المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما وقع من الحوادث سنة 833] - النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة - جـ ١٥

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس عشر]

- ‌مقدمة

- ‌[تتمة ما وقع من الحوادث سنة 836]

- ‌[3] ذكر سفر السلطان الملك الأشرف [برسباى] إلى آمد

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 837]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 838]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 839]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 840]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 841]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 825]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 826]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 827]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 828]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 829]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 830]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 831]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 832]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 833]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 834]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 835]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 836]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 837]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 838]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 839]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 840]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 841]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 842]

- ‌ذكر ما وقع له من ابتداء أمره إلى أن تسلطن

- ‌ذكر قتل قرقماس الشعبانى الناصرى

- ‌ذكر خبر عصيان تغرى برمش المذكور

- ‌فرار الملك العزيز

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 843]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 844]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 845]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 846]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 847]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 848]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 849]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 850]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 851]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 852]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 853]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 854]

- ‌ذكر مبدأ نكبة أبى الخير النحاس على سبيل الاختصار

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 855]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 856]

- ‌ابتداء مرض موت السلطان

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 857]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 842]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 843]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 844]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 845]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 846]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 847]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 848]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 849]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 850]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 851]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 852]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 853]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 854]

- ‌فهرس

- ‌الملوك والسلاطين الذين تولوا مصر من سنة 836- 854 ه

- ‌ الخلفاء العباسيون المعاصرون

- ‌فهرس الأعلام

- ‌فهرس الأمم والقبائل والبطون والعشائر والأرهاط والطوائف والجماعات

- ‌فهرس البلاد والأماكن والأنهار والجبال وغير ذلك

- ‌فهرس الألفاظ الاصطلاحية وأسماء الوظائف والرتب والألقاب التى كانت مستعملة فى عصر المؤلف

- ‌فهرس وفاء النيل من سنة 825 هـ- 854 ه

- ‌فهرس أسماء الكتب الواردة بالمتن والهوامش

- ‌المراجع التى اعتمد عليها المحقق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌[ما وقع من الحوادث سنة 833]

[ما وقع من الحوادث سنة 833]

السنة التاسعة من سلطنة «1» [الملك]«2» الأشرف برسباى [على مصر]«3» وهى سنة ثلاث وثلاثين [وثمانمائة] : «4» فيها كان الطاعون العظيم الذي لم ندرك بمثله بمصر وقراها، بل وبغالب البلاد الشامية، حسبما ذكرناه فى ترجمة [الملك]«5» الأشرف هذا فى وقته.

وكان هذا الطاعون أعظم من هذه الطواعين كلها وأفظعها، ولم يقع بالقاهرة ومصر بعد الطاعون العام الذي كان سنة تسع وأربعين وسبعمائة «6» نظير هذا الطاعون؛ وخالف هذا الطاعون الطواعين الماضية فى أمور كثيرة، منها أنه وقع فى الشتاء وارتفع فى فصل الربيع، وكانت الطواعين تقع فى فصل الربيع وترتفع فى أوائل الصيف، وأشياء غير ذلك ذكرناها فى محلها «7» .

[وفيها]«8» توفى القاضى شرف الدين أبو الطيب محمد ابن القاضى تاج الدين

ص: 156

عبد الوهاب بن نصر الله الغزّى الأصل، المصرى، فى ليلة الأربعاء سابع عشر ربيع الأول، ودفن بالصحراء، ومات بغير الطاعون «1» ؛ ومولده فى ليلة السبت حادى عشرين ذى القعدة سنة سبع وتسعين وسبعمائة، ونشأ بالقاهرة واشتغل يسيرا وخدم الأمير ططر موقّعا «2» عدة سنين، فلما تسلطن رشحه لنظر الجيش فلم يتم له ذلك، وولى نظر الكسوة، ونظر أوقاف الأشراف، ثم نظر دار الضرب إلى أن مات. وكان شابا كريما وفيه محبة لأهل العلم والفضل «3» والصلاح، إلا أنه كان فيه حدة «4» مزاج وبادرة مع تدين وتحشّم.

وتوفى الأمير سيف الدين أزبك [بن عبد الله]«5» المحمدى الظاهرى برقوق «6» الدوادار الكبير، بالقدس بطّالا، فى يوم الثلاثاء سادس عشر [شهر]«7» ربيع الأول؛ وهو أحد المماليك الظاهرية [برقوق]«8» وترقّى إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بدمشق، ثم قبض عليه [الملك]«9» المؤيد شيخ بعد واقعة نوروز وحبسه سنين، إلى أن أطلقه فى أواخر دولته، وأنعم عليه بإقطاع هيّن بدمشق أمير عشرة.

