الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: الذبح والنذر الركوع والسجود والطواف
العبادة حق لله وحده لا شريك له سواء كانت ذبحاً أو نذراً أو سجوداً أو ركوعاً أو طوافاً ونحوها، فإن من جعل شيئاً منها لمخلوق كائناً من كان فقد أشرك بالله تعالى في عبادته، واتخذ مع الله أنداداً.
وبيان ذلك أن الذبح أو النذر لغير الله تعالى شرك بالله تعالى، لأنهما عبادتان يجب صرفهما لله تعالى وحده، فمن صرفهما لغيره فقد أشرك، كما أن هؤلاء الذين ينحرون أو ينذرون لغير الله تعالى سواء كان للأموات، أو للجن، أو للملائكة عليهم السلام، أو لطلعة سلطان ونحوها، إنما يفعلون ذلك عن اعتقاد باطل، فيعتقدون أنها تجلب النفع أو تدفع الضر، ومنهم من يقدم تلك النحائر والنذور إلى هذه المعبودات من أجل أن تقربهم عند الله زلفى
…
يقول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة: 3].
يقول ابن عطية في تفسير قوله تعالى: - وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ: (يعني ما ذبح لغير الله تعالى، وقصد به صنم أو بشر من الناس كما كانت العرب تفعل، وكذلك النصارى، وعادة الذابح أن يسمي مقصوده ويصيح به، فذلك إهلاله)(1).
ويقول ابن تيمية: - (قوله تعالى: - وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ [المائدة:3] ، ظاهره أنه ما ذبح لغير الله تعالى، مثل أن يقال هذا ذبيحة لكذا، وإذا كان هذا هو المقصود، فسواء لفظ به أو لم يلفظ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه للحم وقال فيه: باسم المسيح ونحوه، كما أن ما ذبحناه نحن، متقربين به إلى الله سبحانه، كان أزكى وأعظم مما ذبحناه للحم وقلنا عليه باسم الله، فإن عبادة الله سبحانه بالصلاة له والنسك له، أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور، فإذا حرم ما قيل فيه باسم المسيح أو الزهرة، فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح والزهرة أو قصد به ذلك أولى، وهذا يبين لك ضعف قول من حرم ما ذبح باسم غير الله، ولم يحرم ما ذبح لغير الله، كما قاله طائفة من أصحابنا وغيرهم، بل لو قيل بالعكس لكان أوجه، فإن العبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله وعلى هذا فلو ذبح لغير الله متقرباً به إليه لحرم، وإن قال فيه باسم الله، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة الذين قد يتقربون إلى الكواكب، بالذبح والبخور ونحو ذلك، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان)(2).
ويقول ابن كثير: (وقوله تعالى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ قال مجاهد وابن جريج: كانت النصب حجارة حول الكعبة، قال ابن جريج: - وهي ثلاثمائة وستون نصباً
…
فنهى الله المؤمنين عن هذا الصنيع، وحرم عليهم أكل هذه الذبائح التي فعلت عند النصب، حتى ولو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح عند النصب، فهو من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، وينبغي أن يحمل هذا على هذا) (3).
(1)((تفسير ابن عطية)) (5/ 21).
(2)
((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/ 563).
(3)
((تفسير ابن كثير)) (2/ 12) باختصار.
ويقول الشوكاني: (قوله تعالى: ذَلِكُمْ فِسْقٌ إشارة إلى الاستقسام بالأزلام، أو إلى جميع المحرمات المذكورة هنا، والفسق الخروج عن الحد، وفي هذا وعيد شديد؛ لأن الفسق هو أشد الكفر، لا ما وقع عليه اصطلاح قوم من أنه منزلة متوسطة بين الإيمان والكفر)(1).
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي شيئاً يكتمه الناس، غير أنه قد حدثني بكلمات أربع، فقيل: ما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثاُ، ولعن الله من غير منار الأرض)) (2).
ومما يبين لك أن هؤلاء الذين ينذرون أو يذبحون لغير الله تعالى، إنما هو عن اعتقاد بأنها تجلب النفع أو تدفع الضر، ما يرى من أحوالهم وأوضاعهم، وقد بين العلماء ذلك في كتبهم، فهذا الصنعاني يوضح هذا الأمر فيقول – مناقشاً شبهات من يذبح لغير الله -:(فإن قال إنما نحرت لله، وذكرت اسم الله عليه، فقل: إن كان النحر لله فلأي شيء قربت ما تنحره من باب مشهد من تفضله وتعتقد فيه؟ هل أردت بذلك تعظيمه؟ إن قال: نعم، فقل له: هذا النحر لغير الله تعالى، بل أشركت مع الله تعالى غيره، وإن لم ترد تعظيمه، فهل أردت توسيخ باب المشهد وتنجيس الداخلين؟ إليه أنت تعلم يقيناً أنك ما أردت ذلك أصلاً، ولا أردت إلا الأول، ولا خرجت من بيتك إلا قصداً له)(3).
ويقول أيضاً – مبيناً حكم هذه النذور والنحائر -: (فإن قلت هذه النذور والنحائر ما حكمها؟ قلت: قد علم كل عاقل أن الأموال عزيزة عند أهلها، يسعون في جمعها، ولو بارتكاب كل معصية، ويقطعون الفيافي من أدنى الأرض والأقاصي، فلا يبذل أحد من ماله شيئاً إلا معتقداً لجلب نفع أكثر منه، أو دفع ضرر، فالناذر للقبر ما أخرج ماله إلا لذلك، وهذا اعتقاد باطل، ولو عرف الناذر بطلان ما أراده، ما أخرج درهماً)(4).
(1)((فتح القدير)) (2/ 10) وانظر ((فتح القدير)) (1/ 57) و ((إيثار الحق على الخلق)) لابن الوزير (ص: 451).
(2)
رواه مسلم (1978).
(3)
((تطهير الاعتقاد)) (ص: 33).
(4)
((تطهير الاعتقاد)) (ص: 33)، وانظر ((سبل السلام)) (4/ 225) للصنعاني.
وكذلك الشوكاني يقرر أن هذه الأعمال الشركية صادرة عن الباطن، وأن أصحابها يعتقدون فيها النفع والضر، فيقول:(وكذلك النحر للأموات عبادة لهم، والنذر لهم بجزء من المال عبادة لهم، والتعظيم عبادة لهم، كما أن النحر للنسك وإخراج صدقة المال، والخضوع والاستكانة عبادة لله عز وجل بلا خلاف، ومن زعم أن ثم فرقاً بين الأمرين فليهده إلينا، ومن قال إنه لم يقصد بدعاء الأموات والنحر لهم والنذر لهم عبادتهم، فقل له: فلأي مقتضى صنعت هذا الصنع؟ فإن دعاءك للميت عند نزول أمر ربك لا يكون إلا لشيء في قلبك عبر عنه لسانك، فإن كنت تهذي بذكر الأموات عند عرض الحاجات من دون اعتقاد منك لهم، فأنت مصاب بعقلك، وهكذا إن كنت تنحر لله، وتنذر لله، فلأي معنى جعلت ذلك للميت وحملته إلى قبره، فإن الفقراء على ظهر البسيطة في كل بقعة من بقاع الأرض وفعلك وأنت عاقل لا يكون إلا لمقصد قد قصدته، أو أمر قد أردته .. )(1). ويعلل صاحب كتاب (التوضيح عن توحيد الخلاق)(2) كون النذر لغير الله تعالى من الشرك الاعتقادي قائلاً: (لأن الناذر لم ينذر هذا النذر الذي لغير الله إلا لاعتقاده في المنذور له أنه يضر وينفع، ويعطي ويمنع، إما بطبعه، وإما بقوة سببية فيه، ويجلب الخير والبركة ويدفع الشر والعسرة، والدليل على اعتقاد هؤلاء الناذرين وشركهم حكيهم وقولهم أنهم قد وقعوا في شدائد عظيمة، فنذروا نذراً لفلان، وفلان، فانكشفت شدائدهم واستراحت خواطرهم، فقد قام في نفوسهم أن هذه النذور هي سبب في حصول مطلوبهم ودفع مرهوبهم، ومن تأمل القرآن وسنة المبعوث به صلى الله عليه وسلم، ونظر أحوال السلف الصالح، علم أن هذا النذر نظير ما جعلته المشركون لآلهتهم في قوله تعالى: هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا [الأنعام: 136])(3).
