الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المعارج
بسم الله الرحمن الرحيم
{سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} هو النضربن الحارث؛ حيث قال مستهزئاً «اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم»
{مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} السماوات التي تعرج منها وإليها الملائكة، أو هي المصاعد التي تصعد بها الملائكة لتلقي أوامر ربها
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} أي تصعد الملائكة وأرواح الخلائق، أو «الروح» جبريل عليه السلام {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} هو بيان لغاية ارتفاع تلك المعارج؛ على منهاج التمثيل والتخييل؛ أي إنهم يصعدون في اليوم الواحد: ما لا يستطاع بلوغه في خمسين ألف سنة. أو هو يوم القيامة يراه الكافر - لكثرة عذابه وشدة بلائه - كخمسين ألف سنة
{فَاصْبِرْ} يا محمد على أذى قومك {صَبْراً جَمِيلاً} لا جزع فيه، ولا تضجر منه
{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ} أي يوم القيامة {بَعِيداً} أي مستحيلاً
{وَنَرَاهُ قَرِيباً} واقعاً لا محالة
{وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً} أي لا يطلب صاحب من صاحبه شيئاً؛ وإن طلب فلا يجاب؛ لانشغال كل واحد بما هو فيه. والحميم: القريب والصديق
{يُبَصَّرُونَهُمْ} أي يبصر القريب قريبه، والصديق صديقه، لكنه لا يستطيع أن يسأله شفاعة أو أمراً من الأمور {لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}
{وَصَاحِبَتِهِ} زوجته
{وَفَصِيلَتِهِ} عشيرته {الَّتِي تُؤْوِيهِ} تضمه وتكلؤه
{ثُمَّ يُنجِيهِ} ذلك الافتداء
{كَلَاّ} لن يكون شيء مما أراده
⦗ص: 709⦘
{إِنَّهَا لَظَى} لظى: علم للنار؛ من اللظى: وهو اللهب
{نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى} والشوى: جلدة الرأس؛ تحترق وتعود ثانية. وخصها بالذكر لأنها أشد الجسم حساسية وتأثراً بالنار
{تَدْعُو} أي تنادى النار وتأخذ {مَنْ أَدْبَرَ} عن سماع القرآن {وَتَوَلَّى} عن الإيمان
{وَجَمَعَ} المال {فَأَوْعَى} أمسكه فلم ينفق منه حيث أمره الله تعالى. أو «فأوعى» أي جعله محفوظاً في وعائه؛ فلم يخرج منه شيئاً. أو هو من الوعي؛ أي جمعه وحفظه. ومن عجب أن يجمع الإنسان خشية العدم؛ وهو في نفس الوقت يسلم نفسه للعدم. قال الشاعر:
ومن ينفق الساعات في جمع ماله
مخافة فقر فالذي فعل الفقر
{إِلَاّ الْمُصَلِّينَ} المؤمنين؛ فإنهم بخلاف ذلك: لا يجزعون بل يصبرون، ولا يمنعون بل ينفقون
{الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ} المقصود بالدوام هنا: الذي لا يتخلله انقطاع. جعلنا الله تعالى ممن يداوم على طاعته، ويحافظ على مرضاته
{إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} لا يأمنه العاصي، ولا الطائع. جاء في الحديث الشريف، عن الصادق المصدوق؛ صلوات الله تعالى وسلامه عليه «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب: فيعمل بعمل أهل النار: فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب: فيعمل بعمل أهل الجنة: فيدخلها».
فلا بد للمؤمن أن يكون في خشية دائمة من ربه، وهذه الخشية يجب أن تكون مصحوبة بالحب والأمل، فإنه جل شأنه عند ظن عبده به:
إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر
{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذَلِكَ} طلب غير الذي أحله الله تعالى {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} المعتدون على حرماته. (انظر آية 7 من سورة المؤمنون)
{وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ} قال تعالى: {وَلَا تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} وقال جل شأنه: {وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} وقال عز من قائل: {كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}