فلما أن صار الأمر إلى [الأمير]«10» ططر أنعم عليه بإمرة طبلخاناة بديار مصر، ثم صار أمير مائة ومقدم ألف، ثم رأس نوبة النّوب بعد الأمير قصروه [من تمراز]«11» فى

ص: 157

أوائل الدولة الأشرفية، ثم نقل إلى الدوادارية الكبرى بعد سودون من عبد الرحمن، لما نقل إلى نيابة دمشق بعد عصيان تنبك البجاسى، فدام فى الدوادارية إلى أن أشيع عنه أنه يريد الوثوب على السلطان، ولم يكن لذلك صحة، فأخرجه السلطان إلى القدس بطّالا، ومسفرّه الأمير قراخجا الحسنى رأس نوبة، فدام بالقدس إلى أن مات.

وكان أميرا ضخما عاقلا حشما مهابا دينا عفيفا عن المنكرات والفروج، خليقا للإمارة، وهو أحد من تولى تربيتى رحمه الله [تعالى]«1» ، ولقد كان به تجمّل فى الزمان وأهله.

وتوفى القاضى كريم الدين عبد الكريم بن سعد الدين بركة المعروف بابن كاتب جكم، ناظر الخاصّ [الشريف]«2» فى ليلة الجمعة العشرين من [شهر]«3» ربيع الأول بغير طاعون ودفن بالقرافة، وحضر السلطان الصلاة عليه بمصلاة المؤمنى؛ وتولى ابنه القاضى [56] سعد الدين إبراهيم وظيفة نظر الخاص من بعده، وقد تطاول أعناق بنى نصر الله وغيرهم إلى الوظيفة فلم يلتفت السلطان إلى أحد، وولاها لسعد الدين المذكور.

وكان القاضى كريم الدين المذكور رئيسا حشما متواضعا كريما بشوشا هيّنا ليّنا ساكتا عاقلا، باشر فى ابتداء أمره استيفاء الدولة «4» ، ثم نظر الدولة «5» ، وغيرهما من خدم أعيان الأمراء، آخرهم [الملك]«6» الأشرف برسباى، إلى أن طلبه [السلطان الملك]«7» الأشرف وولاه نظر الخاص [الشريف]«8» بعد عزل الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله عنها، واستقراره أستادارا، فى يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الأولى سنة

ص: 158

ثمان وعشرين وثمانمائة، وكان ذلك آخر عهد بنى نصر الله بهذه الوظيفة. واستقر فى نظر الدولة من بعده أمين الدين إبراهيم بن الهيصم.

وباشر القاضى كريم الدين الوظيفة بحرمة وافرة، ونالته السعادة وعظم فى الدولة وأثرى، ومشى حال الخاص فى أيامه، حتى قيل إنه منذ ولى الخاص إلى أن توفى لم يبطل الواصل عنه يوما واحدا، مبالغة فى إقبال سعده وتيامن الناس بولايته، ومات من غير نكبة [رحمه الله تعالى]«1» .

وتوفى الأمير [سيف الدين]«2» كمشبغا بن عبد الله الفيسى المزوّق الظاهرى منفيا بدمشق، فى رابع عشر [شهر]«3» ربيع الآخر وقد ناهز الستين سنة من العمر؛ وأصله من مماليك [الملك]«4» الظاهر برقوق، ورقاه [الملك]«5» الناصر فرج إلى أن جعله أمير آخور كبيرا مدة يسيرة، ثم عزله [الملك]«6» الناصر أيضا، ثم وقع له أمور وانحطّ قدره فى دولة [الملك]«7» الأشرف برسباى، وتولى كشف البر، وساءت «8» سيرته من كثرة ظلمه وقلة دينه مع الإسراف على نفسه؛ وفى الجملة فمستراح منه ومن مساوئه.

وتوفى السيد الشريف على بن عنان بن مغامس بن رميثة، تقدّم أن اسم رميثة منجد بن أبى نمىّ، وقد ذكرنا بقية نسبه فى ترجمة الشريف حسن بن عجلان وغيره، [فلينظر هناك]«9» . وكانت وفاته بقلعة الجبل فى يوم الأحد ثالث جمادى الآخرة بالطاعون، وكانت لديه فضيلة، ويذاكر [ب]«10» الشعر وغيره.