ويتحدث مبارك الميلي (4) عن واقع أولئك الناس الذين يذبحون لغير الله تعالى، ويبين أنهم إنما يفعلون ذلك عن اعتقاد وطلب للقربى من تلك المعبودات
…
فكان مما قاله: (إن كل من خالط العامة، يجزم بأن قصدهم بذبائح الزردة (5) التقرب من صاحب المزار، ويكشف عن ذلك أشياء: أحدها: أنهم يضيفون الزردة إلى صاحب المزار، فيقولون: زردة سيدي فلان، أو طعام سيدي عبد القادر مثلاً.
ثانيها: إنهم يفعلونها عند قبره، وفي جواره، لا يرضون لها مكاناً آخر.
ثالثها: إنهم إن نزل المطر إثرها، نسبوه إلى سر المذبوح له، وقوي اعتقادهم فيه، وتعويلهم عليه.
(1)((الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد)) (ضمن الرسائل السلفية)(ص: 20، 21).
(2)
اشترك في تأليف هذا الكتاب كل من: الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وحمد بن معمر، ومحمد بن غريب. انظر للتحقيق في هذا التوثيق كتاب ((دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)) للكاتب (59، 60).
(3)
((التوضيح)) (ص: 382، 383) = باختصار، وانظر ((فتح المنان تتمة منهاج التأسيس)) لمحمود الألوسي (ص: 418 – 421).
(4)
مبارك بن محمد الميلي، من علماء الجزائر، عاش في قسنطينة، وولي أمانة سر جمعية علماء الجزائر، له مؤلفات، توفي حوالي سنة 1357 هـ. انظر ((معجم المؤلفين)) (8/ 175).
(5)
هكذا تسمى الذبائح التي ذبحت لغير الله باسم " الزردة" أو " النشرة " في بعض جهات الجزائر، بينما يسمون ما ينذرون لغير الله بالغفارة انظر ((رسالة الشرك ومظاهره)) لمبارك الميلي (ص: 225، 256، 269)، وفي اليمن يسمون تلك الذبائح بالجلبة، وأما النذور فيطلقون عليها " التلم " انظر ((الدرر السنية)) (8/ 286)، و ((تطهير الاعتقاد)) للصنعاني (ص: 37).
رابعها: - أنهم لو تركوها فأصيبوا بمصيبة، نكسوا على رؤوسهم، وقالوا: إن وليهم غضب عليهم، لتقصيرهم في جانبه) (1).
وفي ختام مسألة الذبح أو النذر لغير الله تعالى، ننبه إلى عدم الخلط بين ما يذبح لغير الله تعالى تقرباً أو تعظيماً فهذا من باب العبادات والقربات، وبين ما يذبح عادة بقصد الأكل أو إكرام ضيف ونحوهما.
ولما ساق النووي كلام بعض علماء الشافعية في هذا الشأن قائلاً:- (وذكر الشيخ إبراهيم المروزي من أصحابنا أن ما يذبح عند استقبال السلطان تقرباً، أفتى أهل بخارى بتحريمه؛ لأنه مما أهل به لغير الله تعالى، قال الرافعي هذا إنما يذبحونه استبشاراً بقدومه كذبح العقيقة لولادة المولود، وقيل هذا لا يوجب التحريم، والله أعلم)(2).
فقد عقب الميلي على ما سبق إيراده فقال: (ونقله عن الرافعي غير مخالف لفتوى أهل بخارى إلا بالقصد، فهو خلاف في حال. فمن قصد التقرب إلى الأمير، صدقت عليه الفتوى، ومن قصد مجرد السرور أفتى بقول الرافعي)(3).
وقال سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب معلقاً على هذه المسألة:- (إن كانوا يذبحونه استبشاراً كما ذكر الرافعي فلا يدخل في ذلك، وإن كانوا يذبحونه تقرباً إليه، فهو داخل في الحديث يعني حديث ((لعن الله من ذبح لغير الله)) (4)) (5).
كما يجب التفريق بين النذر الشركي المخرج من الملة، وبين نذر المعصية فيما دون ذلك، ونبين ذلك من خلال نص في كتاب (التوضيح عن توحيد الخلاق) حيث جاء فيه ما يلي:- (والنذر غير الجائز قسمان:
أحدهما: نذر فعل معصية، كشرب الخمر، وقتل المعصوم، فيحرم الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((من نذر أن يعصي الله فلا يعصه)) (6)؛ ولأن معصية الله تبارك وتعالى لا تباح في حال من الأحوال
…
الثاني: النذر لغير الله تعالى كالنذر لإبراهيم الخليل، أو محمد النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، أو ابن عباس، أو عبد القادر، أو الخضر، فلا خلاف بين من يعتد به من علماء المسلمين أنه من الشرك الاعتقادي) (7).
ومن جانب آخر، فقد لبس خصوم عقيدة التوحيد في هذه المسألة، فزعموا أن الذبح لغير الله، وكذا النذر لغيره، إنما هي من المحرمات التي دون الشرك .. ، وذلك بسبب سوء فهمهم للنصوص الشرعية، وكلام أهل العلم، بل ربما نسبوا هذا التلبيس لبعض أئمة السلف) (8).
وقد قام الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بكشف هذا التلبيس، وبيان الحق في هذه القضية فكتب جواباً في الرد على ابن سحيم، حين زعم الأخير أن النذر لغير الله حرام ليس بشرك، فقال الشيخ في الرد عليه:
(1)((رسالة الشرك ومظاهره)) (ص257).
(2)
((صحيح مسلم بشرح النووي)) (13/ 141) وانظر ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 205).
(3)
((رسالة الشرك ومظاهره)) (ص 253).
(4)
[9883])) رواه مسلم (1978).
(5)
تيسير العزيز الحميد (ص 192) ، وقد أشار الشاطبي في الموافقات إلى هذا التفريق (2/ 210).
(6)
[9885])) رواه البخاري (6696).
(7)
((التوضيح)) (ص: 382، 383)
(8)
كما فعل ذلك داود بن جرجيس النقشبندي، فزعم أن ابن تيمية وابن القيم لا يرون كفر من ذبح أو نذر لغير الله
…
وحرف بعض كلامهما، وبتر البعض الآخر، وأساء الفهم والقصد في هذه المسألة، وقد قام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ بالرد عليه في كتاب تحت عنوان ((منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس)) وأتمه محمود شكري الألوسي.
