الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: المقصود بالفاسق الملي
والمقصود به الفاسق من أهل القبلة، والنزاع في اسمه وحكمه هو أول خلاف ظهر في الإسلام في مسائل أصول الدين.
قال شيخ الإسلام: (وبتحقق هذا المقام يزول الاشتباه في هذا الموضع، ويعلم أن في المسلمين قسما ليس هو منافقا محضا في الدرك الأسفل من النار، وليس هو من المؤمنين الذين قيل فيهم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصادِقُونَ [الحجرات:15].
ولا من الذين قيل فيهم: أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال:4] فلا هم منافقون ولا هم من هؤلاء الصادقين المؤمنين حقا، ولا من الذين يدخلون الجنة بلا عقاب. بل له طاعات ومعاص، وحسنات وسيئات، ومعه من الإيمان ما لا يخلد معه في النار، وله من الكبائر ما يستوجب دخول النار.
وهذا القسم قد يسميه بعض الناس: الفاسق الملي وهذا مما تنازع الناس في اسمه وحكمه. والخلاف فيه أول خلاف ظهر في الإسلام في مسائل أصول الدين) (1).
وأهل السنة لا يكفرون هذا الصنف، ولا يحكمون بخلوده في النار، بل يرون أنه تحت المشيئة،، لكنهم تنازعوا في اسمه، هل يطلق عليه مؤمن أم لا؟
قال شيخ الإسلام: (وأما أهل السنة والجماعة والصحابة والتابعون لهم بإحسان، وسائر طوائف المسلمين من أهل الحديث والفقهاء وأهل الكلام من مرجئة الفقهاء والكرامية والكلابية والأشعرية والشيعة، مرجئهم وغير مرجئهم، فيقولون: إن الشخص الواحد قد يعذبه الله بالنار ثم يدخله الجنة، كما نطقت بذلك الأحاديث الصحيحة.
وهذا الشخص الذي له سيئات عذب بها وله حسنات دخل بها الجنة، وله معصية وطاعة، باتفاق فإن هؤلاء الطوائف لم يتنازعوا في حكمه، لكن تنازعوا في اسمه. فقالت المرجئة، جهميتهم وغير جهميتهم: هو مؤمن كامل الإيمان.
وأهل السنة والجماعة على أنه مؤمن ناقص الإيمان، ولولا ذلك لما عذب، كما أنه ناقص البر والتقوى باتفاق المسلمين.
وهل يطلق عليه اسم مؤمن؟ هذا فيه القولان، والصحيح التفصيل:
فإذا سئل عن أحكام الدنيا كعتقه في الكفارة، قيل: هو مؤمن. وكذلك إذا سئل عن دخوله في خطاب المؤمنين.
وأما إذا سئل عن حكمه في الآخرة، قيل: ليس هذا النوع من المؤمنين الموعودين بالجنة، بل معه إيمان يمنعه الخلود في النار، ويدخل به الجنة بعد أن يعذب في النار، إن لم يغفر الله له ذنوبه. ولهذا قال من قال: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو مؤمن ناقص الإيمان.
والذين لا يسمونه مؤمناً من أهل السنة ومن المعتزلة يقولون: اسم الفسوق ينافي اسم الإيمان لقوله: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [الحجرات:11] وقوله: أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا [السجدة:18] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ)) (2)) (3).
(1)((مجموع الفتاوى)) (7/ 478) وما بعدها.
(2)
رواه البخاري (48) ومسلم (64) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(3)
((مجموع الفتاوى)) (7/ 354) وما بعدها، وانظر (7/ 525).
وقال أيضا: (ولا يسلبون الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة، بل الفاسق يدخل في اسم الإيمان (1) في مثل قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92] وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق كما في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2]، وقوله:((لا يَزْنِي الزانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ السارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ الناسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ)) (2).
ويقولون: هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم) (3).
(والفرق بين مطلق الشيء، والشيء المطلق، أن الشيء المطلق هو الشيء الكامل، ومطلق الشيء يعني أصل الشيء وإن كان ناقصا. فالفاسق لا يعطى الاسم المطلق في الإيمان وهو الاسم الكامل، ولا يسلب مطلق الاسم، فلا نقول: ليس بمؤمن، بل نقول: ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة وهو المذهب العدل الوسط، وخالفهم في ذلك طوائف: المرجئة يقولون: مؤمن كامل الإيمان، والخوارج يقولون: كافر. والمعتزلة في منزلة بين المنزلتين)(4).
الإيمان المنفي عن الزاني والسارق:
قد تبين أن الشارع ينفي الإيمان المطلق عن أصحاب الذنوب، كالزاني والسارق وشارب الخمر، ولا ينفي عنهم مطلق الإيمان، ولهذا فهم مسلمون مصدقون، ولديهم من أعمال القلب والجوارح ما يصحح إيمانهم، ويدفع الكفر والنفاق عنهم.