وتوفى الأمير الكبير سيف الدين بيبغا بن عبد الله المظفّرى، وهو أمير مجلس، فى ليلة الأربعاء سادس جمادى الآخرة بالطاعون، وهو أحد أعيان المماليك الظاهرية

ص: 159

[برقوق]«1» وممن ترقى فى الدولة الناصرية [فرج]«2» حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، وصار من يوم ذاك «3» ينتقل فى الإمرة «4» والحبوس شاما ومصرا وإسكندرية، فكان حاله أشبه بقول القائل:[المتقارب]

[و]«5» يوم سمين ويوم هزيل

ويوم أمرّ من الحنظله

وليل «6» أبيت جليس الملوك

وليل «7» أبيت على مزبله

إلى أن خلع عليه الأشرف [برسباى]«8» باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية بعد الأمير طرباى، فأقام على ذلك نحو ثلاث سنين أو دونها، وقبض عليه [الملك]«9» الأشرف وحبسه أيضا بالإسكندرية، وذلك لبادرة كانت فيه، ومخاشنة فى كلامه مع الملوك، مع سلامة الباطن، ولذلك كان كثيرا ما يحبس ثم يفرج عنه.

وقد تقدم التعريف بحاله عندما أمسكه [الملك]«10» الأشرف «11» فى أصل ترجمة الأشرف «12» مستوفاة، فدام بيبغا المذكور فى السجن مدة طويلة، ثم أطلقه السلطان «13» وسيّره إلى دمياط بطّالا، ثم نقله إلى القدس فلم تطل مدته، وطلبه السلطان «14» وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف، وخلع عليه باستقراره أمير مجلس.

ولما ولى إمرة مجلس، صار يقعد على ميسرة السلطان فوق أمير سلاح، مراعاة لما سبق له من الرئاسة من الأتابكية وغيرها، وكون أمير سلاح كان الأمير إينال الجكمى

ص: 160

- أحد السّيفيّة «1» - ينظره فى عينه أنه مملوك بعض خجدا شيّته «2» . وكان بيبغا «3» أميرا جليلا شجاعا مهابا مقداما، مع كرم وسلامة باطن وفحش فى خطابه، [من غير سفه على عادة جنس الأتراك، ومع هذا كله كان فيه دعابة حلوة يحتمل بها فحش خطابه وانحرافه]«4» ، وهو أعظم من رأيناه من الملوك فى أبناء جنسه [رحمه الله]«5» .

وتوفى الأمير سيف الدين بردبك [السيفى]«6» يشبك بن أزدمر المعروف بالأمير آخور، وهو أحد مقدمى الألوف بالديار المصرية فى يوم الأحد «7» عاشر جمادى الآخرة بالطاعون، وهو فى الكهولية، وكان «8» خدم بعد موت أستاذه يشبك ابن أزدمر [57] عند «9» الأمير ططر وصار أمير آخوره، فلما تسلطن ولّاه الأمير آخورية الثانية بإمرة طبلخانة دفعة واحدة، ودام على ذلك سنين إلى أن نقله [الملك]«10» الأشرف إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية؛ فدام على ذلك إلى أن مات.

وكان شابا أشقر مليح الشكل حلو الوجه معتدل القامة عاقلا حشما ساكتا كريما متواضعا وقورا، قل أن ترى العيون مثله، وهو والد صاحبنا الزينى فرج ابن بردبك أحد الحجاب بالديار المصرية.

(النجوم الزاهرة ج 15)

ص: 161

وتوفى المقام الناصرى محمد ابن السلطان [الملك]«1» الأشرف برسباى [صاحب الترجمة]«2» فى يوم الثلاثاء سادس عشرين جمادى الأولى بالطاعون وقد ناهز الاحتلام، ودفن بمدرسة والده الأشرفية بخط العنبريين من القاهرة، وأمه خوند فاطمة من أولاد تجار القرم «3» ، وكانت قبل [الملك]«4» الأشرف تحت أستاذه الأمير دقماق المحمدى.

وكان المقام الناصرى [المذكور]«5» من أحسن الناس شكلا، تظهر فيه مخايل النجابة والسكون والعقل.