(فدليلك قولهم أن النذر لغير الله حرام بالإجماع، فاستدللت بقولهم حرام على أنه ليس بشرك فإن كان هذا قدر عقلك، فكيف تدعي المعرفة؟ يا ويلك ما تصنع بقول الله تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَاّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام: 151] ، فهذا يدل على أن الشرك حرام ليس بكفر يا هذا الجاهل الجهل المركب، ما تصنع بقول الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأعراف: 33] ، إلى قوله: وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا [الأعراف: 33].هل يدل هذا التحريم على أنه لا يكفر صاحبه؟ يا ويلك في أي كتاب وجدته إذا قيل لك هذا حرام، أنه ليس بكفر، فقولك أن ظاهر كلامهم أنه ليس بكفر، كذب وافتراء على أهل العلم، بل يقال ذكر أنه حرام، وأما كونه كفر فيحتاج إلى دليل آخر، والدليل عليه أنه مصرح في (الإقناع) أن النذر عبادة، ومعلوم أن لا إله إلا الله معناها لا يعبد إلا الله، فإذا كان النذر عبادة وجعلتها لغيره، كيف لا يكون شركاً؟) (1).
ويورد الشيخ محمد بن عبد الوهاب قاعدة مهمة أثناء جوابه على من ادعى أن الذبح للجن منهي عنه فهو معصية وليس ردة .. حيث قال الشيخ:
(قوله: الذبح للجن منهي عنه، فاعرف قاعدة أهملها أهل زمانك، وهي أن لفظ التحريم والكراهة وقوله: لا ينبغي ألفاظ عامة تستعمل في المكفرات، والمحرمات التي هي دون الكفر، وفي كراهة التنزيه التي هي دون الحرام، مثل استعمالها في المكفرات قوله: لا إله إلا الذي لا تنبغي العبادة إلا له (2)، وقوله: وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا [مريم: 92]، ولفظ التحريم مثل قوله تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَاّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا [الأنعام: 151]، وكلام العلماء لا ينحصر في قولهم:(يحرم كذا) لما صرحوا في مواضع أخر أنه كفر، وقولهم (يكره) كقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا [الإسراء: 23] إلى قوله: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا [الإسراء: 38]، وأما كلام الإمام أحمد في قوله:(أكره كذا) فهو عند أصحابه على التحريم.
إذا فهمت هذا فهم صرحوا أن الذبح للجن ردة تخرج (3)، وقالوا الذبيحة حرام ولو سمي عليها، قالوا: لأنها يجتمع فيها مانعان، الأول: - أنها مما أهل به لغير الله، والثاني: أنها ذبيحة مرتد والمرتد لا تحل ذبيحته، وإن ذبحها للأكل وسمى عليها) (4).
(ب) وإذا انتقلنا إلى حكم السجود أو الركوع لغير الله تعالى، فهذا من الشرك الظاهر، فلا ريب أن السجود والركوع عبادتان لله وحده لا شريك له، فمن سجد أو ركع لغير الله تعالى فقد أشرك.
(1)((مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب)) (5/ 229)
(2)
يقول ابن القيم: - " وإنما تجيء لا ينبغي في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للذي هو في غاية الامتناع شرعاً ((الجواب الكافي)) (ص: 179)، وانظر ((تجريد التوحيد)) للمقريزي (ص: 21).
(3)
أي تخرج من الملة.
(4)
((مجموعة مؤلفات الشيخ)) (3/ 66، 67)، وانظر ((منهاج التأسيس)) للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ص: 239، 245).
يقول الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت: 37]، أي: لا تشركوا به فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره، فإنه لا يغفر أن يشرك به) (1).
(قال بعض أهل العلم في تفسير هذه الآية: إن من أراد أن يكون عبداً لله خالصاً، فلا يسجد إلا له سبحانه، ولا يسجد للشمس والقمر، نبه بهما على غيرهما من المخلوق العلوي، فالسفلي من الأحجار والأشجار والضرائح ونحوها بالأولى. وقد دلت هذه الآية على أن ديننا هو أن السجود حق الخالق، فلا يسجد لمخلوق أصلاً كائناً ما كان، فإن المخلوقية يتساوى فيها الشمس والقمر، والولي والنبي، والحجر والمدر، والشجر ونحوها)(2).
وأيضاً فإن الله تعالى قال بعد الآية السابقة: فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ [فصلت: 38] ، فمن سجد لله وحده، فقد خضع وانقاد لله وحده، وحقق كمال الذل والمحبة لله تعالى، وضده من استكبر عن إفراد الله بالعبادة - ومنها السجود - وقد توعد الله تعالى هؤلاء المستكبرين بالعذاب المهين، فقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: 60](3).
ويقول القرطبي: (وهذا السجود المنهي عنه قد اتخذه جهال المتصوفة عادة في سماعهم، وعند دخولهم على مشايخهم، واستغفارهم، فيرى الواحد منهم إذا أخذه الحال بزعمه، يسجد للأقدام لجهله سواء كان للقبلة أم غيرها جهالة منه، ضل سعيهم وخاب عملهم)(4).
ويقول ابن القيم في بيان هذا الشرك: (ومن أنواع الشرك: سجود المريد للشيخ، فإنه شرك من الساجد والمسجود له، والعجب أنهم يقولون: ليس هذا سجود، وإنما هو وضع الرأس قدام الشيخ احتراماً وتواضعاً، فيقال لهؤلاء ولو سميتموه ما سميتموه، فحقيقة السجود: وضع الرأس لمن يسجد له، وكذلك السجود للصنم، وللشمس، وللنجم، وللحجر، كله وضع الرأس قدامه.
ومن أنواعه: ركوع المتعممين بعضهم لبعض عند الملاقاة، وهذا سجود في اللغة، وبه فسر قوله تعالى: وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً [البقرة: 58] ، أي منحنين، وإلا فلا يمكن الدخول بالجبهة على الأرض، ومنه قول العرب: سجدت الأشجار إذا أمالتها الريح) (5).
ويقول أيضاً: (جاء شيوخ الضلال والمزاحمون للربوبية فزينوا لمريديهم حلق رؤوسهم لهم، كما زينوا لهم السجود لهم وسموه بغير اسمه، وقالوا: هو وضع الرأس بين يدي الشيخ. ولعمر الله إن السجود لله تعالى هو وضع الرأس بين يديه سبحانه، وزينوا لهم أن ينذروا لهم، ويتوبوا لهم، ويحلفوا بأسمائهم، وهذا هو اتخاذهم أرباباً وآلهة من دون الله، قال تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلَائِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 79 - 80].
(1) انظر ((تفسير ابن كثير)) (4/ 104).
(2)
((الدين الخالص)) (2/ 53).
(3)
أي صاغرين حقيرين.
(4)
((تفسير القرطبي)) (1/ 294).