(1) في نسخ الواسطية المطبوعة: (الإيمان المطلق)، وهو مشكل، وقد حمله الشيخ ابن عثيمين على أن المراد إذا أطلق الإيمان، وليس المراد الإيمان الكامل. انظر:((شرح الواسطية)) لابن عثيمين (2/ 648). وما أثبته هو الموافق لما في ((مجموع الفتاوى))، ولما في النسخة المخطوطة للواسطية، كما قال الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف في تحقيقه لـ ((شرح الواسطية)) للهراس، هامش:(ص269).
(2)
رواه البخاري (5578) ومسلم (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
((شرح الواسطية)) للشيخ الفوزان (ص161) وما بعدها، وضمن ((مجموع الفتاوى)) (3/ 151).
(4)
((شرح الواسطية)) للشيخ ابن عثيمين (2/ 651)، وقال ابن القيم: فالإيمان المطلق لا يطلق إلا على الكامل الكمال المأمور به، ومطلق الإيمان يطلق على الناقص والكامل، ولهذا نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان المطلق عن الزاني وشارب الخمر والسارق ولم ينف عنه مطلق الإيمان، وقال:(والمقصود الفرق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان. فالإيمان المطلق يمنع دخول النار ومطلق الإيمان يمنع الخلود فيها).ا. هـ. من ((بدائع الفوائد)) (4/ 227).
وقد دلت السنة الصحيحة على أن الإيمان يرتفع عن الزاني حين يزني، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ كَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ)) (1)، والمقصود بهذا الإيمان: الخشية والنور والخشوع، لا أن التصديق يذهب، أو أن عمل القلب يزول بالكلية.
فالزاني حين يزني، لابد أن يعتقد حرمة الزنا، وأن يبغضه، ويكرهه، ويخاف من عاقبته، وهكذا السارق وشارب الخمر ونحوهما، وبهذا يبقى لهم أصل الإيمان.
قال شيخ الإسلام: (ومن أتى الكبائر مثل الزنا أو السرقة أو شرب الخمر وغير ذلك، فلابد أن يذهب ما في قلبه من تلك الخشية والخشوع والنور، وإن بقي أصل التصديق في قلبه، وهذا من الإيمان الذي ينزع منه عند فعل الكبيرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يَزْنِي الزانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ السارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ)) (2). فإن المتقين كما وصفهم الله بقوله: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201]، فإذا طاف بقلوبهم طائف من الشيطان تذكروا فيبصرون. قال سعيد بن جبير: هو الرجل يغضب الغضبة فيذكر الله فيكظم الغيظ. وقال ليث عن مجاهد: هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيدعه. (3).
والشهوة والغضب مبدأ السيئات، فإذا أبصر رجع. ثم قال: وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ [الأعراف:202] أي وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي ثم لا يقصرون. قال ابن عباس: لا الإنس تقصر عن السيئات، ولا الشياطين تمسك عنهم. فإذا لم يُبصر بقي قلبه في غي والشيطان يمده في غيه، وإن كان التصديق في قلبه لم يكذّب، فذلك النور والإبصار وتلك الخشية والخوف يخرج من قلبه. وهذا كما أن الإنسان يُغمض عينيه فلا يرى شيئا وإن لم يكن أعمى، فكذلك القلب بما يغشاه من رَيْن الذنوب لا يبصر الحق وإن لم يكن أعمى كعمى الكافر، وهكذا جاء في الآثار).
وأورد آثارا عن الحسن وابن عباس وأبي هريرة، ثم قال:(وفى حديثٍ عن أبى هريرة مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان كان كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان)) وهذا إن شاء الله يبسط في موضع آخر) (4).
(1) رواه أبو داود (4690)، والترمذي (2625). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود. وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (89) – كما أشار لذلك في مقدمته- وابن حجر في ((فتح الباري)) (12/ 62). وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(2)
رواه البخاري (5578) ومسلم (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
انظر ((تفسير البغوي)) (3/ 318).
(4)
((مجموع الفتاوى)) (7/ 31) وما بعدها.
فبين أن الذي يرتفع عن الزاني هو النور والخشية والخشوع، مع بقاء التصديق في قلبه، وبين في موضع آخر اشتراط وجود عمل القلب، من بغض المعصية وكراهيتها، والخوف من الله حال ارتكابها، ليبقى عقد الإيمان، فقال:(الإنسان لا يفعل الحرام إلا لضعف إيمانه ومحبته، وإذا فعل مكروهات الحق فلضعف بعضها في قلبه أو لقوة محبتها التي تغلب بعضها، فالإنسان لا يأتي شيئا من المحرمات كالفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، والشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا، والقول على الله بغير علم، إلا لضعف الإيمان في أصله أو كماله، أو ضعف العلم والتصديق، وإما ضعف المحبة والبغض، لكن إذا كان أصل الإيمان صحيحا وهو التصديق، فإن هذه المحرمات يفعلها المؤمن مع كراهته وبغضه لها، فهو إذا فعلها لغلبة الشهوة عليه، فلا بد أن يكون مع فعلها فيه بغض لها، وفيه خوف من عقاب الله عليها، وفيه رجاء لأن يخلص من عقابها، إما بتوبة وإما حسنات، وإما عفو، وإما دون ذلك، وإلا فإذا لم يبغضها ولم يخف الله فيها ولم يرج رحمته، فهذا لا يكون مؤمنا بحال، بل هو كافر أو منافق)(1).