وتوفى المقام الناصرى محمد ابن السلطان الملك الناصر فرج ابن [السلطان الملك الظاهر]«6» برقوق ابن [الأمير]«7» أنص [الجاركسى]«8» بسجن الإسكندرية فى يوم الاثنين حادى عشرين جمادى الآخرة بالطاعون، وله من العمر إحدى وعشرون سنة، وأمه أم ولد مولّدة تسمى عاقولة، ودفن بالإسكندرية ثم نقل منها إلى تربة جده بالصحراء فيما أظن.

وتوفى الشيخ الإمام العالم العلامة، فريد عصره ووحيد دهره، نظام الدين يحيى ابن العلامة سيف الدين يوسف بن محمد بن عيسى السيرامى الحنفى شيخ الشيوخ بالمدرسة الظاهرية البرقوقية، فى جمادى الآخرة «9» بالطاعون، وتولى مشيخة الظاهرية من بعده ولده عضد الدين عبد الرحمن، أخذها عن أبيه، وكان أبوه أخذها عن أبيه أيضا. وكان الشيخ نظام الدين إماما مفننا بارعا فى المعقول والمنقول عارفا بالمنطوق والمفهوم، مشاركا فى فنون كثيرة، وأفتى ودرّس وأشغل سنين عديدة إلى أن مات.

وتوفى السلطان الملك الصالح محمد ابن [السلطان]«10» الملك الظاهر ططر، والسلطان الملك

ص: 162

المظفّر أحمد ابن [السلطان]«1» الملك المؤيد شيخ، والخليفة المستعين بالله العباسى، الثلاثة بالطاعون، كلاهما فى إسكندرية، والصالح بقلعة الجبل، وقد تقدم ذكر ذلك فى ترجمتهم غير أننا ذكرناهم هنا فى «2» جملة من مات بالطاعون، ولهذا لم يحرر يوم وفاتهم لأنه تقدم [- انتهى]«3» .

وتوفى الأمير الطواشى زين الدين مرجان «4» الهندى المسلمى خازندار [الملك]«5» المؤيد شيخ بالطاعون فى سادس جمادى الآخرة، وكان أصله من خدام التاجر ابن مسلم المصرى «6» ، ثم اتصل بخدمة [الملك]«7» المؤيد شيخ «8» أيام إمرته واختص به، فلما تسلطن جعله خازندارا، ثم أمره بالتكلم فى وظيفة نظر الخاص عوضا عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله فتكلّم عليها أياما. ومات المؤيد، وأعيد ابن نصر الله، ثم ولّاه الأمير ططر زماما بعد «9» أن قبض عليه بدمشق، ثم أطلقه، فدام فى وظيفة الزمامية إلى أن عزله [الملك]«10» الأشرف برسباى ونكبه وصادره «11» فتخومل «12» ولزم داره إلى أن مات. وكان من المهملين أرباب الحظوظ.

وتوفى الأمير زين الدين عبد القادر ابن الأمير فخر الدين عبد الغنى ابن الوزير

ص: 163

تاج الدين عبد الرزّاق بن أبى الفرج، بعد ما عزل عن الأستادارية، فى يوم الأربعاء سابع جمادى الآخرة بالطاعون، ودفن على أبيه بمدرسته ببين السورين «1» خارج القاهرة. وكان شابا جميلا عاقلا ساكنا قليل الشر بالنسبة إلى آبائه وأقاربه، كثير الشر بالنسبة إلى غيرهم. باشر الأستادارية بقلة حرمة وعدم التفات أهل الدولة إليه، وقاسى فى مباشرته خطوب الدهر ألوانا من العجز والقلّ وبيع موجوده وأملاكه، إلى أن أعفى فلم تطل أيامه ومات.

وتوفى السيد الشريف شهاب الدين أحمد «2» بن علاء الدين على بن إبراهيم بن عدنان الحسينى الدمشقى، كاتب السر الشريف بالديار المصرية، فى ليلة الخميس ثامن جمادى الآخرة بالطاعون، ومولده فى شوال سنة أربع وسبعين وسبعمائة بدمشق وبها نشأ، وتولى عدة وظائف بدمشق مثل كتابة السر [58] وقضاء الشافعية ونظر الجيش، ثم طلب إلى مصر وولى كتابة سرها فلم تطل أيامه ومات.

وتولى أخوه الشريف عماد الدين أبو بكر كتابة السر من بعده، فركب إلى القلعة ثم مرض من يومه قبل أن يلبس خلعة كتابة السر، ومات بالطاعون أيضا فى ليلة الجمعة ثالث عشر شهر رجب ولم يبلغ الأربعين سنة، وكان أحسن سيرة من أخيه شهاب الدين صاحب الترجمة.