(5)
((مدارج السالكين)) (1/ 344، 345)، وانظر ((الجواب الكافي)) لابن القيم (ص: 178)، و ((تجريد التوحيد)) للمقريزي (ص: 21)
وأشرف العبودية عبودية الصلاة، وقد تقاسمها الشيوخ والمتشبهون بالعلماء والجبابرة، فأخذ الشيوخ منها أشرف ما فيها، وهو السجود، وأخذ المتشبهون بالعلماء منها الركوع، فإذا لقي بعضهم بعضاً ركع له، كما يركع المصلي لربه سواء، وأخذ الجبابرة منهم القيام، فيقوم الأحرار والعبيد على رؤوسهم عبودية لهم، وهم جلوس، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمور الثلاثة على التفصيل، فتعاطيها مخالفة صريحة له، فنهى عن السجود لغير الله وقال:((لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد)) (1). وتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة، وتجويز من جوزه لغير الله مراغمة لله ورسوله، وهو من أبلغ أنواع العبودية، فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر، فقد جوز العبودية لغير الله، وأيضاً فالانحناء عند التحية سجود، ومنه قوله تعالى: وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً [البقرة: 58]، أي منحنين، وإلا فلا يمكن الدخول على الجباه
والمقصود أن النفوس الجاهلة الضالة أسقطت عبودية الله سبحانه، وأشركت فيها من تعظمه من الخلق، فسجدت لغير الله، وركعت له، وقامت بين يديه قيام الصلاة وحلفت لغيره، ونذرت لغيره، وحلقت لغيره، وذبحت لغيره، وطافت لغير بيته وسوت من تعبده من المخلوقين برب العالمين، وهؤلاء هم المضادون لدعوة الرسل، وهم الذين بربهم يعدلون. قال تعالى تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء: 97 - 98]) (2).
وإذا تقرر كون السجود لغير الله تعالى شركاً بالله تعالى، فينبغي أن نفرق بين سجود العبادة، وسجود التحية، فأما سجود العبادة فقد سبق الحديث عنه، وأما سجود التحية فقد كان سائغاً في الشرائع السابقة، ثم صار محرماً على هذه الأمة، فهو معصية لله تعالى، فمن المعلوم أن سجود العبادة القائم على الخضوع والذل والتسليم والإجلال لله وحده هو من التوحيد الذي اتفقت عليه دعوة الرسل، وإن صرف لغيره فهو شرك وتنديد، ولكن لو سجد أحدهم لأب أو عالم ونحوهما وقصده التحية والإكرام فهذه من المحرمات التي دون الشرك، أما إن قصد الخضوع والقربة والذل له فهذا من الشرك، ولكن لو سجد لشمس أو قمر أو قبر فمثل هذا السجود لا يتأتى إلا عن عبادة وخضوع وتقرب فهو سجود شركي، وإليك توضيح ذلك من خلال النصوص التالية:-
يقول الله تعالى:- وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا [يوسف: 100].
(1) ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (2/ 250) قال: وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: (بلغني أن رجلا قال: يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال: لا ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فإنه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله فأنزل الله مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلَائِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ *آل عمران: 79 - 80*، قال المناوي في ((الفتح السماوي)) (1/ 370): قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: لم أجد لَهُ إِسْنَادًا، وَنَقله الواحدي فِي ((الْأَسْبَاب)) عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَكَذَا أخرجه عبد بن حميد فِي (تَفْسِيره) عَنهُ.
(2)
((زاد المعاد)) (4/ 159 –161) باختصار، وانظر ((إعلام الموقعين)) (3/ 117، 155) و ((شرح الشروط العمرية)) (ص: 94)
يقول ابن عطية – في معنى السجود: (واختلف في هذا السجود، فقيل: كان كالمعهود عندنا من وضع الوجه بالأرض، وقيل: بل دون ذلك كالركوع البالغ ونحوه، مما كان سيرة تحياتهم للملوك في ذلك الزمان، وأجمع المفسرون أن ذلك السجود – على أي هيئة كان – فإنما كان تحية لا عبادة، قال قتادة: - هذه كانت تحية الملوك عندهم)(1).
ويقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: (وقد كان سائغاً في شرائعهم، إذا سلموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزاً من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه السلام، فحرم هذا في هذه الملة، وجعل السجود مختصًّا بجناب الرب سبحانه وتعالى، هذا مضمون قول قتادة وغيره – إلى أن قال: - والغرض أن هذا كان جائزاً في شريعتهم؛ ولهذا خروا له سجداً)(2).
ويقول محمد رشيد رضا- عند تفسيره لقوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ [البقرة: 34]-: (وهو سجود لا نعرف صفته، ولكن أصول الدين تعلمنا أنه ليس سجود عبادة إذ لا يعبد إلا الله تعالى، والسجود في اللغة التطامن والخضوع والانقياد، وأعظم مظاهره الخرور نحو الأرض للأذقان، ووضع الجبهة على التراب، وكان عند القدماء من تحية الناس للملوك والعظماء، ومنه سجود يعقوب وأولاده ليوسف عليهم السلام (3).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها)) (4).
وعن قيس بن سعد (5) رضي الله عنه قال: ((أتيت الحيرة، فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم (6) فقلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يسجد له، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك. قال: أرأيت لو مررت على قبري أكنت تسجد له، قال: لا، قال: - فلا تفعلوا، لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق)) (7).
قال الطيبي (8):
(1)((تفسير ابن عطية)) (9/ 377،378)، وانظر ((تفسير القرطبي)) (1/ 293، 9/ 265)
(2)
((تفسير ابن كثير)) (2/ 491) باختصار.
(3)
((تفسير المنار)) (1/ 265).
(4)
رواه أحمد (3/ 158)(12635) والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5/ 363)، الحديث ذكره الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) وقال: رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح غير حفص ابن أخي أنس وهو ثقة، ووافقه الألباني في ((إرواء الغليل)) (7/ 55).
(5)
هو قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي، صحابي جليل، أمير مجاهد، كان يطعم الناس، وصاحب دهاء، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد، مات سنة 85 هـ. انظر ((الإصابة)) (5/ 473)، و ((سير أعلام النبلاء)) (3/ 102).
(6)
أي الفارس الشجاع.
(7)
رواه أبو داود (2140) والطبراني (18/ 351) والحاكم (2/ 204) والدارمي (1/ 406) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال ابن حزم في ((المحلى)) (10/ 332): ساقط، وقال الذهبي في ((المهذب)) (6/ 2872): فيه عبد الرحمن بن أبي بكر إن كان ابن شريك فهو ضعيف، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (6/ 362): في إسناده شريك بن عبد الله القاضي وقد تكلم فيه غير واحد وأخرج له مسلم في المتابعات، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) دون جملة ((القبر)).
(8)
هو الحسين بن محمد بن عبد الله الطيبي، من علماء الحديث والتفسير، له ردود على المبتدعة، كان كريماً جواداً، له مؤلفات، توفي سنة 743 هـ. انظر ((الدرر الكامنة)) 2/ 156، و ((البدر الطالع)) (1/ 229).
(أي: اسجدوا للحي الذي لا يموت، ولمن ملكه لا يزول، فإنك إنما تسجد لي الآن مهابة وإجلالاً، فإذا صرت رهين رمس، امتنعت عنه)(1).
ويبين ابن تيمية هذه المسألة فيقول:
(أما تقبيل الأرض، ووضع الرأس، ونحو ذلك مما فيه السجود، مما يفعل قدام بعض الشيوخ، وبعض الملوك، فلا يجوز، بل لا يجوز الانحناء كالركوع أيضاً، كما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ((الرجل منا يلقى أخاه، أينحني له؟ قال لا
…
)) (2).
وأما فعل ذلك تديناً وتقرباً فهذا أعظم المنكرات، ومن اعتقد مثل هذا قربة وتديناً فهو ضال مفتر، بل يبين له أن هذا ليس بدين ولا قربة، فإن أصر على ذلك استتيب، فإن تاب وإلا قتل) (3).
