الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: أنواع الكفر
المطلب الأول: الكفر الأكبر
وهو يناقض الإيمان، ويخرج صاحبه من الإسلام، ويوجب الخلود في النار، ولا تناله شفاعة الشافعين، ويكون بالاعتقاد، وبالقول، وبالفعل، وبالشك والريب، وبالترك، وبالإعراض، وبالاستكبار.
ولهذا الكفر أنواع كثيرة؛ من لقي الله تعالى بواحد منها لا يغفر له، ولا تنفعه الشفاعة يوم القيامة الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري – ص 245
وهو خمسة أنواع:
أ- كفر التكذيب، وهو اعتقاد كذب الرسل عليهم السلام، فمن كذبهم فيما جاؤوا به ظاهرا أو باطنا فقد كفر، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَما جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ [العنكبوت:68].
2 – كفر الإباء والاستكبار، وذلك بأن يكون عالما بصدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، لكن لا ينقاد لحكمه ولا يذعن لأمره، استكبارا وعنادا، والدليل قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].
3 -
كفر الشك، وهو التردد، وعدم الجزم بصدق الرسل، ويقال له كفر الظن، وهو ضد الجزم واليقين.
والدليل قوله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ الساعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَواكَ رَجُلًا لَكِنا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا [الكهف: 35 - 38].
4 -
كفر الإعراض، والمراد الإعراض الكلي عن الدين، بأن يعرض بسمعه وقلبه وعلمه عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والدليل قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَما أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [الأحقاف: 3].
5 -
كفر النفاق، والمراد النفاق الاعتقادي بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفر، والدليل قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3]. أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة لمحمد بن عبد الوهاب ص - وزارة الشؤون الإسلامية
المطلب الثاني: الكفر الأصغر
النوع الثاني: كفر أصغر غير مخرج من الملة:
وهو ما لا يناقض أصل الإيمان؛ بل ينقصه ويضعفه، ولا يسلب صاحبه صفة الإسلام وحصانته، وهو المشهور عند العلماء بقولهم:(كفر دون كفر) ويكون صاحبه على خطر عظيم من غضب الله عز وجل إذا لم يتب منه؛ وقد أطلقه الشارع على بعض المعاصي والذنوب على سبيل الزجر والتهديد؛ لأنها من خصال الكفر، وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر، وما كان من هذا النوع فمن كبائر الذنوب.
وهو مقتض لاستحقاق الوعيد والعذاب دون الخلود في النار، وصاحب هذا الكفر ممن تنالهم شفاعة الشافعين، ولهذا النوع من الكفر صور كثيرة، منها:
كفر النعمة:
وذلك بنسبتها إلى غير الله تعالى بلسانه دون اعتقاده.
قال تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل:83]
كقول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي على سبيل إسناد النعمة إلى آبائه، أو قول أحدهم: لولا فلان لم يكن كذا وغيرها مما هو جار على ألسنة كثير من الناس، والمراد أنهم ينسبونه إلى أولئك، مع علمهم أن ذلك بتوفيق الله.
ومن ذلك تسمية الأبناء بعبد الحارث، وعبد الرسول، وعبد الحسين ونحوها؛ لأنه عبده لغير الله مع أنه هو خالقه والمنعم عليه.
كفران العشير والإحسان:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أريت النار؛ فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن)) قيل: أيكفرن بالله. قال: ((يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت خيراً قط)) (1).
الحلف بغير الله تعالى: لقوله صلى الله عليه وسلم:
((من حلف بغير الله فقد كفر، أو أشرك)) (2).
فإجماع أهل السنة والجماعة على أن هذا الشرك والكفر هما من الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام، ما لم يعظم المخلوق به في قلب الحالف كعظمة الله تعالى.
قتال المسلم: لقوله صلى الله عليه وسلم:
((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) (3).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً؛ يضرب بعضكم رقاب بعض)) (4).
فهذا النوع من الكفر غير مخرج من الملة باتفاق الأئمة؛ لأنهم لم يفقدوا صفات الإيمان، لقول الله تعالى:
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9]
الطعن في النسب، والنياحة على الميت:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في الناس هما بهم كفر؛ الطعن في النسب، والنياحة على الميت)) (5).
الانتساب إلى غير الأب:
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
((لا ترغبوا عن آبائكم؛ فمن رغب عن أبيه فهو كفر)) (6).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس من رجل ادعى لغير أبيه - وهو يعلمه - إلا كفر، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم؛ فليتبوأ مقعده من النار)(7).
وأنواع الكفر الأصغر كثيرة يتعذر حصرها؛ فكل ما جاءت به النصوص الشرعية من تسميته كفراً، ولم يصل إلى حد الكفر الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو الفسق الأكبر، أو الظلم الأكبر؛ فهو كفر أصغر. الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري – ص 245
(1) رواه البخاري (29).
(2)
رواه أبو داود (3251)، والترمذي (1535) واللفظ له، وأحمد (2/ 125) (6072). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: حديث حسن. وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (735) - كما أشار لذلك في مقدمته -. وأحمد شاكر في ((المسند)) (8/ 222). وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
(3)
رواه البخاري (48)، ومسلم (64). من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
(4)
رواه البخاري (121)، ومسلم (65). من حديث جرير رضي الله عنه.
(5)
رواه مسلم (67). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
رواه البخاري (6768)، ومسلم (62). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(7)
رواه البخاري (3508)، ومسلم (61). من حديث أبي ذر رضي الله عنه.