وتوفى السيد الشريف سرداج بن مقبل بن نخبار «3» بن مقبل بن محمد بن راجح ابن إدريس بن حسن بن قتادة بن إدريس، ومن هنا يعرف نسبه من نسب حسن ابن عجلان؛ مات فى أواخر جمادى الآخرة بالطاعون.

وتوفى الأمير الطواشى افتخار الدين ياقوت بن عبد الله الأرغونى «4» شاوى الحبشى مقدم المماليك السلطانية بالطاعون، فى يوم الاثنين ثانى [شهر]«5» رجب

ص: 164

ودفن بتربته التى أنشأها بالصحراء، وتولى عوضه التقدمة نائبه خشقدم اليشبكى الرومى، وتولى نيابة المقدم الطواشى فيروز الركنى الرومى الجمدار. وأصل ياقوت هذا من خدام الأمير أرغون شاه أمير مجلس الظاهر برقوق، تنقل فى الخدم إلى أن صار مقدم المماليك السلطانية، وكان ديّنا خيّرا جميل الطريقة محمود السيرة، سافر أمير حاجّ المحمل مرتين رحمه الله تعالى.

وتوفى الأمير سيف الدين يشبك بن عبد الله أخو الملك الأشرف برسباى فى رابع [شهر]«1» رجب بالطاعون ودفن بالتربة الأشرفية، بعد أن صار من جملة أمراء الألوف أياما؛ فإن السلطان كان أنعم عليه فى أول قدومه إلى مصر فى حدود سنة ثلاثين وثمانمائة بإمرة طبلخاناة دفعة واحدة، فدام على ذلك إلى أن توفى الأمير بردبك الأمير آخور المقدم ذكره بالطاعون، فأنعم «2» على يشبك هذا بتقدمته فمات هو أيضا بعد أيام، وقد تقدم فى أصل ترجمة [الملك]«3» الأشرف ذكر هذا الطاعون وعظمه، وأنه كان ينتقل على الإقطاع الواحد الخمسة والستة من المماليك فى مدة يسيرة، والكل يموتون «4» بالطاعون [- انتهى]«5» .

وأظن يشبك «6» أنه كان أسنّ من السلطان الأشرف، فإنه لما استقدمه من بلاده مع جملة أقاربه «7» قام له واعتنقه، وعرض عليه الإسلام فأسلم وحسن إسلامه، وكان لا بأس به فى أمثاله مع قصر مدة إقامته بالديار المصرية.

وتوفى الشيخ نصر الله بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل العجمى الحنفى، فى ليلة الجمعة سادس [شهر]«8» رجب وهو فى عشر الثمانين. وكان جميل الهيئة مقربا من خواطر الملوك، ورشح لكتابة السر، وكان يكتب المنسوب ويتكلم فى علم التصوف

ص: 165

على طريق ابن عربى، ويعرف علم الحرف «1» على زعمه، مع مشاركة فى فنون، وصحب الوالد مدة، وهو الذي نوه بذكره وأنعم عليه برزقة «2» هائلة، وهى التى «3» أوقفها نصر الله المذكور على داره التى «4» جعلها بعد موته مدرسة بالقرب من خان الخليلى بالقاهرة.

وتوفى القاضى فخر الدين ماجد- ويدعى أيضا «5» عبد الله بن السّديد أبى الفضائل بن سناء الملك- المعروف بابن المزوّق، فى ليلة الخميس ثانى عشر [شهر]«6» رجب، بعد أن تولى نظر الجيش، ثم كتابة السر بالديار المصرية فى دولة [الملك]«7» الناصر فرج، بسفارة سعد الدين إبراهيم بن غراب، ثم عزل وتولى نظر الإسطبل

ص: 166

السلطانى ثم عزله عنه أيضا، وانحطّ قدره فى الدولة إلى أن نكبه [السلطان]«1» الملك الأشرف وأمسكه وضربه بالمقارع بسبب الأتابك جانبك الصوفى، وقاسى بسببه أهوالا «2» ثم لزم داره على أقبح حالة من الخوف والرجيف إلى أن مات.

وتوفى الشيخ الإمام العالم الفقيه زين الدين أبو بكر بن عمر بن عرفات القمنىّ «3» الشافعى العالم المشهور، فى ليلة الجمعة ثالث عشر [شهر]«4» رجب بالطاعون عن ثمانين سنة؛ وكان من أعيان فقهاء الشافعية وفضلائهم، وله سمعة وصيت وترداد للأكابر، وأفتى ودرّس بعدة مدارس سنين [كثيرة]«5» .