ويقول أيضاً:
(وأما وضع الرأس عند الكبراء من الشيوخ وغيرهم، أو تقبيل الأرض ونحو ذلك، فإنه مما لا نزاع فيه بين الأئمة في النهي عنه، بل مجرد الانحناء بالظهر لغير الله عز وجل منهي عنه)(4).
ويقول في موضع ثالث: (وحجرة نبينا صلى الله عليه وسلم، وحجرة الخليل، وغيرهما من المدافن التي فيها نبي ورجل صالح، لا يستحب تقبيلها ولا التمسح بها باتفاق الأئمة، بل منهي عن ذلك، وأما السجود لذلك فكفر)(5).
(ج) وإذا انتقلنا إلى الطواف، فإن المراد بالطواف الذي يكون شركاً هو الطواف بغير الكعبة مع قصد التقرب لغير الله تعالى، كالطواف بالقبور والمشاهد ونحوها، فالطواف عبادة؛ لقوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29] ، وصرف العبادة أو شيء منها لغير الله شرك، وأما لو طاف بتلك القبور بقصد التقرب إلى الله تعالى فهذا محرم، وبدعة منكرة، ووسيلة لعبادة تلك القبور).
يقول ابن تيمية في هذه المسألة:
(وأما الرجل الذي طلب من والده الحج، فأمره أن يطوف بنفس الأب، فقال: طف ببيت ما فارقه الله طرفة عين قط، فهذا كفر بإجماع المسلمين، فإن الطواف بالبيت العتيق مما أمر الله به رسوله، وأما الطواف بالأنبياء والصالحين فحرام بإجماع المسلمين، ومن اعتقد ذلك دينا فهو كافر، سواء طاف ببدنه أو بقبره)(6).
ويقول أيضاً:
(ليس في الأرض مكان يطاف به كما يطاف بالكعبة، ومن اعتقد أن الطواف بغيرها مشروع فهو شر ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة فمن اتخذ الصخرة اليوم قبلة يصلي إليها فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مع أنها كانت قبلة لكن نسخ ذلك، فكيف بمن يتخذها مكاناً يطاف به كما يطاف بالكعبة؟ والطواف بغير الكعبة لم يشرعه الله بحال
…
) (7).
(1)((عون المعبود)) (6/ 187).
(2)
رواه الترمذي (2728) وابن ماجه (3702) وأحمد (3/ 198)(13067) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/ 100) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه واللفظ للترمذي، ونصه:(قال رجل: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال لا ..... ) ، قال الترمذي هذا حديث حسن، وصححه ابن القيم في ((زاد المعاد)) (4/ 148)، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/ 516): في إسناده حنظلة بن عبيد الله البصري ضعفوه ونسبوه إلى الاختلاط، وقال ابن حجر في ((تلخيص الحبير)) (3/ 1164): استنكره أحمد لأنه من رواية السدوسي وقد اختلط وتركه يحيى القطان، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(3)
((مجموع الفتاوى)) (1/ 372) باختصار.
(4)
((مجموع الفتاوى)) (27/ 92).
(5)
((مجموع الفتاوى)) (27/ 136)، وانظر ((تهذيب رسالة البدر الرشيد في الألفاظ المكفرات)) (ص: 50، 51).
(6)
((تهذيب رسالة البدر الرشيد في الألفاظ المكفرات)) (2/ 308).
(7)
((تهذيب رسالة البدر الرشيد في الألفاظ المكفرات)) (27/ 10) باختصار.
وإذا تقرر حكم هذه الأعمال
…
فيمكن إيجاز أوجه كون هذه الأعمال كفر بما يلي:-
(أ) أن هذه الأعمال شرك يناقض توحيد العبادة، فإذا كان الذبح والنذر، وكذا السجود والركوع والطواف عبادات لا يجوز صرفها إلا لله تعالى وحده، فمن أثبت لغير الله تعالى ما لا يكون إلا لله فهو كافر (1)؛ لأن الشرك الأكبر
…
هو صرف نوع أو فرد من العبادة لغير الله تعالى، والعبادة الشرعية تتضمن غاية الذل لله تعالى، مع غاية المحبة له) (2).
وكما يقول ابن تيمية:
(فالإله هو الذي يألهه القلب بكمال الحب والتعظيم، والإجلال والإكرام، والخوف والرجاء ونحو ذلك)(3). ومن المعلوم أن الذبح والنذر والسجود والركوع والطواف ونحوها عبادات تجمع بين الخضوع والخوف والإجلال، والرجاء والمحبة والقرب، فإذا صرفت هذه العبادات لله وحده فهذا إيمان وتوحيد، وإذا صرفت لغيره فهذا كفر وتنديد.
وقد غلط مرجئة المتكلمين ومن تبعهم عندما زعموا أن شرك التقرب والنسك ليس شركاً بإطلاق، ما لم يتضمن عندهم الشرك في التوحيد العلمي الخبري؛ لأنهم حصروا التوحيد في الربوبية والأسماء والصفات ومن ثم فالشرك عندهم هو الشرك في هذا التوحيد) (4).
ومثال ذلك ما توهمه بعضهم بأن السجود لغير الله تعالى لا يكون كفراً إلا إذا اعتقد الربوبية فيمن سجد له (5)، والصحيح أن السجود لغير الله تعالى شرك يناقض توحيد العبادة، وإذا انضم إلى ذلك اعتقاد الربوبية فيمن سجد له، فهذا شرك في توحيد الربوبية.
ومنهم من قال: إن السجود للصنم أو الشمس ونحوهما علامة الكفر (6) وإن لم يكن في نفسه كفر، وهذا ليس بصحيح، بل السجود للصنم أو الشمس في حد ذاته كفر وشرك بالله تعالى في العبادة، فهو خضوع ورجاء وتذلل لغير الله تعالى، ولا تقوم عبودية الله تعالى إلا بتحقيق السجود له سبحانه، كما قال تعالى: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت: 37].
(ب) أن من قصد بتلك العبادات غير الله تعالى، وصرفها لغيره سبحانه، فقد شبه المخلوق الضعيف العاجز بالخالق القوي القادر.
ولذا يقول ابن القيم: (ومن خصائص الإلهية العبودية التي قامت على ساقين لا قوام لها بدونها: غاية الحب، مع غاية الذل، هذا تمام العبودية، وتفاوت منازل الخلق فيها بحسب تفاوتهم في هذين الأصلين، فمن أعطى حبه وذله وخضوعه لغير الله، فقد شبهه به في خالص حقه، وهذا من المحال أن تأتي به شريعة من الشرائع - إلى أن قال- فمن خصائص الإلهية السجود، فمن سجد لغيره فقد شبه المخلوق به، ومنها التوكل فمن توكل على غيره فقد شبهه به، ومنها التوبة فمن تاب لغيره فقد شبهه به)(7).
ويقول- في كتاب آخر -: (ومن أسباب عبادة الأصنام: الغلو في المخلوق، وإعطاؤه فوق منزلته، حتى جعل فيه حظ من الإلهية، وشبهوه بالله سبحانه، وهذا هو التشبيه الواقع في الأمم، والذي أبطله الله سبحانه، وبعث رسله وأنزل كتبه بإنكاره والرد على أهله.
(1) انظر ((الرد على البكري)) لابن تيمية (ص: 214).
(2)
انظر ((العبودية)) لابن تيمية (ص: 44).