وقال: (وأيضا فقد ثبت في (الصحيح) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ)) (2) وفى رواية: ((وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ)) (3) فهذا يبين أن القلب إذا لم يكن فيه بغضُ ما يكرهه الله من المنكرات، كان عادما للإيمان. والبغض والحب من أعمال القلوب. ومن المعلوم أن إبليس ونحوه يعلمون أن الله عز وجل حرم هذه الأمور، ولا يبغضونها، بل يدعون إلى ما حرم الله ورسوله) (4).
تنبيه:
وقع في كلام بعض أهل العلم أن المراد بنفي الإيمان الوارد في بعض النصوص: هو نفي الكمال، وهذا لابد أن يقيّد بالكمال الواجب، وإلا فتارك الكمال المستحب، لا ينفى عنه الإيمان، وإلا للزم نفي الإيمان عن أكثر الناس.
فمن الأول: قول النووي: بَاب بَيَانِ نُقْصَانِ الْإِيمَانِ بِالْمَعَاصِي وَنَفْيِهِ عَنْ الْمُتَلَبِّسِ بِالْمَعْصِيَةِ عَلَى إِرَادَةِ نَفْيِ كَمَالِهِ
…
(1)((قاعدة في المحبة)) (ص104).
(2)
رواه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(3)
رواه مسلم (50) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. ولفظه: (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ).
(4)
((مجموع الفتاوى)) (7/ 557).
فمن قال: إن المنفي هو الكمال، فإن أراد أنه نفي الكمال الواجب الذي يُذم تاركه، ويتعرض للعقوبة، فقد صدق. وإن أراد أنه نفي الكمال المستحب، فهذا لم يقع قط في كلام الله ورسوله، ولا يجوز أن يقع؛ فإن من فعل الواجب كما وجب عليه، ولم ينتقص من واجبه شيئا، لم يجز أن يقال: ما فعله، لا حقيقة ولا مجازا، فإذا قال للأعرابي المسيء في صلاته:((ارجع فصل فإنك لم تصل))، (1) وقال لمن صلى خلف الصف وقد أمره بالإعادة:((لا صلاة لفذ خلف الصف)) (2) كان لترك واجب
…
) (3).
فائدة: في مراتب النفي
قال الشيخ ابن عثيمين: (ونفي الشيء له ثلاث حالات: فالأصل أنه نفي للوجود، وذلك مثل: (لا إيمان لعابد صنم)، فإنْ منعَ مانعٌ من نفي الوجود، فهو نفي للصحة، مثل:(لا صلاة بغير وضوء)، فإن منع مانع من نفي الصحة، فهو نفيٌ للكمال، مثل:((لا صلاة بحضرة الطعام)) (4).، فقوله:((لا يؤمن أحدكم)) نفي للكمال الواجب، لا المستحب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(لا ينفى الشيء إلا لانتفاء واجب فيه، ما لم يمنع من ذلك مانع)) (5). الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل وكشف شبهات المعاصرين لمحمد بن محمود آل خضير- بتصرف- 1/ 174
(1) رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
رواه ابن ماجه (1003)، وأحمد (4/ 23)(16340)، وابن حبان (5/ 579)، والبيهقي (3/ 105). من حديث علي بن شيبان رضي الله عنه. مرةً بلفظ: (
…
لا صلاة للذي خلف الصف)، ومرة بلفظٍ: (
…
لا صلاة لرجل فرد خلف الصف، ومرةً بلفظ: (
…
لا صلاة لفرد خلف الصف). قال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (1/ 122): هذا إسنادٌ صحيح رجاله ثقات. قال الذهبي في ((المهذب)) (2/ 1036): إسناده صالح. وقال في ((تنقيح التحقيق)) (1/ 263): إسناده قوي. وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 176): إسناده حسن. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(3)
((مجموع الفتاوى)) (7/ 14) وما بعدها.
(4)
رواه مسلم (560) ، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(5)
((القول المفيد على كتاب التوحيد)) (2/ 161)، وانظر:((التعليق على صحيح مسلم)) له أيضا، (1/ 248) وما بعدها، وفيه:(فإن قال قائل: وما حكم العمل إذا نفي الكمال، مع وجوده؟ قلنا: القاعدة عند العلماء: أن ما رتب عليه نفي الإيمان، فإنه يكون من كبائر الذنوب).