وتوفى الأمير سيف الدين هابيل بن عثمان المدعو قرايلك بن طرعلى التركمانى الأصل بسجنه بقلعة الجبل، فى يوم الجمعة ثالث عشر [شهر]«6» رجب المذكور. وكان قبض على هابيل [59] هذا وهو نائب لأبيه قرايلك بمدينة الرّها فى واقعة بين العساكر المصرية وبينه، حسبما تقدم ذكره كله فى أصل هذه الترجمة. ولما قبض عليه حمل إلى القاهرة فحبسه [الملك]«7» الأشرف بالبرح بقلعة الجبل، إلى أن مات بالطاعون بعد أن سأل أبوه السلطان فى إطلاقه غير مرة.

وتوفى الشيخ الإمام العالم العلامة صدر الدين أحمد ابن القاضى جمال الدين محمود ابن محمد بن عبد الله القيصرى الحنفى المعروف بابن العجمى، شيخ الشيوخ بخانقاه شيخون، فى يوم السبت رابع عشر [شهر]«8» رجب بالطاعون، بعد أن ولى نظر

ص: 167

جيش دمشق وحسبة القاهرة غير مرة، وعدة وظائف دينية، ودرّس بعدة مدارس آخرها استقراره فى مشيخة الشيخونية وتدريسها. وكان إماما بارعا فاضلا فقيها نحويا مفننا فى علوم كثيرة، معدودا من علماء الحنفية، مع الذكاء «1» وحسن التصور وجودة الفهم، رحمه الله تعالى.

وتوفى القاضى جلال الدين محمد ابن القاضى بدر الدين محمد بن مزهر فى يوم الاثنين سادس عشرين [شهر]«2» رجب ولم يبلغ العشرين سنة من العمر، وكان ولى كتابة السر بالديار المصرية [بعد وفاة أبيه أشهرا صورة، والقاضى شرف الدين أبو بكر بن العجمى نائب كاتب السر]«3» هو المتكفل بمهمات ديوان الإنشاء، إلى أن عزله السلطان وخلع عليه بعد مدة بتوقيع المقام الناصرى محمد ابن السلطان، فماتا جميعا فى هذا الطاعون. وكان جلال الدين [المذكور]«4» من أحسن الشباب شكلا «5» .

وتوفى القاضى زين الدين محمد بن شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الملك الدميرى المالكى فى يوم الأربعاء ثالث شعبان، بعدما ولى حسبة القاهرة ونظر البيمارستان المنصورى؛ وكان معدودا من الرؤساء.

وتوفى شمس الدين محمد بن المعلمة السكندرى المالكى فى سابع شعبان، وكان يشارك فى العربية وغيرها؛ وولى حسبة القاهرة فى وقت، وكان مسرفا على نفسه.

وتوفى الأمير مدلج بن علىّ بن نعير بن حيّار بن مهنّا أمير آل فضل مقتولا فى ثانى شوال بظاهر حلب.

ص: 168

وتوفيت خوند هاجر- زوجة [الملك]«1» الظاهر برقوق وبنت الأتابك منكلى بغا الشّمسى- فى رابع [شهر]«2» رجب، وكانت تعرف بخوند الكعكبين، [لسكنها بخط الكعكيين بالقاهرة]«3» وأمها خوند فاطمة بنت [الملك]«4» الأشرف شعبان [بن حسين بن محمد بن قلاوون]«5» وماتت وهى أعظم نساء عصرها رئاسة وعراقة.

وتوفى القاضى تقي الدين يحيى ابن العلامة شمس الدين محمد الكرمانى الشافعى فى يوم الخميس ثانى عشرين جمادى الآخرة، وكان بارعا فى عدة فنون. وقدم من بغداد قبيل سنة ثمان مائة ومعه شرح أبيه على صحيح البخارى، ثم صحب [الملك]«6» المؤيد شيخ أيام تلك الفتن، وسافر «7» معه إلى طرابلس وغيرها وتقلب معه فى سائر تقلباته، ثم قدم معه القاهرة، فلما تسلطن أقره فى نظر البيمارستان [المنصورى]«8» ، وكان ثقيل السمع، ثم عزل ولزم داره حتى مات.

أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ستة أذرع وثلاثة أصابع؛ مبلغ الزيادة عشرون ذراعا ونصف ذراع.

ص: 169