(3)
((العبودية)) (ص: 51).
(4)
انظر: لمزيد من التفصيل رسالة ((ضوابط التكفير للقرني)) (ص: 173، 174) ..
(5)
انظر: ((تهذيب الفروق والقواعد السنية)) لمحمد علي بن حسين المالكي (بهامش الفروق للقرافي)(1/ 137)، وانظر ((السيل الجرار)) للشوكاني (4/ 580)، وقارنه بكلامه في ((الدر النضيد)) (ص: 34، 35).
(6)
انظر ((أصول الدين)) لعبد القاهر البغدادي (ص: 266)، و ((الشفا)) لعياض (2/ 1072)
(7)
((الجواب الكافي)) (ص: 183) باختصار.
فأهل الشرك غلوا فيمن يعظمونه، ويحبونه، حتى شبهوه بالخالق، وأعطوه خصائص الإلهية، بل صرحوا أنه إله، وأنكروا جعل الآلهة إلهاً واحداً، وقالوا: اصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ [ص: 6] ، وصرحوا بأنه إله معبود يرجى ويخاف، ويعظم ويسجد له، وتقرب له القرابين، إلى غير ذلك من خصائص العبادة التي لا تنبغي إلا لله تعالى، فكل مشرك فهو مشبه لإلهه ومعبوده بالله سبحانه، وإن لم يشبهه به من كل وجه) (1).
ويقول ابن القيم أيضاً: (وقوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [فصلت: 11] إنما قصد به نفي أن يكون معه شريك، أو معبود يستحق العبادة والتعظيم، كما يفعله المشبهون والمشركون. وهذا التشبيه الذي أبطله الله سبحانه هو أصل شرك العالم، وعبادة الأصنام .. فإن المشبهة هم الذين يشبهون المخلوق بالخالق في العبادة، والتعظيم، والخضوع، والنذر له والسجود له وحلق الرأس له، والاستغاثة به)(2).
ومما قاله المقريزي – في شأن هذا التشبيه: (إن المشرك شبه المخلوق بالخالق في خصائص الإلهية، وهي التفرد بملك الضر والنفع، والعطاء والمنع، فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق تعالى. وسوَّى بين التراب ورب الأرباب، فأي فجور وذنب أعظم من هذا.
واعلم أن خصائص الإلهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك يوجب أن تكون العبادة له وحده عقلاً وشرعاً وفطرة، فمن جعل ذلك لغيره فقد شبه الغير بمن لا شبيه له، ولشدة قبحه وتضمنه غاية الظلم، أخبر من كتب على نفسه الرحمة أنه لا يغفره أبداً ومن خصائص الإلهية للسجود، فمن سجد لغيره فقد شبهه به، ومنها الذبح له فمن ذبح لغيره قد شبهه به، ومنها حلق الرأس إلى غير ذلك) (3).
ويتحدث أحمد الدهلوي (4) عن هذا التشبيه قائلاً: (حقيقة الشرك أن يعتقد إنسان في بعض المعظمين من الناس أن الآثار العجيبة منه إنما صدرت لكونه متصفاً بصفة من صفات الكمال مما لم يعهد في جنس الإنسان بل يختص بالرب جل مجده، لا يوجد في غيره إلا أن يخلع هو خلعة الألوهية على غيره، فيتذلل عنده أقصى التذلل، ويعامل معه معاملة العباد مع الله تعالى)(5).
إضافة إلى ذلك فإن هذا التشبيه من أظلم الظلم وأشنعه، ولذا يقول إسماعيل الدهلوي:-
(قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13] وقد هَدَت لقمان الحكمة العميقة التي أكرمه الله وخصه بها، إلى أن أفحش الظلم أن يجود الإنسان على أحد بحق غيره، فمن أعطى حق الله لأحد خلقه فقد عمد إلى حق أكبر كبير، فأعطاه أذل ذليل، وكان كرجل وضع تاج الملك على مفرق إسكاف، وأي جور أكبر من هذا الجور، وأي ظلم أفحش من هذا الظلم)(6).
(1)((إغاثة اللهفان)) (2/ 322،323) باختصار.
(2)
((إغاثة اللهفان)) (2/ 329 - 341) باختصار.
(3)
((تجريد التوحيد)) (ص 27، 28) باختصار، وكلام المقريزي هاهنا يكاد يطابق كلام ابن القيم في ((الجواب الكافي)) (ص: 182، 183).
(4)
هو ولي الله بن أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، نشأ بدلهي في الهند، ورحل إلى الحجاز، وصار من كبار العلماء، وأتقن علوماً كثيرة، وله مؤلفات جمة وجهود إصلاحية متعددة، توفي سنة 1180 هـ انظر:((معجم المؤلفين)) (4/ 292). ومقدمة كتابه ((الفوز الكبير في أصول التفسير)).
(5)
((حجة الله البالغة)) (1/ 61) بتصرف يسير.
(6)
((رسالة التوحيد)) (ص: 48، 49).
(ج) أجمع العلماء على أن من صرف عبادة لغير الله تعالى فهو كافر وكما يقول ابن تيمية: (فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع، ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب، وهداية القلوب وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين)(1).
ولذا علق الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب على هذا الإجماع قائلاً: (وهو إجماع صحيح، معلوم بالضرورة من الدين، وقد نص العلماء من أهل المذاهب الأربعة، وغيرهم في باب حكم المرتد على أن من أشرك بالله فهو كافر، أي عبد مع الله غيره بنوع من أنواع العبادة)(2).
كما أن حرمة مثل هذا الشرك من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، كما وضحه ابن تيمية بقوله:(فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدًا من الأموات، لا الأنبياء، ولا الصالحين، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت، ولا لغير ميت ونحو ذلك، بل نهى عن كل هذه الأمور، وإن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله)(3).
كما يقول أيضاً: (كان من أتباع هؤلاء (المشركين) من يسجد للشمس والقمر والكواكب، ويدعوها كما يدعو الله تعالى، ويصوم لها وينسك لها، ويتقرب إليها، ثم يقول: إن هذا ليس بشرك، وإنما الشرك إذا اعتقدت أنها هي المدبرة لي، فإذا جعلتها سبباً وواسطة لم أكن مشركاً، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك) (4).
4 -
وفي ختام هذا المبحث، نسرد مجموعة من أقوال العلماء في هذه المسألة:-
يقول ابن نجيم الحنفي: (والسجود للجبابرة كفر إن أراد به العبادة، لا إن أراد به التحية على قول الأكثر)(5).
(1)((مجموع الفتاوى)) (1/ 124).
(2)
((تيسير العزيز الحميد)) (ص: 229).
(3)
((الرد على البكري)) (ص 376)، وانظر ((مجموعة الرسائل والمسائل)) (1/ 29).
(4)
((درء التعارض)) (1/ 227، 228).
(5)
((البحر الرائق)) (5/ 134).
وجاء في (الفتاوى البزازية): (والسجدة لهؤلاء الجبابرة كفر؛ لقوله تعالى مخاطباً للصحابة رضي الله عنهم: أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 80] ، نزلت حين استأذنوا في السجود له عليه الصلاة والسلام (1) ولا يخفى أن الاستئذان لسجود التحية بدلالة: بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ومع اعتقاد جواز سجدة العبادة لا يكون مسلماً، فكيف يطلق عليهم بعد إذ أنتم مسلمون)، وقيل لا يكفر لقصة إخوة يوسف عليه السلام، والقائل الأول يدعي نسخه بتلك الآية، وبقوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18]، وقيل: إن أراد العبادة كفر، وإن أراد التحية لا، وهذا موافق لما ذكر في فتاوى الأصل) (2).
