تستعجل هلاكهم ومؤاخذتهم؛ وأمهلهم قليلاً. وهذا منتهى الوعيد
سورة الأعلى
بسم الله الرحمن الرحيم
{الَّذِي خَلَقَ} سائر المخلوقات {فَسَوَّى} ما خلقه،
⦗ص: 745⦘
وأخرجه على أحسن نظام يصلح له، وفي خير حالة أعد لها
{وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} أي الذي «قدر» في كل شيء من المزايا والخواص: ما تعجز عن إدراكه الأفهام، وهدى الإنسان لوجه الانتفاع بما فيه
فلو تأملت ما في النبات من الخواص، وما في المعادن من المزايا؛ وكيف اهتدى الإنسان للانتفاع بها، وكيف استطاع أن يستنبط من الحيوان والنبات: مادة لغذائه؛ ومما تخرجه الأرض: مادة لدوائه، ومما في باطنها من المعادن والفلزات: مادة لحياته؛ فلولا ما وفق إليه من تحويل الحديد إلى أسلحة وأدوات؛ لما استطاع أن يبني الدور، أو يشيد القصور، أو ينشىء المصانع، ويصنع المدافع، ويبني الأساطيل الجوية والبحرية؛ التي يحمي بها الذمار، ويذود بها عن الديار إنك لو تأملت جميع ذلك بعين التفكر والاستبصار؛ لعلمت أنه لولا تقديره تعالى لخليقته، وهدايته لبريته: لكنا نهيم في دياجير الظلام، كسائر الأنعام
{فَجَعَلَهُ غُثَآءً} أي هشيماً يابساً {أَحْوَى} أسود. ولا يخفى ما في المرعى من المنفعة؛ بعد صيرورته هشيماً يابساً؛ فإنه يكون طعاماً هشاً، نافعاً لكثير من الحيوانات؛ مسمن لها، مدر لألبانها. فسبحان من أحكم كل شيء، و {قَدَّرَ فَهَدَى}
{سَنُقْرِئُكَ} يا محمد {فَلَا تَنسَى} أي سننزل عليك كتاباً تقرؤه على أمتك، ولا تنسى منه شيئاً {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}
{إِلَاّ مَا شَآءَ اللَّهُ} نسخه من القرآن؛ فإنه ينسيك إياه؛ كقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا}
{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} أي نهديك ونوفقك للشريعة السمحة؛ التي يسهل على النفوس قبولها، وعلى العقول فهمها
{فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} أي عظ الناس؛ حيث تنفع العظة. وقيل: العظة واجبة؛ نفعت أو لم تنفع. وهو قول باطل؛ لأنه من الحمق والخرق أن تعظ أقواماً وأنت على تمام اليقين من أنهم لن يقبلونها. وإنما يجب التذكير: إذا كان فيهم من يقبلها، ومنهم من يرفضها؛ ويؤيده ما بعده
{وَيَتَجَنَّبُهَا} يرفضها ولا يسمعها، وإن سمعها لا يعمل بها {الأَشْقَى} الكافر؛ الذي هو أشقى المخلوقات؛ بما سينزل عليه من العذاب والبلاء
{ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا} كما مات في الدنيا واستراح {وَلَا يَحْيَا} أي ولا تتوفر لها أسباب الحياة؛ لأن من دأب النار الإماتة والإفناء؛ بمعنى أنه لا يحيا حياة طيبة من غير الإحتراق، الذي هو من أسباب الموت
{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ} بقلبه ولسانه
⦗ص: 746⦘
{فَصَلَّى} الصلاة المكتوبة؛ أو بمعنى: فرحم الفقير؛ لأن من معاني الصلاة: الرحمة {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} أي يرحمكم