وقال محمد علاء الدين الحصكفي (3) فيمن نذر لغير الله:
(واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشموع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقرباً إليهم فهو بالإجماع باطل وحرام)(4).
وقال ابن عابدين شارحاً لما سبق:
(قوله باطل وحرام لوجوه: منها أنه نذر لمخلوق، والنذر للمخلوق لا يجوز؛ لأنه عبادة، والعبادة لا تكون لمخلوق، ومنها أن المنذور له ميت، والميت لا يملك، ومنها أنه ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى، واعتقاده ذلك كفر)(5).
(1) ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (2/ 250) قال: وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: (بلغني أن رجلا قال: يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال: لا ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فإنه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله فأنزل الله مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلَائِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ *آل عمران: 79 - 80*، قال المناوي في ((الفتح السماوي)) (1/ 370): قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: لم أجد لَهُ إِسْنَادًا، وَنَقله الواحدي فِي ((الأَسْبَاب)) عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَكَذَا أخرجه عبد بن حميد فِي ((تَفْسِيره)) عَنهُ.
(2)
((الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية)) (6/ 343)، وانظر كلام صنع الله الحلبي الحنفي في ((تيسير العزيز الحميد)) لسليمان بن عبد الله بن محمد عبد الوهاب (ص: 207)، وفتح المنان للألوسي (ص: 420)، ورسالة في ((تحريم اتخاذ الضرائح المصنوعة من الخشب)) لمحمد الأبادي (ص: 25 – 28)،: - و ((روح المعاني)) للألوسي (17/ 212)، و ((نصاب الاحتساب)) لعمر السنامي (ص: 317).
(3)
محمد بن علي بن محمد الحصكفي الدمشقي الحنفي، فقيه، أصولي، مفسر، نحوي، رحل إلى القدس، وتولى إفتاء الأحناف، له مؤلفات، توفي بدمشق سنة 1088 هـ. انظر:((معجم المؤلفين)) (11/ 56).
(4)
((الدر المختار مع حاشية ابن عابدين)) (2/ 439)
(5)
((حاشية ابن عابدين)) (2/ 439).
ويقول ابن عبد البر عند شرحه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) (1):
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجداً، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم)(2).
ويقول القاضي عياض: (وكذلك نكفر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر
…
كالسجود للصنم، وللشمس، والقمر، والصليب، والنار) (3).
ويقول النووي: (اعلم أن الذبح للمعبود وباسمه، نازلة منزلة السجود له، وكل واحد منهما نوع من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة، فمن ذبح لغيره من حيوان، أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة، لم تحل ذبيحته، وكان فعله كفراً، كمن سجد لغيره سجدة عبادة)(4).
ويقول أيضاً: (والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين صريح كالسجود للصنم، أو الشمس
…
) (5).
ولما أورد الرملي (6) أنواع الردة
…
كان مما قاله: (السجود لصنم أو شمس، أو مخلوق آخر؛ لأنه أثبت لله شريكاً، نعم إن دلت قرينة قوية على عدم دلالة الفعل على الاستخفاف كسجود أسير في دار الحرب بحضرة كافر خشية منه فلا كفر – إلى أن قال – وإن قصد تعظيم مخلوق بالركوع كما يعظم الله به فلا فرق بينهما في الكفر حينئذ)(7).
ويقول البربهاري: (ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يردَّ آية من كتاب الله عز وجل، أو يردَّ شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي لغير الله، أو يذبح لغير الله، وإذا فعل شيئاً من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام)(8).
(1) رواه مالك (1/ 172) من حديث عطاء بن يسار، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2/ 150) من حديث زيد ابن أسلم، قال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (2/ 347): روي متصلا مسنداً، وقال في ((التمهيد)) (5/ 41): مرسل غريب وهو صحيح، وقال ابن حجر في ((هداية الرواة)) (1/ 349): مرسل، وصححه الألباني في ((مشكاة المصابيح)) (1/ 165) وقال: رواه مالك مرسلا. وروى أحمد (2/ 246)(7352) والحميدي (2/ 445) من حديث أبي هريرة بنحوه.
(2)
((التمهيد)) (5/ 45)
(3)
((الشفا)) (2/ 1072)
(4)
((روضة الطالبين)) (3/ 205، 206) وانظر (1/ 326)
(5)
((روضة الطالبين)) (10/ 64)، وانظر ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 136).
(6)
محمد بن أحمد بن حمزة الرملي المصري الشافعي، تولى إفتاء الشافعية بمصر، وصنف شروحاً وحواشي كثيرة، توفي سنة 1004 هـ انظر ((الأعلام)) (6/ 7)، و ((معجم المؤلفين)) (8/ 255).
(7)
((نهاية المحتاج)) (7/ 417)، وانظر ((قليوبي وعميرة)) (4/ 176)، و ((تنبيه الغافلين)) لابن النحاس (ص 403)، و ((الإعلام)) لابن حجر الهيتمي (ص: 348).
(8)
((شرح السنة)) للبربهاري (ص: 31).
ويقول ابن تيمية في مسألة السجود لغير الله ووسائلها: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وقال: ((فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار)) (1) ، ونهى عن تحري الصلاة في هذا الوقت، لما فيه من مشابهة الكفار في الصورة، وإن كان المصلي يقصد السجود لله لا للشمس، لكن نهي عن المشابهة في الصورة لئلا يفضي إلى المشاركة في القصد، فإذا قصد الإنسان السجود للشمس وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، كان أحق بالنهي والذم والعقاب، ولهذا يكون كافراً، كذلك من دعا غير الله، وحج إلى غير الله هو أيضاً شرك، والذي فعله كفر) (2).
ويبين ابن تيمية أن السجود الشركي من الأمور المتفق على تحريمها عند الرسل عليهم السلام، فيقول:
(أما السجود لغير الله وعبادته فهو محرم في الدين الذي اتفقت عليه رسل الله، كما قال سبحانه وتعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف: 45])(3).
ومما سطره هذا الإمام في مسألة النذر الشركي قوله رحمه الله: (ولا يجوز أن ينذر أحد إلا طاعة، ولا يجوز أن ينذرها إلا لله، فمن نذر لغير الله فهو مشرك. كمن صام لغير الله، وسجد لغير الله، ومن حج إلى قبر من القبور فهو مشرك)(4).
ويقول أيضاً: (وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشائخ وغيرهم، أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم، فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى، سواء كان النذر نفقة أو ذهباً أو غير ذلك، وهو شبيه بمن ينذر للكنائس والرهبان وبيوت الأصنام)(5).
ويؤكد ابن تيمية على إزالة مثل تلك النذور فيقول: وكل ما ينذر له، أو يعظمه من الأحجار أو الأشجار، ونحوها، يجب أن يزال؛ لأنه يحصل للناس به ضرر عظيم في دينهم، كما كسر الخليل عليه السلام الأصنام، وكما حرق موسى عليه السلام العجل، وكما كسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصنام وحرقها لما فتح مكة). (6) إلى أن قال: (ومن قال أنه يشفى بمثل نذره لهذه الأشياء فهو كاذب، بل يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإنه مكذب لله ورسوله
…
) (7).
وأورد الشاطبي مثال من ذبح لغير الله تعالى مع أمثلة أخرى على مسألة قررها بقوله: (كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة، وكل من ناقضها فعمله في المناقضة باطل، فمن ابتغى في التكاليف ما لم تشرع له فعمله باطل
…
؛ لأن الأخذ في خلاف مقاصد الشريعة مشاقة ظاهرة، والله تعالى يقول: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا [النساء: 115] ، كما أن القاصد لخلاف الشرع مستهزئ بآيات الله وأحكامه، والله تعالى يقول: وَلَا تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللهِ هُزُوًا [البقرة: 231]) (8).
(1) رواه مسلم (832) من حديث عمرو بن عبسة السلمي.
(2)
((الرد على الأخنائي)) (ص: 61)، وانظر ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (27/ 11، 23، 11/ 502) و ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/ 768).
(3)
((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/ 192).
(4)
((منهاج السنة)) (2/ 440).
(5)
((مجموع الفتاوى)) (11/ 504).
(6)
رواه البخاري (2478) ومسلم (1781) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود كان بيده .... ))
(7)
((مختصر الفتاوى المصرية)) (ص 551)، وانظر ((الفتاوى)) (33/ 123)، و ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/ 644 - 646).
(8)
انظر: ((الموافقات)) (2/ 333 – 335) باختصار.
وذكر مرعي بن يوسف الكرمي أن السجود للحكام بقصد العبادة كفر، وبقصد التحية كبيرة (1).
ومما قاله أحمد الفاروقي السرهندي (2) في مكتوباته: (والتبري من الكفر شرط الإسلام، والاجتناب عن شائبة الشرك توحيد، والاستمداد من الأصنام والطاغوت في دفع الأمراض والأسقام، كما هو شائع فيما بين جهلة أهل الإسلام عين الشرك والضلالة، وطلب الحوائج من الأحجار المنحوته نفس الكفر – إلى أن قال – وما يفعلونه من ذبح الحيوانات المنذورة للمشائخ عند قبور المشائخ المنذورة لهم جعله الفقهاء داخلاً في الشرك، وألحقوه بجنس ذبائح الجن الممنوع عنها شرعاً)(3).
ويقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب في هذا الشأن: (والعبادة أنواع كثيرة، لكني أمثلها بأنواع ظاهرة لا تنكر، من ذلك السجود فلا يجوز لعبد أن يضع وجهه على الأرض ساجداً إلا لله وحده لا شريك له، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي، ومن ذلك الذبح فلا يجوز لأحد أن يذبح إلا لله وحده، كما قرن الله بينهما في القرآن في قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162] ، والنسك هو الذبح، وقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2] فتفطن لهذا، واعلم أن من ذبح لغير الله من جني أو قبر، فكما لو سجد له، وقد لعنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بقوله: ((لعن الله من ذبح لغير الله)) (4).
ومما كتبه الشوكاني عن مفاسد البناء على القبور قوله: (ومن المفاسد البالغة إلى حد يرمي بصاحبه إلى وراء حائط الإسلام: أن كثيراً منهم يأتي بأحسن ما يملكه من الأنعام، وأجود ما يحوزه من المواشي فينحره عند ذلك القبر، متقرباً به إليه، راجياً ما يضمر حصوله منه، فيهل به لغير الله، ويتعبد به لوثن من الأوثان، إذ إنه لا فرق بين نحر النحائر لأحجار منصوبة يسمونها وثناً، وبين قبر لميت يسمونه قبراً
…
)
إلى أن قال: (ولا شك أن النحر نوع من أنواع العبادة التي تعبد الله العباد بها، كالهدايا والفدية والضحايا، فالمتقرب بها إلى القبر والناحر لها عنده لم يكن له غرض بذلك إلا تعظيمه وكرامته، واستجلاب الخير منه، واستدفاع الشر به، وهذا عبادة لا شك فيها، وكفاك من شر سماعه)(5).
(1) انظر: ((غاية المنتهى)) (3/ 337)، وانظر ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 137).
(2)
أحمد بن عبدالأحد السرهندي، النقشبندي، من علماء الهند، دعا إلى نبذ البدع، اشتغل بالتدريس، له مؤلفات، توفي سنة 1034 هـ. انظر ((الأعلام)) (1/ 142)، ((جم المؤلفين)(1/ 259).
(3)
((منتخبات من المكتوبات) للسرهندي (ص220)
(4)
[9956])) رواه مسلم (1978).
(5)
((شرح الصدور بتحريم رفع القبور)) (ص20) باختصار
ومما قاله الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين في هذا الموضوع: (فالدين كله داخل في العبادة، فإذا علم الإنسان وتحقق معنى الإله، وأنه المعبود، وعرف حقيقة العبادة، تبين له أن من جعل شيئاً من العبادة لغير الله، فقد عبده واتخذه إلهاً، وإن فر من تسميته معبوداً أو إلهاً، فتغير الاسم لا يغير حقيقة المسمى، ولا يزيل حكمه ولما سمع عدي بن حاتم (1) - وهو نصراني – قول الله تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ [التوبة: 31]، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لسنا نعبدهم. قال: ((أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال: بلى، قال: فذلك عبادتهم)) (2).
فعديٌّ ما كان يحسب أن موافقتهم فيما ذكر عبادة منهم لهم، فأخبره صلى الله عليه وسلم أن ذلك عبادة منهم لهم، مع أنهم لا يعتقدونه عبادة لهم. وكذلك ما يفعله عباد القبور من دعاء أصحابها، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور، عبادة منهم للمقبورين، وإن كانوا لا يسمونه ولا يعتقدونه عبادة) (3).
ويقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب – في توجيهه القول بأن النذر لغير الله شرك -: (وذلك لأن الناذر لله وحده قد علق رغبته به وحده، لعلمه بأنه تعالى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فتوحيد القصد هو توحيد العبادة، ولهذا ترتب عليه وجوب الوفاء فيما نذره طاعة لله، والعبادة إذا صرفت لغير الله صار ذلك شركاً بالله لالتفاته إلى غيره تعالى فيما يرغب فيه أو يرهب، فقد جعله شريكاً لله في العبادة)(4). نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف- ص 269
(1) عدي بن حاتم بن عبدالله الطائي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلم في سنة تسع، شهد فتح العراق، وكان جواداً، مات سنة 68 هـ. انظر:((الإصابة)) (4/ 472) و ((سير أعلام النبلاء)) (3/ 162).
(2)
[9959])) رواه الترمذي (3095) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/ 116) والطبراني (17/ 92) ، قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث، وحسنه ابن تيمية في ((حقيقة الإسلام والإيمان)) (ص: 111) ، وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (7/ 861): علة الحديث هي جهالة غطيف ابن أعين، وحسنه في ((صحيح سنن الترمذي)).
(3)
((الانتصار)) (ص: 33،34) باختصار.
(4)
((قرة عيون الموحدين)) (ص: 85) وانظر جواب الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ عن الذبح لغير الله تعالى في ((الدرر السنية)) (8/ 286) وجواب الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن الذبح لغير الله وكذا النذر لغير الله في ((فتاويه)) (1/ 105 – 107) وانظر ((فتاوى ابن باز)) (3/ 322) و ((المجموع الثمين)) لابن عثيمين (1/ 41)، و ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (1/ 89، 110، 112 – 116، 127، 132، 220، 258).